لم تعد مصطلحات مثل “مستقل“، “العمل الحر”، “فريلانسر Freelancer”، أو “العمل من المنزل”، مصطلحات غريبة على المستخدم العربي.
وعلى الرغم من ذلك فمازال البعض يتحدث عن العمل الحر على الإنترنت بنوع من الارتياب والتردد. ربما يساعدك مقال مثل هذا – يتحدث عن مميزات العمل كمستقل Freelancer – على التحول من “موظف” يعمل بنظام الدوام، إلى “موظف حر” أو “مستقل” يعمل لحسابه الشخصي.
1. الحرية الكاملة
لن تدرك معنى الحرية الكاملة إلا حينما تقوم بتقديم استقالتك إلى مديرك الذي ينتظر عثراتك كل يوم ليوبخك عليها أو يخصم من راتبك. وحينما أتحدث عن مفهوم مثل “الحرية” فأنا أعني الحرية الكاملة بحق.
أنت مدير نفسك .. ليس هناك من يجبرك على الاستيقاظ كل يوم الساعة 7 أو ربما في ميعاد مبكر عن هذا، حتى يمكنك الوصول إلى مقر عملك في الموعد المحدد. ليس هناك من يطلب منك مهام أنت لا تطيق تنفيذها، أو يطلب منك التعامل مع أشخاص أنت لا تحب التعامل معهم. ليس هناك من يجبرك على تحقيق هدف Target معين يعاقبك على التقصير فيه.
أنت غير مرتبط بالأجازات والعطلات الرسمية سواء الأسبوعية، الشهرية، أو السنوية. تستطيع الذهاب إلى أي مكان في أي وقت. تستطيع السفر لأي عدد من الأيام بدون الارتباط برصيد الأجازات المتاح أو التعرض للخصم من الراتب. تستطيع قضاء وقت أطول وأفضل مع عائلتك.
نمط العمل من المنزل يوفر لك الكثير من الوقت الضائع في الذهاب إلى العمل والإياب منه، يوفر عليك الكثير من الضغط العصبي الذي تتعرض له مع الاحتكاك بالبشر في كل مكان وكل وقت من لحظة خروجك من المنزل وحتى عودتك إليه.
نماذج الحرية في العمل الحر غير محدودة، وسردها يأخذ الكثير، ولكنك تلمسها من أول يوم تقرر فيه العمل لحساب نفسك.
ولكن بقدر ما هو يشير إلى الحرية، فهو كذلك يشير إلى المسئولية الذاتية. فأنت شخص ناضج تعرف التزاماتك جيدًا وتختار نمط العمل الحر الذي من شأنه تغطية تلك الالتزامات، عن طريق مستوى مرتفع من الانضباط.
2. أنت تعمل في ما تحب
بالتأكيد سمعت القاعدة المشهورة “حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب”. حسنًا .. ربما تكون فرصة العمل كمستقل هي النقلة الذهبية لمرحلة “أن تعمل ما تحب”.
استطيع القول بكل ثقة أنه لا يوجد أحد من المستقلين يعمل فيما لا يحب. لماذا أصلاً يعمل في مجال يكرهه باختياره؟
ربما نكره الوظيفة لطبيعتها الملزمة، ونلتزم نحن بها لأنها تمثل مصدر الدخل المنتظم وبالتالي الأمان المالي. ولكن حينما نقوم بالاستقالة من الوظيفة، ونختار بيئة العمل الحر، فنحن – يقينًا – نختار أن نعمل ما نحب.
3. غير مرتبط بمكان
لا .. لم تعد في حاجة إلى مغادرة منزلك كل يوم، والتعرض لسخافات البشر في المواصلات العامة أو في عملك، والتي تشكل بالطبع ضغط نفسي وعصبي أنت في غنى عنه.
نمط العمل الحر يعفيك من الارتباط بمكان محدد للعمل، فأنت كمستقل يمكنك العمل من أي مكان تجد راحتك فيه. هذا المكان من الممكن أن يكون منزلك، المكتبة، المقهى المفضل، شركة أحد الأصدقاء، أو أي مكان آخر.
