البحث في الموقع
المحتوى عن 'اكتساح السوق'.
-
في هذه الأيّام، تدّعي جميع الشركات الناشئة التابعة لأي حاضنة مشاريع بأنها ستكتسح السوق وستغيّر قواعد اللعبة فيه (مُستخدمة وصف disruptive أو فعل disrupt لدى الحديث عن مُنتجاتها)، لكن دائمًا ما يسقط هذا الادّعاء بعد الاختبار الدّقيق. وعادةً ما يكون السبب أحد هذه الأسباب الثلاثة. هنالك نوعان من الاكتساح Disruption في كثير من الأحيان، يعلن المدراء التنفيذيّون أنّ المُنتج الخاص بالشركة يكتسح السّوق، ولكّنهم يخفقون في تحديد نوع اكتساحه. هنالك نوعان من الاكتساح، وكل نوع له مقاييس مختلفة للنجاح. يمكن أن يكون المنتج مُكتسحًا بكلا النمطين، وفي هذه الحالة يجب قياس التّقدم وفقًا لكل نوع. اكتساح أسواق جديدة New Market Disruption يحدث هذا الاكتساح عندما يستهدف المُنتج عملاء لم يُستهدَفوا من قبل في هذا المجال، أي أنّ المُنتج مُتوفّر بطريقة لم تُستخدم من قبل من طرف المُنتجات الحالية. من الممكن أن يكون ذلك المُنتج الجديد أقل كلفة، متوفّرًا في أماكن أكثر، في بلدان أكثر، بلغات أكثر، إلخ. ولسبب ما يوجد عملاء لا يُمكن لهم استخدام المٌنتجات الحاليّة، ولكن بإمكانهم استخدام هذا المنتج الجديد. بإمكانك الإعلان بأنّ شركتك ستكتسح أسواقًا جديدة عندما لا يستطيع أغلب العملاء الذين سيستخدمون مُنتجك استخدام أي من المُنتجات التي تشغل مكانة حاليّة في السوق. مثلًا، قامت شركة الطيران منخفضة الكلفة، Ryanair، بإنشاء سوق جديدة من المسافرين محدودي الميزانيّة، ولم يقوموا بذلك عن طريق استدراج عملاء من شركات أخرى كـ Lufthansa أو KLM، وإنّما بواسطة توفير مسارات ورحلات لم تُوفّر من قبل وبأسعار تنافس الرّحلات عبر القطارات والحافلات. اكتساح النهاية المتدنية Low End Disruption يحدث هذا الاكتساح عندما يجذب المُنتج أرخص وأسوء العملاء من قاع السوق الحاليّة، وعادةً عن طريق إيجاد نماذج أعمال تتناسب مع العروض الأقل كلفة. وتظهر هذه الفرص لهذا النوع من الاكتساح عندما تقوم الشركات الرائدة في السوق بإنتاج مُنتجات بمعايير تفوق ما يطلبه السوق. ومن الجدير بالإشارة إلى أنّ المقصود بالكلفة هنا هي كلفة الاستخدام، وليست بالضرورة أن تكون كلفة ماليّة. مثلًا نشر المحتوى كتغريدة تويتر أرخص من نشره كمقال مدوّنة. يكون المُنتج في هذه الحالة بجودة أقل، ولكن العملاء لا يلاحظون أو لا يهتمّون بذلك لأنّ المُنتجات الحاليّة تهتم بجودة لا يهتمون لها لأنّها تفوق احتياجاتهم. بإمكانك القول إنّ شركتك مكتسحة للنهاية المتدنيّة عندما تمتلك مُنتجًا فعّالًا ومُربحًا يقوم باستهداف وسلب العملاء ذوي القيمة المنخفضة من المُنتجات التي تشغل مكانة حاليّة في السّوق. على سبيل المثال؛ قامت كاميرا Flip الرّقمية بسلب العملاء من شركات الكاميرات الرّقمية بسبب كونها سهلة الاستخدام وذات سعر مقبول. استحوذت Cisco على هذه الشّركة مقابل 590 مليون دولار. كانت كاميرات Flip وقتها محبوبة جدًا ومثالًا جيّدًا عن اكتساح السّوق، وهو ما قد يوحي بأن لها مُستقبًلا مُزهرًا. تبيّن بعد ذلك بأن هناك كاميرات أسوأ وأرخص من كاميرات Flip وكان الناس سعداء باستخدامها؛ ويتعلّق الأمر بالكاميرات المجّانية الموجودة في هواتف iPhone وAndroid. وبعد سنتين من شراء Flip، عانت هذه الكاميرات نفسها من اكتساح النهاية المتدنيّة، لذلك تم إيقاف إنتاجها وقرّرت Cisco فصل 550 موظفًا نتيجة ذلك. الأمر يحدث أسرع مما تتوقع، وهذا يقودنا إلى النقطة التالية. الاكتساح يمكن أن يكون سريعا تعطي بعض الأمثلة على الاكتساح، مثل معالجات Intel، مصانع الصّلب، والحواسيب المركزيّة mainframe computers، انطباعًا على أنّ الاكتساح يستغرق سنوات، أو حتّى عقودًا لكي يؤثّر بشكل كامل على صناعة معيّنة. لكن الحقيقة ليس كذلك. ففي عالم بيع التّجزئة الإلكتروني، متاجر التّطبيقات، والمُنتجات التي يتم توفيرها على نطاق واسع وفي جميع الأسواق العالمية، يستغرق الأمر دقائق فقط، وليس حتّى أشهرًا. تذكّر دائمًا كلّما رأيت عبارة "هذا المُنتج هو الأسرع مبيعًا في التاريخ" أنّ انتشار المُنتجات الجديدة يحدث سريعًا جدًّا هذه الأيام، وما يزال يتسارع. مثلًا، تمّ بيع مليون نسخة من إصدار Windows 3.1 في شهرين، بينما تمّ بيع 40 مليون نسخة من Windows 8.0 في أقل من نصف تلك المدّة. أمّا كاميرات Flip، فقد بقيت في قمّة السوق لمدة 18 شهرًا قبل استسلامها. ومثال آخر على هذه الحالة، شركتا الملاحة عبر الأقمار الصناعيّة؛ Garmin وTomTom. حيث كانت قيمة الشركتين مجتمعة تساوي 38 بليون دولار في أيلول 2007. وبعد 12 شهرٍ تقريبًا، لم تعد تلك الشركتين تساوي حتّى 8 بليون دولار، ما الذي حدث؟ تم إطلاق هواتف iPhone. خسرت صناعة تقدّر قيمتها 38 بليون دولار ثلاثة أرباع قيمتها السّوقيّة بسبب أنّ أحدهم قرر إضافة تطبيق خرائط إلى الشّاشة الرّئيسيّة لهاتف ذكي. وكما ذكرت سابقًا، الأمر يحدث أسرع مما تتوقّع. فإذا كنت تدّعي بأنّ منتجك كاسح وأنّه لا توجد عوائق لانتشاره(كالعوائق التكنولوجيّة، عوائق البنية التّحتيّة، العقود القائمة على المدى الطويل، عوائق اللغة، عوائق السّعر، إلخ) فهذا يعني بأنّ مُنتجك سيشهد معدل انتشار وبسرعة عالية. أمّا إذا كنت ترى بمرور الوقت أنّ انتشار مُنتجك أبطأ مما كُنت تتوقّع، فلا يزال بإمكانك امتلاك مشروع ناجح، لكنّه على الأرجح لن يكون مُكتسحًا للسّوق Disruptive كما كنت تدّعي. السعر المنخفض لوحده لا يكفي ليصبح المنتج كاسحا تنبع الابتكارات المُكتسحة (disruptive innovations) من مزايا تكنولوجيّة أو مزايا نماذج الأعمال التي يمكن أن تتوسّع كلما اتّجهنا نحو العملاء ذوي الدخل العالي بحثًا عن طلب demand أكثر. ستشهد أحيانًا ظهور شركات جديدة تعرض خدمات ومُنتجات مُقابل أسعار مُنخفضة جدًا في حين أن أسعار المُنافسين تكون عشرات أو مئات أضعاف تلك الأسعار. والمثال في الصورة أعلاه يوضّح هذا. فلو عرض ذلك الفندق الصغير على جانب الطريق نفس منتج فندق Four Seasons، لن يكون بإمكانه اكتساحه، لأنّه سيحتاج إلى موقع أفضل، حدائق أفضل، موظّفين أفضل، ومنشآت أفضل لكي يجذب العملاء الذين يزورون فنادق Four Seasons. وباختصار، عليه أن يُقدّم خدمة مُكلفة بنفس مُستوى خدمات فنادق Four Seasons، وهذا يعني أنّه لم يعد بالإمكان البيع بسعر أفضل منه. يمكنك أن ترى نفس المثال في المواقع الإلكترونيّة، حيث يظهر كل بضعة أشهر موقع جديد لبيع الصور الفوتوغرافية، يبيع الصورة مقابل 1$ ويدّعي أنّه سيكتسح موقع Getty Images. مرّة أخرى، لكي يستطيع هذا الموقع جذب أصحاب الدخل العالي والمجلات ودور التّصميم الراقية عليه أن يبدأ بتوظيف مصوّرين موهوبين، وعرض مجموعات واسعة من الصور. ولفعل ذلك عليهم اعتماد إنفاق الكثير ، يعني تمامًا مثلما تُنفق Getty Images نفسها، وبالتّالي لن يستطيع اكتساحه. مع ذلك هنالك فرصة لاكتساح السّوق الجديدة في هذه الحالة، حيث يوجد الكثير من العملاء الذين سيدفعون مقابل صور 600px لاستخدامها في المدوّنات والنّشرات الإخباريّة، وهؤلاء هم العملاء الأقل اهتمامًا بالجودة الذين لا يستطيعون تحمّل التكلفة العالية للمقال أو النّشرة الإخباريّة. ليس بالضرورة لمنتج أن يكتسح السوق ليست كل الشّركات الناجحة مُكنسحة بالضّرورة، فبإمكانك أن تنافس الشّركات والمُنتجات الحالية بل وأن تتفوّق عليهم. يمكن أن يتحقق ذلك بعدّة طرق؛ تكنولوجيا أفضل، تصميم، مُنتج، سعر أفضل، إلخ. وهذا موضّح بخط " التكنولوجيا المستدامة" في المخطط السّابق، وهي طريقة أثبتت نجاعتها من قبل. إذا كنت تدّعي أنّ منتجك سيكتسح عليك أن تتذكر ثلاثة أشياء: يجب أن تقرر بأي طريقة هو مٌكتسح لكي تستطيع قياس النجاح، أنّه ليس بالضرورة استغراق الكثير من الوقت لتبني مُنتجًا كاسحًا، وإذا كان منتجك رخيصًا فهذا مؤشّر على أنّه ليس بمٌكتسح للسّوق. الأمر ليس بتلك السّهولة بحيث نُطلق هذه الأوصاف الرّنانة كلّما أطلق أحدهم منتجًا جديدًا، لكنّه مع ذلك يبقى الأمر مُمكنًا. ترجمة -وبتصرّف- للمقال What everyone needs to know about disruption لصاحبه: Des Traynor. حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
-
- disruption
- منتج
-
(و 3 أكثر)
موسوم في: