ليس من الضروري أن تكون فكرة البدء في تعلم البرمجة مخططًا لها دائمًا، فقد تكون رغبة دفينة حفزتها بعض الظروف وتوافرت لها فرصة مناسبة، كأن ينشأ لديك فضول في التعرف على أهم مجال للعمل في هذا العصر، فتمتلك بناءً على ذلك دافعًا كافيًا لبذل الجهد في تعلمها.
في هذه السلسلة وثقنا قصص مجموعة من المطورين من طلاب أكاديمية حسوب كانوا مثلك تمامًا في يوم من الأيام، بعضهم كان مترددًا بشأن قدرته في أن يكون مطورًا من الأساس، وبعضهم كانت لديه مخاوف حول تمكّنه من المنافسة في هذا المجال سريع التطور، ومنهم من كانوا طلابًا في هندسة الحاسوب تنقصهم الخبرة العملية، لكنهم جميعًا في لحظة ما، قرروا بذل جهود حقيقية في التعلّم فحصدوا ثمارها.
قصة اليوم لعائشة ذكي، شابة يمنية تقيم بالأردن، حصلت على منحة البنك الدولي بالتعاون مع أكاديمية حسوب لكي تصبح مطور full-stack عبر دراسة دورة علوم الحاسوب، ودورة تطوير واجهات المستخدم، ودورة تطوير التطبيقات بلغة جافاسكربت، المقدمة كلها من أكاديمية حسوب؛ وذلك في مدة قدرها 6 أشهر.
مرحبًا عائشة، عرفينا بنفسك؟
أنا عائشة من اليمن وأقيم بالأردن، بعدما حصلت على بكالوريس في تخصص التغذية الصحية، وجدت بعض المعيقات في العمل لكوني مغتربة، والتخصصات الصحية بالعموم تكون عليها تعقيدات عند العمل بها في الدول الأخرى. فمثلًا إن أردتُ العمل في عيادة، فلن يتم إعطائي رخصة المزاولة إلا إن كنت حاصلة على الجنسية، فاكتشفت بعد التخرج أنه للأسف لا يمكنني العمل في مجال دراستي. وبينما أنا جالسة في البيت، وجدت إعلانًا عن منحة للدراسة مجانًا مع أكاديمية حسوب، فتقدمت إلى المنحة من دون أمل كبير في الحصول عليها. وها أنا الآن بعد 6 أشهر من إتمامها تمكنت من العمل بما تعلمت حديثًا.
ما الذي جعلك تتجهين لتعلم البرمجة دون غيرها؟
لم يجمعني بالحاسوب أي اهتمام سابق، بل لم أكن أفهم بالحاسوب كثيرًا، يعني أوضح مثال لذلك أنني لم أكن أستطيع التفريق بين الجيجا والميجا وهذه المساحات التخزينية، لكن عندما بدأت دورة علوم الحاسوب، اكتشفت أن عالم الحاسوب سهل بخلاف توقعاتي -المبالغ بها- عن الصعوبة والغموض الذي يكتنفه.
كذلك منذ زمن وأنا أحب التصميم والرسم كثيرًا، ولدي مهارة في الأعمال اليدوية من الصوف وغير ذلك، وأحب أن أتخيل الأشياء ابتداءً ثم أصممها وصولًا للشكل النهائي، لذلك شعرت أن هذه المهارة تناسبني. إضافة لهذا، كانت عندي رغبة لتعلم البرمجة لكي أكشف الغموض الذي يلف عالم الحاسوب والتكنولوجيا، خصوصًا مع أهمية البرمجة في عصرنا هذا.
والأهم من كل ما سبق، أنه كان عندي وقت الفراغ الذي سمح لي بالتعلّم، فأنا من الأشخاص الذين يحبون تعلم أشياء جديدة على الدوام ولدي قدرة على التعلم السريع، فأردت أن أفعل شيئًا بدل أن أجلس في المنزل أندب حظي العاثر وعمري الذي ضاع في دراسة شيء لن أتمكن من العمل به. وصدقًا، عندما عبأت الطلب للحصول على المنحة عبأته بلا اكتراث، لكن سبحان الله «زبطت» معي هذه المرة وبدأت في التعلّم مع أكاديمية حسوب.
ما التحديات التي واجهتك في أثناء التعلم، وكيف تغلبت عليها؟
أول تحدي واجهته أنه لم تكن لدي أي خلفية سابقة عن البرمجة، والتحدي الثاني كان في المصطلحات وحفظها، ووجدت صعوبة كبيرة في تعلّم لغة جافاسكربت، لكن ربما ما خفف صعوبة هذه الرحلة قليلًا أن الدورة الأولى كنا نتدرب في أول مسار فيها على برنامج سكراتش وهو برنامج سهل جدًا، فلما انتقلت على الجافاسكربت شعرت بأن هناك نقلة نوعية فعلًا.
