اذهب إلى المحتوى

كان "محمد بن مكرم بن علي" (المشهور بلقب: "ابن منظور") كاتبًا في ديوان الإنشاء في القاهرة، حيث اشتغل بنسخ وتحرير الرسائل في بداية العهد المملوكي بمصر، وعُيّن -فيما بعد- قاضيًا بمدينة طرابلس الغرب، وكان "ابن منظور" محبًّا للكتب واللغة، ومن أحب أعمالها له اختصار الكتب المطولة، فقيل إنه اختصر "تاريخ دمشق" و"الأغاني" و"العقد الفريد" فقلصها إلى ربعها أو أقل. ولعل هذا الشغف بالاختصار والتسهيل هو ما قاده إلى جمع وترتيب أمهات المعاجم (مثل "تهذيب اللغة" و"جمهرة اللغة" و"المحيط الأعظم" و"الصّحاح")، فوضع -منها- أشهر أعماله وأشهر المعاجم العربية كافة، وهو: "لسان العرب".

لقد خدم لسان العرب اللغة العربية خدمة عظيمة دون ريب، إذ يُقدّر ما فيه من من مدخلات بنحو 80,000 مفردة في عشرين مجلدًا، وهذا عدد هائل لمعجم صدر في القرن الثاني عشر أو الثالث عشر للميلاد ويعادل ضعف ما جمعته كبرى المعاجم العربية قبله.[1] لكن هل ما زال ينفع "لسان العرب" طالب اللغة والترجمة في أيامنا؟

كُتب لسان العرب قبل نحو سبعمئة عام، وتغيرت -منذئذ- طريقة كتابة المعاجم وتصنيفها (بل ووظيفتها) من نواح معتبرة، ولعل كثيرًا من هذا التغير أو معظمه يعزى إلى واحد من أكبر مشروعات اللغة في التاريخ، وهو "معجم أكسفورد" للغة الإنكليزية، وما كان له من بصمة على سائر المعاجم بعده، والتي أثرت على عمل المترجم وأدواته كل تأثير.

الأستاذ والمجنون

اجتمع في لندن في سنة 1857 لغويون يتشاطرون إحساسًا بأن المعاجم الإنكليزية فيها ضعف وقصور كبير، فوضعوا قائمة بسبع مشكلات جوهرية في تلك المعاجم تستدعي تحديثها وتجديدها،[2] وأجروا دراسة استنتجوا منها أن عدد المفردات الإنكليزية التي غفلت عنها المعاجم أكبر بكثير مما فيها، وبدأ هؤلاء اللسانيون مشروعًا هائلًا لتوثيق جميع مفردات اللغة الإنكليزية مع تقصي أصلها التاريخي وسياقات استعمالها. إلا أن حجم المشروع تجاوز قدراتهم المتواضعة بكثير، فطلبوا من أرقى الجامعات في العالم -حينذاك- أن تحمل الراية عنهم، وهي جامعة أكسفورد.

6.1.jpg

عالم اللسانيات الأسكتلندي جيمس موري، الذي كان له الدور الأكبر في وضع حجر الأساس لمعجم أكسفورد الإنكليزي. - منشورة تحت ترخيص CC BY. المصدر: ويكيميديا كومنز

وقد وُظف لإدارة هذا المشروع أساتذة كبار متوالون، وسرعان ما قدم كل منهم استقالته بسبب ضخامة المهمة وصعوبتها الهائلة؛ حتى جاء الدور على الأسكتلندي جيمس موري، وهو مدرس وباحث زعم أنه يتقن عشرين لغة. وقرر موري نشر إعلانات في الصحف البريطانية تناشد عامة الناس لمساعدته بجمع كل ما تصل إليه أيديهم من اقتباسات مكتوبة لأي مفردة إنكليزية، بما فيها: «الكلمات النادرة والبائدة والقديمة والجديدة والغريبة».[3] وأجاب دعوته -طوعًا- ألف شخص في كل يوم؛ فأرسلوا قصاصات فيها شتى الاقتباسات بالبريد، وجُمعت هذه القصاصات في مكتب الأستاذ موري حتى بلغ عددها (بعد أكثر من عشر سنين من العمل) نحو مليونين ونصف مليون قصاصة.[4]

