اذهب إلى المحتوى

كيف تُخفّض النّفقات وتضمن الرّبحية Profitability


محمد علي56

عندما قرأت مؤخرًا المقال الرائع لـ"Geoff Dimasi" قلتُ في نفسي أن هذه القرارات التجارية مستندة على قيم عظيمة في صورة فعّالة، لكن جاءتني فكرة أخرى: أين المال في هذه المعادلة؟

إن كنت صادقًا مع نفسي، فقد شعرت دومًا أنه من الخطأ إلى حدٍ ما أن تسعى وراء الربح، ما يجعل المال في أعلى قائمة أولوياتك، ما قد يساوي قيامك بخداع عملائك. أليست هذه صفةً حسنة لصاحب العمل؟

وذلك لأنه مهما كان المشروع ناجحًا، فلن يستطيع أن يحافظ على نموه طوال الوقت، وهذا ما يعنيه كونك غير ساعٍ للربح. كان هذا هو الدرس الذي تعلمته بشكلٍ قاسٍ في شركة "Bearded". ولمرات عديدة. هل يمكننا أن نحكي بعض القصص الآن؟ هل توافقون؟ حسنًا، لنبدأ.

في شركة "Bearded" كانت فلسفتنا من البداية هي التركيز على إنتاج عمل ويب عظيم يستحقه عملاؤنا الذين نؤمن بهم، وقد كنا نأمل أن ما نضعه في مشروعاتنا من تعبٍ، جهدٍ وحرصٍ سوف يُؤتي ثماره، وأن الربح سيأتي لا محالة بعد أن نكون قد أتقنا عملنا. لمدة أربع سنوات عملنا بمجهود خرافيّ على مشاريعنا واحدًا تلو الآخر، وكانت نتيجة ذلك أن أصبحنا بالكاد نوفر مصاريفنا، وفي مناسباتٍ عدة كان بيننا وبين إنهاء الشركة أسابيع قليلة وألفين من الدولارات، وقد كنت في ليالٍ عدة أستيقظ من النوم مذعورًا، فأجلس وأحسب متى ينتهي زمن الفواتير وتبدأ الشيكات في الدخول. أنا أحب العمل وأحب العملاء، لكن الأجزاء الباقية من القصة في العمل بائسة للغاية.

في يومٍ ما ذهبت لشركائي في "Bearded" وأخبرتهم أني قد وجدتها، في الكلمات الخالدة للرقيب "مورتاغ" في فيلم "Lethal Weapon" حينما قال: "لقد كبرت بما فيه الكفاية لأظل في هذا الهُراء"، وأخبرت شركائي أني سأستمر في الشركة لعامٍ واحد فقط، فإذا لم نصبح قادرين على الربح فينبغي أن نذهب جميعًا لنبحث عن وظيفة ذات دخل مناسب في مكانٍ آخر، ووافقوا على ذلك.

كان هذا القرار بمثابة الشعلة التي لفتت انتباهنا للجزء المالي في المشروع، لنغير طريقة عملنا، ولأن نفعل أي شيء في سبيل أن نحافظ على أفضل الوظائف التي حصلنا عليها على الإطلاق، وبنهاية ربع السنة التالي استطعنا توفير ثلاثة أشهر من مصاريفنا، وفي طريقنا لتكون هذه أول سنة مُربحة لنا منذ أن أنشأنا الشركة، بنسبة نمو في الربح زادت بنسبة 50% عن السنة الماضية، مما أدى لتحسين دخل الجميع، وكل ذلك حدث بدون أن نساوم على قِيم الشركة، ولا أن نغير من نوعية المشاريع التي كنا نقدمها.

لم يكن هذا مصادفة، لقد حدث ذلك لأننا بدأنا في التخطيط للجانب المالي من عملنا تمامًا كما نخطط لأي جانب آخر نهتم به في الشركة، لقد توقفنا عن إهمال شركتنا بدأنا في الاهتمام بها فعلا.

بالطبع سوف تسأل هنا "ما الذي قمتم به –بالتحديد- لتغيروا من الوضع جذريًا؟ فأنا مهتم بهذه الأمور"، حسنًا، دعنا نلقِ نظرة.

