يعتبر معدل التحويل conversion rate بالنسبة للكثيرين المقياس الأكثر أهمية بعد نسبة الإيرادات عند تفحّص التحليلات، لكن التركيز على هذه الأرقام بشكلها الظاهر فقط قد يُصبح مُشكلًا في حد ذاته بدل أن يكون أداة مُساعدة لك.
سأشرج في هذا المقال لماذا يجدر بك أن لا تركّز معدلات التحويل بقيمتها الظاهرية، وستتعلم كيف تكشف الغطاء عن الدلالات الحقيقية المخفية وراء هذه الأرقام بعد إزالة الضجيج المضلل، لتصبح في النهاية أعمق فهمًا لوضع مشروعك التّجاري.
تعريف سريع
يُعرّف معدل تحويل الموقع على أنه عدد الأهداف المكتملة (عادة ما تعبر عن الصفقات المكتملة في مراكز التجارة الإلكترونية) مقسّمًا على عدد الزوّار الكلي، لذا فإن كان عدد المشترين زائر واحد من أصل مئة زائر فإن معدل التحويل الخاص بموقعك سيكون 1%.
يبدو الأمر جميلًا وبسيطًا أليس كذلك؟ ما الذي يمكن أن يكون مضلّلا فيه؟ سيتضح لكم الأمر بعد قليل.
السبب الأول: لا يستطيع جميع الزوار الشراء منك
كنت أملك متجرًا لبيع محرّكات قوارب الصيد، لكننا لم نتمكن من البيع للعملاء خارج الولايات المتحدة لأن محركات القوارب كانت ضخمة ومكلفة بالشحن، لم يكن موقعنا يتيح الشراء حتى ولو كان الزبون من دولة قريبة -كندا مثلًا-، لذا فإن متوسط معدلات التحويل الصادر عن مركز Google Analytics كان منخفضًا بشكل كبير لأنه شمل جميع الزوار حتى أولئك الذين لا يمكنهم الشراء رغم رغبتهم في ذلك.
إذا أتاك عدد كبير من طلبات الشراء من خارج نطاق عملك يجب أن تأخذ هذا بعين الاعتبار أثناء حساب معدلات التحويل، وإلا فإنك ستعمل مع معدلات أقل بكثير من أدائك الفعلي، الطريقة الأفضل للتعامل مع هذا الأمر هو بتخصيص النسبة في مركز تحليلات Google Analytic وذلك عبر إنشاء شريحة زبائن تتضمن النتائج من البلدان التي تغطيها بعملك فقط، وتقوم بحساب معدل التحويل لهذه البلدان بانتظام.
السبب الثاني: يصل الزوار لموقعك بطرق مختلفة
كان عام 2014 فترة عصيبة في أحد المشاريع التي كنت أعمل عليها مع انخفاض معدلات التحويل على مدار العام. في البداية، اعتقدتُ أن ثمّة أمر ما غير صحيح في المشروع حتى بدأت بالتنقيب عن الأسباب واكتشفتُ المشكلة: الزيارات التي تتم عبر الهواتف.
أدركتُ أن معدل تحويل الزوار الذين يستخدمون نسخة سطح المكتب من الموقع الإلكتروني كان مشابها لمعدل تحويل العام الذي قبله، لكن مع ازدياد انتشار الهواتف الذكية وزيادة الزّوار الذين يستخدمونها (إلى جانب سوء نسخة الموقع الخاصة بالهواتف) جعل معدّل التحويل ينخفض، المشكلة كانت في ضعف نسخة الهواتف النقالة من موقعنا الإلكتروني، ولم يكن لي أن أعرف السبب من خلال النظر المجرد لمعدلات التحويل من دون تجزئة زوار الموقع.
نظرًا لهذه المشكلة قمنا بإعادة تصميم الموقع مع نسخة جديدة للأجهزة المحمولة، الأمر الذي ساعدنا بشكل كبير على مضاعفة معدّل التحويل من الأجهزة المحمولة.
اقتباس"عبر النظر إلى التحويلات حسب أنواع الأجهزة، أمكننا اكتشاف خلل كلّفنا ضياع مئات المبيعات"
من المهم للغاية النظر إلى معدلات التحويل حسب المُتصفّح المُستخدم أيضًا، فرغم أن عدم توافق المواقع مع المتصفحات بات أقلّ من السابق لكن لا زال هناك مشاكل من قبيل توافق موقع ما بشكل كامل مع فَيرفُكس، بينما يمنع خلل ما الزوار من الشراء عبر متصفح Chrome مثلًا -أو العكس-، وينطبق الأمر نفسه على النظر لمعدلات التحويل من مختلف أنظمة التشغيل.
