اذهب إلى المحتوى

العوامل النفسية المؤثرة على سلوك المستهلك


Mohamed Lahlah

يتعرض المستهلك إلى جملة من العوامل الّتي تؤثر في تصرفاته وتُوجهُ سلوكه نحو ما هو مطروح من سلع وخدمات، وازدادت الأمور تعقيدًا مع التطور التقني الكبير الّذي شهدناه من تسعينيات القرن الماضي والّذي رافقه صعود الإنترنت وظهر لدينا كواكب جديدة مثل كوكب فيسبوك وكوكب إنستغرام والعديد من الكواكب الأخرى، وكلّ واحدٍ من هذه الكواكب لها قوانينها، ولها سكانها ولها بيئتها المنعزلة عن الكواكب الأخرى، ويحاول جميع المسؤولين عن هذه الكواكب أن يأسروا انتباه السكان بشتى الأنواع؛ فتارة بجلب الشخصيات المشهورة والمؤثرين إلى هذا الكوكب، وتارة ببث جميع أنواع المُلهيات من برامج ومسلسلات وأفلام متنوعة، في محاولة منها لإبقاء المستهلك أكبر قدر من الوقت في كوكبها لعرض إعلاناتها ورسائلها وخدماتها والكثير من الأمور الأخرى التي تهدف إلى إفراغ جيب المستهلك من المال وتعبئة جيوب أصحاب هذه الكواكب، والأمر لا يقتصر على هذه الكواكب فحسب بل إن جميع الشركات التجارية لها نفس الهدف ودائمًا ما تسعى إلى شدّ انتباه المستهلك إلى منتجاتها بشتى الطرق والوسائل القانونية المتاحة.

سنتعرف في هذا المقال على مختلف العوامل النفسية التي من شأنها التأثير على سلوك المستهلك وقراره في الشراء.

العوامل النفسية السيكولوجية

يعد علم النفس الإطار الأمثل لتحليل ودراسة سلوك الأفراد حيال المنتجات والخدمات فشراء نوع معين من المنتجات لا يأتي إلا لتلبية لحاجة داخلية نفسية بحسب علماء النفس، وإن اختيار منتج معين من علامة تجارية محددة دون اختيار منتج آخر يعود إلى مجموعة من الخصائص والسمات النفسية الخاصة بالفرد والّتي تتمثل في:

الدوافع

من العوامل المهمة الّتي تساعد المسوقين في النجاح في تسويق سلعهم وخدماتهم هي الدراسة المتعمقة للمستهلكين ومعرفة دوافعهم في شراء المنتجات والعلامات التجارية المختلفة إذ إن معرفة أسباب الشراء تساعد المسوقين على تصميم المنتجات الصحيحة الّتي تلبي حاجات ورغبات المستهلكين والاختيار الصحيح للمكانة الذهنية للعلامة التجارية وأسس تجزئة أسواق المستهلكين كما تساعد على معرفة المثيرات أو المغريات المناسبة لاستخدامها في الإعلان عن المنتجات.

ويمكننا تعريف الدوافع النفسية بالتعريف التالي:

اقتباس

"هي القوة المحركة الكامنة في الأفراد والّتي تدفعهم للسلوك باتجاه معين وتمكنهم من التعرف على البيئة وتفسير المعلومات المتعلقة بهذه البيئة".

ويمكن أن تختلف الدوافع من شخص لآخر وذلك بحسب المنتج الّذي سيشتريه وبحسب الشخص أيضًا وبحسب ظروف شراء المنتج.

يوجد العديد من التصنيفات الخاصة بالدوافع ومن أشهرها نذكر:

  1. الدوافع العقلية: وهي الدوافع العقلية والموضوعية الّتي تدفع المستهلك لشراء منتج أو خدمة معينة مثل السعر أو الجودة أي أن قرار الشراء جاء بعد دراسة وتخطيط مُسبق.
  2. الدوافع العاطفية: تظهر في حالة ما إذا كان اتخاذ قرار الشراء بدون دراسة أو تخطيط مسبق فنقول أنه دافع عاطفي.
  3. الدوافع الأولية: هي الأسباب الّتي تدفع المستهلك نحو شراء منتج معين بغض النظر إلى العلامة التجارية مثل اندفاع المستهلك لشراء مدفأة في فصل الشتاء بسبب البرد.
  4. الدوافع الانتقائية: هي الأسباب الّتي تدفع المستهلك نحو تفضيل علامة أو أسم تجاري معين دون آخر.
  5. دوافع التعامل: وهي الأسباب الّتي تدفع المستهلك نحو التعامل مع متجر معين دون المتاجر الأخرى.