كان من أكبر المساهمين بهذه القصاصات طبيب سابق اسمه وليام تشيستر ماينور، فكان يضيف في العام الواحد ما يصل إلى 12,000 مفردة للمعجم.[5] وقد اتُّهمَ ماينور بقتل رجل؛ قبل ذلك بسنوات، لكنه أبرئ من التهمة لتشخيصه بالجنون، وكرس سنين من حياته بعدئذ في جمع اقتباسات لمعجم أكسفورد، فصار صديقًا مقربًا للأستاذ موري ومعينًا له في وضع المعجم، وخلدت قصتهما في كتاب مشهور (وفلم سنمائي لاحقًا) عنوانه: "الأستاذ والمجنون"،[6] فألهما بذلك مشاريع معجمية شتى تبعت مشروعهما.

استغرق وضع معجم أكسفورد -من بدايته إلى نهايته- أكثر من سبعين عامًا، لكنه استحق عناءه؛ فأتى بأشمل معجم في تاريخ اللغة الإنكليزية وغير وجه المعاجم وأسلوبها جذريًّا (ولو أنه يتقاسم هذا الفضل مع معاجم فرنسية وألمانية).[7] وما يميز معجم أكسفورد أمران أساسيان: الأول هو شموليته وكماله، فهو يتقصى كل المفردات المعروفة في اللغة بكل وثائقها واستعمالاتها، فيخصص مدخلًا لكل مفردة ويتقصى سائر معانيها بحسب سياقها ويصف اختلافات المعنى الدقيقة في كل سياق. وأما الأمر الثاني فهو إلمامه التاريخي: إذ يقتفي هذا المعجم تاريخ اللغة من أقدم النصوص المعروفة فيها، وينظر في أصول كلماتها مفردة مفردة؛ وفي كيفية تغير استخدامها بمرور الوقت، فيثبت كل معنى من معانيها القديمة والجديدة ويضيف إليها المفردات المستحدثة سنويًّا: ولهذا فهو معجم تاريخي، يغطي الإنكليزية الحديثة من أول أيامها وحتى اللحظة الحاضرة.

6.2.jpg

مثال على واحدة من ملايين القصاصات الورقية التي أرسلها متطوعون للمساعدة في وضع معجم أكسفورد للغة الإنكليزية، وهي قصاصة عليها كلمة "flood" (فيضان). - منشورة تحت ترخيص CC BY. المصدر: ويكيميديا كومنز

والمعاجم التاريخية ضرورة في كل لغة، فالمفردات العربية في كتاب "كليلة ودمنة" لا تأتي بنفس معانيها في "صحيفة الأهرام" مثلًا، واللغة العربية في أيامنا ليست مثلما كانت أيام "لسان العرب"، والمعاجم التراثية (رغم أنها كنوز لغوية) لا تصلح للمترجم المعاصر ولا تغنيه. فاللغة العربية بحاجة ماسة إلى معجم تاريخي شامل يجاري العصر، والمعجم العربي الوحيد من هذا النوع -حاليًّا- هو "معجم الدوحة التاريخي"، والذي قد يكون أعظم مشروع شهدته اللغة العربية في الأعوام المئة الأخيرة أو أكثر، على أنه ما يزال في خطواته الأولى من مشواره الطويل المنشود.[8]

القاموس أم المعجم؟

يستخدم كثير من الناس (بشكل أو بآخر) القواميس بوتيرة شبه يومية، ومن المعتاد أن يحمل المترجم المبتدئ معه قاموسًا أو يلجأ إلى بدائله الرقمية كلما عرضت له كلمة لا يعرف معناها، حتى أصبح واحدة من أولى أدواته، على أن هذا خطأ جسيم. فالمرجع الحقيقي والوحيد الذي يجدر بالمترجم أن يتسلَّح به في معظم الأحوال هو: إما "معجم أكسفورد" وما يماثله بالإنكليزية، أو معاجم عربية قليلة مثل "معجم الدوحة التاريخي" و"القاموس المحيط"، ودونًا عن القواميس بسائر أنواعها. فلم ذلك؟

6.3.jpg

معجم الدوحة هو المشروع الوحيد القائم حاليًّا لإنشاء معجم تاريخي للغة العربية. - منشورة تحت ترخيص CC BY

