واحدةٌ من أصعب الحقائق التي يجب على روّاد الأعمال استيعابها عند بدء عمل تجاريّ جديد هي أنّ الموارد الماليّة، والبشريّة محدودة. ولحسن الحظ، توجد العديد من تقنيّات التّسويق المتاحة لرواد الأعمال والّتي تتطلّب أكثر قليلاً من جرعةٍ جيّدة من المساهمة بالجهد والعمل، وسنتعرف في هذا المقال على مجموعة من التقنيات والأدوات التسويقية التي يستخدمها رواد الأعمال للوصول إلى الريادة.
التسويق غير التقليدي (تسويق حرب العصابات)
صاغ هذا المصطلح كاتب الأعمال، والإستراتيجيّ جاي كونراد ليفينسون في عام 1984، إذ يشير تسويق حرب العصابات إلى الأساليب الإبداعيّة للتّسويق الّتي تسعى للحصول على أقصى قدر من الظّهور، من خلال وسائل غير تقليديّة. وغالبًا ما يشير تسويق حرب العصابات إلى تنظيم نوعٍ من الأحداث، أو التّفاعل المصمّم لجذب الانتباه إلى علامة تجاريّة أو منتج، بحيث يكون الهدف منه إثارة اهتمام المستهلكين، من خلال التّميز عن رسائل المبيعات العاديّة، وآلاف الإعلانات الّتي يرونها كلّ يوم، إذ عادةً ما تحتوي هذه الأساليب على مكونّ يشجعّ العملاء المحتملين على التفاّعل مع شركة، أو منتج بطريقةٍ ممتعة.
دينيس كراولي، رائد الأعمال الصّدفي الّذي علّم نفسه البرمجة، وتعرّض للتّسريح من قبل جووجل (Google)؛ أثناء عمله على موقع التّواصل الاجتماعيّ دودجبول (Dodgeball)، كان قادرًا على إنشاء لعبة فورسكوير (Foursquare)- بمعنى أربعة مربّعات-، وتنميتها من خلال استخدام تقنيّات التّسويق غير التّقليديّ، فقد استخدم تطبيقه هذا -القائم على البحث واكتشاف الأعمال القريبة- في مهرجان ساوث باي ساوث ويست (SXSW) للأفلام والموسيقى المُقام في أوستن، تكساس. وكانت الفكرة هي وضع لعبة فورسكوير حقيقيّةً أمام قاعة المؤتمر، والّتي أدت أيضًا إلى زيادة الوعي بالتّطبيق (الشكل 8.8). حيث حقّقت الألعاب نجاحًا فوريًا وجذبت الآلاف من المشاركين الّذين لعبوا طوال اليوم، وإذا كان شخصٌ ما لا يعرف ما هي اللّعبة، فقد ساعدهم فريق تسويقٍ مكوّن من 11 شخصًا في العثور عليها على هواتفهم، حيث أسفرت جهودهم عن مئة ألف مشاهدة للتّطبيق في ذلك اليوم وحده، وقد تحقّق هذا كلّه بتكلفة صندوقٍ من الطّباشير، وكُرتين من المطّاط. وعلى الرّغم من امتلاك الشركة للكثير من الاستثمارات للمساعدة على إجراء عمليّاتها، إلّا أنّ تسويق حرب العصابات كان وسيلةً ذكيّةً، ومفيدةً لجعل المستخدمين يختبرون التّطبيق، ويستمتعون به.
الشكل 8.8: حقّقت فكرة الّتسويق غير التّقليدي مئة ألف مشاهدةً جديدة لتطبيق فورسكوير في مهرجان ساوث باي ساوث ويست للموسيقى والأفلام في أوستن، تكساس. حفظ الحقوق: من التقاط betsyweber/Flickr تحت ترخيص CC BY 2.0
وفي مثالٍ آخر على هذا النّوع من التّسويق، فقد برز خلال السّنوات القليلة الماضية الحشد المفاجئ (The flash mob)، وهو تجمّع النّاس في مكان عامّ لأداء عملٍ ما، سواء كان ذلك رقصًا، أو عرضًا ترفيهيًّا، أو موقفًا سياسيًا، أو نوعًا من التّعبير الفنّيّ الّذي ينقل رسالةً إلى الجمهور لفترةٍ وجيزةٍ من الزّمن، حيث يأتي تنظيمه عبر مكالمات وسائل التّواصل الاجتماعيّ، أو رسائل البريد الإلكترونيّ بهدف جمع عددٍ كافٍ من الأشخاص للقيام به، وقد استخدمت الشّركات هذه الحشود المفاجئة استخدامًا فعّالاً لخلق الوعي، والتّذكير بعلاماتها التّجاريّة.
