سنتابع رحلتنا الفريد في سلسلة مقالاتنا عن التنظيم السلوكي ونخوض في الباب الثامن منها وفي عنوان عريضٍ مهم وهو مدح الأداء والمكافآت، في خضم المقالات التالية في هذا الباب سنتحدّث عن كيفية استخدام تقييمات الأداء بكفاءة وما هي الممارسات التي تُستخدم في عملية التقييم، كما سنتطرّق إلى كيفية إعطاء المديرون الآراء لمرؤوسيهم وكيف تختار المؤسسات أفضل نظام تقييم بالنسبة لهم، أخيرًا سنُعرّج على مفهوم الحوافز والمكافآت وكيفية توظيفها بشكل فعّال من قبل الإداريين.
استكشاف المهن الإدارية
مقابلان لتقييم الأداء
"شكرًا لقدومك جانيت. كما تعلمين إنَّه هذا الوقت من السنة مجدّدًا. لقد كنت أراجع استمارة تقييم الأداء هذه وقد كتبت تقييمي فيها. أودُّ منك أن تلقي نظرًة عليها ثمَّ توقِّيعها".
ألقت جانيت نظرة على تقييماتها، والتي كانت جميعها تقريبًا ضمن المجال "المُرضي". حتى فئة الجدارة مُيّيزت بعلامة "مُرضية"، رغم أنَّ جانيت كانت تأتي لدوامٍ إضافي في ثلاث مناسبات مختلفة لتغطّي غياب عاملين في مجموعتها كانوا غائبينلأسباب مختلفة. ذكرت جانيت هذه القضيَّة لرئيسها كين.
"حسنًا جانيت، أنت محقَّة وهذا تحديدًا ما كنت أتوقَّعه من الموظّفين لدي. كما تعلمين إنَّها سنتك الأولى هنا ولا تستطيعين الوصول للقمَّة بقفزة واحدة. ولكنَّني معجب بأسلوبك وإذا حافظت عليه من يدري مالترقيات التي قد تحصلين عليها".
غادرت جانيت بعد أربعة وعشرين دقيقة من بداية المقابلة محتارةً ومحبطةً. لقد عملت بجدّ خلال سنتها الأولى. في الواقع لقد عملت فوق طاقتها في عدة مناسبات، لكنَّها الآن مرتبكة أكثر من أيِّ وقت مضى حول الشيء المتوقَّع منها وما الذي يُعدُّ أداءً جيِّدًا. "ربّما العمل بجدّ لا يأتي بثماره".
قبل أسبوعين من الموعد المقرّر للمقابلة طلبت ماري من رون أن يراجع أهدافه وإنجازاته في الشهور الستِّ الأخيرة، وأن ينتبه لأي تغييرات كبيرة في عمله قد حدثت خلال تلك الفترة. وفي الوقت الحالي سحبت ماري الملف الذي سجّلت فيه بشكل دوري حوادث معيَّنة، إيجابيَّة وسلبيَّة، متعلّقة بعمل رون خلال الشهور الستِّ الأخيرة. كما راجعت أيضًا الأهداف التي كانوا قد وضعوها معًا في نهاية المراجعة الأخيرة. وفكرت مليًّا ليس فقط بالأهداف المحتملة للشهور الستِّ المقبلة وإنَّما أيضًا بالاحتياجات التطويريَّة والأهداف على المدى البعيد التي قد تكون ملائمة لرون.
في يوم المقابلة جاء كلٌّ من ماري ورون بتحضيرٍ جيِّد لمراجعة الشهور الستَّة الأخيرة وللتفكير ووضع الخطط المتعلِّقة بفترة الأداء المقبلة وما بعدها. استغرقت المقابلة ما يقارب الساعتين. وبعد النقاش الصريح حول أداء رون السابق ورأي الطرفين حول الأهداف التي حقَّقها أو لم يحقِّقها رون في تلك الفترة بدؤوا بالتركيز على ما يجب تحقيقه في المستقبل. دفعت المقابلة كلا الطرفين لإحداث تغييرات في تقييماتهم الأصليَّة، وأعطتهم أفكارًا حول الأهداف المستقبليَّة. وعندما انتهت المقابلة غادر رون بدافع وثقةٍ أكبر من السابق، على الرغم من وجود بعض نقاط الضعف في عمله والتي كان بإمكانه تحسينها، إلا أنه كان واثقًا بأنه سيمتلك مستقبلًا باهرًا أمامه إذا تابع الاندفاع والعمل بجد.
