اذهب إلى المحتوى

الاستفادة من المشاعر والمشاهير للرفع من مستوى تذكر الهوية التجارية


محمد أحمد العيل

قال الناقد السينمائي روغر إيبر (Roger Eber): "ربّما تتشوّش قدراتك العقليّة مرّة، إلّا أنّ مشاعرك لن تكذب عليك أبدا".

تنطبق المقولة السابقة على أبحاث التسويق والدّعاية. إنْ استطعت فهم ردّ الفعل الشعوريّ الحقيقيّ لشخص على مقطع فيديو، أو منتج، أو موقع ويب، أو أيّ محتوى آخر، فسيمكنك التنبّؤ على نحو أدقّ بكيفيّة تحوّل تلك المشاعر إلى أفعال.

مالذي يجعل المشاعر بهذه الخصوصيّة؟ تؤكّد دراسات كثيرة على أنّ المشاعر تؤدّي دورًا حيويًّا في قدرتنا على على حفظ المشاعر وتذكّرها. المشاعر هي آليّة بقاء حسب مفهوم نظريّة التطوّر: تحمي مشاعر الخوف من المخاطر في حين تعزّز المشاعر الإيجابيّة سلوك التجرأ على الأخطار، المفيد للبقاء على قيد الحياة. كما أوضح باحثون أنّ البشر فطريًّا أكثر ميلًا إلى الأحداث أو الصوّر الشعوريّة منهم إلى الأحداث أو الصوّر المحايدة.

ليس مفاجئًا، من هذا المنطلق، وجودُ اتّجاه تسويقيّ ودعائيّ يجرّب وينشئ محتوى مثيرًا شعوريّا. سواء تعلّق الأمر بالميمة (Meme) التي ألهمت إعلان Sarah McLachlan لمحاربة العنف ضدّ الحيوانات الذي اشتهر بتأثر المشاهدين به حدّ البكاء، أو إعلانات السوبر بول (Super Bowl) الهيستيريّة التي أصبحت حدثًا في ذاتها؛ فإنّ الهويّات التجاريّة التي تثير ردود أفعال شعوريّة جارفة أسهلُ تذكّرًا – بالنسبة اللمشاهدين – كثيرًا من غيرها، وفي آخر المطاف هم أكثر تجاوبًا معها.

لكن، كيف يمكننا إثبات الأمر؟ وكيف يمكن – بسرعة - قيّاس التأثير الشعوريّ الذي يحدثه المحتوى؟

استخدمنا أداة Sticky لمعرفة ذلك. تسمح هذه الأداة لفرق التسويق برؤية ما يراه المستخدمون فعليًّا، وفهم ما يشعرون به.

وجدنا تلازُمًا (Correlation) بين تذكّر الهويّة التجاريّة وأوج الإجابة الشعوريّة للمشاهدين. تهدف الدراسة إلى معرفة كيف تؤثّر المشاعر ووجود مشاهير في إعلانات العودة إلى المدارس على تذكّر الهويّة التجاريّة لخمس شركات كبرى وهي: Target، و Walmart، و GAP، و Old Navy (تظهر فيه الممثّلة Amy Schumer)، و Old Navy، و Staples.

اتّبعنا المنهجيّة التاليّة:

  • استهدفنا 461 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 25 و60 سنة، وهم آباء أو أمّهات يعدّون المنفقين الأساسيّين على عائلاتهم. أرسُلت الدراسة إلى المشاركين عبر الشبكة، وأجروها عن بعد.
  • طُلِب من المشاركين مشاهدةُ واحد من إعلانات العودة إلى المدارس الستة التي تبلغ مدّة كلّ واحد منها 30 ثانيّة، وتتشابه من حيث قدر ظهور الهويّات التجاريّة (الشعار والحوارات).
  • قبل المشاركون استخدام المنصّة لكاميرات أجهزتهم من أجل تتبّع حركات العين وتعابير الوجه خلال الدراسة.
  • سُئل المشاركون ثلاثة أسئلة خلال استبيان تكميلي، بعد مشاهدة مقاطع الفيديو وهي: عن أي شركة يتحدّث الفيديو؟ ما احتمال أن تشتري منتجًا من هذه الشركة لابنك أثناء فترة العودة إلى المدارس؟ ما مدى استحسانك لهذا الفيديو؟.

أظهرت النتائج التوجّهات التاليّة:

  • وجود تلازُم بين قدرة المشاركين على تذكّر الهويّة التجاريّة في الإعلان وأوج الإجابة الشعوريّة للمشاهدين.

  • نتج عن مقاطع الفيديو ذات الأوج الشعوريّ المتشابه نسب تذكّر متقاربة (Walmart و Target).
  • أدّى إشراك شخصيّة مشهورة إلى إحداث دفعة لتذكّر الهويّة التجاريّة (Old Navy مقابل Staples).
  • ليس ضروريًّا أن يثير الإعلان مشاعر إيجابيّة ليكون له تأثير على تذكّر الهويّة التجاريّة (أثار إعلان GAP "الاشمئزاز" في أوج الإجابة الشعوريّة).

