اذهب إلى المحتوى

مخاطر التسويق الموجه بالبيانات Data-Driven Marketing


محمد طاهر5

لقد دخل التسويق إلى العالم الرقمي شأنه في ذلك شأن جميع العناصر الأساسية في ريادة الأعمال، ونتيجة لهذا التحول، أصبح بالإمكان قياس جهودنا المبذولة في التسويق بشكل لم يسبق له مثيل ، الأمر الذي دفع المسوقين إلى الوقوع في حبّ المعلومات والبيانات - إن صح التعبير - وهو حبّ غامر من قمة الرأس إلى أخمص القدمين، ويتجاوز الحدود ليكون الموجّه الرئيسي لعملية التسويق بدلًا من أن تستند عملية التوجيه هذه إلى الأشخاص من مثلي ومثلك.

data-driven-marketing.png

ولأكون صريحًا معك، فإنّي أحب البيانات أيضًا، فأنا أحمل شهادة البكلوريوس في الهندسة، وشهادة الماجستير في إدارة الأعمال، وأعتبر البيانات درعًا واقية لي، ولكنّي لا أرغب في أن تكون الموجّه الوحيد لعملية التسويق في Wistia.

أعتقد أنه يجدر بعملية التسويق أن تكون مطّلعة على البيانات Data-informed وليست موجّهة بها Data-driven.

التسويق المطلع على البيانات Data-informed marketing

في حالة التسويق المطّلع على البيانات، لا يتم التركيز على البيانات فقط، وإنّما تعدّ من أحد العوامل التي تؤخذ بنظر الاعتبار عند اتخاذ القرارات التسويقية، حيث يتم الاعتماد على البيانات المتعلّقة، والخبرات السابقة، والحدس والمدخلات النوعية لغرض الوصول إلى القرار التسويقي الأفضل.

وبدلًا من التأمّل الطويل في البيانات أملًا في الحصول على إجابات، نبدأ بتطوير نظرية وفرضية بادئ الأمر، وتخضع هذه الفرضية للاختبار فيما بعد. كذلك نجبر أنفسنا على اتخاذ المزيد من القرارات الحدسية، ولكننا في نفس الوقت نثبت صحّة اختياراتنا بالاعتماد على البيانات ما أمكن ذلك، لتصبح قراراتنا الحدسية أكثر ذكاءً مع مرور الوقت.

pic-001.png

بعض المشاكل الشائعة المتعلقة بالبيانات

إن المشاكل التي نواجهها في عملية التسويق الموجّه بالبيانات ناجمة عن وجود بعض المشاكل في طريقة استخدامنا للبيانات، ومنها:

فخ سهولة القياس

عندما نسمح للبيانات بتوجيه عملية التسويق، فإنّنا غالباً ما نكون متفائلين حيال الأشياء التي يمكن قياسها بسهولة، وليس الأمور ذات الأهمية العالية.

هناك بعض النتائج التي يمكن قياسها بسهولة، وهناك بعض النتائج التي لا يخلو قياسها من شيء من الصعوبة.

فعلى سبيل المثال: من السهل قياس عدد النقرات على رسالة إلكترونية، ولكن من الصعب قياس الأثر العميق الذي تركته صفحة هبوط ذات تصميم ممتاز.

وقياس نسبة التحويل للزائرين الذين يصلون إلى صفحة الأسعار أمر سهل، ولكن من الصعب معرفة الكلام الدائر حول إحدى حملات الفيديو الخاصّة بك.

كما ترى، فعلى الرغم من وجود بعض النتائج التي يسهل قياسها، إلا أنّ كلا النوعين من النتائج، أعني تلك النتائج سهلة القياس والأخرى التي يكون قياسها صعبًا، يعدّان أساسيين لتقدير أداء عملية التسويق.

فخ التحسين المحلي local optimization

يمكن الوقوع في فخ التحسين المحليّ عند محاولة تحسين جزء معيّن من قمع التسويق، ونحن نواجه هذا التحدي بشكل دائم في Wistia عندما نحاول زيادة معدل تحويل الزوّار الجدد.

على أن تحسين معدل التسجيل في الموقع يعدّ مشكلة تحسين واضحة نسبيًا، ويمكن حلها بإجراء بعض الاختبارات الأساسية.

غير أن المشكلة تكمن في أنّنا لا نرغب فقط في أن يسجل الزائر في خطّتنا المجانية، بل نرغب في أن يسجّل في الخطّة المجانية، ثم يستفيد من حسابه على الموقع، ثم يعبر للآخرين بعد ذلك عن مدى إعجابه بـ Wistia، ويشترك في نهاية المطاف في إحدى خططنا المدفوعة (وتتولّد لديه خلال هذه الفترة المزيد والمزيد من المشاعر الإيجابية تجاه علامتنا التجارية).

وهذه مشكلة تحسين صعبة؛ ذلك لأنّ علينا متابعة زائر الموقع الإلكتروني بعد أن يتحوّل إلى مستخدم للتطبيق، ثم إلى عميل. ويجب علينا متابعة هذه العملية التي قد تستغرق أسابيع أو شهورًا، على العكس من عملية التسجيل التي تستغرق عادة دقائق معدودة.

إن التحسين المحلي يجعل إدارة البيانات أكثر سهولة، ولكن الاستعجال في الحصول على المكاسب قد يدفعنا إلى تبسيط أهدافنا التسويقية بشكل كبير، لينتهي بنا الأمر إلى إجراء التحسينات لبعض النتائج الوسطية والتي قد لا تطابق بالضرورة أهدافنا الكبرى في مشروعنا التجاري.

فخ جودة البيانات

نادرًا ما نشكّك وننتقد بياناتنا الخاصة بالشكل الصحيح، خذ مثلًا اختبارات A/B والتي تحولت إلى المعيار الذهبي لاختبارات التسويق. يجب أن تنتج هذه الاختبارات من الناحية النظرية نتائج دقيقة وقابلة للتكرار، لأنّ توجيه الزوّار إلى كل بديل في الصفحة يكون بشكل عشوائي.

هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية، فهناك العديد من الطرق التي تؤدي إلى إعطاء نتائج مضللة من أبسط أنواع اختبارات A/B.

إن كان عدد الزوّار في موقعك مقاربًا لموقعنا، فإنّ الزوّار يصلون إليه من مصادر شتّى: عمليات البحث، زيارات مباشرة، الإحالات، البحث المدفوع وغيرها الكثير. وإن كانت نسبة التحويل لإحدى هذه المصادر أعلى من البقية، فستحصل وبكل سهولة على نتائج منحرفة وذلك بسبب التعامل مع الزوّار كجمهور مفرد ومنتظم.

إن لم تكن مقتنعًا لحدّ الآن، جرّب إجراء اختبار A/A حيث تنشئ بديلين متطابقين، وبوجود عينة كبيرة بما فيه الكفاية، وستبشّر رئيسك في العمل بزيادة نسبة التحويل بمقدار 4% دون إحداث أي تغيير يذكر.

pic-002.jpg

الحذر من البيانات

يجب علينا كمسوقين أن لا نتوقف عن اكتشاف طرق جديدة لاستغلال قوة البيانات، وفي نفس الوقت علينا توخّي الحذر من الاعتماد المفرط على هذه البيانات.

يمكن للبيانات أن تكون مصدرًا كبيرًا للإلهام، وعليك استغلال هذا المصدر، ولكن لا تفرط في الاعتماد عليها.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال The Dangers of Data-Driven Marketing لصاحبه Ezra Fishman.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...