ما هي أفضل الممارسات التي يمكن أن تستخدمها المؤسسات لتدريب موظّفيها على مهارات العمل الجديدة؟
أحد السمات الأساسيّة لمعظم نُهج التعليم هو مفهوم التعزيز. يعود هذا المفهوم إلى قانون التأثير لثوان دريك، والذي كما ذكرنا سابقًا ينص على أنّ السلوك الذي يُعزّز إيجابيًا يميل إلى أن يُكرّر، في حين أنّ السلوك الذي لا يُعزّز يميل إلى ألا يُكرّر. وبالتالي يمكن تعريف التعزيز على أنّه أي شيء يؤدي إلى تكرار سلوك معيّن أو تثبيطه.
التعزيز مقابل التحفيز
من المهم التفريق ما بين مفهوم التعزيز ومفهوم تحفيز الموظفين. يمثّل التحفيز، كما هو معرّف في الفصل التالي، عملية نفسيّة إدراكيّة في طبيعتها. لذلك، يكون التحفيز ذو منشأ داخلي، إذ يُختبر أو يُشعر به من قبل الموظف ويمكننا فقط رؤية مظاهره اللاحقة في السلوك الفعلي. من الجهة الأخرى، يمكننا رؤية التعزيز بشكل فعلي، وغالبًا ما يتظاهر بشكل خارجي. يمكن لمشرف أن يُعزّز ما يراه سلوكًا مرغوبًا بدون معرفته للحوافز الكامنة وراءه. على سبيل المثال، يمكن لمشرف أن يكون لديه عادة قول "هذا مثير للاهتمام" كلّما قُدّمت إليه فكرة جديدة، ذلك يمكن أن يعزّز الابتكار والابداع لدى الموظفين دون أن يُدرك المشرف سبب ذلك التعزيز. إنّ الفرق ما بين نظريات التحفيز والتعزيز يجب أن يبقى في حسباننا عند دراستنا لتعديل السلوك والإدارة الذاتية للسلوك في هذا الفصل لاحقًا.
استراتيجيات تغيير السلوك
من منظور إداري، تتوفّر العديد من الاستراتيجيات تقويم السلوك وتسهيل التعلّم في بيئة المؤسسة. يمكننا ملاحظة أربع أنواع مختلفة من استراتيجيات تغيير السلوك: (1) التعزيز الإيجابي (2) التعزيز السلبي أو تجنّب التعلّم (3) الزوال (4) العقاب. يلعب كل نوع دورًا مختلفًا في كل من الطريقة والمدى الذي يحدث فيها التعلّم، وسنتحدّث عن كل منها فيما يلي.
التعزيز الإيجابي: يعتمد على تقديم نتيجة جاذبة (مكافأة) للفرد بعد قيامه بسلوك مرغوب. كما قال سكينر "إنّ التحفيز الإيجابي هو منبه يُضاف إلى موقف ما من اجل تعزيز احتمال حدوث استجابة استثابيّة". أحد الأمثلة البسيطة عن التعزيز الإيجابي هو مديح المدير لموظّفيه عند قيامهم بعمل جيد في موقف معيّن، أو عند مدح المدير لأحد الموظفين عند التزامه بالوقت المحدّد باستمرار (انظر إلى الشكل 4.6)، فإنّ نمط السلوك-المدح هذا من الممكن أن يشجّع الموظف ليأتي في الوقت المحدّد في المستقبل على أمل الحصول على مدح إضافي.
الشكل (4.6): استراتيجيات تغيير السلوك (حقوق النشر لجامعة رايس Rice ، OpenStax، تحت الرخصة CC BY-NC-SA 4.0).
