اذهب إلى المحتوى

محمد حبش

الأعضاء
  • المساهمات

    22
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ آخر زيارة

  • عدد الأيام التي تصدر بها

    10

كل منشورات العضو محمد حبش

  1. 5 سنوات ليست مستقبل بعيد، الرؤية تتحدث هنا عن 50 سنة على الأقل، هناك شركات مرت عليها 100 سنة ولاتزال رؤيتها صالحة ولاحاجة لتعديلها ببساطة الرؤية هي حالة مستقبلية نريد أن نحققها، تكتب بكلمات عامة غير محددة لكن متعلقة بمجال الشركة بدون تحديده بدقة أكبر الهدف يكون محدد بقاعدة SMART الشهيرة وهناك أهداف قصيرة المدى ( يومية) وأبعد قليلاً ( شهرية) خاصة فيما يتعلق بالانتاج أما الأهداف الأكبر كالسنوية والتي تتعلق بالخطط أيضاً يجب أن تكون محددة بالقاعدة سالفة الذكر
  2. هناك مقاييس ومؤشرات تظهر أن هناك خلل ما في الشركة، تلك المقاييس تختلف حسب دورة حياة الشركة، فمثلاً بالبداية يهم النمو الكبير والسريع، لكن بعد الاستقرار يهم نمو الدخل
  3. اعمل شيئاً يطعمك الخبز ! هذا ما قيل لي يوماً ما .. واليوم أردعليهم بأن العمل على الانترنت يطعمني التشيز كيك ! ليس مطلوباً منك أن تغير قناعات العالم، فقط لا تدعم يؤثرون عليك سلباً، وعندما يجدون كيف أن احوالك تحسنت من دون أن تخرج من غرفة بيتك بل حتى غرفة نومك .. عندما يجدون أنك تساعد في مصروف البيت .. أنك تغير جوالك وحاسوبك .. حينها سيعرفون أن الانترنت بالفعل يطعمي أكثر من خبز
  4. كان الأفضل لو أعطيتنا لمحة عن نوعية خدماتك، أو رابط حسابك على خمسات لنقترح عليك بعض التطويرات فهي تختلف حسب طبيعة الخدمة، مثلاً في التصميم يمكن أن تعطي عدد تعديلات أكبر أو نماذج أكثر أو حتى تسليم الملف مفتوح المصدر مقابل تطويرات
  5. عندما يؤذي الناس أنفسهم عبر رفع الأشياء الثقيلة، فإنهم يتأذّون عادة لأنهم يحاولون الرفع بواسطة ظهورهم. إن الطريقة الصحيحة لرفع الأشياء الثقيلة هي أن تدع ساقيك تقومان بالمهمة. ويرتكب المؤسسون عديمي الخبرة نفس الخطأ عندما يحاولون إقناع المستثمرين. إنهم يحاولون إقناعهم بواسطة خطابهم. وفي أغلب الأحوال سيكون من الأفضل أن يدعوا شركاتهم الناشئة تقوم بالمهمة. إذا بدؤوا في إقناعهم عبر فهم السبب الذي يجعل شركتهم الناشئة تستحق الاستثمار فيها، حينها يشرحون هذا السبب ببساطة وبشكل جيد للمستثمرين. يبحث المستثمرون عن الشركات الناشئة التي ستصبح فائقة النجاح. إلا أن هذا الاختبار ليس سهلًا كما يبدو. في الشركات الناشئة، تكون النجاحات الكبيرة عظيمة لدرجة أنها تقزّم الباقي. وطالما أن هناك عددًا قليلًا من تلك النجاحات الكبيرة التي تحدث سنويًا ( عادة يكون 15 نجاحًا)، يعامل المستثمرون "النجاحات الكبيرة" كما أنها الكل أو اللاشيء. يهتم معظم المستثمرين بك إذا بدا أن لديك الفرصة، مهما كانت صغيرة، بأن تصبح واحدًا من تلك النجاحات الكبيرة الخمس عشرة، وإلا فإنهم لا يهتمون بك. [1] هناك عدد قليل من المستثمرين الملائكةAngel Investors * الذين قد يهتمون بشركة لديها احتمال عالي بأن تكون ناجحة بشكل مقبول. إلا أن المستثمرين الملائكة يحبون النجاحات الكبرى أيضًا. كيف سيبدو عليك أنك ستكون واحدًا من تلك النجاحات الكبرى؟ ستحتاج ثلاثة أشياء: مؤسسين رائعين، سوقًا واعدة، وعادة بعض الأدلة المبدئية عن النجاح المحقق حتى الآن. الرّوعةإن العنصر الأكثر أهمية هو المؤسّسون الرائعون. يقرر معظم المستثمرين خلال الدقائق الأولى فيما إذا كنت تبدو كرابح أو كخاسر، وما أن يقرروا ذلك فمن الصعب تغيير قرارهم [2]. لدى كل شركة ناشئة السبب الذي يشجع و ينفّر عن الاستثمار فيها. إذا اعتقد المستثمرون أنك ناجح فإنهم سيركّزون على السّابق، وإن اعتقدوا أنك فاشل فإنهم سيركزون على التالي. على سبيل المثال قد يكون لديك سوق غني وكبير لكن دورة المبيعات بطيئة. إذا أعجب المستثمرون بك كمؤسس، فإنهم سيقولون أنهم يرغبون بالاستثمار بسبب غنى السوق. وإذا لم تثر اهتمامهم، فإنهم سيقولون أنهم لا يستطيعون الاستثمار بسبب بطء دورة المبيعات. ليس من الضروري أنهم يحاولون تضليلك. لا يكون لدى معظم المستثمرين ذهنية واضحة. لماذا يحبون أو يبغضون الشركات الناشئة. إذا كنت تبدو كمنتصر، فإنهم سيحبّون فكرتك أكثر. لكن لا تعتد بنفسك حيال هذا الضعف فيهم، لأنه موجود لديك أيضًا، هذا الأمر موجود تقريبًا لدى الجميع. هناك دور للأفكار بالطبع، إنها وقود النار التي تبدأ عندما يعجب المستثمرون بالمؤسسين. ما أن يحبك المستثمرون، ستجدهم يعطونك الأفكار: سيقولون " نعم، يمكنك القيام أيضًا بالشيء الفلاني" ( في حين إذا لم يحبوك، سيقولون لك " لكن ماذا بخصوص الشيء الفلاني؟".) لكن قاعدة إقناع المُستثمرين هي الظهور بمظهر الرائع "is to seem formidable"، لكن بحكم أن هذه الكلمة formidable لا يستخدمها كثير من الناس في حديثهم اليوم. يجب أن أشرح ما أقصد، الشخص الرائع هو ذلك الشخص الذي يبدو أنه سيحصل على ما يريده، بغضّ النظر عن المعوقات التي تعترض طريقه. الروعة هنا قريبة من الثقة، ما عدا أنه يمكن أن يكون شخص ما واثقاً من نفسه لكنه على خطأ. يمكن القول أن الروعة هي ثقة بالنفس لها ما يبررها. هناك عدد لا بأس به من الناس الذين يجيدون أن يظهروا كأنهم رائعين، بعضهم لأنهم بالفعل رائعين للغاية وكل ما يقومون به هو إبداء ذلك، والبعض الآخر لأنهم يُجيدون التّصنّع. . لكن معظم المؤسسين، بما فيهم الكثير ممن أطلقوا شركات ناشئة ناجحة، لم ينجحوا إلى حد كبير بأن يظهروا روعتهم في اللقاء الأول عندما حاولوا الحصول على التمويل. ما الذي يجب عليهم فعله؟ [4] ما لا يجب عليهم فعله هو محاولة تقليد تصرّف المؤسسين من أصحاب الخبرة. قد لا يجيد المستثمرون دائمًا الحكم على التقنية في شركتك، لكنهم دائمًا يجيدون الحكم على الثقة بالنفس. إذا حاولت التصرف بطريقة مختلفة عن طبيعتك، سينتهي بك المطاف إلى مكان مهجور. وهكذا ستنطلق من قاعدة الصدق، لكنك لن تصل محطّة الإقناع. الحقيقةإن الطريقة التي ستجعلك رائعًا بصفتك مؤسسًا مبتدئًا هي أن تلتزم الحقيقة. ليس من المؤكد لأي مدى تبدو رائعًا. إن الأمر يختلف بحسب ما تقوله. قد يبدو معظم الناس أنهم واثقين من أنفسهم عندما يقولون "واحد زائد واحد يساوي اثنان"، لأن ما يقولونه صحيح. إن الشخص الخجول قد يبدو محتارًا من أمره ومرتبكًا بعض الشيء عندما يقول للمستثمرين "واحد زائد واحد يساوي اثنان" وستكون ردة فعل المستثمرين التشكيك بقوله. إن القدرة السحرية التي يمتلكها الأشخاص الذين يبدون رائعين هي أنهم قادرون دائمًا أن يبدو رائعين بجملة واحدة "سنحقق مليار دولار سنويًا" ويمكنك أن تفعل الأمر نفسه، إن لم يكن مع تلك الجملة بالتحديد فمع بعض الجمل المثيرة للإعجاب، طالما أنت مقتنع بنفسك في المقام الأول. هذا هو السر، أقنع نفسك بأن شركتك تستحق الاستثمار فيها، وبعدها عندما تشرح ذلك للمستثمرين فإنهم سيصدقونك. ومن خلال إقناعك لنفسك، لا أقصد أن تلعب ألعاب العقل مع نفسك لتعزيز الثقة. أقصد أن تقيّم بصدق فيما إذا كانت شركتك تستحق الاستثمار فيها. إذا لم تكن كذلك لا تحاول أن تحصل على التمويل. [5] وإن كانت تستحق، ستقول الحقيقة عندما تخبر المستثمرين أنها تستحق الاستثمار فيها، وسيشعرون بذلك. ليس عليك أن تكون متحدثًا جيدًا إذا كنت تفهم شيئًا ما بشكل ممتاز وتقول الحقيقة عنه. من أجل تقييم فيما إذا كانت شركتك تستحق الاستثمار فيها أم لا، عليك أن تكون خبيرًا في مجالك. إذا لم تكن ذاك الخبير، فإنه رغم أنّك مُقتنع بفكرتك أيّما اقتناع، إلا أنّك ستبدو للمستثمرين مُجرّد نموذج عن تأثير داننغ-كروجر Dunning-Kruger effect** ويمكن للمستثمرين أن يعرفوا بسرعة إن كنت خبيرًا في مجالك من خلال إجادة إجابتك عن أسئلتهم. اعرف كل شيء عن سوقك. [6] لماذا يصرّ المؤسسون على محاولة إقناع المستثمرين بأشياء هم أنفسهم غير مقتنعين بها؟ ربما يعود سبب ذلك إلى أننا كلنا قد تدربنا على ذلك. عندما كان صديقاي روبرت موريس Robert Morris و تريفور بلاكويل Trevor Blackwell طلابًا في المدرسة، تلقى أحد زملائهم سؤالًا من مستشار هيئة التدريس لا يزال يُقتبس إلى غاية اليوم. عندما وصل الزميل إلى شريحة العرض الأخيرة صعقه الأستاذ بسؤاله: أي من هذه الخلاصات تريدنا حقاً أن نصدقها؟ إن إحدى طرق تنظيم المدارس التي عفا عليها الزمن هي أننا جميعًا تدربنا على أن نتحدث حتى عندما لا يكون لدينا شيء نتكلم عنه. إذا كان عليك كتابة عشرة صفحات، فإنك ستكتبها حتى لو كان بالإمكان التعبير عن فكرتك في صفحة واحدة فقط. حتى لو لم تكن لديك أفكار، عليك إنتاج شيء ما للحديث عنه. وهذه المشكلة تواجه الكثير من الشركات الناشئة التي تبحث عن تمويل واستثمار. عندما يعتقدون أنه حان الوقت للحصول على التمويل، فإنهم يحاولون ببسالة أن يحققوا أفضل حالة ممكنة لشركتهم. لا يتوقف معظمهم ويسأل نفسه إذا كان بالفعل ما يقوله مقنعًا، لأنهم جميعًا تدربوا على أن يتعاملوا مع الحاجة إلى الحديث كأمر مفروغ منه أكثر من أن معظم الحقيقة التي يجب قولها هي في الواقع صغيرة. إن الوقت المناسب للحصول على التمويل ليس عندما تحتاجه، أو عندما تصل إلى تاريخ معين أنت وضعته مثل يوم إطلاق النسخة التجريبية. بل الوقت المناسب للحصول على التمويل هو عندما تستطيع إقناع المستثمرين، وليس قبل ذلك [7]. ما لم تكن مخادعًا محترفًا، فإنك لن تتمكن من إقناع المستثمرين إذا لم تقنع نفسك. إن المستثمرين يتعرفون على الهراء أفضل بكثير من قدرتك على التفوه به. حتى إذا كان يصدر عنك بدون علم. إذا حاولت إقناع المستثمرين قبل أن تقنع نفسك، فإنك تضيع وقتك ووقتهم. توقف لبرهة لأجل إقناع نفسك، فإنك ستحقق أكثر من مجرد إنقاذ نفسك من إضاعة الوقت. فإن هذا الإقناع سيجبرك على أن تنظم أفكارك. من أجل أن تقنع نفسك بأن شركتك الناشئة تستحق الاستثمار فيها، عليك أن تدرك ما الذي يستحق الاستثمار. وإذا تمكنت من فعل هذا سينتهي بك الحال إلى رفع الثقة بنفسك. وأيضاً سيكون لديك خريطة طريق نحو النجاح. السوقلاحظ أنني كنت حذرًا في حديثي، حيث ركّزت على ما إذا كانت الشركة الناشئة أهلًا الاستثمار فيها، بدلًا من ما إذا كانت ستنجح أو لا. لا أحد يعرف إذا كانت الشركة ستنجح أم لا. وهذا أمر جيد للمستثمرين، لأنه إذا استطعت أن تعرف مسبقًا إذا كانت الشركة ستنجح، فإن سعر السهم سيكون نفسه السعر المستقبلي، ولن يكون هناك مجال للمستثمرين بأن يحققوا الأرباح. يعرف المستثمرون أن كل استثمار في الشركات الناشئة هو بمثابة رهان، وهو رهان ليس مضمونًا بالمّرّة. لذا من أجل إثبات أن شركتك النّاشئة أهل ليُستمثر فيها، ليس عليك أن تثبت أنك ستنجح، عليك فقط أن تبرهن أنك رهانٌ جيد. وما الذي يجعل الشركة الناشئة رهانٌا جيّدًا؟ بالإضافة إلى المؤسسين الرائعين، يجب أن يكون لديك مسار معقول من أجل الحصول على حصة كبيرة من سوق كبير. ينظر المؤسسون إلى شركاتهم الناشئة على أنّها أفكار، لكن يراها المستثمرون كأسواق. إذا كان هناك عدد س غير معلوم من الزبائن الذين سيدفعون وسطيًا ع دولار سنويًا للحصول على ما تقدمه. بالتالي فإن حجم السوق المستهدف لشركتك هو سx ع دولار. لا يتوقع المستثمرون أن يحصلوا على كل العوائد. لكن هذا الرقم هو الحد الأعلى لما يمكن تحقيقه. يجب أن يكون سوقك المستهدف كبيرًا، ويجب أن تكون قادرًا على تحقيق العوائد منه أيضًا. لكن لا يجب أن يكون السوق كبيرًا حاليًا، كما أنه ليس من الضروري أن تكون فيه حتى الآن. في الحقيقة من الأفضل غالبًا أن تبدأ في سوق صغير سيتحول لاحقًا إما إلى سوق كبير أو يمكنك الانتقال منه إلى آخر كبير. يجب أن يكون هناك تسلسل معقول من الآمال التي تقود إلى السيطرة على السوق الكبير بعد بضعة سنوات. ويختلف المقصود بـ "المعقول" بشكل كبير حسب عمر الشركة الناشئة. مثلًا على الشركة التي عمرها ثلاثة أشهر في يوم الإطلاق التجريبي Demo Day أن تكون تجربة واعدة تستحق التمويل لنرى كيف ستتغير. في حين أنه يجب على الشركة التي عمرها سنتان وتبحث عن الجولة الأولى من التمويل أن تكون قادرة على إظهار أن التجربة نجحت. [8] في المقابل، كل شركة أصبحت كبيرة هي "محظوظة" من ناحية أن النمو في أغلبه عائد إلى موجة خارجية تركبها. لذلك، ومن أجل أن تصبح حجتك مقنعة أكثر، عليك التعرّف على بعض الاتجاهات المحددة التي سوف تستفيد منها. يمكنك العثور عليها عادة من خلال طرح سؤال " لم الآن"؟ إذا كانت هذه فكرة عظيمة، لماذا لم ينفذها أحدهم من قبل؟ ستكون الإجابة في الحالة المثالية إنها أصبحت فكرة رائعة مؤخرًا، لأنه تغير شيء ما، ولم يلحظ أحد ذلك التغير بعد. على سبيل المثال لم تكن مايكروسوفت تنمو إلى حد كبير من خلال بيع مفسر لغة البيزيك***. لكن مع البدء من تلك النقطة كانت مستعدة تمامًا للتوسع في مجال برمجيات الحاسوب ومع تطور الحواسيب وتحسن قدراتها أصبحت الموجة الهائلة التي كانت أكبر مما كان بإمكان أي مراقب متفائل أن يتوقّعه في عام 1975. وفي حين أن مايكروسوفت أبلت بلاءً حسنًا وبالتالي كان من المُمكن أن نعتقد بأنها بدت رهانًا رائعًا في غضون أشهر قليلة من انطلاقها إلّا أنه من الأرجح أنها لم تبدو كذلك. كانت جيدة، لكن لم تكن رائعة. مهما كانت الشركة ناجحة لا تبدو أكثر من رهان جيد في غضون أشهر قليلة بعد انطلاقها. أتضح أن الحواسيب أصبحت شيئًا هامًا، و كان أداء مايكروسوفت جيّدًا وكانت محظوظة. لكنه لم يكن بأي حال من الأحوال واضحًا أنّ الأمور ستسير على ذاك المنوال. هناك الكثير من الشركات التي تبدو كرهان جيد في غضون أشهر قليلة. لا أعرف عن الشركات الناشئة بشكل عام، لكن على الأقل نصف الشركات التي قمنا بتمويلها كان يمكنها أن تنجح كما فعلت مايكروسوفت بوقوفها على مسار نحو السيطرة على سوق كبيرة. ومن يمكنه أن يتوقع بشكل معقول من الشركات الناشئة أكثر من ذلك؟ الرفضإذا كنت قادرًا على أن تجعل شركتك جيدة كمايكروسوفت، هل ستقنع المستثمرين؟ ليس دائمًا. رفض الكثير من المستثمرين المخاطرين تمويل مايكروسوفت[9]. وبالتأكيد رفض البعض تمويل جوجل. ويضعك الرفض في موقع لا تحسد عليه، لأنه ما أن تبدأ بالحصول على التمويل، فإن السؤال الأكثر طرحًا عليك من قبل المستثمرين سيكون " من يستثمر لديكم أيضاً؟ بماذا ستجيبهم إذا كنت تبحث عن التمويل من المستثمرين لمدة ولم يقدم أحد لك شيئاً بعد؟ [10] إن الأشخاص الناجحين بتمثيل دور الروعة غالبًا يحلّون هذه المشكلة من خلال الإيحاء للمستثمرين وإعطائهم انطباعًا أنه -بالرغم من عدم التزام أي مستثمر بالتمويل بعد- إلّا أن هناك العديد منهم على وشك الاستثمار. وهذه الطّريقة مثيرة للجدل. من أنانية المستثمرين أن يهتموا أكثر حيال من سيستثمر في الشركة أيضًا بدلًا من الأمور الأخرى الهامة في شركتك، وتضليلهم حول علاقتك الدائمة مع المستثمرين الآخرين قد يبدو أنه خطوة أخرى ضدهم. ويمكن القول أنه كالمخادع المحتال. لكن لا أوصّي باتباع هذه الطّريقة لأغلب المؤسسين لأنهم غير قادرين على القيام به بشكل جيّد. إنها الكذبة الوحيدة الأكثر شيوعًا التي قد تقولها للمستثمرين، وعليك أن تكون حقًا جيّدًا في الكذب لتكذب على أعضاء إحدى المهن الكذبة الأكثر شيوعاً التي استخدموها. إذا لم تكن ماهرًا في التّفاوض (وربما حتى لو كنت ماهرًا بالفعل) فإن الحل الأفضل لمعالجة المشكلة هو بمواجهتها، اشرح لماذا رفض المستثمرون تمويلك ولماذا هم مخطؤون في هذا. إذا عرفت أنك على المسار الصحيح، فأنت تعلم أيضًا لماذا كان المستثمرون مخطئين عندما رفضوا تمويلك. يدرك المستثمرون الخبراء جيّدًا أن الأفكار الأفضل هي الأكثر إخافة أيضًا. يعلم جميعهم عن شركات الاستثمار المخاطر التي رفضت جوجل. وبدلًا من الظهور بمظهر المراوغ والخجول حول رفض المستثمرين له (والاتفاق ضمنًا مع رأيهم هذا) عليك التكلم بصراحة حول ما الذي أخاف المستثمرين منك، ستبدو واثقًا من نفسك أكثر، وهو ما يفضّلونه، وبالتالي ستستعرض مختلف جوانب شركتك بشكل أفضل. وعلى أقل تقدير، فإن ذلك القلق سيكون مكشوفاً من طرفك بدلًا من أن يكتشفه المستثمر الذي تتحدث إليه بنفسه، والذي سيكون فخورًا باكتشافه هذا[11]. ستنجح هذه الإستراتيجية مع أفضل المستثمرين الذين يصعب خداعهم ويعتقدون مسبقًا أن المستثمرين الآخرين ذوي التفكير التقليدي محكوم عليهم بأن تفلت من أيديهم الاستثمارات الكبيرة. إن الحصول على التمويل مختلف عن التقدم إلى جامعة، حيث أنه يمكنك الافتراض بأنك إن استطعت الحصول على قبول من معهد ماساتشوستس للتقنية MIT، يمكن حينها لأي جامعة أخرى أن تقبلك. لأن أفضل المستثمرين أذكى من البقية، فإن أفضل أفكار الشركات الناشئة تبدو مبدئيًا كالأفكار السّيئة. من المألوف أن يتم رفض الشركات الناشئة من قبل كل شركات الاستثمار المخاطر ما عدا الجيدة منها. وهذا ما حصل مع دروب بوكس. بدأت حاضنة Y Combinator في بوسطن، وخلال السنوات الثلاث الأولى كنا نعمل بالتناوب ما بين بوسطن ووادي السيليكون. لأن المستثمرين في بوسطن كان عددهم قليل وخجولين، كنا نأخذ الشركات المحتضنة في بوسطن ليوم الإطلاق التجريبي الثاني من وادي السيليكون. وكانت شركة دروب بوكس إحدى الشركات المحتضنة في بوسطن، ما يعني أن كل المستثمرين من بوسطن شاهدوا دروب بوكس، لكن لم يعقد أي منهم الصفقة. اعتقد الجميع أنها مجرد خدمة أخرى للنسخ الاحتياطي والمزامنة. وبعد بضعة أسابيع حصلت دروب بوكس على جولة التمويل الأولى من Sequoia [12] الاختلافإن عدم فهم أن المستثمرين ينظرون للاستثمارات كرهانات وإضافة ذلك إلى عقلية الأوراق العشرة – سالفة الذكر - يمنع المؤسسين حتى من التفكير في احتمالية أن يكونوا متأكدين في كلامهم. يعتقد المؤسسون أنهم يحاولون إقناع المستثمرين بشيء غير مؤكد على الإطلاق - أن شركتهم الناشئة ستصبح ضخمة - وإقناع أي شخص بشيء ما كهذا لابد وأن يتلاقى مع جذور فن البيع. لكن في الحقيقة عندما تحصل على التمويل فإنك تحاول إقناع المستثمرين بشيء أقل من المضاربة حتى - سواء أكانت الشركة تملك كل عناصر الرهان الجيد أم لا - يمكنك مقاربة المشكلة بطريقة مختلفة نوعيًا. يمكنك إقناع نفسك من ثم إقناع الآخرين. وعندما تقنعهم، استخدم نفس اللغة التي استخدمتها في إقناع نفسك. ابتعد عن الغموض والكلام التسويقي المفخم. فهذا لن يفشل معهم فحسب، بل يبدو أيضًا كعلامة عن العجز وعدم الأهلية. فقط كن مختصرًا. وبصراحة يستخدم العديد من المستثمرين هذا الأمر كاختبار، وبالتالي استنتاج إذا لم تكن قادرًا على شرح خططك باختصار، فأنت لا تفهمها. وحتى بعض المستثمرين الذين ليس لديهم قاعدة حيال هذا فإنهم سيعبّرون عن شعورهم بالملل والإحباط لقاء التفسيرات غير الواضحة. [13] لذا إليك وصفة إثارة إعجاب المستثمرين عندما لا تبدو بمظهر الرائع. اصنع شيئًا يستحق الاستثمار فيه. افهم لم يستحق الاستثمار فيه. اشرح ذلك بوضوح للمستثمرين إذا كنت تقول شيئًا تعرف أنه صحيح، ستبدو واثقًا من نفسك عندما تقوله. والعكس بالعكس، لا تدع إلقاء الخطاب يودي بك للتفوه بالكلام الفارغ. طالما أنت في منطقة الحقيقة، فأنت قوي. اصنع من الحقيقة شيئًا جيدً، ومن ثم تحدّث عنه. الهوامش[1] لا داعي لأن تعتقد أن هذا الرقم ثابت. في الحقيقة إن هدفنا الصريح في حاضنة Y Combinator أن نرفعه أكثر من خلال تشجيع الناس على بدء شركاتهم الناشئة والذين لولا هذا التشجيع لما بدؤوا. [2] بدقة أكبر، يقرر المستثمرون سواء أكنت خاسرًا أو ناجحًا مُحتملًا. إذا كنت تبدو كمنتصر، فإنهم حينها قد يعتمدون على المقدار اللازم من التمويل، وأيضًا يقومون ببضعة اجتماعات إضافية معك لاختبار ما إذا كان الانطباع الأولي عنك صحيحًا أم لا. لكن إن ظهرت كخاسر فقد انتهى أمرك، على الأقل للسنة التالية. وعندما يقررون بأنك خاسر فإنهم عادة ما يقررون ذلك في أقل من خمسين دقيقة من الاجتماع الأول. وهذا ما يفسر القصص المدهشة التي نسمعها عن غفلة المستثمرين المخاطرين. كيف يمكن لهؤلاء أن يتخذوا قرارات استثمارية جيدة عندما يتفقدون الرسائل النصية الواردة إليهم أثناء العرض التقديمي للشركات الناشئة؟. إن حل هذه المعضلة يكون باتخاذ القرار مسبقًا. [3] كلاهما غير متعارض. هناك بعض الناس الرائعين بالفعل، وأيضًا يجيدون تمثيل هذا الدور. [4] كيف يمكن للأشخاص الذين سيؤسسون شركات عملاقة أن لا يظهروا بمظهر الرائع مبكرًا؟ أعتقد أن السبب الرئيسي يعود إلى خبرتهم التي دربتهم على إبقاء أجنحتهم مطوية إذا جاز التعبير. تشجّع العائلة والمدرسة والوظائف على التعاون لا الخضوع. حتى أن جنكيز خان كان متعاونًا بنسبة 99% على الأرجح. لكن النتيجة هي أن معظم الناس الذين يخرجون من قيود نشأتهم في بدايات العشرينيات ينطبعون بقيود التربية. يكتشف البعض أن لديهم أجنحة ثم يبدؤون بتحريكها. لكن يستغرق هذا الأمر بضعة سنوات. لا يعرفون في البداية حتّى ما يمكنهم فعله بها . [5] في الواقع، قم بتغيير ما تفعله. أنت تستثمر وقتك في شركتك الناشئة. إذا لم تكن مقتنعًا بأن ما تفعله رهان جيد وكفؤ، لماذا تعمل عليه بالأصل؟ [6] عندما يسألك المستثمرون سؤالًا لا تعرف الإجابة عنه، يكون أفضل رد حينها ليس الخداع ولا الاستسلام، بل شرح كيف ستتمكن من معرفة الإجابة عن السؤال. إذا تمكنت من تقديم إجابة أولية عن ذلك السؤال، فهذا أفضل، لكن اشرح لهم ما الذي تقوم به. [7] نحاول في حاضنة Y Combinator أن نتأكد أن الشركات الناشئة جاهزة للحصول على التمويل في يوم الإطلاق التجريبي من خلال تشجيعهم على تجاهل المستثمرين والتركيز بدلًا عن ذلك على شركاتهم حتى الأسبوع السابق لهذا اليوم. وبهذه الطريقة تصل معظم الشركات إلى تلك المرحلة ولديها قناعة كافية قبل يوم الإطلاق التجريبي. لكن لا تفعل ذلك كل الشركات بالتالي نعطي أي شركة ناشئة الخيار بأن تؤجل الحصول على التمويل إلى ما بعد يوم الإطلاق التجريبي. [8] غالباً ما يتفاجأ المؤسسون بمدى صعوبة الحصول على التمويل في الجولة الثانية. هناك اختلافات نوعية في مواقف المستثمرين. الأمر أشبه بالاختلاف ما بين الحكم عليك عندما تكون طفلًا و بالغًا. وفي المرة التالية التي تطلب فيها تمويلًا، لا يكفي أن تقدم الوعود، بل عليك إعطاء النتائج. على الرغم من أن عرض رسوم بيانية عن النمو ينجح في أي مرحلة، إلا أن المستثمرين يتعاملون معها بشكل مختلف. خلال فترة ثلاث أشهر، يكون الرسم البياني الخاص بالنمو دليلًا على أن المؤسسين فعالين في عملهم. لكن مع فترة عامين يكون دليلًا على أن السوق واعدة وتعمل الشركة على استغلالها. [9] أعني بهذا إذا كان يوم العرض مشابه لحالة شركة مايكروسوفت عندما كان عمرها ثلاثة أشهر في يوم الإطلاق التجريبي، سيكون هناك مستثمرين يرفضونهم. لم تطلب مايكروسوفت تمويلًا من الخارج، وفي الحقيقة إن مجال الاستثمار المخاطر بالكاد كان موجودًا عندما تأسست عام 1975. [10] نادرًا ما يهتم أفضل المستثمرون بمن سيستثمر لديك أيضًا، لكن في معظم الأحيان يهتم بذلك المستثمرون متوسطو الخبرة. لذا يمكنك استخدام هذا السؤال كاختبار لجودة المستثمر. [11] من أجل استخدام هذا الأسلوب، عليك التعرّف أولًا على السبب الذي يجعل المستثمرين يرفضونك، أو على الأقل ما الذي يدّعون بأنه سبب الرفض. قد يتطلب الأمر منك سؤالهم عن ذلك لأن المستثمرين لا يتطوعون دائمًا بتقديم الكثير من التفاصيل. كن واضحًا عندما تسألهم عن التفاصيل بأنك لا تحاول أن تثنيهم عن قرارهم - وكأنك تقول أن لديهم نقاط ضعف في خططهم. يجب أن تعرف أنك لن تحصل دائمًا على السبب الحقيقي الذي دفعهم لرفضك، لكن عليك المحاولة على الأقل. [12] لم يرفض دروب بوكس من قبل كل شركات الاستثمار المخاطر في الساحل الشرقي. كانت هناك شركة تريد الاستثمار فيه لكنها حاولت التقليل من شأنه. [13] أشار ألفريد لين**** Alfred Lin أن هناك أهمية مضاعفة لشرح أن تكون الشركة الناشئة واضحة ومختصرة، لأنه عليها تحقيق أمرين بضربة واحدة: العمل ليس مع الشريك الذي تتحدث معه، بل أيضًا مع الشركاء الذين سيخبرون زملائهم. ونعمل في حاضنة Y Combinator على هذا الأمر عندما يجهز المؤسس خطابه الذي سيقوله للمستثمرين في يوم الإطلاق التجريبي، وتكون الخطوة الأخيرة أن يتخيل المؤسس كيف سيقوم المستثمر ببيع الشركة إلى زملائه أيضًا. * المستثمر الملاك Angel Investor: هو شخص ثري يقدم رأس المال للشركات الناشئة غالباً مقابل سندات قابلة للتحويل أو حصص في المشروع. "ويكيبيديا" ** تأثير دانينغ-كروجر: هو انحياز معرفي يشير إلى ميل الأشخاص غير المؤهلين للمبالغة في تقدير مهاراتهم بسبب عدم قدرتهم على التنافس و المعرفة و التفريق بين الشخص الكفء وغير الكفء أو يعانون من وهم التفوق. (ويكيبيديا) *** المفسر : برنامج حاسوبي يقوم بتشغيل النصوص البرمجية المكتوبة بلغة مفسرة. حيث يقوم المفسر بتنفيذها سطرا سطرا مباشرة. (ويكيبيديا) **** مستثمر مخاطر أمريكي لدى شركة Sequoia عمل سابقاً كمدير للعمليات ومدير مالي ورئيس مجلس إدارة في Zappos ترجمة -وبتصرّف- للمقال: How to Convince Investors لصاحبه Paul Graham (بول جراهام) مُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اطّلع على باقي مقالات بول جراهام المترجمة إلى العربية
  6. هذا المقال مقتبس من محاضرة زائر ألقيت في مادة الشركات الناشئة لـ سام ألتمان Sam Altman في جامعة ستانفورد. المقال مخصص لطلاب الجامعة، لكن جزء كبير منه قابل للتطبيق على المؤسسين المحتملين في أعمار أخرى. إن أحد فوائد أن يكون لديك أطفال هو عندما تسدي النصيحة، فإنك تسأل نفسك "ما الذي كنت سأخبر أطفالي ؟". أطفالي صغار، لك يمكنني أن أتخيل ما كنت لأخبرهم به حول الشركات الناشئة إذا كانوا طلابًا جامعيين، وهذا ما سأخبرك به. الشركات الناشئة شيء أبعد ما يكون عن البداهة counterintuitive. لست متأكدًا تمامًا سبب كون الأمر على هذا النّحو. قد يكون بسبب أن المعرفة المُتعلّقة بالشّركات الناشئة لم تتسرّب بعد إلى ثقافتنا. لكن بغضّ النظر عن السبب، إن إطلاق شركة ناشئة مَهمّة لا يمكنك الوثوق بحدسك فيها. الأمر أشبه بالتزلج، عندما تحاول التزلج للمرة الأولى وترغب بإبطاء سرعتك، فإن حدسك يخبرك بأن ترجع ظهرك للخلف. لكن إذا فعلت ذلك فإنك ستفقد السيطرة على نفسك وتسقط. لهذا فإن جزءًا من عملية تعلم التزلج هو قمع هذا الحدس. بالتالي يصبح لديك موهبة جديدة، لكن في المرات الأولى فإنها تتطلب منك بعض الجهد وتذكر قائمة بالأشياء التي يجب القيام بها أثناء التزلج نحو الأسفل. والشركات الناشئة هي أمر غير طبيعي مثلما هو عليه الحال مع التّزلّج. لذا هناك قائمة مشابهة من الأشياء التي يجب عليك القيام بها مع الشركات النّاشئة أيضًا وسأحاول هنا أن أقدم لك الجزء الأول منها إذا أردت أن تهيئ نفسك لبدء شركتك الناشئة. منافاة البداهة Counterintuitiveإن العنصر الأول ضمن القائمة هو ما ذكرته آنفًا: الشركات الناشئة غريبة وليس طبيعة بشكل إذا وثقت بحدسك، فإنك سترتكب العديد من الأخطاء. إذا كنت لا تعرف عن الشّركات الناشئة سوى هذا الأمر فإنك على الأقل ستتوقف قبل ارتكاب الأخطاء. عندما كنت أدير حاضنة Y Combinator، اعتدت أن أطلق نكتة على أن مهمتنا هي إخبار المؤسسين بالأشياء التي يجب عليهم تجاهلها. وهذه هي الحقيقة. مع مرور الشركات الناشئة على الحاضنة، فإن شركاءنا كانوا يُحذّرون المؤسسين من الأخطاء التي سوف يرتكبوها وكان المؤسسون يتجاهلون كلام الشركاء، وبعد سنة يعودون نادمين ويقولون "نتمنى لو أننا استمعنا لما قلتموه". لماذا تجاهل المؤسسون نصيحة الشركاء؟ حسنًا، هذا هو مفهوم منافاة البداهة. إن الشركاء يعارضون حدسك، ويبدو لك أنهم مخطؤون، لهذا يكون الدافع الأول لديك أن تتجاهلهم. وفي الواقع فإن مُحتوى تلك النُكتة ليست لعنة على الحاضنة بل جزءًا من سبب وجودها. إذا كان حدس المؤسسين صحيحًا وأعطاهم الإجابة الصائبة، فلن يحتاجوا إلينا. حيث أنك تحتاج النصيحة من الآخرين عندما تفاجئك. ولهذا نجد الكثير من مُدرّبي التّزلّج لكن أعداد المُدرّبين تقل لما يتعلّق الأمر بالرّكض [1]. على أي حال، يمكنك الوثوق بحدسك حيال الأشخاص، وفي الواقع فإن واحدًا من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المؤسسون الشباب أنهم لا يثقون بحدسهم لما يتعلّق الأمر بالأشخاص. يتواصل المؤسسون مع الأشخاص الذين يبدو أنهم مثيرون للإعجاب، لكنهم غير مرتاحين لهم شخصيًا وعندما تسوء الأمور لاحقًا يقولون "كنت أعرف أن هناك شيئًا ما غير مريح حوله، لكن تجاهلته لأنه كان مثيرًا للإعجاب". إذا كنت تفكر بالتعامل مع أحدهم وتعيينه كشريك مؤسس أو موظف أو مستثمر أو مُستحوذ على شركتك، ولديك شكوك وعدم ارتياح اتّجاهه، فيجب عليك أن تثق بحدسك. إذا شعرت بأنه مخادع، كذاب، مغفل، لا تتجاهل هذا الشعور. اعمل مع الأشخاص الذين تعرفهم جيدًا ولمدة طويلة وأصبحت متأكّدًا منهم. الخبرةإن الشيء غير البديهي الثاني هو أنه من غير الضروري أن تعرف الكثير حول الشركات الناشئة. إن الطريق نحو النجاح في الشركات الناشئة لا يشترط أن تكون خبيرًا في الشركات الناشئة، بل خبيرًا في المستخدمين والمشاكل التي سوف تحلها لهم. لم ينجح مارك زوكربيرغ لأنه كان خبيرًا بالشركات الناشئة، لقد نجح على الرغم من أنه كان جاهلًا تمامًا بالشركات الناشئة، لقد نجح لأنه فهم مستخدميه جيدًا. إذا لم تعرف أي شيء عن مواضيع مثل الحصول على التمويل، لا تشعر بالسوء. هذا الأمر من الأشياء التي يمكنك أن تتعلمها عندما تحتاج إليها، وتنساها بعد أن تفرغ منها. في الحقيقة، ما يقلقني هو أنه ليس فقط من غير الضروري أن تتعلم كل التفاصيل حول آليات تأسيس وعمل الشركات الناشئة، بل من المحتمل أيضًا أن يكون تعلّم ذلك خطرًا. إذا قابلت طالبًا جامعيًا يعرف كل شيء عن السندات القابلة للتحويل و اتفاقيات التوظيف و ( لا سمح الله ) الأسهم من فئة FF*، لن أفكّر به على أنه شخص متفوق على أقرانه، بل سأبدأ بالحذر منه. لأنه من الأخطاء الشخصية الأخرى التي يرتكبها المؤسّسون الشباب هي القيام بما تقوم به الشركات الناشئة. إنهم يقترحون أفكارًا تبدو جيّدة مثل الحصول على التمويل عندما تكون قيمة الشركة مرتفعة، استئجار مكاتب كبيرة، توظيف عدد من الأشخاص. قد يبدو هذا ظاهريًا ما تفعله الشركات الناشئة. لكن الخطوة التالية لاستئجار مكتب كبير وتوظيف عدد من الأشخاص هي: الإدراك التدريجي للحالة المزرية التي هو فيها. لأنه أثناء تقليد جميع المظاهر التي تقوم بها الشركات الناشئة، أهملوا الشيء الوحيد الضروري والذي يجب فعله: بناء شيء يريده الناس. اللعبةرأينا هذا الأمر يحدث مرارًا وتكرارًا لدرجة أننا أطلقنا عليه اسم: playing house. ولاحقًا عرفت سبب تكرار حدوثه. إن السبب الذي يدفع المؤسسين الشباب لأن يقوموا بمثل هذه الأشياء أثناء تأسيسهم الشركات الناشئة، هو أنهم تدربوا على هذا الأمر طوال حياتهم حتى لحظة بدء إطلاقهم لشركة. على سبيل المثال فكّر بماذا ستفعل إذا أردت الدراسة في الجامعة، بالطبع الأنشطة اللامنهجية**، حتى في الدروس الجامعية، فإن معظم العمل الذي يقوم به الطلاب هو اصطناعي. وأنا هنا لا أهاجم النظام التعليمي لأنه مبني على هذه الطريقة. دائمًا سيكون هناك حد معين من التزييف في العمل الذي تقوم به من أجل أن تتعلم شيئًا ما. أعترف أني قمت بهذا الأمر شخصيًا في الجامعة. رأيت أنه في الكثير من المواد هناك فقط 20 أو 30 فكرة التي كانت تملك الشكل المُناسب لبناء سؤال امتحان جيد. ولم تكن الطريقة التي درست بها تلك المواد من أجل الامتحان للتمكّن من المعلومات التي تعلمتها منها، بل من أجل إنشاء قائمة بأسئلة محتملة للامتحان والإجابة عنها مسبقًا، وعندما أصل إلى للامتحان النهائي، كان الشعور الوحيد الذي يساورني هو الفضول حول أي من أسئلتي ستكون ضمن الامتحان. كان الأمر أشبه بلعبة. لست متفاجئًا بعد هذا التدريب الطويل لكامل حياتهم لمثل هذه الألعاب، أن يكون الدافع الأول للمؤسسين الشباب عند بدء إطلاق شركاتهم الناشئة هو محاولة ابتكار الخدع والتحايل من أجل الفوز في هذه اللعبة الجديدة. وطالما أن الحصول على التمويل يبدو كمقياس نجاح للشركات الناشئة (خطأ تقليدي آخر للمُؤسسين الشباب)، فإن أولئك المؤسسين يرغبون دائمًا بمعرفة الخدع التي تؤدي لإقناع المستثمرين. نخبرهم بأن أفضل طريقة لإقناع المستثمرين هي إنشاء شركة ناشئة تبلي بلاءً حسنًا، بمعنى أنها تنمو بسرعة، وبعدها فقط عليكم إخبار المستثمرين بهذا الأمر. وبعدها يرغبون بمعرفة الخدع التي تجعل شركاتهم تنمو بسرعة. وهنا نقول لهم أن أفضل طريقة للنمو بسرعة هي ببساطة بناء شيء يريده الناس. لذا فإن العديد من المحادثات التي يجريها شركاء حاضنة Y Combinator مع المؤسّسين الشباب تبدأ بسؤال المؤسس " كيف نقوم بـ .. " ويجيبه الشريك " فقط افعل .. ". لماذا يعقّد المؤسّسون الأمور دائمًا؟ برأيي يعود السبب إلى أنهم يبحثون عن خدعة ما. وهذا هو الشيء المُنافي للبداهة الثالث الذي ينبغي عليك تذكره حول الشركات الناشئة: إن تأسيس شركة ناشئة لا ينفع معه التلاعب على النظام. قد ينجح معك هذا التلاعب إذا عملت لدى شركة كبيرة. وبالاعتماد على مدى سوء حالة الشركة، يمكنك أن تنجح من خلال تملق الأشخاص المناسبين، الإيحاء وإعطاء الانطباع بالإنتاجية، وهلم جرًا [2]. لكن الأمر لا يسير على هذه الطريقة مع الشركات الناشئة. ليس هناك مديرٌ لتخدعه، هناك فقط مستخدمون، وهؤلاء همّهم الوحيد هو إن كان منتجك يؤدي الغرض المطلوب منه أم لا. وتكمن الخطورة في أن الخداع والتزييف ينجح مع المستثمرين إلى حد ما. إذا كنت مُمثّلًا بارعًا بالحديث بطريقة تنم عن أنك تعرف جيدًا ما الذي تتحدث عنه، يمكنك خداع المستثمرين لجولة وربما جولتين من التمويل. لكن الأمر ليس دائمًا في صالحك أن تقوم به على هذه الطريقة. فالشركة ستفشل في النهاية وكل ما تفعله هو إضاعة وقتك والتوجه بها نحو الهاوية. لذا توقف عن البحث عن خدعة ما، هناك خدع في الشركات الناشئة كما في أي مجال آخر. لكنها أقل أهمية من حل المشاكل الحقيقية. إن المؤسس الذي لا يعرف شيئًا عن الحصول على التمويل لكن لديه منتج يحبه المستخدمين، هذا سيسهل عليه مهمة جمع التمويل مقارنة بذلك الذي يعرف كل الخدع لكن منتجه لا يثير اهتمام المستخدمين. والأهم من هذا أن المؤسس الذي صنع شيئًا يحبه المستخدمون هو نفسه الذي سيستمر لينجح بعد أن حصل على التمويل. على الرغم من أنك فقدت واحدًا من أسلحتك القوية، لكن أعتقد أنه من المثير للاهتمام أن التلاعب على النظام لا ينجح عندما تبدأ بتأسيس شركة ناشئة. من الجيد أنه لا زال هناك مكان ما في هذا العالم حيث يمكنك أن تنجح عبر القيام بالشيء الصحيح. تخيل لأي حد سيكون العالم مُحبطًا إذا كان مثل المدارس والشركات الكبيرة، حيث عليك إما قضاء معظم وقتك على أشياء تافهة أو تخسر أمام الأشخاص الذين يفعلونها. [3] سأكون في منتهى السعادة لو عرفت أيام الجامعة أن هناك مكانًا ما في العالم الحقيقي حيث التلاعب على النظام ينال أهمية أقل من الأماكن الأخرى، وبعض الأماكن التي بالكاد يكون هناك أهمية لهذا التلاعب. هذا التنوع هو واحد من أكثر الأشياء أهمية للأخذ بها بعين الاعتبار عندما تفكر حول مستقبلك. كيف تفوز في كل نوع من الأعمال؟ وما الذي تريد النجاح به؟ [4]. الاستنزافهذا يقودنا إلى النقطة الرابعة المُنافية للبداهة: الشركات الناشئة تستنزفك، إذا أسست شركة ناشئة فإنها ستسيطر على حياتك لدرجة لا يمكنك تخيّلها. وإذا نجحت شركتك الناشئة، فإنها ستسيطر على حياتك لفترة أطول: على الأقل لعدة سنوات، قد يكون لعقد من الزمن، وربما لباقي حياتك العملية. لذا هنا تكلفة فرصة بديلة*** حقيقية. قد يبدو أن لاري بيج يعيش حياة رائعة، لكن هناك نواح عديدة في حياته تجعلها مزرية. منذ أن كان عمره 25 عامًا بدأ في الرّكض بأسرع ما يمكنه وبالنسبة إليه يبدو أنه لم يتوقف لالتقاط أنفاسه بعد. تحدث أشياء سيئة يوميًا في امبراطورية جوجل والتي يمكن فقط للمدير التنفيذي أن يتعامل معها، وعليه كمدير تنفيذي أن يتعامل معها. فلو ذهب في إجازة لفترة أسبوع، فإنه يتراكم عليه أسبوع كامل من المشاكل وعليه التعامل معها بدون أن ينبس ببنت شفة. ولأنه الرأس الأكبر في الشركة فإنه لا يمكنه إظهار الخوف أو الضعف، وأيضًا لأنه لا أحد يتعاطف مع أصحاب المليارات إذا تحدثوا عن المصاعب التي تواجههم في حياتهم. من الآثار الجانبية الغريبة حول صعوبة كونك مؤسسًا لشركة ناشئة ناجحة كون هذه الصعوبات لا يراها أحد باستثناء أولئك المؤسسين الذين فعلوها هم أيضًا. موّلت حاضنة Y Combinator العديد من الشركات التي يمكن اعتبارها نجاحات كبيرة. وفي كل واحدة من تلك الشركات يكرّر المؤسسون نفس العبارات. إن الأمر لن يصبح سهلًا على الإطلاق. إن طبيعة المشاكل تتغير. فأنت تقلق حول التأخير في أعمال البناء والتأسيس في مكتب الشركة بلندن بدلاً من تعطل مكيف الهواء في شقتك الصغيرة. ولا يتناقص أبدًا العدد الإجمالي لحالات القلق بل تزداد دائمًا. إن تأسيس شركة ناشئة ناجحة يشبه أن يكون لديك أطفالًا، وكأنّه زر تضغط عليه وتتغير حياتك بلا رجعة. وفي حين أنه من الرائع أن يكون عندك أطفال، فإن هناك الكثير من الأشياء التي من الأسهل القيام بها قبل أن يولدوا. والعديد من تلك الأشياء سيحولك إلى أب أفضل عندما يصبح عندك أطفال لاحقاً. وطالما أنه بمقدورنا تأخير الضغط على الزر لبرهة، فإن معظم الناس في الدول الغنية يفعلون ذلك. وعندما يتعلق الأمر بالشركات الناشئة، يظن الكثير من الناس بأنه ينبغي عليهم إطلاق شركاتهم الناشئة عندما يكونون في الجامعة. هل أنت مجنون؟ وما الذي تفكر فيه الجامعة؟ بالرّغم من أنّها تعمل كل ما في وسعها لتضمن بأن طلبتها مجهّزون بوسائل منع الحمل، إلا أنها تسعى إلى إطلاق برامج ريادة الأعمال وحاضنات الشركات الناشئة هنا وهناك. لأكون منصفًا، هناك قيود مفروضة على الجامعات حيث يأتيها الكثير من الطلاب المهتمين بالشركات الناشئة. وعلى الجامعات على الأقل أن تُحضّرهم لهذا الأمر . لذا يأمل الطالب الذي يريد أن يطلق شركة ناشئة من الجامعات أن تعلمه كيفية القيام بذلك. وسواء أكانت الجامعات قادرة على فعل هذا أم لا، فإن الضغوط التي عليها تدفعها على الأقل للادعاء بأنها قادرة على فعل ذلك، خشية أن تخسر الطلاب الذين سيتجهون إلى جامعات أخرى قادرة على تعليمهم هل يمكن للجامعات أن تُدرّس الطلاب الشركات الناشئة؟ الأمر يحتمل الوجهين. يمكنها تعليم الطلاب حول الشركات الناشئة، لكن كما شرحت سابقًا أن هذه ليست الطريقة المناسبة والصحيحة التي يجب أن تتعلم بها. ما يجب أن تتعلمه هو حاجات المستخدمين، ولا يمكنك تعلم هذا قبل أن تبدأ شركتك فعلًا.[5] إذاً إن تأسيس الشركات الناشئة جوهرياً هي شيء يمكنك فقط التعلم عنه من خلال البدء به. ومن المستحيل أن تتعلم ذلك في الجامعة، لنفس السبب الذي شرحته قبل قليل: تستحوذ الشركة الناشئة على حياتك، لا يمكنك أن تطلق شركتك كطالب تتعلم عن الموضوع، لأنه ما إن تطلقها فإنك لن تُصبح طالبًا. قد تكون طالبًا بشكل ظاهري فقط لفترة قصيرة من الزمن، ولن يدوم هذا الأمر طويلاً. [6] وفي هذه الحالة، أيّ المسارين يجب أن تسلك؟ أن تكون طالبًا حقيقيًا وتتخلى عن فكرة إطلاق شركة ناشئة؟ أو أن تؤسس شركتك وأن لا تكون طالبًا؟ يمكنني الإجابة بدلًا عنك. لا تؤسس شركتك ناشئة وأنت في الجامعة. إن كيفية إطلاق شركة ناشئة ليست سوى جزء من مشكلة أكبر تعمل على حلها: كيف تحظى بحياة سعيدة. وبالرّغم من أن إطلاق شركة ناشئة قد يكون جزءًا من الطريق نحو الوصول للحياة السعيدة، إلا أنه لمّا تكون في سن العشرين ليس الوقت المثالي لإطلاق شركتك الخاصة. إن تأسيس الشركات الناشئة أشبه بالبحث المعمق السريع fast depth-first search (طريقة بحث في بنية البيانات المعروفة بالشجرات الثنائية) يجب على معظم الناس أن يبحثوا بشكل عرضي (breadth-first) في عمر العشرين. يمكنك القيام بأشياء عند مطلع العشرينيات من عمرك، لا يمكنك القيام بها قبل أو بعد هذا العمر. كالتعمق في مشاريع ترضي نزواتك أو السفر بتكلفة مُنخفضة من دون القلق حول مواعيد العودة. وبالنسبة للأشخاص غير الطموحين، هذا النوع من الأشياء هو لعنة " فشل الإطلاق والتأسيس"، في حين يمكن أن يعتبر استكشافًا لا يقدر بثمن للأشخاص الطموحين. إذا أطلقت شركتك الناشئة عند عمر 20 سنة وكنت ناجحًا للغاية في حياتك، فلن تحصل على فرصة تأسيس شركتك.[7] لن يكون بمقدور مارك زوكربيرغ التسكّع في دول أخرى، يمكنه القيام بأشياء أخرى لا يستطيع فعلها غيره، كاستئجار طائرة تحلق به إلى دول أجنبية. إلا أن النجاح منعه من القيام بالكثير من الأمور التي كان بإمكانه القيام بها. إن فيس بوك تُديره بقدر ما يدير هو فيس بوك. وعلى الرغم من أنه من المُثير للإعجاب العمل على مشروع تعتبره عمل حياتك، فإن هناك امتيازات للصدفة أيضًا، خاصة في السنوات الأولى من حياتك. ومن بين العديد من الأشياء فإنها تمنحك المزيد من الخيارات لتختار عمل حياتك منها. وليس هناك أية تنازلات هنا، فأنت لا تضحي بأي شيء مقابل تخليك عن فكرة إطلاق شركتك عند عمر 20 سنة، لأنك على الأرجح ستنجح لو انتظرت. ومن الحالات النادرة أن يكون عمرك 20 سنة وينجح أحد مشاريعك الثانوية كما حصل مع فيس بوك. سوف تواجه الخيار في متابعة الشركة وإدارتها أم لا، وحينها سيكون من المعقول والمنطقي أن تتابع إدارة الشركة وإطلاقها. إلا أنه في الحالات العادية لإطلاق الشركات الناشئة أن المؤسسين يقومون بأشياء لإنجاحها، ومن الغباء أن تفعل ذلك في سن العشرين. المحاولةهل يجب عليك أن تطلق شركتك في أي عمر كان؟ أعلم أني أظهرت الشركات الناشئة بمظهر المهمّة الصّعبة للغاية. وإن لم أوفق في هذا، دعني أحاول مجددًا: إن تأسيس الشركات الناشئة أمر صعب للغاية. وماذا لو كان الأمر صعبًا جدًا؟ كيف يمكنك أن تعرف إن كنت على قدر هذا التحدّي؟ يكمن الجواب في النقطة الخامسة المُنافية للبداهة: لا يمكنك أن تعرف. لقد أعطتك حياتك حتى الآن بعض الأفكار عما يمكن أن تتخيله إن حاولت أن تصبح عالم رياضيات، أو لاعب كرة قدم محترف. لكن ما لم تكن لديك حياة غريبة للغاية فإنك لم تفعل الكثير مما يمكن أن يشبه حياة مؤسس الشركة الناشئة. إن إطلاق الشركات الناشئة سوف يغيرك كثيرًا. لذا فإن ما تحاول تقديره ليس ما أنت عليه الآن، بل ما يمكن أن تمر فيه، ومن يمكنه القيام بذلك؟. كان عملي طوال السنوات التسعة الماضية هو التنبؤ فيما إذا كان لدى الأشخاص ما يتطلبه إطلاق شركة ناشئة ناجحة. كان من السهل أن تعرف مدى ذكائهم (وإن كنت تقرأ هذا المقال فمن المُحتمل جدّا أنك ذكّي أيضًا)، لكن تكمن الصعوبة في معرفة مستوى الطموح والقدرة على تحمل المصاعب التي سيصلون إليها. قد لا يكون هناك أي شخص لديه خبرة أكبر في محاولة التنبؤ بهذا، لذا يمكنني أن أخبرك عن المقدار الذي يمكن أن يعرف الخبير عن ذلك، والإجابة هي: ليس الكثير. تعلمت أن أكون منفتحًا للغاية حيال أي من الشركات الناشئة في كل دفعة احتضان ستكون من الشركات الناجحة. يعتقد المؤسسون أحيانًا أنهم يعرفون. يساور بعضهم الشعور بأنهم سيتفوقون في حاضنة Y Combinator كما تفوقوا على الجميع في كل الاختبارات ( السهلة، الافتراضية، القليلة) التي واجهوها في حياتهم حتى الآن. في حين يقلق بعض المؤسسين حول الطريقة التي أوصلتهم إلى الحاضنة على أمل أن لا تكتشف أي خطأ ارتكبناه لمّا قبلناهم. لكن هناك علاقة ارتباط ضعيفة ما بين مواقف المؤسّسين الأولية وأداء شركاتهم لاحقًا. لقد قرأت أن هذا الأمر صحيح أيضًا في الجيش، حيث أن المجندين المتبجحين ليسوا أكثر تأهيلًا ليُصبحوا أشد وأفضل من المُجنّدين الهادئين، وربما يعود الأمر لنفس السبب: إن الاختبارات التي سيمرّون بها مختلفة جدًا عن التي مرّوا بها سابقًا في حياتهم. إذا كنت ترتعد خوفًا من إطلاق شركتك الناشئة، فإنّه على الأرجح لا يجب علي القيام بذلك. لكن إذا لم تكن متأكدًا إن كنت قادرًا على المواجهة، فإن الطريقة الوحيدة لمعرفة ذلك هي المحاولة. لكن ليس الآن. الأفكارحسنًا، إذا أردت إطلاق شركتك الناشئة في أحد الأيام، ما الذي ينبغي عليك فعله أثناء الدراسة في الجامعة؟ هناك شيئان اثنان ستحتاجهما في البداية: الفكرة و المؤسسون الشركاء. وهذا ما يقودنا إلى النقطة السادسة والأخيرة المُنافية للبداهة: إن طريقة الحصول على أفكار للشركات الناشئة ليست محاولة التفكير في أفكار الشركات الناشئة. لقد كتبت مقالًا كاملًا حول هذه النقطة. لذا لن أكرر نفس الكلام هنا أيضًا. لكن وباختصار إذا أردت أن تقوم بجهد كافي للتفكير بأفكار الشركات الناشئة، فإن الأفكار التي ستحصل عليها لن تكون سيئة فحسب، بل سيئة ولها مظهر مخادع أيضًا (تظهر بمظهر الفكرة الجيّدة)، أي أنك ستهدر الكثير من الوقت عليها قبل أن تدرك أنها فكرة سيئة. إن الطريقة المناسبة للحصول على أفكار جيدة للشركات الناشئة هي الرجوع خطوة للوراء. بدلاً من القيام بجهد والتفكير بأفكار للشركات الناشئة، حوّل عقلك إلى النوع الذي يحصل على أفكار للشركات الناشئة بدون تخصيص جهد لذلك لدرجة لا تدرك للوهلة الأولى أنها أفكار للشركات الناشئة. وهذه الطريقة ليست ناجعة وممكنة فحسب، بل أيضاً هي الطريقة التي بدأت بها كل من آبل، ياهوو، جوجل وحتى فيس بوك. ولا واحدة من تلك الشركات كان المقصود منها أن تصبح شركة في بداية الأمر. كانت كلها مجرد مشاريع ثانوية. إن أفضل الشركات الناشئة غالبًا تبدأ كمشاريع جانبية لأن الأفكار الرائعة تميل لأن تكون متطرفة لدرجة أن عقلك الواعي سيرفضها كأفكار تصلح لأن تصبح شركات. حسناً، كيف تحول عقلك إلى النوع الذي يستحضر أفكار الشركات الناشئة من اللاوعي؟ تعلم الكثير عن الأشياء الهامة اعمل على المشاكل التي تثير اهتمامك مع الأشخاص الذين تحبهم وتحترمهم. وهذه الخطوة الثالثة على سبيل الصدفة هي التي توصلك إلى المؤسّسين الشركاء في نفس الوقت التي تحصل فيها على الفكرة. في المرة الأولى التي كتبت فيها الفقرة السّابقة، وبدلاً من "تعلم الكثير عن الأشياء الهامة" كتبت " كن ماهرًا في تقنية ما " لكن هذا المقترح على الرغم من أنه كاف إلا أنه ضيق للغاية. ما كان مُميّزًا لدى بريان شيسكي Brian Chesky و جوي غيبيا Joe Gebbia ليس أنهم خبراء في التقنية. لقد كانوا ممتازين في التصميم، وربما أيضًا -وهذا الأكثر أهمية- كانوا ماهرين في تنظيم المجموعات وإطلاق المشاريع. لذا ليس عليك أن تعمل على التقنية بحد ذاتها، طالما أنك تعمل على المشاكل التي تتطلب منك جهدًا كافيًا. لكن أي نوع من المشاكل؟ هذا سؤال صعب الإجابة عنه بشكل عام. والتاريخ مليء بأمثلة عن شباب الذين كانوا يعملون على مشاكل هامة لم يعتقد غيرهم في ذلك الوقت أنها كانت هامة. وعلى وجه التحديد لم يعتقد أولياؤهم أنها كانت هامة. وعلى الجانب الآخر، فإن التاريخ مليء أيضًا وبشكل أكثر بأمثلة عن أولياء اعتقدوا أن أبناءهم يضيعون وقتهم وكانوا مُحقّين في ذلك. إذًا كيف يمكنك أن تعرف عندما تعمل على الأشياء الحقيقية الهامة؟[8] أنا أعرف الإجابة عن هذا السؤال الأخير. تكون المشاكل الحقيقية مثيرة للاهتمام وعادة ما أرغب في العمل على الأشياء المثيرة للاهتمام، حتى لو لم يهتم بها أحد ( في الحقيقة، خاصة لو لم يهتم بها أحد) وأرى أنه من الصعب أن أجبر نفسي على العمل على أشياء مملة، حتى لو كان من المفترض أنها هامة. حياتي مليئة بالحالات التي عملت فيها على أشياء فقط لأنها بدت مثيرة للاهتمام، وتبين لاحقًا أنه كان مفيدًا بطريقة ما. إن حاضنة Y Combinator بحد ذاتها كانت شيئًا فعلته فقط لأنه بدا مثيرًا للاهتمام. لذا يبدو أن لدي بوصلة داخلية تساعدني على اكتشاف هذا الشيء. لكن لا أعرف ما الذي يدور في عقول الأشخاص الآخرين. ربما لو فكرت أكثر حول هذا قد أصل إلى مدلولات تساعد على التعرف على المشاكل المثيرة للاهتمام. لكن وحتى اللحظة فإن أفضل ما يمكنني تقديمه هو إذا تعرفت على مشكلة مثيرة للاهتمام، انغمس فيها بكل طاقتك، وهذه أفضل طريقة لتحضير نفسك للشركة الناشئة. في الحقيقة قد تكون أفضل طريقة لتعيش حياتك. [9] على الرغم من أني غير قادر على شرح ما الذي يعتبر مشاكل مثيرة للاهتمام بشكل عام. يمكنني إخبارك حول مجموعة كبيرة منها. إذا كنت تفكر في التقنية كشيء ينتشر كالنار في الهشيم، فإن كل نقطة متحركة فيها تمثل مشكلة مثيرة للاهتمام. لذا فإن الطريقة المضمونة لتحويل عقلك إلى النوع الذي لديه أفكار جيدة لتحويلها إلى شركات ناشئة هي أن تضع نفسك على الحافة القيادية لبعض التقنيات – لتجعل نفسك -كما يقول بول بوشيت Paul Buchheit- "تعيش في المستقبل". عندما تصل تلك النقطة، فإن الأفكار التي تبدو للأشخاص الآخرين كشيء غيبي خارق للطبيعة تظهر لك كشيء واضح. قد لا تدرك أنها أفكار تصلح لشركات ناشئة، لكنك ستعرف أنها شيء يجب أن يُصنع. على سبيل المثال، وفي جامعة هارفارد في منتصف التسعينيات، برمج زميل أصدقائي روبرت Robert وتريفور Trevor برنامجه الخاص بالمكالمات الصوتية عبر الإنترنت. لم يقصد منه أن يصبح شركة ناشئة، ولم يحاول مطلقًا أن يحوله إلى شركة. كل ما أراده هو أن يتحدث مع صديقته في تايوان بدون أن يدفع أجرة المكالمات الدولية. ومنذ ذلك الحين أصبح خبيرًا في الشبكات. وبدا له جليًّا بأنّ الطريقة التي يجب عليه أن يحل المُشكل بها هو تحويل الصّوت إلى حزم يتم نقلها عبر الإنترنت. لم يقم بأي شيء ببرنامجه أكثر من مجرد الحديث مع صديقته. لكن هذه هي بالضبط الطريقة التي تبدأ بها أفضل الشركات الناشئة. إذاً من الغريب أن الشيء المثالي الذي يجب القيام به في الجامعة إذا أردت أن تصبح مؤسس شركة ناشئة ناجح هو ليس التّركيز على هذا النوع الجديد العصري من "ريادة الأعمال"، بل يجب التّركيز على الأسلوب الكلاسيكي المُتمثّل في التّحصيل العلمي من أجل التّحصيل العمي ذاته. إذا أردت أن تبدأ شركتك الناشئة بعد الانتهاء من الجامعة، ما الذي ينبغي أن تفعله في الجامعة هو أن تتعلم علومًا قوية، وإذا كان لديك ذهنية فضولية أصيلة، هذا ما سيؤدي الحال به أن تقوم به إذا اكتفيت بمتابعة ميولك فقط.