اذهب إلى المحتوى

سنتطرق في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال إلى الخطوات الواجب اتباعها من أجل تأسيس مشروع تجاري خاص، وأهم الخيارات المتاحة لذلك.

ونشير إلى أن نسبة الشركات الناشئة الجديدةِ تبلغ كُليًّا 75%، في حين تمثل ال25% الباقيةُ شركاتٍ مُشتراةً، أو حقوق امتياز، وبما أننا قد تحدثنا عنِ الامتياز في سياق هذا الكتاب، فسنقتصر على دراسة النوعين الآخرين لبدء مشروعٍ تجاري، وهما تأسيسُ مشروعٍ تجاري جديدٍ كليًّا، أو شراءُ واحدٍ موجودٍ مسبقًا.

الخطوات الأولى التي عليك اتخاذها عند بدء مشروعك التجاري

البداية

إنَّ تقييمكَ لنفسك لغرضِ تحديد ما إذا كانت لديك الصفاتُ الشخصية التي تؤهِّلُك للنجاح، هو الخطوة الأولى نحوَ بدءِ مشروعِك التجاري، وفي حال توفرت فيك تلك الصفاتُ، في ضوء ذلك التقييم، سيتحتّمُ عليك تحديدُ نوعِ العمل التجاري الأنسبِ لك. يُقدِّم لك الجدول 5.6 قائمةً مرجعية تُعينك على التفكير في نوع ذلك المشروع، قبل أن تحسِمَ خيارك.

العثور على فكرة

المصادرُ التي يستقي منها روّادُ الأعمال أفكارَهم حول المشاريع التجارية التي يرغبون في تأسيسها، كثيرة جدًّا، وليسَ مُستغرَبًا أنَّ 80% من المديرين التنفيذيين للشركات الخمسمئةِ الأسرعِ نموًّا، المُدرَجة على قائمة مجلة إنك (Inc. 500) قدِ استقَوا أفكار مشاريعهم التي أسسوها لاحقًا، انطلاقًا من أنشطة الشركات التي كانوا يعملون فيها، أو من مجالٍات ذات صلةٍ بها.

إنَّ تأسيسَك لشركةٍ تعمل في مجالٍ لديك خبرةٌ فيه، يُعزِّزُ من فرص نجاحِك، ومن المصادر الأخرى التي بوسعك الاستعانة بها: تجاربُك الشخصيةُ بوصفك مُستهلِكًا، والاهتماماتُ، والهواياتُ الشخصية، والاقتراحاتُ التي يقدِّمُها المُستهلكون، والعائلة، والأصدقاء، والمؤتمراتُ ذاتُ الصلة بمجالٍ تجاريٍّ ما، والمحاضراتُ الجامعية، أو سواها من الدروس التي تتلقاها.

قائمةٌ مرجعيةٌ لبدء مشروعٍ تجاري
خُذِ البنودَ الآتيةَ بالحُسبان، قبل إقدامك على تأسيسِ مشروعك التجاري الصغير: حدِّدِ الأسبابَ التي تدفعك لتأسيس ذلك المشروع. حليل الذات. المهاراتُ، والخبرة الشخصية. العثور على مجالٍ تجاريٍّ محدد. أبحاث السوق. خطة شركتِك الناشئة: دوِّن خطةَ مشروعك التجاري. * مصادر التمويل: كيفية تمويل مشروعك التجاري.

الجدول 5.6

ومن العادات التي يُنصَح بها بشدة، والتي تُبقيك مُطَّلِعًا على الاتجاهات الحديثة في عالم الأعمال، قراءةُ المجلات المعنيّةِ بريادة الأعمال، والمشاريع التجارية الصغيرة، وزيارةُ المواقع الالكترونية الخاصة بتلك المجلات؛ فمقالاتُها الوافيةُ الشاملةُ لكل ما يتصل بالمشاريع الصغيرة، بدءًا من العثور على فكرة لمشروعك التجاري، وصولًا إلى بيعه، توفِّرُ مصدرًا لا يُثمَّن، وتستعرضُ تجربةَ رواد أعمال شباب ومشاريعهم التجارية التي حققت نجاحًا (الجدول 5.7)

