لا تمكنك البرمجة من الحصول على وظيفة بدخل مجزي فحسب، بل قد تكون البوابة الأمثل لمن يبحث عن تغيير مساره المهني بسرعة. في قصة اليوم تروي لنا زينب عبد النبي قصتها مع تعلم البرمجة وكيف تمكنت من العمل في الوظيفة التي تريد في نهاية المطاف.
في هذه السلسلة وثقنا قصص مجموعة من المطورين من طلاب أكاديمية حسوب كانوا مثلك تمامًا في يوم من الأيام، بعضهم كان مترددًا بشأن قدرته في أن يكون مطورًا من الأساس، وبعضهم كانت لديه مخاوف حول تمكّنه من المنافسة في هذا المجال سريع التطور، ومنهم من كانوا طلابًا في هندسة الحاسوب تنقصهم الخبرة العملية، لكنهم جميعًا في لحظة ما، قرروا بذل جهود حقيقية في التعلّم فحصدوا ثمارها.
عرفينا بنفسك يا زينب؟
أنا زينب عبد النبي، عمري 22 سنة، درست رياضيات بالجامعة اللبنانية، لكني لم أحب هذا المجال كثيرًا ولم أكن متحمسة لمهنة التدريس وهي الوظيفة المتوقعة لهذا التخصص. في المقابل، وجدتني أكثر في مواد البرمجة التي كنا ندرسها في المقررات الجامعية، فقررت أن أتعمق في دراستها. وجاءت كورونا وقتها ووجدت إعلانًا لمنحة لتعلّم البرمجة مع أكاديمية حسوب فتقدمت إليها، ثم بدأت الدراسة، وبعدما أنهيت الدورات شرعت في العمل على مشاريع برمجية على موقع مستقل، ولم أتوقف عن التعلم في أثناء العمل الحر إلى أن جائتني فرصة العمل مطور واجهات خلفية في شركة موديلر CX.
لماذا اتجهتي إلى دراسة البرمجة دون غيرها؟
يعجبني المنطق البرمجي ومعرفة كيفية عمل الحاسب الآلي، وأكثر ما يعجبني فيها هو حجم الاستخدامات الكبيرة والمتنوعة التي نحتاج البرمجة فيها. تجذبني فكرة أن جزءًا كبيرًا من تطوّر العالم حاليًا قائم على البرمجة؛ لذا فتعلمي لها يعني أنني سأكون من المساهمين في عملية التطوير. وطبعًا لو وضعنا كل هذه الميزات في مقابل مهنة التدريس والتي هي التطور الطبيعي لمجال دراستي، فبالتأكيد سأفضل ما أنا عليه الآن.
كيف عرفتي بأكاديمية حسوب، وكيف تقيّمين التعلّم عبرها؟
لم تكن لدي أي تجارب سابقة في تعلم البرمجة قبل أكاديمية حسوب، أذكر أنه ظهر لي إعلان على فيسبوك بخصوص منحة لتعلم البرمجة بالتعاون مع البنك الدولي، وكنت قد سمعت عن أكاديمية حسوب من قبل على يوتيوب، فلما جاءت الفرصة للحصول على الدورات عبر منحة -إذ لم أكن أملك ثمنها في ذلك الوقت- تقدمت إليها فورًا. وحقيقةً بدء تعلم البرمجة مع أكاديمية حسوب جعل منها بدايةً مميزةً جدًا وحببني في البرمجة أكثر، لأن الدورات شاملة ومتدرجة، وباللغة العربية.
وإلى الآن ما زلت أتذكر كل ما تعلمته في دورة جافاسكربت وأطبقه في عملي الحالي، فالدراسة في أكاديمية حسوب كانت بمثابة تجربة عملية لما عليه سوق العمل على الحقيقة، وقد أفادتني المشروعات التي نفذتها في الدورات في بناء سيرة ذاتية قوية ساعدتني في الحصول على وظيفتي الحالية. ولعل أكثر ما يميزهم هو المتابعة، يعني أنا من الناس الذين يحتاجون إلى تشجيع مستمر، وأحسب أنه لولا المتابعة التي حصلت عليها لما كنت أكملت الدورات إلى نهايتها.
ما التحديات التي واجهتينها في تعلم البرمجة؟
البرمجة على خلاف كثير من العلوم الأخرى لا يحصل تعلمها سوى بالتجربة والخطأ، فالأمر لا يتم بحفظ مجموعة من الشيفرات ثم تطبيقها، بل لا بد من أن تجرب بنفسك ثم لن تعمل معك الشيفرة من أول مرة، فتعود لتجرب مرة أخرى، وتجدها لا تعمل أيضًا فتجرب للمرة الثالثة فلا تعمل معك. هذه العملية من المحاولة والخطأ قد تصيبك بالإحباط قليلًا لكن بعد كثير من البحث والتجارب وتصحيح الأخطاء ستعمل معك في النهاية وستُسر وقتها. وأنا شخصيًا أحب هذا النوع من التحديات وكلما أتجاوز أحدها أشعر بكثير من الثقة في نفسي، لكن الأمر في كل الأحوال يحتاج إلى صبر كبير بلا شك.
إحدى التحديات التي واجهتها أيضًا هو موضوع تنظيم الوقت، إذ كنت أعمل في فترة تعلّمي وكان الأمر ضاغط جدًا عليّ. حينها استعملت أكثر من أداة لتتبع الوقت ومن ضمنها أداة أنا وتمكنت من متابعة المهام وترتيب الأولويات فتيسرت الأمور بعدها بفضل الله.
