يحدثنا وليد عن أن اكتساب مهارة التعلّم الذاتي وجعلها جزءًا من روتينك اليومي أهم ما يمكن لطالب هندسة البرمجيات أن يتقنه، خصوصًا وأن مجالات التكنولوجيا في تطور سريع ومليء بالمنافسة، فكيف أتقن وليد هذه المهارة وكيف ساعدته في الحصول على عمله الحالي، وماذا يمكن أن تتعلم منه؟
في هذه السلسلة وثقنا قصص مجموعة من المطورين من طلاب أكاديمية حسوب كانوا مثلك تمامًا في يوم من الأيام، بعضهم كان مترددًا بشأن قدرته في أن يكون مطورًا من الأساس، وبعضهم كانت لديه مخاوف حول تمكّنه من المنافسة في هذا المجال سريع التطور، ومنهم من كانوا طلابًا في هندسة الحاسوب تنقصهم الخبرة العملية، لكنهم جميعًا في لحظة ما، قرروا بذل جهود حقيقية في التعلّم فحصدوا ثمارها.
مرحبًا وليد، حدثنا قليلًا عنك؟
أنا وليد الفيفي مواليد 1996، نشأت في قرية صغيرة اسمها؛ الفيفاء وهي قرية بعيدة كل البعد عن الإنترنت والبرمجة والتكنولوجيا، درست هندسة البرمجيات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وأعمل حاليًا مهندس برمجيات في مؤسسة حراج.
نشأ حبي للبرمجة في السنة التحضيرية للجامعة، كنت وقتها في حيرة بين تخصصي الطيران والحاسب. لكن دعيني أقول إن الظروف هي ما قادتني للحاسب، ربما بحكم اعتيادي الجلوس أمام الحاسوب لفترة طويلة. هذا إضافة إلي تميزي الواضح في مواد الحاسب التي تفوقت فيها كثيرًا موازنة بغيرها من المواد في تلك السنة التحضيرية، ومن هنا بدأت أبحث عن هذا التخصص أكثر إلى أن أحببته.
وعندما بدأت أتعلم التطوير في 2018 وجدت نفسي جدًا في هذا المجال، وشعرت بمتعة كبيرة في كتابة البرمجيات ومشاهدة نتائجها، لذلك على عكس الشائع فأنا لا أرى أن الشغف يلزم أن يكون معك من البداية، فمن خلال تجربتي رأيت بأنه كلما تعلمت وصرت أفضل فيما تهتم به ستحبه أكثر، فأصبحت كلما تعمقت ودرست أكثر عن علوم الحاسب وأنماط التصميم وغيرها من الموضوعات ذات الصلة أدرك كم أنني أحب هذا المجال.
لماذا لجأت إلى التعلم الذاتي، وكيف كنت توفق بين الدراسة الجامعية والدراسة الذاتية؟
من دون أي شك، في تخصص هندسة البرمجيات أو هندسة الحاسب، لا بد من أن يكون لديك مسار للتعلّم الذاتي. فالجامعة ممكن أن تعطيك وتعلمك، لكن في النهاية إن أردت أن تكون متفوقًا ولك أفضلية في هذا المجال فحتمًا لا بد من أن تتعلم بنفسك حتى تتمكن من المنافسة. وصراحة، من الأمور التي أندم عليها هي السنوات الأولى في الجامعة إذ كنت أعتمد على الجامعة باعتبارها مصدرًا وحيدًا للتعلم وهذا ما اتضحت لي أنه خطأ.
وابتداء من السنة الثالثة كنت أخصص كل يوم ساعتين إلى ثلاث ساعات للدراسة، وإن لم أستطع تكون ساعة واحدة على الأقل، وتكون هذه الفترة في الصباح دائمًا، وكنت ألزم نفسي بأن أنهي الدورة أو المصدر الذي أتعلم منه من ألفه إلى يائه. وصحيح كانت تأتيني أيامًا أكون مشغولًا فيها، لكني لم أكن لأفرط في هذه الساعة أبدًا.
ما هي الطريقة الأمثل من وجهة نظرك لتدارس البرمجة؟
أرى أن التعلم الذاتي هو الطريقة الأمثل ولا بد وأن ترافق أي طالب لعلوم الحاسب والبرمجة من أول سنة له في الجامعة، لأن هذا سيعطيك أفضلية كبيرة جدًا، وأفهم أنه قد يكون صعبًا عليك في البداية أن تحدد المسار البرمجي الذي ستمضي فيه مستقبلًا، لكن لا تجعل ذلك عائقًا عن التعلّم، فلا يهم معرفة التخصص أكثر من أهمية تعلم مهارة التعلّم الذاتي نفسها وأن تكون جزءًا من حياتك وروتينك اليومي لا تتنازل عنه.
