لا أعرف ما السبب ولكن يبدو لي أن المستقل يعمل ويستمر في العمل إلى أن يَخمد بغتة، وقد تعتقد أن هذا الخمود لن ينال منك على اعتبار أنك مستقل يعتز بعمله ويتقنه، ومنسجم مع الضغط والإجهاد المصاحب له، ولكني سأخبرك وبكل أسف خلاف ذلك: سيُصيبك هذا الخمود شئت أم أبيت، وقد انتاب هذا الخمود عموم المستقلين الذين أعرفهم مرة واحدة على الأقل، ولكن الحل موجود ويمكن تحاشي هذا المصير المشؤوم.
كيف يمكن تفادي خمود المستقل؟
نسمع ونقرأ بين الحين والآخر ومن العديد من الأشخاص عن طرق مختلفة في تجنّب خمود المستقل، ولكن ومن خلال تجربتي لا يوجد سوى طريقة واحدة ناجعة على المستوى البعيد، وهي جدولة مشاريع العملاء، ثلاث كلمات بسيطة قد لا توحي بالكثير، ولكنها نقيض ذلك تمامًا.
ليست المسألة فقط عبارة عن جدولة المشاريع من خلال التيقّن من عدم تقاطع أوقات التسليم deadlines بين المشاريع، بل القضية أصعب من ذلك، حيث يوجد بعض الكيفيات الواجب أخذها بعين الاعتبار عند جدولة المشاريع في قائمة المهام.
امنح فترة التنفيذ مدة احتياطية
نميل نحن المستقلين إلى المبالغة في تقدير قدراتنا ومهاراتنا، فقط لأنك تعتقد أنه بإمكانك استكمال المشروع في ثلاثة أيام لا يعني أن ستفعل ذلك، فقد تمرض، قد يتطلّب المشروع مزيدًا من البحث، قد يطرأ أي أمر جلل في حياتك الشخصية ولا يحتمل التأجيل، هذه أمور تحدث بين الحين والآخر ويجب التعامل معها، فإن لم امنح نفسي أريحية في وقت التنفيذ، سأتخلف عن الموعد النهائي للتسليم بلا شك، وعليه قسّم المشروع إلى واجبات صغيرة وأعطِ نفسك المزيد من الوقت لاستكمال هذه المهام أكثر مما تظن أنها تحتاج.
لا تبالغ فلن تصل عنان السماء
نميل أيضًا نحن المستقلين إلى المبالغة في حماسنا عندما يأتي الأمر إلى الوعود التي نقطعها على أنفسنا فيما يخص النتائج النهائيّة، ومن الهين جدًا السقوط في هذا الشرك، فقد تنقلب تدوينة إلى فاجعة، وذلك فقط لأن الكاتب المستقل أكّد للعميل أن التدوينة ستنتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أريد قوله، لا تحمّل نفسك ما لا طاقة لك به ولا تزد من الأعباء غير الضرورية على كاهلك، ولا تقطع وعودًا لا قدرة لك على ضمانها، فأنت كمستقل الشيء الوحيد الذي تستطيع ضمانه هو جودة عملك.
التزم بجدول المواعيد ولا تحيد عنه البتة
فقط لأن منزلك هو مكتبك ويتيسّر لك العمل بملابس النوم، لا يعني أن تفعل ذلك.
لا يهم إن كنت تفضل نور الصباح أو عتمة الليل، ما يهم هو إعداد جدول زمني للمشروع والالتزام به، وبالتالي إن كان هذا يعني العمل من الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، إذا عليك الالتزام بهذا الموعد إلى حين استكمال المشروع الحاضر بين يديك، إلا إذا تدخلت مشقات الحياة بالأمر، حينها ستحتاج مزيدًا من الوقت المقدر، وهنا تأتي نقطة الأريحية في موعد التسليم النهائي، والتي ستقطف ثمارها وابتسامة تملأ وجهك.
تيقظ من وجود بيان نطاق المشروع scope creep
تُعتبر هذه الحالة الوحيدة التي لا يستطيع المستقل النجاة منها إن راح ضحيتها، والطامة الكبرى أن العميل غالبًا لا يُدرك أنه يُثقل على المستقل:
من فضلك، هلا كتبت تعريفًا للمقال الذي تعدّه من أجل النشرة البريدية newsletter حتى يتسنى لنا إرساله إلى قائمة المتابعين بأسرع وقت ممكن عند نشر المقال؟
الطلب بسيط، وبالأخص أنك صاحب المقال، ولن يستغرق كتابة التعريف الوقت الطويل، لا بل من الممكن استخدام مقدمة المقال نفسه، ولكنه غاب عنك وجوب إما تعديل المقدمة لتلائم طول تعريف المقال ليناسب مع النشرة البريدية أو كتابة واحدة جديدة كليًا، طبعًا في كلتا الحالتين هذا عمل إضافي يجب الاهتمام به، ومع العمل الإضافي يأتي الوقت الإضافي.
بناءً عليه، في المرة القادمة التي يطلب فيها العميل تعديلًا بسيطًا أبلغه بعدم وجود أي إشكال في ذلك، مع وجوب تأجيل الموعد النهائي بضعة أيام بالإضافة إلى التكلفة الإضافية لقاء هذا التعديل، ومن المستحسن أن تُضمّن بندًا خاصًا بهذا الشأن في العقد أو اتفاقية الاستخدام التي تستخدمها، والذي يُمكن الرجوع إليه عندما يطلب العميل طلبًا إضافيًا.
أتمت المهام أو عهدها
تناولنا قضية الوقت من جانب الأريحية في تنفيذ المشاريع، ولكن ماذا عن توفير الوقت؟ هنا يأتي دور أتمتة المهام أو تفويضها لأحدهم، فيمكنك إما البحث عن الأدوات التي من شأنها المساعدة في أتمتة بعض المهام في عملك، أو يمكنك توظيف أحد المستقلين في إنجاز المهام التي تستنزف ساعات من العمل أو تلك المهام التي لا تستسغ التعامل معها، وبهذه الطريقة سيكون لديك وقت إضافي لتستغله في رفع جودة المشروع.
زبدة الكلام
لا نحتمل كمستقلين الخمود، فهو لا يؤثر على الرزق والمدخول الشهري فقط، بل أيضًا يمنعنا مع العمل على ما نحب، بالإضافة إلى ما يعقب الأمر من كآبة في نفسيتنا، وسيكون هناك مطبات لا يمكن تجاوزها مهما كنت يقظًا، ولكن تذكّر دائمًا أن جدولة المهام بالطريقة المناسبة وتوزيع الوقت بين المشاريع وإعطاء متسع من الوقت لكل مشروع هو أفضل سبيل في مقاومة الممل والخمود.
ترجمة وبتصرّف للمقال The smart freelancer’s guide to avoiding burning out (Hint: schedule client work) لصاحبته Samar Owais.
حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.