اذهب إلى المحتوى

يعتقد بعض الأشخاص أن الكتابة في مجال الأعمال ينبغي أن تكون دائمًا مقتضبةً ومباشرةً وجادة، وأنه لا مكان للقصص والاستعارات والتشبيهات وحتى الصفات في مجال الأعمال. قد يكون ذلك صحيحًا عند كتابة تقرير لمديرك، ولكنه ليس صحيحًا في الحالة العامة للكتابة في مجال الأعمال.

توجد عدة أشكال للكتابة في مجال الأعمال، في حالة البعض منها مثل التقارير وحالات الأعمال تكون رواية القصص غالبًا غير ملائمة، أما في أنواع أخرى منها مثل المدونات والبيانات الصحفية، فإن الهدف الأساسي لهذه الوسيلة هو رواية قصة ما.

يصف هذا المقال متى وكيف تستعمل رواية القصص في مجال الأعمال، ويقدّم بعض النصائح حول كيفية صياغة قصة جذابة تلفت انتباه قارئيك.

لماذا تعد رواية القصص مهمة؟

تعود رواية القصص إلى زمن قديم جدًّا في التاريخ البشري، ويبدو أن البشر كانوا يروون القصص منذ زمن طويل قبل البداية في كتابتها، فقد استعمل أسلافنا القصص كأداة لتذكر وتمرير الأفكار المهمة، التي تؤثر أحيانًا على بقائنا على المدى الطويل. وعلى هذا الأساس، فإن رواية القصص في مجال الأعمال مهمة، فنحن مجهزون من خلال آلاف السنين من التطور لنتذكرها، لأن الأشخاص الذين يتذكرون القصص المهمة يتمكنون من النجاة لفترات أطول، ويعني ذلك في الحقيقة أنك عندما تقص قصة، فإن جمهورك أكثر أرجحيةً بأن يتذكرها ويتذكرك عما لو شرحت أمرًا واقعيًا ما ببساطة.

رواية القصص هي أيضًا طريقة جيدة جدًّا لإيصال فكرة ما بلطافة شديدة، القصص لا تلقن الناس ولا تتمحور عادةً حول الشخص الذي يستمع إليها، وبالتالي يستطيع الناس فهم الفكرة من ورائها دون نزعة دفاعية.

تثير القصص أيضًا رد فعل عاطفي يساعدنا على التواصل كأشخاص، وتوجد دلائل علمية على أننا نعالج القصص من خلال جزء مختلف من الدماغ عن ذلك الذي يعالج الحقائق، ودمج الاثنين معًا يؤدي إذًا إلى تفاعل جزء أكبر من الدماغ، وبالتالي يزيد من احتمالية تذكرنا لها.

لتحقيق رابطة التواصل الصحيحة، ينبغي عليك أن تروي القصة الصحيحة في الوقت المناسب وبالطريقة الملائمة.

الوقت المناسب: متى تكون رواية القصص ملائمة؟

كيف يمكنك أن تقرّر أن رواية قصة ما ملائمة في وثيقة أعمال؟

إلى درجة ما، تروي كل وثيقة من وثائق الأعمال قصةً معينة، وتستخدم أساليب من رواية القصص. على سبيل المثال، تروي محاضر الاجتماعات قصة هذه الاجتماعات؛ وصحيح أنها لا تقدّم بالضرورة حديثًا تفصيليًا عن كل ما حدث في الاجتماع، إلا أنها تصف الأحداث وأهم النقاط التي وضحت حسب تسلسل منطقي.

نستخدم أيضًا تركيبات مستوحاة من رواية القصص في الكتابة الخاصة بالأعمال بما في ذلك:

  • الاستخدام التقليدي لعبارات "بداية" و"من ثم" و"في النهاية" في وثائق الأعمال لأنها تساعد الأشخاص على قراءة وفهم تدفق المعلومات.
  • نستخلص خلاصةً واضحةً تتضمن دعوةً إلى التحرّك إذا كان ذلك ملائمًا، حتى تبقى الفكرة المهمة في ذاكرة القارئ.

يأتي كل من هذين الأسلوبين من رواية القصص، وهي ملائمة تمامًا في الكتابة في مجال الأعمال.