2.PNG

يذكر بأنه هنالك العديد من التصنيفات الأخرى للدوافع ولكن معظمها يدور في هذا الأفق.

الحاجات

إن الحاجة هي شعور الإنسان بنقص معين، وتنقسم أنواع الحاجات في الإنسان لقسمين وهما:

  1. الحاجات الفطرية: هي تلك الحاجات النفسية الّتي تولد مع الفرد وترافقه طول حياته مثل الحاجة للطعام والماء والهواء واللباس وعمومًا لا تستقيم الحياة الإنسانية بدون حد أدنى من إشباع هذه الحاجات الأساسية.
  2. الحاجات المكتسبة: هي الحاجات الّتي نتعلمها من خلال رحلة الحياة وتشمل الحاجة للاحترام والتقدير والهيبة والحب والسيطرة والتعلم، وغالبًا ما تكون هذه الحاجات نفسية إذ تنتج عن حالة الشخص النفسية وعلاقته بالآخرين.

أهم النظريات الّتي اهتمت بدراسة الدوافع والحاجات

يوجد العديد من النظريات الّتي اهتمت بالدوافع والحاجات أهمها نظرية فرويد ونظرية أبراهام ماسلو.

نظرية فرويد

يركز فرويد على الغرائز الجنسية إذ يُعدُ الحاجة إلى الدوافع الغريزية لدى الفرد ويجعل منها منبها لجميع الحاجات إذ تمرر الدوافع في قنوات متعددة للسيطرة عليها وإنهاء حالة التوتر الّتي تخلفها لدى الفرد أو على الأقل التخفيف منها. وتتمثل هذه القنوات في:

  • الإسقاط: الاعتقاد بأن الآخرين يمتلكون نفس الأحاسيس الّتي لديه.
  • التشبه: تقليد الآخرين في سلوكهم فالبعض ريما يستحم بنوع شامبو معين تقليدًا لقدوة أعلى لديه يستحم بنفس الشامبو.
  • تفريغ طاقات كبيرة في ممارسات مقبولة اجتماعيًا: وهي ما تمليه الدوافع من تصرفات يمكن أن تكون مقبولة اجتماعيًا مثل الرياضة الصيد أو الجري أو كرة القدم …إلخ.

نظرية أبراهام ماسلو

حاول ماسلو تفسير لماذا الأفراد يوجهون ببعض الحاجات في أوقات محددة واقترح ما يعرف بهرم ترتيب الاحتياجات الانسانية، إذ يرتب في هذا الهرم الحاجات بحسب درجة الأولوية بدءًا بالحاجات الفيزيولوجية ومرورًا بحاجات الأمن والأمان والحاجات الاجتماعية إلى حاجات التقدير وأخيرًا بحاجات تحقيق الذات وهي على الشكل التالي:

  • الحاجات الجسدية: مثل المأكل والمشرب والملبس.
  • حاجات الأمن والأمان: مثل الشعور بالاطمئنان والبعد عن الأخطار والاستقرار والحماية …إلخ.
  • الحاجات الاجتماعية: مثل الحاجة إلى الانتماء إلى مجموعة والحاجة إلى تكوين صداقات.
  • حاجات تقدير الذات: مثل الحاجة إلى الشعور باحترام الآخرين وتقديرهم والحاجة للشهرة.
  • الحاجة إلى إثبات الذات: مثل الطموح والأهداف.

وبحسب نظرية ماسلو فإن الحاجات الّتي تقع في المستوى الأعلى من الهرم لا تظهر إلا بعد إشباع الحاجات الواقعة في المستوى الأدنى غير أنه من الناحية العملية لا يمكن الفصل بين حاجات كلّ مستوى من المستويات الّتي يتضمنها هرم ماسلو لأن معظم الحاجات مرتبطة ببعضها بعضًا.

ويمثل ماسلو الحاجات في ما يعرف بهرم ترتيب الاحتياجات والّذي يأخذ الشكل التالي:

3.png

يذكر أن هنالك العديد من النظريات الأخرى الّتي حاولت تفسير الدوافع منها نظرية هيتربرغ ونظرية الحاجات الثلاثية لماكيلان والعديد من النظريات الأخرى، وبالتأكيد لا يمكننا القول بأن نظرية ماسلو أفضل من بقية النظريات وإنما كل نظرية لها وجهة نظر جديرة بالملاحظة والاطلاع.