التسويق عبر العلاقات
من بين الاختلافات الرّئيسية بين العلامات التّجارية الرّاسخة والشّركات النّاشئة، حاجة تلك الأخيرة إلى إنشاء، وتطوير علاقاتٍ مع العملاء الجدد، إذ تتمثّل إحدى طرائق تحقيق ذلك في التّسويق عبر العلاقات، والّذي يسعى إلى خلق ولاء العملاء من خلال التّفاعلات الشّخصيّة، وإستراتيجيّات المشاركة طويلة المدى، حيث يمكن لشركةٍ صغيرة محاولة إقامة علاقةٍ أَوْثق مع العملاء، عن طريق كتابة ملاحظات شخصيّة باليد، أو إرسال بريدٍ إلكتروني يشكرهم على أعمالهم، وكذا تقدير حضورهم باستخدام أسمائهم، أو ألقابهم عندما يأتون إلى المؤسسة، من خلال تقديم المشروبات، وخدماتٍ شخصيّة أخرى.
من أمثلة التّسويق عبر العلاقات في الشّركات الكبيرة، نذكر موس جو (شدق الوعل) MoosJaw، وهي شركة بيعٍ بالتّجزئة للملابس الخارجيّة للمشي، والتزلّج على الجديد. في مرحلة ما، أعاد أحد عملاء موس جو قطعة ملابسٍ اشتراها كهديّة لزوجته، وفي تفسيره للعودة، كتب، "لقد انفصلت عنّي زوجتي". ونظرًا لأنّ هذه فرصةً للتّواصل مع أحد العملاء، قرّرت الشّركة إرسال حزمة رعاية للرجل.
بعد بضعة أسابيع، تلقّى الرّجل شحنةً مفاجئة، مع ملاحظةٍ تشير لكونهم آسفين لانفصال زوجته عنه، لذلك قرّروا منحه هديّة، وقد احتوى الصّندوق على قمصانٍ وملصقات وأشياءٍ أخرى، مثل بطاقة فيها عبارات من موظّفي الشّركة، وقد أتى هذا الجهد أُكله عندما انتشر الموقف على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، ممّا أعطى الشّركة مزيدًا من الانكشاف والدّعم.
في طريقةٍ أخرى لتحافظ بها الشّركات على علاقاتها مع عملائها، نذكر الاعتماد على النّشرات البريديّة المنتظمة عبر البريد الإلكترونيّ، فبمقدور الشّركات استغلال سجلّ المبيعات، وبيانات السّوق الأخرى لتخصيص محتوى هذه الرّسائل الإخباريّة المجانيّة لتتوافق مع احتياجات، ومخاوف، ورغبات العملاء المستهدفين، بحيث يتيح لهم ذلك البقاء على اتّصالٍ مع عملائهم أثناء تطوير روابط قويّة، وولاء للعلامة التّجارية، حيث يمكن للشّركات النّاشئة الاستفادة في هذا من الخيارات المجّانيّة، أو بخسة الثّمن، والّتي تقدّمها شركات إدارة النّشرات البريديّة، مثل: ميل تشيمب (MailChimp)، وكونستنت كونتاكت (Constant Contact)، وماد ميمي (Mad Mimi)، وميل تشيمب ماركيتو(MailChimp Marketo)، وإنسايتلي (Insightly) وسلاك (Slack)، وسايلزفورس (Salesforce).
التسويق الاستكشافي
من بين أصعب جوانب ريادة الأعمال، البقاء في مجال الأعمال، والنموُّ في بيئة تنافسيّة للغاية، إذ تولد الشركات كلّ يوم بهدف صنع اسم لها من خلال توفير سلع، وخدمات أفضل، وإحدى الطّرائق الّتي قد تظلّ بها الشّركات الكبيرة، والصّغيرة مهمّة هي من خلال التّسويق الاستكشافيّ.
