اذهب إلى المحتوى

السّعالي والغيلان، حذوة الحصان جالبة الحظ، والادّعاءات بأنّ "الخرزة الزرقاء" تحمي من الحسد؛ جميعها خرافات. نحن نعلم أنّ تلك الأمور غير صحيحة، لكن هنالك من الخرافات ما تحصل على نصيبها من التّصديق. لقد انتشرت مثل هذه الشائعات والآراء بسبب افتقارنا إلى الفهم حول مواضيع معيّنة. وعندما نفتقر إلى الفهم فإنّنا نبدأ بتضييع الوقت، المال، والعقل.

pricing-mtyhs.thumb.png.a230049d375d6e38

التّسعير هو من الأمثلة على ذلك. يميل الأشخاص إلى النظر إلى التّسعير على أنّه ذلك الجزء المشؤوم من العمل الذي من الصعب تجاوزه وبالتالي يعجز الأغلبية عن التعامل مع هذا الفرع من عمليّة التسويق. هنالك العديد من الخرافات السائدة حول التّسعير. التّسعير، كواحد من الفروع الأقل تدارسًا، أصبح عمليّة مبهمة كـ "صندوق أسود" بالنسبة للعديد من أصحاب الأعمال الذين يفعلون بالضبط ما يفعله الآخرون دون التفكير في الأسباب أو فيما إذا كان هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله.

وببساطة: إذا كان التّسعير كصندوق أسود بالنسبة لك، إذًا ستفقد المال، الكثير من المال.

لذلك دعونا نبدد تلك الخرافات لنحفزّك على العمل واستعادة أموالك الضائعة.

الخرافة الأولى: يجب القبول بتسعير السوق وأسعارالمنافسين

من الأمور التي يتم تعليمها في الاقتصاد الجزئي microeconomics هي أنّه في المنافسات المثاليّة لا تستطيع الشركات الفرديّة أن تؤثّر على أسعار السوق، أو على الأقل هذا ما أتذكره من مقطع فيديو على اليوتيوب "مبادئ الاقتصاد في 60 ثانية". بعبارة أخرى، المشاريع التّجارية يجب أن تتقبّل سعر التوازن equilibrium price الذي يتحقق عندما يتقاطع منحى الطلب مع منحنى العرض. وهذا العذر مناسب لمديري التّسويق للتخلي عن مسؤوليّة التّسعير وذلك بإيجاد نقطة التوازن لعملهم. لكن هذه النظرية لا تعكس ما يجري في السوق، فالأسعار في السّوق تتراوح ضمن مدى معيّن ولا تثبت عند نقطة واحدة. إنّ تمييز المنتج من خلال الجودة، العلامة التّجارية، إلخ، يمكن أن يؤثّر على موقع عملك ضمن ذلك المدى.

الحقيقة: هي أنّه مهما كان عملك ضخمًا، يمكن لتمييز المنتج أو العلامة التجاريّة أن يأخذك إلى أعلى من مستوى السّوق. حتّى الأمور الأساسية مثل التّسعير النفسي psychological pricing يمكن أنّ تجعلك مميّزًا وتجيز لك الزيادات في السّعر.

56312cc011a8a_1-__.thumb.jpg.a894b6dbf25

الخرافة الثانية: الطريقة الوحيدة لزيادة حجم المبيعات هي تقليل السعر

قد يبدو هذا الأمر صحيحًا، لكن في الحقيقة يمكنك أن ترفع السّعر وتزيد من حجم المبيعات في نفس الوقت، فالسّعر ليس العامل الوحيد الذي يجذب العملاء. إنّ صبّ جهدك على إعطاء العملاء سببًا لدفع سعر مرتفع مقابل منتجك أو خدمتك هو من الأمور المهمّة جدًّا، سواءً كان عليك تقديم منتج بجودة عالية أو خدمة صديقة للعميل.

وهذا يقودنا إلى الأداة الفعّالة؛ تجزئة السوق market segmentation. تمتلك أغلب المنتجات جمهور مستهدف، سواءً كان الهدف من الأثرياء، صائدي الصفقات، هواة مستخدمي البرامج، أو محترفي برمجة الحاسوب. إنّ إنشاء فئات مختلفة لمنتجك اعتمادًا على الجودة أو عدد الخدمات يمكن أنْ يوسّع عدد العملاء الذين تخدمهم، وبالتالي يزيد من عدد المشترين. بالإضافة إلى أنّه تخفيض السّعر يمكن أن يؤدّي في بعض الأحيان إلى نفور الأشخاص عن شراء منتجك. تخيّل لو أنّي عرضتُ أن أبيعك جهاز Apple MacBook Air مقابل 100$، هل ستشتريه؟ على الأغلب ستشكّك في جودته ولن تشتريه.

الحقيقة: يمكن زيادة حجم المبيعات عن طريق تقسيم العملاء market segmentation وعرض أسعار مختلفة على عملاء مختلفين، وبهذا يزداد حجم المبيعات وبالتالي الإيرادات.

الخرافة الثالثة: يجب أن نسعر أدنى من أي شخص آخر

قد يكون هذا هو أسوء المفاهيم السائدة. السباق نحو القاع من أسوء طرق المنافسة لأنك في نهاية المطاف ستبيع منتجك بسعر أقل من حقّه وتبدأ بفقدان شريحة العملاء التي بدأت بالتشكيك في جودة منتجك، أو ستقلل من الإيرادات إذا استمرّ العملاء بالشراء. الأسعار القليلة تؤدّي إلى معدّلات إيراد أقلّ، وهذا يعني أنّ عليك زيادة عدد المبيعات لغرض تعويض الخسائر. بالإضافة إلى ذلك، لن يتدفّق العملاء لشراء منتجك لمجرّد أنّ السّعر منخفض.

