اذهب إلى المحتوى

ستدرك أن العمل التجاري الحر مجال صعب المسالك أحيانًا إذا كنت من ممارسيه؛ لأن المستقلين غالبًا ما يبرمون صفقات غير موفقة، ومن أسباب ذلك، قلة العملاء المناسبين للعمل معهم؛ فبالرغم من أن هناك عملاءً لديهم مختلف الطباع والأساليب، إلا أنه ينبغي للمستقلين تحليل قراراتهم والتخطيط لها قبل البدء في العمل.

بصفتي مستقلًا متمرسًا عملت لعشرات العملاء، يمكنني القول إن اختيار عميل مناسب هو الجزء الأكثر صعوبة. ونصيحتي لك هي أنه أيًا كان العمل الذي تمارسه، فاحرص على الاستفادة القصوى من خياراتك.

سنطلع في هذا المقال على ثمانية أسئلة ينبغي للمستقلين طرحها على عملائهم المحتملين؛ لأنك إن فعلت ذلك، فستضمن أنك حصلت على أكثر المعلومات الضرورية فائدةً لك.

1. هل تعاونت من قبل مع مستقل لإنجاز مشروع ما؟

أول ما عليك معرفته حول عميلك المحتمل هو ما إذا كان لديه خبرة في التعامل مع مستقلين. اسأله عن تجاربه الماضية مع المستقلين الذين وظفهم، وغالبًا ما سيكون جوابه أنه يوظف مستقلين منذ وقت طويل.

من النقاط الإيجابية أن يكون عميلك مستوعبًا لديناميكيات العمل، وللتواصل بين المستقل والعميل. ومن الضروري أيضًا أن يكون ذلك العميل محترفًا بما يجعله يضمن تحقيق تعاون مثمر بينكما؛ أما إذا لم تكن لدى عميلك تجربة سابقة مع أي مستقل، فقد يمثل ذلك مشكلةً بالنسبة لك.

اسأل عميلك المحتمل عن السبب الذي جعله يقرر إسناد العمل إلى شخص آخر بدلًا من أن ينجزه بنفسه؛ هل السبب مشكلة فنية؟ أم ببساطة لأنه ليس لديه وقت لإنجاز العمل بنفسه؟

وإن كانت لدى عميلك المحتمل تجارب سابقة مع مستقلين آخرين، فاسأله عما إذا كان بوسعك التواصل مع بعضهم. فإذا كانت المشاريع التي أنجزها له أولئك المستقلون قد انتهت على ما يرام، فلن يتردد في إعطائك مزيدًا من المعلومات حول ذلك، وربما يوصلك بأولئك المستقلين.

2. ماذا عن سمعة شركتك؟

هذا السؤال لا غنى عنه؛ فعندما تقدم على أي وظيفة جديدة، ينبغي لك التحقق من سمعة الشركة ذات الصلة، وعليك فعل ذلك عن طريق الإنترنت بدايةً.

يمكنك التحقق من سمعة تلك الشركة دون سؤال الشخص الذي يجري معك مقابلة التوظيف؛ أي من الأفضل أن تتحرى عن ذلك بنفسك قبل موعد تلك المقابلة. ويغدو بوسعك سؤال من يجري معك المقابلة عن سمعة الشركة متى أصبحت لديك لمحة عن هوية علامتها التجارية، إن وجدت.

اطرح عليه سؤالًا مثل: "ماذا عن سمعة شركتكم في السوق، المتعلقة باختصاصها ومجال نشاطها؟" وهنا يُفترض بالجواب أن يعطي صورةً واضحةً حول مدى موثوقيتها وحسن سمعتها؛ أما إذا كانت الشركة ما تزال وليدة، فيمكنك إخبار من يجري معك المقابلة أنك بحثت عنها لكنك تعثر على أي معلومات حولها.

وهنا عليك الاستفسار عن سبب ذلك. فإذا برر الأمر بأن الشركة ما تزال جديدة، فقد يطرح ذلك علامة استفهام بالنسبة لك؛ أما إذا أجاب بغير ذلك، فاطلب منه مزيدًا من المعلومات حتى يتضح لك مع من تتعامل؛ لأنك قد تصادف الكثير من المحتالين عبر الإنترنت، لذا احترس منهم!

3. ما مدى أهمية هذا المشروع لك بوصفك عميلا؟

من الضروري أن تكون لديك توقعات صحيحة في حياتك، وإلا فإنك تخاطر بالوقوع ضحية خيبات الأمل. ينطبق ذلك على العلاقة بين المستقل والعميل؛ إذ ينتهي العديد منها بسبب غياب الشفافية بين طرفيها.