يشير التّسويق الاستكشافيّ إلى الإستراتيجيّات الّتي تهدف إلى نقل الشّركات القائمة ومنتجاتها إلى أسواق، ومناطق جديدة، كما يوحي الاسم، بوجود عنصر المخاطرة، والاكتشاف المتضمّن في إستراتيجيّات التّسويق السّريع، فهي تساعد الشّركة على النّمو في مجالاتٍ جديدة. وغالبًا ما يبدأ تحديد مكان، وكيفيّة الدّخول بفعاليّة إلى هذه الأسواق الجديدة بتحليل السّوق الحاليّ للشّركة، ومواردها الماليّة، والبشريّة، حيث يختار روّاد الأعمال أسواقًا جديدةً بناءً على المكان الذي قد تتمكّن فيه هذه الموارد من تلبية الاحتياجات غير الملبّاة، إذ تحتاج العديد من الشّركات الصّغيرة إلى الاستفادة من مكاسبها أثناء انتقالها إلى مناطق جديدة، وربّما أسواقٍ أكثر تنافسيّة، وقد يؤدّي الوعي بالتّغييرات إلى تعزيز التّخطيط، والبحث عن طرائق جديدة للتوسّع.
هذا النّوع من التّسويق مشابه جدًا للتّسويق الرّيادي، وغالبًا ما يشار إلى أحدهما باسم الآخر. غير أنّ التّسويق الاستكشافيّ يشمل الشّركات الحاليّة الّتي تواصل الابتكار؛ بينما يشمل التّسويق الرّياديّ أيضًا شركاتٍ جديدة، ويمكن اعتبار الشّركات الّتي نجحت في نقل أعمالها إلى أسواقٍ جديدة، والتّمحور المستمرّ لإنشاء منتجات جديدة للأسواق الحاليّة، والجديدة على أنّها شركاتٌ رياديّة، فالشّركات الكبيرة، مثل: آبل (Apple)، وجووجل (Google)، ودورب بوكس (Dropbox)، طوّرت منتجاتها باستمرار، ودخلت أسواقًا جديدةً لمواكبة المنافسة؛ وبالنسبة للشّركات الّتي فعلت ذلك بينما كانت صغيرة، مثل: بيرتش بوكس (Birchbox)، فهي تستخدم أيضًا هذه الطّريقة للنّموّ، وتجاوز المنافسين.
التسويق في الوقت الحقيقي
يحاول التّسويق في الوقت الحقيقيّ تحويل بيانات المبيعات المتاحة على الفور (الّتي يتم جمعها غالبًا من وسائل التّواصل الاجتماعيّ، والمواقع الإلكترونيّة، وأنظمة نقاط البيع وما شابه) إلى إستراتيجيّاتٍ معاصرة قابلة للتّنفيذ، حيث تستهدف المشهد المتغيّر لأذواق المستهلكين، وتوجّهاتهم. ومن بين الأدوات الّتي يمكن لروّاد الأعمال استخدامها لتأمين المعلومات نجد: التّحليلات من فيس بوك (Facebook)، وتويتر (Twitter)، وجووجل (Google)؛ بالإضافة إلى بيانات المبيعات الدّاخليّة. قد تتضمّن المعلومات تفضيلاتٍ لعلامة تجارية على أخرى، وأنماط الحياة، والسّلوك، وتكرار الشّراء، والمبلغ الّذي يتمّ إنفاقه بالدّولار. إذ يساعد هذا روّاد الأعمال على وضع استراتيجيّات تركّز على تزويد العميل بما يحتاجه في مجتمع الإرضاء الفوريّ اليوم، فعلى سبيل المثال، تُنشئ شركةٌ مثل بيرتش بوكس منشورًا على فيس بوك، أو تويتر بخصوص عرض ترويجيّ جديد، حيث يمكن بعد ذلك تأكيد عدد النّقرات الّتي يحصل عليها المنشور، وتحديد عمق المشاركة لكلّ منشور، فقد تكون النّقرات عبارة عن إعجاب، أو مشاركة، أو تعليق، أو عمليّة شراء يمكن تتبّعها على