حرية المكان كذلك متمثلة في قدرتك على السفر إلى أي موضع على سطح الأرض، وأنت تصحب عملك معك. عملك متمثل في جهاز كمبيوتر محمول ووسيلة اتصال بالإنترنت، وبهذا تكون على تواصل مع عملك حتى ولو كنت في القطار، السيارة، أو الطائرة. يمكنك قضاء أجازة نهاية الأسبوع في أي مكان بعيد عن المنزل، بدون الإحساس بالقلق على عملك، فأنت تصحبه معك بالفعل.
أقرأ أيضاً: كيف تصبح مستقلاً ناجحاً؟!
4. غير مرتبط بزمان أو ساعات عمل محددة
نمط العمل الحر يحطم صنم “الدوام” إلى الأبد. أعد ضبط ساعتك البيولوجية على مواعيد عمل جديدة بدلاً من منظومة (من 9 لـ 5) التي أهدرت الكثير من الوقت في حياتنا.
تستطيع اختيار نمط ساعات العمل التي ترغب فيها، وعددها، وتوقيتها.
هل ترغب في العمل لـ 8 ساعات في اليوم فقط؟ أم أكثر؟ أم أقل؟
متى تحب أن تبدأ عملك في اليوم؟ من الفجر؟ من الساعة 12 ظهرًا؟ من بعد منتصف الليل؟
هل تحب أن تعمل بشكل متصل من ساعات العمل؟ أم تحب تقسيمها وأخذ قسط من الراحة خلال اليوم؟
الأسئلة السابقة كافة، أنت وحدك من يملك حق الإجابة عليها، حينما تعمل كمستقل.
5. ربح غير محدود
حينما تعمل في أحد الشركات، فأنت تبيع وقتك لأجل مبلغ محدد شبه ثابت من المال. العقد الذي بينك وبين صاحب العمل ينص على أن تعمل لديه بنظام الدوام المنتظم لمدة 8 أو 9 ساعات في اليوم، 5 أو 6 أيام في الأسبوع، لتحصل على مقدار ثابت محدد سلفًا من الأجر. هذا الأجر قد يزيد في حالات ومناسبات خاصة، ولكنه يظل مبلغ ثابت يدور في فلك محدود.
أما حينما تعمل كعامل حر أو مستقل، لا يوجد حدود لما يمكن أن تربحه. فأنت الذي يحدد التسعيرة المناسبة بناءًا على الخبرة ومستوى جودة العمل. أنت كذلك الذي تقرر كم العمل الذي ستتناوله في فترة زمنية معينة، والذي يعكس مقدار إيراداتك.
حينما تعمل كموظف حر، فمقدار إنتاجيتك وجودتها هو الشيء الذي تُقايض عليه بالمال، وكم المال الذي ستربحه سيدخل رصيدك بالكامل، بدون المرور على من يقوم بإجراء استقطاعات غير مرغوبة عليه. وكم المال مرتبط بكم وكيف العمل، ومن ثم سيكون لديك – بعد فترة – مقياس معين تحدد عن طريقه كم المال الذي ترغب في اكتسابه في فترة زمنية معينة.
6. شريحة أكبر من العملاء
بينما يتسم أي نوع من أنواع الأعمال بالمحلية Local Business، والعالمية بالنسبة له هدف بعيد شاق، يحطم العمل الحر هذه القيود. أنت تتعامل مع عملاء من جميع أنحاء العالم العربي.
يمكنك التعامل مع عملاء من مصر، السعودية، الإمارات، الأردن، البحرين، فلسطين، وغيرها من البلاد العربية. المجال مفتوح والفرص غير محدودة. يعتمد الأمر في المقام الأول على حسن تسويق نفسك / خدماتك لعميلك المستهدف.
7. يمكنك التربح من بيع خبراتك
هناك قطاع عريض من البشر على استعداد أن يدفع المال مقابل أن يحصل منك على كم الخبرات والتجارب التي تعرضت لها في صنعتك. مثل هذه الممارسة توفر على المتلقي سنوات من البحث الذاتي والعمل الشاق حتى يصل إلى مستواك في وقت قصير. فمن ثم هي صفقة رابحة للطرفين: أنت تتقاضى المال مقابل بيع خبراتك، وهو يحصل على المعلومات التي تنير له الطريق.
