يشرح Gonzo Arzuaga، مؤسس KillerStartups، في هذا المقال خمسة دروس تعلمها من فشل مشروعه الأخير Startups.com. الأخطاء التي ارتكبها جونزو هي أخطاء إرتكبتها أنا أيضا وما زلت أقع فيها. لذلك أكتب هذا المقال/الترجمة لأذكر نفسي أولا وأخيرا بأخطائي لعلي أنجح يوما في تفاديها.
حصل جونزو على نطاق startups.com سنة 2008 بنصف مليون دولار، ليطلق في السنة التالية الموقع كخدمة أسئلة/أجوبة (على غرار زاجل إجابات) مخصصة لرواد الأعمال. لم يحقق الموقع نجاحا كبيرا فأعاد جونزو إطلاق المشروع، شهر أبريل 2011، كموقع للصفقات اليومية، مثل جروبون، لكنه مخصص لرواد الأعمال ومدراء المواقع.
طيلة سنة كاملة لم يستطع المشروع تحقيق نجاح كبير، ولم يصمد أمام منافسه المباشر Appsumo الذي انطلق قبله ببضعة أشهر، واستطاع توفير عروض مميزة لرواد الأعمال بأسعار مناسبة للغاية، فقرر جونزو خلال مايو الماضي إيقاف المشروع، وطرح الدومين للبيع.
فيما يلي الدروس الخمسة التي يشاركنا بها جونزو على أمل أن يستفيد منها رواد الأعمال الآخرين. مع ملاحظة أن هذا المقال ليس ترجمة مباشرة بقدر ما هو إعادة صياغة للأفكار التي طرحها جونزو.
الدرس الأول: افعل ما تريد وما تحب
لا شك أن خبرا مثل بيع Instagram لفيسبوك بمليار دولار هو خبر يدير رؤوس رواد الأعمال ويجعلهم يفكرون فورا في تقليد اسنتغرام للحصول مستقبلا على نصيبهم من المليارات التي تدور في فضاء الإنترنت. الإغراء كبير، خاصة حين ترى كيف أن مشاريعا كثيرة تنجح بين ليلة وضحاها (وهذا غير صحيح بالمرة) وكيف أنه من السهل تقليدها. لكن الحقيقة التي ستكتشفها لاحقا هي أن المال يتبع الشغف وليس العكس.
افعل ما تحب القيام به فعلا وما تريده أنت بشدة، وليس ما يمليه عليك الآخرون (مثل المستثمرين) أو ما تدفعك وسائل الإعلام إلى الاعتقاد بأنه الأفضل. يقول جونزو بأن السبب الأول لفشله في مشروع Startups.com هو دخوله لمجال غير مجال تخصصه. هو متخصص في مجال النشر، وهو يبدع في ذلك. لكنه حين دخل مجال التجارة الإلكترونية (الصفقات اليومية وكوبونات التخفيض) لم يستطع تحقيق ذات النجاح الذي يحققه في مجال النشر.
افعل ما تحب وركز عليه. لا تترك للملهيات التي تبدو كأنها فرص كبيرة أن تلهيك عن ما تبدع فيه حقا. إذا وجدت أنك تفقد تركيزك في مشروعك وتنتقل بسرعة بين فكرة وأخرى فإن هذا يعني أنك لم تجد بعد المشروع المناسب لك. لا مشكلة، إنما واصل البحث حتى تجد "شيأك الخاص".
الدرس الثاني: لا توجد طرق مختصرة
الموضوع الذي نبهت إليه سابقا هو أنه لا يوجد نجاح قابل للحدوث بين ليلة وضحاها، إلا نادرا جدا وفي ظروف يصعب أن تتكرر. إذن لا تشغل بالك بأخبار الاستثمارات والنجاحات التي تقرؤها عن أقرانك كل يوم. ببساطة يومك لم يأت بعد، وهو لن يأتي لو توقفت عن التركيز في عملك وصرت ترهق نفسك بتتبع أخبار نجاحات الآخرين.
لا تبحث عن الطرق المختصرة، فهي لا تنفع دائما. إنما كافح لتجد طريقك بنفسك، ولتتعلم أثناء الرحلة ما تحتاج إليه من مهارات لإكمال الرحلة بنجاح.
الدرس الثالث: ركز على شيء واحد فقط
المتاجر الإلكترونية التي تجمع بين البائع والمشتري (Marketplaces)، مثل أسناد، هي مشاريع صعبة للغاية. يقول جونزو بأنه في هذا النوع من المشاريع يتطلب الأمر بناء طرفي المعادلة في نفس الوقت: البائع والمشتري. دون الباعة (التجار) فإن المشترين سيغادرون الموقع فورا إذ لا يوجد ما يشترونه، ودون وجود المشترين فإن التجار الأوائل سيتخلون عن المتجر، لن يستخدمونه ولن ينصحوا به أحدا لأنهم لم يبيعوا شيئا.
