اذهب إلى المحتوى

لوحة المتصدرين

  1. نور الدين

    نور الدين

    الأعضاء


    • نقاط

      3

    • المساهمات

      43


المحتوى الأكثر حصولًا على سمعة جيدة

المحتوى الأعلى تقييمًا في 09/26/15 in مقالات ريادة الأعمال

  1. عندما يحدثني ريادي أعمال مبتدئ عن الميّزات التنافسيّة التي تتمتّع بها شركته النّاشئة، فهناك احتمالٌ ضئيلٌ جدًّا أن يخبرني بميّزة حقيقيّة لا توجد عند الآخرين. معظم الشّركات النّاشئة التي سبق لي أن تعاملتُ معها، كانت تضيف في العروض التي ترسلها فصلًا خاصًّا يتحدّث عن الميّزات التنافسيّة التي تتمتّع بها، في الحقيقة وبدون مبالغة، 95 في المئة من الميّزات المذكورة هي مجرّد عبارات عاطفيّة بعيدة أيّما بعدٍ عن أن تكون صفة تميّز الشركة عن غيرها، وقد لا تكون ميّزة أصلًا. أكبر دليل على أنّ هذه الميّزات التي تسمّيها تنافسيّة ليست كذلك، أنّ جميع الشّركات الأخرى على سطح الأرض تدّعي نفس الادّعاء لنفس الميّزات، فأين التنافسيّة في الموضوع؟ ملاحظة على الهامش: أتمنّى ألّا يصيبك هذا المقال بالإحباط، سنتكلّم في مقال آخر عن الميّزات التي يمكن أن تكون تنافسيّة بحق، لكن تحملني قليلًا الآن. كل ما سأذكره الآن ليس ميزات تنافسية:لدينا المزية xهذه ميّزة نعم، أي أنها قد تميّزك عن غيرك في البداية، لكنّها تبقى كذلك حتى يبدأ أحدٌ آخر بتطبيقها أيضًا، بالتالي لن تحميَك طويلًا من المنافسين. تأكّد دومًا أنّ أيّة شركة –ربّما كما فعلت أنت يومًا ما – قبل أن تبدأ ستمرّ بمرحلة تراقب فيها أداء الشّركات الأخرى في نفس المجال، فتأخذ منها ما يفيد وتتجنّب ما يضرّ. بالتالي أيّة شركة ستأتي من بعدك سوف تبني ميّزاتها بناءً على ميّزاتك أنت، فمهما كنتَ مبدعًا بابتكار ميّزات جديدة سيأتي أحدٌ آخر ويُضيفها إليه. وفي النّهاية ما يهمّ الزبون – عند اختيار مع من سيتعامل – أين وصل كلّ منكما اليوم، وليس من ابتكر هذه الميّزات أولًا. لدينا أكبر عدد من المزاياجرت العادة أنّ الشّركات التي مضى عليها وقتٌ أكبر في السّوق -وظلّت تتابع المتغيّرات اليوميّة- ستمتلك منتجاتُها عددًا من المزايا يفوق أيّ منافس آخر سيأتي في وقت لاحق. المشكلة يا صديقي أنّ الزبائن لا يهمّهم العدد الأكبر من المزايا بقدر ما هم يبحثون عن مزايا بعينها. وهكذا كلّما تأتي منافسة جديدة يبدأ الجميع يضيفون مزايا جديدةً لمنتجاتهم، ومع الوقت سيصبح لدى الجميع عددًا مهولًا منها تغطّي أكثر من 80 في المئة من احتياجات الزبون، بالتالي أيّة مزيّة إضافيّة من نوع "زيادة عدد" لن تسهم حقيقةً في جعلك الأبرز بين المنافسين، إن لم تختر حقًّا ما يبحث عنه الزبون. لدينا براءات اختراع لمزايا منتجاتناوكأنّك تقول: “لا أحد يستطيع منافسة مدوّنتي ﻷنّ جميع حقوق النّشر محفوظة"، ألا يبدو لك الأمر سخيفًا؟ بنفس المبدأ، لا يمكنك أن تدّعي أن امتلاكك لبراءة اختراع لمنتجاتك البرمجيّة سوف يحميَك من المنافسين إلى الأبد، ربّما ينطبق هذا الأمر على بعض الصناعات كالأغذية والأدوية والأمور المشابهة، لكنّني لم أسمع قَط بشركة تفوّقت على منافسين يقدّمون خدماتٍ أجود، لمجرّد امتلاكها براءات اختراع! في الحقيقة براءاتُ الاختراع في مجال البرمجيّات تحديدًا ليست ذات أهميّة خاصّة للشركات الصغيرة والنّاشئة، نفس الأمر ينطبق على المنتجات العتاديّة hardware، فأجهزة مشغّلات mp3 جميعُها تستخدم ملايين براءات الاختراع، لكن رغم ذلك لم يمنع ذلك شركة أبل من السّيطرة على السّوق نحن الأمهر في الشبكات الاجتماعية والظهور بمحركات البحثهل سمعت بالدّراسة التي تقول أنّ ثمانين في المئة من سكّان الولايات المتّحدة الأمريكيّة متأكّدون تمامًا أنّهم يقودون بشكل أفضل من متوسّط السّائقين في البلد؟ (إن فكّرت في الأمر قليلًا ستجده غير منطقيّ) أيضًا ثمانون في المئة تقريبًا من أصحاب الشّركات النّاشئة الّذين قابلتهم أخبروني أنّ أداءهم أعلى من المتوسّط، في كلّ من دعم المواقع لمحرّكات البحث SEO، وتويتر، وبناء المجتمعات الافتراضيّة building communities (لا تسألني عن معنى هذا المصطلح فأنا نفسي لا أعرفه). إنّ الشّبكات الاجتماعيّة وخوارزميّات محرّكات البحث في تطوّر دائم، فالذي يحظى بمقدّمة نتائج البحث في جوجل اليوم قد يختفي غدًا. بل والأكثر من ذلك، فأنت لا تستطيع التحكّم بأداء الشّركات الأخرى في نفس المجال ولا في كونها جيّدة أو حتى أفضل منك. فادّعاؤك بامتلاك ميّزة ليست ثابتةً على الدّوام هو مجرّد دُعابة. لدينا شغف بعملناالجميع لديهم الشّغف! وهل كنتَ تظنّ أنّ باقي الرّياديين يتحمّلون العناء والتّعب وساعات العمل الطّويلة كلّ يوم، دون أن يمتلكوا أيّ شغف أو حبّ للمجال الذي يعملون به؟ الشّغف شرطٌ لازم غير كافٍ، كأنّك تقول: “بالتّأكيد سيتفوّق أبنائي أكثر، فأنا أحبّهم أكثر ممّا تحبّ أنت أبناءك". وإيّاك أن تذكر الشّغف أمام المستثمرين فلن يكونوا سعداء بسماعك تضيفُه لميّزاتك التّنافسيّة. لدينا ثلاثة من حاملي شهادات بدرجة دكتوراه (أو ماجستير) في فريقنالو نظرت إلى روّاد الشركات النّاشئة الناجحين لوجدت أكثرهم لم يحصلوا على أيّة درجة أكاديميّة بعد التخرّج، وكلّ من عاش في عالم البرمجيّات تحديدًا يعلم أنّ معظم ما نتعلّمه في الجامعة بعيدٌ أيّما بعد عمّا نقوم بممارسته كلّ يوم، فمن يهتمّ إذًا بتلك الشّهادات المعلّقة على الجدران؟ حاول أن تطّلع على لقاءات مؤسّسي الشّركات العالميّة النّاجحة، كم منهم أشار إلى درجة الماجستير التي نالها؟ بل كم منهم حصل عليها أساسًا؟ ليس من السّيئ أن يحصل رياديّ على دراساتٍ عليا، لكنّها -في ذات الوقت- ليست ميّزة قيّمة يتباهى بها كرائد أعمال. نحن نعمل بجدهل سمعت بشركة 37signals التي يعمل أفرادها ثلاثين ساعةً في الأسبوع؟ وماذا عن الكاتب ورياديّ الأعمال الشّهير Tim Ferris الذي يعمل فقط أربع ساعات في الأسبوع كلّه! هل تظنّ أنّك إن عملت -وتمكّنت من الاستمرار- سبعين ساعة أسبوعيًّا ستتفوّق على المنافسين؟ حسنًا ربّما، لكن تذكّر أنّ العمل بجدّ لا يعني بالضّرورة العمل بذكاء. ومع ذلك، لنفترض أنّك متفانٍ لدرجة أنّك تبذل سبعين ساعة أسبوعيًّا لتنجز مهامك، هذا الرقم تستطيع بلوغه -بسهولة- أيّة شركة أخرى لديها عشرة مطوّرين، بل حتّى أيّ مشروعٍ مفتوح المصدر يساهم فيه عشرة هواة في أوقات فراغهم! لدينا أرخص الأسعارليس سيّئًا أن تكون أرخص من غيرك، ففيITWatchDog (إحدى الشّركات التي أسّستُها سابقًا) كان عدم غلاء الخدمات مهمًّا جدًّا في استراتيجيّتنا. لكن لا يمكنك الاعتماد على السّعر وحده لتنافس عليه، لو كان الأمر كذلك لاكتفى كلّ منافس جديد بأن يخفّض أسعاره كي يتمكّن من السّيطرة على السّوق. في الواقع فإنّ الشّركات الكبرى تتخلّص من منافسيها عادة بسياسة مشابهة، مايكروسوفت مثلًا توظّف ألف مطوّر للعمل على متصفّح Internet Explorer وحده ومن ثمّ تقدّمه للزبائن مجّانًا فتدمّر بذلك سوق متصفّحات الويب، فكلّ منافس جديد يحاول الآن أن يقدّم منتجه بتكلفة معيّنة -مهما صغرت- سيكون قد استُبعد تلقائيًّا. كذلك الشّركات الجديدة المموَّلة، لن يكون لديها مشكلة في إنفاق ميزانيّات هائلة في مقابل أن تحصل على حصّة في السّوق، حتى لو أدّى ذلك إلى إحراق جميع المنافسين، بما فيهم أنت! ولا تنسَ أيضًا أنّ الجميع يستطيعون أن يتبنّوا مبدأ جذب الزبون بتقديم الخدمات المجّانيّة Freemium، فليس سعر الخدمة عبرة أبدًا! وبالمناسبة، في ITWatchDog تمكنّا من تقديم خدمات رخيصة نسبيًّا بفضل أمرين: الأول أنّنا كنّا نقدّم الخدمة للزّبون مباشرة دون وسطاء، فكان يدفع القيمة الحقيقيّة للخدمة دون أن تتضاعف عدّة مرات قبل أن تصل إليه. الأمر الثّاني أنّنا كنّا نستخدم القِطع الأحدث والأرخص، على عكس الكثير من المنافسين الذين توقّفوا عن متابعة المستجدّات اليوميّة واكتفوا باستخدام قِطعًا أغلى يصل عمرها إلى خمس سنوات. ما خلاصة كل هذا؟لحظة، نسيتُ أن أخبرَك أيضًا أنّ أمورًا مثل بذل قصارى الجهد، والابتكار كلّ تلك الأمور لا تكفي وحدها لجعلك متميّزًا! ولا الإبداع، ولا حقوق الملكيّة الفكريّة، إنّها أمور رائعة نعم، لكن لا يمكنك الاعتماد عليها أبدًا كميّزات تنافسيّة على المدى الطّويل. تذكّر أنّك تعيش في عصرٍ أصبح فيه العالم قرية صغيرة، وأصبح بإمكان الجميع أن يحصلوا على التّقنيّات التي يحتاجونها، وأن يتعلّموا كلّ ما ينقصهم ويتفوّقوا به على الآخرين. عصرٌ تمكّن الجميع فيه من الوصول إلى أفضل أداة في التّسويق والمبيعات والتّواصل، الإنترنت! في هذا الزّمان أصبحت أقوى أدوات ومنصّات البرمجة متاحة بالمجّان، وكذلك الإنترنت السريع والمخدّمات عالية الأداء أصبحت رخيصة نسبيًّا، وأصبح من السّهل أن تجد أشخاصًا أكفّاء مستعدّين -وبكلّ سرور- للعمل 60 ساعة أسبوعيًّا بمقابلٍ يكاد يكفي لشراء وجبة بسيطة واحدة، لمجرّد رغبتهم في أن يؤسّسوا شركة ناشئة جديدة. في هذا العالم الكثير من الطاقات، والإبداعات، والإمكانيّات، والفرص، أكثر من أن يمكن تغطيتها بكلمات فقدت صلاحيّتها مثل "ملكيّة فكريّة". وعلى الجانب الآخر، كلّ شيء يمكن تكراره واستخدامه في مكان آخر بطريقة ما، وحتّى يمكنني أن أقول أنّ أيّ شيء مهما بلغت قيمته، سوف يستعيره أحدهم ويستخدمه هو أيضًا، ولن يهتمّ أحدٌ بعد ذلك مَن الّذي ابتكره في البداية. لذلك ضع في حسابك عند كتابة خطّة عملك business plan أنّ أحدًا ما سوف يقلّدك في يوم من الأيّام مهما كنتَ فريدًا ومتميّزاً. لكن مع ذلك ولحسن الحظّ، هناك وفرة من الطرق التي يمكنك اتّباعها لتحصل على ميّزات لا يمكن ﻷيّ منافس آخر أن يحصل عليها (دون عناء)، لكنّها – مع الأسف – نادرةٌ وصعبة. بالطّبع هي كذلك! وهل كنتَ تظنّ أنّه من السّهل بمكان إطلاق مشروع رياديّ ذي أفكارٍ إبداعيّة يصعب منافستها؟ في مقال قادمٍ -إن شاء الله- سأتحدّث أكثر عن بعض الميّزات التنافسيّة الحقيقيّة التي لا يمكن لشركات أخرى أن تتغلّب عليك فيها، سواءً كانت -هذه الشّركات- عملاقة أو مموّلة بأرقام فلكيّة أو حتى مشاريع مفتوحة المصدر يدعمها مطوّرون هواة من جميع أنحاء العالم. حتى ذلك الحين أودّ أن أعرف رأيك في الافتراضات التي ذكرتُها، هل تظنّ أنّني بالغت قليلًا؟ هل هناك ميّزات أخرى يدّعون أنها تنافسيّة وهي ليست كذلك؟ شاركنا النقاش في التّعليقات. ترجمة -وبتصرّف- للمقال: No, that IS NOT a competitive advantage لصاحبه Jason Cohen. حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
    2 نقاط
  2. إذا كنت تظنّ أنّ WPEngine أو أيّة شركة عالميّة أخرى ناجحة، قد انتقلت من مجرّد فكرة عابرة إلى قمة النّجاح والتّفوّق في لمح البصر وبدون أيّ عناء أو تخطيط، وأنّك لن تتمكّن – في حال من الأحوال – من تحصيل نجاحٍ مشابه لأفكارٍ مشابهة من دون أن تحظى بنفس القدر من الحظّ والظّروف المواتية، إذا كنتَ تظنّ ذلك فأبشّرك من البداية، أنت مخطئ. صحيح أن الإلهام والحظّ الجيّد يلعبان دورًا في البدايات، لكنّ نقل فكرة لامعة من عالم الأفكار إلى عالم الأعمال حيث يأتي أشخاص غرباء إلى موقع ما وينفقون فيه أموالهم عن سابق إصرار وترصّد – كما يقال – هذا الأمر لا يحدث مصادفة أبدًا، بل يحدث عبر منهجيّة يمكنكَ تعلّمها وتطبيقها وحصد نتائجها أيضًا. هذه القصّة هي واحدة من القصص الكثيرة المشابهة التي يحكيها روّاد الشّركات النّاشئة، بدأتْ من فكرة مستلهمة من واقعي ومعاناتي الشّخصية، ظهرت في البداية على أنها عديمة النّفع وأنّ أحدًا لن يستفيد منها، لكنها تطوّرت مع الوقت، وأخذت أشكالًا متعددة خلال سلسلة من المراحل لتصل في النّهاية إلى مجموعة من الأفكار الرّائعة الّتي من الممكن تحويلها إلى مشاريع مدرّة للمال. إليك كيف تفعل ذلكأوّل فكرة شركة ناشئة بدأت بالعمل عليها كانت مستلهمةً من معاناة واجهتني في شركة Smart Bear التي كنتُ اعمل بها، ألا وهي كيف أقوم بمراقبة وقياس فعّاليّة ثلاثين حملة تسويقيّة تجري جميعها في آن واحد، تحديدًا إن كانت هذه الحملات تقليديّة كالمنشورات الورقيّة والإعلانات التلفزيونيّة وغيرها. في شركة Smart Bear قمتُ ببناء نظام خاصّ بي، وكان يعمل بشكل رائع ويقدّم بيانات دقيقةٌ للغاية، لدرجة أنه كان بإمكاني معرفة الوقت الذي تصلُ فيه إحدى المجلّات التي نقوم بالإعلان فيها إلى منازل القرّاء. هذه الدّقة لم يكن قد وصل إليها أحد في ذلك الوقت بالنسبة لإعلانات مشابهة. المشكلة الوحيدة أنّ بناء هذا النّظام استغرق منّي سنتين