[10] إن مكون ريادة الأعمال الذي يُهمّنا حقًا هي الخبرة في المجال. إن الطريقة التي ستصبح فيها لاري بايج Larry Page هي أن تكون خبيرًا في البحث. والطريقة التي ستصبح فيها خبيرًا في البحث هي أن يقودك فضولك الأصيل وليس بعض الدوافع الخفية. وفي أفضل الأحوال، فإن تأسيس شركة ناشئة ليس سوى دافع خفي للفضول. وسوف تقوم بالأمر على أفضل طريقة إذا أخّرت هذا الدافع الخفي إلى نهاية العملية برمتها. إليك النصيحة الأخيرة التي يجب تقديمها إلى الشاب الذي يرغب أن يصبح مؤسس شركة ناشئة ويمكن تقديمها في كلمة: تعلم. الهوامش[1] ينّصت بعض المؤسسون أكثر من غيرهم، وهذا قد يكون عنصر يسمح بالتّنبّؤ بالنجاح. إن أحد الأشياء التي أتذكرها حول شركة Airbnbs أثناء احتضانها في Y Combinator هو كيف كانوا ينصتون باهتمام. [2] في الواقع، هذا أحد الأسباب الذي يجعل إطلاق الشركات الناشئة أمرًا ممكنًا. إذا لم تعاني الشركات الكبرى من عدم الكفاءة الداخلية، فإنها ستكون فعالة بشكل متناسب، ما يضيّق المجال المتروك لإطلاق الشركات الناشئة. [3] عليك أن تقضي وقتًا أطول على الأعمال التي يُمكن أن نصفها بـ Schlep في الشركات الناشئة. وهذا النوع من الأعمال هو غير مريح فقط لكنه ليس وهميًا. [4] ماذا ينبغي عليك القيام به إذا كان مُهتمّا بالتلاعب على النظام؟ الاستشارات الإدارية. [5] قد لا تكون الشركة قد انطلقت بشكل رسمي، لكن إذا بدأت في الحصول على عدد كاف من المستخدمين، فإنك تكون قد أطلقتها، سواء أدركت ذلك أم لا. [6] يجب أن لا تتفاجأ من أن الجامعات لا تستطيع تعليم الطلاب كيف يصبحون مؤسسين جيدين، لأنها غير قادرة على تعليمهم كيف يكونوا موظفين جيدين أيضًا. إن الطريقة التي "تعلم" فيها الجامعة الطلاب كيف يصبحوا موظفين هي أن تسلم هذه المهمة إلى الشركات عبر برامج التدريب internship programs. لكن لا يمكنها القيام بنفس الشيء للشركات الناشئة، لأنه وببساطة إذا تعلّم الطّلاب ذلك جيّدا فإنهم لن يعودوا إلى الجامعة [7] كان عمر تشارلز داروين 22 عامًا عندما تلقى دعوة للسفر على متن سفينة البيغل بصفته عالم طبيعة, وهذا الأمر لم يكن ليحدث لولا فراغ داروين وعدم شغله لأية وظيفة بشكل أقلق أفراد عائلته. ولو لم يكن داروين عاطلًا عن العمل حينها فلربما لم نكن لنسمع باسمه. [8] يمكن أن يتحول الأهالي أحياناً إلى متحفظين للغاية في هذه الناحية. هناك بعض الأهالي الذين يعرّفون المشاكل الهامة على أنها تلك المُتعلّقة فقط بالمسيرة نحو مدرسة الطّب. [9] لقد تمكنت من التفكير في آلية لمعرفة ما إذا كنت تملك حسًا للتّعرف على الأفكار المُهمّة: إذا كُنت لا تُطيق الأفكار المعروفة والمُملّة. هل بإمكانك دراسة النّظريات الجافة أو الصّبر على وظيفة في الإدارة الوسطى في شركة كبيرة؟ [10] في الحقيقة، إذا كانت هدفك إطلاق شركة ناشئة، يمكنك التشبّت أكثر بمثالية التعلم الحر مقارنة بالأجيال السابقة. سابقًا عندما كان الطلاب يركزون بشكل رئيسي على الحصول على وظيفة بعد التخرج، كانوا قد فكروا على الأقل كيف أن المواد التي درسوها أن تبدو لربّ العمل. وربما أسوء من ذلك، قد يتجنّبون دراسة المواد الصعبة خشية الحصول على درجات منخفضة، ما سيؤثر سلبًا على معدل الدرجات العام عند التخرج. الجانب المُشرق هنا هو أن المُستخدمين لا يكتثرون بمعدلك الدراسي. ولم اسمع مطلقًا عن مستثمر اهتم بذلك أيضًا. وبشكل محدد أكثر فإن حاضنة Y Combinator لا تسألك أبدًا عن المواد التي درستها في الجامعة أو الدرجات التي حصلت عليها فيها. * أسهم فئة FF، هي أسهم تعطى للمؤسسين الذين يرغبون بتسييل جزء صغير من حصتهم في الشركة بدون الحاجة للإنتظار إلى الطرح للإكتتاب العام. ** الأنشطة اللامنهجية: هي أنشطة تقع خارج المنهاج المدرسي أو الجامعي المقرر، عادة ينفذها الطلاب بشكل تطوعي في كل المراحل الدراسية. *** تكلفة الفرصة البديلة opportunity cost: هي التضحية أو التنازل عن شيء مقابل الحصول على شيء آخر أكثر أهمية. ترجمة -وبتصرّف- للمقال: Before the Startup لصاحبه Paul Graham (بول جراهام) مُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اطّلع على باقي مقالات بول جراهام المترجمة إلى العربية
  7. يذهلني كيف أن قليلاً من الأشخاص الأكثر نجاحاً الذين اعرفهم أنذال Mean people. هناك استثناءات، لكنها قليلة بشكل ملحوظ. النذالة ليست شيئًا نادرًا. في الواقع أحد الأشياء التي أظهرها لنا الإنترنت هو إلى أيّ حدّ يمكن أن يصبح الناس أنذالًا. قبل بضعة عقود كان بإمكان الأشخاص المشاهير والكتّاب المحترفين أن ينشروا آراءهم. اليوم يمكن للجميع أن يفعلوا ذلك، ويمكننا رؤية كمية النذالة التي كانت مختبئة. من الواضح أن هناك العديد من الأشخاص الأنذال، لكن لا أحد منهم من بين معظم الأشخاص الناجحين الذين أعرفهم. ما الذي يجري هنا؟ هل النذالة والنجاح مرتبطان عكسيًّا؟. بالطبع، إن جزء مما يحدث هنا هو تحيز الاختيار. فأنا أعرف الأشخاص الذين يعملون في مجالات محددة: مؤسسي الشركات الناشئة، المبرمجين، الأساتذة الجامعيين فقط. وأنا على استعداد للاعتقاد بأن الأشخاص الناجحين في المجالات أخرى هم أنذال. ربما يكون مدراء صناديق التحوط أنذالًا، لا أعرف بالقدر الكافي لأؤكد ذلك. لكن هناك على الأقل مساحات كبيرة من العالم التي لا يسيطر عليها الأشخاص الأنذال، ويبدو أن تلك المساحة تنمو وتكبر. إن زوجتي و الشريك المؤسس لحاضنة Y Combinator جيسيكا هي واحدة من هؤلاء الأشخاص النادرين الذين لديهم رؤية أشعة إكس للشخصيات. وكوني زوجها هو أشبه بالوقوف إلى جانب جهاز فحص الأمتعة في المطار. لقد دخلَت إلى عالم الشركات الناشئة قادمةً من بنوك الاستثمار، لقد كانت تنذهل دائمًا من كيف أن مؤسسي الشركات الناجحة يكونون طيبين، وكيف أن الأنذال يفشلون في تأسيس الشركات الناشئة. ما السبب؟ أعتقد أن هناك عدة أسباب. أولها هو أن تكون نذلًا يجعل منك غبياً. لهذا السبب أكره المشاجرات. فأنت لا تبلي أفضل ما في وسعك في المشاجرة أبدًا، لأن المشاجرات ليست عامة بما فيه الكفاية. الانتصار يدل على الحالة والشخص المرتبط بها دائمًا. فأنت لا تفوز في مشاجرة عن طريق التفكير في الأفكار الكبيرة، إنما عن طريق التفكير في الخدع التي ستنجح في تلك المشاجرة والحالة بالتحديد. وهكذا فإن الشجار يتطلب نفس القدر من العمل الذي يحتاجه التفكير في المشاكل الحقيقية. وهذا مؤلم بالتحديد لمن يهتم بالطريقة التي يستخدم دماغه فيها. ولا تنتصر الشركات الناشئة عبر الهجوم. إنها تفوز من خلال التفوق. وبالطبع هناك استثناءات، لكن عادة يكون طريق الفوز هو أن تتقدم في السباق لا أن تتوقف عن الصراع. السبب الآخر الذي يمنع المؤسسين الأنذال من النجاح هو أنه لا يمكنهم أن يحصلوا على أفضل ما لدى الأشخاص الذين يعملون لأجلهم. يمكنهم توظيف من يستطيع أن يقنعهم لأنه بحاجة للعمل. لكن الأشخاص الأفضل لديهم خيارات أخرى. والشّخص الشرير لا يمكنه أن يقنع الأشخاص الجيدين بأن يعملوا لأجله ما لم تكن لديه قدرة فائقة على الإقناع. ولأن الحصول على أفضل الأشخاص يساعد أي منظمة، إنه عنصر حاسم للشركات الناشئة. هناك أيضًا قوة مُكمّلة في العمل: إذا كنت تود صنع أشياء عظيمة، فمن المفيد أن تكون مدفوعًا من قبل روح الخير لديك. مؤسّس الشركة الناشئة الذي ينتهي به المطاف إلى الثراء هو ليس الشخص الذي يكون مدفوعًا من قبل المال. ذلك الشخص الذي يقوده المال يقبل عرض الاستحواذ الكبير الذي يتلقاه وهو تقريبًا ما تواجهه كل الشركات الناشئة الناجحة [1]. والأشخاص الذين يستمرون ويقودهم شيء آخر قد لا يقولون ذلك صراحة، لكنهم عادة ما يحاولون تحسين العالم. ما يعني أن الأشخاص الذين لديهم رغبة في تحسين العالم لديهم ميزة طبيعية على غيرهم. [2] والشيء المثير أن الشركات الناشئة ليست مجرد نوع واحد عشوائي من العمل الذي يمكن للنذالة والنجاح أن يرتبطا فيه بشكل عكسيّ. هذا النوع من العمل هو المستقبل. معظم النجاح التاريخي كان يعني السيطرة على الموارد النّادرة. وكان كل شخص يحصل على ذلك من خلال الصراع، سواء كان ذلك بشكل حرفيّ ومُباشر في حالة الرعاة البدو الذين يقودون جامعي الغذاء والصيد في الأراضي المهمشة، أو مجازًا في حالة العصر الذهبي عندما كان المموّلون يتنافسون على احتكارات السكك الحديدية. وفي القسم الأكبر من التاريخ، كان النجاح يعني النجاح في الألعاب التي محصلتها صفر أي المكسب يساوي الخسارة. وفي معظم تلك الحالات لم تكن النذالة تشكّل عائقًا بل ربما كانت ميزة. هذا الأمر يتغير. وبشكل متزايد أصبحت الألعاب المُهمّة ليست تلك التي محصلتها صفر. وبشكل متزايد أصبحتَ تنتصر ليس من خلال الصراع من أجل السيطرة على الموارد النادرة، بل من خلال تملّك الأفكار الجديدة وصنع الأشياء الجديدة. [3] كانت هناك ألعاب تفوز فيها من خلال الحصول على الأفكار الجديدة لفترة طويلة من الزمن. في القرن الثالث قبل الميلاد فاز أرخميدس بهذه الطريقة. على الأقل إلى غاية أن قتله الجيش الرّوماني الغازي. وهذا ما يستعرض لنا لماذا يحدث التغيير: حتى تكون الأفكار الجديدة هامة، أنت بحاجة إلى درجة معينة من النظام المدني. ليس فقط عدم وجود الحرب. أنت أيضًا بحاجة لمنع هذا النوع من العنف الاقتصادي الذي مارسه أقطاب القرن التاسع عشر ضد بعضهم البعض وكذلك مارسته الدول الشيوعية ضد مواطنيها. يحتاج الناس أن يشعروا بأن ما يقومون بصنعه لن تتم سرقته. [4] هذا هو الحال على الدّوام مع المفكرين، ولهذا السبب بدأ هذا الاتجاه معهم. عندما تفكر في الناس الناجحين الذين لم يرحمهم التاريخ، فإنك تجد علماء الرياضيات والكتّاب والفنانين. والشيء المثير للاهتمام أن اللعبة التي لعبها المثقفين بدأت تتسرب إلى العالم الحقيقي، وهذا عكس القطبية التّاريخية في العلاقة ما بين الشر والنذالة من جهة والنجاح من جهة أخرى. لذا أنا في الحقيقة سعيد لأني توقفت عن التفكير حيال ذلك. كنا أنا وجيسيكا دائماً نعمل بجهد لتعليم أطفالنا أن لا يكونوا أنذالًا. كنا نتسامح مع الفوضى والضجيج والوجبات السريعة، لكن ليس مع النذالة. والآن لدي سبب إضافي لاتخاذ الإجراءات الصارمة ضد كل ذلك، وحجة إضافية لاستخدامها عندما أريد ذلك: لأنه أن تكون شريراً ونذلاً سيجعلك تفشل. الهوامش [1] لا أحاول القول أن جميع المؤسسين الذين يقبلون عروض الاستحواذ الكبيرة يقودهم المال، لكن على العكس من ذلك أن الذين يرفضون تلك العروض لا يقودهم المال. بالإضافة لذلك فإن الشخص يمكن أن يكون لديه حافز الخير من أجل أن يقوده المال - على سبيل المثال من أجل أن يقوم برعاية العائلة، أو ليكون لديه وقت الفراغ للعمل على مشاريع تطور العالم. [2] من غير المُرجّح أن كل شركة ناجحة تحاول أن تجعل من العالم مكانًا أفضل. لكن مؤسسي تلك الشركات كالوالدين، يؤمنون بشدّة أنهم قادرون على ذلك. المؤسّسون النّاجحون يقعون في غرام شركاتهم. وطالما أن هذا النوع من الحب هو أعمى مثل حب الناس لبعضهم البعض، فإنه سيكون أصيلًا. [3] يوضح بيتر ثيل Peter Thiel أن المؤسسين الناجحين لا زالوا يصبحون أغنياء من خلال السّيطرة على الاحتكارات، فقط تلك الاحتكارات التي قاموا بتأسيسها وليس التي حصلوا عليها. وبما أن هذا صحيح إلى حد كبير، فإنه يعني أن التغيير الكبير يحصل لدى الشخص الذي يفوز. [4] لكي أكون مُنصفًا، لم يقصد الرومان قتل أرخميدس. طلب القائد الروماني على وجه الخصوص أن يتركوه وشأنه، لكنه قُتل نتيجة الفوضى. في الأوقات المضطربة، حتى التفكير يحتاج للسيطرة على بعض الموارد النادرة، لأن الحياة -في حد ذاتها- مورد نادر. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Mean People Fail لصاحبه بول جراهام (Paul Graham) مُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اقرأ المزيد من مقالات بول جراهام بالعربية
  8. بعد التعرّف على مكونات مخطط نموذج العمل التجاري التسعة في المقالين السّابقين (الجزء الأول – الجزء الثّاني) سنقوم بصنع مخطط عن خدمة سكايب للتواصل الفوريّ. إليكم المُخطّط وتفسيره مُكوّناته (يُمكن تحميله من هنا: BMC-Skype.pdf) 1- القيمة المقترحة أو العرض المقدّمشرائح العملاء تبحث عن قيمتين مختلفتين من استخدام سكايب، الأولى هي التواصل الفوريّ المباشر والمجانيّ سواء بالرسائل النصية أم المكالمات الصوتيّة أو الفيديو مع مستخدمين آخرين لخدمة سكايب. هذا هو القسم الأكبر من استخدام الخدمة. والقيمة الثانية وهي الأهمّ للشركة هي عملية التواصل الفوريّ عبر إجراء المكالمات الصوتيّة مع أيّ هاتف محمول أو أرضيّ حول العالم بتكلفة أرخص بكثير مقارنة برسوم المكالمات الدوليةّ. وهذا هو مصدر الدخل الرئيسيّ للخدمة 2- شرائح العملاءقامت سكايب بتقسيم عملائها إلى شريحتين، حيث أن كلّ واحدة منهما تبحث عن قيمة مختلفة عن الأخرى. الشريحة الأولى هي مستخدمو الإنترنت الراغبون في التواصل المجانيّ مع مستخدمي إنترنت آخرين، هذا يعني حصر أكبر لشريحة العملاء بالتالي تجنب التوجّه لغير مستخدمي الإنترنت. الشريحة الثانية هي مستخدمو الإنترنت الراغبون بالتواصل من دون تكلفة عالية مع أيّ شخص آخر حول العالم عبر الهواتف المحمولة أو الأرضيّة. 3- العلاقة مع العملاءلأنّ خدمة سكايب نمطيّة وموجّهة إلى سوق كبير فإنها تعتمد علاقة السوق الشامل Mass Market أي أنّ الشركة تخدم المستخدمين كافتهم بدون تمييز أو تقديم تجربة شخصيّة لبعضهم دون الآخر. وتستخدم الأدوات الآليّة لبناء العلاقة مع العميل حيث أنّه لا يقابل موظّفًا أو مُمثلًا عن الشركة إنّما يتمّ التعامل عبر أدوات تواصل عن بعد كالرسائل ومراكز الدعم الفني. 4- قنوات التوزيعتقدّم سكايب خدمتها الرئيسة لشرائح عملائها عبر تطبيقاتها المختلفة على مختلف المنصّات، لهذا يكون موقع سكايب هو المصدر الرئيسي لتقديم تلك التطبيقات للاستفادة من العرض المقدّم، فضلًا عن متاجر التطبيقات المختلفة. 5- مصادر الإيراداتتعتمد سكايب على أسلوب فريميوم freemium من أجل تحقيق الإيرادات. وينصّ هذا الأسلوب على تقديم الخدمة بشكل كامل وبالحدّ الأدنى من المزايا مجّانًا، وهو ما تقدّمه من تواصل مباشر ومجاني مع مستخدم آخر للخدمة، والقسم الأهمّ من الأسلوب هو مزايا إضافية مدفوعة، وهنا عندما يرغب المستخدم بإجراء مكالمات دولية هاتفيّة رخيصة إلى هواتف محمولة أو أرضيّة و لا يشترط أن يكون مستخدم سكايب. وتقوم سكايب بالشراكة مع جهات معينة تزوّد الإكسسوارات كسمّاعات الرأس أو الأذن أو كاميرات الويب بحيث تكون متكاملة بشكل أفضل مع خدمتها وتحصل على بعض الإيرادات من هذا المجال أيضاً. 6- الموارد الأساسيّةهناك نوعان أساسيان تعتمد عليهما سكايب. الأول يتمّثل في الموارد البشرية وهي فريق المهندسين والمطوّرين الذين يعملون على تطوير البرنامج والخدمة والأنظمة بشكل مستمر، الثاني الموارد الفكريّة وهي كافة براءات الاختراع التي تجعل خدمة سكايب مميّزة مثل براءات تتعلّق بآلية عمل الخدمة في ظل ظروف الاتصال السيئة كالشبكات البطيئة. 7- الأنشطة الأساسيّةلأنّ سكايب أشبه ما تكون بمنصّة فالعمل الدائم الذي تقوم به هو التّطوير والتّحسين المستمر للبرنامج والخدمة بشكل عام من حيث إضافة المزايا الجديدة إليها أو حتى دعم منصات أكثر في التواجد عليها من أجل زيادة قاعدة مستخدميها. 8- هيكل التكاليفعادة ما تنتج التكاليف عن الأنشطة الأساسيّة بالتالي كافة عمليات التطوير لها تكاليف سواء برواتب الموارد البشرية التي تقوم بالتطويرات أم تكاليف الحصول على موارد فكرية مثل براءات الاختراع أو حتى تكاليف العتاد اللازم لقيام الخدمة. وهناك جزء من التكاليف يذهب لمعالجة الشكاوى عندما تحصل مشاكل بالدفع وشحن الأرصدة. 9- الشركاء الأساسيّونلأنّ خدمة سكايب تقوم بالاتصال مع هواتف أرضيّة ومحمولة حول العالم فمن المهم التنسيق مع شركات الاتصالات لمنع حدوث مشاكل أو تعارضات بين الخدمتين. وباعتبار شريحة العملاء الثانية تستخدم سكايب للاتصال الرخيص فإنّ هناك نظام شحن حسابات ودفع إلكتروني بالتالي يجب التعاون مع خدمات وبوابات الدفع لتسهيل العملية ودعم المنصة. وأخيرًا عقدت سكايب عدّة شراكات مع شركات تصنيع الهواتف الذكية بحيث يأتي التطبيق محمّلاً بشكل افتراضي في الهاتف.