أنظمة تقييم الأداء
تقييمات الأداء (performance appraisals) هي إحدى أهمّ نواحي الإدارة وإحدى أكثر الأدوات التي يُساء استخدامها. لدى معظمنا انطباعٌ ضيّق مُسبق حول مفهوم تقييم الأداء والذي يقتصر على أن هنالك مدير يقيّم مرؤوسيه وموظّفيه بأسلوب معيّن. ولكن بدأت التقييمات تتضمّن -بشكل متزايد- تقييم المرؤوسين لمديرهم على شكل استطلاعات أو ما بات يُعرف باسم (360 feedback).
وسواء كان التقييم يُجرى من قبل المرؤوسين أم الزملاء أم المديرين، فإنّ العمليّة بذات نفسها ضروريّة لمجرى الحياة فيأي مؤسسة. تزوّد أنظمة تقييم الأداء المؤسّسات بطرقٍ للتقييم الممنهج للموظّفين عبر عدّة مناحٍ للأداء لضمان حصول الشركة على ما تريده (وتدفع ثمنه). فهذه الأنظمة تزوّد المديرين والموظّفين بآراء قيّمة وتساعد في تحديد من يستحق الترقية، كما تساعد في تحديد المشاكل الموجودة. على أيّة حال تبقى هذه التقييمات بلا جدوى إن لم تترافق مع نظام إبداء آراء فعّال يضمن للموظّفين الحقّ في إيصال رسائلهم حول الأداء.
تمثّل أنظمة المكافأة قوّة دافعة مهمّة في المؤسّسات، ولكن هذا لا يكون صحيحًا إلّا في حال كون هذه الأنظمة عادلة ومرتبطة بالأداء. ولأنّ هناك العديد من المقاربات لتقييم الأداء؛ ويجب أن يكون المديرين واعين لمحاسن ومساوئ كلّ منها. وفي المقابل سيساعد فهم المديرين لأنظمة المكافأة فهمًا صحيحًا على اختيار النظام الأنسب لأهداف وحاجات المؤسّسة.
تخدم أنظمة تقييم الأداء عدّة وظائف بالغة الأهميّة للمديرين. ولكنّ آليّات التقييم المتبّعة اليوم ليست بلا أخطاء. يجب على المديرين أن يستمروا بالاطّلاع على التطوّرات الحديثة في أنظمة المكافأة والتعويض لكي يتمكّنوا من تعديل أنظمتهم الحاليّة عند وجود بديل ملائم.
من المسؤوليّات الرئيسيّة للمدير أن يرعى ويطوّر مرؤوسيه. في الحقيقة، يُقال أحيانًا أنّ كلّ مدير هو في الواقع مدير موارد بشريّة بشكلٍ أو بآخر. وهذا صحيح سيّما في ما يتعلّق تقييم ومكافأة المرؤوسين. ينخرط المديرون دائمًا في تدريب وتطوير الموظّفين ومراقبة أدائهم وتزويدهم بالآراء وإعطاء المكافآت.
في هذا الباب من سلسلة مقالاتنا ستفحص ثلاثة مناظير منفصلة لعمليّة تقييم الأداء والمكافأة. كما يظهر الشكل 8.2 تنتقل هذه العمليّة من تقييم أداء الموظّف إلى تزويده بالآراء الملائمة والبنّاءة إلى تحديد المكافآت التقديريّة. فعندما يتم تقييم الجهد والأداء بدقّة ومكافأتهما بالشكل المناسب، من المتوقّع أن نرى أداءً أفضل وأكثر ثباتًا. في المقابل، عندما يحدث تقييم الأداء بشكل متقطّع، أو عندما يكون نظام المكافآت سيّء التطبيق، سنرى أداءً أقلّ. سنبدأ النقاش بإلقاء نظرة على طبيعة التقييمات.
سنبدأ بفحص ثلاثة مناظير لأنظمة تقييم الأداء: (1) استخدامات تقييم الأداء (2) مشاكل في تقييمات الأداء (3) طرق لتخفيف الأخطاء في نظام التقييم. ستقدّم هذه النظرة العامّة أساسًا لدراسة آليّات محدّدة لتقييم الأداء. يمكن للمهتمّين بمعلومات تفصيليّة أكثر حول أنظمة تقييم الأداء أن يطّلعوا على الكتب الخاصّة بالإدارة الفرديّة أو التعويضات.
