الإعلانات الإلكترونيّة ببساطة هي تلك الإعلانات التي نشاهدها على شبكة الإنترنت، سواءً في صفحات نتائج البحث، أو في رسائل البريد الإلكتروني، أو غيرها. وعلى الرغم من تنوُّع الإعلانات الإلكترونيّة وتعدُّد أشكالها، إلا أننا سوف نركز في هذا المقال على لوحات الإعلانات (البنرات)، والإعلانات التفاعليّة.
تهدف الإعلانات سواءً كانت إلكترونيّة أو تقليديّة، إلى زيادة المبيعات وترويج العلامة التجاريّة، ويمكن القول عمومًا أنّ الإعلانات تعتمد على العرض والطلب، إذ يحاول المعلِنون تحفيز حاجة محدَّدة لدى المستهلك، حيث يحاولون خلق الطلب ومن ثم يعملون من أجل إشباع تلك الحاجة من خلال العرض.
ومما يميِّز الإعلانات الإلكترونيّة أنها ليست محصورةً في زمان أو مكان محدَّد، كما أنها تتيح مساحة تفاعل أكبر من الإعلانات التقليديّة. وفي حين أن جميع الإعلانات الإلكترونيّة والتقليديّة قد تُمثِّل مصدر إزعاج للمستهلكين، إلا أنه يمكن تصميم الإعلانات الإلكترونيّة التفاعليّة لتبدو أقلّ إزعاجًا.
لقد بدأت الإعلانات الإلكترونيّة ببساطة على أساس صُور تُعرض على مواقع الإنترنت، وتحتوي على رابط للمنتج المراد بيعه، ولكنها سرعان ما تطوّرت لتشمل الفيديو والصوت وغيرها من التقنيات الحديثة، وقد باتت اليوم قادرةً على عرض جميع الرسائل والأوامر التي يرغب بها المعلنون دون الحاجة إلى نقل المستهلكين إلى صفحة هبوط مخصَّصة.
صحيح أنّ الإنترنت يفتح آفاقًا جديدةَ لأساليب إعلانيّة مبتكرة، ولكن أبرز ما يميزه هو القدرة على متابعة البيانات، وقياس جدوى الحملات الإعلانيّة، وعلى حد تعبير إريك شميدت from Eric Schmidt المدير التنفيذي لشركة جوجل فـ "الإنترنت سيُحدِث ثورةً في عالم الإعلانات، لا بسبب جمال إعلاناته وإنما بسبب القدرة على قياس مدى فعاليّة هذه الإعلانات".
لمحة تاريخية
لقد أعقبت الإعلانات الإلكترونيّة ظهور الإنترنت، ومع توجه المستهلكين لقضاء ساعات أطول على الإنترنت من التلفاز، بدأ الإنترنت يكتسب أهميّةً متزايدةً لدى المعلنين.
وبحسب ويكيبيديا، فقد باعت شركة جلوبال نيتورك نافيجيتور Global Network Navigator في عام 1993 أول لوحة إعلانيّة (بانر) قابلة للنقر لإحدى شركات المحاماة، كما كانت مجلة هوت وايرد HotWired أول مجلة إلكترونيّة تبيع مساحات إعلانيّة بكميات كبيرة.
لقد كان الإعلان أعلاه جزءًا من حملة إعلانيّة نفّذتها شركة AT&T لترويج استخدام الإنترنت بين المستهلكين، وقد شملت الحملة في حينها إعلانات تلفزيونيّة، ولوحات إعلانيّة في الشوارع، صدّق أو لا تُصدّق أنّه قد كان يُنظر إلى هذا الإعلان في العام 1994 على أنه متطوّر للغاية! ولكن مع تطور تقنيات الإنترنت، تطورت معها أيضًا التقنيات المستخدمة في إنشاء الإعلانات الإلكترونيّة وعرضها.
