اذهب إلى المحتوى

تتشابه علاقتك مع العملاء مع علاقاتك الشخصية أكثر مما تظن، فسعادة العميل هي نتاج للكثير من الجهد والوقت والتعلّم مثل سعادتك عند وجودك بالقرب من أصدقائك والأشخاص الذين تحبهم، فهي لا تتعلّق بعمل واحد فحسب، بل بالأفعال المتراكمة مع مرور الوقت.

انظر إليها من هذا المنحى: إن كنت تتعرّف على شخص ما وتصرّف بلطف في بادئ الأمر ثم تجاهلك في باقي الأوقات، فلن ترغب في توطيد علاقتك مع هذا الشخص أكثر من ذلك. ينطبق الأمر ذاته على علاقتك مع العميل فهو أيضًا يشعر بنفس هذه المشاعر تجاهك.

هناك العديد من القصص المتداولة حول مواقف رائعة من خدمة العملاء مثل قصة موظف شركة Morton الذي جلب شريحة لحم مطهيّة إلى المطار لأحد زبائنه. لكن جعل عملائك يقعون في حب شركتك يتطلّب منك أكثر من هذه المبادرات. فهو يتطلّب انخراطًا طويل الأمد واستثمارًا في هذا المجال.

قد تبدو درجة الالتزام هذه مخيفةً خاصةً إذا كانت شركتك صغيرة، وعلى الرغم من ذلك يمكنك إدخال بعض المبادئ الأساسية لنموذج العمل لديك لأجل ضمان سعادة العميل في كل مجالات العمل لديك.

ما هي سعادة العميل؟

سعادة العميل هي درجة الرضا والولاء لدى عملائك بعد تعاملهم مع منتجك أو فريقك، وهي الشعور الذي يراود العميل عند تلبية احتياجاته باستمرار في الوقت الصحيح وبالطريقة الصحيحة.

قد يبدو مفهوم "السعادة" غامضًا بعض الشيء، إذ لا توجد طريقة محدّدة لقياس مدى سعادة العميل على عكس مقاييس أخرى، مثل: مقياس الترويج Net Promoter Score، ومقياس جهد العميل Customer Effort Score، ومقياس رضا العميل Customer Satisfaction Score، إلا إذا ابتكرت أنت مقياسًا آخر لذلك.

كيف يمكننا إذًا قياس سعادة العميل إن لم تتوفّر أداة محدّدة لذلك؟ عليك إذًا دمج جميع المعطيات المتوفّرة لديك حول تجربة المستخدم بالإضافة إلى المعطيات المقدّمة إليك من فرق خدمة العملاء. وبذلك أنت على الطريق الصحيح.

بين سعادة العميل ورضاه

يبدو من المهم قياس مدى رضا العميل نظرًا لصعوبة تحديد طريقة قياس لسعادة العميل. يُستخدم استبيان رضا العميل Customer satisfaction CSAT لقياس مدى الرضا حول خدمة أو منتج ما عبر السؤال: "ما مدى رضاك حول (الخدمة/المنتج) التي حصلت عليها اليوم؟"

يُعَدّ رضا العميل مؤشرًا مهمًا على وضع العملاء لكنّه ليس مقياسًا حقيقيًّا لسعادة العميل. فقد يؤدي الرضا لسعادة العميل لكنه ليس بديلًا عنها. فَرِضا العميل لا يمثل سوى تجربةً منفردة ضمن السياق الزمني لتعاملات العميل في حين ترتبط فكرة سعادة العميل بالمدى الطويل لهذه التعاملات.

يحمل قياس رضا وسعادة العملاء قيمةً مرتفعة. على الرغم من ذلك تكمن الأهمية القصوى في تشكيل اتصال عاطفي مع العميل. كما ذهبت شركة Gallup أبعد من ذلك إلى وصف مؤشر رضا العميل بأنه عديم القيمة بدون استجابة عاطفية تؤسس لاتّصال عاطفي معه.

رضا العميل هو مؤشر مهم لخطواتك طويلة المدى للوصول إلى سعادة العميل. قد يتشابه المفهومان لكنهما ليسا متطابقين أبدًا.