هذه المعضلة تعني أن نجاح مثل هذا النوع من المشاريع يتطلب وقتا طويلا، وعملا مضنيا على جانبين مختلفين تماما.. أي أن الأمر يتطلب التفرغ الكامل للمشروع.
مشكلة جونزو أنه بجانب متجر Startups.com يعمل أيضا على مشاريعه الأخرى، ولم يكن يعطي للمتجر الجهد الذي يجب أن يعطيه إياه بسبب انشغالاته الأخرى. النتيجة هي أنه لم يستطع أن يوفر للمتجر ما يكفي من الباعة لإقناع المشترين بالقدوم ولا ما يكفي من المشترين لإقناع الباعة بطرح المزيد من منتجاتهم، فكان الفشل.
نصيحة جونزو هي قم بشيء واحد لا غير، لا يهم كم هو صغير. حين تنجح في هذا الأمر الصغير سيسهل عليك لاحقا بناء شيء أكبر، أسرع وأفضل.
الدرس الرابع: اعرف متى تطوي خيمتك وتعود لبيتك
أن تعرف متى يجب أن تستسلم هو أمر غاية في الصعوبة.. لا وصفات سحرية هنا. أكثر الأمثال التي أكرهها هو الذي يحثك على عدم الإستسلام ويخبرك بقصة الذي حفر لأمتار طويلة لإيجاد جوهرة ثمينة، لكنه حين كان على مقربة منها بمتر واحد فقط توقف عن الحفر واستسلم. أكره هذا المثل لأنه يعتمد على ما يمكن تسميته بـ "الحكمة بأثر رجعي". الذي كان يحفر لا يعلم حقيقة أنه على بعد متر واحد فقط، لأنه ببساطة شديدة، منذ بدأ الحفر وهو يقول لنفسه بأنه على بعد متر واحد عن الجوهرة، لكنه استمر لأمتار طويلة بذات الفكرة ولم يصل لشيء.
الاستسلام أمر صعب. ثمة من يرى الأفق بسهولة منذ الخطوات الأولى ويعرف إذا ما كان بإمكانه الوصول إلى النهاية التي يريد أم لا، فيتوقف فورا. وثمة من يصر على أنه لم يبق أمامه إلا قليل فيبقى كذلك إلى أن ينهار تماما دون أن يصل إلى النهاية التي يريد، ودون أن تتبقى لديه القوة الكافية لإعادته لخط الانطلاق من جديد.
بعد ستة أشهر من انطلاق المشروع وجد جونزو نفسه أمام حقيقة أن المشروع لن ينجح، وتأكد لديه بأنه لا يملك الشغف لمواصلة العمل عليه، فهو ليس ما يحب القيام به. لكنه مع ذلك قرر أن يمنح نفسه ستة أشهر إضافية، لعل شيئا يتغير. لكن لا شيء تغير وفي النهاية توقف المشروع بعد تضييع ستة أشهر أخرى من الوقت والجهد والموارد التي كان بالإمكان الاستفادة منها في مشروع آخر.
الدرس الخامس: التركيز، التنفيذ والتفاصيل
تلك الأمور الثلاث هي الأصعب لدى رواد الأعمال بصفة عامة. جميعنا، يقول جونزو، نملك أفكارا كثيرة، ونرغب في كل لحظة بتغيير العالم وجعله مكانا أفضل للعيش. أينما ألقينا بصرنا نجد عشرات الفرص الكبيرة الواعدة، أغلبها يبدو أفضل من المشروع الذي نعمل عليه في ذلك الوقت.
في تلك المرحلة كل الأفكار تبدو وردية، جميلة وتستحق التنفيذ. لكن بعد التنفيذ تموت تلك الأحلام الوردية تحت أكوام التفاصيل المرهقة والمشاكل التي تظهر كل يوم.
هنا تظهر فائدة الشغف وفعل ما تحب القيام به. الشغف يجعلك تركز على مشروعك وحده، ولا تشغل بالك بالأفكار الثانوية التي تهاجمك كل حين. الشغف يسمح لك بإتقان التنفيذ ويسمح لك بتحمل المشاكل التي تختفي في التفاصيل الدقيقة.
واصل العمل بتركيز على مشروعك، إلى أن تحتك بالتفاصيل الدقيقة لمشروعك وبمشاكله اليومية. إذا إستطعت أن تواصل حبك لما تفعل فأنت في طريقك نحو النجاح. إذا لم تستطع التعامل مع تلك التفاصيل توقف فورا وانتقل للمشروع التالي.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.