الشكل 8.2 عمليّة المكافأة وتقييم الأداء (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0).
استخدامات تقييمات الأداء
تستخدم تقييمات الأداء لأسباب متعدّدة في أغلب المؤسّسات. تتنوّع هذه الأسباب من تحسين الإنتاجيّة للموظّفين إلى تطوير الموظّفين أنفسهم. هذه الاستخدامات موثّقة بشكل جيّد في دراسة أُجريت حول سبب استخدام الشركات لتقييمات الأداء. والسبب الأبرز لاستخدام المؤسّسات لتقييمات الأداء هو التعويضات والآراء حول الأداء.
الاستطلاع المباشر مع الموظفين (feedback to employees). تزوّد تقييمات الأداء الموظّفين بآراء مديريهم حول كمّ ونوعيّة أدائهم في العمل. بدون هذه المعلومات سيمتلك الموظّفون معرفة قليلة عن جودة أدائهم في عملهم وعن كيفيّة تحسينه إن أمكن. تطوير الذات (self-development). يمكن أن تساعد تقييمات الأداء التطوير الذاتيّ للموظّفين. يطّلع الأفراد من خلالها على نقاط قوّتهم وضعفهم كما يراها الآخرون ويمكنهم أن يُطلقوا برامج تطوير الذات (راجع النقاش حول برامج تطوير الذات السلوكيّة). أنظمة المكافأة (reward systems). يمكن أيضًا للتقييمات أن تشكّل أساسًا لأنظمة المكافأة في المؤسّسات: بالتحديد خطط التعويضات المبنيّة على الجدارة. القرارات الفرديّة (personnel decisions). قد تخدم تقييمات الأداء أيضًا الجوانب الفرديّة. فيمكن أن تكون مفيدة في اتّخاذ القرارات الشخصيّة مثل الترقية والنقل والفصل. يمكن للمديرين أن يتّخذوا قرارات بناء على المعطيات حول المواهب الفرديّة والتقصيرات الموجودة. كما تساعد أنظمة التقييم الإدارة على تقييم كفاءة اختياراتها. إن أدّى الموظّفون المعيّنون حديثًا أداءً سيّئًا فعلى المديرين أن يشكّكوا فيما إذا تمّ توظيف أشخاص مناسبين منذ البداية. التدريب والتطوير (training and development). أخيرًا، يساعد التقييم المديرين على تحديد المجالات التي تعاني من نقص المهارة أو الأداء الحالي (أو المستقبلي) لدى الموظفين فيها. وفي هذه الحالات، يمكن تأسيس برامج تدريب جديدة أو معدّلة لتطوير موارد الشركة البشريّة.
من الواضح أنّ أنظمة التقييم تخدم العديد من الوظائف في المؤسّسات. وفي ضوء أهميّة هذه الوظائف فمن المهمّ ضمان الدقّة والعدل في نظام التقييم. توجد العديد من أنظمة التقييم. وهي من مهمّة المدير أن يختار الآليّة أو مجموعة الآليّات الّتي تخدم حاجات المؤسّسة (ومحدّداتها) بأفضل شكل. وقبل الحديث عن هذه الآليّات المتعدّدة فلنلقي نظرة على بعض من أهمّ المشاكل والأخطاء الشائعة لعدد من هذه الآليّات.
مشاكل في تقييمات الأداء
يمكن تحديد عدد من المشاكل التي تشكّل تهديدًا على قيمة آليّات التقييم. تخصّ معظم هذه المشاكل مسائل الصلاحيّة والموثوقيّة للأدوات أو الآليّات بحدّ ذاتها. الصلاحيّة (validity) هي مدى قياس الأداة الفعليّ لما يجب عليها قياسه. أمّا الموثوقيّة (reliability) فهي مدى إنتاج الأداة لنفس النتيجة في كلّ مرّة تُستخدم فيها. يمتلك نظام تقييم أداء جيّد عادةً مستويات مرتفعة من الصلاحيّة والموثوقيّة، وإن لم يكن كذلك فقد ينتج عددًا من المشاكل في استخدامه (وحتّى في قانونيّته).