وأصعب شيء في التعلم الذاتي هو الانضباط والالتزام بالتعلّم، فأنا مثلًا قبل 4 سنوات من الآن ما كان عندي القدر المطلوب من الانضباط. لكني بعدما بدأت في دراسة تخصصي وجدت أن الالتزام تجاه ما أتعلمه أصبح أيسر، فكنت أخصص ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميًا للبحث عن الأشياء التي أود تعلمها من مواقع أو دورات أو توثيقات أو أُطر عمل وجميعها من مواقع أجنبية إذ كانت هي وجهتي الأولى التي أبحث فيها وبعدما تعمقت أكثر اتجهت إلى أكاديمية حسوب.
ومما أنصح به الطلاب أيضًا، هو التفكير في العمل الحر أو حتى العمل بدوام جزئي ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، وأقله البحث عن فرص تدريبية سواء أكانت مدفوعة أو لا؛ فالمهم هنا هو تحصيل خبرة عملية، وهذه النصائح استفدت من بعضها وقصرت في بعضها لكنني أتلمس بنفسي الفوائد الشخصية التي عادت على من جربها جميعها.
وشيء أخير أحب أن أضيفه، هو ربما من المفيد السعي للحصول على بعض الشهادات الموثوقة في مجالات إدارة تطوير المنتجات ومنهجية الـ Agile scrum ومجال هياكل البيانات والخوارزميات وغيرها من المجالات المهمة في علوم الحاسب.
ما هي التحديات التي واجهتك في أثناء التعلم، وكيف تغلبت عليها؟
أكبر تحدي واجهته وأتوقع أنه ربما يواجه الكثيرين في هذا المجال هو عدم تأكدهم من أن هذا المسار الذي يدرسونه هو ما يريدونه حقًا، إضافة إلى شكوكهم بشأن قدرتهم على النجاح فيه، وهذا عائد إلى أن مجالات التكنولوجيا صعبة وبها تحديات كبيرة وهي كذلك سريعة التطور، فما ستتعلمه اليوم ستجده فاقد الصلاحية بعد سنتين أو ثلاث.
فأنا مثلًا كانت بدايتي بتعلّم تطوير الأندرويد وتعلمته لمدة سنة، ثم غيرت المسار بعدها لأنه لم يستهويني العمل به وعرفت أنني لست بقادر على الاستمرار فيه، والأمر نفسه كان عندما بدأت تعلّم تطوير الويب، وأريد أن أقول هنا إن الفضل يرجع إلى أكاديمية حسوب أنها حددت لي المنهج الذي ينبغي أن أمضي وفقه ومن دونها كان من الممكن جدًا أن أتشتت بالتقنيات الكثيرة الموجودة في الويب.
والتحدي الثاني يتمثل في المنافسة الكبيرة جدًا في تخصص البرمجة، فمن الصعب لأي شخص مبتدئ فيه أن يحافظ على تنافسيته وتميزهم فيه وتنسحب هذه الصعوبة على أصحاب الخبرة أيضًا.
كيف سمعت عن أكاديمية حسوب وما تقييمك لتجربة التعلم معها؟
منذ زمن وأنا أتابع النقاشات على حسوب I/O وكنت نشطًا على هذه المنصة، ومن هناك تعرفت على حسوب ومنها أكاديمية حسوب ودوراتها. ولم أكن مهتمًا بالدورات حتى وجدت دورة تطوير التطبيقات بلغة جافاسكربت إذ كنت مهتمًا بهذه اللغة في هذه الفترة، وتقريبًا كنت أول المشتركين فيها بعدما أعلنوا عنها.
وعمومًا تجربتي مع أكاديمية حسوب تجربة مثمرة، وأفضل شيء فيها هو جودة المحتوى وهذا يشمل تسجيل الفيديو من صوت وصورة، وكذلك تشمل هذه الجودة طريقة الشرح والتعمق والتفصيل فيه، وكذلك من جهة المدربين فأغلبهم أسلوبهم ممتاز في الشرح. وأكثر الأشياء المحببة لدي في الدورة كان قسم التعليقات فقد استفدت منه كثيرًا، فكنت كثير السؤال وأجد أن الإجابات تأتيني في غضون ساعات قليلة وتكون واضحة.
