اذهب إلى المحتوى

عود على بدء

أطلقتُ مشروع Buffer منذ شهرين ونصف تقريبًا (المُترجم: الكاتب نشر المقال بُعيد إطلاقه لشركته النّاشئة)، وقد مدّتني هذه الفترة بالكثير من الخبرات والمهارات بشكل يفوق ما سبقها. ويسعدني أن أخبركم أن لدينا اليوم ما يزيد عن الخمسمئة مستخدم، الكثير منهم نشطون، كما نعمل على زيادة أرباحنا من خلال خطط دفع شهرية، وبمعدل تحويل* يزيد عن 4% من الزبائن. دعونا نعود لبداياتنا الأولى.

وميض فكرة

فكرتي كانت بسيطة جدًا، رغبتُ بالاستفادة من ميزات الجدولة المتوفرة في عدّة تطبيقات لتويتر ودمجها في ميزة واحدة تكون مدهشة، أعتقد شخصيًا أن ميزةً واحدة فعّالة تستحق أن تملك تطبيقها الخاص، لا سيما عندما تقدّم شيئًا مفيدًا وتجربة ممتعة.

كان هدفي الأساسي إيجاد طريقة لنشر التغريدات على تويتر دون أن أجدول يدويًا كلّ واحدة منها على حدى، خطرت لي هذه الفكرة بعد استخدامي لعدّة برامج جدولة؛ حتى لا أغرق المتابعين بخمس تغريدات في وقت واحد بينما أقرأ أخبار الصباح، فيما بعد تملّكت هذه الفكرة على هاجسي ولم أستطع التفكير بسواها، فقدمتها كاقتراح لعدد من أصحاب التطبيقات الموجودة بالفعل، إلا أنّ أحدًا ما لم يتجاوب مع طلبي؛ حينها عرفتُ أن الوقت قد حان لأطبّق هذه الفكرة بنفسي.

اجعل النسخة الأولى أصغر ما يمكن

يمكنني القول أنني واحدٌ من أشد المدافعين عن ضرورة تعلّم مبادئ Lean Startup التي نظمها ايريك رايس، ومع مشروعي الأوّل، تعلّمت كمًا كبيرًا من المبادئ وحاولتُ جاهدًا تطبيقها كلّها، لكنني وجدت أن التطبيق العملي للفكرة أصعب مما تبدو عليه عندما تكون مجرّد نظريّة. بدأتُ برمجة مشروع Buffer قبل تأكدي حتى من قابلية نجاحه، لكنني توقفت فور انتباهي لهذه النقطة، تنفّستُ بعمق وقلت لنفسي: "هل أقوم بالأمور بالشكل الصحيح؟"، حينها أدركت أنّ ما يجب أنْ أقوم به هو اختبار مدى حاجة الناس للمنتج.

في دليل رايس حول البداية بأصغر منتج ممكن MVP، أجاب رايس عن سؤالٍ مفتاحيّ شائع "ما هو الحدّ الأدنى الذي يمكن أن يكون عليه منتجي وفق مبادئ MVP؟"

فأجاب: "ربما سيكون أصغر بكثير مما تظن".

ورغم أنني قرأتُ هذه العبارة مرات عديدة وكثيرًا ما كنتُ أحدّث الآخرين عنها، إلا أن وقتها بالنسبة لي قد حان على ما يبدو، لأطبقها بنفسي.

الاختبار الأصغر

إليكم البداية التي انطلقنا منها:

001-Buffer-MVP.thumb.png.de207480a9ebc16

كان هدفي من هاتين الصفحتين اختبار مدى اهتمام الناس باستخدام التطبيق. قمتُ ببساطة بنشر الرابط بتغريدة وسألت الناس عمّا يظنّونه حيال هذه الفكرة. بعد قليل تفاعل البعض مع تغريدتي وزودوني بعناوينهم البريدية، كما حصلت على بعض التعليقات المفيدة عبر البريد الالكتروني وتويتر، عندها أدركتُ أنّ فكرتي "محققّة" (validated) حسب تعبير ايريك رايس، لقد كانت تجربتي الأولى لتطبيق "التعلم بالتحققّ" validated learning ** مع الزبائن، وكان هذا وقت القيام بالمزيد من التجارب باستخدام هذا النوع من التعلّم.