الإدراك

يعرف الإدراك بأنه العمليات المعرفية الّتي تتعلق باستقبال وانتقاء وتسجيل وتصنيف المثيرات والبيانات والمعلومات والحقائق الموجودة في البيئة المحيطة وتحليلها وتفسيرها لغرض التوصل إلى معانٍ ومفاهيم يمكن أن تختلف عن الواقع اختلافًا كبيرًا.

ويبدي المستهلك عادة مستويين من الاستجابة للمؤثرات في البيئة المحيطة وهما:

  • الاستجابة الحسية أو الوجدانية: وترتبط إلى حد كبير بالإحساس.
  • الاستجابة الإدراكية: وترتبط بالنواحي العقلية.

وكلا النوعين من الاستجابة مهم لفهم سلوك المستهلك فمثلًا بالنظر إلى الصورة الّتي يملكها المستهلك عن العلامة التجارية ما نلاحظ أنها تتضمن نواحي إدراكية عقلية مثل المعلومات والمعتقدات حول خصائص العلامة بالإضافة إلى نواحي وجدانية تتمثل بالمشاعر تجاه العلامة وعلى المسوّق أن يفهم كلا النوعين من الاستجابة لتطوير الاستراتيجيات التسويقية الصحيحة إذ يوجد العديد من المنتجات الّتي يتأثر تقييمها بالنواحي الوجدانية مثل المثلجات والعطور …إلخ.

تتصف عملية الإدراك بمجموعة من الخصائص وهي:

  • الإدراك ذاتي أو غير موضوعي: فما يدركه الفرد ليس الحقيقة وإنما تصوره لها، ونظرًا لاختلاف الأشخاص وقدراتهم فإن إدراكهم لنفس الحقائق أو المثيرات حولهم مختلف.
  • الإدراك اختياري: نتيجة القدرة المحدودة للفرد على إدراك الأشياء من حوله فهو لا يستطيع إدراك كلّ ما هو ممكن إدراكه في وقت واحد.
  • الإدراك مؤقت: يدوم لفترة قصيرة فمن الصعب أن تجذب المثيرات اهتمام الفرد لفترات طويلة لذا يحتاج المسوق للتكرار لتحقيق المستوى المطلوب من الإدراك كما في حالة تكرار الرسالة الإعلانية.
  • الإدراك تجميعي: أي أن الفرد يستطيع إدراك مجموعة من الأشياء في وقت واحد وتجميعها وربطها ببعضها، مثل إدراك المستهلك لمجموعة مجتمعة مثل مبنى ومنتجات وعاملين على أنها متجر.

تبدأ عملية الإدراك باستقبال الفرد للمثيرات الحسية من خلال إحدى حواسه الخمس أو بعضها وتختلف حساسية الأفراد للمثيرات تبعًا لعدة عوامل منها كفاءة حواسه وقوتها وكذلك قوة المثير الحسي نفسه ويرشح الفرد هذه المؤثرات الّتي تعرض لها فيعبر انتباهه لما يهمه ويتجاهل ما لا يهمه، وتتأثر عملية الترشيح هذه بحاجاته والمؤثرات الّتي تعزز إحساسه بالرضا والسعادة وتزيد من إحساسه بالسلام الداخلي، وكذلك المؤثرات الّتي تتفق مع تجاربه وخبراته السابقة.

وعندما ينتبه الفرد إلى مثير ما ويوليه اهتمامه تنتقل المعلومات الخاصة به إلى المخ فيعالجها ويستوعبها ويشكل معنى معينًا لها وبذلك تتكون لديه صورة ذهنية أو انطباع معين عنه وهذا يعني في النهاية أن الإدراك الحسي يختلف من شخص لآخر.

4.PNG

التعلم

يمكن تعريف التعلم بأنه "كافة الإجراءات والعمليات المستمرة والمنتظمة والمقصودة وغير المقصودة لإعطاء أو إكساب الأفراد المعرفة والمعلومات الّتي يحتاجون إليها عند شراء ما هو مطروح من أفكار أو مفاهيم أو سلع أو خدمات بالإضافة إلى تعديل أفكارهم ومعتقداتهم ومواقفهم والأنماط السلوكية نحو الأشياء".

يمكن من هذا التعريف ملاحظة أن التعلم يتألف من مراحل عديدة وهو مستمر ومتغير ويمكن أن يكون غير مقصود عن طريق المصادفة دون أي جهد من الأفراد المتعلمين من خلال منبه ما، ويمكن أن يكون مقصودًا ويحدث ذلك من خلال التفكير والملاحظة والخبرة العملية.

