يعتبر التواصل بين مدير الشركة والموظفين من الأمور الجوهرية التي تتطلب الإدامة، إذ أنّه سيتلاشى ببطء إذا لم تولِه الرعاية والاهتمام. تتغير ممارساتك كمدير مع نمو شركتك وتوسعها لتضم المزيد من الموظفين، وما كان ينجح من الممارسات مع مجموعة من 6 أشخاص لا يمكن أن ينجح مع 20 شخص. إلا أن هناك ممارسة يجب ألّا تتغير مهما توسعت شركتك، والتي تعتبر الحل الأفضل لمعالجة تلك المشاكل، ألا وهي المحادثات الثُنائية مع الموظفين (one-on-one). ومهما كانت المسؤوليات على عاتقك كمدير، يجب ألا يكون عذرك هو عدم توفر الوقت لتلك المحادثات، لأنّك بذلك تعترف أنّ شؤون الآخرين لها الأسبقية على موظفيك.
فيما يلي بعض الطرق لبدء المحادثات المباشرة، إدامتها، والحصول على الفائدة القصوى منها.
حدد موعدها وتجنب إلغاءها
حاول قدر استطاعتك ألّا تلغي المحادثة، وإذا اضطررت إلى تغيير الموعد، يجب أن تبرر ذلك بسبب وجيه. لا تستخدم عذرًا مثل "لا أظن أنّ لدينا الكثير من الأمور لنناقشها"، فهذا سيعود على الشخص المقابل بالضرر، وعليك أيضًا.
ستُجرى المحادثة بالفعل إذا قمت بوضعها على تقويمك. أمّا نظام إجراء المحادثات دون سابق إعداد فهو غير محبّذ ولا أؤيّده؛ هل أنت على استعداد للمخاطرة واعتماد سياسة الباب المفتوح، حيث تقدم وعودًا بكل شيء ولا تنفذ منها أي شيء؟
سمها "محادثة ثنائية" لا غير
قد تبدو لك هذه النقطة شكلية فقط ولا قيمة لها، لكن التسميات تخلق الروايات. تُعنى المحادثات الثُنائية بالحديث بين شخصين، وقول أي شيء يريدان قوله مهما كان؛ أي أنّ كل شيء مسموح. حيث أنّ الحديث المباشر الذي يجعل الأمر يبدو وكأنّه مناقشة مفتوحة هو الذي يساعدك على تحقيق التقدم.
فإذا كان الغرض من المحادثة مناقشة موضوع معين، يجب أن يستعد كلا الطرفين لذكر كل ما يتعلّق بذلك الموضوع.
استخدم الوسيلة ذات الطابع الشخصي
أجر المحادثات شخصيًا ووجها لوجه إذا كنت تستطيع فعل ذلك. أمّا إذا كان فريقك يعمل عن بعد، أكّد على أن يتحدث الجميع عبر الفيديو. حيث أن رؤية الأشخاص الذين تتعامل معهم من الأمور الإيجابية، فلغة الجسد تختصر الكثير وتوضّح الكثير. يستحق التواصل الإنساني القيام بمحادثة إضافية لمرة واحدة في الأسبوع، حتّى وإن لم تكن لغرض معيّن.
انظر إلى الناس الذي تتحدث معهم، قد يكون هذا الطلب صغيرًا ولكنّه يؤتي ثمارًا عظيمة.
احرص على احتساب نسبة الإجراء لكل قرار Action Per Decision
وهذا ما ينصح به Michael Lopp في كتابه Managing Humans:
في المحادثات المباشرة، ليس هناك أسوأ من الحديث عن نفس النّقاط والمشاكل في أكثر من لقاء. في كثير من الأحيان ستُنهي المحادثة متحمسًا ولديك الكثير من الأمور للنظر فيها، لكن لا فائدة من كل ذلك إذا لم تكن تُنفّذ أيّا مما تم الحديث والاتّفاق حوله في اللّقاء السّابق. ومن دون هذه النّتائج فلا فائدة من عقد هذه اللّقاءات التي لن ينتج عنها سوى هزّ للثّقة ما بين طرفي اللقاء بسبب عدم الوفاء بالوعود المُتفّق عليها في اللقاءات السّابقة.
يجب أن تنتهي المحادثة المباشرة باتفاق على تنفيذ القرارات. وهذا ما يؤكّد عليه Jason Evanish ، فلا تعتبر المحادثة مجدية ما لم تتم متابعة القرارات التي اتخذت خلالها. يقترح Jason أن تبدأ بطرح هذين السؤالين:
- ما الأمر الذي يمكنني أن أحاسبك على تنفيذه في محادثتنا القادمة؟
- ما الأمر الذي يمكن أن أكون محُاسَبًا على تنفيذه في محادثتنا القادمة؟
وفي بداية المحادثة القادمة، أكّد على مناقشة التقدم الذي تم إحرازه؛ هل نفذتما القرارات التي اتفقتما على تنفيذه؟ فإذا كانت الإجابة بالإيجاب ستؤدي إلى تحقيق التقدم، التحفيز، والثقة بين الطرفين.
تحدث عن المسارات المهنية Careers بين فترة وأخرى
في بداية تأسيس الشركات يشغل الموظفون أكثر من منصب ويحملون الكثير من المسؤوليات على عاتقهم بغض النظر عن تخصصاتهم، ولا بد من أنّك تعرف هذا الشعور إذا كنت تنتمي إلى شركة ما منذ أيامها الأولى. لكن مع تطور الشركات، وعند مرحلة معينة سيقتضي النمو أن تتشكل الأقسام، عندها يصبح الموظفون بحاجة إلى معرفة وجهة الشركة ووجهتم داخل الشركة، وسيبدؤون بالتساؤل عن العمل المرجو منهم وكيف ستتطوّر مسمياتهم الوظيفية.
