حكاية تتكرّر دائما. عادة ما نُشاهد تلك الفرق المكوّنة من شابّين أحدهما يمتلك ذلك النشاط والعزم الكبيرين واﻵخر خبير في الشؤون التقنية، يسعيان معًا إلى تأسيس شركة ناشئة، ليناضلا بعدها لتحقيق حلمهما في الوصول إلى مصافّ الشركات العملاقة مثل Google و Facebook.
يتقلّد الشاب النشيط منصب المدير التنفيذي CEO بينما يتقلّد الشاب الخبير بالشؤون التقنية منصب المدير التنفيذي التقني CTO، لا مشكلة في ذلك لحدّ اﻵن أليس كذلك؟
حسنًا، ﻻ يبدو ذلك صحيحًا، إذ يعلم الكثير من الذين أصبحوا مدراء تنفيذيين في شركة ناشئة لأول مرة أنه سيأتي يوم في المستقبل سيضطرون فيه إلى اتخاذ قرار حاسم، فإما أن يكون غنيًا أو يكون ملكًا في شركته، وقد يؤدي ذلك إلى التنحّي عن هذا المنصب والاستعانة بشخص آخر لديه خبرة أكبر في هذا المجال. يتعلم المدير التنفيذي ذلك عندما يسأله المستثمرون إن كان يودّ البقاء في هذا المنصب إلى اﻷبد.
ولكن ماذا بشأن المدير التنفيذي التقني؟ قد تكون اﻷمور مختلفة قليلًا ولكن هناك بعض أوجه الشبه، ولنكتشف ذلك معًا.
ما هي وظيفة المدير التنفيذي التقني في الشركات الناشئة الاعتيادية
لمّا كان هذا الشخص هو الأكثر خبرة في المجال التكنولوجي في هذا الفريق المكوّن من شخصين، فإنه يعدّ مسؤولًا عن جميع اﻷمور ذات الطبيعة التقنية، وهذا يعني بالتأكيد البرمجة ، ويعني كذلك اختيار البنية التحتية المضيّفة والتي سيعمل عليها البرنامج، والحزمة الضمنية للبرنامج Underlying stack، والمعمارية التقنية، وأدوات إدارة الشيفرة المصدرية، الخ، ولا غرابة في ذلك.
ماذا عن إنشاء الموقع اﻹلكتروني الخاص بالشركة، وإدارة الراوتر اللاسلكي في المكتب، وتقديم المساعدة للمدير التنفيذي عندما يصاب حاسبه المحمول بالفيروسات، وإدارة خادوم البريد اﻹلكتروني الخاص بالشركة؟
نعم، يقوم المدير التقني بكلّ ذلك، إضافة إلى كنس أرضية البيت الذي يعمل فيه، وإحضار الرسائل من صندوق البريد المحلي.
نعم، يؤدي المؤسسون الكثير من اﻷعمال، وهذا طبيعي جدًّا.
النمو والنجاح هما سبب المعضلة
تبرز المعضلة عندما تبدأ الشركة بالنمو لتجلب المزيد من الخبراء في المجال التقني، وستوكل الكثير من المهام التي كان يؤديها المدير التنفيذي التقني في اﻷيام اﻷولى إلى أشخاص آخرين، وفي نهاية المطاف سيدرك المدير التنفيذي وفريق اﻹدارة ضرورة وجود شخص يعمل على مراقبة عمليات التطوير يومًا بيوم (سواء من من ناحية العتاد أو البرمجيات) وآخر يكون هو المسؤول عن وضع اﻷفكار التقنية إضافة إلى كونه المتحدث الرسمي للشركة في الشؤون التقنية، وفي هذه الحالة ستحتاج الشركة إلى وجود منصبين اﻷول هو نائب الرئيس للهندسة VP of Engineering (أو أي عنوان مشابه) والمدير التنفيذي التقني.
ولكن ما هو المنصب اﻷفضل بالنسبة للمدير التنفيذي التقني المؤسّس للشركة استنادًا إلى المهارات والطموحات المستقبلية؟
إن كانت اﻹجابة هي المراقبة اليومية لعمليات التطوير فلا يمكن حينها اﻹبقاء على لقب "المدير"، وقد يكون هناك احتمال ﻹنقاص الرتبة عندما تصبح المهمّتان أساسيتين في تحقيق نجاح الشركة وضمان استمرارية نموها.
يمكن "رفع" اللقب إلى النائب الأول للرئيس Senior VP ولكن إن كانت الشركة مكوّنة من 30 موظّفًا فقط فإن وجود عدد من النواب الأوائل يبدو أمرًا سخيفًا، ولكن بالمقابل فإن أيّ لقب لا يحتوي على كلمة "مدير" (Chief) سيبدو كإنقاص لمرتبة الشخص الذي كان يحمل هذا اللقب سابقًا.
استباق المعضلة
عادة ما أنصح مؤسسي الشركات الناشئة بمناقشة هذا اﻷمر في وقت مبكّر جدًا.
إذ يجب أن يعي من يرغب في تقلّد منصب المدير التنفيذي التقني منذ البداية أنّه سيأتي يوم في المستقبل حيث تتوزّع المهام التي يتحمل مسؤوليتها على عدد من اﻷشخاص، ما يعني أنه قد يفقد هذا اللقب في يوم من اﻷيام.
ولكن يجب أن يعي هذا الشخص أيضًا أن التغيير لا يعني تخفيضًا للمرتبة، بل هو مناسبة للاحتفال باﻹنجاز الذي حقّقته الشركة في تجاوزها لمرحلة إثبات البقاء إلى مرحلة النموّ إلى درجة تظهر فيها الحاجة إلى تقسيم اﻷدوار.
وإن كان الشخص الذي يدير هذا الحوار هو المدير التنفيذي المؤسس، فإنّ بإمكانه الاستعانة بما ذكرته في المقدّمة عن إمكانية استبدال المدير التنفيذي بشخص آخر ذي خبرة أكبر.
يتفادى بعض مؤسسي الشركات الناشئة استخدام جميع اﻷلقاب السابقة (المدير التنفيذي والمدير التنفيذي التقني) لمدة عام أو أكثر على بداية المشروع، وتحتوي بطاقات العمل الخاصة بهم على عبارة (المؤسس الشريك Co-Founder) فقط، أو عبارة "الشّؤون التّجارية" (Everything Business) و "الشّؤون التّقنية” (Everything Technical)
المبالغة في استخدام لقب "المدير"
تُثار حفيظتي عندما أسمع بشركة ناشئة مكوّنة من 5 أشخاص يأخذ كل واحد منهم لقب (المدير). أنا لا أرى أن هناك حاجة لاستخدام هذه اﻷلقاب حتى من قِبَل 5 مؤسسين لهم خبرة كبيرة في هذا المجال.
لذا يمكنك أن تتخيّل ردّة فعلي عندما أرى شركة ناشئة مكوّنة من 5 موظّفين يمتلكون خبرة تراكمية لا تتجاوز 10 سنوات وهم يحملون ألقاب مثل مدير التسويق، ومدير العائدات المالية، ومدير الشؤون المالية، ومدير المنتجات، وما إلى ذلك.
ترجمة –وبتصرّف– للمقال The Dilemma of the Startup CTO Title لصاحبه Gordon Daugherty.
حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.