إحدى التحديات التي واجهتها أيضًا هي أنني أنسى بسرعة، فمع أن الله حباني قدرة على تعلم العديد من الأشياء الجديدة بسرعة أجدني للأسف أنسى المعلومات بالسرعة نفسها، وهذا يتطلب مني العودة إلى الاستذكار كل حين وحين، وعندما سألت الأساتذة في التعليقات عن مشكلتي هذه فأخبروني أن علاج النسيان هو التطبيق؛ فعلى قدر التطبيق ستستقر المعلومات في الذهن.
أشير أيضًا إلى تحدي الوقت، لأن المنحة كانت تعني الانتهاء من 3 دورات في مدة 6 أشهر، لكن الدورة الأولى أخذت مني وقتًا طويلًا لإنجازها نظرًا لأني كنت بخلفية صفرية عن هذا المجال، فمثّل لي الوقت حينها أحد التحديات، لكن كل هذه التحديات كانت تهون لمّا تبدأ بتطوير موقع مثلًا من الصفر وتريه لأهلك وأصدقائك، بالتأكيد هذا الإنجاز يحقق شعورًا كبيرًا بالسعادة والانبساط.
صحيح أخذت مني الدورة كل هذه الوقت لكني في النهاية خرجت منها وأنا قادرة على إنشاء موقع من الألف إلى الياء!
ما هي الطريقة الأمثل من وجهة نظرك لتدارس البرمجة؟
أنا من النوع الذي يحب أن يتعلم في المساء، يعني أنتظر إلى أن يخلد أهلي للنوم حتى أفتح اللاب وأبدأ الدراسة وأستمر في الدراسة إلى ما بعد صلاة الفجر، وفي الحقيقة وقت الفجر هو أفضل وقت للاستذكار وتزيد فيه كمية الدروس التي أنجزها مقارنةً مع غيره من الأوقات.
أما عن طريقة المذاكرة نفسها، فكنت أشاهد الفيديو كاملًا مع تدوين بعض الملاحظات حول طريقة التطبيق، ثم بعد ذلك أشرع بالتطبيق استرشادًا بما كتبت من ملاحظات. وهذه الملاحظات عبارة عن أهم النقاط التي تحدث عنها المدرب أو الأشياء الطفيفة التي ستؤثر في كتابة الشيفرة، مثل ترك مسافة بين كلمة ورمز معين وهكذا، وفي حال نسيت أمرًا معينًا أو اكتشفت مع التطبيق أنني لم أفهمه، أعود مجددًا إلى الفيديو، وأعيد التطبيق أكثر من مرة.
جنبًا إلى جنب، كنت ألجأ للبحث على الإنترنت للاستزادة في بعض الأجزاء، وأحيانًا يطلب منا المدرب هذا الأمر بنفسه، فيطلب منا مثلًا أن نبحث ونقرأ عن خاصية أو وسم ما من موسوعة حسوب، وبعض الفيديوهات يكون الغرض منها أن يعطيك المدرب ما سيفيدك في هذه المرحلة مع الأخذ بالحسبان أنك مبتدئة، فإن لم أشعر أنني هضمت هذه الجزئية جيدًا كنت أذهب إلى موسوعة حسوب فأجد أمثلة أكثر ومعلومات أكثر توسعًا بشأنها. في بعض الأحيان قد أشعر أنني تهت أكثر وفي أحيان كثيرة تفيدني هذه المعلومات فيما سآتي على دراسته مستقبلًا.
ما الذي كنت تتمنين معرفته أو تصحيحه في خلال رحلتك السابقة؟
كنت لأحاول أن أستفيد وأستغل وقتي أكثر، كذلك من أكثر الأشياء التي أثرت عليّ سلبًا أنني لم آخذ الدورات بصفة متعاقبة فلا أنقطع عن التعلّم مهما حصل، صحيح أن توقفي كان لظروف قاهرة بوفاة والدتي. لكن ما أستطيع أن أنصح به غيري هو ألا يأخذ فاصلًا كبيرا في رحلة التعلّم. هذا المجال جميل جدًا ومن الجميل تعلمه بسرعة.
