اذهب إلى المحتوى

لماذا يعد قياس سعادة الموظف من اﻷخطاء الفادحة؟


مجد اسماعيل

ترتكب العديد من الشركات الخطأ المتمثل بقياس سعادة الموظفين، والسبب وراء إمكانية حصول ذلك مفهوم، إلا أن هذه الممارسة يجب أن تتوقف، فسعادة الموظف أمر مختلف عن اندماجه، فقد تكون سعيدًا بعملك موظفًا لدى شركة ما، لكنك إن لم تكن تتلقَّ التقدير أو التقييم الكافيين، أو لم تكن تحظى بفرص التطور الشخصي، فسيمنعك ذلك من الاندماج تمامًأ.

تستخدم شركات عديدة بيانات مضللةً لتحديد مدى جودة ثقافاتها، فإذا اقتصرت تلك الشركات على الطلب من موظفيها تقييم سعادتهم على مقياس من 1 إلى 10 نقاط، فإنها تضيّع كثيرًا من الفرص. ماذا عن الأسئلة بشأن التدريب؟ وعلاقات الموظف بزملائه؟ ثمة الكثير من الأمور التي عليك أن تسأل عنها إذا أردت الحصول على صورة شاملة للاندماج الوظيفي.

يقول الرئيس التنفيذي الحالي لمؤسسة غالوب Gallup، وهو جيم كليفتون Jim Clifton:

اقتباس

لا بد للشركات من اكتشاف أن الطريقة الوحيدة لإسعاد الموظف تتمثل بإسناد وظيفة له تتطابق مع نقاط قوته، وبوجود مدير يهتم بتطوره، ومهمة تشعره بأن هناك هدفًا يسعى إلى تحقيقه.

يعرّف اندماج الموظف بأنه الالتزام العاطفي الذي لديه تجاه الشركة وقيمها، وتجاه المهمة التي عليه أداؤها، وذلك بالتزامن مع قدرته على تعزيز حس السعادة لديه؛ فإذا كان الموظف سعيدًا، فهل يعني ذلك أنه سيبذل بالضرورة جهدًا اختياريًا يفوق المطلوب منه؟

وفقًا لتقرير صادر عن شركة ديلويت Deloitte، فإن 88% من الموظفين يفتقدون الشغف تجاه أعمالهم، ولا يسهمون فيها بكامل إمكاناتهم؛ كما توصل التقرير إلى أن ما نسبته 20% فقط من موظفي الإدارة العليا شغوفون بما يؤدونه من عمل، وهو ما يمثل مشكلةً لا تقل خطورةً عن تلك الخاصة بالموظفين الأدنى مستوى. بالتالي فتقديم الشركة وجبات غداء مجانية لموظفيها، والاجتماعات التي يقضونها معًا لتناول المشروبات، لا يسهمان في تعزيز اندماجهم إلا على نحو محدود.

محفزات الاندماج

ثمة بعض الشركات التي تقيس سعادة موظفيها لتعطي انطباعًا للشركات الأخرى بأن الوضع لديها أفضل مما يبدو عليه؛ وهذا أمر شديد الخطورة. إليك عشرة معايير ثبت بأن لها أكبر تأثير على اندماج الموظفين:

  1. النمو الشخصي: يرتبط هذا المقياس بمدى الاستقلالية التي يتمتع بها الموظف، وبما إذا كان يطور مهاراته للتطور في عمله ويؤمن بالهدف الأكبر للشركة.
  2. العمل سفيرًا للشركة: أي مدى الفخر الذي يشعر به الموظفون بسبب عملهم، ورغبتهم في التوصية بالشركة للأصدقاء والعائلة.
  3. التقدير: هل يتلقى الموظفون تقديرًا على عملهم بتفانٍ؟ يشمل ذلك كلًا من نوعية التقدير الذي يحظى به الموظفون، ويقدمونه لبعضهم بعضًا، ومدى تكراره.
  4. التقييم: يشمل ذلك كلًا من نوعية التقييم الذي يتلقاه الموظفون، ويعطونه لبعضهم بعضًا، ومدى تكراره.
  5. العلاقات مع الزملاء: أي مدى معرفة الزملاء ببعضهم بعضًا، وتكرار التواصل فيما بينهم، بالإضافة إلى نوعية التفاعلات التي لدى كل منهم تجاه الآخر.
  6. العلاقات مع المديرين: أي مدى معرفة الموظفين لمديريهم في الشركة، وتكرار تواصلهم معهم، ونوعية التفاعلات التي لدى كل منهم تجاه الآخر.
  7. السعادة: أي مدى سعادة الموظفين ضمن مكان العمل وفي منازلهم.
  8. العافية: وتعني مدى صحة الموظفين؛ إذ تؤخذ بالحسبان في هذا الشأن أمور مثل عادات النوم، وتناول الطعام، ومستويات الطاقة، ومعدل تكرار ممارسة التمارين.
  9. الرضا المهني: يعني مدى رضا الموظفين عن أمور مثل التعويض والمزايا وبيئة العمل الكلية.
  10. التواؤم مع الشركة: أي مدى عمق معرفة الموظف بقيم الشركة ومهمتها، وما إذا كانوا يوائمون أنفسهم مع تلك القيم.