رواد أعمال ناجحون
الاسم، والسن الشركة، والوصف الخاص بها
فيليب كيمي (Philip Kimmey)، السن: 27. شبكة كيمي لمجالسة الكلاب، وأخذها في نزهات، Rover.com. جمعت هذه الشركة رأسَ مالٍ مُخاطِر قدرُهُ 100 مليون دولار، وقُدِّرَت قيمتُها ب 300 مليون دولار في العام 2017.
ماكس مانكين (Max Mankin)، السن: 27. شارك مانكين في تأسيس شركة موديرن إلكترون (Modern Electron) وجمعَ رأسَ مالٍ مُخاطر قدره 10 ملايين دولار لإنشاء "محوِّلات طاقةٍ حراريةٍ متطورة" تُولِّدُ كهرباء "رخيصةً، وواسعة النطاق، ويُعوَّلُ عليها". ستحوِّلُ هذه الشركةُ كلَّ منزلٍ إلى محطةِ طاقةٍ مستقلة.
أليكسندرا كريستن وايت (Alexandra Cristin White)، السن 28. في بداية العشرينات من عمرها، أسست وايت شركتها المسماة غلام سيمليس (Glam Seamless) التي تبيعُ وصلاتِ شعر، وفي العام 2016، حققت شركتها التي تولَّت تمويلها بمفردها، دخلًا صافيًا بلغ 2.5 (مليونين وخمسمئة ألف) دولار.
ألين جانيت (Allen Gannet)، السن: 26. أسس جانيت شركته المسماة تراك ميفن (TrackMaven)، وهي شركة تحليلات ويب تسويقية، حققت هذه الشركة في العام 2016 دخلًا صافيًا بلغ 6.7 ملايين دولار في السنة.
جيك كاسان (Jake Kassan)، السن: 25 و كريمر لابلانت ( Kramer LaPlante)، السن: 25. أطلق هذان الرَّجُلان شركتهما المسماة إم في إم تي (MVMT) عبر موقع إنديجوجو (Indiegogo)، فجمعا 300 ألف دولار. وفي العام 2016، حققت شركتهما، التي تبيعُ نظاراتِ شمس، وساعات، دخلًا صافيًا بلغ 60 مليون دولار.
براين ستريم (Brian Streem)، السن: 29. تنتج الشركة التي يملكها ستريم، وهي شركة أيروبو (Aerobo)، خدمات طائرات بدون طيار لقطاع الأفلام، وتبيع "مستلزمات تصوير سينمائي جوي احترافي عبر طائرات بدون طيار". حققت هذه الشركة في العام 2016 دخلًا صافيًا بلغ مليون دولار، وهي سنتها الأولى في هذا المجال.
ناتاليا بيلي (Natalya Bailey)، السن: 30 ولوي بيرنا (Louis Perna)، السن: 29. بدأت شركةُ آتشيون سيستمز (Accion Systems) العملَ في العام 2014، وجمعت رأسَ مالٍ مخاطِرٍ قدره 10 ملايين دولار. قُدِّر دخلُها الصافي في العام 2016 بــ 4.5 ملايين دولار، وتُصنِّعُ هذه الشركة أنظمة دفعٍ صغيرة الحجم للأقمار الصناعية.
جيسي دوفر (Jessy Dover)، السن: 29. دوفر هي شريكة مؤسِّسة في شركة داجني دوفر (Dagne Dover)، وهي شركة مصنعة لحقائب يد فعالة للتخزين للنساء العاملات. حققت دوفر وزملاؤها المؤسسون للشركة دخلًا صافيًا بلغ 4.5 ملايين دولار في العام 2016، وقد أُطلِقَت تلك الشركة لأول مرة في موقع نوردستروم (Nordstrom.com) في العام 2017.

الجدول 5.7

لقد أتى هؤلاء الشبابُ مُحدِثو التغيير، والذين حصدوا في العشرينات، والثلاثينات من أعمارهم ثروات ضخمة، بأفكار، ومفاهيم فريدة، وعثروا على المجال المناسب لشركاتهم، ومشاريعهم الصغيرة.

ثمة أفكارٌ مثيرة للاهتمام من حولك، ويحدثُ أن يبدأ كثير من المشاريع التجارية بعد أن يُحدد شخصٌ ما حاجةً بذاتها، ثم يجد سبيلًا لإشباعها. هل لديك مشكلةٌ تحتاج إلى حلها؟ أو مُنتَجٌ لا يعمل جيدًا مثلما تريد له أن يعمل؟ إنَّ طَرحَ أسئلةٍ حول كيفيةِ عملِ الأشياء، ورؤية الفرصة في الشدائد، هو أحد السبل العظيمة لتوليد الأفكار.

اختيار شكل المؤسسة التجارية

يتمحور السؤال الأهم الذي يواجهه شخصٌ يبدأ مشروعًا تجاريًا حول شكل ذلك المشروع؛ أي: هل سيكون ملكية تجارية فردية، أم شراكةً، أم شركة مساهمة، أم شركة محدودة المسؤولية؟ لكلٍّ من أشكال المؤسساتِ التجارية تلك، إيجابياتٌ، وسلبيات، مثلما ناقشنا -سابقًا- ويعتمد الاختيار بينها على نوع العمل التجاري، وعدد الموظفين، ومتطلبات رأس المال، والاعتبارات الضريبية، ومستوى المجازفة، الخاصة بالمشروع المُزمَع إنشاؤه.