على سبيل المثال، لو باعت شركة BMW منتجاتها من السيّارات بسعر 35،000 دولار بدلًا من السّعر الحالي، هل بالضرورة سيزيد هذا من واردها؟ قد يكون هذا ممكنًا ولكن على المدى القصير، أمّا على المدى البعيد فإنّها ستبدأ بالتنافس مع السيارّات المصنوعة من قبل شركات Honda وToyota اللّتين بالفعل تسيطران على السوق. كما أنّ شركة BMW ستفقد العملاء الذين يولون اهتمامًا للتّسعير المرتفعpremium pricing لسياراتها بقيمة باهظة.

الحقيقة: نادرًا ما يكون التّسعير المنخفض للمنتج هو الحل لأي مشكلة من مشاكل التّسعير، لأن ذلك سيؤدّي إلى فقدان شريحة من العملاء بالإضافة إلى خسارة قدر من المال من العملاء الحاليين.

56312cc139867_2-__.thumb.jpg.a2af7183a19

حقوق الصورة: jayRaz

الخرافة الرابعة: التسعير ليس مهما

التّسعير من أهم المفاهيم في عملك التّسويقي أو تجارتك. والسبب هو أنّ التّحسّن بنسبة 1% في نتائج التّسعير ينتج عنه زيادة في أرباح التشغيل بنسبة 11,1%. لا يوجد عامل آخر في مجال الأعمال له هذا التأثير، لا الكلفة، ولا التّحسين، ولا زيادة حجم المبيعات، ولا أيّ شيء آخر. إنّ أصحاب الأعمال أشخاص مشغولين بطبيعة الحال، خصوصًا في الأعمال الصغيرة التي تتطّلب كدًّا مستمرًّا الذي يؤدّي إلى إهمال التّسعير، وذلك لأن الاستراتيجيّة المثلى تتطلب بعض الوقت والجهد. كما توجد بعض العوامل التي تعزّز السّعر المقترح، كالإعلانات، الوعي بالعلامة التجارية، وما إلى ذلك، لذلك احرص على تسخير تلك العوامل بالصورة الصحيحة. توقّف عن التخمين وتعامل مع الأمر بجدّية لتتأكد من التّسعير المناسب.

الحقيقة: التّسعير هو الركيزة الأساسية في عملك التّسويقي الذي يمتلك التأثير الأقوى على إيراداتك، لذلك يجب أن توليه القدر الكافي من الجدّية والاهتمام.

الخرافة الخامسة: اختيار السعر الأمثل أمر صعب

أنا اعترف بذلك، فقد تعمل على التّسعير لعدة أسابيع دون توقّف، وهذا ما نفعله. مع ذلك تبقى استراتيجيّات وعمليّات التّسعير ليست صعبة للتنفيذ. يمكنك حساب الحدود العليا والدنيا بصورة دقيقة إلى حدّ ما بمجرّد النظر إلى المبيعات الحاليّة ومعدّل الخسارة loss rate، والتحدّث إلى بعض عملائك (الأمر الذي يجب أن تكون قد قمت به بالفعل). أمّا إذا أردت التّحسين أكثر فعليك بالتّسعير على أساس القيمة الذي يؤدّي إلى مجال ثقة confidence interval أعلى، أو عمل دراسة عن رغبة المستهلك في الدفع وحساب النطاق السعري price band. قد تكون هذه النماذج الرياضّية غير مسليّة لكنّها تعطي نتائج، وهنالك العديد من المصادر التي يمكنك استخدامها.

الحقيقة: عمليّة تحسين التّسعير ليست بالصّعبة، ولكنّها تتطلب بعض المبادرة. يمكنك استخدام هذا الكتاب الإلكتروني عن استراتيجيّة التّسعير pricing strategy لكي تبدأ بعملية التّسعير.

56312cc2db40a_3-_.thumb.jpg.68921a5f1835

حقوق الصورة: SalFalko

الخرافة السادسة: اختيار السعر الأمثل يتطلب ثروة

لا يحتاج الأمر إلى توظيف شخص ما أو شراء برنامج لغرض التخطيط لاستراتيجيّة التّسعير. أما إذا أردت ذلك فهنالك العديد من الشركات المكلفة للغاية التي تطلب مبالغ كبيرة مقابل القيام بعمليّة التّسعير. من الصّعب إجراء هذا النوع من البحوث بالنسبة للأعمال الصغيرة بسبب محدوديّة الموارد. لكن لا داعي للقلق، هنالك شركات تسعير مخصّصة لمساعدة هذه المجموعات الصغيرة. حيث تتميّز تلك الشركات بالخدمات قليلة الكلفة والنتائج السريعة. على الرغم من ذلك، تذكّر أنّه يمكنك تسيير الأمور ببساطة عن طريق تخصيص بعض الوقت من كل أسبوع لغرض تحديد أولويّات دراسة التّسعير وإجراء التّحسين. ثِق بأنّه يمكنك أن تقطع شوطًا طويلًا بالقليل من الجهد.

الحقيقة: لا يُشترط بالتّسعير أن يكون مكلفًا. هنالك العديد من البدائل الرخيصة التي يمكنك استخدامها بدلًا من تكليف الاستشاريين مقابل مبالغ كبيرة. يمكنك تسيير الأمور بتخصيص بعض الوقت من كل أسبوع للتخطيط للتّسعير.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال 6Myths About Pricing You Need to Debunk for Your Pricing Strategy لصاحبه: Vivian Guo.

حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...