لماذا سعادة العميل مهمة؟

تزيد القيمة طويلة الأمد لاتصال العميل العاطفي مع شركتك على ضِعفَي قيمة رضا العميل. حيث يبتاع العملاء السعداء المزيد من شركتك. سيخبرون رفاقهم عن مدى روعتك. وسيقدمون على مساعدتك عبر إعطائك آراءً مهمة حول استخدامهم لمنتجه وما يرغبون برؤيته.

تساعد سعادة العملاء أيضًا بكونها طريقة لتقييم وضع الشركة. فهي تمكّنك من تحديد نقاط ضعفك وكيفية تحسينها والنقاط التي يرغب العملاء بوجودها، كما ستعطي نتيجةً أفضل وأسرع في عملك عندما تعلم ما يراه العملاء في إجراءاتك وما يرغبون به عوضًا عن أن تتوقع ذلك. كما يحرض رفع مستوى الإنتاج والارتباط العاطفي المُتشكّل بدورهما السعادة الداخلية.

يجب أن يتعامل فريق دعم العملاء لديك مع توابع إمكانية انعدام السعادة لدى شريحة من العملاء، فقد يُحبِطهم الأمر إن تلقّوا التوبيخ أو الصراخ من العملاء باستمرار؛ وفي المقابل، تمتلك سعادة الموظفين أثرًا مهمًّا على أداء الشركة طويل الأمد، ففي النهاية لا يرغب أيٌّ من العملاء الأوفياء للشركة في رؤية موظّفه المفضّل في خدمة العملاء مغادرًا الشركة بحثًا عن دخل أفضل.

تُعَدّ سعادة العملاء أمرًا جوهريًا وقيّمًا ودوريًّا، وهي تلامس كل جوانب العمل وتزداد قوة في كل دورة تمرّ بها.

11 طريقة لتحقيق سعادة العملاء

ربما تشوّقت الآن للبدء بعد أن تعرّفت على سعادة العملاء. ولحسن الحظ فالأمر ليس بتلك الصعوبة، إذ هناك العديد من الطرق الصغيرة والبسيطة التي تُمكّنك من البدء برفع مستوى سعادة العملاء لديك اليوم.

1. أتقن صقل شخصية العمل

إن رغبت بجذب اهتمام العملاء بشركتك عليك أن تكون مُحَبّبًا، وأفضل طريقة لذلك هي خلق هوية للشركة تتماشى مع شريحة العملاء التي تستهدفها، فإذا لم تفهم شخصية علامتك التجارية، فلن تمتلك أساسًا تبني عليه صوتها. ولتحدّد ما هي شخصيّة علامتك وتتقن صوتها اسأل نفسك سؤالين: مَن؟ ولماذا؟

عليك أن تعرف الشريحة التي تخاطبها ولماذا تفعل ذلك. فإن كان منتجك مثلًا يستهدف الرجال فوق سن السبعين ستختلف طريقة مخاطبتك لهم حتمًا عمّا لو وجّهت منتجك للفتيات في سن المراهقة. إن كان هدفك بيع منتجات دوائية لمن يعاني من مرض عضال مثلًا، فعليك أن تغيّر المصطلحات التي كنت لتستخدمها في بيع مستلزمات الحفلات، إذ يجب أن تعرف من هو جمهورك لتستطيع إرضاءه.

3. استمع لعملائك

وفّر لعملائك طرقًا لإيصال آرائهم حول عملك وكيف يمكن تحسينه. يحصل هذا الأمر تقليديًّا عبر استبيانات CSAT أو NPS، لكن توجد العديد من الطرق الأخرى لفعل ذلك:

  • مجموعات النقاش المركّزة.
  • دراسات نقاط المبيعات.
  • وسائل التواصل الاجتماعي.
  • معطيات دراسة (إدارة علاقات العملاء CRM customer relationship management).
  • البريد الإلكتروني.
  • الصفحات المقصودة.
  • مجموعات المستخدمين.
  • المجتمعات.

أعطِ عملائك فرصةً للتحدث في هذه المساحات حول ما يهمّهم وما يحتاجونه. يمكنك أن تزيد من سعادة العملاء عبر فهم هذه الاحتياجات والعمل على أساسها، وبذلك سترفع من جودة منتجك وخدمة العملاء لديك.

4. اجعل تجربة العميل شخصية

يرغب العملاء بالتعامل مع الأشخاص الودودين الدافئين والمُساعدين. يجب أن يتعامل جميع موظفيك -سواءً في قسم خدمة العملاء أو التسويق أو أيّ قسم كان- مع العملاء كما يتعاملون مع جيرانهم: بودّ واحترام. يمكنك تشييد علاقات مهمة مع عملائك الحاليين والمستقبليين عندما يعيشون تجربة شخصية في شركتك.