الفور دقيقةً بدقيقة، أو ساعةً بساعة، أو يومًا بعد يوم، وذلك اعتمادًا على طول مدّة العرض التّرويجي، حيث يسمح الوقت الفعليّ للمسوّق بتقييم الإجراءات الّتي يتّخذها المتابعون فور حدوث ذلك، ويعتمد النّجاح على الهدف الّذي حدّدته الشّركة. فعلى سبيل المثال، إذا توقّعت بيرتش بوكس في إحدى عروضها التّرويجيّة 1000 إعجاب، و100 مشاركة، و30 تحويلًا أو عمليّة شراء يوميًّا، فسيكون من السّهل جدًّا تتبّع ما إذا كانت الشّركة تحقّق هدفها، وهذا فقط من خلال النّظر إلى النّتائج كلّ ساعة، إذ يساهم هذا في جعل القياس، والتّغيير سهلين جدًّا؛ أمّا إذا لم تحصل إحدى المنشورات على النّتائج المرجوّة في الإعجابات، أو المشاركات، أو التّعليقات، أو التّحويلات في الإطار الزّمني المطلوب، فيمكن للشّركة إجراء تغييرات على التّواصل المرسل لتوفير حوافز مختلفة، مثل: تقديم خصم أكبر، أو استخدام لغة مختلفة، وصورة جديدة، ودعوة أفضل للعمل. وبالإضافة إلى ذلك، يتيح التتبّع في الوقت الفعليّ للشّركة أيضًا الردّ الفوري على التّغريدات، والتّعليقات من متابعيها، وهذا يتيح الاتصّال المباشر من العميل إلى الشركّة دون أيّ تدخّل، أو قيود زمنيّة.
التسويق الفيروسي
التّسويق الفيروسيّ (Viral marketing) هو أسلوب يَستخدم المحتوى الجذّاب على أمل مشاركة المشاهدين له على شبكاتهم الشّخصيّة، وشبكات التّواصل الاجتماعيّ، ثم ينتشر المحتوى النّاجح مثل الفيروس، ممّا يؤدّي إلى الانتشار السّريع لرسالة الشّركة.
يعدّ أهمّ عنصر في أيّ حملة تسويقيّة فيروسيّة هو تطوير محتوى لا يتوقّف التّفاعل معه على الإعجاب، أو التّعليق وحسب، بل يثير في النّاس شعورًا بضرورة مشاركته مع الآخرين، وبشكل عام، فالمحتوى الفيروسيّ بطبيعته ليس عرضًا للمبيعات، إنّما يميل إلى تحفظّه في إشارته إلى العناصر ذات العلامة التّجاريّة، وبهذا يحصد المنتج، أو العلامة التّجاريّة عرضًا مباشرًا بغدوّه جزءًا من محتوى يرغب النّاس في مشاهدته.
من أنجح الحملات التّسويقيّة الفيروسيّة حملة دوف (Dove) المعنْوَنة: "رسومات الجمال الحقيقيّ من دوف" على الرّابط: https://bit.ly/DoveSke. أين يرسم رسّام طبٍّ شرعيٍّ حقيقيّ وجوه نسوةٍ مرّتين: أولاهما حسب وصف النِّسوة لأنفسهنّ، والأخرى حسب وصف الآخرين، وتكتشف النّسوة بعد الاطّلاع على الرّسومات أنّ الصّور المبنيّة على أوصاف الآخرين كانت ألطف وأجمل. لم يذكر هذا الفيديو أبدًا أي منتج من منتجات دوف على الإطلاق. وقد كانت نتيجة هذه الحملة مذهلةً، حيث حصدت أكثر من 140 مليون مشاهدةً حول العالم، وأصبحت أفضل المقاطع المنتشرة سنة 2013، من خلال التّواصل مع العميل بطريقة عاطفيّة صادقة ودافئة، كما مكّنت هذه الحملة الشّركة من تتبّع النّتائج في الوقت الحقيقيّ، والإجابة على تعليقات المشاهدين في الوقت المناسب، مع تعزيز الوعي بالعلامة التّجاريّة.
وفي مثال آخر لحملة فيروسيّة فعّالة، نادي الحلاقة مقابل دولار (Dollar Shave Club)، تجدها على الرّابط: https://bit.ly/DolShaClu، حيث حصد أكثر من 26 مليون مشاهدةً على يوتيوب (YouTube) مقابل ميزانيّةٍ منخفضةٍ في مقطع فيديو ترفيهيّ من قبل مالك الشّركة التي تأسّست سنة 2011 في كاليفورنيا، بهدف توفير شفرات حلاقة منخفضة التّكلفة للرّجال كلّ شهر من خلال اشتراكهم في الخدمة، وقد حقّقت الشّركة نجاحًا كبيرًا لدرجة جعلت شركة يونيليفر (Unilever) تستحوذ عليها.
تكمن فائدة هذا النّوع من التّسويق في قدرته على الحصول على انتشار هائلٍ مقابل القليل من الجهد، أو الاستثمار. وذلك بمجرد تطوير المحتوى، لكن التّحدي يكمن في صعوبة التّنبؤ بالمحتوى الفيروسيّ النّاجح، فغالبًا ما ينشئ المسوّقون الفيروسيّون الكثير من المحتوى الذي لا ينتشر قبل العثور على محتوى يفعل ذلك.
التسويق الرقمي
يشير التّسويق الرّقمي إجمالًا إلى جميع جهود التّسويق الإلكترونيّ (عبر الإنترنت)، والّتي قد تشمل وسائل التّواصل الاجتماعيّ، والبريد الإلكترونيّ، ومواقع الويب، والمدوّنات، ومدوّنات الفيديو، وتحسين محرّكات البحث سيو (SEO)؛ إذ يعدّ هذا مجالًا مهمًّا ليستكشفه روّاد الأعمال، فتعلّم كيفيّة الاستفادة من القنوات الرّقمية، والتّحليلات عبر الإنترنت أمرٌ أساسيّ للبقاء في المنافسة في هذا العصر التّكنولوجيّ، فقد تجاوز الإنفاقُ على الإعلانات الرّقميّة الإنفاقَ على الإعلانات التّلفزيونيّة في السّنوات الأخيرة.
تشمل الإعلانات الرّقميّة الإعلانات الصّورية، والإعلانات على شبكة البحث، وإعلانات التّواصل الاجتماعيّ، وقد تكون هذه ناجحةً جدًّا في استهداف أشخاصٍ محدّدين في السّوق المستهدف، وعادةً ما تكون ميسورة التّكلفة أكثر من الإعلانات التّلفزيونيّة، فهي أرخص في صنعها، وعرضها من الإعلانات التّلفزيونيّة الّتي قد تكلّف ملايين الدّولارات للإنتاج، ووقت البثّ للوصول إلى عددٍ كبيرٍ من الناس، حيث تُعتبر الإعلانات الرّقميّة مهمّةً لروّاد الأعمال، فهي وسيلة فعّالة لإعادة توجيه حركة المرور إلى مواقع الويب الخاصّة بهم، واكتساب التّحويلات بميزانيّةٍ محدودة، إذ لا يهمّ حجم ميزانيتك، فبإمكانك شراء هذه الإعلانات بإستراتيجيّة لتكون فعّالة من حيث التّكلفة قدر الإمكان، كما قد تتراوح من بضعة دولارات إلى ملايين الدّولارات، حسب مواردك.
الإعلانات المصوّرة هي تلك الّتي تشبه اللاّفتات، وتعرض منتجًا، أو شركةً على موقع ويب بطريقة ملحوظة، حيث تأتي بأحجامٍ مختلفة، وقد يشتريها صاحب المشروع على مواقع ويب، أو محرّكات بحث تابعة لجهات خارجيّة توفّر مساحةً للإعلانات، وعادةً ما يكون الدّفع لهذه الإعلانات بنظام الدّفع بالنّقرة، ممّا يعني دفعك فقط مقابل المرّات الّتي ينقر فيها شخص ما على إعلانك، أو يمكنك الدّفع مقابل مرّات الظهور. ممّا يعني أنّك تدفع فقط مقابل عدد مرّات الإعلان يظهر على شاشات القرّاء.