يعد الكشف عن دوافع المستهلكين جزء أولي من مرحلة التسويق إلا أن المرحلة الأصعب هي دفع المستهلكين بالاستجابات السلوكية المطلوبة للتعلم، ومن هذا المنطلق توجب علينا معرفة كيفية التعلم لتعليم المستهلكين كيفية عمل المنتج أو الخدمة وما إلى ذلك.

يمكن تعريف التعلم على أنه "التغير في سلوك الفرد الناتج عن تجربة". وهو أيضًا "عملية تغيير في تصرفات الشخص نتيجة للمعلومات والخبرة والتدريب".

هو التغييرات الّتي تحدث في سلوك الفرد نتيجة الخبرة وإن للتعلم أربع مبادئ وهي على الشكل التالي:

  • الدافع: يجب أن يتوفر الدافع لدى المتعلم حتى يستطيع أن يتعلم.
  • الإيحاءات: يجب أن يتلقى المستهلك المعلومات أو تقدم وتوفر له من مصدر معين بطريقة مباشرة من شخص أو غير مباشرة، حتى يتعلم وتكون لديه خاصية المعرفة.
  • الاستجابة: وهي ردة فعل المستهلك للدافع الّذي يتعرض له سواءً بالقبول أو الرفض.
  • التعزيز: أي تثبيت المعلومات الّتي تعلمها المستهلك في ذهنه لتعزيز عملية التعلم.

كيفية التعلم

اختلف الباحثون حول كيفية تفسير عملية التعلم وعمومًا هنالك ثلاث مدارس رئيسية تفسر عملية التعلم وهي على الشكل التالي:

  1. المدرسة السلوكية Behavioral Learning
  • التعلم الشرطي الإجرائي Instrumental Conditioning.
  • التعلم الشرطي التقليدي Classical Conditioning Learning.
  1. مدرسة التعلم الإدراكية Cognitive Learning School.
  2. التعلم بالملاحظة Observational Learning School.

5.PNG

لا نستطيع في هذه المقال تسليط الضوء على كافة المدارس التعليمية لأن تفاصيلها كثيرة متنوعة وكل مدرسة لها ما لها وعليها ما عليها ومثل هكذا مواضيع لا يسعها كتب فكيف يسعها مقال! وعمومًا تختلف المدراس التعليمية اختلافًا واضحًا وملموسًا بين علماء السلوك حول ماهية التعلّم وتعريفه فمنهم من يرى بأن التعلم عبارة عن الاستجابة لما يتعرض له الأفراد من منبهات ترتبط بالبيئة المحيطة بهم مثل علماء المدرسة السلوكية ومنهم من يرى بأن التعلم هو عملية إدراكية عقلية معقدة تجري فيها عمليات تحليل المعلومات بطريقة موضوعية وهذا توجه علماء المدرسة الإدراكية ومنهم من يرى أن التعلم يحدث نتيجة ملاحظة سلوك الآخرين وما يترتب على سلوكهم من عواقب مثل علماء مدرسة التعلم بالملاحظة.

ترتبط عملية التعلم مع طريقة معالجة المعلومات في العقل من خلال:

  • الذاكرة الحسية Sensory Memory.
  • الذاكرة العاملة أو قصيرة المدى Short Term Memory.
  • الذاكرة طويلة المدى Long Term Memory.
  1. الذاكرة الحسية Sensory Memory: وهي عندما يحصل الفرد على بعض المعلومات من البيئة المحيطة به تنتقل هذه المعلومات إلى الذاكرة الحسية الّتي تتكون من مجموعة من المستودعات الحسية المرتبطة مباشرة بالحواس، تتجه المعلومات إلى المستودع الحسي المناسب وتبقى هناك لفترة قصيرة جدًا لا تتعدى الثانية الواحدة يفقد الفرد بعدها تلك المعلومات ما لم يعطها انتباهه وإذا اهتم بها ذهبت إلى الذاكرة قصيرة المدى والّتي تسمى بالذاكرة العاملة لمعالجتها هناك.
  2. الذاكرة العاملة أو قصيرة المدى Short Term Memory: هي المركز الّذي تجري فيها العمليات مثل معالجة المعلومات وتحليلها والموازنة بين البدائل واتخاذ القرار الشرائي، تصل المعلومات إليها من مصدرين وهما الذاكرة الحسية والذاكرة طويلة المدى تأتي من الذاكرة الحسية في حال المعلومات حصل عليها الفرد من البيئة المحيطة، وتأتي من الذاكرة طويلة المدى في حال استرجاع بعض المعلومات الّتي خزنت من قبل.