كيف تعمل الإعلانات الإلكترونية
تسعى الإعلانات، سواءً كانت إلكترونيّة أو تقليديّة، إلى تحقيق جملة من الأهداف:
- توعية الجمهور بالعلامة التجاريّة؛
- خلق الطلب لدى المستهلكين؛
- إعلام المستهلكين بقدرة المعلن على تلبية طلباتهم؛
- زيادة التفاعل والمبيعات.
توعية الجمهور بالعلامة التجارية
يُعَدّ وعي الجمهور بالمنتج أو العلامة التجاريّة من أهم الأهداف بعيدة المدى التي يسعى العاملون في مجال التسويق إلى تحقيقها، فتعريف المستهلِك بالمنتج أو العلامة التجارية يمثّل الخطوة الأولى نحو كسب ثقته، وكلما ازدادت معرفة الجمهور بالعلامة التجارية، أصبحت تلك العلامة أقدر على بيع منتجاتها، وتعتمد لوحات الإعلانات الإلكترونيّة (البنرات) أساسيّا على عناصر مرئيّة، وهو ما يجعلها القناة الأمثل لترويج الدعاية الخاصّة بالعلامة التجاريّة.
خلق الطلب لدى المستهلكين
لا يمكن للمستهلكين الرغبة بشراء منتج لا يعرفونه أصلًا، وهنا تكمُن أهمية الإعلانات، فهي تسعى إلى إقناع المستهلكين بالمنتجات، وتوضيح أسباب حاجتهم إليها، كما توفّر الإعلانات الإلكترونيّة الحديثة في هذا الصدد قدرةً كبيرةً على ترويج عروض البيع، وبالتالي تحفيز الطلب لدى المستهلكين.
تلبية طلبات المستهلكين
يسارع المستهلكون إلى البحث عن سبل لإشباع رغباتهم بمجرد ظهورها، وهنا يأتي دور العاملين في مجال التسويق ليُقنعوا المستهلكين بأن منتجاتهم وعلاماتهم التجاريّة هي الأقدر على إشباع تلك الحاجات والرغبات.
زيادة البيع والتفاعل
تسعى جميع أنواع التسويق الإلكتروني إلى زيادة حركة الزيارات للمتجر الإلكتروني، وبالتالي زيادة المبيعات على المدى البعيد. مع ذلك نجد أنّ الإعلانات الإلكترونيّة تتّسم بتأثيرها الفوري، أي تزيد من الزيارات والمبيعات على المدى القصير والمتوسّط. وعلى خلاف وسائل الإعلان التقليديّة، تتميّز الإعلانات الإلكترونيّة بقُدرتها على تحويل الزبون المحتمل إلى زبون فعليّ فورًا، بالإضافة إلى إمكانيّة قياس فعاليتها بدقة.
الفارق الأساسي
تمتاز الإعلانات الإلكترونيّة بقدرتها على تحقيق المبيعات فوريًّا، وعلى خلاف وسائل الإعلام التقليديّة، يستطيع المستهلك الانتقال من الإعلان إلى المتجر بنقرة واحدة، كما يتيح الإنترنت إمكانيّة متابعة الأنشطة الإلكترونيّة وقياسها بدقة، وذلك يعني إمكانيّة تخصيص الإعلانات، وقياس مدى نجاح كلّ واحد منها.
كيف تعرض رسالتك الإعلانية؟
أنواع الإعلانات الإلكترونية
تتطور الإعلانات الإلكترونيّة مع تطور التكنولوجيا، لذلك بات هناك العديد من الوسائل المختلفة لعرض الرسائل الإعلانيّة عبر الإنترنت، وفيما يلي أبرزها:
اللوحات الانتقالية Interstitial Banners
هي تلك اللوحات الإعلانيّة التي تُعرض بين صفحات الموقع الإلكتروني، أي أن الإعلان يظهر عندما تنقر للانتقال من صفحة إلى أخرى، مع إمكانية إغلاق الإعلان في بعض الأحيان.
