اذهب إلى المحتوى

يكون الويب موجهًا للجميع عند تصميمه تصميمًا جيدًا، ولكن التصميم السيئ سيشكّل حاجزًا، مما يؤدي إلى الإخفاق ومنع الوصول والفشل في تمثيل الأفراد وحرمان المجموعات من حقوقها. يدرك الويب إمكانياته المتمثلة في العمل من أجل جميع الأشخاص -أي إمكانية الوصول وقابلية الاستخدام والشمولية-، وذلك عندما ينجح المصممون والمطورون في عملهم.

يبدأ التطوّر من خلال الوضوح والتفاهم المشترك، ولكن الناس يبدّلون في عالم التصميم الرقمي وتجربة المستخدم بين المصطلحات، مما يشوّش المختصين في هذا المجال، مثلما يحدث عندما يشير العملاء إلى تجربة المستخدم UX على أنها واجهة المستخدم UI، أو عند استخدام مبدأ أجايل Agile على أنه عملية تطوير البرامج بسرعة مثلًا. وقد أدى الاستخدام غير الرسمي للمصطلحات غير الدقيقة المتعلقة بإمكانية الوصول accessibility والشمولية inclusivity إلى حدوث ارتباك يمتد إلى عالم التصميم، فهناك أوجه تشابه وتداخل بين المصطلحَين، مع وجود اختلافات رئيسية. يشرح هذا المقال الفرق بين هذين المصطلحين وأهميتهما للعاملين في مجال التصميم والتطوير.

تعريف إمكانية الوصول والشمولية والاختلاف بينهما

تضمن إمكانية الوصول Accessibility أن يتمكّن أيّ شخص من الوصول إلى تجربة أو وظيفة بغضّ النظر عن قدرته، إذ يركّز التعريف التقليدي لإمكانية الوصول الرقمية على تلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند استخدام موقع ويب أو تطبيق أو نظام رقمي. تحدّد الإرشادات مثل إرشادات إمكانية الوصول إلى محتوى الويب في W3C، المعاييرَ التقنية والبرمجية والتفاعلية والتصميمية، مثل نسب تباين الألوان وأهداف اللمس وأحجام الخطوط والنص البديل والتنقّل باستخدام لوحة المفاتيح وما إلى ذلك، وتضمن تلبية هذه المتطلبات للأفراد الذين يعانون من إعاقات في النطق أو السمع أو البصر أو الحركة أن يفهموا ويتفاعلوا ويتنقّلوا دون عوائق بغض النظر عن قدرتهم.

تستند هذه الإرشادات إلى مبادئ W3C الأربعة لإمكانية الوصول وهي:

  1. قابلية الإدراك Perceivable: يجب أن تكون المعلومات ومكونات واجهة المستخدم قابلةً للعرض على المستخدمين بطرقٍ يمكن إدراكها، حيث يمكن للشخص المصاب بإعاقة بصرية قراءة المحتوى باستخدام قارئ شاشة، أو يمكن توفير نصوص الأصوات التوضيحية للشخص الأصم.
  2. قابلية التشغيل Operable: يجب أن تكون مكونات واجهة المستخدم والتنقل قابلةً للتشغيل، إذ يجب أن يكون الأشخاص قادرين على التفاعل مع المحتوى المُدرَك سواءً عن طريق لوحة المفاتيح أو الصوت أو الفأرة أو اللمس.
  3. إمكانية الفهم Understandable: يجب أن تكون معلومات واجهة المستخدم وتشغيلها مفهومَين، حيث يجب أن يكون المستخدمون قادرين على فهم العرض المُقدَّم.
  4. المتانة Robust: يجب أن يكون المحتوى متينًا بدرجة كافية، بحيث يمكن تفسّره مجموعة متنوعة من وكلاء المستخدم بما في ذلك التقنيات المساعدة تفسيرًا موثوقًا، إذ يجب أن يكون المستخدمون قادرين على الوصول إلى المحتوى حتى في حالة تطور التقنيات.

قد يكون بعض الأشخاص على دراية بمبادئ وإرشادات إمكانية الوصول السابقة، ولكنهم قد لا يكونون على دراية بمستويات التوافق conformance المختلفة، حيث يحدد كل مستوى بوضوح المتطلبات التي يمكن تطبيقها ومراقبتها وهي:

  • المستوى A: وهو المستوى الأدنى من خلال تلبية جميع متطلبات إمكانية الوصول الأساسية.
  • المستوى AA: يتمثّل بتلبية متطلبات إمكانية الوصول متوسطة المستوى، وهو المستوى الذي تهدف الشركات إلى الوصول إليه.
  • المستوى AAA: وهو تلبية أكبر عدد من المتطلبات، ويتضمّن المستويات A وAA وAAA.