بعد عملية التحليل والموازنة بين البدائل يستخدم المستهلك المعلومات بحسب أهميتها له فإما أن تُهمَل وتُنسَى وإما أن ترسل إلى الذاكرة طويلة المدى لتخزينها في المخطط الذهني المناسب Schema، ويجب التنويه هنا إلى أن زيادة المعلومات عن حد معين يسبب إثقال الذاكرة قصيرة المدى بالمعلومات وإجهادها مما يؤثر على كفاءتها في معالجة المعلومات.

  1. الذاكرة طويلة المدى Long Term Memory: وظيفتها الأساسية تخزين المعلومات المستوعبة لفترات زمنية طويلة وتتميز بقدرتها على احتواء كميات كبيرة وغير محدودة من المعلومات إذ تخزن المعلومات المعالجة على شكل وحدات إدراكية مكونة من المعلومات المترابطة منطقيًا مع بعضها بعضًا وتسمى هذه الوحدات الإدراكية بالمخططات الذهنية ولا يستفيد المستهلك من المعلومات المخزنة في هذه الذاكرة في عملية القرار إلا عندما يسترجعها.

6 (3).PNG

الاتجاهات

إن للاتجاهات تعريفات عديدة نذكر منها: هي حالة ذهنية حيادية للاستعداد للاستجابة تنظم من خلال الخبرة وتترك تأثيرًا ديناميكيًا موجهًا على سلوك"، وتنقسم الاتجاهات إلى بدورها إلى ثلاث مكونات رئيسية وهي على الشكل التالي:

  1. المكون الإدراكي: وهو ما يعرفه الفرد عن المنتج الّذي هو محور الاتجاه.
  2. المكون العاطفي: وهو مجموعة المشاعر والميول الّتي تتكون لدى الفرد بناءً على ما يعرفه عن المنتج الّذي هو محور الاتجاه.
  3. المكون السلوكي: وهو يعبر عن السلوك أو التصرف الّذي يبديه الفرد نحو شيء معين بناءً على معلوماته ومعارفه ومشاعره أو ميوله تجاه ذلك الشيء.

يوضح الشكل التالي المكونات الثلاثة للاتجاه.

7.png

عند تكوين المستهلك لاتجاه معين نحو منتج ما فإنه يجمع المعلومات حول هذا المنتج ثم يكون شعورًا إيجابيًا أو سلبيًا اتجاه ذلك المنتج وأخيرًا فإن سلوكه نحو ذلك المنتج يعتمد على شعوره اتجاهها فإذا كان شعورًا إيجابيًا فعندها سيشتري المنتج وأما إن كان سلبيًا فسيبتعد عنه ولن يشتريه.

استخدام الاتجاهات في الاستراتيجيات التسويقية

يستطيع المسوق الاستفادة من دراسة اتجاهات المستهلكين في إعداد الاستراتيجيات التسويقية، وهنا نميز بين نوعين من الاستراتيجيات وهما:

  1. استراتيجيات التكيف.
  2. استراتيجيات التغيير.
1. استراتيجيات التكيف
  • تعزيز اتجاهات المستخدمين الحاليين للمنتج أو العلامة التجارية وغالبًا ما يستخدم الإعلان للحفاظ على اتجاهات العملاء الحاليين وتعزيز ولائهم للعلامة.
  • جذب مستخدمين جدد لنفس العلامة عن طريق بناء اتجاهات إيجابية نحوها لدى غير المستخدمين وذلك عبر إظهار مزايا العلامة وخصائصها باستخدام عناصر المزيج التسويقي.
  • بناء مكانة ذهنية للعلامات الجديدة في أذهان العملاء الحاليين وذلك بهدف خلق تفضيل واتجاهات إيجابية لديهم نحو العلامة التجارية الجديدة، فمثلًا حاولت شركة كوكاكولا بناء مكانة لِمشروبها الغازي قليل السعرات الحرارية لدى العملاء الحاليين المستخدمين لِمشروباتها الأخرى بهدف خلق تفضيل لديهم نحو هذا المشروب الجديد.
  • بناء مكانة ذهنية للعلامات الجديدة في أذهان العملاء الجدد وذلك بهدف خلق تفضيل واتجاهات إيجابية لديهم نحو العلامة الجديدة وهي استراتيجية يلجأ لها المسوقون عندما يدخلون أسواق جديدة بمنتجات جديدة.