تطوير خطة المشروع التجاري

حالما يصبح لديك المفهوم الأساس للمنتَج، أو الخدمة، فعليك تطوير خطة لإنشاء المشروع التجاري الخاص بك، وتُعدّ عملية التخطيط هذه، والتي تُتوَّجُ بخطة مشروع تجاري، إحدى أهم الخطوات نحو بدء المشروع التجاري، إذ تساعدك في جذب القروض التمويلية، وتقليل المخاطر ذات الصلة بالمشروع، وتُعدّ الفيصل بين نجاح المشروع، أو فشله، وهناك كثير ممن لا يُقدِمون على تأسيس مشروعهم التجاري، إذ تثنيهم عن ذلك الشكوكُ، والمخاوف. وتتيح لك خطة مشروعٍ تجاري شاملةٌ، إجراءَ تحليلٍ يتضمن طرحَ سيناريوهات واستعراض احتمالات، ويمكّنك من تقييم مشروعك من دون مخاطر، أو تكاليف مالية، وبوسعك -أيضًا- تطويرُ خطط مناسبة لتذليل الصعوبات بالشكل الأمثل قبل بدء مشروعك، وتكريسَ وقتٍ كافٍ لتطوير خطة مشروعٍ تجاري يؤتي أُكُلَه؛ ولكن المشروع الذي قد يبدو ناجحًا في مرحلةِ وضعِ أفكارٍ خاصةٍ به، قد لا يكون كذلك من الناحية النظرية، وقد تدفعُ خطةُ مشروعٍ تجاري مكتوبةً، وشاملة، ومحضّرة جيدًا، روادَ الأعمال، إلى تبنّي نظرةٍ موضوعية تجاه مشروعهم التجاري، وتحليلٍ متأنٍّ لمفهوم ذلك المشروع، وتدفعهم -كذلك- إلى اتخاذ قراراتٍ حول التسويق، والمبيعات، وعمليات التشغيل، والإنتاج، والتوظيف، والميزانية، والتمويل، كما تساعد في وضع الأهداف التي تساعدهم في إدارة نمو ذلك المشروع، وأدائه، ومراقبتهما.

الصورة 5.4 الفصل 5.jpg

الصورة 5.4: تُقيم مؤسساتٌ متنوعة كلَّ عام منافساتِ إعداد خطط أعمال تجارية، لاستقطابِ العدد المتزايد من طلاب الجامعات، كي يبدأوا مشاريعهم التجارية الخاصة، ومن الأمثلة على تلك المنافسات: المناهجُ التعليمية الخاصة بريادة الأعمال لدى جامعة إسكس (Essex) وشبكة آيليرن (iLearn) التعليمية، وهي مناهجُ طورتها جامعة تكساس في مدينة أوستن (Austin)، والتي دخلت في شراكةٍ مع جامعة تريساكتي (Trisakti)، الواقعة في مدينة جاكرتا في أندونيسيا، ومع السفارة الأمريكية، وذلك للمساعدة في إطلاقِ دوراتٍ، ومنافساتٍ خاصة بريادة الأعمال، وقدِ اختير سبعة طلاب ممن اشتركوا في دورة "iLearn: Entrepreneurship" بوصفهم المرشحين النهائيين لتقديم خطط الأعمال التجارية، التي أعدوها أمام لجنةٍ من رجال الأعمال الكبار، وممثلين عن السفارات، وقد حصل صاحب خطة المشروع التجاري، التي كان موضوعها حول مفهوم السياحة البيئية على مبلغ 1000 دولار بوصفه رأس مالٍ أوليًا. ( حقوق الصورة محفوظة لجامعة إسكس / فليكر).

كما تعدّ خطةُ مشروعك التجاري؛ خطةَ التشغيل الأولي لذلك المشروع، وتتطلب كتابة خطةٍ مُحكَمة للمشروع التجاري وقتًا كافيًا، ولكن كثيرًا من أصحاب المشاريع التجارية يُهمِلون أداةَ التخطيط الأساسية هذه، حيث يتوقون بشغف إلى البدء بممارسة عملهم التجاري الخاص، فينشغلون بدل ذلك بعمليات تشغيل المشروع اليومية، وتتضمن المظاهر الرئيسة لخطة المشروع التجاري وصفًا عامًا للشركة، ومؤهلات المالك، أو المالكين، ووصفًا للمنتجات، والخدمات، وتحليلًا للسوق (الطلب، والزبائن، والمنافسة)، والمبيعات، وقنوات التوزيع، إضافة إلى خطةٍ مالية، ويجب أن تتضافر تلك الأقسام، لتُظهِرَ لماذا سيكون المشروع التجاري ناجحًا، وذلك بالتزامن مع التركيز على فرادة المشروع التجاري، والأسباب التي ستجعله جاذبًا للزبائن.

ويشرح الجدول 5.8 العناصر الأساسية لخطة المشروع التجاري، ومن الاستخدامات الشائعة لخطة المشروع التجاري؛ إقناع المُقرِضين المستثمرين بتمويل المشروع، إذ تساعدهم المعلومات التي تتضمنها خطة المشروع التجاري، في حسم موقفهم من الاستثمار في المشروع من عدمه، وعلى الرغم من أن إعداد خطة المشروع التجاري قد تستغرق شهورًا قبل أن تكتمل، إلا أنه يجب أن تجذب اهتمام المستثمرين في غضون دقائق، ولهذا السبب، يجب أن تُكتَب خطة العمل الأساسية مع تصوُّرٍ لوجود قارئ سيطلع عليها، وبعدها يصبح لديك متّسعٌ لتنقيح تلك الخطة، وجعلها متوائمةً مع الأهداف الاستثمارية للمستثمر، أو المستثمرين، الذين تريد منهم المساهمة في تمويل مشروعك.

