نشرت مؤخّرًا مجلّة Inc لقاءً قلتُ فيه بأنّنا لاحظنا ارتباطًا بين امتلاك المؤسّسين لُكنات أجنبيّة قويّة (very strong foreign accents ) وبين أداء شركاتهم السّيّء.
حمل بعضهم هذا القول على أنّ فيه رُهابًا من اﻷجانب، أو حتّى أنه عنصريّ – وكأنّني قلت أن امتلاك لُكنة أجنبيّة أمرٌ سيّء مطلقًا.
لكن ليس هذا ما قلته، ولا ما أعتقده. لا أحد هنا في وادي السيليكون يعتقد هذا. العديد من أنجح المؤسّسين هنا يتحدّثون بلُكنات.
الحالة التي كنت أتحدّث عنها هي عندما يكون للمؤسّسين لُكنات قويّة لدرجة أن يصعب على النّاس فهم ما يقولونه. ليست المشكلة فيما تُرسل تلك اللكنات من إيحاءات، ولكن عمليّا في صعوبة النّهوض بشركة ناشئة عندما لا يستطيع النّاس فهمك.
لقد وضّحت هذا من قبل عندما تحدّثت حول هذه المشكلة مع مراسل صحيفة New York Times :
لكن بعد ترتيب الشّركات في Y.C. حسب قيمة كلّ منها، اكتشف جراهام ارتباطًا معتبرًا. “عليك أن تنزل إلى ذيل التّرتيب لكي تجد مؤسّسا بلُكنة أجنبيّة قويّة"، أخبرَني جراهام. “في اﻷسفل، وبشكلٍ مُقلق – في المرتبة الـ100 مثلا”. طلبت منه التوضيح. “بإمكانك أن تتحدّث وكأنّك من روسيا"، قالها بصوت سوفييتي شرّير. “لا بأس بذلك، طالما أنّه يمكن للجميع فهمك."
هل استوعب الجميع هذا؟ هل اتّفقنا على أنّه لا بأس باللكنات؟ المشكل عندما لا يستطيع النّاس فهمك.
لدينا العديد من اﻷدلّة التّجريبية على أنّه يوجد حدٌّ إن تجاوزته صعوبة فهم المدير التّنفيذي فإنّها تضرّ بآفاق الشّركة. وفي حين أنّنا لا نعلم بالضّبط كيفيّة ذلك، إلّا أنّني متأكّد أن المشكل لا يكمن فقط في صعوبة فهم المستثمرين لعرض اليوم التجريبيّ للشّركة. يدوم عرض اليوم التجريبيّ دقيقتين وثلاثين ثانية فقط. مع عرض بهذا القِصر، بإمكانك فقط أن تحفظ طريقة نطقه.
المحادثة هي المشكلة الأكبر، بحسب ما أعلم من خلال خبرتي في القيام بالكثير من ساعات المكتب. نتحدّث في ساعات المكتب office hours حول العديد من النقاط الدّقيقة. (بل إنّ الحديث عبر الهاتف عوض المقابلة الشّخصية يُحدث تدهورا مُعتبرا. لذا نحن نُصرّ على أن تنتقل الشّركات التّي نموّلها إلى وادي السيليكون خلال فترة احتضانها فيYC). أعلم أنّني لا أتعمّق كثيرا مع المجموعات التي لا تحسن التّحدث باللغة الإنجليزية، إلّا أنّه بإمكاني أن ألمس ذلك؛ نحن فقط لا نستطيع التّواصل بشكل جيّد بما فيه الكفاية. وغالبًا لمّا أشعر بأنّ ذلك حاصل، أحذّر المؤسّسين من الأمر، لأنّ غالبيّة النّاس الذين يلاقونهم لن يَجِدُّوا في فهمهم كما أفعل أنا.
مؤسّس شركة ناشئة هو مندوب للمبيعات بدوام كامل. فهو لا يبيع بشكل مُباشر للزبائن، ولكن للموظّفين، للشّركاء وللمستثمرين، الحاليّين والمرتقبين، وللصّحافة أيضًا. وبما أنّه لا يسهل التّفريق عادة بين أفضل أفكار الشّركات النّاشئة وأشدّها سوءًا، فلا مجال لسوء التّفاهم. بل إنّ الكثير من النّاس الذين تلاقيهم كمؤسّسٍ يكونون غير مُبالين في البداية، إن لم يكونوا متشكّكين. هم لا يعلمون بعد أنّك ستصبح عظيما. أنت فقط أحد اﻷشخاص الذين التقوا بهم في ذلك اليوم. لن يعملوا بجدٍّ كي يتمكّنوا من فهمك. إذًا لا يحسُن بك أن تجعل إمكانيّة فهمك تتطلّب جهدا.
لقد فكّرت في مجرّد ترك هذا الجدل ليتلاشى. لكنّي تذكّرت سبب قولِ ما قلته عند اللقاء في المقام اﻷوّل: مساعدةُ المؤسّسين. (لقد ذكرت ذلك في اللقاء، لكن تمّ قطعه من النّسخة التي نُشرت). هاهُنا رسالة مهمّة أودّ أن أوصلها للمؤسّسين، ولا يكمن خطر تحريف ما قلته فقط في تلقّي المؤسّسين نسخة تهكُّمية، ولكن في ضياع الرّسالة الأصليّة.
تحدّثت قبل أعوام مع امرأة ضمن نوعٍ من البرامج الرّيادية في وسط أوروبا. سألتني مالذي يمكنها فعله لإعداد النّاس ليتم قبولهم في ـ Y Combinator. أعتقد أنّها كانت تأمل أنّني سأخبرها عن كيفيّة تعليمهم عن الشّركات النّاشئة. لكن كما قد كنت كتبت في موضع آخر، الطّريقة المُثلى للتّعلم عن الشّركات النّاشئة هو إنشاء واحدة. أخبرتها أن أهمّ شيء يمكنها فعله هو أن تتأكّد بأنّهم يُحسنون التّحدث باللغة الانجليزية. ما يهمّني هو إيصال هذه الرسالة إلى روّاد الأعمال الذين يرغبون في القدوم من بلاد أخرى إلى وادي السّيليكون. لا بأس أن تكون لك لُكنة، لكن يجب عليك أن تُمكِّن الناس من فهمك.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Founders' Accents لصاحبه بول جراهام مؤسس حاضنة واي كومبينايتور
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.