المزيد من التعلم

تحققنا إذًا من أن الناس ربّما يريدون منتجنا، وهنا أتت الخطوة التالية للتأكّد فيما إذا كان هؤلاء الزبائن مستعدين أيضًا للدفع مقابل المنتج. التحقق كان بسهولةِ إضافةِ صفحةٍ تشير إلى أسعار المنتج بين الصفحتين السابقتين، وهكذا يحتاج الزائر إلى نقرة إضافية لاستعراض الأسعار قبل أن يتمكّن من تزويدنا ببريده الإلكتروني للحصول على إشعار بإنطلاق التطبيق. هذه النقرة تعطينا معلوماتٍ مهمّة عن العرض الأكثر رغبة بين العملاء (وضعنا مبدأيًا ثلاثة عروض للمنتج)، كما أنها مؤشر مهمّ على زيادة الطلب (فنقرةٌ إضافيّة واحدة تؤكّد حماس الزبون). توضّح الصور التالية ما قمنا بفعله:

002-Buffer-MVP-2.thumb.png.d90faa6723e61

استمرّ الناس بعد إضافة هذه الخطوة باستعراض المنتج وتزويدي بعناوينهم الإلكترونية، كما بدأ عددٌ آخر منهم بالنقر على العروض المدفوعة. بعد كلّ هذا، لم يبقَ من داعٍ للتردّد في البدء ببناء النسخة الأولى المتواضعة من المنتج الحقيقيّ الفعال.

الانطلاقة

تزامن تفكيري ببناء Buffer مع حديث Hacker News حول "سباق نوفمبر لإطلاق المشاريع"؛ حيث يتسابق الكثير من الناس في العمل على إطلاق مشروع ما مع نهاية نوفمبر، وكانت تلك مصادفة جميلة بالفعل. في البداية لم أقدّر بشكل جيّد الزمن الذي يحتاجه بناء المنتج (أخبرتُ البعض أنّه يحتاج إلى أسبوع واحد فقط!)، لكنني أدركتُ أن ذلك غير ممكن، فقررتُ تحديد نهاية نوفمبر كموعدٍ نهائيّ للإنطلاقة، كي يتزامن ذلك مع السباق.عملتُ على النسخة الأولى خلال ليالي وعطل سبعة أسابيع. اضطررتُ لتجاهل رغبتي بإضافة العديد من الميزات المهمّة للمنتج؛ مثل دليل تسجيل المستخدم خطوة بخطوة، لأنني ألزمتُ نفسي بالانطلاق في موعد محدّد وكنت متمسّكًا بهذا الالتزام. وهكذا رأى "buffer" النور في الثلاثين من شهر نوفمبر، وحصلتُ على بعض التعليقات الرائعة على HN.

دورة تصحيح المسار

لحسن الحظ، كان لديّ قبل Buffer تجربة سابقة في بناء منتج، حيث لم تسر كل الأمور كما يجب، الأمر الذي أكسبني الصبر والتروّي عند تقديم الخدمات، والاستعداد لتغيير الكثير من الأمور إلى حين الوصول لنتيجة ما قد تكون ذات قيمة للعميل. في منتجي السابق لم أستطع الوصول لعددٍ كافٍ من الناس، لذا لم أتمكن من سؤالهم "هل هناك مشكلة تواجهك؟" ولم أتحقّق فيما إذا كانوا يحتاجون المنتج بالفعل. استفدتُ من هذا الدرس وأدركتُ أن توجيه الأسئلة للعملاء والاستفادة من الرسائل الالكترونية الواردة منهم مهمّ للغاية في تنمية المشروع من خلال نصائح الزبائن.بعد إطلاق Buffer شعرت بالحيرة فعلًا، إذ كنت قد توقعت منه الكثير من النجاح الفوري، بينما في الواقع كان عليّ فعل الكثير لإعادة ضبط أشياء عديدة في المنتج من أجل كسب المستخدمين النشطين والزبائن المستعدّين للدفع مقابل الخدمة. بغضّ النظر عن وصولك للهدف قبل أو بعد الوقت المتوقّع، فإن رحلة منتجك في السوق ستتخللها تناوبات عديدة من النشاط والخمول، ما يحتاج منك للصبر، الأمر الذي أثمّنه وأعتبره طريقة التفكير الشاملة في مشروع Buffer.

