البحث في الموقع
المحتوى عن 'مبادرة'.
-
ما عليك إلا أن تخبر الآخرين بأنّك ستطلق مشروعك التجاري، لتتلقّى كمًّا هائلًا من التعليقات المثبّطة: في الواقع، هذه الأمور الشائعة ليست إلا هراءً. فعلى سبيل المثال، لنناقش نسبة الفشل (95%) المزعومة. تشير تقارير وزارة العمل الأمريكية إلى أن نسبة المشاريع التجارية التي تنتهي خلال 4 سنوات هي 24% فقط، و17% منها يكون سبب الإنهاء فيها هو الفشل أو الإفلاس، أما الغالبية العظمى منها فهي مشاريع تجارية انتهت إما بسبب بيع المشروع أو تقاعد صاحبه. لا شكّ في أن البدء بمشروع تجاري لا يخلو من المخاطرة، ولكن هذه الادعاءات تعني أنّ من يقوم بذلك شخص جاهل وطمّاع وأناني ومجنون إلى درجة أنّه يلقي بنفسه إلى الفشل. إن كنت تفكّر في البدء بمشروع تجاريّ جديد الآن، فعليك أن تدرّك المخاطر التي ستواجهك، وأعني بها المخاطر الحقيقية. والحقيقة -كالعادة- تقع بين هذه الادعاءات غير المستندة إلى أدلّة وبين مدوّنات الشركات الناشئة التي لا تظهر لقرّائها غير الطريق المفروش بالزهور. بدايةً يجب علينا تحديد معنى “المشروع التجاري”. أظهر إحصاء أجري سنة 2006 في الولايات المتحدة الأمريكية(1) أن نصف المشاريع التجارية في البلاد هي مصدر دخل ثانوي لأصحابها، وليست مصدر الدخل الرئيسي. كما أظهر الإحصاء أنّ ثلثي المشاريع التجارية قد بدأت من المنزل، وأن 21% فقط منها توظّف شخصًا آخر غير صاحب المشروع. وبعبارة أخرى، فإنّ معظم “المشاريع التجارية” هي مشاريع جانبية قد يطمح أصحابها أو لا يطمحون لتطويرها إلى شيء آخر. المشكلة ليست كون كل هذه المشاريع مشاريع جانبية، ولكن المشكلة هي أنّه لا علاقة لبيانات “المشاريع الجانبية” بالحديث عن اتخاذ الخطوة الأهمّ في حياتك “ترك وظيفتك”. أليست المشاريع الجانبية عرضة للفشل - بطبيعة الحال - أكثر من المشاريع التي تضع فيها كل طاقتك ووقتك وجهدك؟ نعم، هذا يعتمد على تعريفك لـ”الفشل”. فقد وجدت دراسة أسترالية(2) أن 64% من المشاريع التجارية يفشل خلال عشر سنوات إن كان تعريف “فشل المشروع التجاري” هو “عدم الاستمرار في امتلاك المشروع”. ولكن “الفشل” قد يعني أي شيء، مثل إهمال المشروع من قبل مؤسّسه - وهي الحالة الأكثر شيوعًا - خصوصًا عندما يكون مشروعًا بيتيًا ولا يُعدّ مصدر الدخل الرئيسي. ورد في الدراسة ذاتها، أنه لو كان تعريف “فشل المشروع التجاري” هو “الإفلاس” فإن نسبة المشاريع التجارية الفاشلة خلال عشر سنوات تنخفض إلى 5.3% فقط. بمعنى آخر، حتى عندما يبدو للعيان أن المشروع التجاري متوقفٌ عن العمل، فإن الإفلاس ليس أمرًا حتميًا. وماذا بشأن ساعات العمل الطويلة التي تسمع عنها؟ في الواقع، هذا صحيح، فكل من أعرفه من ذوي المهن الحرة (وأنا منهم) يعمل أكثر من الموظفين (باستثناء بعض المهن ذات الطبيعة الصارمة مثل الخدمات الطبية والقانونية والمحاسبية). إليك بعض الأرقام الموثوقة: يشير تقرير الحكومة الكندية إلى أن أصحاب المهن الحرة يعملون 5 ساعات أكثر من الموظفين في كل أسبوع. ولكن الحقيقة هنا هي أن 33% من أصحاب المهن الحرة يعملون أكثر من 50 ساعة مقارنة بـ 5% فقط من الموظفين. وماذا عن الحصول على الأموال؟ تشير دراسات الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة NFIB إلى أن ثلث المشاريع التجارية يحقق أرباحًا، والثلث الآخر في حالة توازن بين النفقات والعائدات (نقطة تعادل break-even)، أما الثلث الأخير فيخسر الأموال. ممّا سبق يمكن أن نثبت بعض الحقائق: “فقدان المال” أمر سيء للغاية وأسوأ حتى من البقاء دون عمل، وتساوي النفقات والعائدات ليس أفضل بكثير. وهذا يعني أن البدء بمشروع تجاري ينطوي على مخاطرة حقيقية، ولأزيدك من الشعر بيتًا فإنّك لن تجني الأموال في أول 6 إلى 24 شهرًا، وهذا يعني أنّك بحاجة إلى امتلاك ما يكفي من الأموال لتتمكن من الصمود لفترة لا بأس بها، وأنّ عليك وضع قيود مالية على نفسك، لتترك المشروع متى ما تجاوزتها. ولكن، تذكّر أن نصف تلك المشاريع التجارية هي مشاريع جانبية، ومشاريع الهواة شائعة كثيرًا، ولا شيء يربط بين كون