اذهب إلى المحتوى

يقوم حاليًّا أحد أصحاب الشركات الناشئة التي مولناها بالتفاوض مع مجموعة من أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية، وقد سألني عن مدى إمكانية مؤسسي الشركات الناشئة على الحفاظ على الأغلبية التي تسمح لهم بفرض قراراتهم في مجلس الإدارة (retain control of the board) بعد دورة الاستثمار الأولى، وقال أن أغلب إجاباتهم كانت بالنفي.

كان هذا صحيحًا لكن منذ عشر سنين مضت، ففي الماضي كان من النّادر أن يُحافظ مُؤسّسو الشّركات الناشئة على هذه الأغلبية بعد دورة الاستثمار الأولى Serie A. يتكون مجلس الإدارة التقليدي بعد دورة الاستثمار الأولى من اثنين من المؤسسين، اثنين من أصحاب رأس المال، وعضو مستقل، أما مؤخرًا فقد أصبح يتكوّن من عضو واحد مؤسس، مستثمر، ومستقل، وفي الحالتين يفقد المؤسّسون أغلبيتهم.

ولكن ذلك لا يحدث دائمًا، فقد استطاع "مارك زوكربرج" الحفاظ على الأغلبية بعد الدورة الاستثمارية الأولى ولا يزال يحتفظ بها إلى غاية الآن، وأيضًا "مارك بينكوس" حافظ على الأغلبية في شركته "زينجا". لكن هل هذه مجرد استثناءات؟ ما هي نسبة المؤسسين الذين يحافظون على الأغلبية بعد الدورة الأولى؟ لقد سمعت عن العديد من الحالات من ضمن الشركات التي مولناها، لكن لم أكن متأكدًا من عددهم، لذلك راسلت الشركات التي على قائمة "YCfounders".

فاجأتني الردود، ففي دزّينة من الشركات التي مولناها استطاع الأغلبية الحفاظ على أغلبية مقاعد مجلس الإدارة بعد الدورة الاستثمارية الأولى.

أظن أننا هنا أمام نقطة تحول، فالعديد من أصحاب رؤوس المال يعطون الانبطاع كما لو أن فرصة حفاظ المؤسسين على أغلبية المقاعد بعد الدورة الأولى ضئيلة جدًا أو غير موجودة، الكثير منهم يحاولون أن يشعروك بالإحباط بمجرد أن تسأل، كما لو أنك ساذج أو مهووس بالسيطرة لمجرد سعيك في أمر كهذا. لكن المؤسسين الذين قرأت ردودهم لم يكونوا سُذّجًا ولا مهووسين بالسيطرة، وحتى لو كانوا كذلك -مثل "مارك زوكربرج"- فهم من السّذّج الذين ينبغي على الممولين الاستمرار في دعمهم أكثر وأكثر.

إن حفاظ المؤسسين على أغلبية المقاعد بعد دورة الاستثمار الأولى هو أمرٌ أصبح موجودًا بوضوح، وباستثناء حدوث كارثة مالية ضخمة، فإن هذا الأمر سيصبح هو الطبيعي في السنة القادمة.

إن التّحكّم في شركة ما يعد أمرًا أكثر تعقيدًا من مجرد الحصول على غالبية الأصوات في اجتماعات مجلس الإدارة، فالمستثمرين عادة ما يحصلون على حق "الفيتو" في بعض القرارات الكبيرة -مثل بيع الشركة- بغض النظر عن عدد المقاعد التي يملكونها في مجلس الإدارة، ونادرًا ما تنقسم الأصوات في تصويتات مجلس الإدارة، حيث أن القرارات يتم أخذها خلال المناقشة التي تسبق عملية التصويت، وليس في التصويت نفسه، والذي يخرج عادة بنتيجة مُتّفق عليها، لكن إذا انقسمت الأصوات في مثل هذه النقاشات، فإن الطرف الذي يشعر أنه قد يخسر في التصويت يميل لأن يكون أقل إصرارًا، وهذا ما يعنيه السيطرة على مجلس الإدارة في الواقع العملي. إنك لا تستطيع ببساطة أن تفعل ما تريد، سيظل مجلس الإدارة مجبرًا للعمل في مصلحة المساهمين في الشركة، لكن إذا كنت تسيطر على أغلبية مقاعد مجلس الإدارة، فإن آراءك حول ما يهم المساهمين ستكون هي الفائزة في النهاية.

لذلك، وبينما أن السيطرة على مجلس الإدارة لا تعتبر سيطرة كاملة، فإنها ليست خيالية أيضًا، فهناك حتمًا فروقات فيما تبدو عليه الشركة من الداخل، ما معناه أنه إذا أصبح من الطبيعي لمؤسسي الشركات أن يحافظوا على سيطرتهم على مجلس الإدارة بعد الدورة الأولى، فهذا سوف يغير مسار الأمور في عالم الشركات الناشئة ككل.

إن التغيير نحو الطبيعة الجديدة قد يكون سريعًا بشكل مفاجئ، لأن الشركات النّاشئة التي تستطيع الحفاظ على الأغلبية غالبًا ما تكون هي الشركات الأفضل، وهؤلاء هم من يحددون كيف تكون التوجهات العامة لكل من الشركات الناشئة وأصحاب رؤوس الأموال.

إن كثيرًا من أصحاب رؤوس الأموال يتسمون بالقسوة عندما يتفاوضون مع الشركات الناشئة، والسبب الأكبر في ذلك هو أنهم يخشون أن يعودوا لشركائهم وهم مهزومون، فعندما يوقعون ورقة الشروط والأحكام، فهم يريدون أن يشعروا بالفخر من الشروط الجيدة التي حصلوا عليها. لكن الكثير منهم لا يهتم حقيقة ما إذا استطاع المؤسسون الحفاظ على سيطرتهم على مجلس الإدارة أم لا، هم فقط يريدون ألا يبدو وكأنّهم قدّموا تنازلات ما، ما معناه أنه إذا لم يعد السّماح للمُؤسّسين بالتّحكم في مجلس الإدارة يبدو تنازُلًا ، فسيتحول ذلك بسرعة إلى اتجاه عام عند الجميع.

ككثير من التغييرات التي طرأت على أصحاب رؤوس الأموال، فإن هذا التغيير لن يتحول لمشكلة كبيرة كما قد يظنون، فهم سوف يحافظون على قدرتهم على الإقناع، لكنهم فقط لن يصبحوا قادرين على الإجبار، والشركات الناشئة التي سيُضطرّون إلى إجبارهم ليست بأي حال من الأحوال هي الشركات المهمة، حيث أن أصحاب رؤوس الأموال يصنعون أغلب ثروتهم من أهداف قليلة لكن كبيرة، وهذه الشركات لا تنتمي إلى هذه المجموعة.

إذا علمنا بأن السّماح للمُؤسّسين بالسيطرة على مجلس الإدارة قد يُساعد أصحاب رؤوس الأموال على الاختيار بشكل أفضل. إذا علموا أنهم لا يستطيعون طرد المؤسسين فعليهم أن يختاروا المُؤسّسين الذين يُمكنهم الوثوق بهم منذ البداية، وهؤلاء هم من ينبغي اختيارهم طوال الوقت.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Founder Control لصاحبه  Paul Graham (بول جراهاممُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اطّلع على باقي مقالات بول جراهام المترجمة إلى العربية


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...