العناصر الرئيسة لخطة المشروع التجاري
الملخَّص التنفيذي: يُقدِّم نظرةً شاملة حول الخطة الكلية للمشروع التجاري. ويُكتَبُ الملخصُ التنفيذيُّ بعدَ استكمال الأقسام الأخرى، ومن شأنه توفيرُ تشويقٍ كافٍ يُحفِّزُ القارئَ كي يستمرَّ في القراءة.
بيانُ الرؤية، والمهمة: يصِفُ بإيجازٍ الرؤية الاستراتيجية المقصودة، وفلسفةَ العمل التجاري التي تُوصِل إلى وضعِ الرؤية الخاصة به موضعَ التنفيذ، ويمكنُ -أيضًا- تضمينُ القيم الخاصة بالشركة في هذا القسم من خطة المشروع التجاري.
نبذة عن الشركة: تشرحُ فيها نوعَ الشركة، مثل: شركة تصنيع، أو بيع بالتجزئة، أو شركة خدمات، ويوفر هذا القسم من خطة المشروع التجاري المعلومات الأساسية المرجعية حول الشركة في حال كانت موجودة مسبقًا، كما يعرض الشكل المُقتَرح للمؤسسة التجارية؛ هل هي ملكية فردية، أم شراكة، أم شركة مساهَمة، كما يجب أن يتضمنَ هذا القسمُ اسم الشركة، وموقعها، وأهدافها، وطبيعة العمل التجاري، والمُنتَجات، أو الخدمات الرئيسة التي يقدّمها، والحالة الراهنة للمشروع التجاري (شركة ناشئة، أو في مرحلة الشراء أو التوسع) وتاريخه (في حال توفُّرِ ذلك)، والشكل القانوني لذلك المشروع.
خطة المُنتَج و / أو الخدمة: تقدّمُ وصفًا للمنتج و/ أو الخدمة، وتشير إلى أي ميزات خاصة بذلك المنتج أو الخدمة، بالإضافة إلى أنها تشرح الأسباب التي ستدفع الناس إلى شراء ذلك المنتج، أو الخدمة، ويجب أن يتضمن هذا القسُم وصفًا لما يأتي: المُنتَج و / أو الخدمة، وملامح المنتج، أو الخدمة، ومزاياهما التي توفر للمشروع ميزةً تنافسية، ونوع الحماية القانونية المتوفرة (براءات اختراع، أو حقوق نشر، أو علامات تجارية).
خطة التسويق: تُظهِرُ هذه الخطة الفئاتِ التي سيكون أفرادُها زبائن لدى ذلك المشروع التجاري، وأيَّ نوعٍ من المنافسة سيواجه، وتحدد هذه الخطةُ النقاطَ الرئيسة في استراتيجية التسويق، كما تُظهِرُ الميزةَ التنافسية التي يمتلكها ذلك المشروع التجاري، وتصفُ -أيضًا- نقاط قوة المشروع التجاري، وضعفه، والفرص المتاحة أمامه، والمخاطر التي تهدّده، ويقدّم هذا القسم وصفًا لما يأتي: تحليلُ السوق المستهدفة؛ وأوصاف المستهلكين المقصودين؛ ووسائل تحديد الزبائن، وجذبهم، والحفاظ عليهم؛ وشرحًا مختصرًا للقيمة المقترحة؛ وطريقة البيع؛ والقوة البيعية (قوة المبيعات)؛ وقنوات التوزيع؛ وأنواع العروض الترويجية الخاصة بالتسويق، أو المبيعات، والإعلانات، وميزانية التسويق المتوقَّعة؛ واستراتيجية تسعير المنتج و / أو الخدمة؛ وسياسات الائتمان، والتسعير.
خطة الإدارة: تحدد هذه الخطةُ اللاعبين الرئيسيين، وهم المستثمرون النُشطاء، وفريق الإدارة، وأعضاء مجلس الإدارة، والمستشارون؛ كما تضعُ مؤهلاتِ المذكورين آنفًا، واختصاصاتهم، كما يجب أن يتضمن هذا القسمُ وصفًا لما يأتي: فريق الإدارة، والمستثمرين و / أو المديرين الخارجيين، ومؤهلاتهم، والخبراء الخارجيين ومؤهلاتُهم، وخطط توظيف الأفراد وتدريبهم.
خطة التشغيل: تشرح هذه الخطةُ نظامَ التشغيل، أو التصنيع، المُزمَع استخدامُه في المشروع التجاري، وتصف المنشآت، والعمل، والمواد الخام، ومتطلبات معالجة المُنتَج، ويجب أن يتضمن هذا القسم وصفًا لما يأتي: طرق التشغيل، أو التصنيع، والمنشآت التشغيلية (الموقع، والمساحة، والتجهيزات)، وطرق ضبط الجودة، وإجراءات ضبط المخزون وعمليات الإنتاج، ومصادر الإمداد، وإجراءات الشراء.
الخطة المالية: تحددُ هذه الخطة المتطلباتِ الماليةَ، ومصادرَ التمويل المدروسة بعناية، بالإضافة إلى التوقعات الخاصة بالعائدات، والنفقات، والأرباح، كما يجب أن يتضمن هذا القسم وصفًا لما يأتي: بيانات مالية سابقة عن الثلاث السنوات، أو الخمس الماضية، أو وبحسب الحال، وبيانات القوائم المالية المفترضة للمدة من 3 حتى 5 سنوات، بما في ذلك بيانات الدخل، والقوائم المالية الخاصة بالميزانية، وبيانات التدفق النقدي، والميزانيات النقدية (بشكل شهري عن السنة الأولى، وبشكل ربع سنوي عن السنة الثانية)، والاقتراضات المالية، وتحليل نقطة تعادل الأرباح، والتدفقات النقدية، ومصادر التمويل المخطط لها.
ملحَق الوثائق الداعمة: يوفّر هذا الملحق بياناتٍ مكمّلة لخطة المشروع التجاري، إذ يجب أن يحتويَ هذا القسم على وصفٍ لما يأتي: السِّيَر الذاتية لفريق الإدارة، والقِيَم الخاصة بالشركة، ومعلومات حول ثقافة الشركة (في حال كانت فريدةً، وتسهم في الحفاظ على الموظفين)، وسوى ذلك من معلوماتٍ أخرى مهمة، تدعم تلك التي تتضمنها خطة المشروع التجاري؛ مثل تحليلِ منافسين مُفصَّلٍ، وشهاداتُ الزبائن، ومُلخّصات بحثية.

