اذهب إلى المحتوى

في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتعرف على جانب آخر يتعلق بإدارة الموارد البشرية، وذلك من ناحية أجورهم وأجورهم التحفيزية، وهو ما يعرف بالتعويضات التي عادة ما تكون على ارتباط بمستوى أداء المورد البشري.

العوامل المؤثرة على أجر الموظف

يعد التعويض، الذي يشمل أجور الموظفين، واستحقاقاتهم، وثيق الصلة بقياس الأداء؛ فالموظفون الذين يُبلون بلاءً حَسَنًا؛ يحصلون على زيادة أعلى في أجورهم، وهناك عدد من العوامل التي تؤثر في أجر الموظف:

  1. هيكل الأجور، والمؤثرات الداخلية: تعطى الأجور، والرواتب، والاستحقاقات بناءً على مهارات الموظف، وخبرته، ومستوى الوظيفة، ويحصل على مقابل العمل الأكبر، ذوو المناصب الأعلى، والأكثر أهمية، مثل: الرئيس، وكبير موظفي المعلومات، والمدير المالي، كما يُعطى شاغلو الوظائف ذات الأهمية المساوية للمذكورة أعلاه، أجورًا مماثلة تقريبًا، وكلما ارتفعَ مستوى المسؤولية الإدارية، ترتفع أجور الموظفين ذوي الصلة، فعلى سبيل المثال: في حال عُدَّ عملُ كلٍّ من مُشغِّل المخرطة، ومشغل الثاقبة الضغطية بالأهمية ذاتها، يمكن أن يُدفَع أجرٌ يبلغ 21 دولارًا في الساعة لكل منهما.
  2. مستوى الأجور، والمؤثرات الخارجية: على الشركة التي تدفع أجورًا للموظفين لديها، أن تأخذ بالحسبان ما تدفعه الشركاتُ المنافسة لموظفيها بالمقابل، ففي حال كان منافسو شركة ما يدفعون لموظفيهم أجورًا أعلى منها، فقد تخسر تلك الشركة أفضل الموظفين لديها، ويتولى خبراءُ الموارد البشرية -بصورة منتظمة- تقييمَ الأجور بحسب الموقع الجغرافي، والمنصب الوظيفي، والأجور السائدة في السوق، وتلك التي يدفعها المنافسون، كما يمكن للشركات الاستفادةُ من الدراسات الاستقصائية حول الرواتب، والأجور التي تجريها هيئات حكومية معنية بذلك، ومنها على سبيل المثال: وزارتا التجارة، والعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك مواقع إلكترونية عديدة تنشرُ رواتبَ تدفعها شركاتٌ مختلفة بحسب الوظيفة، ومنها موقع غلاس دور (Glassdoor).

وقد تقررُ إحدى الجهات الموظِّفة أن تدفع أجورًا مطابقة لمعدل الأجور السائد، أو أقل، أو أعلى منه، وتحاول معظم الشركات تقديم أجور ورواتب تنافسية ضمن منطقة جغرافية محددة، أو مجال تجاري ما، ولكن، لو قدمت شركةٌ ما أجورًا تقل عن تلك السائدة في السوق، فقد لا تتمكن من توظيف أشخاص ذوي خبرة، ويتحدد مستوى التعويض الذي تدفعه شركة ما بوضعها المالي (أو ربحيتها) وكفاءتها، وإنتاجية موظفيها، إلى جانب معدلات الأجور السائدة التي تدفعها الشركات المنافسة لها لموظفيها، وتعد شركة ميلر كورز (MillerCoors) من الشركات ذات الأجور المرتفعة ( تدفع لموظفي الإنتاج لديها ما بين 29 إلى 33 دولارًا في الساعة).