الإعلانات المنبثقة Pop-Ups and Pop-Unders
كما يظهر من اسمها، تنبثق هذه الإعلانات من أسفل الشاشة أو من أعلاها لتفتح نافذةً جديدةً وصغيرة في الصفحة، ويمكن ملاحظة الإعلانات المنبثقة من الأسفل على الفور، لكن المشكلة تكمُن في الإعلانات المنبثقة من الأعلى والتي يصعب ملاحظتها إلا بعد إغلاق نافذة المتصفح. لقد كان هذا النوع من الإعلانات شائعًا للغاية في الأيام الأولى للإنترنت، ولكن بسبب ما يمثّله من إزعاج، فقد أصبحت معظم متصفّحات الإنترنت الجيّدة مزوّدةً بأدوات لمنعه، رغم إمكانية تسبُّب ذلك في مشكلة للمواقع التي تستخدم تقنية النوافذ المنبثقة بطريقة شرعية لعرض معلومات للمستخدِم.
إعلانات الخرائط Map Advertisement
إعلانات الخرائط هي إعلانات تُنشر في برامج وتطبيقات الخرائط الإلكترونيّة، مثل خرائط جوجل.
الشكل 3.2: خريطة جوجل تحتوي على إعلان لفنادق Holiday Inn
الإعلانات العائمة Floating Advertisement
تَظهر الإعلانات العائمة لمدّة عدّة ثوانٍ في صورة طبقة فوق محتوى الصفحة، ولكنها تمثِّل نافذةً منفصلةً يستطيع المستخدم إغلاقها بالعادة. وتُستخدم لغة DHTML أو الفلاش في تصميم الإعلانات العائمة، وغالبًا ما ينتهي الإعلان المتحرّك بعرض لوحة إعلانية ثابتة على الصفحة.
إعلانات الخلفية Wallpaper Advertisement
يغيِّر هذا النوع من الإعلانات خلفيّة الصفحة التي تعرضها، ولكن لا يمكن النقر عليه بالعادة.
لوحات الإعلانات Banner Advertisement
الشكل 3.3: بعض أشكال اللوحات الإعلانيّة الشائعة مع أحجامها
لوحات الإعلانات (البنرات) هي عبارة عن صور ثابتة أو متحركة تُوضع في صفحة الإنترنت لأهداف إعلانيّة، ويمكن لهذه اللوحات أن تأتي بصيغة GIF أو صيغة JPEG، كما قد تستخدم أيضًا الفلاش، والفيديو، وجافا سكريبت، وغيرها من التقنيات التفاعلية التي تسمح للمتصفح بالتفاعل مع الإعلان، وربما الشراء من خلاله. ولا تقتصر اللوحات الإعلانيّة على المساحة المخصصة لها، فبعض اللوحات الإعلانيّة تتوسع عند تمرير الفأرة أو النقر عليها.
آليات الدفع
أساليب الدفع مقابل الإعلانات الإلكترونية
تتنوّع أساليب الدفع مقابل الإعلانات الإلكترونيّة على النحو التالي:
التكلفة لكل انطباع أو التكلفة لكل ألف انطباع Cost per Impression or Cost per Thousand Impressions
يُقصد بالتكلفة لكلّ انطباع CPI دفْع المعلن مقابل كلّ مرّة يظهر فيها الإعلان على صفحة الناشر، ويُشار إلى هذه الطريقة عادةً بـ "التكلفة لكلّ ألف انطباع CPM" علمًا أنها تُستخدم خصوصًا عندما يكون الهدف الرئيسي للحملة هو ترويج العلامة التجارية.
التكلفة لكل نقرة Cost per Click - CPC
ويُقصد بذلك دفع المعلن فقط عندما ينقر الزبون المهتم على الإعلان، وترتبط هذه الطريقة عادةً بالتسويق من خلال نتائج البحث، ويُطلق عليها أيضًا "الدفع لكل نقرة PPC". تُستخدم هذه الطريقة أيضًا في تسعير اللوحات الإعلانيّة "البنرات" عندما يكون الهدف من الحملة هو زيادة الزيارات، كما تُستعمل أحيانًا في التسويق بالعمولة عندما يكون الهدف هو استقطاب المزيد من الزيارات لموقع إلكتروني جديد.
التكلفة لكل كسب Cost per Acquisition - CPA
في هذا الأسلوب، لا يدفع المعلن إلا عندما يؤدي الإعلان إلى تحقيق كسب محدَّد، ويختلف تعريف الكسب من موقع إلى آخر، فقد يُقصد به تعبئة المستخدم لنموذج، أو تحميل ملف، أو شراء منتج. وتُعَدّ هذه الطريقة الأفضل للمعلن، لأنه لا يدفع إلا عند تحقيق الإعلان لهدفه المحدَّد، ولكنها الأسوأ بالنسبة للناشر، والذي لا يحصل على أيّ مقابل إلا عند نجاح الإعلان، حيث سيعتمد الناشر في هذه الحالة على معدَّل التحويل في موقع المعلن وهو أمر خارج عن سيطرته، ولهذا السبب ربما لا يكثر استخدام هذا الأسلوب في اللوحات الإعلانيّة "البنرات"، ويكثر ارتباطه بالتسويق بالعمولة.
السعر الثابت Flat Rate
يميل أحيانًا أصحاب المواقع التي لا تحظى بكثير من الزيارات إلى بيع المساحات الإعلانيّة مقابل تكلفة شهريّة ثابتة، بغضّ النظر عن عدد الزيارات أو الانطباعات التي يحققها الإعلان، وقد تكون هذه الطريقة ملائمةً للمعلنين الذين يرغبون باختبار الحملات الإلكترونيّة التي تستهدف أسواقًا محدّدة.
التكلفة لكل تفاعل Cost per Engagement
يختصّ هذا الأسلوب بالإعلانات التفاعليّة، وهي نوع جديد من الإعلانات المستخدمة في مقاطع الفيديو والتطبيقات، والتي تتطلب تمرير الفأرة عليها حتى تتوسع، وعندما تتوسع فقد تحتوي على مقطع فيديو، أو لعبة، أو أي نوع آخر من أنواع المحتوى. ولكنها مع ذلك لا تنقُل المستخدِم من صفحة الإنترنت التي يستعرضها، وفي هذه الحالة يدفع المعلنون فقط عندما يكمل المستخدم الإجراء المحدَّد في الإعلان.
تتطلب "الإعلانات التفاعليّة" كما هو واضح من اسمها وجود تفاعل من طرف المستخدِم، ولكن إذا كنت ستَستخدِم هذا النوع من الإعلانات، فكيف يمكنك قياس مدى نجاحها؟
يمكن القول في النهاية أنّ أسلوب التكلفة لكلّ ألف انطباع CPM يصبّ في صالح الناشر، بينما يصب أسلوب التكلفة لكلّ كسب CPA في صالح المعلن، مع ذلك قد يلجأ كلّ من الناشر والمعلن إلى خليط بين الطريقتين.
تميل المواقع الإلكترونيّة التي تحظى بجمهور واسع ومعدّل زيارات مرتفع عادةً إلى أسلوب التكلفة لكل ألف انطباع CPM، ومن أمثلتها البوابات الإلكترونيّة المتكاملة، مثل موقع http://www.yahoo.com. والمواقع الإخباريّة؛ أمّا المواقع المتخصِّصة التي تمتلك جمهورًا محدَّدًا فتميل إلى استخدام أسلوب التكلفة لكلّ كسب CPA، وخصوصًا مع المعلنين الذين يعرضون منتجات ملائمة لجمهور الموقع، وقد تندرج هذه الطريقة أيضًا تحت مظلّة التسويق بالعمولة.
تتراوح أنواع الإعلانات بين ما هو متطفِّل ومزعج للمستهلكين وبين ما هو أقل إزعاجًا، كما تختلف وسائل الدفع فيها، فمنها ما يصب في مصلحة الناشر، ومنها ما يصب في مصلحة المعلِن. وبأي حال من الأحوال، فلابدّ عند تخطيط أيّ حملة إعلانيّة من معرفة آليات الدفع المستخدَمة، وأنواع الإعلانات التي يقدّمها الناشرون، كما يمكن الاستعانة بالشركات المتخصّصة في تقديم الخدمات الإعلانيّة والإعلاميّة.