يجب أن تتحقّق عدّة شروط ليكون التعزيز الإيجابي فعّالًا في تسهيل تكرار السلوك المرغوب. أولًا، يجب أن يكون المُعزّز نفسه (المديح) مُقدّرًا من قبل الموظف، إذ لن يكون المديح فعّالًا إن لم يكترث به الموظفون. ثانيًا، يجب أن يرتبط المُعزّز بشكل قوي بالسلوك المرغوب، إذ إنّ تلقّي المُعزّز (المديح) من قبل الموظف يجب أن يكون منوّطًا ومرتبطًا مباشرة بالقيام بالسلوك المرغوب. "يجب أن تنتج المكافآت مباشرة بعد الآداء، وكلّما كانت درجة أداء الموظف أفضل، يجب أن تكون مكافأته أكبر." من المهم ان نأخذ في الحسبان هنا أنّ "السلوك المرغوب" يمثل السلوك الذي يحدده المشرف وليس الموظف. لذلك حتى يلعب المديح دور المُعزز عليه ألا يكون مُقدّرًا من قبل الموظف فقط، بل أيضًا يجب أن يتبع مباشرة السلوك المرغوب، وأن يكون أكبر كلّما كان السلوك أقرب للصورة المثالية الموجودة في عقل المدير. إذ إن المديح الذي يُقال عشوائيًا من غير المرجّح أن يعزز السلوك المرغوب. ثالثًا، يجب أن يكون هناك فرص كافية لإعطاء المعزز بعد السلوك المرغوب. إذا كان المعزز مرتبطًا بسلوك معيّن نادرًا ما يحدث، فإنّ الأفراد نادرًا ما سيعزّزون هذا السلوك وغالبًا لن يربطوه بمكافأة. على سبيل المثال، إذا أعطي المديح فقط مقابل الأداء الاستثنائي (والذي قلّما يحدث في المؤسسة)، فإنّه من غير المرجّح أن يمتلك تأثيرًا قويًّا على الموظفين لأداء السلوك المرغوب. من المهم أن يُبنى نظام السلوك-المكافأة بحيث يكون من السهل تحقيقه.
التعزيز السلبي: يشير مفهوم التعزيز السلبي إلى السعي لتجنّب وضع أو نتيجة غيّر سارّة من خلال اتّباع السلوك المرغوب. يتعلّم الموظفون تجنّب الأعمال ذات النتائج غير السارّة أو غير المريحة من خلال التصرّف بطرق معيّنة. إذا أدّى موظف مهمّة بطريقة صحيحة أو التزم بالقدوم إلى العمل في الوقت المحدّد (انظر إلى الشكل 4.6)، فإنّ المشرف عليه من الممكن أن يمتنع عن مضايقته أو توبيخه أو إحراجه. من المفترض أن يتعلّم الموظف مع مرور الوقت أنّ الالتزام بالسلوك الصحيح يقلّل من التحذيرات التي يوجّهها المشرف إليه، وللمحافظة على هذا الوضع، يستمر الموظف باتّباع السلوك المرغوب.
الزوال: يقترح مبدأ الزوال أنّ السلوك غير المرغوب سيتراجع (يزول تدريجيًا) نتيجة لعدم وجود تعزيز إيجابي. في حال لم يحظى الموظّف المتأخر في المثال الوارد في الشكل (4.6) بالمديح من المشرف عليه ولم يُرشّح لزيادة راتبه أو ترقيته، فإنّنا نتوقع أن يؤدي عدم التعزيز هذا إلى "زوال" هذا التأخير. إذا يستنتج الموظّف أنّ التأخير من شأنه أن يحرمه من زيادة راتبه أو فرصة ترقيته مستقبلًا ومن الممكن أن يحاول أن يأتي إلى العمل في الوقت المحدّد.
العقاب: وأخيرًا، الاستراتيجية الرابعة لتغيير السلوك المستخدمة من قبل الإداريين والمشرفين هي العقاب. العقاب هو تطبيق عواقب غير سارّة أو سلبية نتيجة لسلوك غير مرغوب به. أحد الأمثلة عن تطبيق العقاب هو توبيخ المشرف للموظف علنيًا أو تغريمه نتيجة لتأخيره المستمر (انظر إلى الشكل 4.6). من المفترض أن يمتنع الموظف عن التأخير في المستقبل ليتجنّب مثل هذه العواقب غير المرغوبة. العقوبات الأكثر استخدامًا (وكذلك المكافآت الأكثر استخدامًا) موضّحة في الجدول (4.1).
