اذهب إلى المحتوى

ﻻ شك أن تقديم اعتذار صادق قد يكون عسيرًا على البعض، رغم أننا نتعلم كبالغين أن نقدّم اعتذارات ناضجة ويمكن فهمها. وتزداد صعوبة تقديم ذلك الاعتذار الناجح والصادق في مكان مثل خدمة العملاء، حيث تكون هناك حاجة لتقديمه مع الثبات على موقفك أو في نفس الوقت الذي ترفض طلبات ﻻ يمكنك قبولها.

لماذا تعتذر؟

ﻻ تسمح بعض الشركات لأفرادها بقول “آسف” لخشيتهم من العواقب القانونية للاعتراف بالخطأ، لكن هذا الأسلوب يثير غضب العميل الذي يريد أن يرى الشركة تعترف بخطئها معه. أذكر مقالًا في نيويورك تايمز يبحث في القضايا التي رفعها المرضى أو أقارب المرضى على الأطباء بسبب غضبهم منهم، وقد وجدت الدراسات - وفقًا للمقال - أن أكبر عامل في تقليل القضايا التي رفعها المرضى هو تشجيع الأطباء على الاعتراف بخطئهم للمرضى إذا أخطؤوا، كما وجدت دراسة أخرى أن الناس تميل إلى مسامحة الشركة التي تعترف بالخطأ بمقدار الضعف عن تلك التي تعرض عليهم المال. تكمن قوة الاعتراف بالخطأ في أنك تقول للعميل “أنت على حق، وإنني أرى وجهة نظرك وأتفهّمها”، وهي تقرّ بوجود واقع مشترك مع العميل، على النقيض من أسلوب الدفاع والإنكار الذي قد نقع فيه، كما يساعد الاعتراف بالخطأ في تقليل تكلفة إصلاح الخطأ، إذ أن تكلفة الاعتذار الفعّال أقل بكثير من قضية في المحكمة أو حتى إعادة المال للعميل أو تقديم خصم له.
إن كلمة “فعّال” هنا هي كلمة مفتاحية، فليس كل اعتذار يكون فعّالًا، وإن جملة مثل “نعتذر على الإزعاج” تعني الآن النقيض من معناها الذي تحتويه كلماتها.

كيف تقدّم اعتذارًا فعّالًا في خدمة العملاء

إنني أتحدث هنا عن الاعتذارات المكتوبة ﻷن التمرّن مع الكتابة يعطيك وقتًا أكبر لتعديل ما تكتبه وتحسينه، لكن يمكنك تطبيق نفس المبادئ التالية على الاعتذارات الهاتفية أو الاعتذار وجهًا لوجه.

1. كن آسفًا حقًا

إن لم تكن آسفًا حقًا على جزء من المشكلة على الأقل فلا تعتذر، بل اطرح أسئلة واستمع مرة أخرى كي تتأكد أنك تفهم الموقف كاملًا، فقد يكون العميل الغاضب عنيفًا أحيانًا أو متطرفًا في ردّه ﻷنه يظن ببساطة أﻻ أحد يستمع إليه بصدق، وصدقني فإن العميل يستطيع أن يدرك ما إن كنت تقول آسف دون أن تفهم لماذا أنت آسف على وجه الحقيقة. لذا أعط نفسك وقتًا قبل أن ترد على العميل كي تدرك موقفك بشكل أفضل، فإن حدسي سيدفعني أن أرد مدافعًا عن نفسي ومهاجمًا وجهة نظر العميل على أنها خاطئة وظالمة، وهذا لن يساعدني أبدًا، على عكس محاولة فهم ما أشعر به، وربما كتابته أحيانًا - ليس في بريد طبعًا، ﻻ تفعلها أبدًا في رسالة بريدية! -، فهذا يعطيني مساحة عقلية كي أكتب ردًا أفضل.