خوادم وشبكات الإعلان
خوادم الإعلانات هي عبارة عن خوادم تخزِّن الإعلانات وتزوِّد الصفحات الإلكترونيّة بها، وقد تكون هذه الخوادم محليّةً وخاضعةً لسيطرة الناشر بحيث يستخدمها لتزويد المواقع الموجودة في نطاقه بالإعلانات، كما قد تكون تابعةً لطرف لثالث بحيث تزوِّد المواقع الإلكترونيّة بالإعلانات بغضّ النظر عن نطاقها. وتسهّل هذه الخوادم نشر الإعلانات، كما تُوفِّر التقارير حول أدائها.
أمّا شبكة الإعلان فهي عبارة عن مجموعة من المواقع الإلكترونيّة التي تُتيح شراء الإعلانات ضمن حزمة واحدة، وفي هذه الحالة قد تكون المواقع تابعةً لنفس الناشر (فعلى سبيل المثال، تتبع مواقع "أي أو إل" AOL، و"سي ان ان" CNN، و"سبورتس إلسترايتد" Sports illustrated جميعها لشركة "أي أو إل/ تايم وارنر" AOL/Time Warner، كما يمكن لهذه المواقع أن تكون منفصلة، ولكنها تشترك في ممثل واحد.
تلعب شبكة الإعلان دور الوسيط بين المعلنين والناشرين، وتقدّم الحلول التقنيّة لكليهما، وليس ذلك فحسب، فهي توفر خادمًا مركزيًا لتزويد المواقع التابعة لها بالإعلانات، كما تُتيح إنشاء إعلانات مستهدفة، وتتبُّعها، وإنتاج التقارير حول أدائها.
فوائد خوادم الإعلان
عوضًا عن توزيع نسخة من الإعلان على جميع الناشرين، تستطيع إرسال سطر برمجي لاستدعاء الإعلان مباشرةً من خادم الإعلان في كلّ مرّة يظهر الإعلان فيها، كما تستطيع وكالات الإعلانات تحميل الإعلانات إلى الخادم مرّةً واحدةً، والتحكُّم بعد ذلك بترتيب ظهورها، وإضافة إعلانات جديدة دون الحاجة إلى التواصل مجددًا مع الموردين.
تُقدِّم خوادم الإعلان بيانات متنوّعة تشمل عدد الانطباعات، والإعلانات التي حصلت على نقرات، ومعدّل النقر، وتكلفة كلّ نقرة، كما تمتلك معظم خوادم الإعلان القدرة على قياس أداء الإعلانات حتى بعد النقر عليها، ويشمل ذلك قياس عدد المبيعات، والزبائن المحتملين، وعدد مرّات التحميل، وغير ذلك من الإجراءات التي قد يرغب المُعلن بقياسها.
كذلك توفِّر خوادم الإعلان أساسًا موحَّدًا لقياس أداء الحملة الإعلانيّة بأكملها، والموازنة بين أداء المواقع المختلفة، كما تتميّز بقدرتها المتقدّمة على استهداف فئات محدَّدة من الجمهور والمستخدِمين.
التتبع
يُعَدّ التتبع أبرز ما يميِّز الإعلانات الإلكترونيّة عن اللوحات الإعلانيّة المنتشرة في الشوارع، إذ يستطيع المعلن معرفة عدد مرات مشاهدة الإعلان الإلكتروني (الانطباعات)، وعدد مرّات نجاح الإعلان في استقطاب الزوّار إلى الموقع الإلكتروني (النقرات)، ويستمر التتبع حتى بعد نقر المستهلك على الإعلان لمعرفة مدى نجاحه في جلب المزيد من الإيرادات إلى الموقع (التحويل).
وعلاوةً على تتبُّع الانطباعات والنقرات، توفِّر شبكات الإعلانات أيضًا معلومات حول الأشخاص الذين شاهدوا الإعلان أو تفاعلوا معه، وفيما يلي بعض المعلومات التي توفرها:
نوع الاتصال؛ المتصفِّح المستخدم؛ نظام التشغيل؛ الوقت؛ مزوّد خدمة الإنترنت ISP.
