لماذا ينجح العمل ضمن فريق مُوزّع في شركات ناشئة ويفشل في أخرى؟
قد لا يحقق العمل عن بعد النجاح المطلوب في مختلف أنواع المشاريع، إلا أنه حقق ذلك في مشروعنا، وسأبين في هذا المقال الطريقة التي حقّقنا بها نجاحًا كبيرًا مع أنّنا لسنا فريقًا في موقع واحد.
من أكثر الأسئلة التي ترد إلى مدوّنتنا هو كيف يمكن للعمل عن بعد أن يكون ناجحًا في مشاريعنا؟
ما هي أفضل الأدوات التي تستخدمها الفرق التي تعمل عن بعد؟
مرحبًا أليكس.
نحن نفكّر في أن نبدأ بالعمل عن بعد، فما هي الأدوات التي تنصحنا باستخدامها لهذا الغرض؟ وأي هذه الأدوات كان الأكثر فعالية بالنسبة إليك؟
الكثير من هذه الأسئلة تركز على الأدوات التي نستخدمها، ولكن في الحقيقة فإن طبيعة الأدوات التي ستستخدمها قد يكون العامل الأقلّ أهمية في الإدارة الناجحة لفريق يعمل عن بعد.
- فالفريق الذي يستخدم Slack يمكن أن يكون بنفس مستوى الفريق الذي يستخدم HipChat.
- والفريق الذي يستخدم Skype يمكن أن يكون بنفس مستوى الفريق الذي يستخدم Hangouts.
- والفريق الذي يستخدم Trello يمكن أن يكون بنفس مستوى الفريق الذي يستخدم Asana.
تدور الكثير من النقاشات حول الأدوات التي يمكن استخدامها، وإيجاد الأداة المناسبة للعمل ليس بالأمر الصعب، غير أنّ نجاح الفرق لا يعتمد مطلقًا على هذه الأدوات، وإنّما يعتمد على العلاقات المتبادلة والمبادئ والرؤى وما ستؤسسّه له هذه الأمور الثلاثة من عادات العمل.
نمضي في Groove الكثير من الوقت في متابعة هذه الأمور والعمل عليها، والأسباب الثلاثة التالية هي التي كانت تقف وراء نجاح العمل عن بعد في مشروعنا:
نوظف من يستطيع العمل عن بعد بشكل جيد
كون الموظّف جيّدًا لا يعني أنه يستطيع العمل بصورة جيّدة عندما يعمل عن بعد، إذ أن هناك العديد من الأشخاص ذوي المواهب الاستثنائية والذين يعملون عن بعد بصورة أفضل بكثير مما لو كانوا في بيئة مكتبية.
يعدّ العمل عن بعد موهبة لا تقل أهمّية عن المواهب الأخرى التي يتمتع بها الموظّف، وأغلب الذين لا يجيدون هذا النوع من العمل لا ينقصهم سوى التركيز على هذه المهارة.
ولكن في بعض الأحيان يكون الأمر تابعًا للمزاج والرغبة، وفي هذه الحالات، يفضّل أن يبتعد هؤلاء الأشخاص عن هذا النوع من العمل.
لا يميّز الكثير من الناس بين الموظّف الجيد والموظّف الذي يعمل عن بعد بشكل جيّد، مع ما يحمله ذلك من أهميّة كبيرة، إذ أنّه السبيل الوحيد لتحقيق النجاح مع فريق ينتشر في مناطق مختلفة.
يعتمد تقييمنا لمهارة الشخص الذي يرغب في العمل معنا عن بعد على بعض العوامل التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
1- أن يكون قد نجح في العمل عن بعد مسبقا، أو أن يملك مشروعا خاصا
يعدّ هذا من أهمّ العوامل في اختيار الموظّف، لأنّ هذا يعني أنه سيكون شخصًا منتجًا وسترتاح في العمل معه، لأنّه يمتلك الخبرة اللازمة في هذا النوع من العمل.
والنجاح هنا مهمّ جدًّا، ويمكنك معرفة ذلك من التحدّث مع زملائه في العمل -إن أمكن ذلك- ليكون لديك تصوّر عن طبيعة الشخص الذي تنوي توظيفه.