المكافآت والعقوبات الأكثر استخدامًا | |
---|---|
المكافآت | العقوبات |
زيادة الراتب | التوبيخ الشفهي |
مكافأة مالية | التوبيخ الكتابي |
الترقية | النبذ |
الثناء والتقدير | النقد |
الجوائز | الإيقاف عن العمل |
التقدير الذاتي | إنزال الرتبة |
الإحساس بالإنجاز | تقليل الصلاحيات |
زيادة المسؤولية | نقل غير مرغوب به |
إجازة | الفصل النهائي من العمل |
الجدول (4.1) (حقوق النشر لجامعة رايس Rice ، OpenStax، تحت الرخصة CC BY-NC-SA 4.0).
إنّ استخدام العقاب هو في الواقع أحد أكثر المسائل المثيرة للجدل في استراتيجيات تغيير السلوك. رغم أنّ العقاب يمكن أن يمتلك نتائج عمل إيجابية، خاصة إذا أُدير بأسلوب غير شخصي ونُفّذ مباشرة بعد حدوث التقصير أو الخطأ، إلّا أنّ بعض التداعيات السلبية يمكن أن تنتج أيضًا عبر استياء الموظفين من الإجراء أو شعورهم بأنّهم يعاملون بطريقة غير عادلة. إنّ هذه النتائج السلبية للعقاب مبيّنة في الشكل (4.7). لذلك ورغم أنّ العقاب يمثّل قوّة فعّالة في التعلم التصحيحي، فإنّ استخدامه يجب أن يُطبّق بعناية. عمومًا، وليكون العقاب فعّالًا يجب أن تتناسب العقوبة مع شدة "الخطأ المُرتكب"، وأن تُعطى على انفراد وأن تُشرح للموظف بشكل واضح.
الشكل (4.7): النتائج السلبية المحتملة للعقاب (حقوق النشر لجامعة رايس Rice ، OpenStax، تحت الرخصة CC BY-NC-SA 4.0).
الأخلاقيات في الممارسة
التعامل مع متنمّر في مكان العمل
تشير الدراسات إلى أنّ حوالي 50% من الموظفين في الولايات المتحدة الأمريكيّة يتعرّضون للتنمّر في مرحلة ما في عملهم. يجب أخذ جميع أنواع التنمّر في الحسبان وليس فقط التمييز أو المضايقة.
عملت أنجيلا في مجلس إدارة كلية حقوق وتعرّضت للتنمّر بشكل مباشر. كثيرًا ما كان مديرها يصرخ عليها أمام زملائها، وكان واضحًا بالنسبة لها أنّها لم تكن محبوبة. لم تكن أنجيلا وحدها التي شعرت بالغيظ تجاه هذا المدير الذي كان يتعامل مع الموظفين الآخرين بنفس الطريقة. حاول العديد من الموظفين، بمن فيهم أنجيلا، استرضاء المدير المتنمّر لكن لم ينفع شيء. في أحد الأيام هُدّدت أنجيلا من قبل مديرها، لكنّها قبل أن تتمكّن من الوصول لقسم الموارد البشرية فُصلت من العمل. على الرغم من أن سوء المعاملة الإدارية بهذا الشكل وفي هذا المثال يُعد أمرًا نادرًا، إلا أنه يجب علينا معرفة وإدراك أن تعديل سلوك غير مرغوب أو التعامل معه هو إجراء مهم لأي مدير في مكان العمل.