الجدول 5.8

ولكنْ، لا يخطُرنَّ ببالك أنّ بوسعك إلقاءُ خطة مشروعك التجاري جانبًا حالما تحصُلُ على التمويل، وتبدأُ تشغيلَ شركتك؛ إذ يرتكبُ روّادُ الأعمال خطأً فادحًا، في حال اعتقدوا أن الهدف من تلك الخطة هو جمعُ رأس مالٍ فقط، ويجب التعاملُ مع خطة المشروع التجاري بوصفها وثيقةً متجددة تخضع للمراجعة، والتحديث تحديثًا دَوريًّا؛ شهريًّا، وربع سنويٍّ، وسنويًّا، وذلك وفقًا للتقدم المُنجَز في مشروعك التجاري، وحسب التغيرات التي تطرأُ على مجال ذلك المشروع.

وعلى مالكي المشاريع التجارية تعديلُ توقعاتهم الخاصةَ بالمبيعاتِ، والأرباح، وذلك برفع سقفها، أو تخفيضه في معرض تحليلهم للأسواق التي ينشطون فيها، ولنتائج تشغيل مشاريعهم تلك؛ فمراجعةُ خطة مشروعك التجاري باستمرار، تساعدك في الوقوف على نقاط القوة، والضعف، الخاصة بالاستراتيجية التسويقية، والإدارية، الخاصة بك، وتعينُك -كذلك- على تقييم الفرص المحتملة لتوسيع مشروعك في ضوء المهمة، والأهداف الأصلية التي حددتّها، والاتجاهاتِ الرائجة في السوق، ونتائجِ العمل التجاري الذي تُمارِسه، وتقدّمُ إدارة المشاريع الصغيرة (Small-Business Administration) في الولايات المتحدة نماذجَ عن خطط مشروعاتٍ تجارية، ودليلًا إلكترونيًا، يساعد في تحضير خطةِ مشروعٍ تجاري تحت علامة التبويب "Business Guide" على الرابط "https://www.sba.gov".

تمويل المشروع التجاري

تتمثل الخطوة الآتية -بعد الانتهاء من وضع خطة المشروع التجاري الخاص بك- بالحصول على التمويل اللازم لتأسيس شركتك، ويعتمدُ التمويلُ المطلوب على نوع المشروع التجاري، وعلى الاستثمار الخاص برائد الأعمال؛ فالمشاريع التجارية التي يؤسسها رواد أعمالٍ على الإنترنت -دون وجودٍ مادي لتلك المشاريع- يحتاجون تمويلًا أقل من أقرانهم الطامحين نحو النمو، وتوسيع مشاريعهم، كما يتطلبُ تأسيسُ شركاتِ تصنيعٍ، وتقنيةٍ متطورة، استثماراتٍ أوليةً ضخمةً عادةً.

منِ الذي يقدم التمويل للمشاريع التجارية الصغيرة؟ مثلما كان الحالُ لدى ميهو إناغي، يجمعُ حوالي 94% من مالكي المشاريع التجارية الأموالَ لتأسيس شركاتهم الناشئة، من حساباتهم الشخصية، ومن أفراد العائلة، والأصدقاء، مهمةٌ هيَ تلك الممتلكاتُ الشخصيةُ، والأموال التي تؤخذ من العائلة، والأصدقاء، بالنسبة للشركات الجديدة، ولكنّ التمويل من قبل المؤسسات المالية يغدو أكثر أهمية مع نمو الشركة. وقد بلغَ التمويل الذي حصلت عليه ثلاثةُ أرباع الشركات المدرجة على قائمة مجلة إنك 500 (Inc. 500) مائة ألفِ دولارٍ أو أقل.

أشكال التمويل

هناك شكلان للتمويل:

الأول هو الديون: وهي الأموال المُقتَرَضة، التي ينبغي أن تُسدَّد مع فائدة خلال فترة زمنية محددة.

أما الشكل الثاني للتمويل: فهو الأموال التي يجري جمعُها من بيع الأسهم (أي بمعنىً آخر: الملكية) في المشروع، ويحصل الذين يقدمون أموالًا على شكلِ أسهم، على حصةٍ من أرباح الشركة، وبينما يقيِّدُ المقرِضون التمويلَ الذي يقدمونه في شكلِ ديون بحدودٍ لا تتجاوز ثلث احتياجات الشركة الكلية، أو ربعَها، يصل التمويلُ في شكل أسهم إلى حوالي 65 إلى 75% من التمويل الكلي لشركةٍ ناشئة.