لماذا تُعَدّ معرفة نوع الاتصال والمتصفِّح الذي يستعمله المستخدمون مهمةً من وجهة نظرك؟ كيف يمكن للإعلانات في الولايات المتّحدة أن تختلف عن الإعلانات في جنوب إفريقيا؟
تستخدم العديد من خوادم الإعلان ملفّات تعريف الارتباط لتتبُّع انطباعات الإعلان، وليس معدَّل النقر فحسب، وهو ما يتيح تتبُّع التحويلات الكامنة (خلال مدّة ملف تعريف الارتباط). وتساعد شبكات الإعلان المعلنين باستخدام هذه المعلومات على تحسين الاستهداف، وتخصيص حملاتهم الإعلانية لتحقيق الاستفادة القصوى منها.
ملفّات تعريف الارتباط هي ملفّات نصية تسمح للموقع الإلكتروني بتسجيل معلومات المستخدمين، أمّا مدّة ملف تعريف الارتباط فهي مدّة تخزين هذه المعلومات في الموقع الإلكتروني، ولمزيد من المعلومات حول ملفّات تعريف الارتباط، يُرجى مراجعة المقال الرابع "التسويق بالعمولة".
الاستهداف والتخصيص
تُزوِّد شبكات الإعلان المواقع الإلكترونية بالإعلانات، كما تُتابع المستخدمين الذين يزورون تلك المواقع باستخدام ملفّات تعريف الارتباط (الكوكيز) أو باستخدام عناوين الـ IP، ومعنى ذلك قدرة شبكات الإعلان على تزويد المعلنين بالأمور التالية:
- تحديد عدد مرات الظهور Frequency Capping: تحدِّْد الشبكة عدد مرات ظهور الإعلان الواحد أمام المستخدم في ذات الجلسة؛
- الترتيب Sequencing: تتأكد الشبكة من عرض الإعلانات أمام المستخدِم وفق الترتيب المحدَّد.
- الحصريّة Exclusivity: تتأكد الشبكة من عدم عرض إعلانات من شركات متنافسة مباشرةًً على ذات الصفحة.
- سلاسل الإعلانات Roadblocks: تُتيح الشبكة للمعلن امتلاك 100% من المساحة الإعلانية في الصفحة.
تُمثِّل الخصوصيّة قضيةً مهمةً، لذلك يجب أن تظلّ المعلومات التي تجمعها الإعلانات حول المستخدمين سريّة، بحيث لا تستخدم المواقع الإلكترونيّة ملفّات تعريف الارتباط لتتبُّع معلومات الزوار فحسب، وإنما لتذكُّر اختياراتهم المفضلة أيضًا، مثل: اللغة، والموقع الجغرافي. وفي حال اختار المستخدمِ عدم القبول بملفّات تعريف الارتباط من شبكات الإعلان، فستعتمِد تلك الشبكات على عناوين الـ IP لتتبُّع المواقع التي يزورها. ورغم بقاء هذه المعلومات سريّةً، إلا أن بعض المستهلِكين لا يشعرون بالارتياح تجاه تحليل عادات التصفُّح الخاصّة بهم، كما يشعرون بأنهم سيحصلون على إعلانات أفضل دون ذلك.