بعد إعادة النظر في معدلات التحويل عبر أنظمة التشغيل في العام الماضي، اكتشفنا أن التحويل عبر أجهزة تستخدم iOS كان أقل بكثير من التحويل عبر Android، بعد التمحيص عرفنا أن زر الشّراء في أجهزة iPhone و iPad لم يكن يعمل، مما أفشل الصفقات عبرها في نهاية المطاف.
عالجنا المشكلة، لكن ذلك أتى بعد أن كلفنا هذا الخلل آلاف الدولارات على مر الأشهر، ولو كنا نتتبع معدلات التحويل حسب الجهاز بدلًا من مجرد النظر إلى متوسط التحويل، لاكتشفنا الخلل في وقت أبكر بكثير.
السبب الثالث:لا تهتم بكل الضجيج
عندما تستعرض التحليلات الخاصة بموقعك في نهاية الشهر، وتُفاجأ بحقيقة صادمة: معدل التحويل الخاص بك انخفض بنسبة 40% عن الشهر الماضي، ستبدأ بالتفكير مباشرة بأطفالك الجوعى واضطرارك لتركك المنزل وغيرها من السيناريوهات المأساوية لخسارة مشروعك التّجاري.
إنّ واحدة من أسوأ الزوايا المتعلقة بمعدل التحويل هو تأثرها المباشر بـ"الضجيج" وهي معلومات أو بيانات غير مفيدة قد تشّوه النسب الخاصة بموقعك.
إليك هذا المثال: لنقل أن متجرك حصل على تغطية على صحيفة NewYork Times، ستزداد الحركة على موقعك في فترة قصيرة بأكثر من عشرة أضعاف عدد الزوار الشهري المعتاد، ولأن هؤلاء الزوار يستطلعون فحسب (على عكس العملاء عادة) فإنهم على الأرجح لا يشترون؛ الأمر الذي يؤدي لهبوط معدل التحويل الخاص بك بنسبة 90%.
يمكننا التعبير عن هذه الزيادة القصيرة والسريعة لعدد الزوار بـ "الضجيج"، الذي ينتهي بك عند نظرك المجرّد لمعدل التحويل إلى حالة من الذعر لا داعي لها.
لهذا أنصح بتتبّع ما أسميه "التحويل الأساسي-core conversion" والذي سيكون مفيدًا غالبًا، وهو جزء فرعيّ من زوار موقعك يبحثون عن عروضك الأساسية وبالتالي لا يتأثر بالارتفاع اللحظي لحركة المرور أو غير ذلك من البيانات غير البنّاءة.
تتبّعتُ سابقًا نسبة التحويل الأساسية لموقعي عبر قياس عدد العملاء المشترين من الزوار الذين يصلون للموقع بعد بحثهم في الإنترنت عن أعلى خمس إلى ست كلمات مفتاحية تجارية خاصة بنا، للأسف فإنه لم يعد القيام بهذا الأمر مُمكنا بعد أن حجبت Google هذه المعلومات، ولكن ذلك مازال ممكنًا إن كنت تستخدم AdWords.
بالرّغم من أن الحل ليس مثاليًا، إلّا أنّه يمكنك أيضًا أن تتبّع جزءًا من الزوار ممن يصلون إلى صفحات أعلى التصنيفات لديك من خلال البحث العام، الأغلبية من هؤلاء الزوار يصلون إلى صفحتك عبر البحث عن الكلمات المفتاحية الأكثر شيوعًا.
عبر حساب نسبة التحويل الأساسية الخاصة بك، ستصل إلى تقدير أفضل لأداء متجرك الإلكتروني من دون كل ما يحيط به من "ضجيج". إذا استمرت النسب الأساسية بالانخفاض ستعلم حينها بوجود مشاكل ما في مشروعك -أو ربما في المجال الذي تنشط فيه ككل- الأمر الذي تحتاج للتنقيب عن أسبابه.
السبب الرابع: الزائر الجديد مقابل الزائر الدائم
إذا كنت تعتمد على الكثير من التدفّق مدفوع الأجر (الزيارات التي تحصل عليها نتيجة شرائك لإعلانات) paid traffic، يجب أن تفرّق في التحويل بين الزائر الجديد والزائر الدائم، لأن هذا الفارق قد يُفشل حملاتك أو يُنجحها، إليك السبب:
عند إطلاق الحملات المدفوعة، يجدر بك أن تفهم تكلفة الحصول على كل عميل (CPA)، وهو المقدار الذي تدفعه حتى يتحول الزّائر إلى عميل.