الصورة 5،5 الفصل 5.jpg

الصورة 5.5: بدأت شركة فوبو (FUBU) عندما أخذَ رائدُُ أعمالٍ شاب من حي هوليس (Hollis)، في مقاطعة كوينز التابعة لمدينة نيويورك، يصنع طاقيّات في منزله مع بعض أصدقائه، وبعد اقتراضه مبلغَ 100,000 دولار مقابل رهن، واستثمارِ شركة سامسونج في شركته، نجحَ دايموند جون (Daymond John) في تحويل منزله إلى شركة ألبسةٍ رياضية ناجحة، وتعتلي ماركة فوبو اليوم قائمة العاملين، والمتابعين لها بشغف في مجال الموضة، والذين ارتدَوا كل شيءٍ بدءًا من خط الإنتاج التقليدي فات ألبرت (Fat Albert) ووصولًا إلى البدلات الرسمية الفاخرة من شركة فوبو. كيف تحصل الشركات الناشئة على التمويل؟ (حقوق الصورة محفوظة للسفارة الأمريكية، نيروبي / فليكر).

ومن الطرق الأخرى المستخدمة لتمويل شركتك الناشئة؛ تطوير الفكرة، وتأسيس الشركة، بمالِكَ الخاص، وهو ما يُعرَف بــ "Bootstrapping"، التي تعني تمويل عملية تشغيل مشروعك التجاري من مصادرك الخاصة، وفي حال عدم توفر المصادر المطلوبة للشخص، فثمة خياراتٌ أخرى، إنَّ مصدرَي التمويل بالأسهم للشركات الوليدة هما: المستثمرون الملائكة (angel investors)، و رأس المال المُخاطِر (venture capital). فالمستثمرون الملائكة هم أشخاصٌ مستثمرون، أو مجموعة من المستثمرين المحنّكين، الذين يقدمون تمويلًا للشركات، أو المشاريع التجارية الناشئة، عبر الاستثمار بأموالهم الخاصة، التي غالبًا ما يُشار إليها بعبارة "رأس المال الأولي" (seed capital)، وهذا الأمر يعطي المستثمرين مرونةً أكبر حول ما يمكنهم الاستثمار فيه، وحول ما سوف يستثمرون فيه؛ ولكنهم مستثمرون حَذِرون، لأن الأموال التي يستثمرون فيها هي أموالهم الخاصة، وغالبًا ما يستثمر هؤلاء في مرحلة تطوّر الشركة، إذ يريدون رؤية فكرةٍ يفهمونها، ويمكنهم الوثوق فيها، ويقدّم الجدول 5.9 بعض المبادئ التوجيهية نحو كيفية جذب المستثمرين الملائكة.

إبرامُ صفقةٍ مباركة

لنفرض أنك بحاجة إلى تمويل مشروعك التجاري الوليد، فكيف تجذبُ اهتمام المستثمرين الملائكة للاستثمار في مشروعك التجاري؟ أظهِرْ لهم شيئًا يفهمونه، والخيارُ الأمثل هنا هو أن يكون المشروع التجاري في مجالٍ لأولئك المستمرين صلةٌ به.

اعرِف تفاصيل مشروعك التجاري: وهي المعلومات المهمة بالنسبة للمستثمرين المُحتَمَلين؛ وتتضمن المبيعات السنوية، والربح الصافي، وهامش الربح، والتكاليف. امتلكِ القدرةَ على شرح مشروعك التجاري -ما الذي يقدّمه ذلك المشروع، سواء من سلعٍ، أو خدمات، ولمن يقدمها- وذلك في أقلَّ من دقيقة واحدة.

احرص على ألا يتجاوز عددُ شرائح العرض التقديمي (باوربوينت) 10 شرائح. لا مشكلة لدى المستثمرين الملائكة في إبقاء أموالهم مودَعةً في البنوك، ولذلك ينبغي أن يسترعي مشروعُك اهتمامهم، ويجب أن يكون لديهم شغفٌ تجاه مجال ذلك المشروع، وفكرته، ويعدّ التوقيتُ مهمًا -أيضًا- فمعرفة متى عليك التحدث إلى أولئك المستثمرين، حول تمويل مشروعك، قد يحدِثُ فرقًا كبيرًا. يجب أن يلمِسوا إدارةً يثقون فيها، ويحترمونها. قدِّمِ الفريقَ الإداري لديك عبرَ قائدٍ قويٍّ، وذي خبرةٍ، بوسعه الإتيانُ بشرحٍ وافٍ عن المشروع، والإجابةُ عن أسئلة المستثمرين المحتملين بالتفصيل المطلوب.

يميلُ المستثمِرون الملائكة إلى المشاريع التجاريّة التي يمكنهم إضفاءُ قيمةٍ مُضافةٍ إليها، فقد ينخرطُ المستثمرون في شركتك لوقتٍ طويل، أو قد يحجزون مكانًا لهم في مجلسِ إدارتها. يميلُ المستثمرون الملائكة إلى الصفقات التي لا تتطلبُ مبالغَ ماليةً ضخمة، أو ضخَّا إضافيًا لأموالهم النقدية. أكِّدْ للمستثمرين المحتملين على المخارج المحتملة لهم، واعلم من هم منافسوك، ولماذا ستكون أنت الخيارَ الأفضل، وكيف ستتمكن من كسب السوق بالأموال التي تحصل عليها.