01_brand-recall-graph.png

الأوج الشعوري (Peak emotion) هو النقطة التي عبّر عندها أغلب المشاركين عن نفس الشعور. تذكّر الهويّة التجاريّة (Brand recall) هو التذكّر غير الموجّه للهويّة التجاريّة المعروضة في الإعلان.

تأثير الضحك

يوجد أدناه مقطع من إعلان Staples في فترة العودة إلى المدارس، الذي يبرز أغنيّة عيد الميلاد الشهيرة "إنّها أجمل أيّام السنة" (It’s The Most Wonderful Time of the Year). يُظهر الإعلان أبًا يرقُص بفرح في ممرّات المتجر في حين يتثاقل أبناؤه خلفه، يظهر عليهم الإحباط والفتور. ليس مفاجئًا أن تكون ردّة فعل الآباء إيجابيّة على الفيديو الذي يجمع بين ما قد يشعر به الآباء من تحمّس لعودة أبنائهم للمدارس، وفتور الأطفال.

يظهر الأوج الشعوري مبكّرًا في الإعلان، مع أوج شعوري قيمته 9% بعد 8 ثوان فقط، ممّا يؤثّر على مشاعر المشاهدين ويؤدّي إلى نسبة تذكّر تبلغ 91%.

 

 لاحظ في المقطع المُصوّر أعلاه كيف يتغير مركز الانتباه خلال إعلان Staple.

تأثير المشاهير

توجد أدناه صورة متحرّكة لإعلان Old Navy الذي تظهر فيه الممثّلة Amy Schumer. استخدم الإعلان الكوميديا للوصول إلى المشاهد، ليس هذا فقط، بل إنّ 89% من المشاهدين تتبّعوا الممثّلة خلال مقطع الفيديو. حدث ذلك كثيرًا عندما تكون الممثّلة داخل إطار الصورة، ممّا يؤكّد أن شهرتها كانت سببًا أساسيًّا للفت الانتباه البصري. تتماشى هذه الملاحظة مع التوقّع بأنّ إبراز شخصيّة مشهورة يُشعِر بالثقة والألفة تُجاه الهويّة التجاريّة، ممّا يزيد من احتمالات تذكّرها، وبالتالي نيّات الشراء.

رغم أنّ إعلان Staples حقّق أوجًا شعوريًّا أعلى، إلّا أنّ حضور Amy Schumer منح إعلان Old Navy دفعة لتذكّر تمكن ملاحظتها في النتائج (96 % مقابل 91 %).

كان بمقدورنا كذلك ملاحظة تأثير الشهرة بالتمعّن في إعلانيْن من Old Navy، أحدهما توجد فيه شخصيّة مشهورة، وأخرى لا توجد به. بوجود الشخصيّة المشهورة أدّى الأوج الشعوريّ الأعلى عند 7.5 % ووجود الشخصيّة إلى الوصول لنسبة تذكّر بلغت 96 %. في غيّاب الشخصيّة المشهورة، أدّى الأوج الشعوريّ الأدنى قليلًا (7 %) إلى نسبة تذكّر بلغت 86 %.

 يُظهرالمقطع المُصوّر أعلاه كيف يتغير مركز الانتباه خلال إعلان Old Navy بوجود الممثّلة.

04_brand-recall-schumer.png

لقطة شاشة تظهر الانتباه البصري الأعلى (اللون الأبيض والأزرق) ضمن منطقة الانتباه.

يمكننا الاستنتاج، انطلاقًا من هذه الدراسة، أنّ الجمع بين إثارة شعوريّة معتبرة، وحضور شخصيّة مشهورة يمكن أن يرفع من إمكانيّة تذكّر الهويّة التجاريّة إلى الحدّ الأقصى، وبالتالي احتمال شراء منتجاتها. وفّرت الدراسة إثباتات حيويّة على هذه المبادئ الدعاية المتعارف عليها.

على الرغم من أنّ النتائج المعروضة هنا ليست ثوريّة، إلّا أنّها تذكير جيّد لكلّ مسوِّق، أو مُعلن، أو مدير تجاري أو باحث تسويق أنّه يتعامل مع كائنات بشريّة تتفاعل مع المحتوى طوال اليوم على الشاشات وفي الواقع الملموس؛ سواء تعلّق الأمر باللوحات الإعلانيّة في الشوارع، أو إعلانات إنستاغرام المُوجَّهة، أو الإعلانات التجاريّة على التلفزيون أو غيرها.

لا يتذكّر الناس أشياء، وبالتالي يتجاوبون معها، إلّا إذا أثارت لديهم إجابة شعورية.

ترجمة – بتصرّف – للمقال Leveraging emotions and celebrity to increase brand recall لصاحبه Joey Goldberg.

 

 


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...