من الممكن تحديد مصادر شائعة للأخطاء في أنظمة تقييم الأداء، منها: (1) خطأ النزعة المركزية (2) خطأ الصرامة أو التساهل (3) تأثير الهالة (4) خطأ الماضي القريب (5) التحيّزات الشخصيّة.
خطأ النزعة المركزيّة (central tendency error). لطالما وُجد أنّ المشرفين يقيّمون أغلب موظّفيهم ضمن نطاق ضيّق واحد. بغض النظر عن أدائهم الحقيقيّ فيفشل المُقيّم في تمييز الفروقات المهمّة بين أعضاء المجموعة ويجمع الكلّ في فئة "متوسّطة". يسمّى هذا خطأ النزعة المركزيّة وهو ظاهر في الشكل 8.3. باختصار، خطأ النزعة المركزيّة هو الفشل في تمييز الأداء الجيّد جدًّا أو السيّء جدًّا.
الشكل 8.3 أمثلة على خطأ النزعة المركزيّة وخطأ الصرامة وخطأ التساهل (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0).
خطأ الصرامة أو التساهل (strictness or leniency error). توجد مشكلة مماثلة في التقييم عندما يكون المشرف مُفرطًا في الصرامة أو في التساهل أثناء التقييم (راجع الشكل 8.3) نسمع في قاعات الجامعات مصطلح "مصحّح صعب" وصارم أكثر من بعض أساتذة، أو نسمع بالعكس "علامة ممتاز للجميع". قد يحدث وضع مماثل في مكان العمل حيث يرى بعض المشرفين أنّ أغلب المرؤوسين لا يحقّقون معاييرهم المرتفعة أو بالعكس يرون الأغلبيّة تستحقّ تقييمًا مرتفعًا. وكما هو الحال في خطأ النزعة المركزيّة فإنّ خطأ الصرامة (strictness error) وخطأ التساهل (leniency error) يؤدّيان للفشل في التمييز الصحيح بين الأداء الجيّد والأداء السيّء وبدلًا من ذلك يُقيّم الجميع ضمن فئة واحدة.
تأثير الهالة (halo effect)، يظهر تأثير الهالة عندما يعطي المشرف نفس التقييم للجوانب والمهارات المختلفة للفرد نفسه. على سبيل المثال، الموظّف الّذي يُقيّم على أنّه فوق المتوسط في كمّية الأداء قد يُعطى نفس التقييم في نوعيّة الأداء والكفاءة والحضور والجاهزيّة للترقية. بعبارة أخرى، لا يمكن للمشرف أن يفرّق بين الفئات المختلفة من جوانب التقييم ويعطي عوضًا عن ذلك علامة واحدة شاملة.
أنواع الانحياز هذه مبنيّة على كيفيّة إدراكنا للآخرين. فيحدث تأثير الهالة عندما يمتلك المدير نظرةً إيجابيّة للغاية عن موظّف ما. ويمكن أن يؤثّر هذا على حياديّة الآراء، حيث يمنح المديرون الموظّفين تقييمًا عاليًا ويفشلون في تمييز المجالات الواجب تحسينها.
كما نميل عادةً لتأكيد اعتقاداتنا المسبقة عن الأشخاص -إيجابيّةً كانت أم سلبيّة- وذلك في كيفيّة تفسيرنا أو تذكّرنا لأدائهم، وهو ما يعرف بالانحياز التأكيديّ.
على سبيل المثال، قد تمتلك المديرة اعتقادًا مسبقًا أنّ موظّفا ذكرًا هو أكثر حزمًا. قد يسبّب هذا استرجاعها للمواقف الّتي كان فيها حازمًا، في اجتماع ما مثلًا. ومن الناحية الأخرى تمتلك اعتقادًا مسبقًا أنّ موظّفة أنثى تفتقد الحزم فتتناسى مواقفها الحازمة في اقتراحاتها ومفاوضاتها.