في حال لم يكن المرشّح قد عمل عن بعد مسبقًا، فيمكن الاستفادة من كونه قد أنشأ مشروعًا خاصًّا به أم لا. في Groove هناك عدد كبير من أعضاء الفرق ممّن كانوا يديرون مشاريع مستقلّة ناجحة قبل الانضمام إلى الشركة.
يعدّ امتلاك المرشّح لمشروع خاصّ في السابق مؤشّرًا على أنّه يعرف كيف يكون مديرًا تنفيذيًّا، بمعنى أنه يمكن الوثوق به في تحقيق أفضل النتائج واستغلال الوقت بصورة جيّدة دون الحاجة إلى المراقبة المستمرّة.
2- لديه القدرة على اتخاذ القرارات بشكل مدروس
من المهمّ أن يحصل أعضاء فريق العمل على فرصة اتخاذ القرارات، ولكن في حالة الفرق التي تعمل عن بعد، وعندما لا يكون الفريق مجتمعًا تحت سقف واحد، فمن الضرورة بمكان أن يعرف أعضاء الفريق أنّهم مسؤولون عن وقتهم، وأن طريقة استغلال كلّ دقيقة منه عائد إليهم.
أنا لا أكترث لعمر المرشح أو تحصيله الدراسيّ، ولكن ما يهمّني هو قدرته على اتّخاذ القرارات بشكل مدروس:
- هل يستند قراره على منفعته الخاصّة أم على ما يستفيد منه العملاء؟
- هل يجازف في الخوض في أمور محفوفة بالمخاطر دون أن يحصل على الإذن في ذلك؟
- هل يستطيع التمييز بين وقت العمل ووقت الراحة؟
هذه هي الأمور المطلوبة، وتوظيف أشخاص يمتلكون هذه الخصائص سيؤسّس لنجاح الفريق ككلّ.
3- أن يكون على تواصل بصورة مستمرة
إن أرسلت إلى مرشّح رسالة عبر البريد الإلكتروني ولم يردني جوابه خلال 24 ساعة، فإنه لن يحصل على الوظيفة أبدًا، فعلى من يرغب في ذلك أن يجيبني في وقت قصير جدًّا. إن كنت تعمل في مكتب واحد فمن السهل عليك أن تسأل أحد أعضاء الفريق عن أمر ما، إلا أن ذلك غير ممكن في حالة الفرق المتوزعة في أماكن مختلفة.
وهنا تكمن أهمية أن يعي كل فرد في الفريق قيمة أن يكون متجاوبًا على الرغم من كونه في الطرف الآخر من الكرة الأرضية.
وهذا لا يعني أن عليهم أن يكونوا متوفّرين على مدار الأيام والأسابيع، ولكنّه يعني أن لا تبقى رسائل البريد الإلكتروني أو برسائل تطبيق Slack دون إجابة لأكثر من بضع ساعات من ساعات العمل.
نعرف دائما من يعمل وعلام يعمل
مقياس نجاح الإنتاجية لدينا هو المنتج وليس الوقت، إلا أنّ الكثير من المدراء يفترضون أن الموظف المنتج هو بكل بساطة ذلك الموظف الذي يكون في مكتبه لأطول فترة ممكنة، وقد يعلم المدير أنّ الموظف يتصفح موقع reddit ولكن وقت الجلوس هذا يبدو مهمًّا لدى الكثير من الشركات.
ولكن هذا ليس ممكنًا في حالة العمل عن بعد، إذ سيكون هناك الكثير من الوقت الذي سيكون فيه الموظّفون غير متصلين بالإنترنت، وما نرغب به هو أن يعمل الموظّف في الوقت الذي يكون فيه أكثر إنتاجية؛ لذا لا مشكلة لدينا على الإطلاق إن كان أفضل ما يقدمه الموظّف هو حينما يستيقظ مساءً ويعمل طوال الليل.
يتيح العمل عن بعد كذلك إمكانية جذب المرشّحين الذين يرغبون في تقسيم يومهم لقضاء وقت أكبر مع أطفالهم أو أزواجهم، ليتسنى لهم بعد ذلك الاتصال بالإنترنت خارج أوقات العمل الرسمي.