آلية بيع الخبرات قد تكون في برنامج تدريب يُباع على الإنترنت Online Course، كتاب إلكتروني eBook، موقع اشتراكات Membership Site، أو حتى برنامج تدريبي خارج الإنترنت Offline Course، أو أيًا كانت الطريقة.
في هذه المرحلة المتقدمة يدخل المستقل خانة “العمل الاستشاري”، ويصل إلى هذا المستوى بالكثير من العمل والجهد والاحتكاك لمعالجة المشاكل والتحديات التي تقابله، حتى يصبح مع الوقت علامة تجارية شخصية Personal Brand في صناعة معينة، ويبدأ في بيع خبراته للمبتدئين.
عيوب العمل الحر
ولكن هل معنى سرد مثل هذه المميزات وأكثر، أن العمل الحر ليس له عيوب؟
بالطبع له بعض العيوب، ولكن الكثير من المستقلين أمكنهم التغلب على تلك العيوب، أو التكيف معها.
1. لا يوجد مصدر ثابت للدخل
لهذا يتهافت مليارات البشر على “الوظيفة” .. أنه يعلم أنه في نهاية اليوم / الأسبوع / الشهر هناك أجر سيتقاضاه. يمثل هذا المبدأ مفتاح الأمان لدى الشخص العادي.
أما الشخص غير العادي فيتغلب على تلك العقبة. هذه العقبة لها أكثر من حل واقعي يمكنك – كمستقل – اختيار أحدها. بداية يجب أن تحسب التزاماتك الدورية والفواتير المستحقة عليك بشكل منتظم، ثم تقوم بتنفيذ أحد هذه الحلول:
- العمل على ادخار مبلغ من المال يكفي لوفاء التزاماتك وإنفاقك الشخصي لمدة 6 شهور، وذلك قبل الاستقالة من الدوام المنتظم.
- تقديم بعض التنازلات الخاصة “بالتسعير” في بداية عملك كمستقل، مع الاحتفاظ بنفس المستوى المرتفع من الجودة للتغلب على المنافسين.
- السير بالتوازي ما بين الوظيفة المنتظمة والعمل الحر، حتى تصل لمستوى معين من الاستقرار تستطيع معه الاستغناء عن الوظيفة، والتفرغ للعمل الحر كمستقل.
2. الدخل مرتبط بمقدار عملك
كلما عملت كلما حصلت على المال، وتقصيرك في العمل يساوي تقصيرك في كم المال المتحصل. كما ذكرت في بداية المقال: ليس معنى الحرية انعدام المسئولية الذاتية. العمل الحر يحتاج إلى التزام ذاتي، فإن لم تجد في نفسك هذه النوعية من الالتزام، ففكر قليلًا قبل أن تترك عملك المنتظم.
3. ليس لك كيان رسمي ترتكن إليه
وهذا سبب يدفع شريحة معينة من العملاء إلى الابتعاد عن الاعتماد على المستقلين لأنه يشعر أنه لا يستطيع ملاحقتهم بحقه. المبرمج، المطور أو مصمم الموقع المستقل يعدك بمدة معينة من الدعم الفني، ولكن لا يوجد أي إلزام فعلي يجبره على تقديم هذا الدعم. لا يوجد تعاقدات رسمية أو ملزمة للمستقلين.
البعض يعتمد على كتابة عقود وإمضاءها عن بُعد، ولكنها وسيلة وهمية لضمان الحقوق، بينما ليس الغرض هنا المقاضاة بقدر تنفيذ المهمة المطلوبة.
الخلاصة:
أنك تستطيع اختيار الاستراتيجية المناسبة لك لبدء عملية التحويل من موظف منتظم بدوام إلى عامل حر يعمل كمستقل. لكن ننصحك بالسير بالتوازي بين العمل المنتظم والعمل الحر لفترة مؤقتة من الزمن حتى تستقر على أرض صلبة. بعدها يمكنك التفرغ تمامًا كمستقل.
والآن دعنا نسألك: هل أنت موظف بدوام أم تعمل كمستقل؟
إذا كنت موظف، ما هي العوائق التي تمنعك من بدء عملك كمستقل؟
إذا كنت مستقلاً، ما هو الذي تنصحنا به جميعًا سواء من المستقلين أو الموظفين؟
تم نشر هذا المقال لأوّل مرة على مُدونة مُستقل
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.