الجدول 5.9

بعدما انتهينا من الحديث عن المصدر الأول من مصدَرَي تمويل الشركات الوليدة بالأسهم، وهو المستثمرون الملائكة، ننتقل إلى النوع الثاني، وهو رأس المال المُخاطِر؛ الذي يُعرَّفُ بأنه التمويل المأخود من أصحاب روؤس الأموال المُخاطِرة، ومن الشركاتِ الاستثمارية المتخصصة في تمويل الشركات الصغيرة، وسريعة النمو. يحصلُ أصحابُ رؤوسِ الأموالِ المُخاطِرةِ على حصصِ ملكية في الشركة، وعلى حق إبداء الرأي فيما يخص شؤونها الإدارية، ويستثمر هؤلاء -عادةً- في مرحلةٍ متأخرة عن المستثمرين الملائكة. سنناقش رأس المال المُخاطر لاحقًا، بمزيد من التفصيل، عندما ندرس تمويل المشروع.

شراء مشروع تجاري صغير

من الطرق الأخرى لامتلاك مشروعٍ تجاري صغير؛ شراء مشروعٍ قائم، وبالرغم من أن هذه الطريقة هي الأقلُّ مخاطرة، ينطبق كثير من الخطوات ذاتِها المتعلقة بتأسيسِ مشروعٍ تجاري من الصفر، على شراء مشروع تجاري قائم، ويقتضي الشراءُ إجراءَ تحليل متأنٍّ وعميق، فعلى المشتري المُحتَمل الإجابةُ عن عدد من الأسئلة، منها: ما الأسباب التي دفعت مالك المشروع القائم إلى بيعه؟ هل لأنه يريد التقاعد، أو الانتقالَ إلى مجالٍ تجاري آخر، أم بسبب وجود مشاكل في المشروع الذي يريد بيعه؟ هل يحقق المشروع ربحًا؟ إذا لم يكن يحقق ربحًا، فهل يمكن تصحيح ذلك الوضع؟ على أي أساسٍ قدَّر البائعُ قيمةَ مشروعه؟ وهل السعرُ الذي حدَّدهُ عادلٌ؟ ما هي خطط مالك المشروع لمرحلة ما بعد بيعه؟ هل سيكون مالك المشروع مستعدًا لتقديم المساعدة خلال عملية نقل ملكية المشروع التجاري؟ ومع مراعاة نوع المشروع التجاري؛ فهل سيكون الزبائن أكثر ولاءً لِشخص صاحب المشروع، أكثر من ولائهم للمنُنتَج، أو الخدمة التي يقدمها المشروع؟ فقد يتركُ الزبائن الشركةَ المعروضة للبيع، في حال قرر مالكُها الحالي افتتاحَ شركةٍ مشابهة لها، ولحماية أنفسهم من تبِعاتِ هذا الاحتمال، يلجأُ كثير من المشترين إلى تضمين عقدِ البيع شرطَ عدمِ منافسةٍ، والذي يفيد بأنه لا يُسمَحُ لمالك الشركة بمنافسة المشتري في المجال التجاري ذاته، الذي ينشط فيه المشروع التجاري المبيع لمدة محددة من الزمن.

عليك إذًا تحضيرُ خطةِ مشروعٍ تجاري تتضمن تحليلًا عميقًا لجوانب ذلك المشروع كافة، احرص على الحصِول على أجوبةٍ عن جميع أسئلتك، ثم حدِّد من خلال خطة مشروعك التجاري، ما إذا كان المشروع الذي تنوي شراءه صفقةً رابحة بالنسبة لك، وبعد ذلك، عليك التفاوضُ حول السعر الذي ستدفع، وسواه من أحكام الشراء، والحصولُ على التمويل المطلوب، وقد تكون هذه عمليةً معقّدةً لدرجةٍ تتطلب منك الاستعانةَ بمستشارٍ، أو سمسارٍ تجاري.

العمل التجاري المجازف

قد لا تكون إدارةُ مشروعك التجاري بالسهولة التي تتوقع؛ فعلى الرغم من المزايا التي يتيحها لك لتكون رئيس نفسِك، لا تزال هناك مخاطرُ لا يُستهان بها مُحدقة بك، فخلال خمس السنوات من بدء تشغيل المشاريع التجارية الصغيرة، يفشل منها ما نسبتُهُ 50%، وذلك وفقًا لمؤسسة كوفمان.

تتعدد الأسبابُ التي تدفع المشاريعَ التجارية -ليس جميعها- إلى إيقاف أنشطتها، ولكنْ ليس مردُّ ذلك إلى فشل تلك المشاريع؛ فبعضُها يوقف نشاطه بالرغم من أنه ناجحٌ من الناحية المالية، وذلك لأسباب لا صلة لها بهذه الناحية، ولكن، قد تكون أسبابُ فشل المشروع التجاري مترابطةً مع بعضها؛ فعلى سبيل المثال: غالبًا ما يُعدُّ انخفاضُ المبيعات، وارتفاع التكاليف، نتيجةً مرتبطة بضعف الإدارة، وفيما يلي عرضٌ لبعض الأسباب الشائعة لتوقُّف المشروع التجاري عن العمل:

  • عوامل اقتصادية: مثل الانكماش الاقتصادي، ومعدلات الفائدة المرتفعة.