  9. هذا شرف لي صديقي محمود، انتظر باقي السلسلة سنكمل شرح المكونات التسعة مع مثال عملي ليكون لديك بالنهاية كورس كامل مبسط اتمنى أن يصل لكل رواد الأعمال العرب الذين يخططون لإطلاق شركة ناشئة
  10. تمرّ العديد من الشركات الناشئة على مرحلة معينة قبل بضعة أشهر من فشلها، حيث أنّها -وبالرغم من أنها تملك أموالًا كثيرة في البنك- تخسر الكثير من المال شهريًا أيضًا، ونمو الإيرادات إما متوقف أو دون المتوسط. أمام الشركة فترة ستة أشهر قبل أن تفشل وتخرج من سوق العمل، ولهذا فإنها تتوقع أن تتجنب الوقوع في هذا المأزق من خلال الحصول على التمويل من المستثمرين.[1] هذه الجملة الأخيرة مميتة. هناك قائمة طويلة بالأمور التي يوهم رواد الأعمال أنفسهم بها، لكن الأمر الذي يعتلي ترتيب هذه القائمة هو إلى مدى يهتمّ المستثمرون بمنحهم تمويلًا إضافيّا. من الصعب أن تقنع المستثمر حتى في المرة الأولى (وهو أمر يتوقعه المؤسسون) لكن ما يختلف هذه المرة هو إلتقاء النقاط الثلاثة التالية في مكان واحد: 1- تنفق الشركة الآن المال بشكل أكبر مما كانت تنفقه عندما حصلت على التمويل لأول مرة. 2- لدى المستثمرين معايير أعلى للشركات التي تلقت تمويلًا. 3- بدأت الشركة الآن تبدو بمظهر الفاشلة. في المرة الأولى حصلت على التمويل، لم يكن الأمر مسألة نجاح أو فشل، كان من المبكر جدًا أن نتساءل عن ذلك، لكن الأمر مُختلف الآن وطرح هذا التّساؤل وارد، والجواب الافتراضي سيكون "الفشل" بسبب أنه النتيجة الافتراضية في تلك اللحظة. سأدعو هذه الحالة التي وصفتها في المقطع الأول "القرصة المميتة" (the fatal pinch) أحاول مقاومة ابتكار مصطلحات جديدة، لكن وضع اسم لهذا الموقف قد يدفع المؤسسين لإدراك متى يواجهونه. إن أحد الأشياء الذي يجعل القرصة المميتة خطرة للغاية، هو أنه معزز ذاتيًا. بمعنى أن المؤسسين يبالغون في تقدير فرص حصولهم على التمويل، بالتالي يتباطؤون في بلوغهم مستوى الربحية، الأمر الذي يقلل من فرص حصولهم على التمويل. والآن أصبحت تعرف ما هي القرصة المميتة، ماذا ستفعل حيالها؟ من الواضح أن أفضل شيء يمكن أن تفعله هو تجنبها. تُخبر حاضنة Y Combinator المؤسسين الذين يحصلون على التمويل أن يتصرفوا وكأنه آخر تمويل سيحصلون عليه. بسبب أن طبيعة التعزيز الذاتي لهذا الموقف تعمل بالطرف المعاكس أيضًا، أي كلما قلت حاجتك للاستثمار الجديد، كلما صار من الأسهل الحصول عليه. ماذا ستفعل لو تعرضت مسبقًا للقرصة المميتة؟ أول شيء يجب فعله هو أن تعيد تقييم احتمالية حصولك على المزيد من التمويل. وسأكون هناك متبصرًا رائعًا وسأقوم بهذا عوضًا عنك: الاحتمالية هي صفر. يبقى لديك ثلاثة خيارات: يمكنك إغلاق الشركة، زيادة عائداتك أو خفض نفقاتك. يتوجب عليك إغلاق الشركة عندما تكون متأكدًا بأنها ستفشل بغضّ النظر عمّا يمكنك فعله. وبعدها يمكنك على الأقل إعادة المال المتبقي لأصحابه، وعلى كل حال ستوفر على نفسك قضاء بضعة أشهر وأنت تقود شركتك نحو الهاوية. ومن النادر أن تُضطرّ الشركات إلى الفشل على هذه الطريقة. ما أحاول فعله هنا أن أعطيك خيار الاعتراف بأنك استسلمت. إذا لم ترغب بإغلاق شركتك، يبقى لدينا خيارا زيادة العائدات وخفض التّكاليف. في معظم الشركات تكون التكاليف تعني الموظفين وخفض التكاليف يعني طردهم. [3] وعادة ما يكون قرار طرد الموظفين صعبًا، لكن هناك حالة واحدة لن يكون فيها كذلك: عندما يعرف الموظفون بأنه يجب تسريحهم لكنهم في حالة إنكار لذلك، إن حصل هذا فقد حان الوقت لطردهم. وإذا أدى هذا إلى الربحية، أو تمكنت من الوصول إلى الربحية باستخدام الأموال التي ما تزال متاحة لديك، فإنك تجنبت الخطر الفوري. وبطريقة أخرى لديك ثلاثة خيارات: إما أن تطرد موظفين جيدين، أو تدفع رواتب أقل لبعض أو كل الموظفين لفترة محددة، أو زيادة العائدات. ويعدّ دفع رواتب أقل للموظفين حلًا ضعيفًا وينجح عندما تكون المشكلة ليست بذلك السوء. إذا كان مسارك الحالي لن يصل بك إلى حالة الرّبحية، لكن يمكنك تخطي عتبتها من خلال خفض الرّواتب، فإنك ستطبق هذا على جميع الموظفين. وإلا فإنك ستعمل فقط على تأجيل المشكلة، وهذا ما سيكون واضحًا للموظفين الذين تقترح خفض رواتبهم. [4] وبهذا يبقى أمامنا خياران اثنان، تسريح الموظفين الجيدين وتحقيق المزيد من الإيرادات. في حين محاولة الموازنة بينهما، ضع في بالك الهدف النهائي: أن تكون شركة ناجحة لديها منتج يستخدمه الكثير من الناس. إذا كان سبب مشكلتك هو زيادة عدد الموظفين، يتوجب عليك أن تكون مرنًا أكثر حيال تسريحهم. فإذا قمت بتوظيف 15 شخصًا قبل أن تعرف ماذا ستصنع، فإنك تعمل على بناء شركة معطوبة. عليك أن تعرف أولًا ما الذي تحاول صنعه، وربما سيكون من الأسهل عليك أن تقوم بعملك بوجود عدد قليل من الأشخاص. بالإضافة إلى ذلك فإن هؤلاء الأشخاص قد لا يكونون الأشخاص الذين تحتاجهم فعلًا بغضّ النظر عمّا تقوم بصنعه. لذا قد يكون الحل هو أن تقلّص حجم الشّركة ومن ثم تفكر في أي اتجاه يجب أن تنمو. وبعد كل هذا فإنك لا تسدي أي معروف لهؤلاء الأشخاص الخمسة عشر إذا سرت معهم في شركتك إلى الفشل. بالنتيجة سيخسرون وظائفهم والوقت الذي قضوه مع هذه الشركة المحكوم عليها بالفشل. في حين إذا كان لديك عدد قليل من الموظفين، فإنه من الممكن أن يكون أفضل أن تركّز على تحقيق المزيد من الإيرادات. وقد يكون من السهل أن تقترح على الشركة الناشئة أن تحقق المزيد من العائدات، وكأنه يحصل بمجرد الطلب. عادة ما تعمل الشركات كل ما في وسعها من أجل أن تبيع كل ما يمكنها بيعه. ولا أقترح هنا أن تتوقف عن بذل الجهد في تحقيق الإيرادات، بل أن تحاول فعل ذلك بطريقة مختلفة. على سبيل المثال إذا كان لديك موظف واحد مسؤول عن المبيعات وباقي الفريق يعمل في البرمجة. فكّر في أن يعمل الجميع في المبيعات. ما الفائدة التي ستجنيها من المزيد من البرمجة عندما تفشل شركتك وتخرج من السوق؟. إذا كان عليك البرمجة من أجل إتمام صفقة معينة، تابع عملك لأنها تصب في نفس اتّجاه عمل الجميع في قسم المبيعات. لكن اعمل فقط على المهام التي ستحقق لك معظم العائدات في أقرب وقت ممكن. من الطرق الأخرى لتحقيق العائدات بشكل مختلف هو أن تبيع أشياء مختلفة، على وجه الخصوص أن تؤدي المزيد من الأعمال الاستشارية. وأقول استشارية لأنه هناك طريق منحدر زلق وطويل من صنع المنتجات إلى الاستشارات المطلقة، وليس عليك أن تتجه نحو الاستشارات قبل أن يكون لديك شيء جذاب مثير لاهتمام الزبائن تقدمه لهم. وعلى الرغم من أن منتجك ليس جذابًا للزبائن بعد، لكن إذا كنت شركة ناشئة فإنّ المبرمجين لديك غالبًا ما يكونوا أفضل مما يستطيع زبائنك توظيفهم. أو قد تكون لديك خبرة في مجالات جديدة لا يفهمونها، لذا إذا قمت بتغيير محادثات البيع قليلًا من " هل تريد أن تشتري منتجنا؟" إلى "ما الذي تحتاجه ويمكنك أن تدفع الكثير لقاءه" وفجأة قد تجد أن الحصول على أموال الزبائن بهذه الطّريقة أسهل بكثير. عندما تفعل هذا كنّ عديم الرحمة و لا تأخذك شفقة، فإن ما تفعله هو محاولة إنقاذ شركتك من الفشل، لذا اجعل زبائنك يدفعون المزيد من المال وبشكل أسرع. وحاول أن تتجنب أسوء عقبات الاستشارات بقدر استطاعتك. والشكل المثالي هو أن تصنع نسخة مشتقة ومعدلة بدقة من منتجك للزبون. في أفضل الأحوال، فإن هذا العمل الاستشاري لن يكون مجرد شيء تقوم به لتنجو بنفسك وبشركتك، لكن قد يتحول إلى ذلك العمل الذي لا يُمكن أتمتته والذي سيحدد شكل شركتك. لكن لا تتوقع أن يتحوّل الأمر إلى ذلك. لكن كلما غصت أكثر في احتياجات المستخدمين، فيجب عليك أن تُبقي عينيك مفتوحتين على الفتحات الضيقة التي قد تظهر لك وتخبئ وراءها آفاقًا واسعة. عادة ما يكون هناك طلب كبير على الأعمال الخاصّة والتي -ما لم تكن حقًا غير مُؤهّل لأدائه- ستمكّن شركتك من النّجاة ولو تطلّب الأمر الوصول إلى نقطة في أسفل منحدر هذه الأعمال الاستشارية المُنزلق. لكن لم استخدم مصطلح المنحدر الزلق من قبيل الصدفة، حيث أن الطلب الكبير من قبل الزبائن على الأعمال المخصصة حسب رغبتهم سيعمل دائمًا على دفعك نحو القاع. لذا في حين محاولتك للنجاة، تصبح المشكلة الآن النجاة بأقل الأضرار والتشتت. الجانب المُشرق لهذا الأمر هو أن الكثير من الشركات الناشئة الناجحة استطاعت النّجاح رغم أنّها مرّت بفترة القرصة المُميتة هذه وتمكّنت من تجاوزها. فقط عليك أن تكون على دراية تامة بالأمر لما توشك على الفشل. إذا كنت في مرحلة القرصة المميتة، فأنت موشك على الفشل. الهوامش: [1] هناك عدد قليل من الشركات التي لا تتوقع بشكل معقول أن تحقق العائدات من السنة الأولى أو الثانية، بسبب أن المنتج الذي يعملون عليه يستغرق وقتًا طويلًا. وفي مثل هذه الشركات يحلّ مفهوم "التقدم" محل "نمو العائدات". ولن تكون شركتك واحدة من هذه الشركات ما لم يوافق المستثمرون الأولون على ذلك. وبصراحة حتى هذه الشركات تتمنى أن لا تكون في هذا الموقف بسبب أن نقص السيولة لديها يضعها تحت رحمة المستثمرين. [2] هناك نوع آخر من القرصة المميتة أين يلعب المستثمرون الحاليون دورًا من خلال وعدهم إيّاك بضخ المزيد من الاستثمارات. أو بالأحرى عندما تفهم منهم على أنهم يعدونك بمزيد من الاستثمار، في حين أنهم يفكّرون فقط في احتمال حدوث ذلك. ومن أجل تجنّب ذلك، وإن كانت لديك ثمانية أشهر فقط أو أقل حتى الإفلاس، حاول أن تحصل على المال الآن وفورًا، وهو ما سينتج عنه أحد الأمرين التّاليين: إمّا ستحصل على المال فورًا وهو ما سيحل مشكلتك، أو على الأقل ستمنع المستثمرين من إبقائك في حالة الإنكار حول توقعاتك عن زيادة التمويل. [3] من الواضح أنه إذا كانت لديك تكاليف عالية غير الرواتب والتي يمكن شطبها، فافعل ذلك الآن. [4] بالطبع ما لم يكن مصدر المشكلة هو أنك تدفع لنفسك رواتب عالية. لهذا يجب عليك خفض رواتب المؤسسين إلى الحد الأدنى إذا كان ذلك يساعدك على تحقيق الربحية. وهذه علامة سيئة أن تحتاج لتقرأ هذا حتى تدرك ذلك. ترجمة -وبتصرّف- للمقال The fatal pinch لصاحبه بول جراهام (Paul Graham) مُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اقرأ المزيد من مقالات بول جراهام بالعربية
  11. سنواصل في هذا المقال استعراض ما تبقّى من مُكوّنات المُخطّط 4- العلاقة مع الزبائن Customer Relationshipفي السابق كانت الشركات تركّز بشكل كبير على المنتجات وتنظر للزبائن على أنّهم إجمالي الطلب أو أرقام المبيعات بدون أيّة مراعاة للعنصر الإنسانيّ لديهم. أما اليوم ومع اشتداد حدّة المنافسة في الصناعات بدأت الشركات تميّز نفسها بإعطاء العامل الإنسانيّ البشريّ في الزبائن أهمية قصوى. وهنا بدأت تظهر عدّة أشكال للعلاقات مع الزبائن لخدمتهم: 1- العلاقة الشخصيّةوهنا تقوم الشركة بالتواصل بشكل شخصيٍّ سواء وجهًا لوجه أم عبر وسائل الاتصال مع كلّ زبون، هذا النوع من العلاقات يبرز في الخدمات بشكل كالمصارف حيث يكون موظف خدمة العملاء متواجدًا ليقدّم مساعدة شخصية لكل زبون بناءً على طلبه. 2- الخدمة الذاتيّةحيث لا تقدّم الشركة أيّ موظفين لمساعدة الزبائن، بل تقدّم لهم الأدوات اللازمة لخدمة نفسهم بنفسهم. 3- الخدمة الآليّةتحلُّ الآلات والأنظمة محلَّ الموظف الشخصيّ لمساعدة العملاء وبناء العلاقة معهم، مثل الصرّاف الآليّ حيث يمثّل المصرف ويتعامل مع خدمات مؤتمتة بدون أن يعطي اهتمامًا خاصًا لعميل دون آخر. 4- مجتمعتنشئ الشركة مثل منتدى يساعد به العملاء بعضهم البعض من حيث حلّ المشاكل أو الردّ على الاستفسارات. 5- المحتوى المساعدحيث العملاء ينشرون محتوى يساعد العملاء الآخرين في اتخاذ القرار مثل تقييمات أو تعليقات على منتج معين وإبراز إيجابياته وعيوبه. 6- الشبكات الاجتماعيةلم يعد بالإمكان تجاهلها وعدم التواجد على الشبكات الاجتماعية لبناء العلاقة مع العملاء، تحرص الشركات على التواجد بكثافة أكبر على الشبكات التي يتواجد بها شرائح عملائها. ليس الغرض هنا التسويق أو البيع بل بناء العلاقة الدائمة. تمرُّ العلاقة ما بين الزبون والشركة في ثلاثة مراحل أساسية: أولًا تعمل الشركة على جذب العملاء الجدد وهنا تستخدم استراتيجيات العلاقات الخاصة بجذب أكبر عدد ممكن من العملاء. ثانيًا الحفاظ على الزبائن الحاليين وأخيرًا زيادة المبيعات من خلال الزبائن الحاليين. فمثلًا عندما تبدأ شركة اتصالات العمل في بلد ما فإنها تنتهج استراتيجية علاقات توسعيّة في مختلف القطاعات وتقديم شرائح خدمات تلبّي احتياجاتها من أجل جذب أكبر عدد ممكن من العملاء الجدد. وبعد مرور عدّة سنوات لم يعد بالإمكان جذب المزيد وتشتدّ حدّة المنافسة مع شركات اتصالات أخرى فتبدأ العلاقة تأخذ منحى الحفاظ قدر الإمكان على العملاء الحاليين من الانتقال للشركات المنافسة وأخيرًا تعمل الشركة على تقديم عروض من شأنها أن تجعل الزبائن الحاليين أن يقنعوا زبائن في شركات منافسة التحوّل لمنتجاتهم وهنا يحدث النمو في المبيعات. 5- مصادر الإيرادات Revenue Streamالطريقة التقليدية التي تحقّق فيها الشركات الإيرادات كانت عن طريق بيع المنتج أو الخدمة بمقابل مادي محدد هو السعر. لكن اليوم أصبحت هناك عدة طرق جديدة لتحقيق الإيرادات خاصة بشكل غير مباشر وإن تطلّب الأمر تقديم المنتج بالكامل مجانًا. في قسم مصادر الإيرادات نضع الطرق المستخدمة في تحقيق الإيرادات من مخطط نموذج العمل التجاري. وقد نعتمد طريقة واحدة أو عدّة طرق بحيث تكون كل نوع من شرائح العملاء نستهدفها بطريقة مختلفة لتحقيق مصادر الإيرادات. ومن الأمثلة عن الطرق الأخرى لتحقيق الإيرادات غير البيع: 1- Freemiumوهنا يتمُّ تقديم الحد الأدنى من العرض المقدّم أو القيمة المقترحة بشكل مجاني تمامًا لشريحة العملاء، وعند طلب قيمة إضافية يتمُّ فرض مبلغ مالي معين. مثل خدمات التخزين السحابي التي تعطيك مساحة تخزينيّة محدّدة مجانًا، وإن أردت المزيد مع مزايا أكثر عليك دفع مبلغ مالي محدد سنويًا. 2- رسوم الاستخدامهنا يدفع العميل عند كل استخدام للمنتج أو الخدمة، مثلًا خدمات شركات الاتصالات فعند إجراء كل اتصال أو إرسال رسالة عليك دفع مبلغ مالي معين. 3- رسوم الاشتراكهنا يدفع العميل مبلغ مالي ثابت خلال فترة من الزمن لقاء التمتّع بحقِّ استخدام الخدمة أو المنتج طوال فترة زمنية معيّنة. مثل النوادي الرياضية حيث يفرض عليك دفع مبلغ شهري بغضِّ النظر عن عدد الجلسات الرياضية. 4- رسوم الترخيصبعض المنتجات لا تبيعك الشركة كامل المنتج إنّما رخصة استخدامه، وهنا تدفع مرة واحدة على عكس رسوم الاستخدام، مثل نظام التشغيل ويندوز فأنت تدفع لقاء الاستخدام و لا تملك كامل المنتج. 5- التأجيربعض المنتجات تلزم العملاء فترة محدودة من الزمن لذا لا جدوى من شرائها بالكامل، هنا تقوم الشركة بتأجيرها لهم لقاء مبلغ مالي معيّن خلال الفترة وبعد الانتهاء يعود المنتج إلى ملكية الشركة. مثل مكتبة تستأجر آلة تصوير مستندات خلال فترة العام الدراسي. 6- الشراء ضمن التطبيقاتحيث تقدّم الشركة التطبيق أو اللعبة مجانًا بالكامل ولكن تكون هناك عناصر مدفوعة ضمنها، قد تكون ملزمة أو اختيارية الشراء وبهذا تشبه نوعًا ما Freemium إلا أنك عند الدفع لن تحصل على قيمة جديدة أعلى. 7- الإعلاناتوهي الطريقة الأكثر انتشارًا اليوم حيث تقدّم التطبيق أو اللعبة أو أي منتج آخر بنسختين، الأولى تكون مجانية بالكامل ويعتمد على بيع الإعلانات بداخلها لتحقيق الدخل، والثانية تكون مدفوعة وهي الطريقة التقليدية حيث مبادلة منتج بسعر. 6- الموارد الأساسيّة Key Resourcesكل مشروع تجاري يحتاج لموارد أساسيّة حتى يقوم، وهذه الموارد تختلف في تصنيفها بحسب طبيعتها. في هذا القسم من مخطط نموذج العمل التجاري نضع فقط أهم الموارد الأساسيّة اللازمة لإنجاح نموذج العمل، أي لا نضع الموارد الثانويّة بل فقط الأساسيّة والتي بدونها لا يمكن إطلاق المشروع وتقديم العرض المقدّم. يمكن تصنيف هذه الموارد بحسب طبيعتها، هناك الموارد البشريّة كالعمال والمهندسين أو الخبراء الأساسيين، والموارد الماديّة أي الفيزيائيّة كالآلات وخطوط الإنتاج والمواد الأوليّة وكلّ شيء ملموس وضروري للإنتاج، والموارد المعنويّة مثل براءات الاختراع التي تعدّ أساسية في المنتج وكذلك التراخيص اللازمة وحتى العلامات التجارية وغيرها، والموارد الماليّة خاصة إذا كان المشروع يشكّل المال قسما هاما من خدماته كالمصارف. ولا مشكلة إن كانت هذه الموارد مملوكة للمشروع أو مستأجرة، بكل الأحوال يجب وضعها في مخطط نموذج العمل. 7-الأنشطة الأساسيّة Key Activitiesإن عملية خلق القيمة أو العرض المقدّم هي نتيجة تدوير وتشغيل الموارد الأساسيّة من خلال تنفيذ أنشطة أساسية عليها. أي لو كان لديك كشك يبيع عصير الليمون فإن عملية عصر الليمون أي إنتاج المنتج هي واحدة من أهم الأنشطة الأساسية للحصول على العرض المقدّم الذي يتمّ بيعه. بشكل رئيسي هناك ثلاثة أنواع من الأنشطة الرئيسيّة الأساسيّة التي يتم تطبيقها في الأعمال: 1- الإنتاجالإنتاج وكل الأنشطة الفرعيّة التي تتعلّق به وحتى التسويق والمبيعات. 2- حلّ المشاكلوهذه في الخدمات حيث لا تنتج الخدمة بل ستكون عندما تحلّ مشاكل الآخرين كالمحاسبين والمحامين 3- المنصّاتحيث تقتصر وظيفتك الأساسيّة على التوصيل بين طرفين أو أكثر وتمارس أنشطتك الدوريّة المتعلّقة بهذه المنصّة من تطوير وتحسين. من المهم أن ننتبه إلى ذكر الأنشطة الأساسيّة هنا كما سنذكر الموارد الأساسيّة في المكوّن السابق, حيث أنّ بعض الأنشطة يفترض أنها تتواجد في كافة الشركات كالتسويق إلا أنه ثبت بالفعل وجود عدد كبير من الشركات وبخاصة الناشئة ولا تمارس أي جهد تسويقي حتى لا يوجد لديها قسم تسويق في الشركة، لذا لا نذكر النشاط التسويقي هنا لأنه ليس أساسيا ويعمل مخطط النموذج ويتمّ تقديم العرض المقدّم بدونه. 8- هيكل التكاليف Cost Structureبشكل عام تقسّم تكاليف أيّ مشروع إلى نوعين، ثابتة ومتغيرة، الثابتة هي التكاليف التي لا تزيد بازدياد الإنتاج مثل تكلفة شراء العقار أو تكلفة خطوط الإنتاج من آلات، أما المتغيّرة هي التي تتغيّر بتغيّر حجم الإنتاج مثل المواد الأولية الداخلة في عملية الإنتاج. وهنا تضع الشركة كافة التكاليف التي تحتاجها الأنشطة الرئيسة في العمليات المطبّقة على الموارد الأساسية من أجل الحصول على العرض المقدّم. وعادة ما ترتبط التكاليف بالأنشطة لأنّ لكلّ نشاط تكلفة لازمة للقيام بالنشاط على أكمل وجه. ومن الأمثلة على أهمية مخطط نموذج العمل في تجنيب الشركات دفع تكاليف لا حاجة لها، شركة ناشئة كانت لديها خدمة تقوم بإجراء مسح على الأراضي الزراعية ومن خلال مقارنات الصور وعدّة خوارزميات يمكنها التنبؤ بأمراض معيّنة قد تصيب المحصول بالتالي هذا التنبؤ يساعد على تجنّب وقوع الكارثة. ومن أجل تنفيذ هذه الخدمة كان يتطلّب الحصول على طائرات زراعيّة يتمّ تركيب كاميرات مخصصة عالية السرعة عليها من أجل التقاط الصور من السماء وهو ما يعني ضرورة شراء طائرة أو أكثر وهي تكاليف ثابتة عالية يجب وضعها في هيكل التكاليف. وأثناء عملية إعداد مخطط نموذج العمل التجاري توجهوا إلى شرائح العملاء وهم المزارعون أصحاب الأراضي التي قد تصيبها الأمراض وبالفعل كانت لديهم حاجة لمثل هذه المعلومات التنبؤية بغض النظر عن طريقة الحصول عليها، وهنا قدّموا معلومة هامة وهي أنّه بدلًا من شراء طائرة يمكن الاعتماد على طائرات شركات رشّ المبيدات الحشرية واستئجارها منهم بالتالي لا داعي لتكبّد كلّ تلك التكاليف الثابتة العالية. 9- الشركاء الأساسيون Key Partnersلأنّ أيّ مشروع تجاري يتواجد في سوق وبيئة مفتوحة فإنه يحتّم عليه التواصل مع أطراف تساعده أو تكون ضرورية لوجوده. يجب أن نميّز أنّ الشركاء الذين يتمّ التعاون معهم في بدايات حياة الشركة يختلفون عن الشركاء في مراحل متقدمة من حياتها. ومن الشركاء الضروريين جميع الهيئات الحكومية أو الدولية التي يفترض الحصول على ترخيص منها أو التواصل المستمر للبقاء تحت رقابتها، مثل رخصة من وزارة التربية لإنشاء مدرسة خاصة أو وزارة الصحة لإطلاق منتج دوائي معين. وأبسط أشكال الشراكات التعاقد مع موردين أو إدارة سلسلة التوريد خاصة في مجال الإنتاج حيث أنّ الشركة تعمل على الإنتاج وتعتمد على موردين خارجيين لتوريد المواد الأولية ، وكذلك على موزعين لتصريف الإنتاج وبيعه في حالة عدم الرغبة بالاعتماد على نفسها وفتح منافذ البيع الخاصة بها. في حين أنّ الأمور تتعاقد أكثر مستقبلًا للدخول في تحالفات استراتيجية مع شركات غير منافسة كما فعلت مايكروسوفت مع نوكيا و سوني مع إيركسون، أو الشراكات الاستراتيجية مع المنافسين كما بين آبل و سامسونج حيث أنّها أكبر من مجرد علاقة مورد و مشترٍ، أو المشاريع المشتركة كما بين نوكيا وسيمنس. في المقال القادم سنستعرض نموذجًا عمليّا عن المُخطّط.
