اذهب إلى المحتوى

التصميم المركز على النشاط


كندة شربجي

التصميم المركِّز على النشاط هو التصميم الذي يعتمد على الإجراءات التي يحتاج إليها الناس أو يرغبون باتخاذها للوصول إلى هدف معين. على سبيل المثال، إذا كنت تصمم تطبيقًا للتحكم بالإضاءة المنزلية، فإن طريقة التركيز على النشاط تساعدك على تحديد وتصميم الخطوات التي يجب أن يفعلها المستخدم لتوصيل الأضواء أو تشغيلها وإيقافها.

هناك طرائق عديدة للتركيز على النشاط في تصميم تجربة المستخدم؛ وتتضمن تحليل المهام، والوظائف الواجب أداؤها، ونظرية النشاط، والتصميم المعتمد على النشاط، وكل طريقة منها ترى المشاكل من منظور مختلف وتعطي أفكارًا مختلفةً قد تصل إلى قرارات تصميم مختلفة، لكنها تشترك في أمر واحد هو أن النواة الأساسية للتحليل هي النشاط، أي ماهيّة الإجراءات التي يفعلها الناس وكيفية تأديتها للوصول إلى هدف ما.

التصميم المركز على النشاط

من الأمثلة على التصميم المركز على النشاط: تحليل المهام، الوظائف الواجب أداؤها، نظرية النشاط، التصميم المعتمد على النشاط.

سنتحدث فيما يلي عن طريقة تحليل المهام، لكن تذكر أنها واحدة فقط من طرائق التركيز على النشاط، وتذكر أيضًا أن طرائق التركيز على النشاط ليست بديلةً عن التصميم المتمحور حول الإنسان وما شابهه، بل هي مكملة لها. على سبيل المثال، في مرحلة إجراء الأبحاث من عملية التصميم المتمحور حول الإنسان، يمكنك استخدام تحليل المهام لمعرفة الخطوات التي يتخذها المستخدم لحل مشكلةٍ ما، كما يمكنك أيضًا استخدام تحليل المهام لاحقًا في العملية للتأكد من كون التصاميم والنماذج الأولية تدعم النشاطات المهمة التي يؤديها المستخدم.

قبل أن نخوض في تفاصيل كيفية إجراء تحليل المهام، لنعرّف بعض المصطلحات تجنبًا للالتباس، مع التنويه إلى أن هذه التعريفات مخصصة للسياق الحالي لموضوعنا، ومن الممكن تحمل تسميات مختلفة بعض الشيء في سياق آخر.

الهدف هو الحالة النهائية التي ينوي الشخص تحقيقها، مثل: "المصباح مرتبط بتطبيق الجوال" أو "الضوء مشغَّل". النشاط هو سلسلة المهام التي سيؤديها الشخص لتحقيق الهدف، مثل: "اربط المصباح بتطبيق الجوال" و"شغّل الضوء". المهمة هي الواحدة من الأفعال أو الإجراءات، مثل: "افتح التطبيق" أو "انقر على الزر الذي يحمل رمز المصباح" أو "أوصل قابس المصباح".

عند إجراء تحليل المهام، سيتعين عليك أحيانًا أن تحكم بنفسك، مثلًا أن تختار مستوى التفصيل الأنسب لأهداف تصميمك، فعلى سبيل المثال، قد تكون مهام من قبيل "حرك إصبعك" أو"انظر إلى المصباح" مفصَّلة للغاية وغير عملية، وفي المقابل فإن مهام "استخدم التطبيق" أو "شغل ضوء الغرفة" عامّةً جدًا.

