اذهب إلى المحتوى

”مستخدمو الإنترنت العرب سلبيون جدا، إنهم لا يتفاعلون مع المشاريع العربية على الإنترنت، وغير إيجابيين بالمرة، ويتسببون في فشل أي مشروع عربي“. كم مرة سمعت مثل هذه العبارة من أصحاب مواقع الإنترنت العربية؟ أنا سمعتها كثيرا جدا، بل أنا نفسي رددتها أكثر من مرة. لكني كنت مخطئا.

إنها ليست قضية عربية فحسب، إنها مسألة عالمية، وهي أيضا مسألة عادية.

ثمة قاعدة -ليتني قرأت عنها قبل عام مضى- تسمى قاعدة 100-10-1، وهي تعني بالنسبة لمجتمعات الإنترنت: 1% فقط من مستخدمي الموقع ينتجون المحتوى، 10% من مستخدمي الموقع يتفاعلون مع المحتوى المنشور، في حين أن النسبة المتبقية تكتفي باستهلاك المحتوى!

هذا الأمر ينطبق على المنتديات، الشبكات الاجتماعية، موسوعة ويكيبيديا، وحتى المدونات. هي ليست مشكلة لو نظرنا إلى الجانب المملوء من الكأس. لنتأمل حالة تويتر مثلا: يستقبل الموقع شهريا 400 مليون زائر، من بينهم 100 مليون يسجلون دخولهم للموقع مرة واحدة على الأقل خلال الشهر، ومنهم فقط 60 مليونا ينشرون تحديثاتهم على تويتر. هل هذه مشكلة؟ لو اكتفينا بالنظر إلى رقم المستخدمين النشيطين فهي مشكلة أن تكون موقعا عالميا لديك فقط ستون مليون مشترك. لكن لننظر إلى الجانب الآخر؛ تويتر يستخدمه 400 مليون شخص كل شهر. هذا هو عدد المستخدمين الحقيقي، وهو رقم كبير ولا يمكن تحقيقه بسهولة.

لماذا هذا الفارق بين عدد مستخدمي تويتر الإجماليين وعدد المتفاعلين النشيطين؟ السر في طريقة استخدامهم للموقع. ليس كل مستخدم لتويتر يحتاج إلى الكتابة، ولا التسجيل. السر هنا هو أن تويتر مرن كفاية ليتيح لكل شخص أن يستخدمه بالشكل الذي يناسبه. بعبارة أخرى: تويتر قابل للاستخدام دون حاجة للتسجيل والتفاعل المباشر مع المشتركين الآخرين.

مشكلة مشاريع ويب العربية، في مجملها، أنها تصمم ويخطط لها لتعتمد بشكل كامل على تفاعل المستخدمين الأعضاء، وإذا لم يتفاعل الأعضاء سيفشل المشروع. عدد مشتركي الإنترنت العرب قليل، ومهما يكن عددهم فإن من سيتفاعل منهم سيبقى قليلا. هذا لا يعني أن الآخرين غير مهتمين، بل هم ليسوا بحاجة لذلك النوع من التفاعل، لكنهم بحاجة لذلك الموقع. لذلك على رواد الأعمال أن يراعوا في مشاريعهم التصميم -وأقصد هنا المعنى الشامل للتصميم- لأولئك المستخدمين ”الأشباح“. لا يجب النظر إليهم كمواطني إنترنت من الدرجة الثانية، بل كفرصة متاحة للنجاح في عالم الإنترنت الشاسع.

يجب أن يكون الموقع قابلا للاستخدام بشكل مفيد دون حاجة للتسجيل، ويكون قابلا للنجاح دون أن يعتمد بشكل كلي على تفاعل الأعضاء. هناك دائما فئة من أوائل المتبنين للتقنيات والمشاريع الجديدة (Early adopters) يجب استهدافهم في البداية للتحقق من قدرة المشروع على النجاح. لكن إذا لم يستطع المشروع أن ينفتح على المستخدمين الآخرين، غير المسجلين، ويغدو قابلا للاستخدام من طرفهم، فإن فرص نجاحه ستكون ضئيلة جدا.

قد لا تنطبق هذه القاعدة على كل المشاريع بشكل حرفي، وقد لا يكون تنفيذها سهلا. لكنها فكرة تستحق التجريب، ومن سيجد الطريقة السحرية لتنفيذها بشكل لائق، سيحقق نجاحا لم يحققه من قبل أحد في الويب العربي.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...