يجب أن يعرف فريق الدعم لديك مع من يتحدّثون، كما يجب أن يلائم قسم التسويق حديثهم وفق اسم الشخص ومعلوماته الأساسية. ويجب أيضًا أن تبني تجربة المبيعات على عمليات الشراء السابقة والتعاملات مع العملاء، لهذا استخدم جميع الأدوات في جعبتك لإيجاد أفضل تجربة شخصية ممكنة للعميل.

5. عامل كل عميل على أنه عميل مميز VIP

لِكون المرء من الشخصيات المهمة VIP مزايا عدّة ومن أهمها أنها توفر للشخص شعورًا إيجابيًّا بأن من يتعامل معه يقدّره حقًّا. لحسن حظّك يمكن تقديم هذا الشعور لكل العملاء لديك بِغضّ النظر عن ميزانيتهم أو حاجاتهم.

ابدأ بتقديم محتوى مخصّص واهتمام كامل لكل عميل واجعلهم يتعاملون دائمًا مع واجهات شخصيّة. ستجعل من عملائك بهذا شخصيات مهمّة VIP ليبتاعوا أكثر و ينشروا خدمتك أكثر فأكثر.

6. تدرب على الامتنان

الامتنان عاطفة مهمة للغاية. حيث يبني التعبير عن الامتنان مشاعر إيجابية تجاه شركتك ويحسّن صورتها البشرية أمام العالم، لهذا لا تبخل في التعبير عن الامتنان، وقُل شكرًا في كل رسالة إلكترونيّة وفي كل تعامل مع العملاء، إذ يزيد التعبير عن الامتنان من فرص مساعدة أحدهم لك في المستقبل أيضًا.

فكّر في طرق مبتكرة أكثر للتعبير عن الامتنان أكثر من كلمة شكرًا، حيث يمكنك مثلًا إرسال بطاقات شكر أو هدايا في المناسبات الخاصة أو حتى عرض حسومات للمشتركين أو المستخدمين القدامى. وقد تكون الهدايا البسيطة مثل جوارب جميلة غير ذات تكلفة مهمة بالنسبة للشركة لكنها ستحمل الكثير من الأهميّة لعملائك.

7. قس وراقب معايير أدائك

كيف ستعرف أن الأمور لا تجري على ما يرام إن لم تمتلك طريقةً لمتابعتها؟ طبّق معايير ومقاييس من أجل فهم أداء فريقك:

  • استوعب مفاهيم العمل، مثل: الاستجابة الأولى، ورضا العميل، ومقياس رضا العميل NPS، وكيفية تغيرهم مع مرور الوقت.
  • حلّل تفاعلات عملائك لفهم حاجاتهم واهتماماتهم بجاهزيّة أكبر.

اربط هذه المدخلات ببعضها لفهم أثر التغيّرات البسيطة في تجربة العميل على سعادته عمومًا، وستتقدم خطوةً إلى الأمام في رفع سعادة العملاء لديك عندما تتسلّح بهذه البيانات.

8. حافظ على الاستمرارية

إنّ جودة عملك في القطاع الخدمي تنعكس من جودة آخر خدمة قدمّتها فحسب، وينطبق هذا على أي عمل في مجال خدمة العملاء، فقد يتطلّب الأمر 12 تجربةً إيجابيةً لتتخطى أثر تجربة واحدة لم ترقَ للمستوى المطلوب.

على الشركات أن تزوّد موظفيها بقيم ومعايير ومبادئ للتعامل مع العملاء من أجل الحفاظ على الجودة مع كل خدمة مُقدّمَة، كما يجب عليك الحفاظ على التوازن بين الاستمرارية في الأداء وبين تمكين أعضاء الفريق من استغلال نقاط قوتهم.

9. أوف بوعودك

لا تقدّم وعودًا كاذبة ولا تعطِ التزامات لا يمكنك الالتزام بها، إذ سيشعر العميل بأنك غششته وكذبت عليه إن وعدته ولم تفِ بوعدك، وسينتهي بك الأمر بكسر العلاقة التي سعيت جاهدًا لتحقيقها. وستتطلّب إعادة بناء العلاقة هذه جهدًا أكبر من الجهد المطلوب للتواصل الفعّال مع العميل حتّى حول المواضيع الصعبة. إذ تثير الوعود الكاذبة المشاعر السلبية وقد تؤدي لنشر مراجعات سلبية على وسائل التواصل الاجتماعي أو انتقالها من شخص لآخر.