تستطيع شبكات الإعلان استهداف فئات محدَّدة من المستهلِكين، وذلك بناءً على القواعد التجارية الخاصة بالمعلِنين، أو بناءً على الملفّات الشخصيّة للمستخدمين، وتتنوّع أنواع الاستهداف على النحو التالي:
- الاستهداف الجغرافي: تمتلك الإعلانات الإلكترونيّة القدرة على استهداف أسواق محدَّدة بالدولة، أو المنطقة، أو المدينة، أو حتى بعنوان الـ IP؛
- نظام التشغيل ونوع المتصفِّح: تتيح الإعلانات الإلكترونيّة أيضًا استهداف أسواق محدَّدةً بناءً على نظام التشغيل الذي يستخدمه المستهلكون في تلك الأسواق، مثل: ميكروسوفت ويندوز، أو ماك، أو أس، أو لينكس، أو أوبونتو. أو بناءً على نوع المتصفِّح، مثل: فايرفوكس، أو إنترنت إكسبلورر، أو سفاري؛
- نوع الاتصال: يمكن أيضًا تجزئة المستخدمين واستهدافهم وفقًا لنوع اتصالهم بالإنترنت، مثل: الاتصال عريض النطاق، أو اتصال الطلب الهاتفي؛
- اليوم والوقت: يستطيع المعلِنون اختيار موعد نشر إعلاناتهم باليوم والساعة والدقيقة، ويعتمد اختيار التوقيت عادةً على طبيعة المنتج أو الهدف من الحملة الإعلانيّة؛
- الاستهداف الاجتماعي: تجمع المواقع الإلكتروني في هذا النوع من الاستهداف بيانات شخصيّة عن المستخدمين، ومن ثم تُزوِّد كلّ مستخدم بإعلانات ملائمة له. حيث تسمح شركة فيسبوك على سبيل المثال للمعلنين باختيار مواصفات المستخدِمين الذين يرغبون بعرض الإعلان عليهم؛
- الاستهداف السلوكي: تُنشئ شبكات الإعلان ملفًا خاصًا بكلّ مستخدم، وذلك باستخدام معلومات المواقع الإلكترونيّة التي زارها في السابق، ومن ثمّ تستخدم هذا الملف لتحديد الإعلانات التي يجب عرضها على ذاك المستخدم، وتعتمد شبكات الإعلان في هذا النوع من الاستهداف على ملفّات تعريف الارتباط وعناوين الـ IP، فقد تختار إحدى شبكات الإعلان عرض إعلانات حول التأمين على الحيوانات الأليفة في موقع إخباري مثلًا، وذلك لأن المستخدم الذي يزور الموقع قد زار في السابق القسم الخاص بالحيوانات في إحدى المواقع؛
- الإعلان السياقي: يستنتج خادم الإعلان في هذه الحالة طبيعة الإعلانات التي سيعرضها بناءً على محتوى الصفحة، فإذا كان المقال يتحدث عن قضاء عطلة باستخدام الدراجات الجبليّة في أوروبا مثلًا، فقد تختار الشبكة عرض إعلانات لدراجات جبليّة جديدة، أو إعلانات من شركات السفر حول رحلات إلى أوروبا، أو ربما إعلانات حول تأمين السفر.
ينطوي الإعلان السياقي على مشاكل في بعض الأحيان، إذ يمكن لإعلان لفنادق هيلتون الشهيرة مثلًا أن يُعرض بجانب خبر اعتقال المغنية الأمريكيّة باريس هيلتون، وقد عُرضت إعلانات بالفعل حول اليخوت إلى جانب خبر يتناول إعصار كاترينا المدمِّر الذي ضرب مدينة نيو أورلينز الأمريكيّة.
الشكل 3.4: الإعلان السياقي قد يكون مضحكًا في بعض الأحيان
بورصة الإعلانات Advertising Exchanges
تُقيم شبكات الإعلانات أيضًا بورصةً للإعلانات يستطيع الناشرون فيها طرح المساحات الإعلانيّة غير المباعة للبيع بأعلى سعر، ويحاكي هذا النوع من الإعلان نموذج الدفع لكلّ نقرة PPC، ولكن المناقصة ليست على الكلمات المفتاحيّة وإنما على المساحة الإعلانيّة، وملفّات جمهور المستخدمين، وتسمح هذه الطريقة للناشرين ببيع المساحات الإعلانيّة لديهم بأعلى سعر ممكن، كما تتيح لصغار المعلنين استخدام هذه المساحات الإعلانيّة.
ترجمة وبتصرف للفصل Online Advertising من كتاب eMarketing: The Essential Guide to Online Marketing.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.