المصادر:
Acceptable and Unacceptable Behaviours, University of Cambridge website, accessed January 15, 2019, https://www.hr.admin.cam.ac.uk/policies-procedures/dignity-work-policy/guidance-managersand-staff/guidance-managers/acceptable-and; Hedges, Kristi, How to Change Your Employee’s Behavior,” Forbes, March, 4, 2015, https://www.forbes.com/sites/work-in-progress/2015/03/04/how-tochange-your-employees-behavior/#c32ad4b6732a; and Kane, Sally, Workplace Bullying: True Stories,Statistics and Tips, The Balance Careers, January 29, 2019, https://www.thebalancecareers.com/bullying-stories-2164317
باختصار، يُركّز كل من التعزيز الإيجابي والسلبي على تحقيق الاستجابة المرغوبة من الموظف. في التعزيز الإيجابي يتصرّف الموظف بطريقة معيّنة للحصول على المكافآت المرغوبة، بينما في التعزيز السلبي يتصرّف الموظف بهدف تجنّب محصّلات معيّنة غير مرغوبة. لكن في كلا الحالتين يُعزز السلوك المرغوب من قبل المشرف. في المقابل، يركّز الزوال والعقاب على محاولات المشرفين للحد من حدوث السلوك الغير مرغوب. يعني ذلك أنّ الزوال والعقاب يُستخدمان عادة لحمل شخص على التوقف عن فعل شيء لا يحبّه المشرف، ولا يعني ذلك بالضرورة أنّ الفرد سيبدأ بالتصرف بالطريقة المرغوبة أو الصحيحة انطلاقًا من ذاته.
يواجه الطلاب في الكثير من الأحيان صعوبة في التمييز بين التعزيز السلبي والزوال، أو في فهم كيف يمكن أن يمتلك أي منهما تأثيرًا مهمًا على السلوك. يوجد عاملان من المهم أخذهما في الحسبان، الأول سنسميه ببساطة "تأثير التاريخ". يمكن لعدم الرغبة في التعرّض للمضايقة أن يعزّز وصول الموظف إلى العمل في الوقت المحدّد وذلك في حال تعرّض هذا الموظف سابقًا للمضايقة بسبب تأخره. إنّ الوصول في الوقت المحدّد وبالتالي تجنّب المضايقة السابقة سيعزز من الوصول في الوقت المحدّد. تنطبق هذه الديناميكية نفسها على الزوال. إذا اُثنيَ على الموظف سابقًا لوصوله في الوقت المحدّد، ثم وصل متأخرًا ولم يُثنى، سيعمل ذلك على إضعاف الميل إلى الوصول متأخرًا. سنسمي العامل الثاني "التأثير الاجتماعي"، على سبيل المثال، إذا رأيت الآخرين يتعرّضون للمضايقة لوصولهم متأخرين وأنت لم تتعرض للمضايقة أبدًا بسبب وصولك في الوقت المحدّد دومًا، يمكن لهذا أن يعزز الوصول إلى العمل في الوقت المحدّد بشكل أكبر. ومرّة أخرى، تنطبق هذه الديناميكية على الزوال. إذا رأيت الآخرين يتلقون الثناء لوصولهم في الوقت المحدّد، ولم تتلقّى أنت الثناء بسبب وصولك متأخرًا باستمرار، سيعمل ذلك على إضعاف الميل إلى الوصول متأخرًا.
من منظور إداري، تُطرح العديد من الأسئلة حول أي من استراتيجيات تغيير السلوك هي الأكثر فاعليّة. يجيب مناصري استراتيجيات تغيير السلوك، مثل سكينر، بأنّ التعزيز الإيجابي مترافقًا مع الزوال هما الطريقة الأنسب لتحقيق السلوك المرغوب. هناك عدّة أسباب كامنة وراء هذا التركيز على النهج الإيجابي للتعزيز. أولًا، رغم أنّ العقاب من الممكن أن يثبّط أو يزيل السلوك غير المرغوب، إلا أنه غالبًا لايقدّم معلومات للفرد حول كيفية أو في أي اتجاه عليه أن يتغيّر لكي يتجنّب العقاب. يمكن أن يؤدي تطبيق العقاب أيضًا إلى عزل الفرد عن بيئة العمل المحيطة به، مما يقلّل من فرص حدوث تغيير مفيد. وبالمثل، يميل التعزيز السلبي إلى تسليط الضوء على الجانب السلبي، يعني ذلك أنّ الأشخاص يتعلمون الابتعاد عن بعض السلوكيات، مثل التأخر، خوفًا من تداعياتها السلبية. بالمقابل، يبدو أنّ الجمع ما بين التعزيز الإيجابي واستخدام الزوال له آثار سلبية غير مرغوبة أقل، ويسمح للأفراد أن يتلقوا المكافآت التي يرغبون بها. ويعتقد البعض أنّ النهج الإيجابي للتعزيز هو أداة الإدارة الأكثر فاعليّة لتحقيق التغييرات الإيجابيّة في المؤسسة.