استخلص الفوائد عندما تنجح

تجهّزت لتكون الرحلة طويلة ريثما أحقّق ما أريد، إلا أنني كنت محظوظا مع Buffer رغم حصول بعض العقبات التي تطلبت شيئًا من الصبر. إذ كان من الواضح أنني لامستُ وترًا حساسًا عند المستخدمين، وذلك بحلّ مشكلة يعاني منها الكثيرون. تلقّيت إضافة لذلك إشارة واضحة أن الحل يقدّم قيمةً كافية ليكون منتجًا تجاريًا. فقد كسبتُ أول زبائني بعد أربعة أيام من إطلاقي المشروع دون أن أكون راضيًا عنه تمامًا.

بعد زبوني الأول عدتُ خطوة إلى الوراء، انتبهتُ إلى أن هذا الأمر سيكون كنقطة علّام رئيسية، واعترفتُ لنفسي بأنّ إجراء تغيير طفيف في التركيز بات مطلوبًا، حيث كان من السهل عليّ كمطوّر أن أضيف مزايا جديدة لمنتجي في ذلك الوقت، لكنني أدركتُ أن عليّ التركيز على التسويق والعمل على تلبية احتياجات الزبائن، لقد حان الوقت للحفاظ على التوازن بين تطوير المنتج، تسويقه، وتنمية العملاء، مع هذا المشروع الذي أثبت أنه "جيّد كفاية". وهنا درسٌ مهمٌّ آخر أودّ توجيهه للجميع: لا تتفق مع أيّ شعور يراودك بأن منتجك بات جيّدًا بما يكفي.

ماذا بعد؟

هناك دوما المزيد من التحديات. منذ الانطلاقة قمتُ بتسليم دفّة إدارة التسويق والمجتمع لشخص مناسب، طوّرتُ العديد من الواجهات المرئية للبيانات الحالية؛ للحصول على نماذج منطقيّة وقرارت مؤكّدة، حصلنا على تغطية إعلامية كبيرة جدًا، حاولنا الاستمرار بالعمل قريبًا من المستخدمين وعلى مستواهم، أطلقنا عدّة ميزات جديدة للمنتج، غيّرنا خطط التسعير، أشرفنا على سجل نشاطات الزبائن وقمنا بتحليلات جماعية.

 

التذييل:

  • * معدل التخويل Conversion Rate: معدّل التحويل، يعبّر عن النسبة المئوية للزوار الذين يقومون بشراء خدمات موقع ما، ونحصل عليه بقسمة عدد الزوّار المشترين إلى العدد الكلّي لزوار هذا الموقع.
  • ** التعلم بالتحققّ validated learning: مصطلح حديث يعبر عن عملية التحقق من فكرة أولية ما عن طريق إخراجها للواقع وقياس استجابة الناس لها، ليتمّ تنفيذ هذه الفكرة بعد تكرار الاختبارات ونجاحها. يحظى هذا النوع من التحقق بشعبية خاصة على شبكة الانترنت، حيث يمكن لبرمجيات معينة أن تتتبّع سلوك زائري المواقع وتحللّه، لتعطي إحصائيّات دقيقة عن تفاعل الزوار مع مزايا محددة بهذه المواقع.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال idea to paying customers in 7 weeks لصاحبهِ Joel Gascoigne.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...