في سلسلة المقالات هذه سنتعلم معًا أساسيات البرمجة بلغة Java، وأثناء ذلك سنتعلم أيضًا طرائق جديدة للتفكير، وتحليل المشكلات إلى أجزاء صغيرة، وكتابة خوارزميات وحلول منهجية لها.
إن مهارة حل المشكلات هي أهم مهارة لأي طالب علوم حاسوب، وكما سنرى معًا، تعلم البرمجة سيفيد كثيرًا في تطوير هذه المهارة.
ما هي البرمجة؟
البرنامج هو سلسلة من التعليمات التي تحدد كيفية تنفيذ عملية حسابية. قد تكون العملية الحسابية رياضية، مثل حل جملة معادلات أو إيجاد جذور كثير حدود. وقد تكون أيضًا معالجة رموز، مثل البحث عن نص واستبداله في مستند أو ترجمة برنامج آخر. تختلف التفاصيل بين لغة وأخرى، لكن بعض التعليمات الأساسية تظهر في جميع لغات البرمجة تقريبًا.
الإدخال (input): تحصيل البيانات من لوحة المفاتيح، أو من ملف، أو من حساس، أو من جهاز آخر.
الإخراج (output): عرض البيانات على الشاشة، أو إرسالها إلى ملف أو إلى جهاز آخر.
الحساب (math): تنفيذ العمليات الحسابية الأساسية مثل الجمع والقسمة.
اتخاذ القرارات (decisions): التحقق من شروط معينة وتنفيذ التعليمات المناسبة لكل حالة.
التكرار (repetition): تنفيذ عمل ما بصورة متكررة، عادة مع وجود تغيير.
صدق أو لا تصدق، هذا كل شيء تقريبًا. أيَّ برنامج استعملته من قبل، مهما كان معقدًا، بُنِيَ من تعليمات صغيرة تشبه هذه التعليمات. وهكذا يمكنك اعتبار البرمجةبأنها عملية تجزئة المهام الكبيرة والمعقدة إلى مهام جزئية أصغر وأصغر. وتستمر العملية حتى نصل إلى مهام جزئية بسيطة بما يكفي لتنفيذها بالتعليمات البسيطة التي يوفرها الحاسوب.
ننصحك بالرجوع إلى مقال تعلم البرمجة لمزيد من التفاصيل حول البرمجة عمومًا وكيفية دخول المجال.
ما هي علوم الحاسوب؟
أحد أهم نواحي كتابة البرامج هو تحديد طريقة حل مشكلة ما، خصوصًا إذا تعددت الحلول. مثلًا، هناك طرق عديدة لترتيب قائمة من الأرقام، ولكل طريقة مزاياها. حتى نحدد أي طريقة هي الأفضل في وضع معين، نحتاج لتقنيات لتوصيف وتحليل الحلول بشكل صيغ منتظمة.
علوم الحاسوب هي علوم الخوارزميات، وتشمل تحليل الخوارزميات واكتشاف خوارزميات جديدة. الخوارزمية هي سلسلة خطوات تحدد طريقة حل مشكلة ما. بعض الخوارزميات أسرع من غيرها، وبعضها تستهلك مساحة أقل في ذاكرة الحاسوب. سوف تتعلم كيف تفكر كعالم حاسوب أثناء تعلمك كيفية تطوير خوارزميات لحل مشكلات لم تحلها من قبل.
تصميم الخوارزميات وكتابة الشفرات البرمجية عمليتان صعبتان ومعرضتان للأخطاء. تدعى الأخطاء البرمجية bugs (عِلل برمجية)، وعملية تتبعها وتصحيحها تدعى debugging. ستطور مهارات جديدة في حل المشكلات أثناء تعلم تصحيح الأخطاء في البرامج التي تكتبها. عليك التفكير بإبداع عندما تواجهك أخطاء غير متوقعة.
ورغم أن حل الأخطاء البرمجية قد يكون محبطًا، إلا أنه جزء مثير وفيه تحدٍ وذكاء. اكتشاف الأخطاء يشبه عمل التحري في بعض نواحيه. حيث تواجهك الأدلة، وعليك استنتاج العمليات والأحداث التي أدت إلى النتائج التي تراها. أحيانًا يقود التفكير بتصحيح البرامج وتحسين أدائها إلى اكتشاف خوارزميات جديدة.