تؤثّر المكونات المتعددة التي يجب أن تعمل جميعها معًا على إمكانية الوصول، مثل مكونات محتوى الويب بما في ذلك العناصر الموجودة على الشاشة وخارجها والشيفرة البرمجية، حيث تؤثر هذه المكونات على طريقة الوصول إلى المحتوى مثل المتصفحات والصوت والمشغّلات والبرمجيات، وعلى طريقة الإنتاج مثل البرمجيات والخدمات وأدوات التأليف authoring tools وأنظمة إدارة المحتوى وسكربتات التشغيل وغيرها.

تتعلق معايير إمكانية الوصول إلى حد كبير بمعمارية وتنسيق المعلومات وكيفية تقديمها، ولكنها لا تتعلق بالمعلومات بحد ذاتها، إذ قد تكون الكلمات والصور ومقاطع الفيديو عديمة القيمة أو مسيئةً أو تمييزيةً أو متحيزة، ولكن لا يزال يمكن الوصول إليها. لا يضمن اتباع أفضل الممارسات المتعلقة بإمكانية الوصول شعور الأشخاص بأنهم ممثَّلون ويريدون استخدام شيء ما أو الإعجاب به، فهذا هو المجال الذي يناسبه اتباع نهج التصميم الشامل.

اقتباس

تكمن قوة الويب في عالميته، إذ يُعَد وصول الجميع إليه بغض النظر عن الإعاقة جانبًا أساسيًا. -تيم بيرنرز لي Tim Berners Lee مدير W3C ومخترع شبكة الويب العالمية.

التصميم الشامل Inclusive Design: من القدرات إلى وجهات النظر

تسعى الشمولية إلى إنشاء شيء يمكن لجميع الأشخاص استخدامه مع وجود الرغبة في استخدامه أيضًا، وهي تشمل الأشخاص ذوي القدرات المختلفة إلى جانب الأقليات والسكان المتنوعين.يُعَد التصميم الشامل نهج تصميمٍ يأخذ في الحسبان تنوع سمات الأشخاص وخبراتهم وأحوالهم، مثل:

  • الجنس.
  • العمر.
  • الموقع.
  • الحضارة.
  • اللغة.
  • التعليم والثقافة.
  • الكفاءة والخبرة التقنية.
  • العوامل الاجتماعية والاقتصادية.
  • البيئة الفيزيائية.
  • التقنية والأجهزة والاتصالات.

تعرِّف مايكروسوفت Microsoft التصميم الشامل بأنه منهجيةٌ نشأت من البيئات الرقمية، حيث تتيح هذه المنهجية مجال التنوع البشري الكامل وتعتمد عليه، وهذا يعني تضمين الأشخاص الذين لديهم مجموعةً من وجهات النظر والتعلم منهم. يكون الهدف من التصميم الشامل هو إنتاج موقع ويب أو واجهة أو منتج رقمي يمكن استخدامه على أوسع نطاقٍ ممكن، وذلك بغض النظر عن الحالة أو القدرة.

لا يحتوي التصميم الشامل على قواعد موثَّقة أو إطار عمل محدَّد، على عكس التصميم الذي يمكن الوصول إليه، والذي حدد المتطلبات والإرشادات، لأن التصميم الشامل يركّز على عملية صنع التصميم الذي سيرغب الجميع في استخدامه، فهو أكثر عاطفيةً وأقل منطقية، وبالتالي لا يوجد نهج قابل للتطبيق عالميًا ومناسبٌ للجميع، إذ قد يتضمن التصميم الناتج حلولًا مختلفة. كتبت خبيرة ورائدة التصميم الشامل سوزان جولتسمان Susan Goltsman:

اقتباس

"لا يعني التصميم الشامل أنك تصمم شيئًا واحدًا لجميع الأشخاص، ولكنك تصمم طرقًا متنوعةً للمشاركة ليكون لدى الجميع شعور بالانتماء".

وهذا يطرح سؤالين مرتبطين وهما:

  • السؤال الأول: هل التصميم الذي يمكن الوصول إليه شامل، وهل يمكن الوصول إلى تصميم شامل؟ يمكن أن يدعم التصميم الذي يمكن الوصول إليه جوانب التصميم الشامل، ولكن تركيزه الأساسي سينصبّ على معالجة الإعاقات وليس على الانتماء الأوسع، بينما يفيد التصميم الشامل جميع المستخدمين سواء كانوا يعانون من إعاقة أم لا. يجب أن تؤدي عملية التصميم الشامل إلى تصميم يمكن الوصول إليه، ولكن ليست التصاميم التي يمكن الوصول إليها شاملةً دائمًا.