  12. الشركة الناشئة هي شركة صممت لتنمو بسرعة. وكون الشركة تأسست حديثًا لا يجعلها شركة ناشئة. كما أنه من غير الضروري على الشركة الناشئة أن تعمل في قطّاع التقنية أو أن تقبل تمويلًا مخاطرًا أو أن يكون لها أي نوع من "خطط الخروج". الشيء الوحيد الأساسي هو النمو. وكل شيء آخر يتم ربطه بالشركات الناشئة فهو يتبع النمو. إذا أردت إطلاق شركة ناشئة فمن الضروري أن تعي بأن في الشركات الناشئة من الصعوبة ما لا يمكنك الوقوف جانبًا مكتوف الأيدي وتأمل بأن تنجح. عليك أن تعرف أن ما يجب أن تسعى إليه هو النمو. والخبر السار هنا، أنك إذا حققت النمو، فإن كل شيء آخر سيتحقق في مكانه. ما يعني أنه يمكنك استخدام النمو كبوصلة لاتخاذ أي قرار سوف تواجهه. الشجرة الباسقة لنبدأ مع العلامة الفارقة التي يجب أن تكون واضحة لكن على الأغلب نغض البصر عنها: ليست كل شركة تأسست حديثًا هي شركة ناشئة. تنطلق سنويًا ملايين الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أن جزءً ضئيلًا منها يُعدّ شركات ناشئة. ومعظمها يعمل ضمن قطاع الخدمات كالمطاعم، محلات الحلاقة، السبّاكين وهلم جرًّا. وهذه ليست شركات ناشئة، ما عدا بضعة حالات غير اعتيادية. محل الحلاقة ليس مُصممًا لينمو بسرعة، في حين أن محرك البحث على سبيل المثال مصمم لذلك. وعندما أقول الشركات الناشئة مصممة لتنمو بسرعة، فأنا أعني ذلك من ناحيتين. أعني جزئيًا أن تكون مصممة لهذا الغرض عن قصد، بسبب أن معظم الشركات الناشئة تفشل. لكن أعني أيضًا أن الشركات الناشئة مختلفة بطبيعتها، بنفس الطريقة التي تكون وجهة نمو الشجيرة مختلفة عن نمو الحبة. وذلك الاختلاف هو سبب وجود كلمة مميزة. "الشركة الناشئة" تطلق على الشركات المصممة لتنمو بسرعة. فإذا كانت جميع الشركات متشابهة في الأساس، لكن بعضها نتيجة الحظ أو جهود المؤسسين فانتهى بها الحال بأن تنمو بسرعة بالغة، فلن نحتاج لكلمة أخرى منفصلة. يمكننا أن نتحدث عن الشركات فائقة النجاح والشركات الأقل نجاحًا. لكن في الواقع الشركات الناشئة لديها نوع مختلف من الحمض النووي مقارنة بباقي الشركات. شركة غوغل ليست مجرد محل حلاقة كان مؤسسوه محظوظين على غير العادة ومجدّين بالعمل. غوغل كانت مختلفة منذ البداية. ومن أجل النمو بسرعة، فإنك بحاجة لصنع شيء يمكنك بيعه لسوق كبير. وهذا هو الاختلاف ما بين غوغل ومحل الحلاقة. حيث أن محل الحلاقة لا يمكنه التوسع والنمو. من أجل أن تنمو الشركة إلى حجم كبير جدًا، يجب عليها (أ) أن تصنع شيء يحتاجه عدد كبير من الناس و(ب) أن يصل ويخدّم جميع هؤلاء الناس. يمكن لمحلات الحلاقة أن تبلي جيدًا في النقطة (أ)، لأن الجميع تقريبًا بحاجة لقص شعرهم. المشكلة التي تواجه محل الحلاقة، وأي منشأة تعتمد على التجزئة هي النقطة (ب). محل الحلاقة يخدم الزبائن بشكل شخصي، وعدد قليل منهم سيسافر من أجل قص شعره، وحتى لو فعلوا ذلك فإن محل الحلاقة لا يمكنه استضافتهم. [1] يعدّ صنع البرمجيات طريقة رائعة لحل النقطة (ب)، لكنك لاتزال مقيدًا بـ (أ). إذا صنعت برنامجًا لتعليم اللغة التبتية للمتحدثين بالمجرية، فإنك ستكون قادرًا على الوصول إلى معظم الأشخاص الذين يرغبون بذلك، لكن لن يكون عددهم كبيرًا. أما إذا صنعت برنامجًا لتعليم اللغة الإنكليزية للمتحدثين بالصينية، فأنت في منطقة الشركات الناشئة. معظم الشركات مقيدة بشكل قوي إما في (أ) أو (ب). والسمة المميزة للشركات الناشئة أنها ليست كذلك. الأفكار قد يبدو أنه دائمًا من الأفضل أن تبدأ شركة ناشئة بدلًا عن شركة عادية. فإذا كنت ستطلق شركة، لم لا تبدأ بالنوع الذي يكون له معظم الإمكانات؟ المشكلة أننا هنا في سوق كفؤ إلى حد ما. إذا صنعت برنامجًا لتعليم اللغة التبتية للمجريين، فإنه لن تواجهك منافسة كبيرة. لكن لو صنعت برنامجًا لتعليم اللغة الإنكليزية للمتحدثين بالصينية، فإنك ستواجه منافسة شرسة، تحديدًا لأن ذلك أشبه بالجائزة الكبرى. إن القيود التي تحدد الشركات الناشئة تحميها أيضًا. وهذا هو التنازل عن ميزة مقابل الحصول على ميزة أخرى. إذا أطلقت محل حلاقة، فإنه يتوجب عليك المنافسة مع محلات الحلاقة المحلية فقط. لكن لو أطلقت محرك بحث فيتوجب عليك المنافسة مع العالم بأسره. إن الشيء الأكثر أهمية هو أن القيود على الشركات العادية لا تحمي من المنافسة، بل من صعوبة ابتكار أفكار جديدة. فإذا افتتحت محلًا للمشروبات في حي معيّن، فإن القيود لا تحدد إمكانياتك وتحميك من المنافسين فحسب، بل أيضًا القيود الجغرافية تساعد على التعريف بشركتك. بالتالي محل المشروبات + الحي هي فكرة جيدة عن مشروع صغير. وبنفس الأمر للشركات المقيدة في (أ)، فإن مجالك يحميك ويعرفّك أيضًا. في حين لو أطلقت شركة ناشئة، فإنك على الأرجح سوف تفكر في شيء أكبر. على الشركة الناشئة أن تفعل شيء يمكنه الوصول إلى سوق كبير، والأفكار المتعلقة بذلك النوع من الشركات قيّمة للغاية لدرجة أن كل الأفكار الواضحة تم استغلالها. تم اختيار ذلك الفضاء من الأفكار بدقة لدرجة أن الشركة الناشئة عمومًا عليها أن تعمل على شيء تجاوز الجميع النظر إليه. وكنت سأقول أن تقوم بجهد كافي للعثور على الأفكار التي أغفلها الجميع. لكن ليست تلك الطريقة التي بدأت بها معظم الشركات الناشئة. عادة تنجح الشركات الناشئة بسبب أن المؤسسين مختلفين عن باقي الناس بحيث أن الأفكار التي يراها عدد قليل منهم تكون واضحة لهم. وربما لاحقًا قد يتراجعون خطوة للوراء ويلاحظون أنهم عثروا على فكرة كان الجميع غافلًا عنها، ومنذ ذلك الحين يبذلون جهدهم للبقاء هناك. [3] لكن في اللحظة التي تنطلق فيها الشركة الناشئة الناجحة، يكون معظم الابتكار بشكل غير واع. المميز في المؤسسين الناجحين أنهم يستطيعون رؤية المشاكل المختلفة. إنه مزيج جيد أن تكون ماهرًا في التقنية و مواجهة المشاكل التي يمكن حلّها بواسطتها، لأن التقنية تتغير بسرعة كبيرة لدرجة أن الأفكار السيئة سابقًا تصبح جيدة بدون أن يلاحظها أحد. كانت مشكلة ستيف وزنياك Steve Wozniak أنه أراد حاسوبه الخاص. وكانت تلك مشكلة غير اعتيادية في عام 1975. لكن التغييرات التقنية عملت على تحويلها إلى مشكلة عامة. لأنه ليس فقط أراد حاسوبًا بل عرف كيف يصنعه أيضًا. حيث كان وزنياك قادرًا على صنع واحدًا له، وأصبحت المشكلة التي حلّها لنفسه ما تحلّه آبل لملايين الناس خلال السنوات التالية. لكن مع مرور الوقت أصبح من الواضح للناس العاديين أن هذا سوق كبير، وكانت قد تأسست شركة آبل. غوغل لديها بدايات مماثلة أيضًا، أراد كل من لاري بايج Larry Page و سيرجي برين Sergey Brin أن يبحثا عبر الويب, لكن على عكس معظم الناس فلم تتوفّر لديهما الخبرة التقنية لملاحظة أن محركات البحث الأخرى لم تكن جيدة كفاية كما أرادا فحسب، وإنما كانت لديهما أيضًا معرفة في تطويرها. أصبحت مشكلتهم خلال السنوات القليلة التالية مشكلة الجميع، حيث نما الويب إلى حجم لا يتطلب خبرة عالية لتعرف أن الخوارزميات القديمة لم تعد جيدة كفاية لها. لكن كما حصل مع آبل، في الوقت الذي أدرك فيه الجميع مدى أهمية البحث، كانت غوغل قد ترسّخت. هذا أحد الارتباطات ما بين أفكار الشركات الناشئة والتقنية. التغير السريع في منطقة واحدة يكشف عن مشاكل كبيرة وغير محلولة في مناطق أخرى. في بعض الأحيان تكون التغييرات تقدمًا، وما تغيره يكون القابلية للحل. وهذا هو نوع التغيير الذي أسفر عن إطلاق آبل، وأتاح التقدم في تقنيات الشرائح أخيرًا لستيف وزنياك تصميم حاسوبه الخاص الذي يستطيع تحمل تكلفته. لكن في حالة شركة غوغل كان التغير الأكثر أهمية هو نمو شبكة الويب. وما تغير هناك لم يكن قابلية الحل إنما التكبير. والارتباط الآخر ما بين الشركات الناشئة والتقنية هو أن الشركات الناشئة تؤسس طرق جديدة للقيام بالأعمال، وهذا ما يؤدي إلى ظهور تقنيات جديدة. عندما تبدأ الشركة الناشئة بفكرة ظهرت نتيجة التغير التقني وتقوم بصنع منتج مؤلف من التقنية بالمعنى الضيق ( ما اعتدنا على وصفه "عالي التقنية")، فإنه من السهل الخلط بينهما. إلا أن الارتباطان يختلفان من حيث المبدأ فالأول يمكنه أن يطلق شركة ناشئة لم تكن تقودها التغيرات التقنية ولا المنتج الذي يتألف من التقنية ما عدا في المعنى الواسع. [4] المعدّل ما هي السرعة التي يجب أن تنمو بها الشركة حتى تعتبر ناشئة؟ ليس هناك إجابة دقيقة على هذا السؤال. في البداية إطلاق شركة ناشئة لا يزيد عن كونه توضيح لطموح المرء. فأنت ملتزم ليس بمجرد تأسيس الشركة، بل بإطلاق شركة تنمو بسرعة، وبالتالي أنت ملتزم بالبحث عن فكرة نادرة لهذا النوع من الشركات. لكن في البداية ليس لديك أكثر من هذا الالتزام. إن إطلاق شركة ناشئة أشبه ما يكون بالمُمثّل. في بداية حياته المهنية يكون المُمثّل ذلك الشخص المنتظر الذي يذهب لاختبارات الأداء، وإن حصل على أدوار فإن ذلك يجعله ممثل ناجح، لكنه لا يصبح ممثلًا فقط عندما يصبح ناجحًا. لذا فإن السؤال الحقيقي ليس ما هو معدل النمو الذي يجعل الشركة ناشئة، بل ما هو معدل النمو الذي تملكه الشركات الناشئة الناجحة؟ هذا أكثر من مجرد سؤال نظري بالنسبة للمؤسسين، لأنه مساوي لسؤالهم إن كانوا على المسار الصحيح. يكون لنمو الشركة الناجحة عادة ثلاثة مراحل: 1. هناك الفترة الأولية من البطء أو اللانمو حيث تحاول الشركة أن تتعرف على ما تقوم به. 2. ما أن تكتشف الشركة الناشئة كيف تقوم بشيء ما يريده عدد كبير من الناس وكيف تصل إليهم، تكون هناك فترة النمو السريع. 3. أخيرًا، عندما تنمو الشركة الناشئة الناجحة لتصبح شركة كبيرة. سيتباطأ النمو، وبسبب قيود داخلية جزئيًا و بدء اصطدام الشركة بقيود في الأسواق التي تخدمها.[5] تشكّل هذه المراحل الثلاثة معًا منحنى س. والمرحلة الثانية، الصعود هي التي يعرّف النمو فيها الشركة الناشئة. ويحدد طولها وانحدارها حجم الشركة وإلى أي مدى يمكن أن يصل. إن الانحدار هو معدل نمو الشركة. وإذا كان هناك رقم يجب على كل مؤسس شركة أن يعرفه، هو معدل نمو الشركة. إنّه مقياس الشركة الناشئة. وإذا كنت لا تعرف هذا الرقم، فأنت لا تعرف حتى إن كان أداء شركتك جيدًا أو سيئًا. عندما قابلت مؤسسي الشركات وسألتهم عن معدلات النمو لديهم، أحيانًا يخبرني بعضهم " لدينا حوالي بضعة مئات من الزبائن الجدد شهريًا". هذا ليس معدّلًا. ليس المهم العدد المطلق للزبائن الجدد، بل نسبة الزبائن الجدد إلى الزبائن الحاليين. فإذا كان لديك عدد ثابت من الزبائن الجدد شهريًا، فأنت في ورطة، لأن ذلك يعني أن معدل النمو لديك يتراجع. في حاضنة الأعمال Y Combinator نقوم بمراجعة معدل النمو أسبوعيًّا، لأن هناك وقت قصير للغاية قبل يوم العرض التجريبي، وأيضًا لأن الشركات الناشئة بحاجة عاجلة للتغذية الراجعة من المستخدمين من أجل تحسين ما يقومون به. [6] إن معدل النمو الجيد في حاضنة Y Combinator يتراوح ما بين 5-7% في الأسبوع. فإذا استطعت الوصول إلى 10% أسبوعيًا فإن أدائك جيد بشكل استثنائي. وإذا استطعت تحقيق 1% فقط، فإن هذا علامة على أنك لم تعي بعد ما الذي يجب عليك القيام به. إن أفضل شيء لقياس معدل النمو هو العائدات. وثاني أفضل شيء هو معدل المستخدمين النّشطين. وهذا بديل معقول لنمو العائدات لأنه ما أن تبدأ الشركة بتحقيق المال، فإن عائداتها سوف تتضاعف بشكل ثابت عن عدد المستخدمين النّشطين. [7] البوصلة ننصح عادة الشركات الناشئة أن تختار معدل نمو يعتقدون أنه يمكنهم تحقيقه، وبعدها فقط تكرار محاولة تحقيقه في كل أسبوع. إن الكلمة الهامة هنا هي "فقط". إذا قررت الشركة أن تنمو بمعدل 7% أسبوعيًّا وحققت هذا المعدل، فإنها تعتبر ناجحة في ذلك الأسبوع. وليس هناك شيء آخر يتعين عليها القيام به. لكن إذا لم تتمكن من تحقيقه، فإنها فشلت في الشيء الوحيد الهام، ويجب أن تشعر بالإنذار تبعًا لذلك. سوف يدرك المبرمجون ما نتحدث عنه هنا. إننا نحوّل إطلاق الشركة الناشئة إلى عملية تحسين. وأي شخص حاول تحسين شيفرة برمجية يعرف لأي مدى تكون فعالية تضييق التركيز. إن تحسين الشيفرة البرمجية يعني أخذ برنامج جاهز حاليًا وتغييره ليستخدم كمية أقل من شيء ما، عادة ما يكون الوقت أو الذاكرة. ليس عليك أن تفكر حيال وظيفة البرنامج، فقط اجعله أسرع. إن هذا عمل مرضي للغاية بالنسبة لمعظم المبرمجين. إن التركيز الضيق يجعل الأمر كنوع من اللغز، وأنت مندهش من السرعة التي يمكنك فيها حله. إن التركيز أو الوصول إلى معدل النمو يقلل بطريقة أخرى المشاكل المثيرة للارتباك المصاحبة لإطلاق شركة ناشئة من أجل مشكلة واحدة. يمكنك استخدام معدل النمو هذا من أجل اتخاذ جميع القرارات، أي شيء يحقق لك معدل النمو يجب أن تحكم لصالحه. هل عليك قضاء يومين في المؤتمر؟ هل عليك توظيف مبرمج آخر؟ هل عليك التركيز أكثر على التسويق؟ هل عليك قضاء الوقت في التودد لزبون مهم؟ هل عليك إضافة الميزة الفلانية؟ أي شيء يحقق لك معدل النمو المستهدف.[8] لا يعني الحكم على نفسك من خلال معدل النمو الأسبوعي أنه لا يمكنك النظر لأبعد من فترة أسبوع. ما أن تجرب ألم إخفاق الوصول إلى هدفك في أسبوع ما ( لقد كان الشيء الوحيد المهم، وفشلت في تحقيقه)، فإنك تصبح مهتمًا في أي شيء يمكن أن يوفر عليك هذا الألم في المستقبل. على سبيل المثال سوف تتمنى لو وظّفت مُبرمجًا آخر، مع أنه لن يساهم في معدل النمو لهذا الأسبوع، لكن ربما خلال شهر سوف يضيف خصائص جديدة سوف تكسبك المزيد من المستخدمين. لكن إذا كان فقط (أ) التشتت من عملية توظيف أحدهم لن يجعلك تفشل في تحقيق أهدافك خلال المدى القصير، و (ب) لديك قلق بالغ حيال ما إذا كنت قادرًا على الوصول إلى معدلات النمو المستهدفة بدون الحاجة لتعيين أشخاص جدد. إن هذا لا يعني أنك لا تفكر بالمستقبل، بل يعني أنك تفكر حول الأشياء الضرورية فحسب. نظريًا فإن هذه العملية الشاقة يمكن أن تقود الشركة الناشئة إلى المتاعب. يمكن أن يصل بها الأمر في نهاية المطاف إلى مستوى أعظمي لكن محليًا. وفعليًا هذا لن يحدث أبدًا. إن تحقيقك لمعدل النمو أسبوعيًّا يجبر المؤسسين على التصرف، وهذا مقابل عدم التصرف هو سقف النجاح. في تسعة مرات من كل عشرة يكون التخطيط الاستراتيجي مجرد شكل من المماطلة. في حين أن حدس المؤسسين حول اختيار أية هضبة يجب تسلقها يكون عادة أفضل مما يعرفون. بالإضافة إلى أن أقصى ما في فضاء أفكار الشركات الناشئة ليس شائكًا ومعزولًا. معظم الأفكار الجيدة إلى حد ما هي بجوار أفكار أفضل منها. الشيء الساحر حول التحسين من أجل النمو أنه يمكنه استكشاف أفكار للشركات الناشئة. يمكنك استخدام الحاجة للنمو كشكل من الضغط التطوري. إذا بدأت مع بعض التخطيط المبدئي ومن ثم عدلت الخطة بما يستلزم تحقيق معدل نمو أسبوعي 10% مثلًا, يمكن أن ينتهي بك المطاف مع شركة مختلفة كليًّا عن التي كنت تنوي تأسيسها. لكن أي شيء ينمو بشكل ثابت بمعدل 10% أسبوعيًا على الأغلب أفضل من الفكرة التي بدأت منها. هنا يتوازى الأمر مع الشركات الصغيرة. كما أن القيود التي تبقيك في حي جغرافي معين ساعد محل المشروبات على التعريف به، فإن قيود النمو بمعدل محدد يمكن أن يساعد على التعريف بالشركة الناشئة. بشكل عام من الأفضل أن تتبع هذا القيد بغض النظر عن وجهته بدلًا من أن تكون متأثرًا ببعض الرؤى المبدئية، كما أن العلماء يفضلون متابعة الحقيقة إلى نهايتها بدلًا من التأثر بالأمنيات. عندما قال ريتشارد فاينمان Richard Feynman أن مخيلة الطبيعة أعظم من مخيلة الإنسان، كان يقصد أنه لو التزمت بمتابعة الحقيقة فإنك سوف تستكشف أشياء أروع مما يمكن أن تصنعه. وبالنسبة للشركات الناشئة فإن النمو هو قيد أشبه بالحقيقة. كل شركة ناشئة ناجحة هي على الأقل جزئيًا نتاج مخيلة النمو. [9] القيمة من الصعب أن تعثر على شيء ما ينمو بشكل مستمر وبعدة نسب مئوية أسبوعيًا، لكن إذا عثرت عليه فإنك تكون قد وصلت إلى شيء قيّم للغاية. وإذا تابعت الحديث ستعرف السبب. إن الشركة التي تنمو بمعدل 1% أسبوعيًا، سوف تتضاعف 1.7 مرة سنويًا، في حين أن الشركة التي تنمو بمعدل 5% أسبوعيًا، سوف تتضاعف 12.6 مرة سنويًا. والشركة التي تحقق ألف دولار شهريًا ( وهو رقم عادي في المراحل المبكرة في حاضنة الأعمال Y Combinator ) وتنمو بمعدل 1% أسبوعيًا، سوف تصل إلى تحقيق 7900 دولار شهريًا بعد 4 سنوات، وهو أقل مما يدفع كراتب لمبرمج جيد في وادي السيليكون. والشركة الناشئة التي تنمو بمعدل 5% أسبوعيًا، سوف تصل إلى تحقيق 25 مليون دولار شهريًا بعد 4 سنوات.[10] نادرًا ما عرف أسلافنا حالات النمو المتسارع، لأن حدسنا لا يستطيع أن يدلنا على هذا. وما يحدث للشركات الناشئة التي تنمو بسرعة يفاجئ حتى مؤسسيها. تؤدي الاختلافات الصغيرة في معدل النمو إلى نتائج مختلفة نوعيًا. ولهذا السبب هناك كلمة منفصلة تعبّر عن الشركات الناشئة، ولهذا أيضًا تقوم تلك الشركات بما لا تفعله الشركات العادية. كالحصول على التمويل والاستحواذ عليها، وبغرابة أيضًا أن تفشل بشكل متكرر. ومع الأخذ بعين الاعتبار القيمة التي يمكن أن تصل إليها الشركة الناشئة الناجحة، سيتفاجئ أي شخص مطّلع على مفهوم القيمة المتوقعة إذا لم تكن معدلات الفشل مرتفعة. إذا استطاعت الشركة الناشئة الناجحة أن تحقق للمؤسس مليون دولار، حتى عندها سيكون معدل النجاح هو فقط 1%، وستكون القيمة المتوقعة لإطلاق شركة ناجحة مليون دولار. ولكن إن احتمال وجود مجموعة من المؤسسين الأذكياء والمصممين على النجاح عند ذلك الحد سيكون أعلى من 1% بشكل ملحوظ. وبالنسبة للأشخاص المناسبين، مثل بيل غيتس، فإن الاحتمال قد يكون 20% أو حتى 50%. لذا من غير المفاجئ أن هناك الكثير ممن يود أن يخوض المغامرة. في السوق المُتكافئة، يجب أن يكون عدد الشركات الناشئة الفاشلة مناسب لحجم الشركات الناجحة، وبما أن الأخير ضخم للغاية يجب أن يكون الأول كذلك.