سيتعين عليك أيضًا اختيار شكل المهمة التي سيجري تحليلها؛ فإذا كنت تصمم شيئًا جديدًا تمامًا، فربما تميل إلى تجنب ذكر عناصر معينة من واجهة المستخدم، أي بدلًا من "انقر على زر التشغيل" أو "اختر المصباح من القائمة"، يمكنك كتابة ذلك بطريقة مستقلة عن الواجهة مثل "شغل المصباح" أو "اختر المصباح"، وبهذه الطريقة ستتمتع بالمزيد من المرونة في مرحلة التصميم، بحيث تتوفر العديد من الخيارات للواجهة التي تدعم المهام. في المقابل، إذا كنت تعمل على تحليل تطبيق أو نظام موجود مسبقًا، فقد ترغب بوضع مهام تصف الواجهة الحالية، مثل "استخدم حقل البحث للعثور على الأداة". الأمر يعود لك، إذ ليست هناك طريقة صحيحة أو خاطئة بالمطلق، فالطريقة الصحيحة هي التي تساعدك أكثر في عملية التصميم الخاصة بك.

تحليل المهام: العملية

هناك اختلافات عديدة في عملية تحليل المهام، وقد تتوصل أنت أيضًا إلى عملية تحليل مهام خاصة بك، لكن التركيز ينصبّ دائمًا على فهم الهدف الذي يحاول الشخص تحقيقه والمهام التي تساعد (أو لا تساعد) على تحقيقه. سنتحدث فيما يلي عن صيغة أولية لعملية تحليل المهام يمكنك البدء باستخدامها مباشرةً في عملك التصميمي.

بالعودة إلى المثال السابق، تخيل أنه طُلب منك تصميم تطبيق للتحكم بالمصابيح من جهازك المحمول:

الخطوة الأولى من تحليل المهام هي تحديد هدف أو أهداف مستخدم التطبيق؛ فهل يريد ببساطة تشغيل الأضواء وإطفائها؟ أو التحكم التلقائي بالأضواء حسب أوقات اليوم؟ أو ربط الأضواء بمستشعر حركة؟

الخطوة الثانية هي تحديد المهام التي سيحتاج الشخص إلى أدائها لتحقيق الهدف. على سبيل المثال، وضع المصباح بوضعية التشغيل (هدف) قد يتضمن توصيل قابس المصباح (مهمة) وتشغيل بلوتوث الجهاز المحمول (مهمة) وربط المصباح بالتطبيق (مهمة) وتشغيل المصباح في التطبيق (مهمة).

هناك العديد من الطرائق التي تساعد على تحديد هذه الأهداف والمهام، مثل إجراء مقابلات التفكير بصوت عالٍ التي يعبر فيها المشارك عما يفكر فيه عند يعمل لتحقيق الهدف، والاستعلام السياقي الذي يتضمن مراقبة المستخدمين وهم يؤدون عملًا ما في بيئتهم الاعتيادية. وفي حال كانت المشكلة التصميمية بسيطةً ووقتك محدود جدًا، يمكنك العمل بنفسك على تحديد الهدف والتفكير بالمهام اللازمة لتحقيقه.

بعد أن تتوصل إلى هذه المعلومات، تأتي الخطوة الثالثة، والتي تتجلى في توثيق الأهداف والمهام بطريقة تساعدك وتساعد الفريق على اكتشاف الثغرات أو الفرص التي يمكن تحسينها في التصميم. قد يكون ذلك عبر مخطط تحليل مهام بسيط (كما في الصورة أدناه) أو مخطط مهام هرمي أو مخطط تسلسلي أو مخطط انسيابي أو أي تنسيق آخر يناسبك ويناسب فريقك.

مخطط تحليل مهام أولي

مخطط تحليل مهام أولي للمهام التي يحتاج الشخص لأدائها بهدف تشغيل المصباح باستخدام تطبيق الجوال.

بالوصول إلى هذه المرحلة، ستكون قد أخذت فكرةً جيدةً عن الخطوات التي يجب مراعاتها في تصميم تطبيقك، واكتسبت أداةً تساعدك وتساعد الأطراف المعنية الأخرى على اتخاذ الخطوة الرابعة والأخيرة، وهي البحث عن المهام غير الضرورية أو غير الفعالة أو ذات المردود العكسي التي يمكن إزالتها أو تحسينها في تصميمك. على سبيل المثال، إذا كان يتعين على المستخدمين استعمال أجهزة متصلة عبر البلوتوث باستمرار، فيمكن إزالة مهمة تشغيل البلوتوث.