تأتي في معجم المورد الحديث التعاريف الآتية لمعاني بعض الأفعال الإنكليزية:

  • "to advance" (يُسرِّع، يُحسِّن، يُعزّز).[9]
  • "to develop" (يوسّع، يطوّر، يُنمّي).[10]
  • "to evolve" (ينشئ، يطوّر).[11]
  • "to further" (يُعزّز).[12]
  • "to promote" (يُرقِّي، يعزّز، يُحسّن، يُسرِّع).[13]

ولا يظن القارئ غير المطلع إلا أن هذه الكلمات كلها تعني شيئًا واحدًا تقريبًا: وهو التحسين والتعزيز والتطوير، لكن المطلع قد يعرف أن لها في الإنكليزية معاني دقيقة وسياقات واضحة تختص بكل منها، فإما أن تصف التطور بسياقه الحضاري والعملي؛ أو تطور الكائنات الحية؛ أو التقدم في مشروع؛ أو الترقية في عمل؛ أو الترويج لشيء. ولا يلام القاموس هنا لأن المشكلة ليست فيه، وإنما في فكرة القواميس ثنائية اللغة بكل مكانٍ وزمان.

"القاموس" بالأصل "مرادف" للمعجم، لكن الاصطلاح الحديث خص القاموس[14] بالمراجع التي تبين معاني الكلمات في لغتين أو أكثر؛ بتبيان الكلمات المترادفة في هاتين اللغتين، أما المعجم فإنه يعرف معاني الكلمات بلغة واحدة (وغالبًا مع لفظها واشتقاقاتها وأصولها التاريخية). وللغة العربية العديد من المعاجم التراثية والحديثة، ومن أشهرها "لسان العرب" و"الصّحاح في اللغة" و"القاموس المحيط"، وللإنكليزية عشرات المعاجم المشهورة والعريقة مثل أكسفورد وميريام ويبستر[15] وغيرهما. وصناعة المعاجم قديمة وعريقة أما القواميس ثنائية اللغة فإنها جديدة، والجيد منها شحيح، أشهره: "المورد" لمنير البعلبكي. و"مترجم غوغل" المعروف[16] هو -أيضًا- قاموس متعدد اللغات.

ومعظم الناس معتادون على الرجوع -عند الحاجة- إلى القواميس الإنكليزية العربية أو العربية الإنكليزية (مثل المورد وغوغل) وليس إلى المعاجم، ولكن الخبر السيئ هنا هو أن قيمة القاموس في عمل المترجم تكاد تنعدم، إلا في تعريب المصطلحات التقنية جدًا. فلعل الهدف الرئيس للقواميس هو مساعدة متعلمي اللغات على التوثق من معاني الكلمات الجديدة عليهم، ولكنها وسيلة غير دقيقة؛ بل ومغلوطة جدًّا لترجمة عمل أدبي أو مهني، والسبب هو أن طريقة عمل القاموس بأكملها قائمة على التقريب والتشبيه بدلًا من تفسير المعاني الحقيقية للكلمات.

فالقاموس -في جوهره- هو قائمة كبيرة من الكلمات بلغة أجنبية (كالإنكليزية)؛ مع "مرادفاتها" بلغة ثانية (كالعربية)، إلا أننا أثبتنا مطولًا (في المقال الأول من هذه السلسلة) استحالة ترادف الكلمات والمعاني بين أي لغتين في العالم، وهذا يعني أن القاموس ليس إلا محاولةً فاشلةً وواهمةً لتقريب المعاني للقارئ. فكيف للمترجم أن ينقل معنى نص إلى جمهوره، وهو نفسه يستعين بمصدر قاصر وناقص للمعنى؟

يتفوق المعجم أحادي اللغة بإلمامه الهائل بألفاظ لغته، إذ يستحيل على أي قاموس ثنائي اللغة أن ينافس في هذا المضمار معجمًا أنفقت عليه ملايين الدولارات على مر عشرات السنين، ولا يمكن -بحال- مقارنة "المورد" بـ"أكسفورد" (ولا القواميس العربية الإنكليزية بالقاموس المحيط وغيره). وما يعنيه ذلك هو أن المعجم يتجنب فخ "الترادف"؛ فهو يوثق الوقع الدقيق لكل مفردة بحسب سياقاتها ومعانيها العديدة قديمًا وحديثًا، بدون أن يربطها بمعنى خادع بلغة أخرى.