الجدول الزمني لتطبيق التعزيز
بعد دراسة الاستراتيجيات الأربعة المختلفة لتغيير السلوك، ننتقل الآن إلى دراسة الطرق أو الجداول الزمنية المختلفة لتطبيق هذه الاستراتيجيات. كما قال كوستيلو (Costello) وزالكيند (Zalkind): «تُحدّد سرعة حدوث التعلّم ومدى تأثيره بتوقيت التعزيز». لذلك، إنّ معرفة أنواع الجداول الزمنية للتعزيز هو أمرٌ أساسي للإداريين إذا أرادوا معرفة كيفية اختيار المكافآت وتحديد توقيتها الدقيق بحيث تمتلك التأثير الأقصى على أداء الموظفين. رغم أنّ هناك طرق متنوعّة لكيفية تطبيق المكافآت، يمكن تصنيف معظم الأساليب في مجموعتين: مستمرة - جزئية (أو متقطّعة). يُكافئ جدول التعزيز المستمر السلوك المرغوب في كلّ مرّة يحدث فيها. على سبيل المثال، يمكن للمدير أن يمدح (أو يدفع) الموظف في كل مرّة يقوم فيها بأداء جيّد أو تصرّف صحيح، لكن نظرًا لضيق الوقت والموارد الذي يعمل فيه معظم الإداريون، فإنّ ذلك غالبًا ما يكون صعبًا، إن لم يكن مستحيلًا. لذا فإنّ معظم استراتيجيات مكافآت الإدارة تعمل وفقًا لجدول زمني جزئي. يُكافئ جدول التعزيز الجزئي السلوك المرغوب في فترات زمنية محدّدة ومتقطّعة، وليس في كلّ مرّة يظهر فيها السلوك المرغوب. بالمقارنة مع الجداول المستمرة، تؤدي الجداول الجزئية إلى تعلّم أبطىء لكن احتفاظ أقوى واستمرارية في أسلوب التعزيز، وبذلك يغدو التعلّم عادة أكثر ديمومة. يمكن تحديد أربع أنواع من جداول التعزيز الجزئية: (1) فواصل ثابتة - (2) معدل ثابت - (3) فواصل متغيرة - (4) معدل متغير (انظر إلى الجدول 4.2).
الجداول الزمنية للتعزيز الجزئي | ||||
---|---|---|---|---|
الجدول الزمني للتعزيز | طبيعة التعزيز | آثاره على السلوك عند تطبيقه | آثاره على السلوك عند إيقافه | مثال |
جدول الفواصل الزمنية الثابتة | مكافأة في فترات زمنية ثابتة | يؤدي إلى أداء متوسط وغير منتظم | زوال سريع للسلوك | الراتب الأسبوعي |
جدول المعدل الثابت | مكافأة مرتبطة باستمرار مع الإنتاج | يؤدي بسرعة إلى أداء عالي وثابت | زوال سريع للسلوك | نظام الدفع وفقًا للقطعة |
جدول الفواصل الزمنية المتغيرة | مكافأة معطاة في فواصل زمنية متغيرة حول متوسط وقت معيّن | يؤدي إلى أداء مرتفع باعتدال وثابت | زوال بطيء للسلوك | تقييم أداء شهري ومكافأة في أوقات عشوائية كل شهر |
جدول المعدل المتغير | مكافأة معطاة في مستويات إنتاج متغيرة حول متوسط إنتاج معيّن | يؤدي إلى أداء مرتفع جدًا | زوال بطيء للسلوك | مكافأة مبيعات مرتبطة ببيع عدد س من الحسابات، لكن تتغير س باستمرار حول متوسط معين |
الجدول (4.2) (حقوق النشر لجامعة رايس Rice ، OpenStax، تحت الرخصة CC BY-NC-SA 4.0).