[11] وهذا يعني أنه في أي وقت، سوف تعمل الغالبية العظمى من الشركات الناشئة على شيء لن يتحقق أبدًا، وسوف تمجّد جهودها المحتومة بالفشل تحت العنوان العظيم "الشركة الناشئة". وهذا لا يزعجني. أنه يحدث أيضًا للمهن المرموقة كأن تكون ممثلًا أو روائيًا. لقد اعتدت على هذا الأمر منذ زمن بعيد. لكنه على ما يبدو يزعج الكثير من الناس، بالتحديد أولئك الذين أسّسوا من قبل شركات عادية. انزعج العديد منهم لأن الشركات المدعوة بالناشئة تحظى بالاهتمام، مع أنه بالكاد القليل منها سيصل إلى أي شيء. إذا رجعوا خطوة للوراء ونظروا إلى الصورة الكاملة فإنهم سيكونون أقل سخطًا. إن الخطأ الذي يرتكبونه هو إسناد رأيهم بناءً على أدلة كلامية لأنهم يحكمون ضمنيًا عبر استخدام الوسيط median لا المتوسط الحسابي. إذا حكمت على الشركة الناشئة الوسيطة، فإن كامل مفهوم الشركة الناشئة سيبدو كاحتيال. عليك أن تخترع فقاعة لشرح لماذا يرغب المؤسسون بإطلاق تلك الشركات أو المستثمرون بتمويلها. لكن من الخطأ استخدام الوسيط في مجال فيه تباينات كبيرة. إذا نظرت إلى المتوسط الحسابي للمخرجات بدلًا من الوسيط، يمكنك أن تفهم لماذا يحبهم المستثمرون، ولماذا من العقلانية بالنسبة للمؤسسين إطلاق تلك الشركات. الصفقات لماذا يحبّ المستثمرون الشركات الناشئة جدًا؟ لماذا يتحمسون للغاية للاستثمار في تطبيقات مشاركة الصور، بدلًا عن الأعمال التي تحقق الأموال بشكل أفضل؟ ليس من أجل السبب الواضح فقط. إن اختبار أي استثمار هو معدل العائد إلى الخطر. تتجاوز الشركات الناشئة هذا الاختبار لأنها ،على الرغم من خطورتها الواضحة، تحقق العوائد المجزية عندما تنجح. لكن هذا ليس السبب الوحيد الذي يجعل المستثمرين يحبون الشركات الناشئة. قد يكون لدى الشركة العادية بطيئة النمو معدل عائد على الخطر جيد تمامًا كما لدى الشركة الناشئة أيضًا إذا كانت بطيئة. بالتالي لماذا يهتمّ المستثمرون المخاطرون فقط بالشّركات عالية النمو؟ السبب الحقيقي يكمن في أنهم يحصلون على العوائد عندما يسترجعون رأس المال، والحالة المثالية لذلك بعد طرح الشركة الناشئة للاكتتاب العام، أو يتعذر حصولهم على شيء عندما يُستحوذ عليها. الطريقة الأخرى للحصول على العوائد من الاستثمارات هي في شكل أرباح الأسهم. لماذا لا توجد هناك صناعة موازية للاستثمار المخاطر حيث يكون الاستثمار في الشركة العادية بمقابل نسبة من أرباحها؟ لأنه من السهل للغاية على الأشخاص الذين يديرون الشركة الخاصة أن يحولوا عائداتها لأنفسهم ( مثلًا عبر شراء المكونات المبالغ بسعرها من موردين يمكنهم التحكم بهم) أثناء عملية تحويل شكل الشركة لتبدو وكأنها مربحة بعض الشيء. وعلى أي شخص يستثمر في الشركات الخاصة مقابل العوائد على الأسهم أن يكون مطّلعًا عن كثب على سجلات ودفاتر الشركة المالية. السبب الذي يدفع المستثمرين المخاطرين للاستثمار في الشركات الناشئة، ببساطة ليس العوائد، بل أيضًا إن مثل هذه الاستثمارات سهلة المراقبة والإشراف. حيث أن المؤسسين لا يمكنهم إثراء أنفسهم بدون إثراء المستثمرين. [12] لماذا يريد المؤسّسون أن يحصلوا على أموال المستثمرين المخاطرين؟ النمو، مجددًا. إن القيود التي تفصل ما بين الأفكار الجيدة والنمو تعمل في كلا الاتجاهين. ليس الأمر مجرد أنك تريد فكرة قابلة للتكبير من أجل النمو. إذا كانت لديك مثل هذه الفكرة لكنك لا تنمو بسرعة، فإن المنافسين سيفعلون ذلك. إن النمو البطيء للغاية خطر على الشركات مع تأثيرات جانبية على غيرها، وهو ما تواجهه حتى أفضل الشركات الناشئة عادة إلى حد ما. كل شركة تقريبًا بحاجة لبعض المال من أجل أن تبدأ. لكن غالبًا ما تحصل الشركات على تمويل حتى عندما تكون رابحة. قد يبدو من الغباء بيع أسهم شركة رابحة بسعر أقل مما تعتقد أنه سيكون في المستقبل، لكنه ليس بقدر الغباء الذي يدفعك لشراء بوليصة تأمين. في الواقع هذا ما تقوم به معظم الشركات الناشئة الناجحة عندما تستعرض عمليات التمويل. حيث يمكنها النمو بالاعتماد على عائداتها الخاصة، لكن يساعد المال الإضافي الذي يقدمه المستثمرين المخاطرين على النمو أسرع. إن الحصول على التمويل يتيح لك اختيار معدل النمو الخاص بك. دائمًا يكون المال المخصص للنمو بسرعة في قيادة معظم الشركات الناشئة الناجحة. يمكن للشركة الناشئة أن تربح فقط إذا أرادت النمو بواسطة عائداتها الخاصة. قد يكون النمو البطيء خطرًا بعض الشيء، لكن هناك احتمالات بأن تنجو. في حين أن المستثمرين المخاطرين يبحثون عن الاستثمار في الشركات الناشئة، وتحديدًا في الشركات الناشئة الأكثر نجاحًا، أو سوف يتوقفون عن العمل ويفشلون. وهذا يعني أن أي شركة ناشئة واعدة سوف يعرض عليها الحصول على المال بشروط لن يستطيعوا رفضها. وبالنظر إلى حجم النجاح في أعمال الشركات الناشئة، لا يزال أمام المستثمرين المخاطرين فرصة لتحقيق الأرباح من مثل هذه الاستثمارات. قد لا تصدق أن شركتك سوف تصل قيمتها إلى معدل نمو مرتفع للغاية، لكن البعض يصدق ذلك. لماذا كل شركة ناشئة ناجحة تقريبًا سوف تتلقّى عروض استحواذ أيضًا؟ ما الذي يجعل الشركات الناشئة مرغوبة لدى الشركات الأخرى لدرجة أنها تريد شرائها؟[13] في الواقع أن الشيء الذي يجعل أي شخص يرغب بالحصول على أسهم الشركات الناشئة الناجحة: هو أن الشركة الناشئة التي تنمو بسرعة تصبح قيّمة. أنه أمر جيد على سبيل المثال أن تستحوذ إيباي eBay على باي بال Paypal ، لأن باي بال اليوم مسؤولة عن 43% من مبيعاتها وربما قسم أكبر من نموها. لكن هناك أسباب إضافية تجعل المستحوِذين يرغبون بالشركات الناشئة. إن الشركة التي تنمو بسرعة ليست فقط قيّمة، بل خطرة أيضًا. إذا استمرت بالتوسّع، قد تصل لمرحلة تتوسّع فيها ضمن منطقة سيطرة المستحوذ نفسه. إن معظم عمليات الاستحواذ على المنتجات تحوي جزءًا من الخوف. حتى لو لم يتّعرض المستحوذ لتهديد الشركة الناشئة نفسها، قد يستشعرون الخطر مما يمكن للمنافس أن يفعل بالشركة المستحوذ عليها. وبسبب أن الشركات الناشئة تبدو قيمتها مضاعفة بالنسبة للمستحوِذ، فإنه غالبًا ما يدفع المزيد من المال مقارنة بمستثمر عادي. الفهم إن مزيج المؤسسين، المستثمرين و المستحوِذين يشكّل نظامًا اقتصاديّا طبيعيّا. إنّه يعمل بطريقة تجعل أولئك الذين لا يفهمونه يخترعون نظريات مؤامرة لشرح كيف تسير الأمور. إذا بدأت من افتراض خاطئ أن انستغرام Instagram كان عديم القيمة، عليك أن تبتكر رئيسًا سريًّا يجبر مارك زوكربيرغ Mark Zuckerberg على شرائه. وأي شخص يعرف مارك زوكربيرغ فإن هذا برهان مخالف للافتراض الأولي. السبب الذي دفعه لشراء انستغرام كان أنها شركة قيّمة وخطرة وما جعلها كذلك هو النمو. إذا أردت فهم الشركات الناشئة، افهم النمو. يقود النمو كل شيء في هذا العالم. النمو هو السبب الذي يجعل الشركات الناشئة عادة تعمل في قطاع التقنية، لأن أفكار الشركات التي تنمو بسرعة نادرة جدًا لدرجة أن أفضل طريقة للعثور على واحدة منها هو استكشاف ما أظهرته التغييرات الأخيرة، والتقنية هي أفضل مصدر للتغيير السريع. إن النمو هو ما يفسر عقلانية الخيار للعديد من المؤسسين لجدوى محاولة إطلاق شركة ناشئة: النمو يجعل الشركات الناجحة قيّمة للغاية لدرجة أن القيمة المتوقعة عالية على الرغم من ارتفاع الخطر أيضًا. النمو هو ما يجعل المستثمرين المخاطرين يستثمرون في الشركات الناشئة: ليس من أجل العوائد العالية فقط، بل أيضًا من أجل سهولة توليد العوائد على رأس المال مقارنة بتوليد العوائد من الأسهم. يشرح النمو سبب قبول الشركات الناشئة الناجحة للتمويل المخاطر حتى عندما لا تكون بحاجة له: أنه يسمح لهم باختيار معدل النمو. ويشرح النمو لماذا تحصل الشركات الناشئة الناجحة بشكل مستمر على عروض استحواذ. إن الشركة التي تنمو بسرعة بالنسبة للمستحوِذين ليست مجرد قيّمة بل خطرة أيضًا. إذا أردت النجاح في مجال ما، ليس عليك فهم القوى المؤثرة فيه فحسب. إن تأسيس الشركات الناشئة يتألف من عملية فهم النمو. ما ستقوم به حقًا ( ومن أجل أن أرعب بعض المتحفظين، كل ما تقوم به) عند تأسيس شركة ناشئة هو الالتزام بحل أصعب نوع من المشاكل مقارنة بما تفعله الشركات العادية. فأنت ملتزم بالبحث عن واحدة من الأفكار النادرة التي تحقق النمو السريع. لأن هذه الأفكار قيّمة للغاية لدرجة أن العثور على واحدة منها صعب. إن الشركة الناشئة ما هي إلا تجسيد لاكتشافاتك. بالتالي تأسيس الشركة الناشئة يشابه إلى حد كبير أن تقرر بأن تصبح عالم أبحاث: لست ملتزمًا بحل أي مشكلة محددة، لا تعرف بالتأكيد أي المشاكل قابلة للحل، لكنك ملتزم بمحاولة استكشاف شيء ما لم يعرفه أحد بعد. في الواقع إن مؤسس الشركة الناشئة عالم أبحاث اقتصادي. معظم المؤسسين لا يكتشفون أي شيء رائع، لكن البعض يكتشف النسبية. الهوامش [1] بالمعنى الدقيق للكلمة، أنت لست بحاجة إلى عدد كبير من الزبائن بل إلى سوق كبير، ما يعني أن المنتج الذي لديه عدد كبير من الزبائن الذين يشترون عدة مرات يخبرنا بالمقدار الذي سيدفعونه. لكن أيضًا من الخطر أن يكون لديك عدد قليل من الزبائن حتى لو كانوا يدفعون الكثير، أو لدى كل زبون بشكل فردي سلطة أكبر يمكن أن تحولك في الواقع إلى شركة استشارية. لذا بغضّ النظر عن السوق الذي تعمل فيه، سيحتم عليك عادة أن تفعل أفضل ما في وسعك على الجانب الذي يجعلك تصنع أوسع نوع من المنتجات. [2] شجّع ديفيد هاينماير هانسون David Heinemeier Hansson في إحدى السنوات في كلية الشركات الناشئة المبرمجين الذين يرغبون تأسيس شركاتهم الخاصة على استخدام المطاعم كنموذج عمل. ما كان يقصده، برأي، أنه من المقبول أن تبدأ شركة برمجيات مقيدة في (أ) بنفس الطريقة التي كان بها المطعم مقيد في (ب). اتفق مع هذا الكلام. ليس على معظم الناس أن يحاولوا تأسيس شركة ناشئة. [3] ذلك النوع من التراجع هو أحد الأشياء التي نركّز عليها في حاضنة Y Combinator أنه شيء شائع بالنسبة للمؤسسين أن يقوموا باستكشاف شيء بواسطة الحدس بدون فهم كل تطبيقاته. وهذا صحيح على الأرجح لأكبر الاكتشافات في أي مجال. [4] لقد أخطأت فيما سبق (في مقالة " كيف تصنع الثروة " تحديدًا) عندما قلت أن الشركات الناشئة كانت شركات صغيرة تعمل على مشكلة تقنية صعبة. تلك كانت الوصفة الأكثر شيوعًا ولم أكن المخطئ الوحيد. [5] لا تكون الشركات محدودة بحجم السوق الذي تخدمه ظاهريًا، بسبب أنها قادرة على التوسّع في أسواق جديدة. لكن يبدو أن هناك قيود على إمكانية فعل ذلك من قبل الشركات الكبيرة. ما يعني أن التباطؤ الذي يحصل نتيجة الاصطدام مع قيود أحد الأسواق هو في النهاية مجرد طريقة أخرى للتعبير عن القيود الداخلية. قد يمكن تجاوز بعضّ هذه القيود عبر تغيير شكل المنظمة - تحديدًا تقسيمها. [6] من الواضح أن هذا الأمر خاص بالشركات الناشئة التي أطلقت بالفعل أو يمكن أن تطلق خلال فترة الحضانة. إن الشركة الناشئة التي تصمم قاعدة بيانات على الأرجح لن تفعل هذا. وعلى الجانب الآخر فإن إطلاق شيء ما بشكل صغير ثم استخدام معدل النمو كضغط يعتبر تقنية قيّمة يجب على أيّ شركة قادرة على أن تبدأ بها أن تفعل ذلك. [7] يجب أن يكون معدلّ النمو أعلى، إذا كانت الشركة الناشئة تنظر إلى بدايات فيس بوك وتويتر وتصنع شيء تأمل أنه سيصبح مشهورًا للغاية لكنها لم تحدد بعد خطة لتحقيق الإيرادات. على الرغم من أن هذا بديل عن نمو العائدات، لأن مثل هذه الشركات تحتاج لعدد كبير جدًا من المستخدمين لتحقق النجاح. كنّ حذرًا أيضًا من حالة الحافة حيث يتّسع كل شيء بسرعة، إذ يكون لديك صافي ثروة جيد حتى تقوم باستغلال كافة المستخدمين المحتملين، وعند هذه النقطة تتوقف فجأة. [8] عندما نقول في الحاضنة أنه من الحق أن تفعل كل ما يجب فعله لتحقيق معدل النمو المطلوب، نقصد بذلك ضمنيًا استثناء الخدع مثل شراء المستخدمين، اعتبارهم نشطين عندما لا يكونون كذلك، إرسال الدعوات بشكل متزايد دوريًا لصنع منحنى نمو مثالي ...إلخ. وحتى لو تمكّنت من خداع المستثمرين بمثل هذه الخدع، سينتهي بك الأمر إلى أن تؤذي نفسك، لأنك ترمي البوصلة الخاصة بك بعيدًا. [9] وهي لماذا يعتبر خطأ خطير أن تعتقد أن الشركة الناشئة الناجحة هي ببساطة تجّسيد بعض الأفكار الأوّلية الرائعة. ليس ما تبحث عنه هو الفكرة الرائعة بقدر ما هو فكرة يمكنك تطويرها لتصبح رائعة. يكّمن الخطر في أن الأفكار الواعدة ليست مجرد نسخة مموهة عن الأفكار الرائعة. إنها في الغالب نوع مختلف من الأفكار، لأن المستخدمين الأوائل الذين تقوم بتطوير فكرتك بناءً عليهم لديهم احتياجات مختلفة عن باقي أفراد السوق. على سبيل المثال، الفكرة التي تطورت إلى فيس بوك لم تكن مجرد مجموعة جزئية من فيس بوك، الفكرة التي تطورت إلى فيس بوك كانت موقع ويب لخريجي جامعة هارفارد. [10] ماذا لو نمت الشركة 1.7 مرة سنويًا ولفترة طويلة للغاية؟ أليس بإمكانها النمو بنفس القدر الذي تنمو به أية شركة ناشئة ناجحة؟ من حيث المبدأ نعم بالطبع. إذا كانت شركتنا المفترضة تحقق ألف دولار شهريًا وتنمو بمعدل 1% سنويًا حتى 19 عامًا، فإنها ستنمو وتصبح كبيرة كما لو نمت شركة بمعدل 5% أسبوعيًا لفترة 4 سنوات. ولكن في حين أن مثل هذه المسارات تكون شائعة في بعض المجالات مثل التطوير العقاري، فإنك لا تراها تتكرر كثيرًا في الشركات التقنية والأعمال المتصلة بها. تميل الشركات في قطاع التقنية والتي تنمو ببطء إلى أن لا تنمو كالشركات الكبيرة. [11] يختلف أي حساب للقيمة المتوقعة من شخص لآخر بحسب دالّة منفعة المال، مثلًا يكون المليون الأول قيّمًا أكثر بالنسبة لمعظم الناس مقارنة بالملايين الأخرى التالية. لكن لأي مدى يكون قيّمًا أكثر؟ يعتمد ذلك على الشخص. بالنسبة للمؤسسين الذين كانوا أكثر شبابًا وطموحًا تكون دالة المنفعة مستقيمة، وعلى الأرجح ما يجعل السبب بأن معظم مؤسسي الشركات الناجحة يكونون شباب. [12] بدقة أكبر، هذه هي حالة الفائز الأكبر، والذي يكون مصدر كل الإيرادات. يمكن لمؤسس الشركة الناشئة أن يقوم بنفس الخدعة التي تثري نفسه على حساب الشركة من خلال بيعها مكونات مبالغ في سعرها. لكنه لن يكون الأمر يستحق هذا العناء بالنسبة لمؤسسي غوغل. إن مؤسسي الشركات الناشئة الفاشلة فقط من يسقطون تحت هذا الإغراء، وعلى كل حال هؤلاء تم شطبهم من اهتمام شركات التمويل المخاطر. [13] تصنّف الاستحواذات في تصنيفين: تلك الاستحواذات التي تودّ بها الشركة المستحوذة الحصول على الشركة المستحوذ عليها، وتلك التي ترغب الشركة المستحوذة بالحصول على موظفي الشركة المستحوذ عليها فقط. ويطلق على هذا النوع الأخير أحيانًا استحواذات الموارد البشرية. لأنها تكون اسميًا عملية استحواذ لكنها تحمل تأثير كبير على حساب القيمة المتوقعة بالنسبة للمؤسسين، لذا ترى الشركة المستحوذة عمليات استحواذات الموارد البشرية أقرب إلى توظيف المكافآت. [14] شرحت هذا الأمر ذات مرة لبعض المؤسسين الذين وصلوا للتو من روسيا. وجدوا الأمر غريبًا أنه إذا هددت شركة ما فإنها ستدفع لك غرامة. قالوا لي بشيء مشوب بالمزاح " في روسيا سيكتفون بقتلك ". من ناحية اقتصادية، إن الشركات القائمة لا يمكنها ببساطة إلغاء المنافسين الجدد وهذا قد يكون واحد من أكثر الوجوه قيمة لقواعد القانون. وهكذا نرى أن من لديه منصب وسلطة يقمع المنافسين من خلال القوانين أو دعاوى براءات الاختراع، يجب علينا القلق ليس لأنه خروج عن القانون في حد ذاته، بل خروج عم يسعى القانون لتطبيقه. ترجمة -وبتصرّف- للمقال startup = Growth لصاحبه بول جراهام (Paul Graham) مُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اقرأ المزيد من مقالات بول جراهام بالعربية