وقد يبدو استعمال المعجم صعبًا قليلًا أول الأمر؛ لأن استيعاب شرح الكلمة في لغة أجنبية يستلزم وقتًا وجهدًا، إلا أن هذه هي الطريقة الوحيدة لمعرفة معنى الكلمة ووقعها الحقيقي أثناء الترجمة، وأما اختصار الطريق بمطالعة القاموس فيؤدي -في معظم الأحوال- إلى إساءة في الفهم وأغلاط في الترجمة يتحمل المترجم وزرها عن آلاف القراء.

استعمال المعاجم والقواميس

الخطوة الأولى التي يباشر بها المترجم حينما تعترضه كلمة لا يعرف معناها؛ هي: إمّا الرجوع إلى معجم معروف في اللغة الأجنبية (للتوثّق من معنى الكلمة) أو إلى معجم عربي (للتوثّق من معنى بديلها أو ترجمتها المقترحة)، كما يمكنه -ويجدر به- الرجوع إلى القواميس الثنائية المتخصّصة بالعلوم والتقنية لتعريب المصطلحات الصعبة، فهذا هو السياق الوحيد الذي تفيد فيها القواميس.[17] وأنصح -شخصيًا- بالبدء من معجم "ويكاموس" أو Wiktionary، وهو معجم يشبه موسوعة "ويكيبيديا" ويحتوي على ستة ملايين كلمة بمئات اللغات، مما يجعله واحدًا من أوسع المعاجم المتوفرة في عصرنا.

لعل أشمل القواميس الإنكليزية العربية هو "المورد"، إلا أنه قاموس عام في محتواه ولا يهدف إلى تفصيل المصطلحات التقنية، ولأن أدب المعاجم العربية ما يزال متأخرًا وغير مواكب لتطورات اللغة الحديثة؛ فسوف يحتاج المترجم في الموضوعات العلمية والتقنية إلى الرجوع لقواميس متفرقة ومبعثرة حسب مجال الاختصاص، ومن المستحسن أن تكون صادرة عن مجامع اللغة العربية أو هيئات معتمدة أخرى.

تقتصر هذه القواميس عادة على مجال محدد، فتأتي عناوينها على شاكلة: "قاموس الفيزياء العربي" و"قاموس الأحياء المُيسَّر" مثلًا. ومن أهمّ القواميس العربية المتخصصة والمرموقة "المعجم الطبي الموحد"؛ الصادر عن "منظمة الصحة العالمية" و"اتحاد الأطباء العرب"، كما يتوفر في المكتبات كثير من القواميس المتخصّصة بمجالات مثل: التقنية والزراعة والهندسة وغيرها (مع تفاوتها في الجودة والموثوقية). وإذا كنت تترجم موضوعات في مجالات علمية محددة فيفترض أن تشتري قواميس متخصصة تعينك على العمل فيها، على أن تتوثق من مؤلفيها أو ناشريها وتتأكد أنهم ضليعون باللغة العربية وأصولها.[18]

6.4.png

المعجم الطبي الموحد (صادر عن منظمة الصحة واتحاد الأطباء العرب). - منشورة تحت ترخيص الاستخدام العادل. المصدر: موقع المعجم

وخارج إطار القواميس والمعاجم العربية، يجب على المترجم إتقان استعمال المعجم الإنكليزي والأجنبي، وهذه مهارة أساسية لا يمكن التغاضي عنها: فالمعجم هو رفيقك ومعينك في استيعاب معاني المفردات وسياقاتها ووظائفها اللغوية. واستعمال المعجم يحتاج قدرًا من الممارسة والاطلاع لا يستهان به؛ فتخصص لدراسته مواد دراسية مكتملة في الجامعات، وفيما يلي شرح سريع لمدخلات المعجم وكيفية الاستفادة منها.

أجزاء المعجم

يحتوي المعجم مدخلًا مفصلًا لكل كلمة في اللغة، ولا شك في أن أهم قسم في المدخلة هو تفسير معنى الكلمة؛ أو معانيها المتعدّدة، ولكن في المعجم كثير من المعلومات المفيدة الأخرى، والتي قد تكون لها قيمة عظيمة في الترجمة؛ وفي التعريب على وجه الخصوص.