ما أكثر ما أعجبك في رحلة التعلّم مع أكاديمية حسوب؟
محتوى الأكاديمية شامل، يعني أنا بعدما أنهيت الدورات أحببت أن أتوسع بالدراسة مع مؤسسات أخرى، فوجدت أن طريقة الشرح والمحتوى المعروض في غير الأكاديمية ضحل وسطحي جدًا، فاضطرت لأخذ عدة دورات لكي تتوازى مع دورة واحدة مما تقدمه أكاديمية حسوب.
الأمر الآخر الذي يميز الأكاديمية هو أن محتواها باللغة العربية، لذلك لن تستغرق وقتًا في البحث عن المصطلحات الأجنبية وترجمتها لأنك عرفت المصطلح وترجمته في الأكاديمية، وهذا أمر موفر جدًا لوقت التعلّم فلن تضيّع وقتك ذهابًا وإيابًا في البحث عن مصطلح ما.
أما عن المدربين أنفسهم فالأمر الجميل أنهم متنوعون، يعني تجد في كل دورة أكثر من مدرب، ولكل مسار مدرب معين، فلو لم تسترح تمامًا مع أسلوب مدرب ما، سوف يكون لديك إمكانية التعلّم مع غيره من المسار الثاني. والأمر نفسه في قسم التعليقات على كل فيديو، فستجد العشرات من المدربين الذين يجاوبون عن الأسئلة وسيجيبك آخر إن لم تفهم من الأول، فهم حريصون جدًا على بذل كل جهودهم حتى تفهم المعلومات تمامًا وأنا ممتنة لهم جميعهم واستفدت منهم كلهم.
أما عن تجربة التعلّم الافتراضية، فأكثر ما أعجبني فيها أنك تتحكم في وقت أخذ المعلومات ومقدار ترددها عليك، يعني في الحياة الواقعية لو لم تستوعب معلومة ما، فيمكن أن تطلب من المدرب أن يُعِيدها لك مرة لكن لن تتمكن من هذا الطلب أكثر من مرة، بخلاف الفيديو المسجل فلك أن تشاهده قدر حاجتك وزيادة.
وكذلك أجد أن تجربة التعلم عبر الإنترنت تعينك على توسيع مداركك أكثر، فلك أن تُوقف الفيديو في أي مرحلة ثم تبحث عن معلومات إضافية وتعود إلى ما توقفت عنده للمتابعة، يعني أنا عن نفسي أحببت تجربة الدورات عبر الإنترنت أكثر من تجربة التعلّم التقليدية.
ماذا عن مشروع التخرج والمقابلة النهائية والامتحان؟
أعجبني فكرة وجود امتحان مع نهاية الدورة، لأنه إذا وضعت هذا الأمر ببالك وأنت تدرس ستكون جادًا أكثر مع نفسك في التعلم وفي الانتظام بالدراسة، ويعطيك تحفيزًا أكبر على التغلب على الصعوبات التي تواجهك وبذل وقت أكبر في الفهم.
مع ذلك، كنت خائفة جدًا من فكرة الامتحان الشفوي، لكن بالتجربة وجدتها ربما أفضل، والأسئلة إن جهزت نفسك جيدًا للمقابلة فلن تجدها صعبة، أما عن مشروع التخرج فهو تجربة ممتازة لكي تقيّم نفسك وتعرف هل ستكون قادرًا على الاستقلال بالعمل والاستفادة مما تعلمت أو لا، وستزيد ثقتك بنفسك كثيرًا بعدها.
احكي لنا عن أول عمل حصلت عليه بعد إتمام الدورات؟
حصلت على أول عمل بمجرد ما أنهيت دورة تطوير واجهات المستخدم، وكان العمل عن طريق أخي، فهو يعمل مصمم جرافيك فدائمًا لديه عملاء يحتاجون لمن يصمم ويطور لهم مواقعهم الإلكترونية، فعملت مع بعضهم على تصميم بعض الصفحات لمنتجاتهم.
وكان تجربة أول عمل تنطوي على كثير من الخوف، فبطبيعة الحال تظل المشروعات التي نفذتها في الأكاديمية تخضع للتقييم من المدربين، لكن في العمل الفعلي أنت وحدك مسؤول عن اكتشاف الأخطاء وعلاجها. وأنا مثلًا بعدما أنهيت العمل على إحدى الصفحات أرسلتها إلى إحدى المدربات على الأكاديمية أسألها إن كان ثمة أخطاء فيها، والحمد لله لم يكن بها أخطاء فسلمت المشروع للعميل. لكن بمجرد ما تتم العمل على أول مشروع ستكون واثقًا في تنفيذ بقية المشروعات الأخرى ويقل مستوى الخوف تمامًا.
- 3