البيانات الصحفية ورواية القصص

تمثّل البيانات الصحفية حالةً خاصةً نوعًا ما في مجال رواية القصص، فعندما تكتب بيانًا صحفيًا، فأنت تقدم أساسًا معلومات حقيقية، لكن مع ذلك عليك أن تفكر حول كيفية استخدام الصحفيين لهذه المعلومات، وذلك يعني التفكير في القصة. في الحالة المثالية، أنت تريد من بيانك الصحفي أن يظهر للصحفيين القصة التي ينبغي روايتها، ما يعني أن تروي لهم القصة.

للمزيد حول هذا الموضوع بإمكانك الاطلاع على هذا المقال حول كتابة بيان صحفي مميز. يناقش هذا المقال أساسًا استخدام القصص (والتي تتضمن في هذا السياق الاستعارات أو التشبيه) لشرح فكرةً في الكتابة في مجال الأعمال. وسيكون هذا على الأرجح أكثر ملاءمةً في العروض التقديمية والمدونات.

يتمثل الهدف الأساسي في إدراج رواية القصص في المدونات والعروض التقديمية في جذب جمهورك وخلق رابطة تواصل شخصية، بالتالي ستحتاج إذًا إلى استخدام رواية القصص في نقاط معينة مثل:

  • لبدء تدوينتك أو عرضك التقديمي كطعم للإبقاء على انتباه القارئين.
  • في أي مكان تشعر فيه بأنك تفقد اهتمام جمهورك وتحتاج إلى إعادة التواصل معه.

القصة المناسبة: كيف تختار قصتك؟

في عالم الأعمال، تريد أن تخلق رابطة تواصل مع جمهورك لكنها ينبغي أن تكون الرابطة الصحيحة لدفعهم لشراء منتجاتك أو خدماتك.

ينبغي أن تكون قصتك إذًا شخصيةً بالنسبة لك، كما يجب أن تقدم شيئًا ما لك ولجمهورك، فأنت تريد أن تريهم إنسانيتك وتجعلهم يحسون بأنك حقيقي، ولهذا يجب أن تكون قصتك حقيقية. ينبغي أيضًا أن تكون صادقًا بخصوص تأثيرها ولماذا هي مهمة بالنسبة لك.

يجب أن تلقى القصة أيضًا صدًى لدى الجمهور ويتمكنوا من التعاطف معها. ولتحقيق ذلك، ينبغي أن تلمس القصة نقاط معاناتهم (التحدّيات التي تواجههم حاليًا في مجال الأعمال) وأن تكون أيضًا على علاقة بحياتهم.

فكّر جيّدًا في الفكرة التي ستوصلها قصتك، خاصةً كيف ستجعل جمهورك يشعرون وفي ماذا سيفكرون. بعبارة أخرى، تحتاج إلى أن تجيب قصتك على سؤال: ما الذي سيحدث بعد ذلك؟

الطريقة الصحيحة: تقنيات رواية القصص

نعرف جميعًا بعض الأشخاص العاجزين عن رواية القصص، إذ يبدؤون الكلام ومن ثم يتحدثون على نحو مفكك ويضيفون تفاصيل غير مهمة. وقبل أن تشعر بذلك، تضيع فكرة القصة، وعندها يبدأ الجميع في تحريك أقدامهم والنظر بعيدًا قبل أن يغادروا في نهاية المطاف، وهؤلاء الأشخاص يروون القصص بالطريقة الخطأ.

السؤال المطروح هنا هو: كيف تستطيع أن تروي قصة ما بجاذبية؟ تختلف المقاربة قليلًا حسب ما إذا كنت تروي القصة شخصيًا أو تكتبها في مدونة، إلا أنه توجد بعض القواعد المشتركة.

1. استخدم بنية "أولا، تاليا، في النهاية"

تبدوا أدمغتنا فعليًا مجهزةً لتفكر في مجموعات ثلاثية، لذا يساعد استخدام بنية "أولًا، تاليًا، في الأخير" أدمغتنا على ترتيب ما نسمعه أو نقرؤه.