أنواع التعويض أو الأجر

هناك نوعان أساسيان للتعويض، هما: تعويض مباشر، وتعويض غير مباشر؛ فالتعويض المباشر هو الأجر، أو الراتب الذي يحصل عليه الموظف؛ أما التعويض غير المباشر فهو مجموع المزايا، والخدمات التي يستفيد منها الموظف، وعادة ما يُدفَع للموظفين مباشرة، بناء على الوقت الذي يقضونه في العمل، أو على كمية الإنتاج التي يحققونها، أو نوع العمل المُنجَز، أو على مزيج يقوم المهارات التي يملكونها، والوقت، والإنتاج. ويعد المقابل الذي يحصل عليه الموظف على أساس الساعة الواحدة، أو الراتب الشهري -أي المبلغ الذي يحصل عليه بصرف النظر عن كمية الإنتاج التي قدَّمها -هو الأجر الأساس، وفي العديد من الوظائف، مثل: المبيعات، والتصنيع، يمكن للموظف الحصول على أجر إضافي على هيئة عمولة، أو نظامِ أجرٍ تحفيزي (Incentive Pay Arrangement)، ويشير جدول العمولة المتنامية الخاص بالبائع، والمعروض أدناه، إلى أنَّ ازدياد المبيعات يجعل الحوافز أكثر إغراءً، ومكافأة، ولذلك يمكن لوظيفة الأجر أن تشكِّلَ حافزًا قويًا، وفي هذا المثال، يحصل الموظف على راتب شهري أساس قدرُه 1000 دولار، ثم يحصل على نسبة إضافية تعادل 3% منه لأول 50,000 دولار من ثمن المنتَج المبيع، و4 % مقابل مبلغ الــ "30,000 دولار" التالية، و5% على أي مبيعات تتجاوز مبلغ 80,000 دولارٍ.

الأجر الأساس 1,000 دولار كل شهر
3% من 50,000 دولارٍ 1,500
4% من 30,000 دولارٍ 1,200
5% من 20,000 دولارٍ 1000
  4,700 دولارًا

وهناك نوعان آخران من ترتيبات الأجر التحفيزي، هما: العلاوات، ومشاركة الأرباح، فقد تُدفَع علاواتٌ للموظفين مقابل وصولهم إلى أهدافِ أداء شهرية، أو سنوية، أو لقاءَ تحقيق هدف معين موفِّرٍ للنفقات، وفي هذه الحال، يُكافأ الموظفون بناء على تحقيق أهدافٍ معينة،

أمّا وفقًا لخطة مشاركة الأرباح، فقد يتلقى الموظفون حصةً ما من أرباح الشركة؛ وتستند مشاركة تلك الحصة مع الموظف إلى الأداء السنوي للشركة، ولذلك تُمنَح لهم مرة واحدة في السنة، ومما يؤخذ في الحسبان بخصوص الأجر التحفيزي؛ سواء أكان علاوةً، أم حصة من الأرباح، هو ما إذا كان مبلغ تلك العلاوة، أو الحصة من الأرباح، هو ذاته بالنسبة لجميع الموظفين، أو يختلف بحسب المستوى الوظيفي ضمن المؤسسة، أو وفقًا للأجر الأساس، أو سوى ذلك من معايير، فشركة تشويس هومز (Choice Homes) -وهي شركة تشييد منازل تعمل على نطاقٍ واسع- تدفع حصةً سنوية تحفيزية متساوية لكافة موظفيها، إذ يحصل الرئيس على حصة الأرباح، أو العلاوة ذاتها التي يحصل عليها الموظف الأقلُّ أجرًا.

أمّا الأجر غير المباشر، فيشمل المعاش التقاعدي، والتأمين الصحي، ووقت الإجازات، والعديد غيرها، وهناك بعض أشكال الأجر غير المباشر التي يشترطها القانون، ومنها: تعويض البطالة، وتعويض العامل، والضمان الاجتماعي؛ ويُدفَعُ جزءٌ منها من قبل الجهات الموظِّفة، ويقدِّم تعويض البطالة (Unemployment Compensation) مالًا للموظفين السابقين، وذلك لفترة زمنية محددة خلال تعطُّلهم عن العمل، وكي يستحق شخصٌ ما تعويض البطالة في الولايات المتحدة على سبيل المثال؛ يجب أن يكون قد مارسَ عملًا لعدد من الأسابيع على الأقل، وألا يكون لديه عملٌ حالي، وأن يكون راغبًا في قبول منصبٍ مناسب تقدمه له لجنة التعويض الفيدرالي في الولاية التي يقيم بها (Unemployment Compensation Commission)، كما تسمح قوانين بعض الولايات هناك بدفع مالٍ للمضربين عن العمل، أمّا تعويض العامل (Worker's Compensation)، فيُدفَع للموظفين مقابل وقت العمل الضائع، بسبب إصابات مرتبطة بالعمل، وقد يغطي ذلك التعويضُ تكاليفَ إعادة تأهيل العامل المصاب في حالة الإصابات الخطيرة، وبالحديث عن الضمان الاجتماعي في الولايات المتحدة مثلًا، فهو خطةُ معاشٍ حكومية، ولكنه يقدم -أيضًا- لصالح ذوي الإعاقة، وأحد الزوجين المتوفى زوجه، وللأشخاص الذين تُجرى لهم عمليات غسيل كِلى، أو زراعتها، كما تُعَدُّ الرعاية الصحية التي تُقدَّم لكبار السن، وللفقراء، في الولايات المتحدة جزءًا من برنامج الضمان الاجتماعي هناك.

