يعتبر الفشل كابوسا لدى المبادرين العرب، كونه من المحرمات في المجتمع العربي، فالفاشل منبوذ ومحط سخرية من الآخرين، لذلك يعزف الكثير من الشباب العربي عن المبادرة في خلق أعمال جديدة ويفضلون الانقياد مع القطيع؛ إكمال الدراسة الجامعية كيفما اتفق والقبول بأول وظيفة، خاصة لو أنها حكومية. أما من يفلح في مواجهة الجماعة أول مرة فإنه غالبا ينكسر عند أول فشل ويطلق ريادة الأعمال طلاقا بائنا لا رجعة فيه عائدا إلى المربع الأول باحثا عن وظيفة يومية رتيبة مضمونة.
هذا فهم خاطئ لريادة الأعمال، فريادة الأعمال ليست نقطة النهاية حين يعلن المبادر عن بيع شركته التي بدأها من الصفر ويحقق من ذلك ربحا محترما، بل هي المسار نفسه الذي يسبق النهاية، فكلما اقترب المبادر من النهاية كلما قل حجم ممارسته لريادة الأعمال.
يقال بأن قيمة الرحلة ليست في نقطة الوصول بل في المسار الذي تتخذه الرحلة. من يقرأ الروايات الفانتازية سيدرك ذلك بسهولة. أغلب تلك الروايات تقوم على حبكة الرحلة، لكن رغم أهمية الوصول إلى النهاية إلا أن قيمة الرواية في التفاصيل التي تسبق نهاية الرحلة. ربما أغلبكم قرأ رواية سيد الخواتم (أو شاهد الفيلم، بأجزائه الثلاث). الهدف في الرواية هو إلقاء الخاتم في البركان، هو هدف مهم جدا دونه تفقد القصة تشويقها، لكن ما هو أهم من ذلك هو المسار الذي اتخذته الرحلة قبل الوصول إلى تلك النهاية فلولا ذلك المسار ما كان البطل ليكتسب القوة اللازمة لتحقيق الهدف.
نفس الأمر يظهر بوضوح في رواية الخيميائي، فالبطل الذي خاض رحلة طويلة بحثا عن كنز حلم به، اكتشف في النهاية أن الكنز الذي بذل من أجله جهدا جهيدا للوصول من إسبانيا إلى أهرام مصر هو مدفون أصلا في بلدة إسبانية حيث حلم أول مرة بالكنز. الكنز هنا رغم أهميته يعتبر شيئا تافها أمام ما تعلمه في رحلته، ولولا تلك الرحلة ما كان ليعثر على الكنز، رغم أنه كان مدفونا منذ البداية تحت قدميه.
عالم ريادة الأعمال محفوف بالمخاطر، هو ليس نزهة صيفية ولا مسارا محددا بنقطة بداية ونقطة نهاية. ريادة الأعمال رحلة طويلة لا تعتبر نقطة الوصول فيها هي الأهم بل المسار الذي تأخذه الرحلة. ريادة الأعمال هي سلسلة متواصلة من التجارب، من النجاحات الصغيرة والإخفاقات التي تدفع نحو نجاحات أخرى تتشكل في النهاية على شكل نجاح واحد كبير ما كان يمكن الوصول إليه لولا التجارب التي سبقته.
ما يجب أن يدركه كل رائد أعمال هو أن الفشل ليس نهاية المطاف. هو مرحلة لا مفر منها ولا خوف منها، وريادة الأعمال هي مسار طويل من التجارب المتنوعة التي قد تقود في النهاية إلى نقطة وصول لم تكن متوقعة أبدا في البداية.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.