ننصح بقراءة مقال المدخل الشامل لتعلم علوم الحاسوب للمزيد من التفاصيل.
لغات البرمجة
إن لغة البرمجة التي ستتعلمها هي Java، وهي لغة عالية المستوى (High-level language). هناك لغات أخرى عالية المستوى لعلك سمعت بها مثل Python، أو C و C++، أو Ruby، أو Javascript.
يجب ترجمة البرامج المكتوبة بلغات عالية المستوى إلى لغة منخفضة المستوى (low-level language) أو ما يدعى ”لغة الآلة“، قبل أن يستطيع الحاسوب تشغيلها. تحتاج هذه الترجمة وقتًا، لكن هذه سيئة بسيطة للغات عالية المستوى. في المقابل، للغات عالية المستوى حسنتين:
كتابة البرامج بلغة عالية المستوى أسهل بكثير. كتابة البرامج تأخذ وقتًا أقل، وتكون البرامج أقصر وأسهل للقراءة، ومن المرجح أكثر أن تكون صحيحة.
اللغات عالية المستوى محمولة (portable)، بمعنى أنه يمكن تنفيذ البرامج المكتوبة بها على أنواع مختلفة من الحواسيب دون أي تعديلات أو بعد عمل تعديلات قليلة. أما البرامج المكتوبة بلغة منخفضة المستوى فلا يمكنها العمل إلا على نوع واحد فقط من الحواسيب، ويجب إعادة كتابتها قبل أن نتمكن من تشغيلها على جهاز آخر.
هناك نوعين من البرامج التي تترجم اللغات عالية المستوى إلى لغات منخفضة المستوى: المفسرات والمترجمات.
يقرأ المفسر (interpreter) البرامج المكتوبة بلغات عالية المستوى وينفذها، أي أنه ينفذ التعليمات التي يمليها البرنامج. يعالج المفسر البرنامج في أجزاء صغيرة، حيث يقرأ بعض السطور ثم ينفذ التعليمات ويعود لقراءة سطور أخرى وهكذا. يبين الشكل 1.1 بنية المفسر.
على صعيد آخر، يقرأ المترجم (compiler) البرنامج كله ويترجمه دفعة واحدة قبل بدء تنفيذ البرنامج. في هذه الحالة، يدعى البرنامج المكتوب بلغة عالية المستوىبالشفرة المصدرية (source code)، ويدعى البرنامج المترجم بالشفرة الهدف (object code) أو الملف التنفيذي (executable). بعد ترجمة البرنامج، يمكنك تنفيذه بشكل متكرر دون الحاجة لأي ترجمة أخرى. ونتيجة لذلك، تعمل البرامج المترجمة بصورة أسرع من البرامج المفسرة.
لغة Java مجمّعة ومفسرة معًا. فبدلًا من ترجمة البرامج مباشرة إلى لغة الآلة، يولد مترجم Java بايت كود (byte code).
شفرة بايت سهلة وسريعة التفسير مثل لغة الآلة، لكنها محمولة أيضًا، حيث يمكننا ترجمة برنامج Java على أحد الأجهزة، ثم ننقل شفرة بايت إلى جهاز آخر، ثم نشغل شفرة بايت على الجهاز الثاني. يدعى المفسر الذي ينفذ شفرة بايت "بآلة Java الافتراضية" (Java Virtual Machine أو اختصارًا JVM).
يبين الشكل 1.2 مراحل هذه العملية. ورغم أن هذه العملية قد تبدو معقدة، إلا أن معظم بيئات البرمجة (أحيانًا تدعى بيئات التطوير)، تجري هذه الخطوات تلقائيًا بدلًا منك. سيكلفك الأمر عادة ضغطة زر واحدة أو طلب أمر واحد لترجمة برنامجك وتنفيذه. من جهة أخرى، من المهم أن تعرف الخطوات التي تجري وراء الستار، لكي تتمكن من معرفة سبب المشكلة في حال وقوع أي خطأ.
ترجمة -وبتصرف- لجزء من الفصل الأول من كتاب Think Java: How to Think Like a Computer Scientist لكاتبيه Allen B. Downey و Chris Mayfield.
اقرأ أيضًا
تعلم البرمجة
المدخل الشامل لتعلم علوم الحاسوب