عند إطلاقك لمنتج جديد، فإنّك تكرّس الكثير من الوقت والموارد لكسب المستخدمين، وذلك يشمل الإعلانات بأنواعها وتسويق المحتوى وترويجه عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما إلى ذلك. ورغم كل هذا الجهد قد يكون معدل الاحتفاظ بالمستخدمين منخفضًا جدًا. وعندما يتعلّق الأمر بمنتج برمجي، تعتمد فرصتك الوحيدة لترك انطباع أوّل جيّد على عملية تهيئة فعّالة، حيث تساعد عملية التهيئة الجيّدة المستخدمين ليألفوا المنتج بسهولة.
لنكتشف معًا عملية التهيئة من عناصرها إلى أهمّيتها وآليتها، ونناقش بعض أخطاء تهيئة تجربة المستخدم الشائعة التي تسبب خسارةً بأعداد المستخدمين وطرقًا لتجنبها، ثمً نتعمق في أساليب بحث الانغماس وبعض الممارسات لتطبيقها في عملية التهيئة.
ماذا نقصد بتهيئة المستخدم؟
تهيئة المستخدم User Onboarding مصطلح شائع في العالم البرمجي، إلّا أنّ فهمه يختلف من شخص لآخر. حيث يجد البعض أنه يُعنى بتوجيه المستخدمين الجدد، ويرى البعض الآخر أنّه مجرد واجهات مستخدم تقدّم جولة سريعة، ويتذكر آخرون الواجهات القابلة للسحب التي تظهر عند تسجيل الدخول للمرة الأولى.
تُعَد تهيئة المستخدِم عمليةً لتوجيه وبناء ألفة المستخدِمين الجدد بمنتج (كموقع أو تطبيق)، وتزويد المستخدِم بالإرشادات والمعلومات اللازمة للبدء، أي أنها عملية تحويل المستخدمين الجدد لمنتج إلى عملاء مخلصين.
واجهة تهيئة مستخدم لتطبيق Slack
أهمية تجربة التهيئة الفعالة User Onboarding Experience
وفقًا لدراسة أجرتها Business Insider، يحتاج الشخص ثلاث ثوانٍ ليحدد إن كنت تعجبه أم لا، وخلال هذه المدة القصيرة يكوّن رأيه عنك بكلّ شيء تقريبًا بما في ذلك الذكاء والجدارة بالثقة. في العالم البرمجي يتّخذ المستخدِم قراره بطريقة مشابهة وذلك خلال عملية التهيئة، حيث تظهر عملية التهيئة عادة مرّة واحدة للمستخدم الجديد، وهي فرصتك الوحيدة لتظهر له ميزات منتجك الفريدة وتكسب ثقته.
عندما يحمِّل المستخدمون تطبيقًا أو تسجيلًا للدخول إليه، فهم يأملون في أن المنتج سيجعل حياتهم أسهل بطريقة ما. لذا عليك جعلهم يشعرون بذلك عند استخدامهم له للمرة الأولى، وإلّا فإنهم يتخلّون عن المنتج وينسون وجوده.
لعملية التهيئة تأثير مباشر على معدّل الاحتفاظ بالمستخدمين. حيث خفّض تطبيق Twine معدّل انسحاب المستخدمين من 65% إلى 30% عن طريق تجديد تجربة التهيئة.
من الجيّد إضافة ميزات جديدة إلى منتجك، إلّا أنها تصبح عديمة الأهمية إن لم تُطلع المستخدمين عليها أو على طريقة استخدامها، وهذا نوع آخر من التهيئة يدعى التهيئة لميّزة Feature Onboarding.
تعرض أداة ClickUp للشراكات وإدارة المشاريع فيديوهات تعليم مشوقة بعد تسجيل الدخول، وهي طريقة ممتعة لإطلاع المستخدم على ما يمكن أن يقدّم المنتج له دون عناء.
عملية التهيئة
يكمن الجزء المميز من تصميم تجربة تهيئة فعّالة في مصادفتها للمستخدم مرةً واحدةً فقط، وذلك بعد اتّخاذه قرارًا بتجربة المنتج، ولا فرصة ثانية؛ لذا يجب إظهار ميزات المنتج وإشراك المستخدِمين قبل شعورهم بالملل بسبب تعقيده.
هناك بعض الأمور لأخذها بالحسبان أثناء تصميم تجربة تهيئة ناجحة.
التعامل مع خطوة واحدة
يجب أن تهتم عملية الإعداد بخطوة واحدة، مثل: اختيار اسم المستخدم، أو إدراج صورة شخصية، وما إلى ذلك. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك، عملية التهيئة لـ Twitter، حيث تتناول اختيار الاهتمامات واقتراح بعض الحسابات للاطلاع على تغريدات مختلف الأشخاص في لمح البصر.