2. قيّم مشاعر عميلك

ليس عليك أن توافق على كل ما يقوله العميل، لكنه يحتاج منك على الأقل أن تظهر له أنك سمعته وأنك تتفهم مشاعره، كأن تقول له مثلًا “ﻻ بد أنك أُحبِطتَ بسبب تركك معلّقًا هكذا في حين أنك كنت تريد إنجاز عملك”. حاول أن تبحث أكثر في الاستماع العاكس، فهي مهارة ستفيدك في العمل والمنزل على السواء. الاستماع العاكس هو استراتيجية تواصل تتضمن خطوتين أساسيتين: السعي لفهم فكرة المتحدث، ثم عرض الفكرة مرة أخرى على المتحدث لتأكيد أن الفكرة فُهمَت بشكل سليم.

3. اشرح ما حدث

اكتب شرحًا مفصَّلًا للموقف كما تفهمه، وتأكد أن تذكر كل النقاط التي أثارها العميل، فقد تذكر نقاطًا ﻻ يستطيع العميل الوصول إليها، فتشرح له أين حدث الخطأ وما هي العواقب، وحينها قد يقبل العميل اعتذارك ويرى أنه اعتذار صادق، حين تقيّم مشاعره وتعطيه شرحًا واضحًا بما حدث.

4. اعترف بأخطائك

سواء كان الخطأ منك أو من شركتك أو منتجك فمن الأفضل أن تعترف به بوضوح بنفس أسلوب الاستماع العاكس الذي ذكرناه قبلًا، لكنك تعكس هنا الطريقة التي وصف العميل بها مشكلته، فيجب أن يكون اعتذارًا صادقًا ومحددًا. كأن تقول للعميل “أنت على حق، كان يجب أن نوضح هذا من قبل” أو “أرى اﻵن أنني لم أقرأ رسالتك بشكل سليم، وهذا خطأي أنا وحدي”. وهذا على النقيض من اعتذار مقتضب مثل “لقد كان الأمر خطأك منذ البداية، لكن كما يقولون فإن العميل على حق دائمًا”، فهذا أسوأ من عدم تقديم اعتذار أبدًا.

5. اشرح ما ستفعله فيما بعد

اعرض على عميلك بوضوح ما ستفعله أنت وشركتك فيما بعد لتجنب حدوث تلك المشكلة، فهذه فرصتك لتظهر جدّيتك في تطوير وتحسين خدمتك، ولبناء الثقة بك في نفس العميل، كأن تقول له “لقد أضفنا بعض أدوات مراقبة العمل التي ستنبه فريق الدعم فورًا إن حدثت تلك المشكلة مرة أخرى كي نتصرف بسرعة”. ورغم أن العميل له حق قبول اعتذارك من عدمه، لكن يجب أن تبيّن له أنك موجود لتستمع إليه في أي وقت وتساعده، كأن تقول له مثلًا “أعتذر لو كان هذا سبّب لك إلغاءً لصفقة ما، لكن أريدك أن تعلم أنني سأسعد بشرح أي شيء بتفصيل أكبر، أو كي أستمع إليك بشأن أي مشكلة أخرى، يمكنك الرد على هذه الرسالة مباشرة وسأرد عليك في أقرب وقت”.

الأساليب التي تتجنبها في الاعتذار

هناك بعض الأمور التي يجب ألا تضعها في اعتذارك، فمثلًا:

  • ﻻ تعِد بشيء ﻻ تستطيع الوفاء به، فلا تقل مثلًا أن هذه المشكلة لن تحدث مرة أخرى إن لم تستطع ضمان هذا.
  • ﻻ تتجاهل مشاعر العميل أو تقلل منها، فلا تقل مثلًا أن عملاءك الآخرين لا يجدون مشكلة في هذا الأمر.
  • ﻻ تدافع عن نفسك بلوم شخص آخر أو بالتقليل من المشكلة.
  • ﻻ تبالغ في الاعتذار، فإن كلمة آسف ستفقد أثرها إن قلتها كثيرًا.

هل فات الوقت على الاعتذار؟

إن قابلية الاعتذار بشكل صحيح هي القوة التي يجب أن يمتلكها فريق خدمة العملاء في الشركة، ولست في حاجة لانتظار كارثة من أجل تطوير أساليب الاعتذار في شركتك، فأي شخص يستطيع فعلها مع التدريب.

ترجمة -بتصرف- لمقال How to Apologize: 5 Elements of a Successful ‘I’m Sorry’ لصاحبه Mathew Patterson.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...