8.PNG

2. استراتيجيات التغيير

قبل البدء بالتفصيل في استراتيجيات تغيير اتجاهات المستهلك لا بدّ لنا من الأخذ بعين الاعتبار بعض العوامل عند تغيير الاتجاهات ومنها:

  • تغيير الاتجاهات أسهل من تغيير الحاجات.
  • تغيير المكون الإدراكي للاتجاه أسهل من تغيير المكون العاطفي إذ إن التغيير في المعتقدات يسبق التغيير في عملية التقييم (المكون العاطفي) لذلك تصمم معظم الرسائل الإعلانية على أساس تغيير المعتقدات من خلال تقديم معلومات للمستهلك عن خصائص العلامة التجارية المعلن عنها فإذا تلقى المستهلك رسائل تقنعه بفاعلية العلامة التجارية ومزاياها ربما تتغير اتجاهاته نحوها.
  • تغيير الاتجاهات الضعيفة أسهل من تغيير الاتجاهات القوية فالاتجاهات الضعيفة نحو علامة تجارية ما يمكن أن تتغير من خلال الإعلان فالمستهلك غير متأكد من تقييمه للعلامة التجارية ويمكن أن يتأثر بالإعلانات عنها إنما الاتجاهات القوية المبنية مثلًا على تجربة شخصية للمستهلك من الصعب تغييرها.
  • من السهل تغيير الاتجاهات لدى المستهلك بخصوص المنتجات ذات الارتباط المنخفض Low-Involvement Product عن تلك ذات الارتباط المرتفع High-Involvement Product فالمنتجات ذات الأهمية بالنسبة للمستهلك والتي مستوى ارتباطه بها عالي تفترض قيامه بعملية جمع المعلومات وبذل جهد في تصنيف المعلومات وتقييم البدائل وبالتالي يصعب تغيير الاتجاهات الّتي تكونت بناء على معرفة عميقة بالمنتجات والعلامات وخصائص كل منها.
  • تغيير الاتجاه أسهل لدى المستهلكين الذين يملكون معلومات مبهمة عن منتج أو علامة تجارية معينة إذ يشكو الكثير من المستهلكين من مشكلة عدم توفر معلومات صريحة حول المنتجات المتاحة وخاصة لو كانت البدائل كثيرة والمعلومات المتاحة ذات مستوى فني مرتفع وبالتالي لا يستطيع المستهلك تقييمها وهنا أي محاولة لرجل التسويق لإيضاح المعلومات ستؤدي إلى تغيير المعتقدات.
  • يسهل تغيير الاتجاهات في حال التضارب لأن المستهلك يسعى لحل هذا التناقض وإحداث نوع من التوازن الداخلي مثلًا يمكن أن يكون لدى المستهلك اتجاه إيجابي نحو السيارات كبيرة الحجم إنما يعتقد بأن السيارة الصغيرة توفر في الوقود هذا يؤدي إلى حل الى حاولة المستهلك حلّ هذا التناقض من خلال تغيير أحد الاتجاهين أو كليهما فمثلًا يطور المستهلك اتجاهات سلبية نحو زيادة استهلاك الوقود والذي سيغير اتجاهه نحو السيارات الكبيرة وسيصبح اتجاهه سلبي نحوها.

يوجد نوعين من استراتيجيات تغيير الاتجاهات وهما:

  1. استراتيجيات تغيير الاتجاهات قبل الشراء: يحاول المسوق تغيير اتجاهات المستهلك نحو تقدير خاصية معينة في العلامة التجارية فمثلًا يحاول إقناع المستهلك بأن الطعم غير المستساغ لمعجون الأسنان يعكس فعالية قوية له. أو يغير احساسه بالمنتج أو العلامة التجارية وتفضيله لها بدون الإشارة إلى صفاتها أو خصائصها الوظيفية كأن يظهر في إعلان للمشروبات الغازية مجموعة من الأصدقاء الذين يشربونها في جو من المرح بعد الفوز في مباراة مما يؤدي للربط بين المرح والنجاح وهذا المشروب، أو تغيير نوايا الشراء عن طريق استمالة المستهلك نحو السلع الّتي يحمل اتجاهات محايدة أو سلبية تجاهها باستخدام أدوات تنشيط المبيعات مثل التخفيضات السعرية والعينات المجانية والكوبونات.
  2. استراتيجيات تغيير الاتجاهات بعد الشراء: وتهدف هذه الاستراتيجيات لمواجهة الإعلانات التنافسية ومن أهمها استراتيجيات تقليل التنافر والّتي تسعى لتقليل حدة التنافر الّتي يشعر بها العميل بعد الشراء من العلامة التجارية مثل شعور الشك في صحة قراره وتكون محور هذه الاستراتيجية هي من خلال توفير معلومات إيجابية للمستهلك بعد الشراء ليُتأكد من حُسن اختياره وذلك عبر:
  • تقديم معلومات إضافية ومقترحات للحفاظ على المنتج من خلال الإعلان.
  • تقديم ضمانات على المنتج لتقليل الشك فيه بعد الشراء.
  • التأكيد على جودة الخدمة ومتابعة شكاوى العملاء.
  • متابعة العملاء بعد الشراء للتأكد من قدرتهم على الاستخدام الصحيح للمنتج ورضاهم عنه.