كاملتين، وكان غاية في التّعقيد، فهو مبنيّ على مجموعة متشابكة من الجداول والسكريبتات واستدعاءات واجهات برمجية API-calls وقواعد بيانات عديدة، وحتى أحصل على النتيجة المرجوّة كان يجب أن أجري العمليّة بطريقة معيّنة لا يستطيع فعلها أحدٌ سواي، وحتى أنا كنتُ أستعين بقائمة مهام طويلة حتى أتمكّن من تنفيذ الإجراء بالشّكل الصّحيح. ولا شكّ أنّك إن حاولتَ الاطّلاع على تفاصيل هذا النّظام – لنسمّه نظامًا تجاوزًا فهو أبعد ما يكون عن الانتظام – قد تستنتج في النهاية أنّه قد صمّم خصيصًا بحيث لا يتمكّن من استخدامه إلا الشّخص الذي قام بتصميمه، وربّما وجدتَه مجرّد أسلوبٍ غريب من أساليب تعذيب الذّات. لكنّه كان يعمل وبشكل مذهل! بعدما تركتُ عملي في تلك الشركة بحوالي سنة أجريت خلالها محادثات ولقاءات مع العديد من أصحاب الشّركات الناشئة حول مشاكل التّسويق لديهم، استنتجت لاحقًا أنّ جميعهم – وبدون استثناء – بحاجة إلى منصّة قياسِ الأداء التسويقيّ التي قمتُ باختراعها سابقًا. ظننت حينها أنّ اللّحظة المواتية قد حانت، تلك التي تدرك فيها أنّ فكرتك العابرة – المستلهمة أصلًا من معاناة عشتَها – إنّما هي فكرةٌ عبقريّة، وبكلّ تأكيد ستحلّ مشكلةً يواجهها الآلاف إن لم نقل الملايين من روّاد الأعمال. بل والأجمل من ذلك، كنتُ أعرف بالضّبط كيف أقوم بتنفيذها وتحويلها إلى منتج. إذًا ما الّذي أنتظره، عليّ أن أبدأ في الحال! دومًا تذكّر هذه المقولة: "إذا لم تعثر على عشرة أشخاص مستعدّين لأن يدفعوا لك بالفعل ثمن خدمتك، عندها تأكّد أنّ ما تقوم بممارسته هو محض هواية وليس عملًا ربحيًّا". وهذا بالضّبط ما قمتُ بفعله، بدأتُ بإجراء مقابلاتٍ مع جميع الأشخاص الذين تمكّنت من الوصول إليهم، ركّزت بحثي في البداية على مؤسّسي الشّركات الناشئة في مدينتي كونه من السّهل دعوتهم إلى وجبة غداء وإجراء محادثة ودّيّة. كما أنني كنتُ خلال الفترة الماضية أحرص على توسيع شبكة علاقاتي ومعارفي، لذلك كانت لديّ قائمةٌ جاهزة من الأشخاص لأتّصل بهم، فقد كنتُ أساعد روّاد الأعمال الذين أعرفهم إمّا عبر البريد الإلكترونيّ أو المقابلات الشّخصية، وحتى من خلال مساحات العمل التشاركيّ co-working spaces التي كنتُ أتواجد فيها، وجلّ ما فعلتُه لاحقًا أنّني قمتُ باسترداد المعروف الذي أسديتُه لهم. على الهامش، قد يقول قائل: "وماذا إن لم تكن لديّ شبكة علاقات واسعة كهذه؟" عندها ابحث في محيطك عن لقاءات أو ورشات عملٍ يحضرها أشخاص من المحتمل أن يستفيدوا من منتجك أو الخدمة التي تقدّمها. وماذا إن لم تكن أحداثٌ كهذه تجري قريبًا من محلّ سكنك؟ عندها عليك أن تحرص على إثبات حضورك إلكترونيًّا في المجتمعات الافتراضيّة والشبكات المهتمّة. وماذا إن لم تكن تريدُ فعل ذلك؟ عندئذ يمكنك أن تعثر على الأشخاص المهتمّين وتحاول جذبهم إلى موقعك من خلال إعلانات جوجل. وماذا إن لم تستطع فعل ذلك أو لا تريدُ إنفاق المال على هذا الأمر؟ إذًا فأنت تقول أنّك لا تريدُ أن تتواصل مع أحدٍ أيّ كان بأيّ شكل من الأشكال، ولا ترغب حتى أن تدفع أيّ مبلغ من المال. في هذه الحالة يا صديقي أظنّ أنّك لست مهيئًا بعد لتبدأ عملك الخاص أو لتقوم بأيّ عملٍ مشابه يتطلّب حضورًا اجتماعيًّا واحتكاكًا مباشرًا مع الآخرين. وبالعودة إلى قصّتنا، كان عليّ في نهاية هذه المقابلات والاجتماعات أن أصل إلى السؤال الأهم: هل هم مستعدّون لدفع ثمن هذه الأداة؟ وكم سيدفعون؟ بالتأكيد لا يمكنكَ التوقّف عند إجابة السؤال: "هل تظنّ أنّ هذه الفكرة جيّدة؟" وقصّتي هذه تؤكّد هذا الأمر، وذلك لأنّ جميع الأشخاص الذين قابلتهم – بدون استثناء – أخبروني أنّها فكرة رائعة، لكنّها في الواقع لم تكن كذلك! إليك التّفاصيل. عندما كنتُ أحدّثهم عن المشروع، لم أكن أمتلك حينها أيّة صور له تبيّن طريقة عمله أو التعامل معه، في الحقيقة في هذه المرحلة بالذّات من التّخطيط للمشروع لستَ بحاجة لتلك الصور، لأنّ الفكرة من المنتج أو الخدمة يجبُ أن تكون واضحة وسهلة الفهم من خلال شرح بسيط، فإذا وجدت نفسك مضطرًّا لأن تقول: "لا يمكنني شرح فكرة المنصّة، عليكم أن تشاهدوها بأنفسكم" عندها تكون قد فشلت بالفعل! ربّما يجب أن يجرّبوا المنصّة ليحبّوها أكثر ويستمتعوا باستخدامها، أو حتى ليدفعوا لك من أجلها. لكنّك لا يمكنّك أن تجري دراسة تسويقيّة، أو حتى تقييمًا للفكرة ذاتها إذا وصلتَ إلى مرحلة "لا أعرف كيف أشرح لكم الموضوع". فكّر بالأمر، كيف يفترض بهؤلاء الزبائن أن ينشروا فكرة مشروعك الرائع بين أصدقائهم ومعارفهم؟ كيف سيوضحون لهم الفكرة إن لم تكن أنت نفسك قادرٌ على شرحها؟ لذلك كنتُ أبدأ لقاءاتي بالتحدّث قليلًا عن كيف أمكنني قياس أداء الحملات التّقليدية غير القابلة للقياس عادة، كالإعلانات في المجلات، وكيف أمكنني مراقبة أداء ثلاثين حملة إعلانيّة على التوازي في وقت واحد. هنا تحديدًا كان الجميع يجيبون بنفس الجملة تقريبًا: "هذا رائع، كم أحتاج هذه المنصّة، وأعرف أيضًا مجموعة من الأشخاص الآخرين الذين يحتاجونها". بعد ذلك كنت أدخل في تفاصيل ميزات المنصة، على سبيل المثال عندما تستخدم أداة Google Analytics لأغراض التّسويق، عليك أن تحدّد أهدافك وحملاتك بالبداية، ومن ثمّ تراقب تغيّر البيانات. لكنّك لو أدركت بعد مدة أنّك بحاجة لقياس أداء صفحة أخرى لم تكن تراقبها سابقًا أو أنّك تريد تعديل أحد الأهداف التي قمت بتحديدها، أو أنّ حملةً ما لم تكن تتوقّع منها أيّ شيء قد جلبت لك مردودًا فاق التوقعات، في حالات كهذه، أقصى ما يمكنك فعله هو تغيير إعدادات الحملات والأهداف، ومن ثمّ البدء بالمراقبة والتّجريب من جديد مع المحدّدات الجديدة. لكنّ الأداة التي قمتُ بابتكارها لم تكن كذلك، كان بإمكانها أن تطبّق التّعديلات التي تجريها مباشرة وتريَك نتائجها حتى على بيانات مضت، حينها لن تقلق من فكرة أنّ عليك أن تضبط كل شيء بالشّكل الصّحيح من البداية، بل ستتمكن من إجراء الاختبارات والتعديلات في أي وقت. ثلاثون شخصًا من أصل ثلاثين وافقوا على أنّ هذه الميّزة خارقة!. حتى هذه اللحظة كلّ شيء كان يسير على ما يرام، حتى وصلتُ إلى النقطة التي أدركت حينها أنّ هذه الفكرة لا تصلح لتكون مشروعًا ربحيًّا، تحديدًا