اذهب إلى المحتوى

يرغب المديرون دائمًا ببناء فريق عالِ الأداء، لكن يصعب عادةً فعل ذلك من البداية، بحيث يمرون مع فريقهم ببعض التحديات الصعبة من أجل اكتشاف الطريقة الأمثل للعمل والإنجاز سويةً. وتُعرف هذه المرحلة باسم مرحلة الصراع.

مرحلة الصراع هي مرحلة طبيعية من تطور الفريق لكنها قد تكون صعبة. سيتناول هذا المقال طريقة دعم الفريق خلال هذه المرحلة ليخرج منها أقوى وأكفأ وأكثر ترابطًا.

ما هي مرحلة الصراع؟

مرحلة الصراع هي المرحلة الثانية من تطور الفريق بحسب نموذج عالم النفس بروس تَكمانBruce Tuckman والذي يشرح خطوات نمو وتطور الفرق.

مراحل تطور الفريق بحسب بروس تكمان

  • مرحلة التشكيل: هي مرحلة تجمع الفريق الأولية. يغلب على الأعضاء الحماس للبدء في العمل لكنهم لا يمتلكون صورةً واضحةً عمّا يجب فعله أو كيف يعملون سوية أو كيف يساهمون في عمل الفريق ككلّ.
  • مرحلة الصراع: هي مرحلة "تعصف" بالفريق الجديد بعد تشكيله، ويتكون فيها صراع بين أفراد الفريق.
  • مرحلة التشكيل: هي عندما يبدأ الفريق بالترابط الحقيقي، فسيشعر أعضاء الفريق براحة أكبر عند العمل سويةً في هذه المرحلة ويفهمون أهداف وتوجهات الفريق فهمًا أفضل.
  • مرحلة الأداء: يصبح الفريق هنا وحدةً مترابطةً ومتكاملة تَعي كيف تبلغ هدفها. يبلغ أداء الفريق هنا ذروته.

وبالرغم من أن هذه المراحل مصممة للفرق حديثة التشكل، إلا أنها تنطبق أيضًا على الفرق القديمة. فقد يعود فريق ما من مرحلة الأداء إلى مرحلة الصراع عند مروره ببعض التغييرات الجوهرية في عمله. لذا من الضروري فهم مرحلة الصراع فهمًا كاملًا بغض النظر عن حداثة فريقك من عدمها.

لماذا تمر الفرق بمرحلة الصراع؟

هناك عدّة أسباب لحدوث مرحلة الصراع ومنها:

لا يزال الفريق في مرحلة بناء الثقة

الثقة عنصر أساسيّ في أداء الفرق. لكن قد لا تمتلك الفرق المتشكلة حديثًا -أو الفرق التي تمرّ بتغيّرات كبيرة- ما يكفي لبناء هذه الثقة بعد، وقد يؤدي نقص الثقة هذا إلى تحديات ونزاعات.

لا يزال فريقك يبحث عن الطريقة الأنسب للعمل معًا

يمتلك كل شخص طريقته وأسلوبه الخاصين في العمل. كما تختلف معاملة الأشخاص للآخرين وأفكارهم عن آلية العمل وسيره. يحتاج الفريق لبعض الوقت لكي يصل إلى توافق في هذا الخصوص وقد يعاني الفريق ببعض الشيء حتى الوصول لذلك.

ما زلت أنت تبحث عن الطريقة الأمثل لإدارة الفريق

فمثلما يحتاج أعضاء الفريق وقتًا لإيجاد الصيغة المثلى للعمل، ستحتاج أنت أيضًا لبعض الوقت لمعرفة كيف تديرهم إدارةً أكثر كفاءة. هناك دائمًا تجارب ناجحة وأخرى فاشلة عند اختيارك لأسلوب الإدارة الأنسب لك ولفريقك.

ماذا يحدث أثناء مرحلة الصراع؟

حصل فريقك حتى هذه المرحلة على بعض الوقت للتعارف والبدء بالتعاون معًا. كما بدأ أعضاء الفريق بالارتياح النسبي لمشاركة آرائهم ومناقشة آراء غيرهم. وقد شرع فريقك بالعمل لكن ذلك يصحب معه تحديات لا مفرّ منها وبعض التأخيرات والنزاعات.

بعض المؤشرات على مرحلة الصراع

  • ازدياد الإحباط.
  • ازدياد الشكاوى من أعضاء الفريق.
  • انخفاض الإنتاجية.
  • عدم الاندماج بالعمل.
  • نشوب نزاع شخصيّ بين أعضاء الفريق.
  • نقص الاحترام تجاه الإدارة أو قيادة الفريق.

مثال من الواقع

شكلتَ فريقًا لتولي مهمة تحضير حملة تسويقية، وقد كان الجميع في البدء سعداء بالعمل معًا ومتحمسين لتحضير الحملة وكسب عميل جديد. لكن الأمور بدأت بالتغيير بعد بضعة أسابيع، فقد اختلف أعضاء الفريق على كل شيء، بدءًا من الأفكار التسويقية وصولًا للتصميم، وبدأ يشعر أعضاء الفريق بالإحباط من بعضهم ومن قيادة الفريق، فبدؤوا بالشكوى إليك عن العمل والمشروع وأعضاء الفريق الآخرين. إذ لا تُنجز المهام المطلوبة ويبدو أن الفريق يزداد إحباطًا يومًا بعد يوم. كل التحديات والإحباطات والعراقيل الّتي تواجهها مع فريقك هي مؤشرات على مرور الفريق بمرحلة الصراع.

