اذهب إلى المحتوى

الدروس التي تعلمتها عندما أصبحت رئيس قسم التصميم


Mohammad Hout

يقع معظم الناس في حيرة من أمرهم عندما يقفون أمام مفترق طرق في مسيرتهم المهنية، فهل يجب أن أختار السعي لتسلم دور مهني أعلى بمسؤولياته ومتطلباته، لكن على حساب ضياع فرصة ممارسة ما أحب؟ أم أختار البقاء في منطقة الراحة أمارس ما أحب دون حمل مزيد من المسؤوليات التي قد لا يفضلها البعض؟ ولا ضرر في الخيارين. منذ عدة سنوات شاهدت فيلمًا سينمائيًا رفضت فيه إحدى شخصيات الفيلم الترقية في الجيش لأنه لا يحتمل الجلوس في مكتب يدير مسؤولياته بعيدًا عن حماس المعارك.

إن الهدف من هذا المقال هو تسليط الضوء على الفروقات بين مهام المصمم وأسلوب عمله وبين مدير التصميم ومسؤولياته، وفي هذا الصدد يحدثنا كاتب المقال عن تجربته فيقول: قبل عام ونصف اتخذت قرارًا مهمًا في حياتي؛ فبدلًا من مواصلة عملي كمصمم، قررت سلك مسار آخر، ألا وهو تسلم منصب مدير فريق المصممين. رغم أنه وعلى مر السنين تغيرت مسمياتي الوظيفية كثيرًا، لكن الأمر هنا كان أكثر من مجرد تحديث لحالة حسابي على لينكدان، فقد لا تبدو هذه الأحرف الأربعة الإضافية شيئًا عظيمًا، لكنها غيّرت مسؤولياتي بشكل جذري. سابقًا كنت أمضي غالبية وقتي في التصميم؛ أما الآن فمعظم وقتي أقضيه في مساعدة الآخرين في إنجاز مهامهم. وفي السابق كان التصميم هو مسؤوليتي الوحيدة، أما الآن فازدادت مسؤولياتي لأني أصبحت مدير التصميم.

مثل أي شخص انتقل من كرسي الممارس إلى كرسي المدير، سيخبرك أنه تغيير صعب ومربك إلى حد ما، وذلك لأنه لما تكون بارعًا في فعل شيء ما، فهذا لا يعني بالضرورة أنك ستكون بارع في مساعدة الآخرين على فعله.

ارتكبت (وما زلت أرتكب) العديد من الأخطاء في منصبي الجديد، وتعلمت بعض الدروس المهمة والمفيدة أثناء هذه الرحلة، لذا أود مشاركة هذه الدروس مع أولئك الذين هم في طور الانتقال من ممارس للتصميم إلى مدير، أو الذين ما زالوا يفكرون في الأمر.

1. كن مدربا وليس لاعبا

أحب كرة القدم كحبي للتصميم، وفي عالم كرة القدم ترجح الكفة نحو تفضيل المدربين الذين كانوا ممارسين سابقين للعبة، فالناس غير معتادين أن يكون مدربي كرة القدم ممن لم يطأوا عشب الملاعب مثل لاعبين محترفين (ومورينيو هو أشهر الأمثلة على ذلك)، لذا فإن غالبية المدربين كانوا في السابق لاعبين محترفين، باستثناء أشخاص مثل غلين هودل و براين روبسون (الذي يظهر في الصورة مرتديًا بدلة رسميةً مع زي كرة القدم)، حيث دمج بين الوظيفتين، فعمل كلاعب ومدرب حتى نهاية مسيرتهم الكروية.

قد يبدو خيار إدارة الفريق والممارسة أمرًا ممكنًا، ولكن هناك سبب يجعل الجمع بين الوظيفتين أمرًا لا يمكن تطبيقه هذه الأيام، فكونك ممارسًا للعبة هي وظيفة بدوام كامل وكونك مديرًا هو أيضًا عمل بدوام كامل، وبالتالي هي مهمة مستحيلة.

بالنسبة لي ورغم أنني وجدت أن خلع حذائي والتخلي عن ممارسة التصميم أمرًا مؤلمًا، إلا أنه كان ضروريًا. بالطبع لازلت أشارك في بعض أعمال التصميم، لكنني الآن أحاول جعلها ضمن أقل حد ممكن، لأنني أدرك أنه يجب أن أترك اللعب للاعبين، حتى أتمكن من التركيز على الفريق.

2. التركيز على المهارات الشخصية بدلا من المهارات الفنية

يحتاج المصمم إلى مزيج من المهارات الفنية والشخصية، وبالنسبة للممارس تجده يميل إلى التركيز على تحسين خبرته الفنية. على سبيل المثال، تحسين مهاراته في تصميم واجهة المستخدم أو في دراسة المستخدمين المستهدفين. ورغم اعتقادي بأهمية تحديث هذه المهارات بالنسبة لمديري التصميم ليبقوا على إطلاع دائم، لكنني وجدت أنه من المهم للغاية العمل على تطوير مهاراتي الشخصية، مثل مهارات القيادة والتدريب وتقديم التغذية الراجعة والتأثير والإدارة.