مشروع كصناعة عقود الخرز في الغرفة الخلفية لأحد الأشخاص يخسر الأموال وبين تفكيرك في تقديم خدمات استشارية. على كل حال، فإن السؤال الحقيقي هو: “ما هو مقدار المال الذي أتوقع الحصول عليه أو فقدانه من المشروع التجاري الذي سأبدأ به مقارنة بمشروعي الأفضل القادم؟” بالنسبة لمعظم الأشخاص فإن “الأفضل القادم” يعني العمل، ففي استبيان أجرته Gallup سنة 2006 حين تعرضت المشاريع الصغيرة للإغلاق بسبب ارتفاع أسعار الوقود، أعلن 80% تقريبًا من أصحاب المشاريع أنّهم يجنون أموالًا أكثر في الساعة، مقارنة بعملهم في شركات أخرى وفي نفس المجال. وهذه تعتبر أرباحًا وليست عائدات، حتى مع الساعات الإضافية التي تحتاجها المشاريع الصغيرة. إضافة إلى ذلك، فإن نصف أصحاب المشاريع هؤلاء يجنون أموالًا أكثر من خلال المشروع التجاري مقارنة بالعمل الاعتيادي، و76% منه قال بأنّ حالته المادية أفضل عموما. شمل الإحصاء الأمريكي أيضًا “مشاعر” روّاد الأعمال(4): في كل سنة ضمن الفترة الممتدة من عام 1990 و2004، كانت الشركات التي تضم ما لا يزيد عن 4 موظفين والشركات التي تضم أكثر من 500 موظف هي من يصرف أعلى الرواتب. لذا إن كنت لا تمانع في العمل لدى شركة كبيرة مترقبًا الوقت الذي سيتم تنحيتك فيه عن عملك، فمع راتب شهري سيكون هذا هو الرهان الأفضل، أما إن كنت لا ترى هذا جيدًا، فالشركات الصغيرة هي الخيار الأنسب. ولكن بقي لدينا موضوع الظروف الاقتصادية. لا أدري لماذا يعتقد الجميع أن إطلاق مشروع تجاري في ظروف اقتصادية صعبة يبدو أمرًا سيئًا؟ هل السبب هو الاعتقاد بأنّ لا أحد سينفق المال؟ هذا ليس مهمًّا على الإطلاق، إذ لن يكون لديك الكثير من العملاء في أول 6 إلى 12 شهرًا، والعملاء الذين تحصل عليهم في هذه الفترة هم أولئك المتلهّفون إلى منتجك بشدّة، وبما أنّهم متلهّفون للمنتج فلن تؤثّر الظروف الاقتصادية عليهم بتاتًا. في الواقع، من الأفضل أن تكون الحالة الاقتصادية سيّئة، إذ تمرّ جميع الشركات بظروف صعبة، وسيكون بميسورك الحصول على أثاث وإيجار وخدمات رخيصة مثل التصميم الفني وتصميم مواقع الإنترنت، فالأشخاص الجيدون عاطلون عن العمل، والأفضل من ذلك أنّك ستحصل على المساعدة التي تحتاج إليها وبنصف ثمنها أو ستعثر على مؤسس شريك قد فقد وظيفته مؤخّرًا. في Smart Bear مثلًا، وظّفنا مستشارًا في التصميم مقابل ثلث مرتّبه الاعتيادي. تخفّض شركات الإعلان أسعارها حتى دون أن أطلب ذلك منها. الإيجارات الفرعية منتشرة في كل مكان فالشركات تحاول تعويض إيجارها الممتد لسبع سنوات وقد سرّح بعضها نصف فريق العمل فيها، وهذا يعني أنّه الوقت المثالي للحصول على فريق العمل وبرواتب منخفضة. في نهاية المطاف، فإن المسألة مرتبطة بشعورك بالرضا والسعادة، وليس فقط بتحقيق النجاح المادي. ففي العمل العادي، تميل “السعادة” و”الأموال” إلى الارتباط بعلاقة عكسية، فمن الصعب أن تحصل عليهما معًا. يمكن تلخيص هذه الفكرة بشكل جيد من خلال تقييم Juhan Sonin لحياته الشخصية. يمكنك أن تكسر النمطية من خلال إدراة مشروعك التجاري بنفسك، فتجني الأموال وتقوم بما تحبّ القيام به، ولكن المشاريع التجارية الصغيرة مجهد وصعبة ومخيفة، فهل يستحق الأمر ذلك؟ سأجيبك من خلال الرسم البياني التالي من الاستبيان الذي أجرته Gallup (3): إن كانت صاحب مشروع تجاري صغير، فلا بأس أن تشجّع القرّاء ولو ببضع كلمات، فلكلمات التشجيع أثر كبير عندما يشعر المرء بالغلبة. المصادر: 1. استطلاع رأي لأصحاب المشاريع الصغيرة سنة 2006 البيانات. 2. John Watson و Jim E. Everett في مجلة إدارة المشاريع الصغيرة Journal of Small Business Management, أكتوبر سنة 1996. 3. خدمة Gallup الأخبارية، اقتراع Smart Business Index سنة 2006 عثرت عليه من خلال مدونة Corporateprenuer. 4. الملخص الإحصائي الأمريكي سنة 2008 الجدول 0737. البيانات بواسطة infochimps.org. ترجمة - بتصرّف - للمقال Starting a business isn’t as crazy and risky as they say لصاحبه Jason Cohen. حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ Freepik