كيف أتجاوز مرحلة الصراع؟

مرحلة الصراع جزء من التطور الطبيعي للفريق رغم صعوبتها عليك وعلى أعضاء الفريق. ومن المفترض أن تجلب أنت -كونك مديرًا- الحلول لجعل الفريق يعمل من جديد. لكن إيجاد الفريق بنفسه للحلول المطلوبة هو أمر ضروري لتجاوز هذه المرحلة بنجاح. فيما يلي بعض الآليات المفيدة لمساعدتك على إدارة هذه المرحلة لتجاوزها بنجاح:

1. ركز على بناء الثقة

تعتمد كيفية بناء الثقة على الفريق بحد ذاته. يفضّل بعضهم أن تترك الأمر لهم فيما يتعلق بأداء مهامهم، في حين يحتاج آخرون لتحديد الأهداف والتوقعات وبنية العمل بوضوح لبناء الثقة حولها. قد يبني بعض الموظفين الثقة عبر الانغماس في العمل المشترك مع الآخرين، بينما يفضل آخرون التريّث في بناء الشراكات مع من حولهم. من المهم معرفة مدى جوهريّة عملية بناء الثقة في مرحلة الصراع. ولتحقيق هذا الأمر ستحتاج أيضًا إلى النقطة التالية.

2. تعرف على أعضاء فريقك وساعدهم على التعرف على بعضهم

يُكسبك التعرف على أعضاء الفريق المعطيات التي تحتاجها لبناء الثقة بين أعضاء الفريق وتشكيل الفريق بالطريقة الأمثل لتمكينه من الأداء الأفضل. اقضِ بعض الوقت في التعرف على فريقك.

أمثلة عمّا يمكنك البحث عنه:

  • ما هي أنماط شخصياتهم؟
  • ما هي أهدافهم الفردية والجماعية؟
  • كيف يؤدّون عملهم أداءً أمثل؟
  • ما الذي يشعرهم بالإحباط في العمل؟
  • هل يفضلون التوجيه من قبلك أم يرغبون باستقلاليّة أكبر؟

يمكنك إدارة الفريق إدارةً أفضل عندما تفهم أعضاء الفريق على الصعيد الشخصي.

اقتباس

مثال: يمكن أن تلاحظ تضاربًا في الشخصيات بين عضوين من فريقك بعد تعرّفك عليهم. تستطيع حينها تحديد بنية الفريق بطريقة تضمن تخفيف الاحتكاك والتعاون بين هذين الفردين ما يقلّل من فرص نشوب خلاف يعرقل العمل بينهما.

توازي أهمية تعرفك على الفريق أهمية تعرفهم على بعضهم. تأكّد من تخصيص الفريق لوقت كافٍ لأنشطة بناء الفريق والمناسبات الاجتماعية والاجتماعات الفردية بهدف بناء الثقة.

3. انشر ثقافة الصراحة والشفافية

عندما تبني فريقًا يقدر أهمية الصراحة والشفافية، سوف تشعر بالأمان النفسي يسري في فريقك، إذ يشجّع هذا الشعور أعضاء الفريق على التحدث علانية وبصراحة كما يساعد على بناء الثقة ودفع الفريق لتجاوز مرحلة الصراع.

اقتباس

مثال: ستتمكن من تصحيح أي خلل يحدث في الفريق إن شعر الموظفون بقدرتهم على إبداء آرائهم مباشرةً حوله. بل حتى يمكنك العمل معهم لإيجاد الحل الأمثل.

إذًا عليك بناء ثقافة من الصراحة والشفافية وذلك يبدأ منك أنت، حيث يجب أن تكون صريحًا ومباشرًا مع فريقك لتشجيعهم على التصرف بالمثل. صارح موظفيك قدر الإمكان عند مناقشة المشاكل معهم واطلب آرائهم واحرص على أن يشعروا بقيمة آرائهم لديك. ناقش المشاكل والنزاعات مباشرةً عوضًا عن مواجهتها بعدوانيّة وشجّع فريقك على فعل ذلك أيضًا.

4. حسن باستمرار من التعاون بين أعضاء الفريق

تساعد هذه الاستراتيجيّات فريقك على تخطّي مرحلة الصراع. لكن إيصال فريقك لمرحلة الأداء ليس خطوة بسيطة، إذ عليك أن تجعل فريقك يفكر دائمًا بآلية عملهم ويناقش نجاحها من فشلها. ومن أجل إبقاء أداء الفريق عالي المستوى، فادعم فريقك في تطبيق ما يفكرون به وشجعهم على التعاون أكثر.

التقِ بفريقك باستمرار لقاءات جماعية وفردية. الاجتماعات التي تهدف لمناقشة المراحل السابقة مفيدة للغاية ليعرف الجميع ما يحتاج لتحسينه. من المهم أيضًا أن تلتقي بأعضاء فريقك في اجتماعات فردية لتتيح لهم فرصة مناقشة ما قد لا يرغبون مناقشته أمام الجميع.

أمثلة عمّا يمكنك سؤاله:

  • ما مدى جودة عمل الفريق مع بعضهم؟
  • ما النواحي التي يعانون فيها؟
  • هل هناك آلية أو عملية محددة يمكنك تغييرها للأفضل؟

تجاوز مرحلة الصراع لتصل لمرحلة الأداء

قد يصعب تجاوز مرحلة الصراع على بعض الفرق. لكنّك الآن بتّ تعرف كيف تتعامل معها تعاملًا أفضل من أجل تجاوزها والخروج منها فريقًا أقوى وأنجح.

ترجمة -وبتصرّف- للمقالة The storming phase: planning ahead to weather the storm لصاحبتها Deanna deBara.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...