اذهب إلى المحتوى

هاتفك يقتل إنتاجيتك


Huda Almashta

تحتل جيوبَنا تلك الأجهزة التي يمكنها الوصول إلى معلومات العالم كلّها. فالهواتف تجعلك على اتصال دائم بأصدقائك، عائلتك، وزملائك، وترفّه عنك بينما تنتظر دورك للدفع في محل البقالة. حتّى أنّها تمكّنك من دخول عالم افتراضي بنظارة مصنوعة من الورق المقوّى. وكلّ ذلك يقتل إنتاجيتك.

شاركتُ قبل بضعة أشهر في أحد مؤتمرات التسويق الرقمي في Calgary، وأتيحت لي الفرصة للتحدث عن اتجاهات التسويق الرقمي. تحدثنا عن أتمتة Automation التسويق، العمل مع المؤثرين، والذكاء الاصطناعي. ثم بدأت المواضيع تأخذ منحى أكثر خطورة بالحديث عن ظاهرة الإدمان على الهواتف الذكية وكيف يؤثر ذلك على حياتنا.

أُجريَتْ لحدّ الساعة الكثير من الدراسات على موضوع التشتيت أو الإلهاء الرقمي، وتحديدًا فيما يتعلّق بالهواتف. ومن الدراسات التي أجدها مثيرة للاهتمام على نحو خاص تلك التي أجرتها مجلة علم النفس التجريبي Journal of Experimental Psychology في عددها لـشهر أغسطس/آب 2015.

أجرى الباحثون هذه الدراسة على 212 طالبًا جامعيًّا، حيث عُرِّضوا إلى محفّزات وإشعارات متنوّعة مماثلة لتلك القادمة من الهواتف، وقد توصّلوا إلى النتائج التالية:

Quote

“من المثبَت أنّ التفاعل مع الهاتف المحمول يرتبط بالأداء الضعيف عند تنفيذ المهام بالتزامن، لأن مصادر الانتباه المحدودة يجب أن توزّع على تلك المهام. مع ذلك تولّد الهواتف المحمولة الإشعارات المسموعة أو الملموسة لتنبيه المستخدمين عند ورود مكالمة أو رسالة نصية. وبالرغم من أنّ مدّة هذه الإشعارات تكون قصيرة عمومًا، إلّا أنّها يمكن أن تحفّز أفكارًا غير ذات صلة بالمهمة الحالية، أو تشتّت التركيز، الأمر الذي ثبت تأثيره السلبي على أداء المهمة. لقد وجدنا أن إشعارات الهاتف الخلوي لوحدها يمكن أن تعرقل كثيرًا أداء المهام التي تتطلّب تركيزًا، بالرغم من أنّ المشاركين (في التجربة) لم يتفاعلوا بشكل مباشرة مع الهواتف المحمولة أثناء تنفيذ المهمة. كما وجدنا أن حجم تأثير التشتيت/الإلهاء المرصود قابل للمقارنة مع ما يُلاحظ على المستخدمين الذين يستخدمون الهواتف المحمولة بنشاط، سواء كانوا يجرون مكالمة صوتية أو يرسلون رسالة نصية”.

التشتيت بالإشعارات

ما يعنيه هذا بالنسبة لنا، نحن الأشخاص العاديين، أنّ التركيز، الانتباه، والاهتمام تتأثّر كثيرًا. وكمثال على ذلك، سأشارككم بموقف بسيط من حياتي اليومية يمكن أن ينطبق على الكثير منا.