أصل الكلمة

تتضمن المعاجم الإنكليزية الكبيرة تحقيقًا تاريخيًّا في أصل كل كلمة من كلمات اللغة، سواء أكانت كلمة إنكليزية أصلية أم مستعارة من لغة أخرى. فلو بحثت عن كلمة Sugar في معجم أكسفورد ستجد شرحًا لكل شكل تاريخي للكلمة وصولًا إلى أصلها العربي "سُكَّرْ"، ولو بحثت في كلمة Square ستجد أن أصلها يأتي من اللغة اللاتينية. وقد قضى علماء اللسانيات سنين طويلة في بحث أصول الكلمات وطرق استخدامها في الكتب القديمة لجمع هذه المعلومات، وللأسف فإن تقصيها العربي ما زال ضعيفًا ومقتصرًا على الجزء الأول من معجم الدوحة التاريخي. وقد يفيد تقصي أصل الكلمة في تعريبها أو في تحديد خواصها الصوتية.

المعنى والاستخدام

أهم أجزاء المعجم هو شرح معاني الكلمة مع أمثلة واقتباسات على استعمالاتها، وقد تجد هذا الشرح في القاموس لكنه يأتي موجزًا تنقصه الدقة. فلو بحثت -مثلًا- عن كلمة energy في قاموس المورد تجد أن ترجمتها "طاقة"، ولو بحثت عن كلمة power ستجد أن ترجمتها "طاقة" أيضًا، إلا أن الكلمتين تختلفان في المعنى، والوسيلة الوحيدة لك لإدراك الفرق الدقيق بينهما هي في الرجوع إلى معجم إنكليزي.

ولمعظم الكلمات الشائعة في اللغات معان دقيقة عدة، وقد تصل أحيانًا إلى أكثر من عشرة معان للكلمة الواحدة، ولا داعي للفزع إن رأيت مثل هذا العدد الكبير، لأن صانعي المعجم يرتبون هذه المعاني بحسب كثرة استخدامها، وبالتالي ففي العادة فإن المعنيين الأول والثاني منها يتضمنان ما تبحث عنه في الغالب، ولو كان المصطلح متخصصًا فستجد ملحوظة بمعناه في كل مجال من مجالات استخدامه.[19]

6.5.png

مثال على أقسام المعجم من مدخلة "species" (نوع حي) في قاموس أكسفورد، وتظهر فيها معاني الكلمة متبوعة بأصلها التاريخي ثم بلفظها الصوتي. - منشورة تحت ترخيص الاستخدام العادل

البحث في المعجم

معظم المعاجم الحديثة متاحة حاليًا على الإنترنت، فلم يعد من اللازم تعلم مهارات البحث في المعجم لاستخدامها. ويمكن البحث في المعاجم الإنكليزية المطبوعة بسهولة لأن كل الكلمات فيها مرتبة أبجديًا، والصيغة الرئيسية التي قد لا تجدها في المعجم الإنكليزي هي تصريفات الأفعال المضارعة (مثل إضافة -ing في كلمة taking، التي تجدها في مدخل "take").

وأما المعاجم العربية فيختلف أمرها قليلًا، والسبب هو أن للأفعال العربية اشتقاقات كثيرة جدًّا نسبةً إلى غيرها، حيث إن تخصيص مدخلة مستقلة لكل فعل منها قد يكون صعبًا جدًّا، ولهذا السبب يجب الرجوع إلى جذور الأفعال الثلاثية (وأحيانًا الرباعية أو الخماسية) للعثور عليها في المعجم، وقد يحتاج ذلك إلى شيء من الخبرة في الصرف.

الأبجدية الصوتية

في كل معجم متكامل كتابة للفظ كل كلمة بنظام يسمى "الأبجدية الصوتية العالمية"،[20] وهي أبجدية اخترعها علماء اللغة قبل مئة وثلاثين عامًا لإيجاد وسيلة لكتابة اللفظ الفعلي (وليس التهجئة) لجميع الأصوات في شتى لغات العالم؛ ومن ثم تقصي لفظها الدقيق دون الحاجة لسماعها. وقد لا تكون قراءة الأبجدية الصوتية سهلة في أول الأمر، غير أن تعلمها يعد مهارة عظيمة للمترجم، إذ لن يتطلب اكتسابها سوى ساعات قليلة تنفعك بعدها في قراءة أي كلمة بأي لغة.