عندما تغض النظر عن هذا النوع من المناقشات سيبدأ الموظفون بالقلق لأنّ مسار حياتهم المهنية هو من المسائل المهمة حتى في الشركات الراسخة. وإذا كان دور القيادة لا يصلح للجميع (أو لا يرغب الجميع بأخذ دور القائد)، من الذي سيطرح هذه المسألة خلال المحادثة المباشرة؟ إنّها مهمتك أنت كمدير أو قائد للفريق.
حضر للمحادثة بشكل مناسب
من الصعب توصيل الأفكار الوليدة التي لم تتخذ شكلًا محددًا بعد. ولذلك يجب على كلا طرفي المحادثة إعداد التفاصيل التي ستساعد على توضيح الاقتراحات المجرّدة.
في الأسبوع الماضي، قمت بإنشاء نموذجين سريعين mockup قبل المحادثة المباشرة وقمت بإرسالها إلى مديرة التّسويق. كنت أعرف أنّه بفعلي لذلك سأتجنّب النقاش الذي لا طائل منه والحاجة إلى شرح الكثير من التفاصيل. وبلفتة صغيرة كهذه، استطعت توفير الوقت لمناقشة المسائل التي حلت محل توضيح النماذج لمدة 15 دقيقة.
استغل شتى الوسائل مهما كانت بسيطة لجعل القضايا الأساسية للمحادثة واضحة ومفهومة.
قلل وقت الحديث حول تحديثات الحالة
لا يعني هذا أن تحديثات الحالة أو الحديث عما يجري خلال الأسبوع/الشهر يجب أن يُلغى نهائيًا في المحادثات المباشرة، لكن قضاء الكثير من الوقت في مناقشتها سيتلف المغزى من هذه المحادثات.
يعتمد الفريق في Help Scout على فيديو يتم تقديمه يوم الإثنين من كل أسبوع بواسطة المسؤولة عن قسم الموارد البشرية، وبعدها يعقد قسم التسويق لقاءً نهاية كل يوم إثنين. يتيح لنا هذا النوع من الاجتماعات الاطلاع على تحديثات الحالة ومعرفة الأمور التي تتطلب المناقشة، بالإضافة إلى الاستمتاع برؤية بعضنا البعض.
لكن ما الذي نقصده بـ "تحديثات الحالة": باختصار، جميع المعلومات المُتعلّقة بسير الشّركة والتي تهم الجميع أو فريقا بأكمله. بعبارة أخرى قلّل المعلومات التي يمكن الحديث عنها مع المجموعات لإتاحة المزيد من الوقت لإجراء مناقشة شخصية أثناء المحادثة الثُنائية.
كن على استعداد لإجراء المحادثات الصعبة
من الصعب التصديق أنّ جميع الأمور على ما يُرام إذا لم تكن لديك محادثات صعبة بين حين وآخر؛ على الأرجح سيكون السبب هو خوف الناس من التحدث.
يصف Michael Lopp في كتابه Managing Human مثل تلك اللحظات بـ "فوهة البركان". ومع أنّها ليست بخطورة الكوارث أو الانهيارات، لكن ينبغي لك أن تبدأ في التعامل معها عندما يبدأ شيء ما بالانبعاث. في البداية استمع فحسب، دع الطرف الثاني ينفّس (يتحدّث)، واترك التنفيس يأخذ مجراه، إلّا إذا بدأ الأمور تأخذ منحنى تكراريًا وأصبح الطّرف الثاني يُكرّر نفس الأفكار. وبعد أن ينفّس عن كل شيء، أظهر تجاوبك بسرعة لكي تستطيع إعادة التركيز على تحقيق نتائج إيجابية.
في بعض الأحيان يكفي أن تستمع فقط، لكن عندما تُقابَل الشكوى الحقيقة بوعود لا تقوم بالوفاء بها، فأعلم أنّ هذا سيكون سببًا للعديد من المشاكل القادمة. وفي هذه الحالة يجب أن تكون مسؤولًا عن القرارات المتفق عليها أكثر من أي وقت مضى.
وأخيرًا، تذكّر أنّك بأصغر الأفعال يمكن أن تُشعِر الشخص المقابل بأنّك تُصغي لحديثه (كتدوين ما يقوله ذلك الشخص).
اقتباس"تدوين الملاحظات أمر مهم جدًا...إذ ينطوي هذا الفعل على تعهّد، كالمصافحة، بأن شيئًا ما سيتم تنفيذه" Andy Grove، الرئيس التنفيذي السابق في Intel.
قدر المجهود دائما
الانشغال ليس عذرًا لتأجيل أو رفض فكرة المحادثات المباشرة. والوقت الذي تقضيه بالاستماع إلى الناس في شركتك هو الوقت المستثمر بصورة جيّدة. وبخلاف ذلك ستقضي وقتك في التعامل مع النتائج العرضية لعدم الاستماع إليهم وكلفة فقدان مُوظّف ساهم بشكل كبير في الشركة.
التواصل مهم للغاية، لذلك خصص وقتًا للحديث مع الناس في شركتك.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال A Brief Guide to Better One-on-Ones لصاحبه: Gregory Ciotti.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.