مخطط تحليل مهام أولي مبسط

تبسيط المهام اللازمة لتشغيل مصباح باستخدام تطبيق جوال.

في بعض الأحيان، قد تكتشف أن هناك حاجةً للمزيد من الأفكار والتوضيحات، وربما تضيف طريقةً أخرى. على سبيل المثال، إذا كشف تحليل المهام أن مهمةً معينةً تسبب القلق للناس، فيمكن الاستعانة باستطلاعات المستخدمين لمعرفة مدى انتشار المشكلة، بالإضافة إلى المقابلات شبه المنظمة لكشف السبب الجذري.

تحليل المهام: نقاط القوة ونقاط الضعف

لكل طريقة تصميم نقاط قوة تلهم أفكارنا ونقاط ضعف تخفي عنا الحقائق، وفيما يلي بعض الإيجابيات والسلبيات العامة لطريقة تحليل المهام:

نقاط القوة

  • عندما يكون نجاح حل التصميم معتمدًا على إكمال المستخدمين لسلسلة من المهام (خصوصًا إذا كان يجب إجراء هذه المهام بترتيب معين)، فإن تحليل المهام سيساعد على كشف الثغرات والفرص التي يمكن تحسينها في هذا التصميم.
  • التعامل مع الأمر في شكل مهام مستقلة يسهّل من تحويل التصميم إلى تجربة رقمية، فإذا بيّن تحليل المهام مثلًا أن هدف تشغيل المصباح يتطلب من المستخدم أن يحدد مكان رمز المصباح ويختار مستوى السطوع وينقر على زر التشغيل، فإن التصميم سيتخذ هذا التسلسل المباشر.

نقاط الضعف

  • نظرًا لأن تحليل المهام يركز بشدة على الأهداف والمهام، فإنه قد يُغفِل الأفكار الأخرى غير المتعلقة بالمهام، مثل الحالة الشعورية للمستخدم أو الظروف الاجتماعية أو عادات الاستخدام. على سبيل المثال، قد لا يكشف تحليل المهام الدقيق لتطبيق التحكم بالأضواء كيف يرى المستخدم تأثيره على استهلاكه للطاقة، أو ما إذا كان يشعر بأن استخدام الهاتف لتشغيل الأضواء أمام أصدقائه أمر مربك.
  • قد يؤدي تحليل المهام إلى عملية تصميم رجعية، إذ من الصعب مثلًا تخيل وتصميم طريقة جديدة للتحكم بالأضواء إذا كان مصدر المعلومات هو دراسة كيفية تحكم الناس بالأضواء حاليًا.

الخلاصة

في التصميم المركز على النشاط، النواة الأساسية للتحليل هي النشاط، أي ماهيّة الإجراءات التي يفعلها الناس وكيفية تأديتها للوصول إلى هدف ما. يُعَد تحليل المهام طريقةً واحدةً فقط من طرائق التركيز على النشاط، وتتضمن الخطوات الرئيسية التالية:

  1. تحديد هدف المستخدم.
  2. تحديد المهام التي على المستخدم أن يؤديها لتحقيق الهدف.
  3. توثيق الأهداف والمهام.
  4. تحليل الأهداف والمهام من أجل تحسين النتائج.

لكل طريقة تصميم نقاط قوة ونقاط ضعف، وتتمثل إحدى نقاط القوة في طريقة تحليل المهام بقدرتها على تحديد وتحسين تسلسل المهام في الحالات التي يعتمد فيها حل التصميم على إكمال المهام المطلوبة، ومن مزاياها الأخرى أن التركيز على المهام يسهل تصميم تجربة المستخدم.

تتمثل إحدى نقاط الضعف التي تعاني منها طريقة تحليل المهام بأنها لا تكشف تلقائيًا عن العوامل المهمة الأخرى مثل الحالة الشعورية والظروف الاجتماعية والعادات وغيرها، بالإضافة إلى أن تركيزها على الأهداف والمهام الحالية قد يجعلها طريقة تصميم رجعية.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Activity-Focused Design لصاحبه Christian Briggs.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...