تتضح فائدة الأبجدية الصوتية في الترجمة حين اقتباس الألفاظ الأجنبية بالنقحرة، أي بنقل لفظها الأجنبي إلى اللغة العربية (نقلًا حرفيًّا)، وهو ما قد يصادفه المترجم كثيرًا في نقل أسماء الأعلام والشخصيات، التي قد تكون لها أصول من لغات عديدة وألفاظ غير مألوفة. وتختلف اللغة الإنكليزية عن العربية بأنها لا تلفظ دومًا مثل ما تكتب، ففيها كثير من الحالات التي لا تتبع اللفظ القياسي، وتعينك الأبجدية الصوتية على تجاوز المشكلة. وكثيرًا ما يكون سبب الشذوذ في اللفظ هو أن أصل هذه الكلمات من لغات أخرى، مثل "croissant" ذات الأصل الفرنسي التي تلفظ في الإنكليزية: "كْرْوَاسَانْ" (بمد طويل، وتهجئتها تحاكي تهجئة الكلمات الفرنسية).

تحتوي الأبجدية الصوتية العالمية ما مجموعه 107 حروف صائتة وصامتة و52 إضافة لفظية، وربما يختلف رسم هذه الحروف من معجم إلى معجم بدرجة بسيطة لذا عليك التوثق منها (ولو أن معظمها تبقى موحدة بين المعاجم). وتكتب الأبجدية الصوتية بأحرف لاتينية محصورة بين شرطات مائلة، ولفظها مقاربٌ غالبًا -وليس دائمًا- للفظ هذه الحروف المألوف لنا في اللغة الإنكليزية، فكلمة knight تكتب في الأبجدية الصوتية بصورة: /Na:It/ (أي: "نَايْت")، وكلمة "بَيْت" باللغة العربية بصورة: /baIt/. وهذه أمثلة بسيطة قد تنجح في قراءتها دون الحاجة لأي تدريب، إلا أن قراءة الأبجدية قد تحتاج تدريبًا أكثر كحال اللفظ البريطاني للـ"كرواسان"، فهو: /ˈk(ɹ)wæsɒ̃/.

6.6.png

رسم يوضح رسم كثير من حروف العلة بالأبجدية العالمية بحسب مخارج لفظها (ليست كل هذه الحروف شائعة ولا ضرورية للمترجم بالضرورة). - منشورة تحت ترخيص CC-BY. المصدر: ويكيبيديا

من الصعب تخصيص مساحة من هذا الكتاب لتلقين كيفية قراءة الأبجدية الصوتية (ولو أن مراجعها كثيرة على الإنترنت)، لذلك يقتصر هذا القسم على جدول فيه مقدمة متواضعة لأهم الحروف الصوتية في اللغة الإنكليزية. ومعظم الحروف الصامتة تكتب بتهجئة مماثلة للفظها المألوف باللغات الأوروبية، فمثلًا: حرف /n/ لفظه مثل النون بالعربية، و/m/ يماثل الميم، وهلمّ جرا. لكن في الأبجدية العالمية حروفًا إضافية ربما لا تألف شكلها، ومن أهمّها:

الشكل (في الأبجدية الصوتية العالمية) مثال بالإنكليزية اللفظُ العربي
ɸ Focus ف
θ Thin ث
ð This ذ
ʃ She ش
ʒ Joy ج
x Loch خ
q - ق
ɣ - غ

وأما الصوائت (أي حروف العلة) فهي أكثر تعقيدًا بقليل، لأنها تختلف كثيرًا من لغة إلى لغة، والصوائت الإنكليزية أكثرُ من العربية، لذا يستصعب البعض تعلمها. ومن أهم الصوائت في قراءة الكلمات ما يأتي:

الشكل (في الأبجدية الصوتية العالمية) اللفظُ العربي
i كسرة
u ضمة
a فتحة

_____

اقتباس

ملاحظة: إذا أردت مراجعة المراجع والمصادر المشار إليها فيمكنك ذلك من خلال قراءة هذا الفصل من كتاب فن الترجمة والتعريب والرجوع إلى فصل المصادر فيه.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...