جدول الفواصل الزمنية الثابتة. يُكافئ هذا الجدول الأفراد على أدائهم في فترات زمنية محدّدة، كما هو الحال عند إعطاء الراتب كلّ أسبوعين. حتى إذا كان أداء الموظفين في الحد الادنى، سيُدفع لهم. لكن هذه التقنية لا تؤدي عمومًا إلى مستويات أداء عالية أو مستدامة لأنّ الموظفين يعلمون أنّ الأداء بالحد الأدنى سيؤدي إلى الحصول على نفس مكافآت الأداء العالي. وبالتالي هناك حافز ضئيل لتقديم أداء وجهود عالية. وأيضًا عند تعليق أو إيقاف المكافآت، فإنّ زوال العادات المرغوبة سيحدث بسرعة. تُستمد العديد من الجهود الحديثة لإعادة تصميم الوظائف إلى إدراك الحاجة لاستراتيجيات بديلة للتحفيز وفق فواصل زمنية ثابتة.
جدول المعدل الثابت. الجدول الثابت الثاني هو جدول المعدل الثابت. تُعطى المكافأة هنا فقط بعد إكمال عدد ثابت من الاستجابات المرغوبة. بمعنى آخر، المكافآت مرتبطة بالأداء، أي أن المكافأة تكون من جِنس جودة العمل. مثال شائع عن جدول المعدل الثابت هو نظام الدفع وفقًا "للقطعة"، حيث يُدفع للموظفين لكل وحدة إنتاج ينتجونها. تحت هذا النظام، يصل الأداء إلى مستويات عالية بسرعة. في الواقع وفقًا لهامنر (Hamner): «إنّ مستوى الاستجابة هنا أعلى بكثير من أي مستوى يُحصل عليه تحت أي جدول آخر يعتمد على الفواصل الزمنية». 14 لكن الجانب السلبي منه هو انّ الأداء يتراجع بحدّة عند تعليق المكافآت كما في جداول الفواصل الزمنية الثابتة.
جدول الفواصل الزمنية المتغيرة. تُطبّق جداول التعزيز المتغيرة -سواء متغيرة الفواصل الزمنية أو المعدل- بأوقات عشوائية لا يمكن أن يتنبّئ بها الموظف. لا يعلم الموظف في هذه الجداول عمومًا متى ستكون فترة التقييم والمكافآت التالية. في الجدول ذي الفواصل الزمنية المتغيرة، تعطى المكافآت وفق فترات زمنية مستندة إلى متوسط. على سبيل المثال، يمكن أن يعلم الموظف أنّ أداءه في المتوسط يقيّم ويُكافئ حوالي مرّة في الشهر، لكنّه لا يعلم متى سيحدث ذلك تمامًا، لكن يعلم أنّه سيحدث ضمن فترة شهر. يكون الجهد والأداء مرتفعان ومستقرّان مع مرور الوقت في هذا الجدول، لأنّ الموظف لا يعلم أبدًا متى سيحدث التقييم.