والآن حان وقت الانهيار

بالرغم من كراهيتي الغريبة، والطبيعية أيضًا للربح المادي، فهناك العديد من المحفزات الأخرى التي تمنعني من النظر في السجلات التجارية للشركة، ربما كانت الأرقام والرياضيات مرعبة بالنسبة إليك، أو ربما كانت تبدو الحسابات المالية مملة (محيرة للغاية أليس كذلك؟)، أو ربما حين لا ننتبه لشيء ما يكون من الأسهل علينا أن نتظاهر بعدم وجوده، لكن في أغلب الحالات، فإن المجهول –عمومًا- أكثر رعبًا من المعلوم.

لنبسط ذلك: فإن الجانب المالي من شركتك يتكون من جزأين: أموال داخلة، وأموال خارجة، الأموال الداخلة هي الواردات، والأموال الخارجة هي النفقات، وما الفرق بينهما؟ إنه الربح (أو الخسارة كذلك). فلنلقِ نظرة على هذين المكونين الأساسيين للمعادلة:

كيف تُخفّض النفقات؟

لنشمر عن ساعدينا ونبدأ في حساب النفقات، النفقات تتضمن أشياء مثل:

  • مرتبات فريق العمل
  • التأمين الصحي
  • الإيجار
  • أدوات
  • تكاليف المعدات
  • اللوازم المكتبية
  • الأطعمة والأشربة والمسليات
  • تكلفة الخدمات (استضافة موقع، خدمات على الإنترنت...إلخ).

بطريقة أخرى: هي جميع الأموال التي تدفعها لتستمر في إدارة عملك، يمكنك أن تعدل مواعيد الدفع في هذه الأشياء للمواعيد التي تناسبك: يوميًًا، أسبوعيًا، سنويًا، أو حتى بالمشروع.

بالنسبة لشركتنا "Bearded" فقد طلبنا من المحاسب أن ينتج لنا ميزانية شهرية باستخدام برنامج "Quicken" بناءً على متوسط النفقات الحقيقية خلال الستة أشهر الأخيرة، مصنفة من حيث الأنواع، وكان هذا مفيدًا لأقصى درجة حيث استطعنا أن نعرف فعلا أين تذهب أموالنا، وبشكل غير مفاجئ فقد وجدنا أن أغلبها يذهب في دفع مرتبات فريق العمل وأرباحهم.

وبمجرد أن حصلنا على هذا الرقم أصبح من السهل علينا أن نستنتج أي التغييرات ستكون ذات قيمة بالنسبة لنا، وكان أكثر الأرقام المستخدمة لدينا هو النفقات الأسبوعية، فمعرفة هذا الرقم بالذات مفيدٌ جدًا لنعرف كم نتكبد من نفقات كل أسبوع، وكم نحتاج من متوسط الربح في كل أسبوع حتى نصل إلى نقطة التعادل "break even".

كل ما هو قديم يمكن أن يكون ربحًيا

حسنًا، كيف نأتي بهذه الأرباح؟ قد تستخدم في أعمالك استراتيجيات تسعير تعتمد على نظام الأجرة الموحدة، أو الربح بالساعة، أو بالأسبوع، أو بالشهر، أو حتى الربح حسب القيمة، لكن في نهاية اليوم تستطيع دائمًا أن تقسم إجمالي الربح على الوقت المستهلك للحصول عليه، حتى تصل لرقم يعبر عن معدل نمو المشروع مُمَثلاً بالوقت (سواء كان شهريًا، أسبوعيًا، بالساعة، أو بمدة المشروع ككل). وهذا الرقم مهم للغاية في عملية تحديد الربحية، لأنه يتماشى تمامًا مع الرقم السابق الذي حددناه الذي يدلك على نفقاتك بشكلٍ ممثل بالوقت أيضًا.