3. ثق بفريقك

إن معظم مديري التصميم هم في الأساس مصممين يملكون خبرات طويلة، وغالبًا ما يكون ذلك شرطًا مسبقًا للتوظيف. بالنسبة لي كمصمم يتمتع بخبرة سنوات عديدة، أجده أمرًا شديد الإغراء أن أشرف على المصممين الأقل خبرةً وأوجه لهم الأوامر حول كيفية إنجاز عملهم، لكني سرعان ما وجدت أنه سواءٌ كنت مديرًا لفريق كرة قدم أو فريق تصميم، فإن توجيه الأوامر من خارج الملعب سيعيق عملهم أكثر من مساعدتهم، فلا أحد سيستمتع بالعمل مع مدير يملي عليه توجيهاته دون أن يتعلم التفكير بنفسه والاعتماد على مهاراته. تعلمت أيضًا أنه على الرغم من حالة عدم الراحة التي أشعر بها كوني شخص يسعى دومًا للكمال، إلا أنني بحاجة إلى الوثوق بفريقي لإنجاز عملهم.

4. علمهم الصيد

لا بد من اتباع المثل القائل:

اقتباس

أعطي المصمم إجابة وستعينه ليوم واحد. علّم المصمم أن يجيب على أسئلته وستعينه مدى الحياة.

لست متأكدًا إن كانت إجابةً أم سمكةً، لكن المهم أنها حكمة مفيدة. عندما كان يسألني أحد المصممين عما يجب عليه فعله، كنت أخبره بما سأفعله لو كنت مكانه. لكن مشكلة هذا الأسلوب في أنه لن يعتمدوا على أنفسهم للتفكير بحلول، لذا تعلمت أسلوبًا آخر وهو رمي الكرة إلى ملعبهم عبر الإجابة على سؤالهم بسؤال آخر. اسألهم عما يجب عليهم فعله باعتقادهم، ثم تعاون معهم لتوجيههم نحو تنفيذ الحلول التي اقترحوها.

5. تعرف على شركتك

من المهم كمصمم أن تفهم شركتك وكيف يتناسب التصميم معها، أما بصفتك مدير التصميم، فالأمر ليس مهمًا فحسب، بل هو ضروري. أي لا يمكنك التغاضي عن فكرة أنك لست بحاجة أن تكون مطلعًا على مجالات العمل الأخرى وأسرار المبيعات والتسويق والموارد البشرية.

وإلى جانب بناء وتعزيز العلاقات مع الأقسام الأخرى في شركتي، وجدت أنه من المهم معرفة المزيد عن الدور الذي يلعبه كل جزء في آلة الأعمال الكبيرة وكيف يتناسب التصميم معهم.

6. ابحث عن مرشد

كوني مازلت مديرًا جديدًا، اكتشفت أن جزئية المدير وليس التصميم هي التي أجد صعوبةً في إنجازها، وبالنظر إلى أنني كنت مصممًا لأكثر من 17 عامًا، ومديرًا منذ 18 شهرًا فقط، فلست متفاجئًا من هذا الأمر.

لذا وفي محاولة لصقل مهاراتي الإدارية، كنت أعمل مع مرشدين اثنين، أحدهما مدير المنتجات والآخر مدير التطوير، وكلاهما كانا متمرسين. إن حقيقة أنهما لم يكونا مديري تصميم كان له فائدة عظيمة بالنسبة لي، حيث ساعد ذلك على رؤية الأمور من منظور خارجي وجعلني أفهم التحديات واستكشفها بطريقة يفهمها حتى من هو بعيد عن مجال التصميم.

7. استخدم مهاراتك التصميمية لحل مشكلات من خارج مجال التصميم

عندما أصبحت مديرًا، أدركت أن قواي الخارقة في التصميم، مثل قوى دراسة العملاء المستهدفين والتصميم المتمحور حول المستخدم وأساليب التفكير الإبداعي، أي أنها ليست مفيدةً فقط عندما يتعلق الأمر بمعالجة تحديات التصميم الشائكة، بل أيضًا في الأعمال التجارية والتنظيمية والتحديات التي نواجهها. هل تحتاج إلى تحسين العمليات في الشركة؟ لماذا إذًا لا تستغل أدوات التفكير التي يستخدمها المصممون. هل تحتاج إلى تشجيع التعاون بين فرق الإنتاج؟ لماذا لا تستغل وجود فريق دراسة العملاء المستهدفين ليفهم المشكلة على نحو أفضل؟ بصفتي مديرًا للتصميم، كنت أمارس أقل قدر ممكن من أعمال التصميم، لكنني في الوقت نفسه ما زلت قادرًا على ممارسة مهاراتي في التصميم من خلال تطبيقها على مشكلات تظهر في أماكن أخرى.