أمّا الإعلانات على شبكة البحث، فعلى العكس من ذلك، فهي تلك الإعلانات النصيّة الّتي تراها أثناء البحث عن شيء ما في محرّك البحث، سواء كان ذلك على الحاسوب المحمول، أو الجهاز اللّوحيّ، أو الجهاز المحمول، وتعدّ كل من جووجل (Google)، وبينج (Bing)، وياهو (Yahoo!) أكبر ثلاثة محرّكات بحث توفّر للشّركات القدرة على إنشاء إعلانات مستهدفة للوصول إلى العملاء الّذين يبحثون عن شيء معيّن، ويكون إنشاء هذه الإعلانات عبر استخدام الكلمات المفتاحيّة المختارة إستراتيجيًّا لاستهداف الأشخاص الّذين يكتبونها في محرّك البحث، ويكون الدّفع من خلال نظام عروض الأسعار، ممّا يسمح للشّركة بتحديد المبلغ الّذي تدفعه مقابل عرض الإعلان في موضعٍ أفضل على صفحات عرض المحرّك.
تُعدّ إعلانات جووجل (Google Ads)، وتحليلات جووجل (Google Analytics)، من الأدوات التي تسمح للمسوّق الرّقمي بالبحث عن الكلمات المفتاحيّة الشّائعة، وإنشاء إعلانات، بناءً على هذه المصطلحات لاستهداف المستهلك المناسب. وتُعدّ هذه الأدوات جيّدة التّصميم، كثيرة التّعقيد، بحيث يستغرق الأمر بعض الوقت للتعرّف على جميع ميزاتها وقدراتها، ومع ذلك، فميزاتها الرّئيسية هي البحث عن الكلمات المفتاحيّة الصّحيحة، وإنشاء الحملات الإعلانيّة، وتتبّع نجاحها.
انتقل إلى محرّك البحث المفضّل لديك، وحاول البحث عن شيء ما (الشكل 9.8)، ما نوع الإعلانات الّتي تراها على شاشتك؟ أنشأ شخص ما على الجانب الآخر هذه الإعلانات للتواّصل معك، هل قاموا بعمل جيّد؟
الشّكل 9.8: أداة إعلانات Google فعّالة في الوصول إلى الجماهير المستهدفة اّلتي تبحث عبر الإنترنت عن منتجات معيّنة. تتمتّع منصّات التّواصل الاجتماعيّ أيضًا بخاصيّة السّماح للمستخدمين بإنشاء إعلانات مماثلة على أنظمتهم لاستهداف الأشخاص بناءً على سلوكهم، وإعجاباتهم، وملفّات تعريفهم، وعمليّات البحث عن المنتجات عبر الإنترنت، وقد زادت شعبيّتها مع انضمام المزيد من الأشخاص إلى المنصّات، وجمع المزيد من المعلومات عنهم.
أصبح التّدوين أداةً مهمّةً لأصحاب الأعمال، حيث يسمح لهم بمشاركة المعلومات حول شركاتهم، ومنتجاتهم، وخبراتهم في شكلٍ مكتوب، أو مصوّر، كما يُمكّن التّدوين روّاد الأعمال من إنشاء اسم لأنفسهم، خاصّةً عندما يكون المحتوى مفيدًا، وحينما يهتمّ النّاس بما يقوله المدوّن، حيث تشمل الإستراتيجيّات الّتي تساعد روّاد الأعمال في هذا الجانب على كلّ من: تخصيص الوقت للمدوّنة، وامتلاك مجال محدّد، واختيار موضوعات شيّقة تهمّ المدوّن والجمهور، واستخدام تقنيات أخرى للعلامات التّجارية، وتحسين محرّكات البحث الّتي تساعد المدوّنة على أن تصبح أكثر وضوحًا.