كما تقدم جهاتٌ موظِّفةٌ عديدةٌ مزايا، ومستحفات ،لا يفرضها القانون، ومنها: الإجازات المدفوعة كالعُطَل، إجازات مَرَضية، وحتى الدفع مقابل الخدمة التي يؤديها أعضاء هيئة المحلَّفين، والتأمين الصحي كعيادات الأسنان، والعيون، والإعانات التكميلية، مثل: الإعاقة، والتأمين على الحياة، والتأمين على الحيوانات الأليفة، والإعانات القانونية، ومساهمات خطة التقاعد 401(k) أو (401K Contributions)، وحسابات التوفير التقاعدية، أو الخاصة بالمعاش، وخيارات شراء الأسهم.

وتسمح بعض الشركات التي تقدم عددًا كبيرًا من المستحقات- للموظفين بتنويع بنود تلك المُستحقات، أو اختيار بنودٍ، بناءً على الاحتياجات الفردية، فقد يُفضِّل موظف يافع لديه عائلة، الحصول على التأمين الطبي، وتأمين الإعاقة، والتأمين على الحياة، في حين قد يرغب موظف كبير في السن في استثمار الأموال لصالح خطة تقاعد توفيرية.

ومن الواضح أنَّ أجور الموظفين، والاستحقاقات، والإعانات التي يحصلون عليها، هي عناصر مهمة من عناصر إدارة الموارد البشرية، وتُدرَس بانتظامٍ بوصفها جزءًا من الرضا الوظيفي للموظف، فإما أن يُنظَرَ إلى الأجر بوصفه مُرضيًا للموظف إلى حد بعيد، أو قد يكون سببًا لشعوره بالإحباط الوظيفي، وفي دراسة حول الرضا الوظيفي أجرتها شركة ساب (SAP)، تبين أن التعويض المباشر هو العنصر الأهم في الرضا الوظيفي بالنسبة لموظفين من شركات متنوعة. ومع ارتفاع تكلفة التأمين الصحي، وسواه من مستحقات، وإعانات ارتفاعًا حادًّا خلال السنوات القليلة الماضية، باتت تلك المستحقات، والإعانات ذات أهمية كبرى بالنسبة للموظفين.

مثال ناصع على الروح الريادية

ستاربكس تبدع أبعد من القهوة

استوعب الرئيسُ التنفيذي لشركة ستاربكس (Starbucks)، هوارد شولتز(Howard Schultz)، أنَّ الجانب الوحيد الأكثر أهمية -لتصبح لديك علامةٌ تجارية راسخة- هو أُناسُها، لقد أراد ذلك الرَّجُلُ تمييز شركة ستاربكس عن غيرها من متاجر القهوة وشركات الخدمات، وحقق ذلك عبر توفير مزايا صحية، ومُلكية أسهُمٍ للأشخاص ذوي الدوام الجزئي، ولم يسبقهُ أَحدٌ إلى تلك الخطوة، ولكنها لم تخلُ من تكلفة باهظة. فبالإضافة إلى مستحقات الموظفين، مَرَّ التمويلُ لغرض بناء العلامة التجارية بعملياتٍ تقدِّم تجربةً ستمكِّن تلك العلامة من أن تستمر وتُباع بربح، لسنوات عديدة قادمة، ولذلك، وعِوضًا عن حملات التسويق، والإعلانات المكلفة، ركَّزتِ الشركةُ على التسويق التجريبي، ويشرح سكوت بيدبيري -وهو رئيس قسم التسويق لدى شركة ستاربكس- قائلًا: "كانت جدران المقاهي لدينا بيضاء اللون، ولم يكن لدينا أثاثٌ مريح، ولا مواقد للنار، ولا موسيقى، ولذلك، فقد بدأنا بتوفير تجربةٍ في المتاجر، والمقاهي التابعة لنا، وتكريسِ مستوىً من القيمة المعنوية لعلامتنا التجارية، لم تصل إليها العلامات الفارقة التقليدية الأكثر تسويقًا، وقد اقتضى ذلك تطويرًا إبداعيًا مستمرًا لمنتجاتنا، ولمظهر مقاهينا، ومتاجرنا، وسَمْتِهَا العام، ولم يكن ذلك ليتحقق بتكلفة بسيطة، فخلال السنة الأولى من البدء بتطبيق تلك الخطة، أنفقنا 100 مليون دولار في بناء المحلات، وهي ميزانيةُ تسويقٍ ضخمة بالنسبة لأيّ شركةٍ كانت".