والشيء الجميل هو أن المحتوى باللغة العربية وهنا أقصد اتسامه بالجودة مع ذلك، وأنا أعلم أنه ثمة الكثير من المحتوى المنشور على الإنترنت باللغة العربية لكن أغلبه ليس على مستوى الجودة الذي يجعلك تثق به في التعلّم تحديدًا لشخص مثلي كان معتادًا على المصادر الأجنبية.
وأشير أخيرًا إلى حجم الاهتمام والدعم المقدم للطلاب خصوصًا بعد التخرج وإنجاز متطلبات الدورة، فهذا الاهتمام من الأشياء التي تشكر عليها الأكاديمية، وما زلت أذكر وأقدر المقابلة التي أجريت معي وأمدوني فيها بمجموعة نصائح مهمة حول التطوير المهني وكيفية استغلال مهاراتي في سوق العمل. لذلك فأنا ممتن جدًا لاستثماري في الدورة.
كيف ساعدتك دورة جافاسكربت التي حصلت عليها في أعمالك الحالية؟
أعمل حاليًا مطور ويب في مؤسسة موقع حراج، وهو بالضبط التخصص الذي درسته في أكاديمية حسوب. فأنا أعمل بجافاسكربت و React وغيرها، فقطعًا ما درسته في أكاديمية حسوب إلى الآن يساعدني في عملي، بطبيعة الحال أنا طورت عليه وتعلم مهارات أكثر مثل TypeScript و Next.js.
وما يجدر الإشارة إليه هنا أن أهم شيء تحصل عليه عندما تتعلم مع أكاديمية لها منهج محدد مثل أكاديمية حسوب هو الدعم الذي يحصل عليه الطالب، لأنك عندما تتعلم شيئًا جديدًا ستكون لديك الكثير والكثير من الأسئلة لتفهمه وهذا متوفر بطريقة رائعة في حسوب. كذلك ستحصل على شهادة وضمان للحصول على عمل في أقل من 6 أشهر أو أن تستعيد استثمارك وهذا أكثر شيء جذبني إلى الدورة لأنك ما تبغى تتعلم وتتعمق في شيء دونما القدرة على توظيف هذه المهارات في عمل حقيقي.
ما الذي كنت تتمنى معرفته أو تصحيحه في خلال رحلتك السابقة؟
كنت لأكون أكثر حرصًا وتركيزًا في رحلة التعلم تحديدًا في أول سنتين لي في الجامعة. وكنت سأختار أن ألتزم التعلم في مسار واحد من أوله إلى آخره دونما التشتت في تعلم تقنيات كثيرة في وقت واحد.
وأكثر ما أنصح به أي طالب أن يتعلم باستمرار، فكلما عودت نفسك على حل المشكلات البرمجية أكثر صار عندك عقلية حل المشكلات، وهذا بطبيعة الحال سينمي لديك مهارة التفكير المنطقي، وستتمكن من التعامل بمرونة وكفاءة مع المشكلات التي ستقابلك في المستقبل. وفوق ذلك أذكر أهمية الصبر، لأن هذا المجال ليس بالسهل، لكن إن صبرت عليه وتعلمته بإتقان فسيعطيك أفضل مما أعطيته.
كيف حصلت على أول عمل في البرمجة؟
أهم شيء بالنسبة لي في هذه الرحلة الطويلة هو التوظيف، يعني أنا هدفي الأساسي من التعلّم كان في الحصول على وظيفة ذات مردود جيد. وبعد تخرجي من دورة أكاديمية حسوب بشهر ونصف تقريبًا حصلت على فرصة تدريب صيفي في أحد شركات البرمجة المحلية. وفي الوقت نفسه كنت بدأت رحلة البحث عن وظيفة وأنا بعد في الجامعة. ووقتها كان ثمة طلب في السوق على خريجي جامعة الملك فهد وهذا أعطاني ميزة تنافسية على أقراني.
وأنا أعتبر نفسي محظوظًا في الحصول على وظيفتي الحالي فبعد شهر واحد من تخرجي حصلت عليها. لكن جدير بالذكر هنا الإشارة إلى أنني كنت أداوم على تحديث سيرتي الذاتية باستمرار وأقدم في العديد من الوظائف قبل 6 أشهر من تخرجي. وكنت أراجع سيرتي الذاتية مع خبراء لكي يعطوني نصائح حولها، وكذلك عملت على عدة مشاريع لإضافتها كسابقة أعمال لي.
ومن النصائح العملية والمفيدة عندما تتقدم إلى وظائف معينة هي أن تذاكر الوصف الوظيفي للشركات أو الوظائف التي تود العمل بها وتبدأ بتعلم المهارات التي يطلبونها وتنجز مشروعات بها وتضيفها إلى سيرتك الذاتية.
- 4