  • السؤال الثاني: هل التنوع diversity يعني الشمول inclusion، وهل التصميم لأحدهما يضمن كليهما؟ يشير التنوع إلى أوجه التشابه أو الاختلاف بين الأفراد فيما يتعلق بالتركيبة السكانية وخصائص هويتهم، مثل الهوية الجنسية والعمر والعرق. من بين الأمثلة التي يمكن أن يعتمدها المصممون، نجد اختيار صور متنوعة مثل الصور الفوتوغرافية لأشخاص ليسوا سليمي البنية أو ان لديهم صفة مختلفة عن العادة، وذلك للابتعاد عن الصور النمطية؛ بينما بالنسبة لصانعي المحتوى، فإن استخدام الضمائر المحايدة بين الجنسين أو الشاملة في الكتابة أو استخدام لغة الشخص الأول person-first language من شأنه أن يأخذ التنوع في الحسبان. يمثّل التنوع الاختلاف بين الأفراد، بينما تمثّل الشمولية طريقة احتضان الأفراد ذوي الهويات المتنوعة وإدماجهم.

اقتباس

التنوع هو دعوتك للحفلة، بينما الشمولية هي دعوتك للرقص. -فيرنا مايرز Verna Myers نائبة رئيس استراتيجية الشمولية في نتفليكس Netflix.

أسباب أهمية إمكانية الوصول والشمولية

يريد معظمنا عالمًا يحقق المساواة ويتيح الفرص نفسها للجميع، فالشيء العادل والصحيح الذي ينبغي عمله هو أن يتمتع كل شخص بوصول متساوٍ إلى المعلومات والخبرات الرقمية. ولكن إن لم تلتزم القيادة أو المالكون بالأخلاق وحدها في عالمٍ يكون فيه المال أكثر أهمية من الأشخاص، فإليك كيفية تأثير هذه المفاهيم أو تجاهلها على المحصلة النهائية.

تقليل المخاطر

تتعرض الشركات لخطر أن تكون هدفًا لدعاوى قضائية عندما يتعذر الوصول إلى التصاميم، وتتزايد الدعاوى القضائية بسبب عدم الامتثال لقانون الأمريكيين ذوي الإعاقة والمادة 508، فإذا تعذّر الوصول إلى شيءٍ ما، فهذا يمثّل تمييزًا.

خلق قيمة للأعمال

تخلق المنتجات الأفضل مزيدًا من القيمة، فإن لبَّت مواقع الويب أو التطبيقات أو الحلول الرقمية مزيدًا من احتياجات الأشخاص، فستتمتع بجاذبية أوسع وستستهدف مزيدًا من الأسواق، وكلما زاد عدد الأشخاص الذين يمكنهم استخدام المنتج، زادت احتمالية النجاح والربح.

تحسين رضا العملاء

يُعَد الاحتفاظ بالمستخدمين والعملاء أسهل من اكتساب عملاء جدد، وتزداد احتمالية رضا العملاء واستمرار عودتهم إليك من خلال فهم واحتضان ومعالجة تنوع قاعدة المستخدمين، وهذا مفيدٌ للأفراد والشركات.

اتخاذ الإجراءات التي يمكن أن ينفذها مجتمع تجربة المستخدم UX

يعرف المبتدئون والخبراء في تجربة المستخدم UX على حد سواء أن هناك دائمًا فرصة لجعل الأمور أسهل وأكثر فاعليةً وجاذبية. إليك كيفية البدء في إنشاء تصميمات ذات إمكانية وصول وشمولية أكبر:

  • تحديد الأهداف والأولويات التي تتعلق بإمكانية الوصول أو الشمولية بناءً على جمهور المشروع وأهدافه وموارده.
  • الاستفادة من الإرشادات والأدوات الراسخة لتحديد مجالات التحسين وتتبّع التقدم.
  • التوظيف والتعاون والاختبار مع مستخدمين متنوعين لفهمٍ أفضل للتحديات والفرص.
  • الاستمرار في استخدام مناهج وتقنيات تجربة المستخدم التي أثبتت جدواها مثل إجراء البحوث واستخدام الشخصيات personas ذات الصلة والتخطيط العاطفي empathy mapping وتحديد حالات الاستخدام والاختبارات التكرارية.
  • طلب المساعدة من الخارج من خلال جلب الخبراء، أو استخدام الخدمات الخارجية لتقييم إمكانية الوصول أو مراجعات الشيفرة البرمجية أو اختبار المستخدم.
  • بناء الفرق المتنوعة التي ستؤثر هوياتها ووجهات نظرها وخبراتها المختلفة على التصميمات.

لا يمكن تحسين التجربة لكل مستخدم، ولكن يمكن تطبيق شيءٍ ما لجذب مزيدٍ من الأشخاص عند اقترابهم من التصميم، فهناك دائمًا طريقة لتحسين التجربة وتحقيق نتائج أفضل.

مصادر التصاميم التي تتمتع بإمكانية الوصول والشمولية

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Accessibility and Inclusivity: Distinctions in Experience Design لصاحبته Jennifer Leigh Brown.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...