ولكن اللحظة الحقيقية بالنسبة لتلك العلامة التجارية، تمثَّلت في خطة استحقاقات الموظفين، وخيار الأسهم، وهذا ما أرسى قاعدةَ العلامة التجارية الداخلية لشركة ستاربكس، ومثَّل مهمةَ رئيسها التنفيذي شولتز منذ البداية، ويشرح السيد سكوت بيدبيري، رئيسُ قسم التسويق في الشركة، قائلًا: "عندما تقلد السيد هوارد شولتز منصب الرئيس التنفيذي، لم يكُن شخصًا غنّيًا، ولم يكن يملك منزلًا، ولا سيارة، فقد ترعرع فقيرًا في حي بروكلين (Brooklyn) بنيويورك، وكان متأثرًا بوالده الذي لم يحصل على أي مزايا صحية، من أيٍّ من الشركات التي عمل لصالحها، وهذا ما حفّزَ الابن إلى تأسيس شركةٍ تعطي الأولوية لموظفيها، ويصل تعاطفه إلى حدٍّ يجعله إذا ما خُيِّر بين مصلحة موظفيه، ومصلحة زبائنه، تجده يرجِّحُ مصلحة الموظفين".

ولكنه لم يحقق ذلك بسهولة، بل اقتضى الأمر منه التحلِّيَ بقدر كبير من الشجاعة لعرض تلك الفكرة على المستثمرين، ويقول بيدبيري: "عندما حاول السيد هوارد شولتز جمعَ رأس مالٍ قدرُهُ 2.8 مليون دولار لشراء شركة ستاربكس من مؤسسيها الثلاثة، قدَّمَ 220 عرضًا لفكرته، رُفضَت جميعُها باستثناء 12 منها، وكان يُنظَر إليه على أنه شخصٌ مثاليٌّ، سيرتب عبئًا ماليًا لا ضرورة له بتقديمه مزايا، واستحقاقات لموظفي الدوام الجزئي؛ الذين يرون هذا النوع من العمل مؤقتًا، ولكن هوارد شولتز أقنعهم بأنّ معدَّل استبدال الموظفين سينخفض، وهذا ما تحقق بالفعل، فنسبة تناقُصِ عدد مديري المتاجر، وتركهم العمل كانت 15%، وكانت نسبة الموظفين بدوام جزئي الذين يتلقون أجرًا على أساسٍ ساعيّ 65%، موازنةً مع شركتي ماكدونالدز (McDonald's)، وتاكو بل (Taco Bell)، اللتين كانت نسبة تناقُص مديري المتاجر، وتركهم العمل لديهما تتراوح من 200 إلى 300% في السنة، ويؤدي بك ذلك إلى تغيير القوة العاملة لديك كل أربعة أشهر، وعندها ستعاني شركتك، وسيفتح ذلك المجالَ لكل أنواع المشاكل (أعجبُ لمَِ لا يفعل الآخرون ما نفعله؛ لأنك لو تنازلت عن بعض المساواة لصالح موظفيك، فسيعود عليك ذلك بالفائدة).

أسئلة التفكير الناقد:

  1. كيف لشركةٍ مثل ستاربكس أن تحافظ على ثقافة الموظفين القوية لديها، وأن تستمر في تحقيق نموٍ سريع في آنٍ واحدٍ؟
  2. هل يمكن لشركة ما أن تقدَّم لموظفيها كثيرًا من المزايا، والخدمات؟ اشرح ذلك.

ترجمة -وبتصرف- للفصل (Managing Human Resources and Labor Relations) من كتاب introduction to business

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...