الحفاظ على تفاعل المستخدمين
من المهم الحفاظ على رغبة المستخدم بالعودة إلى المنتج بعد التنصيب الأوّلي له، وهذه إحدى ميّزات تطبيق SoundCloud حيث يَعرِض مباشرةً أفضل القوائم Top Charts، وموسيقى مميزة Featured music تحافظ على التفاعل مع المستخدمين وتدعوهم لاكتشاف المزيد.
تعليم المستخدم بطريقة تفاعلية
لا تكتفِ باستخدام الكلمات؛ بل دع المستخدِم يتفاعل مع المنتج، ويوظّف برنامج ماسح الصور PHotoScan لـ Google Photos ذلك، فهو مزوّد بعملية إرشادية لمسح الصورة الأولى وتحويلها إلى صيغة رقمية.
ساعدهم بالوصول للحظة استنتاج
لحظة الاستنتاج هي اللحظة التي يُدرك فيها المستخدِم قيمة منتجك، وتكمن أهميّتها ضمن عملية التهيئة خاصة في أنّه كلّما اختبر المستخدمون قيمة المنتج أسرع، زاد تنشيطهم سرعة وأُشرِكوا بشكل أفضل.
عناصر A الثلاثة لعملية تهيئة ناجحة
هناك ثلاثة عناصر مطلوبة لجعل عملية التهيئة ناجحة وفعالة (وجميعها تبدأ بحرف الألف أو A):
إعداد Accommodating وتعني تزويد المستخدم بالأدوات التي يحتاجها لاستخدام منتجك. إطلاع Assimilating وتعني مساعدة المستخدمين ليفهموا الآلية التي يجب أن يعمل المنتج بها. إسراع Accelerating وتعني إظهار قيمة منتجك بطريقة أفضل وأسرع.
عناصر التهيئة
هناك ثلاثة عناصر أساسية لعملية تهيئة فعّالة:
1. إظهار ميزة
أظهر تفرد منتجك هنا، سلّط الضوء على الميزات التنافسية واشرح حاجة المستخدمين لتطبيقك بوضوح وإيجاز.
2. التخصيص
وهو مسؤول عن تخصيص منتجك تبعًا لاحتياجات المستخدِمين، مثل: اختيار التصنيفات، ومصادر الأخبار في تطبيق يعرض الأخبار.
3. التعليمات
وهي مسؤولة عن تزويد المستخدمين بإرشادات لاستخدام إضافي للمنتج، مثل شرح كيفية تغيير الصورة الشخصية أو تعديل الاهتمامات لاحقًا.
أخطاء شائعة في تجربة تهيئة المستخدم قد تسبب خسارة المستخدمين
تؤثّر تجربة المستخدم مباشرةً على معدل خسارة المستخدمين، وهو المسؤول عن النجاح النهائي لمنتجك. فمعدل خسارة المستخدمين هو النسبة المئوية للمستخدمين الذين توقفوا عن استخدام منتجك خلال فترة زمنية محددة.
بإمكانك حساب معدّل خسارة المستخدمين بقسمة عدد المستخدمين الذين خسرتهم خلال هذه الفترة على العدد الكلي. فعلى سبيل المثال، إذا بدأت ربع السنة بـ 500 مستخدم نشط وأنهيته بـ 250، فإن معدل خسارة المستخدمين هو 50% لأنك خسرت 50% من المستخدمين النشطين.
لنناقش بعض الأخطاء الشائعة في تجربة تهيئة المستخدم التي قد تسبب خسارة في عدد المستخدمين.
افتراض أنك تحتاج معرفة بالبرمجة لإنشاء عملية تهيئة
يتجنّب العديد من مصممي تجربة المستخدم ومديري المشاريع إنشاء نوافذ تهيئة المستخدم بأنفسهم، وذلك فقط لافتراضهم بأن إنشاء مادة تفاعلية يحتاج معرفة برمجية كالترميز coding. إلّا أنّ نهج عدم الترميز no-code approach يساعد المستخدمين غير التقنيين على إنجاز مهام قد تتطلب ترميزًا عادة بدون الحاجة لذلك.
تساعد أدوات تهيئة المستخدم الخارجية في إنشاء جولات إرشادية تفاعلية، ورسائل ضمن التطبيق، وقوائم المراجعة، وصفحات مساعدة ذاتية وأكثر من ذلك، كما تمكنّك من تحليل مخرجاتك وتقسيم المستخدمين إلى مجموعات وكل ذلك دون ترميز.
الاعتقاد بأن التهيئة هي آخر ما يجب تصميمه
غالبًا تكون التهيئة آخر ما يُضاف إلى المنتج قبل إطلاقه، وهي الانطباع الأول الذي يأخذه المستخدم لذا لا يجب أن نخطط له في اللحظات الأخيرة فقط. فكّر بعملية تهيئة المستخدمين لكل ميزة بمفردها أثناء تصميمها أو تطويرها، واكتب نسخة لواجهة المستخدم وأدوات التهيئة أثناء تصميم كل عنصر.
استخدام عناصر غير قياسية
بعض عناصر التصميم قياسية لكل الواجهات البرمجية، مثل الأزرار الخضراء لتفاعل إيجابي، والأسهم لليمين، واليسار للتقدّم والتراجع. قد يربك استخدام عناصر غير قياسية المستخدم ويقلل من تفاعله.
التركيز على الميزات عوضا عن القيمة
لا يفيد إظهار كل الميزات للمستخدمين بأي شكل، بل يجب أن تركّز التهيئة على مساعدة المستخدمين على إتمام الخطوات الصغيرة المهمّة التي تساعدهم على التقدّم. يقدّر المستخدمون قيمة تطبيقك عندما يمكنهم الوصول لأهدافهم بسرعة.
عدم تقديم التوجيه
مهما كانت واجهتك سهلة، فإن المستخدمين يحتاجون إرشادات في المرة الأولى. استخدم توجيهات صغيرة للترحيب بالمستخدمين أو بعض الأدوات لتقديم تلميحات، تسرّع هذه الطريقة عملية التعلّم للمستخدم، ولا تنسى أنّ عملية التهيئة تحدث داخل منصّتك وخارجها، لذا عليك التخطيط بنفس القدر عند تصميم مسار بريدك الإلكتروني.
عدم الثناء على نجاح المستخدم
يجب أن تثني على المستخدم عندما يُتم خطوة ذات معنى ضمن منتجك. استخدم رسالة نجاح مقنعةً أو مسليّة لبناء علاقة إيجابية مع المنتج.
رسالة نجاح من موقع Mailchimp
يُعَدّ تجنّب تلك الأخطاء أساسيًا لإنشاء تجربة تهيئة فعالة، حيث تساعد بعض الطرق على كشف وإصلاح هذه الأخطاء أثناء تطوير وتجربة المنتج، ومنها طريقة بحث الانغماس Immersion Research.
تطبيق طريقة الانغماس Immersion Method في تهيئة تجربة المستخدم
تتصرف في بحث الانغماس مثل مستخدم، وتنغمس في تجربة المنتج الذي تُنشئه بدل تعيين مستخدمين لذلك.
بما أنّك لست ممثلًا لكل شريحة المستخدمين فإن بحث الانغماس ليس حلًّا سحريًّا ولا يمكنه أن يحل مكان اختبار الاستخدام التقليدي، لكنّه يبقى تقنيةً مفيدةً لزيادة تفهمك للمستخدِمين وتحديد المشاكل الحالية غير المعروفة.
معرفتك بالمنتج أكثر من المستخدم بكثير، لكنك أيضًا تعرف الكثير عن سلوك المستخدم لكونك محترف بتجربة المستخدم، لذلك بإمكانك تصوّر الانطباعات الأولى عن منتجك من كلا المنظورين، ولديك فرصة فريدة لتحديد المشاكل التي قد تواجه المستخدمين الحقيقيين وإصلاحها.
هذه طريقة سريعة للحصول على فهم أفضل لمستخدمي منتجك أو خدمتك وتجاربهم بالتهيئة. حيث يمكّنك بحث الانغماس من الإجابة بسرعة عن الأسئلة الآتية لتقييم كفاءة تهيئة تجربة المستخدم:
- كم يستغرق المستخدم لاتخاذ التفاعل الأول مع منتجك؟
- ما الذي يستهلك المزيد من الوقت لإتمام خطوة محددة من التهيئة؟
- ما الوقت الذي تحتاجه كل خطوة مفردة من التهيئة لإتمامها؟
- ما الوقت الإجمالي المستهلك لإتمام التهيئة والبدء باستخدام المنتج؟
تجربة مستخدم من موقع Autopilot
كيفية تطبيق تدريبات الانغماس Immersion Practices في عملية التهيئة
تفيد هذه التقنية في الكشف المبكّر عن المشكلات المحتملة أثناء سير العمل، فيما يلي بعض الأساليب لتطبيق الانغماس في عملية التهيئة.
- جهّز قائمة أهداف: أنشئ قائمة بالأهداف التي ترغب بإنجازها مثل مستخدم يجرّب المنتج للمرة الأولى، ثمّ اعمل وفقًا لهذه القائمة في بيئة حقيقية، وحاول إتمامها في ظروف متعددة.
- دوّن الملاحظات: دوّن ملاحظات عن استخدامك للمنتج وانطباعك الأوّل عن الترحيب، وكل خطواتك لإتمام التهيئة، وانتبه للوقت المطلوب لإنهاء كل خطوة بظرف مختلف.
- استخدم المنتج ببساطة: لا يملك المستخدم فكرةً كافيةً عن ميزات منتجك أول مرة، لذا كن طبيعيًّا، استخدم المنتج كما تستخدم أي منتج آخر واكتشف إن كانت تهيئة تجربة المستخدم توضح ميزات المنتج وقيمته.
ترجمة وبتصرّف للمقال Designing the User Onboarding Experience لصاحبه John Ozuysal.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.