يركّز العديد من الناس عند التخطيط لحملات مدفوعة على نسبة معدل تحويل الموقع وعلى تكلفة كل نقرة ( CPC) لتقدير نسبة CPA الخاصة بهم، فإذا كان معدل التحويل الشامل هو 5% وكانوا ينفقون 3$ للنقرة الواحد للحصول على زائر، سيعني هذا أنهم تكلفوا ما مقداره 60$ للحصول على عميل (حيث نسبة التحويل 5% تعني أنه من بين كل 20 زائر سنحصل على عميل واحد، 20*3$ للنقرة الواحدة =60$)
اقتباس"الزوار الدائمون عادة ما يتحولون إلى مشترين بنسبة أكبر من الزائر الجديد"
وهنا لبّ المشكلة: فالزوار الدائمون يتحولون غالبًا بمعدل أعلى بكثير من نسبة تحويل زائر المرة الأولى، لذا بالعودة لمثالنا السابق فإن الزوّار المستمرين قد تصل نسبة تحويلهم ل 6% في حين أن الزوار الجدد قد تكون نسبة تحويلهم 2,5% فقط.
عندما تدفع لقاء الحصول على زيارات على موقعك، غالبًا ما ستحصل على زيارات من أشخاص لم يزوروا موقعك من قبل (يزورون موقعك للمرة الأولى) وهي خطوة كثيرًا ما يكون مردود تحويلها أقل من معدل التحويل المعتاد لموقعك، مما يؤدي إلى رفع معدل تكلفة الحصول على عميل وانخفاض معدل العائد على الاستثمار وذلك بسبب اعتمادك على متوسط معدل التحويل.
لتجنب هذه المشكلة يجب أن تتأكد من استخدامك لمعدل التحويل الخاص بالزائر الجديد عند تقوم بحساباتك المُتعلّقة بحملات للحصول على زيارات مدفوعة الأجر.
السبب الخامس: لا يهتم الجميع بالشراء
بالنسبة للمتاجر الإلكترونية التي تستضيف الكثير من المحتوى التعليمي، من المهم التفريق بين الزائر الذي يأتي للشراء وهؤلاء الذين يأتون للاستفادة من المقالات والمعلومات التي توفرها، فنسب التحويل لكل من هذين الصنفين ستكون مختلفة للغاية.
نبيع في متجرنا مجموعة واسعة من المعدات، لكننا بالإضافة إلى ذلك نستضيف مكتبة تقنية كبيرة تضم العشرات من المقالات التقنية، أربعة من الصفحات العشرة الأكثر زيارة تخص هذا المحتوى التعليمي على موقعنا، ورابع أكثر صفحة زيارة على الدوام هي صفحة مُحتوى، وتأتي بعد كل من الصفحة الرئيسية وصفحتيّ التصنيفات الأساسية.
سيكون لاستبعاد زيارات هذه الصفحات التعليمية من حساب معدل التحويل الخاص بموقعك فائدة كبيرة في الحصول على إحساس أكثر دقة بالمعدل الحقيقي، يحتاج هذا لجهد منك لكنه ممكن. إذا كانت بنية رابط موقعك تحتوي على وسم للصفحات التي تتضمن محتوى غير مخصص للشراء ("/blog/" مثلًا)، يمكنك إنشاء شريحة زبائن لا يتضمن زوار هذه الصفحات، وإذا ما كنت تستخدم Enhanced Google Analytics لمتجرك الإلكتروني، يمكنك النظر إلى النسبة المئوية للذين يستعرضون صفحة المنتج واختيار مرشّح يستثني أولئك الذين يزورون الموقع لأجل المعلومات.
الخلاصة: لا تركز على المعدلات
إذا لم تكن متأكدًا من مدى انخفاض نسبة التحويل الخاصة بك، اتجه إلى مركز تحليل Google لتعرفها، فرّق ما بين الزائر الجديد والزوار الدائمين، الزائر عبر حاسوب مقابل الزوار عبر أجهزة الهاتف المحمول، الأنواع المختلفة للأجهزة المستخدمة، وسيحسب لك Google Analytics كل هذه النسب تلقائيًا، الأمر بهذه البساطة.
لمعايير أخرى كقياس نسبة التحويل الأساسية والزيارات بغرض المحتوى التعليمي، يجب عليك إنشاء شرائح زبائن خاصة بك، وهي خطوة واضحة ومدعمة بالعديد من الدروس التعليمية عبر الإنترنت لتساعدك في البدء بتطبيقها.
تأكد من عدم أخذ معدل التحويل كرقم فقط، فكما تعلم، الأشياء أعمق مما تبدو عليه بشكل ظاهري.
ترجمة -وبتصرف- للمقال Five 5 Reasons to Ignore Your Average Conversion Rate لكاتبه: Andrew Youderian.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.