اذهب إلى المحتوى

عندما يحتجز العملاء الأجور كرهينة


وهيبة مغربي

حدث معي في أحد الأيام أمرٌ مثير للاهتمام، كنت أعمل على تحصيل فاتورة قديمة غير مدفوعة لأحد العملاء، فلنفترض أنّ اسمه أحمد. وجد أحمد عرضًا مهمًّا، عميل بالعشرينات طلب منه القيام ببعض المراجعات والتعديلات على موقعه مقابل 1100$. لكن هذا العميل قرر عدم دفع الفاتورة، وطلب أحمد مساعدتي.

في حال لم تكونوا على علم بذلك، أقوم بإدارة الحسابات المستحقّة عن بعد للمستقلّين. فعوضًا عن تعيين مدير مكتب لمساعدتك على متابعة أو ملاحقة مدفوعاتك، أساعدك من خلال توّلي هذه المهمة وفق ما يتطلّبه الأمر. لذلك، الاتصال بهذا العميل لم يكن بالأمر الغريب عنّي. اتصلت به، وحاولَ بشكل واضح التهرّب مني، لذا تركت له بعض التسجيلات الصوتيّة المهذبة وألحقتها برسائل عبر بريد إلكتروني أكثر تهذيبًا حتى، ولم أفكّر بالأمر أكثر من ذلك. أقوم بهذا يوميًا للعديد من العملاء، وتكون التجربة إيجابية في معظم الأحيان لجميع الأطراف، لكن ليس هذه المرة.

عندما يحتجز العملاء الأجور رهينة.jpg

أرسل إليّ أحمد بعد بضعة أسابيع بريدًا الكترونيًا، ليخبرني أنّه تحدّث مع ذاك العميل، وأنّ هذا العميل كان غاضبًا، بسبب كثرة اتصالاتي (مكالمة كل بضعة أيام على مدى أسبوعين)، وقال لأحمد أنّه سيدفع له فقط في حال وافق على ألّا يدفع لي. كنت مذهولة، فهذا الرجل قرر أن يتهرّب من فاتورته، ثم غضَبَ مني بسبب ذلك.

لحسن الحظ أنّ أحمد شخص لطيف، وأخبرني أنّه لا زال يخطط لأن يدفع لي، لكنّه أخبر ذاك العميل أنّه موافق على شروطه. على الرغم من أنّ ذاك العميل تجاوز حدّوده تمامًا بطلبه أن يقوم أحمد بذلك. وافق أحمد على ذلك لأنّه لم يرغب بخسارة عمله، تخيّلوا لم يرغب بخسارة عمله مع شخص رفض أن يدفع له!

كان أحمد منزعجًا من كامل هذه التجربة مثلي تمامًا.

إذًا ما الذي حدث؟ ما حدث هو أنّ هذا العميل قرّر أنّه يستطيع احتجاز مستحقات أحمد كرهينة، حيث قام أحمد بالعمل وسلّمه، لكن العميل شعر أنّ بإمكانه تعليق المدفوعات حتى يقوم أحمد بما طلبه منه. هذا الوضع استثنائي، فلم يسبق أن مررت بتجربة يقوم فيها شخص باحتجاز مدفوعات كرهينة ليقوم شخص آخر بفسخ عقد تم مع طرف ثالث، حتى بمجرد التحدث عنها أشعر أنّي بحاجة إلى رسم بياني لأفهم ذلك! لكن حالات احتجاز المدفوعات كرهينة تحدث كثيرًا.

أرى في الكثير من الأحيان مستقلين يقومون بعمل لعميل وتسليمه وإرسال فاتورة بذلك، فقط ليتلّقوا ردًا يقول لهم سأدفع تلك الفاتورة بعد القيام ببعض المراجعات، وهو أمر غير مقبول، لكن يواجهه المستقلون كثيرًا. وفي معظم الأحيان نستسلم، مثل أحمد، ونوافق على ذلك لأنّنا لا نريد أن نخسر ذاك العمل. فنقوم بعمل خارج نطاق المشروع فقط لنرضي العميل، لكن ما نقوم به فعليًّا هو أنّنا نعمل مجانًا.

لنقل أنّك تتقاضى 20$ في الساعة، تقوم بعشر ساعات من العمل وترسل فاتورة تساوي 200$، ثم يطلب منك عميلك أن تقوم بمراجعة بعد مراجعة بعد مراجعة، ويتوّقع منك أن تقوم بكل هذه التعديلات قبل أن يدفع تلك ال 200$. ففعليًّا كم هو معدّل أجرك في الساعة؟ بعد أن تم الاتفاق على كل شيء والقيام به، تستمر حتى بقضاء وقت أكثر على هذا المشروع، على أمل أن يحرّر عميلك الرهينة في آخر اليوم وأن يدفع لك.

تسمّى هذه المشكلة بالنطاق المتسلّل (scope creep)، وتعني أن تعمل على مشروع وثم تظهر تعديلات ونمو بنطاق المشروع لم تحدّد عندما تم الاتفاق عليه. إذًا ما الذي يمكننا فعله لتجنّب حدوث ذلك؟ إذا وجدت نفسك تمتلك بشكل متكرر مدفوعات محتجزة كرهينة من قبل عميلك، بينما يطلب منك القيام بعمل إضافي مجانًا، أنصحك أن تضيف بند يتعلّق تحديدًا بهذا الأمر إلى عقدك. على سبيل المثال، أوضح أنّه سيتم فقط إجراء مراجعتين إضافيتين على نطاق المشروع، وجميع المراجعات بعد ذلك هي مأجورة.

إذا صادفت وضعًا مماثلًا ولم تجهّز نفسك من خلال عقدك الجديد الذي يتلافى حدوث مثل ذلك المشهد، فقد تعلق في شراك العميل الذي ينصبه لك، لكن الإجابة فعليًّا بسيطة، يمكنك قول لا. إذا بدأ عميلٌ التصرف بشكل غير منطقي بطلباته ولن يدفع لك حتى تقوم بها، انتبه إلى خداعه. يمكنك أن ترفض بمهنيّة القيام بذلك حتى يتم دفع الفاتورة. وإذا رفض العميل التعاون، عليك غالبًا أن تعيد التفكير به كعميل.

نميل إلى الاحتفاظ بالعملاء والعمل حتى لو كان الوضع غير منطقي. إذا كان عميل لا يدفع لك أو يجعلك تقوم بعمل إضافي مجانًا أو يحاول احتجاز مستحقّاتك كرهينة، هل هو فعليًا نوع العميل الذي تريده؟ هل ستبني عملك على العمل مع مثل هذا النوع من العملاء؟ غالبًا لا.

أعلم أنّ أحمد غاضب لأنّ ذاك العميل "المهم" يلقي اللوم على مطالبته بدفع فواتيره كسبب للخلاف في علاقة العمل هذه. لكن هل امتلاك عميل مهم لن يدفع لك سيساعدك على نمو عملك؟ ربما استمر ذاك العميل باستخدام خبرة أحمد لتسديد حاجته إليها، لكنني اعتقد أنّه كان سيستمر فقط في حال استمر بتلّقي خدمات أحمد مجانًا، وهذه ابدًا ليست بطريقة لتنمية عملك المستقل!

ترجمة-وبتصرف-للمقال: When Clients Take Payments Hostage لصاحبته Julie Elster.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...