تذكر: حاصل طرح النفقات من الواردات يساوي الربح، وهذا هو الرقم الذي نحتاج لمعرفته والوقوف عنده لتحديد درجة أمان المشروع. للتعبير عن هذه الفكرة بشكل رياضي ستبدو هكذا:

(معدل الربح × الوقت المستهلك × عدد الموظفين) – (المرتبات + المصاريف) = الربح

وإليك المثال التالي:

لنفترض أن هناك شركة تتكون من عشرة موظفين، وتبلغ نفقاتها الأسبوعية 25000 دولار، هذا يعني أن كل موظف –في المتوسط- سيحتاج لأن يعمل بما يدر علينا ربحًا قيمته 2500 دولار في الأسبوع حتى نصل إلى نقطة التعادل. إذا كان معدل الساعة هنا هو 100 دولار في الساعة، فهذا معناه أن على كل موظف أن يعمل لمدة 25 ساعة في الأسبوع فقط لنحافظ على الشركة قائمة، وإذا عمل كل موظف مدة 30 ساعة في الأسبوع فستصبح واردات الشركة تساوي 30000 دولار –بنسبة ربح 20% زيادة عن معدل النفقات، بمعنى آخر فإننا نحتاج خمسة أسابيع عمل فعالة لنستطيع توفير أرباح أسبوع كامل من مصاريفنا في البنك.

هذا ليس أفضل شيء في العالم، أليس كذلك؟ كم هو عدد الساعات الفعالة التي يستطيع أن يشغلها الموظف فعلاً؟ هل هو 30؟ أو ربما 36؟ وهل من الممكن أن يقوم عشرة موظفين بالعمل بفعالية لهذا العدد من الساعات كل أسبوع؟ في النهاية، فهناك العديد من الساعات التي تُقضى في أعمال غير فعالة خلال الأسبوع حتى يستمر العمل في الشركة قائمًا. ليس هذا فقط، بل سيكون هناك أيضًا فترات من الخمول في دورة العمل بين كل مشرع وآخر، هذا غير الأجازات. لن نستطيع العمل بالطاقة الكاملة كل أسبوع طوال العام، ويبدو أن السيناريو هذا سيصل بنا لنقطة التعادل فقط إذا كنا محظوظين.

إذًا ماذا نستطيع أن نفعل لنحصل على شيء من التوازن المستمر؟ حسنًا، سنجعل الموظفين يعملون لساعات أطول خلال الأسبوع، وعندما يعمل كل موظف لمدة 60 ساعة أسبوعيًا سيتم حل المشكلة، لكن إلى أي وقت يستطيع أي كائن بشري تحمل هذا النظام؟

نستطيع تخفيض نفقاتنا بالتقليل من المصاريف، لكن مع ملاحظة أن معظم مصاريفنا تكون عبارة عن مرتبات، فيبدو أن هذا الحل لن يكون له تأثير كبير، وحتى تصبح قادرًا على الربح فعلاً، فإن الشركة ستحتاج أن يزيد حجم الربح الداخل للشركة بالمقارنة بالجهد المبذول من الموظفين كل ساعة، وهذا معناه زيادة المعدلات، فلنر مثالاً آخر:

الشركة المكونة من عشرة موظفين لا زالت تتكلف 25000 دولار أسبوعيًا في مصاريفها، ونقطة التعادل لازالت تعني 2500 من الدولارات من كل موظف في الأسبوع، والآن لنقم بتحديد معدل الربح بـ 150 دولارًا في الساعة، وهذا معناه أنه يتطلب من كل موظف أن يعمل لمدة 17 ساعة فعالة في الأسبوع حتى نصل في الشركة لنقطة التعادل. وإذا عمل كل موظف لمدة 30 ساعة فعالة أسبوعيًا، فسيدر ذلك للشركة 45000 دولار –أو ما يساوي 20000 دولار كربحٍ صافٍ- وهذا يساوي توفيرًا بنسبة 80% من معدل النفقات.

يبدو أن هذا السيناريو أكثر فعالية وأمانًا على الشركة، فإن أسبوعًا واحدًا من العمل الفعال الآن يستطيع أن يغطي نفقاته كاملة، ويؤدي أيضًا لتوفير 80% من نفقات الأسبوع الذي يليه، وبمعدلات كهذه نستطيع –كدبٍ جائع يستعد للبيات الشتوي- أن نوفر المزيد من المال لنحمي أنفسنا من أوقاتٍ أقل نجاحًا وازدهارًا في المستقبل.