عندما وصلتُ إلى السؤال المتعلّق بالتكلفة، هذا السؤال الذي يحسم كل جدال. بعضهم قال أنّ هذه المنصّة ستوفّر عليهم حوالي ألف دولار شهريّا من نفقات التّسويق، لكنهم مع ذلك ليسوا مستعدّين حتى لدفع خمسين دولار شهريًّا ثمنًا للخدمة بل يجب أن تتاح لهم بشكل مجانيّ! آخرون قالوا أنّ خمسين دولار في الشهر ليس كثيرًا ويجب عليّ أن أستهدف بمشروعي هذا الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة، لكن من الواضح بالنسبة لي أنّ تكاليف التّدريب والتّسويق لهذه الفئة ستكون باهظة. على الجانب الآخر، أصرّ البعض على أنّني يجب أن أركّز على الشّركات الضخمة وكبار رجال الأعمال، ما يعني أن أتقاضى منهم ألف دولار شهريًا وأن أقدّم خدمات استثنائيّة على مستوىً عالٍ من الاحتراف، أو أن أعقد شراكاتٍ مع استشاريين كبار في مجال التسويق والذين يرغبون بتحسين سمعتهم في عالم الأعمال. لكنني مع الأسف لم أتمكّن من العثور على استشاريّ واحد أبدى تفاعلًا مع الفكرة. تسعير الخدمة أو المنتج ليس مجرّد رقم، إنّه يحدّد لك جمهورك المستهدف، وبالتالي يحدّد حجم المنافسة، والمزايا التي يجب أن يتمتّع بها المنتج، والطريق الذي عليك أن تسلكه لكي تصل إلى الزبائن. إذا لم تبدأ بمناقشة موضوع سعر الخدمات التي تقدمّها أثناء تخطيطك لعملك الرياديّ فلن تحصل على إجابة شافية لأيّ من هذه الأسئلة. قد تكون لديك فكرة إبداعيّة، وقد تتمكّن من إقناع الجميع بأنّ الخدمات التي تقدّمها رائعة ومثيرة للاهتمام، لكن إن لم تستطع أن تصيغ نموذج العمل التّجاري Business model الخاصّ بك، ولم تتمكّن من تحديد أسعارك بدقّة، عندها تأكّد أنّك لستَ جاهزًا بعد للبدء بمشروعك الخاص. هنا قرّرت أنّ عليّ أن أتخلّى عن فكرة المنصّة نهائيًّا، صحيحٌ أنّها كلّفتني شهرين كاملين من البحث والعمل المتواصل، لكنّني تعلّمت أنّه من الممكن أن تكون لديك فكرةٌ عظيمة لكنّها ببساطة لا يمكن أن تتحوّل لعمل ربحيّ، وهذا بالفعل ما حصل معي. والآن ما علاقة كلّ ذلك بمشروع WPEngine ؟ في الحقيقة لولا أنّني كنتُ صارمًا وجادًّا بالتخلّي عن فكرة منصّتي التسويقيّة السّابقة، لما تمكّنت من إيجاد فكرة عبقريّة ثانية. القضاءُ تمامًا على الفكرة التي كانت تشغلني لفترة طويلة سمح لي بالفعل من العمل على فكرة أخرى بنفس الهمّة والعزيمة التي بدأتُ بها فكرتي الأولى. فكرة WPEngine كان لها نفس القصّة تمامًا، لكنّ نتيجة دراسة الزبائن Customer development كانت مختلفة، لذلك أخبرتكم سابقًا أنّها منهجيّة قابلة للتّكرار وليست محض مصادفة أو ضربة حظّ. كنتُ بحاجة شيء يشبه WPEngine لمدوّنتي الخاصّة، فقد كانت صفحات الموقع تحتاج زمنًا طويلًا للتّحميل، عدا محاولات الاختراق العديدة التي تعرضت لها (معروف عن منصّات ووردبرس أنّها عرضة للاختراق أكثر من غيرها، ليسا المشكلة في المنصّة ذاتها بالطبع، إنّما ربما الأمر راجع إلى ضعف القائمين عليها تقنيًّا). لذلك فقد كنت بحاجة إلى استضافة تريحني من هذا العناء الإضافيّ، تساعد على تسريع الموقع وحمايته بنفس الوقت دون الحاجة لأن أمتلك