الشخصية

تُعرَف الشخصية بأنها نمط ردود الفعل أو الاستجابات المستقرة والمتوقعة من الفرد والّتي تميزه عن غيره من خلال طريقة إدراكه وأفعاله وتفاعله مع البيئة المحيطة به. وتتمثل أركان الشخصية في:

  • التميز: الشخصية تختلف من فرد لآخر لذلك يتميز الشخص بخصائص وسمات تختلف عند غيره من الأشخاص.
  • الحركية: هي نتيجة تفاعل الفرد مع البيئة المحيطة به.
  • الشمول: الشخصية تنظم سمات وخصائص الفرد وتلعب دورًا أساسيًا في تصرفاته وردود أفعاله واستعداداته للقيام بالفعل في المواقف المختلفة.

ومكونات الشخصية هي:

  • الأنا: وهي مجموعة من الاحتياجات والغرائز الأولية للفرد، والّتي تحتاج للإشباع الفوري يتصف سلوكها بالواقعية في التعامل مع الآخرين سعيًا وراء إشباع الحاجات.
  • الذات: وهي عبارة عن ضمير الفرد ودرجة تحكمه بكل ما يؤثر به من منبهات داخلية وخارجية.
  • الأنا العليا: تعبر عن الانطباعات والقناعات الداخلية الموجودة لدى الأفراد عن أخلاقيات المجتمع وبالتالي فإن الأفراد يسعون إلى تلبية الحاجات بما يرضي المجتمع والقيم الّتي يؤمنون بها. ومن المحددات الّتي تتأثر بها الشخصية نذكر:
  • المحددات البيولوجية: وتشمل الوراثة والمخ ومعدل النضج.
  • محددات العائلة والمجتمع الصغير: وتشمل عملية التطويع الاجتماعي والبيئة المنزلية وترتيب الفرد في العائلة وتأثير الأفراد الآخرين.

سمات الشخصية وعلاقتها مع سلوك المستهلك

أدرك الباحثيون في مجال سلوك المستهلك مدى ارتباط الشخصية بكيفية شراء واختيار المستهلكين للمنتجات أو العلامات التجارية وتطور الشركات الكبيرة اختبارات شخصية مفردة ومختارة لاستخدامها في دراسات سلوك المستهلك. ومن بين أنواع السمات الشخصية المقاسة بين معظم الشركات هي:

  1. درجة الابتكار.
  2. الحاجة إلى المعرفة.
  3. مستوى المادية.
  4. الروح الوطنية والتعصب العرقي.
1. درجة الابتكار Consumer Innovativeness

تعني إلى أي حد يتقبل أو يتبنى السلع أو الخدمات أو الممارسات الجديدة بالنسبة له، ويجب أن يتعلم المسوقون كل ما يتعلق بهذه النوع من الشخصية لدى المستهلكين فالمستهلك المنفتح على الأفكار أو الجديدة ليس بمثل الشخص المحافظ الذي يتمسك بأفكاره القديمة ويستصعب التغيير لذلك فالمستهلك المبتكر مندفع لتجربة منتجات أو خدمات أو ممارسات جديدة وهم عادة ما يكونون النواة الأساسية لنجاح المنتجات الجديدة.

يمكننا قياس الابتكار لدى الفرد المستهلك:

  • أنا آخر شخص في دائرة المعارف أو الأصدقاء الّذي يشتري منتج جديد حال ظهوره.
  • إذا سمعت بوجود منتج جديد في السوق سأكون مهتمًا بشرائه.
  • سأشتري المنتج الجديد حتى ولو لم أسمع به من قبل. وعمومًا هنالك بعض السمات الشخصية الّتي أثبتت فائدتها في التمييز بين المبتكرين وغير المبتكرين من المستهلكين منها:
    • الشخصية الاجتماعية Social Character: وهنا يقسم الأشخاص إلى نوعين وهما الموجهون ذاتيًا اللذين يميلون  إلى الاعتماد على قيمهم الداخلية ويتمتعون بدرجة أعلى من الابتكار ويفضلون الإعلانات الّتي تركز على خصائص المنتج ومنافعه. والموجهون بالآخرين، اللذين يميلون  إلى الاعتماد على الآخرين وتوجيهاتهم ويتمتعون بدرجة أقل من الابتكار ويفضلون الإعلانات الّتي تركز على قبول الاجتماعي الّذي يمنحه استهلاك أو شراء المنتج المعلن عنه.
    • الحاجة للتفرد Need For Uniqueness: وهي السمة المتعلقة بالمستهلكين الذين يتجنبون الانصياع أو التوافق مع توقعات الآخرين ومعاييرهم.
    • الميل للبحث عن التجارب الحسية Sensation Seeking Tendency: يشير البحث عن التجارب الحسية إلى الحاجة للأحاسيس والخبرات المتنوعة والمعقدة والاستعداد لتحمل المخاطر الجسدية والاجتماعية من أجل مثل هذه التجارب ومن خلال هذا الميل نستطيع التنبؤ بمجموعة واسعة من السلوكيات المتعلقة ببحث الأفراد وانجذابهم إلى أنشطة مرتفعة الخطورة مثل القيادة المتهورة وتعاطي الكحول.
2. الحاجة إلى المعرفة Need For Cognition

وهي توق الشخص أو حبه للتفكير وهنا نميز نوعين من الأشخاص الاشخاص البصريين Visualizers والأشخاص الشفويين Verbakizers ويعني ميل الشخص إلى تمثيل المعلومة بالصور أو بالكلام على التوالي، فمثلًا نلاحظ أن الأفراد الميالين إلى الحاجة إلى المعرفة عندهم مرتفعة يفضلون الإعلانات الغنية بالمعلومات المتعلقة بالمنتج بينما ينجذب الأفراد ذوي الميل المنخفض للمعرفة أكثر للصور وخلفيات الإعلان.

3. النظرة المادية Consumer Materialism

وهي درجة المادية الّتي يتصف بها العميل والأشخاص الماديين يتباهون بممتلكاتهم ويركزون على أنفسهم ويتصفون بالأنانية ويمتلكون الكثير من الأشياء الّتي لا تقود بالضرورة إلى الشعور بالسعادة. وعمومًا يميز الباحثون في سلوك المستهلك في هذا السياق النظرة المادية للمستهلك نوعين من الاستهلاك:

  1. سلوك الاستهلاك الثابت Fixed Consumption Behavior: وهم الأشخاص الذين لديهم اهتمام كبير وعميق ببعض المنتجات أو فئات المنتجات ويخصصون كمية كبيرة من الوقت والجهد والمال للبحث عن هذه المنتجات وشرائها، فمثلًا نجد أن بعض المستهلكين يواظبون على شراء فئات معينة من المنتجات مثل جامعي القطع المعدنية.
  2. الشراء القهري Compulsive Consumption Behavior: وهم الأشخاص الخارجون عن السيطرة أو لا يمكنهم التحكم بأنفسهم عندما يتعلق الأمر بالشراء وربما يقومون بالأعمال الّتي قد تؤدي إلى عواقب أو نتائج سلبية عليهم أو على من حولهم.
4. الروح الوطنية والتعصب العرقي Consumer Ethnocentrism

ترتبط الروح الوطنية بصورة كبيرة بعلاقة عكسية مع نية شراء المنتجات الأجنبية ويعبر مقياس الروح الوطنية عن درجة قبول أو رفض المستهلك للسلع الأجنبية المستهلكون ذوي الروح الوطنية المرتفعة يشعرون أنه من الخطأ شراء المنتجات المصنعة خارج بلدهم. فهم يعتقدون أنه من الخطأ شراء منتجات ليست محلية الصنع ظنًا منهم بأن ذلك سيزيد من العاطلين عن العمل في بلدهم متناسين بحقيقة أن المنتجات الأجنبية تزيد من الضغط على المنتجات المحلية لتحسين الجودة والسعر والخدمات …إلخ وعمومًا إن التعصب للعرق أو للمنتجات الوطنية يختلف من بلد لآخر وبإمكان المسوقين جذب المستهلكين من هذه الفئة من خلال التأكيد على الموضوعات القومية في جهودهم التسويقية.

بهذا نكون قد تعرفنا على أهم العوامل النفسية المؤثرة على سلوك المستهلك، حيث تعمقنا في شرح تأثير الدوافع والحاجات والإدراك والتعلم والشخصية والاتجاهات على سلوكه

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...