اقرأ هذا الموقف على سبيل المثال: عوضًا من أن يشرح فريق المبيعات للعميل أن الخدمة التي يبحث عنها لا يوفّرها المنتج، أخبره أن فريق خدمة العملاء سيساعده للحصول عليها بعد إتمام الشراء، بحيث يلجأ العميل بعد أن يشتري المنتج لفريق خدمة العملاء من أجل الحصول للخدمة التي يبحث عنها. تخيّل الآن مدى الإحباط الذي سيشعر به العميل عندما يعلم أنه لن يحصل على الخدمة التي دفع المال للتوّ من أجلها.

وعلى الرغم من أن فريق خدمة العملاء مؤهل لشرح الحالة للعميل إلّا أن العلاقة التي كُسِرت بين العميل وبين شركتك ستحتاج مجهودًا أكبر من ذلك بكثير لكي يُعاد بناؤها، والصراحة هي السياسة الأفضل فيما يتعلّق بسعادة العميل، وهي سياسة توفّر لك الوقت والمال على المدى الطويل حتّى لو كلّفتك بضع صفقات في بادئ الأمر.

10. اعترف بالأخطاء واعتذر عنها

ستمرّ كل المنظمات بعوائق ومطبات تعرقل سير العمل، لذا عليك أن تصارح بالمشكلة سواءً كانت تسرّبًا للمعلومات أو مجرد حالة طقس سيئة. حافظ على الشفافية دائمًا، وشارك الموقف ومخاوفك مع الآخرين بالإضافة لأيّة خطوات ستتخذها لحل المشكلة.

إن الاعتذار في مثل هذا المواقف أمر قطعيّ لكنه غير كافٍ دومًا. تمنح سلسلة فنادق Ritz Carlton لموظفيها صلاحية إنفاق 2000$ يوميًّا لكل عميل لتحسين جودة الخدمة المقدّمة له.

قد لا تمتلك الميزانية الكافية لصرف مثل هذا المبلغ، لكن لا زال بإمكانك أن تعطي فريقك المرونة اللازمة لتقديم كل ما يمكن للعميل. دعهم يختارون متى يقدّمون للعميل فرصة استرداد الأموال أو غيرها من الخطوات الممكنة لمواجهة المشاكل الطارئة.

لا تنسَ أن المجتمع أيضًا يرغب بسماع قصص مشوّقة عن خدمتك. ففي كلّ مرة تسير الأمور بطريقة غير مخطط لها، تمتلك فرصة لجعلها أداة لتسويق تجربة خدمتك.

إذا توَاصلَ العميل مع الشركة وهو محبط من تجربته؛ فهذا يعني أنه يهتم بالأمر وهذا ما دفعه لأن يتواصل. كُن حكيمًا واغتنم هذه الفرص لبناء علاقات شيّقة مع مجتمع العملاء لديك.

11. قدم ميزات وجوائز

حوّلت شركات، مثل: Southwest Airlines، وPatagonia، وNordstrom سعادة العملاء إلى شكل من أشكال الفنّ عبر تقديم قيمة حقيقية بما يعرضونه، فهم يعلمون أن الحافز المقدّم مرةً واحدة هو أمر ممتع للعميل، لكن عليك أيضًا أن تحافظ على الزخم الّذي اكتسبته مع مرور الوقت من أجل أن تصنع أثرًا حقيقيًّا.

استثمر في الجوائز والحوافز والعروض الدورية التي يرغب بها الناس، وأضف عليها واحدةً أو اثنتين تحملان نوعًا من المفاجأة.

سعادة العميل هي الأهم دائما

إنّ اتّباع هذه النقاط الإحدى عشرة سيشعر فريقك أيضًا بالسعادة وليس فقط العملاء لديك، بحيث ستشكّل بيئةً مثاليةً للعمل لك ولفريقك عندما تكرّس مبدأ سياسة العميل في عملك.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال What Is Customer Happiness + 11 Ways to Inspire It لصاحبته Mercer Smith-Looper.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...