بينما كنتُ أقرأ إحدى الدراسات وأعدّ مخططًا لتدوينة صوتيّة Podcast، كانت زوجتي خارجة مع ابنتي وترسل لي باستمرار صورًا وفيديوهات قصيرة لتخبرني عمّا تفعلانه. لم أستطع مقاومة رغبتي في التحقق من هذه الإشعارات، حيث كان بإمكاني رؤية الشاشة تضيء بطرف عيني. وبالرغم من مقدار التركيز الكبير الذي أنا بحاجة إليه، ينتهي بي المطاف بالخضوع ورؤيتها، أضف إلى ذلك الرد عليها برسالة سريعة. بعد ذلك أعود إلى جهاز الحاسوب، لأجد نفسي أطالع صور Kimberly الجميلة على إنستغرام، أو ألقي نظرة سريعة على تويتر ولينكدإن. وبذلك تكون قد مرّت ثلاثون دقيقة على وقت بدء الإشعار، وهذا يعدّ أيضًا تضييعًا للوقت الإنتاجي، الأمر الذي يتفق كثيرًا مع ما وجده الباحثون.

يمكن أن تتعرّض بسهولة لمثل هذا التشتيت سواء كنت جالسًا تعمل في مكتبك، خارجًا للتنزّه، في النادي الرياضي، أو أثناء استماعك لتدوينات صوتيّة. إذ تتوفر في هواتفنا العديد من طرق وتقنيات الاتصال بشبكة الإنترنت، مثل شبكات الجيل الثالث 3G، شبكات LTE، وغيرها، ناهيك عن النقاط الساخنة لشبكات WiFi اللاسلكية WiFi Hotspots المتاحة بكثرة في أمكان متعددة. في المحصّلة فإنّ أي إشعار بسيط يمكن أن يلهيك عن المهام التي تركّز عليها، مهما كانت، والذي بدوره يقتل إنتاجيتك.

الإدمان على التشتيت

لم نأت إلى حد الآن إلى ذكر عناصر الإدمان التي تتمثل بالتطبيقات، المواقع، الألعاب، وشبكات التواصل الاجتماعي. هذه العناصر تستفيد من منهجيات بالغة التعقيد، وعلى علماء أذكياء في مجالات النفس والأعصاب والمقاييس الحيوية من أجل بناء عوامل جذب أو سلوكيات للإدمان على منتجاتهم.

لهذا السبب غالبًا ما نرى الناس يتصفحون هواتفهم حتّى بدون أن تحفّزهم الإشعارات، فهم يتحققون ويبحثون في شبكاتهم الاجتماعية عن أي إشارات حول منشوراتهم التي شاركوها. أي أنّهم مدمنون على فكرة الاتصال الاجتماعي من خلال الجهاز. والحديث في هذا الموضوع يطول ويحتاج إلى مقال لمناقشته.

حارب التشتيت بتغيير عاداتك

من الرائع أن يمكّنك هذا الجهاز الصغير في جيبك من الوصول إلى كم هائل من المعلومات، التواصل مع الأصدقاء، العائلة، والزملاء، الاطلاع على الأخبار وما يدور حول العالم، أو حتّى اصطياد البوكيمون في طريقك. لكن كلّ ذلك مصمم ليستولي على جزء من انتباهك. وكل جزء من انتباهك يتشتّت سيؤدي إلى تأثيرات سلبية على إنتاجيتك عند أداء المهام التي تتطلّب منك الانتباه والجهد المركّز.

إذًا، كيف يمكنك أن تتغلب على هذا التشتيت؟

يتطلب حلّ هذه المشكلة أن تجري تغييرات على عاداتك وسلوكك. يمكنك مثلًا أن تبدأ بتشغيل وضع الطيران في هاتفك عندما تعمل على أمر مهم. ويمكن القيام بذلك أيضًا في الأوقات التي تحتاج فيها إلى إراحة عقلك وتفكيرك لاستيعاب فكرة ما أو دراستها. فالدماغ يحتاج إلى الراحة لتجديد الانتباه، ممارسة التركيز، وتوليد الأفكار الإبداعية.

جرّب أن تخرج للتنزه بدون أن تأخذ هاتفك ولاحظ تأثير ذلك. وصدّقني، لن يفنى العالم إن لم تتصفح تويتر في هذه الدقائق الثلاثين، الأربعين، أو حتّى الستين.

ترجمة- بتصرّف - للمقال YOUR PHONE IS KILLING YOUR PRODUCTIVITY لصاحبه Ernest Barbaric.

حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ Freepik


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...