تُظهر الأبحاث التي أجرتها شركة ديلويت أن الشركات التي تدمج التقدير في صميم ثقافتها ينخفض لديها معدل تبديل الموظفين الطوعي بنسبة 31%. يرغب أفراد جيل الألفية في تلقي تقييمات متكررة، ومن هنا تنبع أهمية القدرة على قياس كيفية حدوث ذلك. ولعافية الموظفين (مستويات الطاقة وعادات النوم) تأثير مباشر على الإنتاجية، ولذا فمن المهم بالنسبة لأصحاب العمل أن يراقبوا ذلك.

أظهر بحث لمؤسسة غالوب أن المدراء مسؤولون عن ما نسبته 70% من التباين في اندماج الموظفين، كما أظهر ذلك البحث أن الشركات تفشل عادةً في اختيار الشخص المناسب لمنصب المدير. يمثل النمو الشخصي المعيار الأكثر أهميةً من بين المعايير السابق ذكرها، وأنه الأجدر بالقياس والتحسين. وحتى من وجهة نظر الموظف، يُعَد توفر فرص للنمو الشخصي ووجود مدير يستثمر في الموظف، محفزًا ناجحًا للاندماج. لا يقتصر الأمر على أن السعادة لا تتساوى مع الاندماج في الأهمية، بل إننا نصبح سعداءً إذا كان لدينا هدف من عملنا.

البعد النفسي للتحفيز

كتبنا باستفاضة عن المحفزات الذاتية، وربما يكون العديد ممن يقرأون هذا المقال مطلعين على ذلك المفهوم، والآن سنتحدث عن الجانب النفسي لها. تثبت العديد من التجارب النفسية المختلفة أن التركيز على القيم الذاتية (الاستقلالية والإتقان والهدف) يقود إلى النجاح. سيندمج الموظفون إذا ركّز المديرون على هذه المحفزات الذاتية. ولكن ليس لتلك المحفزات سوى تأثير ضئيل على سعادة الموظف.

يزداد احتمال اندماج الموظفين إذا استثمر المديرون فيهم، وساعدوهم لتأدية عملهم على نحو أفضل. وتتمثل طريقة التأكد من أن الموظفين مندمجون، في قياس حس الموظف بالاستقلالية، ومستوى إتقانه لعمله وبراعته فيه، ومدى ارتباطه بالهدف الذي يعمل في ضوئه.

ومن الأمثلة الأخرى، ما يُعرف بنظرية الدافع- الصحة Motivation-Hygiene Theory لصاحبها فريديرك هيرزبيرغ Frederick Herzberg. تقول تلك النظرية إن عوامل "التحفيز"، مثل التقدير والنمو والاستقلالية والاستمتاع بالعمل، هي ما يقود إلى الرضا الوظيفي.

وبالمقابل، تقول نظرية هيزربيرغ إن الاستياء الوظيفي ينشئ من العوامل "الصحية"، مثل بيئة العمل المادية والراتب والأمن الوظيفي، كما ترى النظرية أن الحصول على التقدير والتمتع بالاستقلالية لا يعوضان عن الراتب الزهيد أو عن عدم استمتاع الموظف ببيئة العمل؛ كما إن حصول الموظف على راتب أعلى لا يؤدي إلى الرضا الوظيفي، إذ لا قيمة للمزايا والعلاوات إذا لم تكن لدينا استقلالية، أو إذا لم نحظَ بالتقدير أو لم نحقق نموًا، في العمل.

لا تركز على المزايا فقط

ترتكب الشركات غالبًا الخطأ المتمثل بالتركيز على المزايا الممنوحة للموظف، مثل وجبات الطعام والشراب المجانية؛ لكن ذلك ليس ما يؤدي إلى الاندماج الوظيفي. تخيل أن هذه هي لوحة البيانات الخاصة بشركتك، فهل ستستثمر مواردك لإعطاء مزيد من الإشادة (التقدير) أو التقييم؟ أم هل ستستثمر في "سعادة خلال يوم العمل"، أم ستفكر في وجبات غداء، أو بعضوية نادٍ، مجانية؟

لوحة البيانات الخاصة بسعادة الموظفين

تُعَد كل تلك الأمور أمثلةً على مزايا يمكن إضافتها على نحو غير متبصّر إلى الحزمة الممنوحة للموظف، وذلك بدون النظر فعليًا إلى الطريقة الأفضل لتطوير الثقافة من منظور يستند إلى البيانات؛ كما يساعدك استيعاب أن السعادة لا تؤدي دائمًا إلى تحقيق اندماج الموظف على وضع المزايا المناسبة في موضعها الصحيح.

إذا كنت تخلط بين الاندماج والسعادة، فربما ستستثمر في العلاوات ووجبات الغداء المجانية، أو بتوفير غرفة ألعاب، في الوقت الذي بوسعك فيه تقديم مزايا مثل تخفيض وقت العمل بنسبة 20%، أو بتوفير ساعات عمل مرنة أو إرشاد وتوجيه للموظفين.

ترجمة وبتصرف للمقال Why measuring employee happiness is a huge mistake.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...