اسأل العميل المحتمل عن أهمية المشروع؛ فلا بد من أن لكل عميل العديد من المشاريع النشطة في الوقت ذاته، وعادةً ما يكون بعضها أكثر أهميةً من غيره؛ إذ عليك التعرف على توقعات عميلك، والاستفسار منه حول تصوره للنتيجة النهائية للمشروع، وإلى أين سيتجه بعد انتهائك منه، وما الخطة النهائية الخاصة به.

بوسعك بعد تكوين صورة عما سبق أن تقرر ما إذا كنت مناسبًا للعمل مع ذلك العميل، أم لا.

ينبغي لك التفكير في توقعات عميلك منك ومن المشروع، والتحلي بالشفافية والصدق. ودعه يعلم ما إذا كان بوسعك فعلًا إنجاز المتوقع منك، وتقديم عمل ذي جودة، أم لا، فلا مجال للرمادية هنا؛ بل عليك التحلي بالوضوح التام.

4. ماذا عن التواصل؟

يُعَد التواصل أحد الجوانب الأساسية بالنسبة لأي مشروع تجاري؛ فبدون تواصل ممتاز، سيغيب التزامن، ويتعذر الوصول إلى إدارة مهام سليمة. فالتواصل يلعب دورًا محوريًا في الجانب المؤسساتي للشركة، ويجب أن يكون فعالًا دائمًا.

تبرز أهمية التواصل خصوصًا في ظل حقيقةٍ مفادها أنك قد تعثر على عملاء من مختلف أنحاء العالم، وأن بعضهم يعيش في مناطق زمنية مختلفة عن منطقتك؛ أي قد يكون لديك نهار، ولديه ليل، أو العكس؛ لذا من الأفضل أن تعثر على عملاء تشترك معهم بالتوقيت ذاته، أو بتوقيت قريب منه قدر الإمكان.

واسأل عميلك عن الطريقة التي ستتواصلان وفقًا لها. أي هل هناك برنامج أو تطبيق محدد يريد التواصل معك عن طريقه؛ وهل يستخدم البريد الإلكتروني أم منصة أخرى؟ وما مدى إمكانية التواصل معه؟ أي ما هي الأوقات التي بوسعك مراسلته فيها؟ وفي حال واجهتك مشاكل أثناء العمل على المشروع، فكيف سيستجيب لذلك؟ وما مدى سرعة تلك الاستجابة؟

تلك كانت جميع الجوانب التي عليك أخذها بالحسبان عند التفكير في التواصل مع عملائك المحتملين، كما يجب أن تسأل عميلك عن الأوقات التي عليك أن تكون جاهزًا فيها للرد عليه؛ أي ما المعدل الذي يتوقع فيه أن يجدك متاحًا للتواصل معه؟

قد يمثل كل ذلك عاملًا بالغ الأهمية يؤثر في نمط حياتك المستقبلي.

5. ما هي أحكام المشروع وشروط الدفع؟

ربما تقول لنفسك: "ينبغي أن يكون هذا أول سؤال أطرحه على العميل المحتمل".

يبدو ذلك منطقيًا؛ لكن الحقيقة أن العملاء لا يحبون أن يبدأ المستقلون بطرح هذا السؤال قبل غيره. وبالمقابل؛ فإن طرح أسئلة حول شركة العميل المحتمل، أو الخدمة التي يقدمها، يزيد من فرصة أن يختارك لإنجاز مشروع له يدر عليك مالًا.

ولكن المقابل المالي الذي ستحصل عليه من العمل على المشروع يُعَدّ من الجوانب الأساسية لعمل مُرضٍ لك؛ لذا اسأل عميلك المحتمل عن أحكام المشروع، وعن المقابل المالي الذي ستتقاضاه منه لقاء أداء المهمة التي يوكلها إليك، فقد يكون الدفع على أساس ساعة عمل واحدة، أو وفقًا لراتب ثابت؛ وهو ما عليك سؤال عميلك عنه بحيث لا يكون هناك أي غموض حول هذه النقطة.

اعلم أن هناك شركات لا تعطيك إجابةً واضحةً حول ما ستتقاضاه، بل تجعله مقترنًا بالفوائد أو العائدات الإجمالية التي تحققها؛ ولكن عليك أن تعلم يقينًا كيف سيُدفع لك المال مقابل ما تبذله من جهد. فمثلًا، إذا كنت تعمل مصمم جرافيك مستقلًا لا خبرة لديه، فلن تحصل لقاء ذلك على المقابل ذاته الذي يتقاضاه مصمم ذو خبرة طويلة.

احرص أيضًا على أن تقرر معدل الدفع قبل التقديم على الوظيفة، وهو من المعلومات التي يمكنك التأكد منها بزيارة منتديات المستقلين الإلكترونية، أو عبر محركات البحث على الإنترنت؛ كما يمكنك اختيار التفاوض على السعر إذا كان عميلك يعرض أسعارًا أقل مما تريد.