  • ينبغي أن تجذب البداية أو "أولًا" جمهورك وتعطيهم سببًا لمواصلة القراءة.
  • في المنتصف يقع قلب قصتك وهو المحتوى الحقيقي.
  • في النهاية ترسم القصة إجمالًا وتوصل الفكرة الأساسية أو تخبر جمهورك ما يجب فعله بعد ذلك، ومن المهم ألا تترك جمهورك يتساءل: ما الذي حدث بعد ذلك؟

هذه البنية جد مألوفة لدينا، حيث يثير سماعها أو قراءتها إفراز هرمون الأوكسيتوسين في أدمغتنا، وهو هرمون الثقة. بعبارة أخرى، استخدامك لهذه البنية سيساعد جمهورك على الثقة بك.

2. حافظ على بساطة قصتك من ناحيتي الشكل واللغة

أفضل القصص تكون قصيرةً وبسيطة، وهو ما يجعلها سهلةً للفهم والتذكر؛ لذا استخدم لغةً بسيطةً وتجنب المصطلحات والكلمات المبتذلة.

ملاحظة حول العبارات المبتذلة

العبارات المبتذلة هي كلمات أو جمل تمت المبالغة في استخدامها في الكتابة حتى أصبحت ضعيفةً أو بدون معنى. تشير الدراسات حول نشاط الدماغ أن أغلب الأشخاص يتجاهلون العبارات المبتذلة عندما يرونها مباشرةً، إذ يتصرفون كما لو أن العبارات المبتذلة لم تكن هناك أصلًا، لذا عليك إيجاد طرق أخرى للتعبير عن الفكرة.

3. ابق متواضعا وركز على عملائك

تحتاج القصص إلى أبطال، وهؤلاء الأبطال هم عملاؤك وليس أنت أو شركتك. وفي أفضل الحالات، فإن شركتك تساعد البطل على تحقيق ما يريده.

بعض أفضل القصص توصل فكرةً ضد الشخص الذي يرويها، إذ يُظهر هؤلاء الأشخاص من خلال جعل أنفسهم محور النكتة بأن لديهم حس دعابة ويبنون رابطة تواصل، كما يسمحون لجمهورهم بإظهار ضعفهم، وهو أمر مهم إذا أردت فهم التحديات التي تواجههم. ابقَ متواضعًا وتذكر أنه ليس عليك أن تظهر دائمًا بصورة حسنة.

تذكر أيضًا أن الأشخاص لا يحبون أن يشعروا بأنهم تحت سيطرتك، لذا بإمكانك تجنب هذه المشكلة من خلال إيصال فكرة أنك لست دائمًا على حق، وهي فكرة مهمة، خاصةً عندما تُعدُ خبيرًا في مجالك.

4. اجمع بين الحقائق والقصص

يتذكر الناس رواية القصص أكثر عندما تدمج مع الحقائق، وذلك لأن القصص والحقائق تتفاعل مع مناطق مختلفة في الدماغ، فعندما تروي قصةً ما، فسيعيشها جمهورك فعليًا إلى حد ما من خلال الشعور بالمشاعر المرتبطة بها، وبإضافة الحقائق بعد ذلك، سيثير منطقةً مختلفةً ومنطقيةً من الدماغ، وتتخذ أغلب القرارات اعتمادًا على مزيج من العواطف والمنطق. ومن المفيد إذًا الدمج بينهما في مرحلة مبكرة.

5. كن واضحا في إظهار أهمية القصة

قد يكون أهم عنصر في رواية القصص هو توضيح أهمية قصتك، لهذا ينبغي أن تكون القصة شخصية، لأنه سيكون عليك شرح لماذا تهمك وبالتالي لماذا يجب أن تهم جمهورك.

تدور القصص التي تريد روايتها في مدونات الأعمال حول كيف ساعد منتجك أو خدمتك شخصًا ما، ومن الأفضل أن يكون شخصًا تعرفه، وبهذا ستكون القصة شخصية وفي نفس الوقت مهمة، وسيظهر هذا بوضوح شديد.

ختاما

ينبغي أن تكون رواية قصتك أصيلة، ويجب تبعًا لذلك أن تعمل على تطوير صوتك وأسلوبك في رواية القصص، فهي مهارة مثل أي مهارة أخرى، تحتاج إلى التدريب والتطوير.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Storytelling in Business.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...