إنّ تأثير الهالة عادة ما يكون نتيجة لامتلاك الأشخاص انحياز التشابه لفئات معيّنة. فنحن نميل عادة لأنّ نفضل الأشخاص الشبيهين بنا ولأن نثق بهم. قد يمتلك هؤلاء المشابهون ميلًا مماثلًا لنا في رياضة معيّنة أو قد يذكّروننا ببدايات مسيرتنا المهنيّة، والتفضيل الناتج عن هذا الانحياز قد يعطي بعض الموظّفين أفضليّة غير مستحقّة على الآخرين. قد يؤثّر هذا على الفريق لدرجة تجعل هؤلاء الموظّفين المفضّلين يحصلون على تدريب أكثر ونصائح أكثر وبالتالي فُرصًا أكبر للتقدّم.
خطأ الماضي القريب (recency error)، يركّز المُقيّمون أحيانًا على أحدث سلوك للموظّف أثناء عمليّة التقييم. يعرف هذا باسم خطأ الماضي القريب (recency error). أي أنّ المدير قد يعطي أداءً معيّنًا جرى خلال الأشهر أو الأسابيع الماضية تأثيرًا إيجابيًّا ضاغيًا في غير وقته وذلك أثناء عمليّة تقييم عن العام بأكمله ويتجاهل باقي السلوكيّات قبله. وإن لاحظ الموظّف حدوث هذا التصرّف فقد يتراخون في الأشهر الأولى من عمليّة التقييم ومن ثمّ يبذلون جهدًا إضافيًا في الفترة السابقة للتقييم. تؤدّي هذه السلوكيّات إلى أداء غير متوازن وتساهم في سلوك سنُطلق عليه مصطلح "التلاعب".
الانحيازات الشخصيّة (personal biases). أخيرًا، من غير النادر أن نجد موقفًا يسمح فيه المسؤول لتحيّزاته الشخصّية أن تؤثّر على تقييماته. تتضمّن هذه الانحيازات الإعجاب أو عدم الإعجاب بشخص ما، وحتّى انحيازات عرقيّة. يمكن أن تتداخل الانحيازات الشخصيّة مع عدالة ودقّة عمليّة التقييم وقد تكون غير قانونيّة في الكثير من الحالات.
تخفيف الأخطاء في تقييمات الأداء
طُوّر عدد من المقترحات حديثًا لتقليل أثر الانحيازات المتعدّدة والأخطاء الممكنة على عمليّة تقييم الأداء. عندما تُخفّض الأخطاء تتوفّر معلومات أدقّ للقرارات الشخصيّة وتطوير الذات. تتضمّن طرق تقليل الأخطاء ما يلي:
- التأكد من أنّ كلّ بعد أو عامل في استمارة التقييم يمثّل نشاطًا منفصلًا بدلًا من مجموعة أنشطة.
- تجنّب استعمال مصطلحات مثل "متوسّط" لأنّ المُقيّمين المختلفين يعرّفون المصطلحات هذه بشكل مختلف.
- تأكّد من أنّ المُقيّمين يراقبون المرؤوسين بشكل منتظم خلال فترة التقييم. ولا ضير في تدوين الملاحظات أثناء فترة التقييم حتى تتسنى فُرصة دراستها دراسة شاملة أثناء التقييم النهائي.
- ابقِ عدد الأشخاص الّذين يقيّمهم شخص واحد منطقيًّا. فعندما يكون على الشخص أن يقيّم مرؤوسين كُثر يصبح التمييز بينهم أصعب. يزيد إرهاق المُقيّمين بازدياد عدد من يتمّ تقييمهم.
- تأكد من أنّ أبعاد التقييم واضحة وذات معنى ومفهومة وتتعلّق بأداء العمل الجيّد.
- درّب المُقيّمين على تمييز مصادر خطأ عدّة وفهم المنطق خلف عمليّة التقييم.
يمكن باستخدام آليّات كهذه أن تحدث تقييمات أفضل للموظّفين وتحمل معنىً أكبر لكلّ من الموظّفين والمؤسّسة.
آليات تقييم الأداء
تستخدم المنظّمات طرق متعدّدة لتقييم الأشخاص. سنلخّص فيما يلي عدّة آليّات شائعة.
بالرغم من وجود أعداد كبيرة من هذه الآليّات إلّا أنّ الطرق الأساسيّة التي نحن بصدد استعراضها تعطي ملخصًّا جيّدًا عن الآليّات الموجودة والشائعة. بعد عرض التقنيّات سنناقش نقاط قوّتها وضعفها. سنستعرض هاهنا ستّ آليّات، هي: (1) مقياس التقييم البيانيّ (2) آليّة المواقف الحرجة (3) مقياس التقييم المبنيّ على السلوك (4) مقياس ملاحظة السلوك (5) الإدارة عبر الأهداف (6) مراكز التقييم.