6. ما الوتيرة التي تريد الحصول على تحديثات المشروع وفقا لها؟

يمثل ذلك جانبًا أساسيًا آخر لتعاون ناجح مع عميلك؛ إذ عليك هنا التعرف إلى الجدول الزمني الذي ستلتزم بتقديم تحدثيات للمشروع وفقًا له، لأن كل عميل يطالب من ينجزون له المهام بإبلاغه بتحديثات المشاريع ذات الصلة. وهناك عملاء يطلبون من المستقلين رفع تقارير لهم بوتيرة يومية.

إذًا، عليك -وبحسب نوع المشروع- تقديم تحديثات جديدة توضّح فيها التقدم الذي أحرزته. وعليك لذلك الهدف أن تسأل عملاءك المحتملين عن مدى تكرار التحديثات التي يريدونك أن تشاركهم إياها، وبأية طريقة؛ أي هل عبر البريد الإلكتروني؟ أو بواسطة برنامج محدد؟ أو عبر الهاتف؟ فإذا عرفت ما هي توقعات عميلك المحتمل، فسيغدو بوسعك تنظيم وقتك بفعالية، كما يمكنك أيضًا إنهاء واجباتك في الوقت المحدد، ونشر التحديثات مع نتائج التقدم التي حققتها.

7. هل يمكنك أن تريني أمثلة؟

يمكنك الاستغناء عن طرح هذا السؤال إذا افترضنا أنك مستوعب لكل ما هو مطلوب، لكن وبحسب خبرتي، لكل عميل شروطه وتوقعاته، ويُحتمل أن تتكون لديك فكرة خاطئة حول ما ستبدو عليه النتيجة النهائية، أو قد لا تكون فهمت بعض جوانب المشروع التي يريد العميل منك إنجازه له.

في كل الأحوال، من المهم أن تطلب توضيحات من عميلك؛ ومتى حصلتَ عليها، اطلب من عميلك أن يعرض لك مثالًا -إن أمكنه ذلك- حول ما يريد منك إنجازه.

يعجّ الإنترنت بالمحتوى والأشياء التي يمكن للمستقلين الاستعانة بها لأداء المهام الموكلة إليهم. وإذا أرسل لك العميل مثالًا عن النتيجة النهائية للمشروع الذي تنجزه له، فسيتيح لك ذلك رسم صورة واضحة حول ما يجب عليك تقديمه.

بعد ذلك اسأل نفسك: هل أعتقد أن بوسعي تقديم تلك النتيجة للعميل المحتمل؟ فإذا كان الجواب "نعم"، فامضِ قدمًا؛ أما إن كان "لا"، فكن صادقًا معه وأخبره بأنك لست الشخص المناسب لإنجاز المشروع له.

8. اسأل عملاءك المحتملين عن حقوق الملكية الفكرية

تنفّذ بوصفك مستقلًا مهامًا يراد منها بيع حقوق ملكية فكرية؛ فإذا كنت تعمل مصممًا مستقلًا، فقد ينتهي المطاف بأعمالك إلى أي مكان ضمن شبكة الويب؛ لذا اسأل عملاءك المحتملين عما إذا كان اسمك سيُذكر مع تلك الأعمال، أو عما إذا كان صاحب العمل أو الشركة هما اللذان سيحوزان على الحقوق الفكرية للعمل المنجَز.

عليك معرفة ذلك قبل البدء بأي عمل حر بصفتك مستقلًا؛ فهناك مستقلون أنجزوا أعمالًا على فترة طويلة، وسُمح لهم بالاحتفاظ بأسمائهم فيها، فتعززت سمعتهم المهنية بفضل ذلك، وأنا منهم؛ لكن -وبصراحة- لا تتعدى نسبة الحالات التي سُمح لي فيها بذلك 10% تقريبًا من مجموع المشاريع التي أنجزتها، في حين فرض عليّ عملاء آخرون التنازل عن إظهار اسمي في الأعمال التي قدمتها لهم في حوالي 90% من الحالات.

إذا كان هدفك في الحياة أن تصبح مستقلًا مشهورًا، فبوسعك الاستفادة من سمعتك التي اكتسبتها من مشاريعك السابقة.

يمثل ارتباطك بعميل عظيم عاملًا حاسمًا في حياتك المهنية، وستغدو حياتك أسهل وأكثر متعةً إذا نجحت في تبنّي خيارات موفقة بشأن عملائك المستقبليين.

أجرِ بحثًا على نحو مسبق بدلًا من الاضطرار إلى التعامل مع المشاكل، وتدفق العمل، أو تحمُّل عناء التواصل السيء؛ وتذكّر أن لك الحق في التحضير لمقابلة عمل مثلك مثل عملائك المحتملين.

يتمحور الأمر برمته حول إنشاء تواصل مثمر يأتي بخاتمة مُرضية لكل من العميل المحتمل والمستقل.

ترجمة وبتصرف للمقال 8 Questions Freelancers Should Ask Potential Clients.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...