جدول المعدل المتغير. وأخيرًا، جدول المعدل المتغير هو جدول تُعطى فيه المكافآت فقط بعد أداء الموظف وفق السلوك المرغوب به عددًا من المرات، مع تغيّر عدد المرات من مكافأة إلى آخرى، لكنّها تتوسط مع الوقت إلى معدل ثابت من عدد الأداءات المُكافأة. على سبيل المثال، يمكن أن يقرّر مدير إعطاء مندوب مبيعات مكافأة ماليّة مقابل كل 15 حساب جديد يُباع، لكن عوضًا عن تقديم المكافأة كلّ 15 حساب مُباع (كما في جدول المعدل الثابت) يُمكن أن ينوّع المدير عدد المبيعات المطلوبة للحصول على المكافأة، ربما من 10 مبيعات في المكافأة الأولى إلى 20 حساب مباع في المكافأة الثانية، لكن في المتوسط يسود المعدل 1:15. إذا فهم الموظف هذه الأرقام، فإنّ العدد الوسطي الآمن من المبيعات -أو مستوى المبيعات الذي من المرجّح أن يؤدي إلى الحصول على مكافأة- يزيد على 15. بناءً على ذلك، يؤدي جدول المعدل المتغير عادة إلى أداء عالي وثابت، والأكثر من ذلك، زوال السلوك المرغوب بطيء أيضًا في حال غياب المكافأة.
أي من جداول التعزيز الأربعة هذه هي الأفضل؟ استنتج هامر بعد مراجعة عدّة دراسات توازن ما بين هذه الطرق المختلفة مايلي:
اتضحت ضرورة وضع شروط التعزيز المناسبة بعد عدّة دراسات، تحوّل فيها إعطاء المكافآت من شروط مرتبطة بالاستجابة (المعدل) إلى شروط مرتبطة بالوقت (الفواصل الزمنية). خلال الفترة التي اُشترط فيها إعطاء المكافآت بناءً على حدوث السلوك المرغوب، فإنّ أنماط الاستجابة المناسبة ظهرت على مستوى عالي باستمرار. عندما أعطيت المكافآت فيها على أساس الوقت مستقلّة عن سلوك الموظف، كان هناك انخفاض ملحوظ في السلوك المرغوب. إعادة الوضع إلى جدول المكافآت المشروط بالأداء أعاد فوريًا مستويات الاستجابة العالية.
بمعنى آخر، تؤدي جداول المكافآت المشروطة بالأداء (أو المعدل) عمومًا إلى أداء أفضل من الجداول المشروطة بالوقت (أو الفواصل الزمنية)، بغض النظر عمّا إذا كانت هذه الجداول ثابتة أم متغيّرة. سنعود إلى هذه النقطة في مقال لاحق عند استعراض موضوع تقييم الأداء وأنظمة المكافآت.
يوجد نهجان آخران للتعلم في أعمال ديفيد كولب (David Kolb) وميل زيلبرمان (Mel Silberman). تتمثّل نظرية أسلوب التعلّم التجريبي لكولب بدورة تعلّم مؤلفّة من أربعة مراحل، يتطرّق فيها المتعلّم إلى جميع الأساسيات. تُنجز المراحل الأربعة عندما يمر الشخص بدورة مؤلفة من: (1) المرور بتجربة ملموسة متبوعة (2) بمراقبة تلك التجربة والتفكير فيها، والذي يؤدي إلى (3) تشكيل مفاهيم مجرّدة (تحليل) وتعميمات (استنتاجات) والتي (4) تُستخدم بعدها لاختبار فرضيات في المواقف المستقبلية، مما ينجم عنه تجارب جديدة. حدّد زيلبرمان في كتابه التدريب الفعّال (Active Training) ثمانية صفات لتجربة التعلّم الفعّالة والنشيطة وهي: مستوى معتدل من المحتوى، التوازن ما بين التعلم العاطفي والسلوكي والمعرفي، تنوّع أساليب وتوجّهات التعليم، فرص للمشاركة الجماعية، تشجيع الأفراد على مشاركة خبراتهم، إعادة تدوير المفاهيم والمهارات المتعلّمة سابقًا، تشجيع حل مشاكل الحياة الواقعية، والسماح بالوقت الكافي للانطلاق مجدّدًا.
ترجمة -وبتصرف- للفصل Reinforcement and Behavioral Change من كتاب Organizational Behavior
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.