مقياس التقييم البياني
مقياس التقييم البيانيّ (graphic rating scale) هو بالتأكيد أشيع أسلوب تقييم مُستخدم اليوم في المؤسّسات. وجدت إحدى الدراسات أنّ 57% من المنظمات المشمولة في الدراسة استخدمت مقاييس تقييم، كما وجدت دراسة أخرى أن الرقم يصل إلى 65%. وبالرغم من ظهور هذه الآليّة بأشكال عدّة فإنّ المشرف أو المقيّم عادة يتلقّى نسخة ورقيّة أو إلكترونيّة تتضمّن اسم الموظّف وعدّة جوانب للتقييم (كمّ العمل ونوعيّته والخبرة والحضور). يُطلب من المُقيّم بعدها أن يضع رقمًا لكلّ بُعد. يوضّح الجدول 8.1 مثالًا على هذا المقياس.
نموذج عن مقياس تقييم بيانيّ | |||||
---|---|---|---|---|---|
الاسم ــــــــــــــــــــــ القسم ــــــــــــــــــــ التاريخ ـــــــــــــــــــ | |||||
كمّ العمل | استثنائيّ | جيّد | مُرضي | معقول | غير مُرضي |
حجم العمل المقبول في الظروف العاديّة | |||||
تعليقات: | |||||
نوعيّة العمل | استثنائيّ | جيّد | مُرضي | معقول | غير مُرضي |
الدقّة والكمال والترتيب في العمل | |||||
تعليقات: | |||||
الخبرة في العمل | استثنائيّ | جيّد | مُرضي | معقول | غير مُرضي |
الفهم الواضح للحقائق والعوامل المتعلّقة بالعمل | |||||
تعليقات: | |||||
الخصائص الشخصيّة | استثنائيّ | جيّد | مُرضي | معقول | غير مُرضي |
الشخصيّة - المظهر - الاجتماعيّة - القيادة - النزاهة | |||||
تعليقات: | |||||
التعاون | استثنائيّ | جيّد | مُرضي | معقول | غير مُرضي |
القدرة والرغبة بالعمل مع شركاء أو مُشرفين أو مرؤوسين لتحقيق هدف مشترك | |||||
تعليقات: | |||||
الاعتماديّة | استثنائيّ | جيّد | مُرضي | معقول | غير مُرضي |
واعي - دقيق - يمكن الاعتماد عليه - إلخ | |||||
تعليقات: | |||||
المبادرة | استثنائيّ | جيّد | مُرضي | معقول | غير مُرضي |
السعي للحصول على مسؤوليّات إضافيّة وعدم الخوف من الإقدام منفردًا | |||||
تعليقات: |
الجدول 8.1 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0).
باستخدام هذه الطريقة -وبافتراض تجنّب المُقيّم لانحيازاته الشخصيّة قدر الإمكان- يمكن مقارنة الموظّفين بحيادية. من الممكن أيضُا فحص نقاط القوّة والضعف النسبيّة لكل موظّف على حدة عبر مقارنة نتائجهم من خلال أبعاد مختلفة.
على أيّة حال، من أهمّ سلبيّات هذه الطريقة هي احتماليّة وقوعها في فخّ أخطاء النزعة المركزيّة والصرامة والتساهل. من الممكن أن يُقيَّم الجميع في وسط المقياس أو على أطرافه. وللحدّ من ذلك، تملك بعض الشركات توزيعًا إلزاميًّا للعلامات المختلفة في المقياس، أي قد يكون من المسموح للمشرفين أن يعطوا تقييم "استثنائيّ" فقط لنسبة 10% من الأشخاص وفقط 10% "غير مرضي والسماح بنسب 20% 40% 20% للفئات المتوسطة. وعبر ذلك يكون التوزيع ضمن جميع الأقسام إجباريًّا. على أيّة حال قد يؤدّي ذلك إلى عقاب مجموعة من الأفراد عاليي الأداء أو مكافأة بعض الأشخاص سيئي الأداء.