  • أسباب مالية: مثل رأس المال غير الكافي، والرصيد النقدي المنخفض، والتكاليف المرتفعة.

  • الخبرة الضعيفة: أي المعرفة التجارية غير الكافية، والخبرة الإدارية، والفنية دون المستوى المطلوب.

  • أسباب شخصية: قد يقرر مالكو المشاريع التجارية بيعَها، والانتقال إلى مجالِ عملٍ مختلف.

ويمثّل التخطيطُ المبكّر غيرُ الكافي، بذرةَ مشاكل المشروع التجاري التي تظهر لاحقًا، ومثلما بيّنا -سابقًا- في سياق هذا الفصل، يعد تحليلُ الجدوى المتأني، مرورًا بتقييم السوق والتمويل، عوامل أساسية لنجاح المشروع التجاري، وبالرغم من وضعِ أفضل الخطط، قد تتغير ظروف العمل التجاري، وتظهر تحدياتٌ لم تكُن في الحُسبان؛ فقد يؤسسُ رائدُ أعمال ما، شركةً قائمةً على تقديم مُنتَجٍ جديدٍ مذهل، ليُفاجأ لاحقًا بوجود شركةٍ أخرى -تقدم منتجًا مشابهًا للذي تنتجه شركته- أكبرِ حجمًا من شركته، وذاتِ نفوذ طاغٍ في مجال التسويق، والتمويل والتوزيع.

ويمكن للتوتر المرافق لإدارة مشروع تجاري، أن يُلحق ضررًا بالمالك على نحوٍ تدريجي، كما قد يستنزفُ المشروعُ حياتك بأسرها؛ فمالكو المشاريع التجارية ربما يجدون أنفسهم غارقين في مشاكل مشاريعهم الخاصة، وعاجزين عن التغلّب على الضغوط المرافقة لعمليات تلك المشاريع، التي تسببها ساعاتُ العمل الطويلة، ووجودُهم في موقع صانعِ القرار الرئيس، وسيتحتم على أصحاب المشاريع التجارية الناجحة، التعاملُ مع التحديات المستمرة؛ فالنمو السريع جدًا، هو -أيضًا- سيفٌ ذو حدّين، مَثَلُهُ مثَلُ ركود المبيعات، إذ يمكن لذلك النمو أن يقيّد التمويل الوارد إلى الشركة، عندما تحتاجُ إلى مزيدٍ من الأموال، لتمويل عملياتها الآخذة في التوسُّع، والتي تستتبعُ توظيفَ عددٍ أكبر من الأشخاص، وشراء مزيد من المواد الخام، أو التجهيزات، وعلى أصحاب المشاريع الناجحين في ظل ظروفٍ مماثلةٍ؛ الاستجابةُ سريعًا، وتطويرُ خططٍ تستوعب ذلك النمو، وتديره.

إذًا، متى تُدركُ أنَّ الوقت قد حان للانسحاب؟ قد يكون الشعار القائل: "إياك أن تستسلِم" محفّزًا لك للصمود، ولكنّ خَيارَ الاستمرار -على الرغم من كل الظروف- قد لا يُجدي نفعًا بالنسبة لأصحاب المشاريع الصغيرة، بيدَ أنَّ بعضهم يستمر، بصرف النظر عن الثمن الذي سيدفعونه؛ فهاهي شركة إيان وايت (Ian White) التي كانت تحاول التسويقَ لنوعٍ جديد من خرائط المدينة، وقد وصل وايت إلى الحد الأقصى للسحب من إحدى عشرة بطاقة ائتمان كانت بحوزته، وأنفق أموالَ ديونٍ فاقت 100,000 دولار منذ تأسيس شركته، لينتهيَ به المطاف مُعلِنًا إفلاسه، واضطرَّ إلى العثور على عملٍ يُعينُه على تسديد فواتيره. وهناك مثالٌ آخر عن امرأة تُدعى ماريا مارتز (Maria Martz) التي لم تُدرك أن مشروعها الصغير كان في طريقه إلى الفشل، إلا بعد أن رأت أن عائد الضريبة الخاص به، يُظهِر بما لا يقبل الشك، الخسائرَ التي مُنيَ بها ذلك المشروع، وذلك للسنة الثانية على التوالي، وقد أقنعها ذلك بأنه حان الوقت للتوقف، والتخلي عن مشروعها المتخصص في صناعة هدايا على شكل سِلال، وتفرغت بعد ذلك للتدبير المنزلي، ولكن، ما إن تتخذِ القرارَ، حتى يغدوَ صعبًا الالتزامُ به. وتقول ماريا بعد أن تخلت عن مشروعها التجاري: "تلقيتُ اتصالاتٍ من أناسٍ يستفسرون عن توقفي عن العمل، كنتُ أُمنّي النفسَ بإخبارِهم أني سأصنع لهم سلال الهدايا التي طلبوا، ولكن تَحَتَّمَ عليَّ إقناع نفسي بأنه لم يعد بوسعيَ فعلُ ذلك".

ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurship: Starting and Managing Your Own Business) من كتاب introduction to business


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...