8. وقتك من ذهب

أذكر كيف كان يبدو جدول مواعيدي قبل أن أصبح مديرًا. فكثيرًا ما كنت أقضي ساعات كاملة في الصباح وبعد الظهر حرًا بدون مسؤوليات، وأحيانًا كنت أقضي يومً كاملًا بدون اجتماعات؛ أما الآن فيبدو جدول مواعيدي أشبه بألعاب الفيديو، تلك التي عبارة عن كتل عشوائية متهاوية عليك أن تحسن ترتيبها، ممتلئًا بكتل من الاجتماعات العديدة والمتزايدة.

لذا وبدلًا من الموافقة على حضور كل اجتماع أدعى إليه، كان علي أن أكون أكثر انتقائيةً. فأسأل نفسي، هل أنا بحاجة حقًا لحضور ذلك الاجتماع؟ وهل يمكن لشخص آخر أن يمثل قسم التصميم عوضًا عني، طبعًا إن كان الوضع يسمح بحضور ممثل عن قسم التصميم بدلًا من المدير نفسه؟ لذا وبقلب حزين تصالحت مع حقيقة أن حضور الكثير من الاجتماعات هو جزء من مهامي كمدير للتصميم، الكثير وليس كل الاجتماعات.

9. ابحث عن منفذ لإخراج إبداعك

لم أصبح مصممًا من أجل المال أو الشهرة أو التألق أو حتى وجبة الغداء المجانية التي أحصل عليها أثناء عملي في المكتب، بل أصبحت مصممًا لأنني أحب تصميم الأشياء، لذا تصبح الأمور سيئةً بعض الشيء عندما تصبح مديرًا لقسم التصميم وتدرك أنك لن تنال فرصةً لتبدع أكثر في المجال الذي تحب. بالتأكيد ستشارك في المشاريع التصميمية، لكنك لن تشارك في النواحي العملية من المشاريع.

لذا كان من المهم إيجاد منفذ آخر لإخراج إبداعي، فالطاقة التي استخدمتها سابقًا في إنشاء إطارات شبكية وترتيب بكسلات التصاميم، أصبحت الآن أوظفها في تصميم العروض التقديمية والمخططات وكتابة المقالات، مثل هذا المقال.

10. الخروج من منطقة الراحة

أن أصبح مدير تصميم بعد رحلة استغرقت حوالي 20 عامًا، يجعلني أشعر أن معظم تلك الرحلة كانت أشبه برحلة برية مليئة بالمغامرات. بالتأكيد تغيرت البيئة المحيطة مرات عديدة عندما انتقلت من شركة إلى أخرى، لكن اللغة والثقافة ظلت كما هي إلى حد كبير؛ أما في الأشهر الثمانية عشر الماضية، فقد شعرت أنها أشبه بركوب طائرة والسفر إلى الجزء الآخر من العالم. وفجأةً، بصفتي مدير تصميم، أشعر أنني أعيش في بلد جديد لغةً وثقافةً.

كما سيخبرك أي مسافر مغامر، عليك أن تحتضن وتتقبل الظروف الجديدة التي لم تعتد عليها لتكون قادرًا على النمو في هذه البيئة الغريبة. لهذا تصالحت مع حقيقة أنني سأكون خارج منطقة الراحة أكثر بكثير مما سأكون بداخلها، لكن لا بأس بذلك، فالمهنة التي أمضيها كلها في منطقة الراحة ليست بمهنة بالنسبة لي.

ملخص مختصر للدروس السابقة

  1. لا تحاول أن تكون مديرًا ولاعبًا في الوقت نفسه (أو تحاول ارتداء بدلة رسمية مع زي كرة القدم). أعطي فريقك فرصةً التصميم بحيث يمكنك التركيز على إدارة الفريق.
  2. ركز على المهارات الشخصية، مثل القيادة والتدريب والتغذية الراجعة والتأثير والإدارة.
  3. ثق بفريقك لينجزوا أعمالهم وادعمهم بدلاً من الوقوف في طريقهم.
  4. عوضًا عن إخبار المصمم بما يجب فعله، أجب عن تساؤلاته بسؤال آخر، واسألهم عما يجب فعله برأيهم.
  5. اطلع على جميع أقسام العمل في شركتك وكيف يتناسب التصميم مع السياق العمل.
  6. ابحث عن مرشدين إداريين لتتعلم منهم.
  7. استخدم قواك الخارقة في التصميم لحل مشكلات من خارج مجال التصميم.
  8. احمِ وقتك لأنك لن تجد من يفعل لك ذلك.
  9. ابحث عن منفذ لإخراج إبداعك، فالعمل الخالي من التصميم سيصيبك بالملل.
  10. يجب أن تتقبل ما هو غير مريح وتتصالح مع حقيقة أنك ستكون خارج منطقة راحتك في دورك الجديد، تمامًا مثل مسافر في بلد غريب.

ترجمة وبتصرّف للمقال 10 things I’ve learnt moving from being a design practitioner to design manager لصاحبه Neil Turner.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...