ما هي أفضل وصفة للتعلم من وجهة نظرك؟
كنت أخصص ساعات الصباح الأولى من بعد الفطور للدراسة فكنت أشاهد الفديوهات وأطبق ما فيها ثم أبحث عما أريد استيضاحه أكثر وهذا كان يأخذ معي وقتًا طويلًا، ففيديو من 10 دقائق قد يستغرق معي النهار كله. فلم أكن أُتم مشاهدة أي فيديو إلا بعد أن أستوعب أنني فهمته تمامًا وطبقت ما فيه. وطريقتي كانت تبدأ بمشاهدة الفيديو كاملًا وفهم موضوعه وكتابة ملاحظات حوله، ثم مشاهدته مرة ثانية مع التطبيق وكنت أتعمد ألا أنقل الأكواد نفسها في أثناء التطبيق، وبعد كتابة الشيفرات قد تظهر معي بعض الأخطاء، فكنت أجري بحثًا عن الحلول ثم أعود للتطبيق وهكذا.
ومن بعد الساعة الثالثة عصرًا، ومع نهاية دوام المدرسة كان يأتي إليّ بعض طلاب المدراس إذ كنت أقدم لهم دروس خصوصية. وبعد انتهاء العمل كنت أعود لدراسة البرمجة مساءً في نحو ساعتين أو ثلاثة. طبعًا لم تكن فترة الدراسة متصلة دائمًا، فقد كنت أخصص بعض الوقت للاستراحة.
احكي لنا عن مشروع التخرج والمقابلة النهائية والامتحان؟
المقابلة والمشروع كانا يسيران من وجهة نظري، لكن لا بد من المراجعة قبلهما، فأنا مررت على الفيديوهات قبل المقابلة، وراجعت الملاحظات التي دونتها في أثناء الدراسة، فكما تعرفين في البرمجة لا تحتاجين إلى الحفظ، لذلك من الضروري من وقت لآخر مراجعة المعلومات؛ فالشيفرات المحفوظة في الذاكرة هي الشائعة وما كثر استخدامه أما ما دون ذلك فيلزمه بحث مسبق. وبالنسبة لمشروع التخرج فكان سهلًا كذلك؛ يعني طالما أنك فهمت محتوى الفيديوهات جيدًا وطبقت عليه فلن تواجه مشكلات كثيرة في العمل على المشروع.
ما الذي كنت تتمنين معرفته أو تصحيحه في خلال رحلتك السابقة؟
مرت فترة عليّ في أثناء الدراسة كنت مضغوطة جدًا بالوقت، فكنت أكتب الشيفرات كما هي دون أن أفهم تمامًا المنطق ورائها ودون أن أفكر في طرائق أخرى لأداء الوظيفة نفسها، لكني الآن وددت لو أنني أعطيتها الوقت الكافي وتعمقت أكثر في فهمها، لأن فهم المنطق وراء كل سطر برمجي تكتبه هو الذي سيمكّنك من حل المشكلات التي تواجهك في المستقبل أو التفكير في حلول أفضل وأسرع للحصول على النتيجة نفسها.
احكي لنا عن أول مشروع أنجزتينه على موقع مستقل، وبماذا تنصحين المطورين الجدد على مستقل؟
على عكس الشائع ربما، عندما قدمت أول عرض لي على مستقل، كنت خائفة جدًا أن يتم قبول عرضي وأستلم المشروع ثم لا أكون قادرة على تسليمه للعميل مثلما أراد. تواصل معي صاحب المشروع وشارك معي تفاصيل العمل واتفقنا على كيفية التنفيذ، وكان المشروع عبارة عن تعديل على ملف CSS لمتجره الإلكتروني على منصة زد، وهذا المشروع علمني الكثير وزاد مهارتي في لغة CSS. وبعد انتهاء المشروع أعطني العميل تقييمًا كاملًا.
فنصيحتي للمستقلين الجدد هي الصبر، لأنه حتى لو أعددت ملفك الشخصي جيدًا وأضفت معرضًا للأعمال فسيكون صعبًا أن تحصل على أول مشروع من دون تقييمات لعملاء سابقين، لكن بعد أول مشروع تكون الأمور أيسر وستحظى عروضك بالقبول من كثير من أصحاب المشاريع. يعني أنا الآن ومع أنني لا أعمل بتركيز على مستقل تأتيني الكثير من الدعوات من أصحاب المشاريع وقد قام صاحب مشروعي الأول بدعوتي إلى مشروع ثانٍ.
وقبل ذلك ينبغي أن تتأكد من أنك تحب البرمجة فعلًا وتريد العمل بها، وتشعر بالسعادة وأن تعمل وتكتب الأكواد، لأن هذا هو الأمر الوحيد الذي سيبقي على دافعيتك ورغبتك وصبرك تجاه التعلّم وفي أثناء العمل.
كيف حصلت على وظيفتك الحالية؟
بعدما أنهيت الدورات مع أكاديمية حسوب عملت على ملء سيرتي المهنية بالمشروعات والدورات التي أتممتها ووضعت اللغات والتقنيات التي تعلمتها، وقدمت سيرتي الذاتية في أكثر من مكان من خلال منصة لينكدإن ثم جاءني بريد لعقد مقابلة مع شركة موديلرCX وهي متخصصة في تقديم تجارب تسويق تفاعلية عبر تقنية الـ 3D Configuration لأصحاب المتاجر الإلكترونية، وبعدما حضرت المقابلة الأولى قاموا بتكليفي بالعمل على مشروع معين، وبعدما أنجزته عقدوا معي مقابلة ثانية شرحت فيها كيف عملت على المشروع ولحق ذلك اجتماع ثالث مع المدير ومن ثم توظفت فيها وأعمل حاليًا مطور واجهات خلفية.
- 4