خبرةً تقنيًّة إضافية. بحثت طويلًا عن حلول استضافة تؤمّن طلبي لكنني لم أجد، سألت كثيرًا هنا وهناك لكن كلّ ما كنتُ أحصل عليه هو إجابات من النّوع: "استضافات كهذّه غير موجودة، لكن أتعلم، إنّها فكرةٌ رائعة بالفعل وأنا أحتاجها أيضًا!". حسنًا لديّ خبرة طويلة مع عباراتٍ كهذه وأعلم تمامًا أنّها لا تكفي لتدفعني إلى الانطلاق بمشروع مشابه! لذلك بدأت بتنظيم اللّقاءات، عبر البريد الإلكترونيّ، المكالمات الهاتفية، المقابلات الشخصيّة، وبأيّ وسيلة ممكنة. أردت أن أصل إلى أيّ إنسان لديه مدوّنة وأعرف إجابته عن سؤال واحد: هل أنت مستعدّ لدفع 49 دولار شهريًّا وتحصل بالمقابل على حلّ متكامل يجمع بين الأداء العالي والحماية الفائقة والقابلية للتوسّع مهما بلغ حجم موقعك؟ وماذا لو أضفتُ لك ميّزة قمتُ بتطويرها بنفسي – أيضًا مستلهمة من معاناتي الشخصية – منصّة إضافيّة تستطيع من خلالها إجراء تجاربك بضغطة زر، دون أن تؤثر على موقعك الحقيقيّ؟ ردّ الفعل هذه المرّة كان مختلفًا تمامًا، بعض الأشخاص أخبروني أنهم مستعدون لدفع هذا المبلغ شهريًّا مقابل ميّزة المنصّة وحدها. عندما سمعتُ هذه الجملة علمتُ أنّ الخدمة التي أقدّمها بالسّعر الذي عرضتُه تفوق كلّ التوقّعات، وأدركتُ أيضًا أنّني قد وجدتُ الشريحة المناسبة لتسويق منتجي. لم أبدأ بالعمل على مشروعي قبل أن نجحت بالعثور على ثلاثين شخصًا أخبروني أنّهم سيدفعون لي حالما ينطلق المشروع، لم يقولوا ربّما، بل بالتأكيد سيدفعون، في النهاية عشرين منهم أصبحوا من زبائني الدّائمين. بعد ذلك انتشر صدى المشروع بين مئات الآلاف من أصحاب المواقع والمدوّنات، وأخذوا يتدفّقون إلى الموقع كلّ يوم وذلك حتّى قبل أن أدفع قرشًا واحدًا على أيّة حملة تسويقيّة. السّؤال الآن، هل تصلح هذه المنهجيّة لكل مكان وزمان؟ في الواقع إذا كنتَ تنوي العمل على مشروع ليس له سوقٌ أصلًا وتريد أن تخلق أنت هذا السوق، عندها لن تتمكّن من شرح فكرتك ببساطة ولن يتمكّن الآخرون من فهم كنه هذا المشروع ولا كيف يستفيدون منه. لكن في الحالة العامّة، عندما تقوم ببناء مشروع يفترض به أن يحلّ مشكلة قائمة بالفعل، مشروع من السّهل أن يتعامل معه النّاس ويستمتعون باستخدامه، مشروع من السّهل أن ينتشر بين النّاس وأن يتناقلوه بينهم، مشروع يجلب لك الرّبح بالفعل. في هذه الحالة ليس لديك أيّ عذر يمنعك من أن تخبر به ثلاثين شخصًا قبل أن تبدأ بالاستثمار والعمل على الفكرة. تذكّر دائمًا، مهما كانت أفكارك مبتكرة وإبداعيّة، لا يمكنك أن تدّعي أنها ناجحة كمشروع ربحيّ ما لم تضعها جدّيًّا في ميزان عالم الأعمال. والآن هل لديك أيّة تجارب سابقة أو أفكار حول موضوع دراسة الزّبائن في مرحلة ما قبل إطلاق المنتج؟ هل تعتقد أن المنهجيّة التي ذكرتُها صالحة للتطبيق في حالتك؟ شاركنا النّقاش في التّعليقات. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Vetting a startup (or two): The systematic birth of @WPEngine لصاحبه Jason Cohen. حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
    1 نقطة
×
×
  • أضف...