آليّة المواقف الحرجة
عبر آليّة المواقف الحرجة (critical incident technique) لتقييم الأداء، يُسجّل المشرفون المواقف أو الأمثلة لسلوك أدّى لنجاح غير متوقّع أو فشل غير متوقّع من قبل كل موظّف. تُسجّل هذه المواقف في سجل يوميّ أو أسبوعيّ مقسّم مسبقًا (تخطيط - اتّخاذ القرار - العلاقات - كتابة التقارير). تقييم الأداء الأخير يتألف من سلسلة من الفقرات الوصفيّة أو الملاحظات حول جوانب عدّة من أداء الموظّف (راجع الجدول 8.2).
مثال على تقييم مواقف حرجة
مجالات الأداء الآتية مصمّمة لتساعدك في تحضير هذا التقييم عبر مناقشة أداء الفرد معه. من المقترح أن تقوم بتوثيق جوانب الأداء الّتي تراها جيّدةً أو سيّئةً بشكلّ خاصّ، وذلك مع أمثلة أو أفعال محدّدة. النقاط المعروضة هنا اُقتُرِحَت نقاطًا نموذجيّةً وليست حصريّة بأيّة حال. الأمثلة المتعلّقة بهذه النقطة قد تكون إيجابيّة أو سلبيّة.
-
الأداء في تقنيّة العمل
-
فعاليّة الأمان اعتبارات ممكنة:
- يمثّل قدوة للآخرين في القسم بكلامه وأفعاله حول الأمان
- يدرّب الناس تدريبًا جيدًا حول الأمان
- يحصل على التعاون ممّن حوله حول الأمان
- يصرّ على إدخال الأمان ضمن جميع العمليّات
- عنصر أساسيّ في المبادرة في برامج الأمان في القسم
- يتقبّل الأمان كمسؤوليّة أساسيّة
-
فعاليّة الأمان اعتبارات ممكنة:
العنصر | المثال الملائم |
---|---|
-
الخبرة بالعمل التقنيّة أو التخصّصاعتبارات ممكنة:
- يظهر معرفة استثنائيّة في الوسائل والمواد والتقنيّات ويطبقّها بطريقة عمليّة
- يواكب التطوّرات في مجاله ويطبّقها في عمله
- يواكب أحذ المواد في مجاله الخاصّ
- يشارك في المنظّمات ذات الصلة بأنشطته
العنصر | المثال الملائم |
---|---|
-
الأداء في العلاقات البشريّة
-
القدرة على التواصل اعتبارات ممكنة:
- يعطي تعليمات واضحة ومنطقيّة حول مشاكل معقّدة
- يستخدم لغة واضحة ومباشرة في التقارير المكتوبة والشفهيّة
- ينظّم عروضه التقديميّة بترتيب منطقيّ وحسب الأهميّة
- يزوّد المشرف والمرؤوسين بمعلومات ذات صلة وملائمة
- يخصّص مقاربته للتواصل حسب المجموعة أو الفرد
- يبقى على اطّلاعٍ دائمٍ على تفكير وأحاسيس المرؤوسين
-
القدرة على التواصل اعتبارات ممكنة:
العنصر | المثال الملائم |
---|---|
-
النتائج المُحقّقة عبر الآخرين اعتبارات ممكنة:
- يولّد الحماس لتنفيذ العمل لدى الآخرين
- يمتلك احترامًا وثقةً بالآخرين
- يعرف ويمدح مهارات الآخرين
- ينسّق جيّدًا مع المجموعات الأخرى لإتمام العمل
العنصر | المثال الملائم |
---|---|
الجدول 8.2 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0).
تزوّدنا آليّة الحالات الحرجة بمعلومات مفيدة للقاءات التقييم ويمكن للمديرين والمرؤوسين أن يناقشوا أحداثًا محدّدة ويولّدوا معلومات جيّدة وقيّمة. على أيّة حال وبسبب المعلومات والبيانات القليلة حول مدى فعاليّة هذه الآلية؛ يصعب استخدامها لقرارات الترقيّة أو الأجور. فالمخرجات الكميّة هذه دفعت بعض الشركات لأن تدمج هذه الآليّة مع إحدى الآليّات الكمّيّة مثل مقياس التقييم لتزويد الموظّفين بأنواع مختلفة من الآراء.
ترجمة -وبتصرف- للفصل (Performance Appraisal and Rewards) من كتاب Organizational Behavior
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.