يعدّ التّسويق بالمحتوى موضوعًا مهمًّا للتّسويق الرّقميّ، حيث أصبح المحتوى أكثر أهميّةً في السّنوات الأخيرة، إذ يمكن عرض المحتوى كقصّة، أو مدوّنة، أو موقع إلكترونيّ، أو منشورات على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، أو نشرة بريديّة، أو مقالة، أو مقاطع فيديو، أو أيّ شيء آخر قادرٍ على نقل رسالة إلى المستهلك، فهو أداة قيّمة لتوزيع المحتوى المفيد، ويمكنها إشراك الجمهور المستهدف، وحثّهم على اتّخاذ نوع من الإجراءات، ويجب على رائد الأعمال أخذ الوقت الكافي لإنشاء محتوى مفيد للتّواصل مع العملاء الحاليّين والمحتملين عبر الإنترنت، كما يمكن لروّاد الأعمال أيضًا الاستفادة من المسوّقين المؤثرين لنشر المعلومات حول علاماتهم التّجارية، ويتضمّن ذلك الوصول إلى مشاهير وسائل التّواصل الاجتماعيّ، الّذين عادةً ما يكون لديهم ملايين المتابعين على يوتيوب، أو فيس بوك، أو إنستغرام، أو الأنظمة المماثلة. كان هذا أحد أكبر التوجّهات الحديثة في التّسويق، ومن المهمّ عند العمل مع المؤثرين إفصاحهم عن حصولهم على مقابل عن أيّ منتج، أو خدمة يتحدثّون عنها لتجنّب المخاطر القانونيّة.
التسويق عبر البريد الإلكترونيّ هو نوع من أنواع البريد المباشر، الّذي يتّصل بالمستهلكين بطريقة شخصيّة. فقد تحتوي رسائل البريد الإلكترونيّ على محتوى مفيد للمستهلكين، وعروض ترويجيّة، ونصائح تغريهم بتجربة منتج، أو إدراكه. وتقدّم العديد من منصّات التّسويق عبر البريد الإلكترونيّ خدماتٍ بأسعار في متناول الجميع، بما في ذلك كونستنت كونتاكت، وماد ميني، ومايل تشيمب، ودريب. حيث تسمح كلّ هذه المنصّات لرائد الأعمال بتحميل قائمة العملاء، أو العملاء المحتملين، وإنشاء حملات تسويق عبر البريد الإلكترونيّ مصمّمة خصّيصًا لكل سوق مستهدف، كما توفّر هذه الأنظمة الأساسيّة أيضًا مقاييسًا مفيدة، مثل: معدّلات الفتح، ونسب النّقر، والوقت المستغرق في مشاهدة الرسالة، ومعدّلات التحّويل، بحيث يمكن استخدام هذه المقاييس لتحديد فعاليّة الحملة.
التسويق الشفهي
يحدث التّسويق الشفهيّ (Word Of Mouth) أو اختصارًا (WOM) عندما يخبر عميل راضٍ عن تجربته الإيجابية مع سلعة، أو خدمة الآخرين عنها، وعلى الرّغم من كوْن التسويق الشفهي يشبه التّسويق الفيروسيّ، إلّا أنّه لا ينطوي على مشاركةٍ نشطة من جهة التّسويق، كما يكاد يقتصر على العملاء فقط؛ بينما يحاول التّسويق الفيروسيّ بناء الوعي، وتسليط الضّوء على منتجه في الغالب عبر مقاطع الفيديو، أو البريد الإلكترونيّ.
عندما يكون المستهلكون سعداء جدًا بمشترياتهم، فسيخبرون النّاس، سواء كان ذلك وجهًا لوجه، أو على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، بحيث تمتلك الشّركة سيطرةً أقلّ على هذا النّوع من التّسويق فهو يحدث تلقائيًّا، في حين أنّ التّسويق الشّفهيّ الفعّال قد يكون له تأثير كبير على مبيعات العلامة التّجاريّة، ورؤيتها، ومع ذلك فإنشاءه يعدّ أمرًا صعبًا، إذ يجب توفر رغبة من النّاس من تلقاء أنفسهم في الحديث عن منتجك.