  13. منذ أكثر من مئة عام عندما وضعت جامعة هارفارد أول منهج أكاديمي يدرس إدارة الأعمال وحتى اليوم كانت العلوم الإدارية كلها تركّز على إدارة المشاريع القائمة وتطويرها و حلِّ مشاكلها، وبهذا وجدنا مثلًا الإدارة المالية تبحث في سبل تأمين الموارد المالية اللازمة لتكبير المشروع، وإدارة الموارد البشرية تبحث في طرق تعيين الموظفين الأكثر كفاءة، وحتى الإدارة الاستراتيجية كانت تبحث في مستقبل المشروع الحالي. اليوم مع تطور شكل منظمات الأعمال والمشاريع بدأت تظهر هناك ما تعرف بالشركات الناشئة Startups والتي تشترك في أنها تقدّم منتجات أو خدمات أو تدخل في أسواق جديدة كليًا. بالتالي ظهرت فجوة كبيرة وهي أنَّ علم إدارة الأعمال لم يكن جاهزًا لتقديم أدوات تساعد على تأسيس هذه الشركات على الرّغم من أنّه يملك خبرة تزيد عن القرن في تطوير وإنماء الشركات القائمة بحد ذاتها. ومن هذا المنطلق كانت أداة مخطط نموذج العمل التجاري Business Model Canvas واحدة من الأدوات الثوريّة التي لبّت حاجة رواد الأعمال في التخطيط لمشاريعهم وشركاتهم الناشئة على الورق قبل إطلاقها. لماذا نحتاج مخطط نموذج العمل التجاري؟يعود الفضل لابتكار مخطط نموذج العمل التجاري إلى المؤلفين أليكس اوسترفالدر Alexander Osterwalder وإيف بينورYves Pigneur اللذين قدّماه في كتابهما Business Model generation والذي أطلق عام 2010. وتمت ترجمته للعربية العام الماضي (ابتكار نموذج العمل التجاري). وباختصار شديد يمكن أن نعرّف هذا المخطط على أنّه طريقة بصرية تخطيطية يمكن استخدامها أثناء مرحلة التخطيط للمشروع من أجل تدارُك الوقوع بالأخطاء قدر الإمكان. وهنا يبرز الفارق ما بين التخطيط للمشاريع التقليدية ولنقل محل لبيع العصائر والكوكتيل وبين المشاريع الناشئة الابتكارية مثل تطبيقات الهواتف الذكية. حيث أنّ المشاريع التقليدية لا تحتاج لبذل الكثير من الجهد في التخطيط فكل ما تحتاجه هو دراسة سريعة للجدوى الاقتصادية، بينما المشاريع الابتكارية فهي تحتاج لمزيد من التخطيط قبل الوصول لمرحلة دراسة الجدوى. سابقًا عندما كنت تود إطلاق مشروع ما تقوم بإعداد دراسة الجدوى، ومن ثم كتابة خطة العمل لتقديمها للمستثمرين (بنك أو رجل أعمال) من أجل الحصول على التمويل اللازم. أما اليوم مع الشركات الناشئة والمشاريع الابتكارية فإنك بحاجة لإعداد مخطط نموذج العمل التجاري قبل كتابة خطة العمل ودراسة الجدوى. لأنّ دراسة الجدوى تجيبك عن سؤال هام وهو: لو نفّذنا المشروع بهذه المعطيات، هل سيربح أم يخسر؟ بينما خطة العمل تجيبك عن سؤال هام هو: كيف سننفّذ العمل ونديره؟ لكن مخطط نموذج العمل يبدأ من مرحلة أبكر وهي الإجابة عن سؤال: ما الذي يجب أن نقدّمه؟ ولمن؟. فبدون مخطط نموذج العمل التجاري الصحيح لن نتمكن من الوصول إلى خطة عمل صحيحة وبالتالي فإنّ دراسة الجدوى الاقتصادية لن تكون صحيحة أيضًا. الدور الهام الذي يلعبه مخطط نموذج العمل التجاري هو أنّ الشركات الناشئة ليست مجرد نسخة بدائية من الشركات القائمة، بل هناك اختلاف جوهريّ في وظيفة كلٍّ منهما، حيث أنّ الشركة الناشئة دورها البحث عن نموذج عمل ناجح، بينما المشروع القائم دوره تنفيذ نموذج العمل أو النموذج الربحي Business Model. وهنا يأتي دور مخطط نموذج العمل حيث يسهّل على الشركات الناشئة عملية البحث عن النموذج الربحي المناسب لهم. الصورة مأخوذة من الترجمة العربية من الكتاب الذي يُمكن الحصول عليه من هنا ينقسم مخطط نموذج العمل التجاري إلى تسعة مكونات رئيسة وهي: 1- القيمة المقترحة أو العرض المقدّم Value Proposition 2- شرائح العملاء أو الزبائن Customer Segments 3- قنوات التوزيع Channels 4- العلاقة مع العملاء Customer Relationship 5- مصادر الإيرادات Revenue Stream 6- الموارد الأساسية Key Resources 7- الأنشطة الأساسية Key Activities 8- هيكل التكاليف structure Costs 9- الشركاء الأساسيون Key Partners 1- القيمة المقترحة أو العرض المقدّم Value Propositionقبل أن نشرّع في الحديث عن القيمة المقترحة، لنعرّف أولًا ما هي القيمة؟ وبم تختلف عن السعر و الثمن؟ ببساطة شديدة القيمة هي ما تحصل عليه من المنتج أو الخدمة، والسعر هو المبلغ المالي المطلوب دفعه لقاء الحصول على المنتج أو الخدمة، أما الثمن فهو يشمل إضافة للسعر الوقت والجهد المبذولان في المفاضلة ما بين المنتجات أو الخدمات المشابهة والبحث عنها واتخاذ القرار النهائي في شراء منتج أو خدمة معينة. إذًا السعر هو ما تدفعه والقيمة هي ما تحصل عليه. يقسّم خبراء التسويق عادة أي منتج إلى ثلاث طبقات، الخارجية وهي كافة العناصر المعنوية الإضافية التي تحصل عليها من المنتج كالشعور بالفخامة مع علامة تجارية معينة أو الثقة من شراء علامة تجارية أخرى أو حتى الصيانة المجانية أو التركيب المجاني. والطبقة الثانية الوسطى وهي التي عادة ما تعرف بها المنتجات وهي كافة العناصر الملموسة التي تشكّل كيان المنتج، أي الشكل واللون والوزن والرائحة والمواد الداخلة بصنعه .. إلخ. والطبقة الجوهرية الثالثة هي في الحقيقة أهم شيء في المنتج، هي السبب الذي يدفع الزبون لشراء المنتج وهي القيمة الحقيقية التي يقدّمها هذا المنتج. ليكن لدينا هاتف الآيفون كمثال، فالطبقة الخارجية هي إحساس التميّز من شراء أحد منتجات شركة آبل والطبقة الوسطى هي الخصائص الفنية للمنتج بحدّ ذاته كالتصميم والشاشة والكاميرا والطبقة الجوهرية هي خدمة الاتصال المحمول وتصفح الإنترنت واستخدام التطبيقات. لاحظ أن الزبون لا يشتري الآيفون لمجرد التميّز وإحساس الفخامة ولا من أجل شراء شاشة وكاميرا ودارات إلكترونية، إنّما من أجل الاتصال وهذه هي القيمة الجوهرية التي يقدّمها الآيفون ويتم تدعيمها بكافة الطبقات والخصائص الأخرى لتميّزه عن غيره حيث أن هناك طيفًا واسعًا من المنتجات التي تقدّم الخدمة الجوهرية نفسها. هناك عدة مداخل يمكن استخدامها في العرض المقدّم أو القيمة التي تودّ الشركة توصيلها لزبائنها: 1- القيمة المبتكرة أو الجديدة وهي المنتجات التي تكون جديدة كليًا على السوق مثل الآيباد حيث لم يكن هناك من قبله تعرف الحواسيب اللوحية على الرغم من أنه كانت هناك حاجة لها لكنها لم تكن واضحة تمامًا ولم يقم أحد بصنع منتج يلبيها. فالقيمة التي يدفع الناس مقابلها هي أنه منتج لا يوجد له بديل يمكن أن يحلّ محلّه. 2- القيمة بالأداء العاليوهنا عندما يكون منتجك مشابه لمنتجات كثيرة في السوق ويلبّي نفس القيمة التي يبحث عنها الزبون، يمكنك التميّز بتقديم قيمة أعلى من خلال الأداء الأعلى. ومن الأمثلة على هذا شركات صناعة الحواسب المحمولة فهي تواصل طرح المزيد من المنتجات التي تتميز عن بعضها فقط في أن أداءها أفضل وأعلى من السابق بالتالي يمكنها إنجاز الأعمال بسرعة وكفاءة أعلى. 3- القيمة بالتخصيص في العادة تقدم الشركات منتجاتها بشكل نمطي لكلّ الأسواق، وهنا يمكن التميّز وتقديم قيمة جديدة من خلال إتاحة تخصيص المنتج بحسب رغبات كل زبون بشكل منفصل. كما فعلت شركة موتورولا عندما أتاحت لكلّ زبون تصميم الهاتف الخاص به وحتى اختيار مواد صناعة الغطاء الخلفي لجهاز موتو إكس وهو ما لا توفّره باقي شركات الهواتف الذكية. 4- القيمة بالخدمة الشاملةبعض المنتجات المعقّدة والتي تحتاج لكثير من التخطيط قبل شرائها نظرًا للمخاطرة العالية فيها كالسعر المرتفع، يمكن تقديم قيمة أعلى من خلال الخدمة الشاملة. فمثلًا يمكن لشركة تصنع معدات طبية مثل أجهزة الليزر أن تقدّم خدمة النقل والتركيب والتدريب المجاني وحتى توفير الصيانة وقطع الغيار ما يخلق لها قيمة جديدة لا توفّرها الشركات المنافسة التي تكتفي ببيعك المنتج فقط. 5- القيمة بالتصميم في المنتجات المتشابهة التي تصنعها العديد من الشركات نجد أنّ بعضها يتميّز بتصميمه الجذّاب أو الذي يسهل استخدامه أو يمكن التعلّم على استعماله بسهولة حتى لكبار السنّ أو الأطفال وهنا مدخل جديد لوضع قيمة في المنتج هي بتحسين تصميمه، ومن أبرز الأمثلة على هذا المدخل بعض الهواتف الذكية التي تحمل مواصفات فنية متشابهة بالتالي تتميّز شركات عن غيرها بتصميم هواتفها. 6- القيمة بالسعر وهنا عندما يكون لديك منتج نمطي يشبه الكثير من المنافسين ولا تتمكن من تقديمه بتصميم جميل أو مفيد وسهل، يبقى أمامك المنافسة بالسعر بالتالي تتميّز عن باقي المنافسين. وهو ما فعلته العديد من شركات صناعة الهواتف الذكية الصينية حيث أنها تمكّنت من تقديم منتجاتها بأسعار رخيصة للغاية ما يجعلها تستهدف شريحة الزبائن التي تكون حساسة للسعر. 7- القيمة بالأمان وهي قيمة تعاكس السعر حيث يبحث هنا الزبون عن الأمان الأعلى ولو على حساب السعر، ونلاحظ هذه القيمة في المنتجات التي ترتبط بحياة الزبون كالسيارات مثلًا تميّزت فولفو السويدية بهذا المجال حيث أن سياراتها ليست الأفضل أداء ولا الأجمل تصميمًا ولا الأرخص سعرًا لكنها الأعلى أمانًا. 8- القيمة بسهولة الحصول على المنتج في المنتجات الاستهلاكية أو متكررة الشراء يكون معيار سهولة الحصول على المنتج حاسمًا بصنع القيمة بخاصة عندما يكون منتج نمطي كالمشروبات الغازية مثلًا عندما يتوفر منتجك في قنوات توزيع أكبر تغطي كلّ شارع في المدينة حيث سيجعل الزبون يفضّل هذا المنتج عن غيره الذي يحتاج لبحث عنه. إذًا القيمة المقترحة أو العرض المقدّم في منتجك هو كلّ العناصر التي تميّز شركة عن منافسيها ويدفع الزبون من أجلها ماله. وهذه كانت بعض الأمثلة عن طرق صنع القيمة في المنتج ويمكن الاعتماد على أكثر من مدخل معًا ما يجعل تقليد المنتج أصعب. 2- شرائح العملاء Customers Segmentsوهي الأفراد أو الشركات أو الجهات التي تسعى الشركة لخدمتهم من خلال العرض المقدّم. ويمكن أن يقسّم العملاء لعدّة شرائح أو مجموعات تشترك فيما بينها بصفات أو معايير معيّنة ويكون لكلّ شريحة قيمة أو عرض مقدّم مختلف عن الشريحة الأخرى. يمكن الاعتماد على عدّة معايير لتقسيم الشرائح، مثلًا بحسب احتياجاتهم فكلّ نوعية من الزبائن لديها احتياجات مختلفة تبحث عنها في منتجات الشركة لتلبيتها ويمكن الأخذ بالمعايير الديموغرافية هنا كالعمر والجنس ومعدل الدخل وغيرها، أو طرق الوصول للزبائن وذلك بتقسيم الأسواق إلى محلية وإقليمية وعالمية وغيرها. هناك أربعة أنواع لقطاعات شرائح العملاء تعدّ الأشهر ويمكن التعرّف على خصائصها: 1- كامل السوق وهنا توجّه أنشطة الشركة بكاملها إلى السوق باعتباره كتلة واحدة من الزبائن المتشابهين، كما في صناعة السيارات عندما يكون الزبائن المحتملون كافتهم يرغبون بالحصول على السيارات من أجل قيمة واحدة وهي النقل السريع المريح. 2- السوق المخصّصيتم تقسيم السوق إلى شريحة دقيقة لديها احتياجات خاصة من العرض المقدّم ويتم تحويل الأنشطة كافتها لتلبيتها. وبمثل صناعة السيارات هناك شركات تصنع سيارات فاخرة للغاية وأخرى تصنع سيارات رياضية فهذه الشركات تتجاهل معظم حجم السوق الذي يرغب بقيمة النقل السريع المريح وتقوم بتلبية الشريحة التي تبحث عن الفخامة أو السيارات السريعة. 3- التجزئة تقوم الشركة بتقسيم إضافي لشريحة زبائن بناءً على معايير جديدة. فيمكن لشركة أدوات صناعية أن تقسّم زبائنها من الشركات الصناعية بحسب مجالات صناعاتها. 4- التنويع وهنا تقوم الشركة بتلبية عدّة شرائح مختلفة من العملاء لها احتياجات أو قيم مختلفة, مثلًا فيس بوك يلبي احتياجات المستخدمين العاديين الباحثين عن التواصل الاجتماعي، بينما المعلنين يبحثون عن الوصول لزبائن أكثر، في حين أن المطوّرين يرغبون بمستخدمين أكثر لتطبيقاتهم. لاحظ كيف أن فيس بوك يلبي هذه الشرائح الثلاثة بالوقت نفسه. 3-قنوات التوزيع Channelsهي كافة الطرق والآليات التي تعتمد عليها الشركة في توصيل كلّ شريحة من شرائح العملاء المذكورة أعلاه مع القيمة التي يبحثون عنها. أي هي صلة الوصل ما بين المنتج أو الخدمة من جهة و شرائح العملاء من جهة أخرى. وكلّ قناة توزيع ناجحة يجب أن تؤدي خمس وظائف: 1- زيادة الوعيبخاصة عندما تكون الشركة أو المنتج جديدًا على السوق فيجب أن تعمل قناة التوزيع المستخدمة على زيادة وعي شرائح العملاء بالشركة أو المنتج وتعريفهم بتواجدها. 2- التقييم بعد أن أصبحت شريحة العملاء على وعي بوجود الشركة ومنتجاتها، يجب أن تساعد قناة التوزيع العملاء على تقييم ما تمت توعيتهم به، والتقييم هنا يصبّ على إيصال العرض المقدّم الحقيقي لشريحة العملاء المطلوبة. 3- الشراءبعد أن تعرّف العملاء على المنتج وقاموا بتقييم المنفعة المتحصّلة من ورائه، يجب أن تساعدهم قناة التوزيع على شراء المنتج بحيث تقوم بتذليل كافة مصاعب الشراء الممكنة. 4- التوصيل بعد الشراء يفترض بالقناة أن تساعد المستخدم على توصيل المنتج أو الخدمة واستهلاكها بالمكان الذي يريده وذلك بفعالية عالية فتكون سريعة وغير مكلفة. 5- خدمة ما بعد البيع بعد الانتهاء من توصيل واستهلاك المنتج أو الخدمة تأتي خدمات ما بعد البيع وذلك بعدة أشكال من أبسطها الدعم الفني وحلّ المشاكل أو الصيانة أو المساعدة بالتخلّص من المنتج حتى. هناك اليوم عدد كبير من قنوات التوزيع التي يمكن اعتمادها، ففي السابق كانت هناك القنوات الفيزيائية الحقيقية فقط من أجل الحصول على المنتج عليك التوجّه إلى مكان صنعه أو بيعه ويمكن للشركات فتح منافذ بيع خاصة بها أو توكيلها لشركاء تجزئة. أما اليوم فهناك منتجات وخدمات إلكترونية تعتمد على قنوات إلكترونية لتقديمها كالتطبيقات والمواقع. سنواصل شرح باقي المُكوّنات في المقال القادم
  14. مساهمة من محمد حبش، صاحب مدونة ناسداك. لربما كنت قد سمعت بمصطلح Elevator Speech، من قبل، وهي طريقة مكثفة مختصرة لوصف أي شيء، تخيل أنك التقيت صدفة على باب المصعد مع شخص يهمك كثيرًا وهذه فرصتك الوحيدة لتعرض عليه فكرة مشروعك بسرعة لتثير اهتمامه أولًا، ثم لتدفعه للخطوة الموالية (مثل تحديد موعد اجتماع مفصل لمناقشة المشروع). كيف ستخبره بطريقة مميزة مئات الأفكار المتضاربة في رأسك خلال مدة لا تتجاوز دقيقة واحدة، هي مدة وصوله إلى الطابق الذي يقصده؟ يحدث كثيرًا في المؤتمرات أو المعارض التي يزورها رواد الأعمال للالتقاء بالمستثمرين في الشركات الناشئة، أن يستمع هؤلاء المستثمرين الى عشرات وربما مئات الرواد، في اليوم. لربما تتاح لك فرصة لا تتجاوز 30 ثانية، كيف يمكنك تقديم رسالة مشروعك بإستغلال هذه الفرصة؟ لسوء الحظ أن العديد من أصحاب المشاريع والشركات الناشئة لا يفكرون كفاية بقصة شركاتهم وكيفية عرضها، لذا طور مدربي التواصل أربعة خطوات يمكنك التمرن عليها والتي تنجح لمختلف الشركات والمنتجات والخدمات لتقديم قصتك في أقل من دقيقة وبشكل يكفي لإثارة الاهتمام. هذه أربعة أسئلة عليك الإجابة عن كل منها بجملة أو جملتين فقط لا أكثر: ماذا تقدم؟ما المشكلة التي تحلها؟كيف تتميز خدمتك أو منتجك؟لم يجب أن أهتم بما تقدمه؟هذه الأسئلة الأربعة التي يبحث المستثمرون عن إجاباتها ضمنيا وهي تدور دوما في عقولهم، وفقط من يستطيع الإجابة عليها بطريقة مميزة ومختصرة ومكثفة هم من يحصلون على الاهتمام الكافي. السؤال الأول يعني أن المستثمر أو الزبون يبحث عن حقيقة وجوهر المنتج أو الخدمة التي تقدمها لا شكلها الخارجي، مثلا لو كنت تقدم خدمات الطباعة فلا تقل أننا نقدم خدمة الطباعة الملونة، لكن يمكنك القول أننا نوفر حلول طباعية تناسب مختلف الاحتياجات ولتسهل حياتهم ونكون جزءا منها. السؤال الثاني يشير إلى الطريقة التي سيحل بها منتجك المشاكل، فلا أحد يشتري منتجا ليتفرج عليه، الناس تشتري لتستفيد مما تشتريه. لذا عليك إيضاح المشكلة التي يحلها منتجك وتظهر مدى أهمية ذلك. مثلا لو كنت تقدم معجون أسنان مصنع من الأعشاب فإن المشكلة التي يحلها هي التخلص من روائح الفم والحصول على تطهير بشكل طبيعي وآمن بالإضافة إلى تنظيف الأسنان والحصول على بياض طبيعي. فلو لم يحل منتجك هذه المشاكل فإنه لن يشتريه الزبون ولن يستثمر به أيضا المستثمر. السؤال الثالث يخص الآلية والطريقة التي يعمل بها منتجك على حل المشاكل، ليس المقصود هنا الدخول في التفاصيل التقنية البحتة لأن الغرض من حديثك هو التكثيف والاختصار لكن بدون غموض ولا تفصيل، عليك عرض طريقة تميز منتجك عن المنافسين لتشجع الزبون والمستثمر على الشراء والاستثمار، بالعودة لمعجون الأسنان فإن تميز المنتج هو أنه لا يحوي على أية مواد كيماوية قد تتفاعل مع اللعاب أو يبلعها الأطفال عن طريق الخطأ، كما وأنه مديد المفعول لساعات طويلة. أما السؤال الرابع، فهو يعني صراحة لماذا يجب أن يهتم الزبون أو المستثمر بالدخول معك، لا تبالغ بوعودك كثيرا إنما يفضل أن تكون واقعيا منطقيا قدر الإمكان، لأن المستثمرين يسمعون الكثير من تلك الكلمات الرنانة حول تغيير العالم، لكن كيف؟ حسب خبرتي فإنه لم يفكر يوما أحد أصحاب الشركات التي غيرت العالم، بتغيير العالم، إنما كان ذلك نتيجة السياق الطبيعي الصحيح لنجاح شركاتهم. لذا عليك اقناع المستثمر لماذا عليه الاهتمام بتمويل مشروعك، ما هي الميزة التنافسية ونقطة القوة فيه التي ستجعله يتفوق على الآخرين. قد يكون الأول في مجاله، قد يكون الطريقة المبتكرة بالعرض، إلخ. على مبدأ تويتر، يقترح الخبراء أن تبدأ حديثك بعبارة لا تتجاوز 140 حرف تشرح بها كل شيء، مثلا ( معجون أسنان طبيعي ينظف ويطهر الفم بسعر منافس للمعاجين الكيماوية الأخرى). لاحظ أني شملت إجابات الأسئلة الأربعة في هذه العبارة القصيرة: ماذا نقدم؟ معجون أسنان طبيعي.ما المشكلة التي يحلها؟ تنظيف وتطهير الفم.كيف نتميز؟ بالمكون الطبيعي للمعجون المصنوع من الأعشاب.لماذا يجب أن أهتم؟ لأننا نقدم حلا طبيعيا بديلا عن المنتج الكيماوي وبسعر منافس.الآن، تدرب على أن تقدم منتجك أو خدمتك على طريقة تويتر، 140 حرف تشرح كل شيء، أو ليكن حديثك يجيب عن كل تساؤل بجملتين فقط ولا تدع فكرتك تموت لأنك أضعت اهتمام جمهورك من الزبائن والمستثمرين منك. كما الانطباع الأولي فإن أول دقيقة من الانتباه هي الكفيلة إما بمتابعة الانتباه والإنصات أو الانصراف عنك.
×
×
  • أضف...