ولكن هنا ستبرز مشكلة عدم قدرة الفريق على التواصل في نفس الوقت، ولحل هذه المشكلة نتّبع في شركتنا الطرق التالية:
1- الاجتماع اليومي
في كل صباح (وقت الصباح بالنسبة للموظّف) ينشر كل عضو في الفريق ما يملك من مستجدّات في Slack، ويشارك ما أنجزه في اليوم السابق، وما الذي سينجزه في هذا اليوم، ولهذا فائدة كبيرة، فعلى سبيل المثال إن علمت أن هناك مطوّرًا معيَّنًا يعمل على حل معضلة برمجيّة ستأخذ منه اليوم بأكمله، فسأكلّف حينها شخصًا آخر إن احتاج أحد العملاء إلى مساعدة تقنيّة.
2- الاتصال الجماعي الأسبوعي
يجتمع فريقنا بأكمله في الساعة العاشرة صباحًا في كل يوم إثنين من الأسبوع على Skype لمناقشة ما تمّ إنجازه في الأسبوع الفائت وكذلك خطّة الأسبوع القادم، وهذا هو لقاؤنا الدوريّ الوحيد في جدول أعمالنا الأسبوعي.
ما نستفيده من هذا الاتصال الجماعيّ هو التأكد من أنّنا نسير في الطريق الصحيح لتحقيق أهدافنا في كل أسبوع، ولإجراء التعديلات المطلوبة بالاستناد مجريات أحداث الأسبوع الفائت.
3- الأهداف الفصلية والسنوية
نحدّد أهدافًا فصليّة وسنويّة لكل فريق في Groove ويتحمل كلّ منهم مسؤولية تحقيق هذه الأهداف، ويضمن لنا هذا أن لعملنا اليومي هدفًا معيّنًا يوجّهنا دائمًا إلى الطريق الصحيح، ويشكل حافزًا لاتخاذ القرارات الصائبة حول ما سنقوم به كلّ يوم.
نتواصل لتقوية العلاقات
بالإضافة إلى أن التواصل يجعلنا عرضة للمسؤولية، فإننا نعتمد عليه بشكل كبير في تقوية العلاقات بين أعضاء الفريق. في المكاتب التقليدية يتجمع الموظّفون حول برّاد الماء ليتبادلوا أطراف الحديث حول حياتهم الشخصية ويكوّنوا العلاقات مع بقية أعضاء الفريق.
وإن كنت تريد تكوين علاقات صداقة حميمة بين أعضاء فريقك الذي يعمل عن بعد فعليك أن توفّر لهم برّاد الماء هذا، وبالنسبة إلينا فإنّ Slack هو برّاد الماء الخاصّ بنا.
بدلًا من عدم التشجيع على المحادثات التي لا تتعلق بـ Groove فإننا نستغلّ ذلك في إعطاء أعضاء الفريق فرصة التعبير عن أنفسهم والتعرف إلى بعضهم البعض بشكل أعمق بدلًا من استخدام المسمّيات الوظيفية الجامدة مثل (المطوّر، المصمّم، المسوّق، المدير التنفيذيّ ... الخ).
وكمدير تنفيذيّ أسعى دائمًا إلى إجراء محادثات فردية مع كل عضو من أعضاء الفريق، حيث نتبادل أطراف الحديث حول العمل والأهداف بالإضافة إلى مجريات حياتهم اليومية واهتماماتهم الشخصية والتعرف إلى عوائلهم، وهي فرصة جيّدة للتعرف بشكل أكبر على أعضاء الفريق على المستوى الشخصيّ.
كيف يصبح العمل عن بعد ناجحا
هناك الكثير من فرق العمل الناجحة والتي تعمل عن بعد، وهناك الكثير من الطرق التي يمكن اعتمادها للقيام بذلك، وبالنسبة إلينا فإن هذه الطريقة هي التي حقّقت لنا المجال في هذا الصدد. أتمنى أن تكون قد حصلت على فكرة واحدة على الأقل لتجعل من فريقك ـ سواء أكان يعمل عن بعد أم لا - فريقًا ناجحًا.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Why Remote Working Works For Us لصاحبه Alex Turnbull.
حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.