تتمثّل إحدى طرائق تشجيع التّسويق الشّفهي في مطالبة العملاء الرّاضين بمساعدتك في نشر الحديث عن منتجك من خلال التحدّث إلى دائرة الأصدقاء والعائلة، أو من خلال مشاركة التّعليقات عبر الإنترنت، على المواقع الإلكترونيّة، أو من خلال البوّابات، أو عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وغالبًا ما تُضمّن الشّركات منتجاتها المشحونة بدعوة إجراء تحثّ المستخدم على نشر المراجعات على موقعها، أو على الموقع الّذي اشتروا منه المنتج، أو على مواقع المراجعة العامّة، مثل: يالب (Yelp).
يحتاج روّاد الأعمال الذين يقومون بهذا إلى التأكّد من مراقبتهم لما يُقال عن أعمالهم، حتّى لا تقوّض التّعليقات السيّئة جهودهم التّسويقيّة، ولهذا تسمح العديد من هذه المواقع للشّركات بمعالجة المراجعات السيّئة وحلّها، وهي طريقة جيّدة لتحويل موقف قد يكون ضارًّا إلى موقف يؤدّي إلى حسن النية، ّوالاعتراف الإيجابيّ بالعلامة التّجاريّة، فمثلًا: شركة لولوليمون متخصّصة في اليوجا وملابس الرّياضة، وتعرف جيّدًا أهميّة آراء العملاء، لذا تتيح على موقعها الفرصة لترك تعليقات حول كلّ قطعة ملابس، فيما يتعلّق بالحجم، والملاءمة، والجودة، وسهولة الاستخدام، وعلى الرّغم من جودة ملابس لولوليمون العالية مازال بعض العملاء يشاركون بتعليقاتهم عن تجاربهم السّلبيّة على الموقع، بحيث تُبادر الشّركة بالاعتذار عن التّجربة السّلبيّة، وتعيد توجيه المستهلك غير الرّاضي إلى بريدٍ إلكترونيّ لتنقل المحادثة خارج الموقع، وهذا يتيح للشّركة إجراء تعديلات مع العميل، مع تأمّل إزالته للتّعليقات السّلبيّة إذا كان من الممكن حلّ المشكلة. يلخّص الجدول 3.8 تقنيات التّسويق الرّياديّة. تقنيّات التّسويق الرّياديّة
تقنية التّسويق | الوصف | مثال |
---|---|---|
التّسويق غير التّقليدي (حرب العصابات) | يهدف إلى اكتساب أقصى قدر من الظهور من خلال الأحداث غير التّقليدية. | الحشود المفاجئة |
التّسويق عبر العلاقات | يخلق ولاء العملاء من خلال التّفاعل الشّخصي. | التّواصل المخصّص لكلّ فرد من العملاء. |
التّسويق الاستكشافيّ | يسعى إلى نقل الشّركات والمنتجات القائمة إلى أسواق جديدة. | المحاور التي تنشئ منتجات جديدة أو تجذب أسواقًا جديدة. |
التّسويق في الوقت الحقيقيّ | يسعى إلى تحويل بيانات المبيعات المتوفّرة على الفور إلى إستراتيجيّات لحظيّة قابلة للتّنفيذ تستهدف المشهد المتغّير لأذواق المستهلكين واتجاهاتهم. | تحليل النقرات أو "الإعجابات" وتعديل المنشورات أو العروض استجابةً لذلك. |
التّسويق الفيروسيّ | يستخدم المحتوى الجذّاب على أمل مشاركة المشاهدين له على شبكات التّواصل الشّخصية والاجتماعيّة. | العلامة التّجارية المضمّنة بتحفّظ في القصص التي يرغب المستخدمون في مشاركتها |
التّسويق الرّقميّ | يستخدم إستراتيجيات التّسويق عبر الإنترنت . | الإعلانات عبر الإنترنت، واستخدام تحسين محرّك البحث (SEO) |
التّسويق الشّفهيّ WOM | يعتمد على رغبة العملاء الرّاضين في إخبار الآخرين بتجربتهم الإيجابيّة. | مراجعات العملاء عبر الإنترنت |
الجدول 3.8
ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurial Marketing and Sales) من كتاب Entrepreneurship.
اقرأ أيضًا
- المقال التالي: مفهوم الإيسام الريادي وتطوير العلامة التجارية في العملية التسويقية
- المقال السابق: البحث في السوق والتعرف على فرصة السوق والسوق المستهدف
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.