نستطيع أن نقول مجازًا، أنه بمجرد أن نعرف طريقة عمل هذه المتغيرات مع بعضها البعض، نستطيع أن نثبت أحدهم ونلاحظ التغير في النتائج، بمعنى آخر، لن ينبغي علينا فقط أن نرى تأثير معدل الربح بالساعة على إجمالي الربح العام، بل نستطيع أن نعكس المعادلة ونغير فيها بشكلٍ يضاعف من الربح.

العمل من أجل الحياة، أم الحياة من أجل العمل؟

هناك طريقة واحدة لتضع نظامًا مناسبًا للعمل بالشركة، وهي أن تبدأ بوضع المرتبات المناسبة والعدد المناسب من ساعات العمل بما يتماشى مع الثقافة السائدة في مجتمعك، ومن ثم عد للتفكير في معدلات الإنتاج بالساعة، وبعد ذلك تستطيع أن تفكر في أنظمة التسعير (نعم، حتى إذا كانت شركتك تعمل بنظام الأجرة الثابتة أو السعر حسب القيمة) وهذا ما سيمكنك من تحقيق معدلات ربح فعالة.

قد يكون الوقت هو أهم عامل بالنسبة لك، كم عدد الساعات التي يستطيع أن يعمل بها الموظفون؟ كم من الوقت يرغب الموظفون في العمل؟ كم ينبغي عليك أن تدفع لهم مقابل هذه الساعات حتى تصل لمرتبات أنت راضٍ عنها؟

هذا النوع من الأسئلة يعتمد على طبيعة الحياة في محيطك، ففي شركتنا "Bearded" اجتمعنا لمدة ليست طويلة وقمنا بتمرين مستوحى من تمرينات "IA exercise" التي تعلمناها من "Kevin M. Hoffman" وشارك كل منا برأيه في القيم التي نعتبرها مهمة للشركة، قيم مثل "حياة ذات جودة عالية"، "عمل ذو جودة عالية"، "الربحية"، "المرونة"، "العملاء المميزون"، "الكفاءة"، و"التعاون". ثم قمنا بترتيبهم حسب الأهمية، ثم قررنا أننا سندع هذه الأولويات تقوم بتوجيهنا خلال السنة القادمة حتى نصل للنقطة التي نعيد التقييم فيها.

وقد ساعدنا هذا التمرين كثيرًا في صنع قرارات مهمة مثل أن نعرف كم من المال ينبغي أن ندفع للموظفين، كم من الساعات الأسبوعية ينبغي علينا أن نعمل، وفي مواضيع أخرى مطاطة مثل نوعية العملاء الذين نريد أن نخدمهم ونوعية العمل الذي نريد أن نقدم لهم، بالرغم من أن الأمور المالية تبدو كرياضيات بحتة، فإن هذا التمرين المبني على الكيف وليس الكم مكننا في النهاية من أن نعرف بالتحديد كيف نضع الأرقام في معادلة الربح.

التسعير: هنا تأتي المواجهة

إن فهم أساسيات حساب النفقات، العائدات، والأرباح هو أمر مهم يعطيك إدراكًا لطبيعة سريان العمل في شركتك، ويمكنك من التخطيط للمستقبل على علم، ويمكنك من تحديد أهداف نمو واستقرار الشركة.

لكن بمجرد أن تعرف ما ينبغي عليك أن تدفعه، يأتي سؤال آخر: كيف ستدفع هذا المال؟

هناك استراتيجيات مختلفة للتسعير (التسعير بناء على وقت الإنتاج، أو وقت التسليم، أو إجمالي وقت المشروع، أو بناء على القيمة المقدمة، أو خليط من كل ذلك).

وكل منهم لديه إيجابياته وسلبياته المحتملة بالنسبة للربح، وهم أيضًا يخلقون محفزات مختلفة للعملاء والموزعين، مما يؤثر بشكل كبير على طبيعة العمل لديك، والتعاملات اليومية في الشركة، ومخرجات المشروع في النهاية.

 

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Being Profitable لصاحبه Matt Griffin


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...