اذهب إلى المحتوى

التنوع في المنظمات


يمان نعساني

سنتابع في سلسلة مقالاتنا عن السلوك التنظيمي في بابٍ جديد سنتطرّق فيه إلى التنوّع في المنظّمات وما ينضوي تحت هذا العنوان من مفاهيم أساسية تشمل كلًّا من مفهوم التنوّع وكيف يؤثر على الشركات والقوة العاملة، بالإضافة إلى مشاكل التمييز في العمل وتداعيات ذلك على الفئات الاجتماعية، وسنستعرض أيضًا النظريات الأساسية التي تساعد المديرين على فهم إدارة التنوّع في القوة العاملة، وسنستهل مقالنا بمفهوم التنوّع في المؤسسات.

استكشاف المهن الإدارية

د. تامارا جونسون Tamara Johnson، مستشارة مساعدة في المساواة والتنوّع والإدماج لدى جامعة Wisconsin-Eau Claire. تشغل د.تامارا منصب مستشارة في المساواة والتنوّع والدمج في جامعة (ويسكنسون)، وتتضمّن مهمّتها إدارة وتنظيم مُختلف الفئات ضمن الحرم الجامعي بحيث تُحافظ على سيرٍ منظّمٍ ومُمنهجٍ دون أي تحيّز يخرج عن رسالة المساواة والتنوّع التي تتبنّاها الجامعة في مجتمعها. تشرف د. تامارا على:

  • برنامج العمل الإيجابيّ Affirmative Action (قانون ينصّ على أنّ جميع فئات المجتمع من الأقليّات يجب أن تكون ممثلّة عند الالتحاق الوظيفيّ أو الجامعيّ)
  • برنامج Blugold Beginnings قبل الجامعيّ (برنامج يعمل على تشيج وتثقيف الطلاب من الأقليّات).
  • مركز الموارد القائمة على الجنس والنوع الاجتماعيّ.
  • مكتب العلاقات الثقافيّة.
  • برنامج Ronald E. McNair (مؤسسة تعليمية أمريكية مسؤولة عن توفير مبادرات أو منح لرسالات الدكتوراه للطلاب اللذين ينتمون إلى أقليّة معيّنة في المجتمع).
  • خدمات الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصّة.
  • شرطة الجامعة.
  • وحدات Upward Bound (برنامج يوفّر دعمًا للمشاركين فيه عند الدخول للحياة الجامعيّة).

كما تقود مبادرات على كامل نطاق الحرم الجامعيّ لتثقيف وتدريب الطلاب والموظّفين حول الوعيّ الثقافيّ والتنوّع والمساواة المؤسساتيّة.

بدأت رحلة د. تامارا في منصبها الحالي منذ أكثر من 20 سنة عندما عملت مستشارةً لمكتب شؤون الطلاب متعدّدي الثقافات في جامعة إلينوي . وكان منصبها هذا بداية عملها في الخدمات الجامعيّة. عملت د. تامارا بعد ذلك مديرة مساعدة لخدمات توظيف الجامعة في جامعة (إلينوي)، وبعد ذلك مديرة لشؤون الطلاب متعدّدي الثقافات في جامعة (نورث ويسترن)، ومن ثمّ مديرة مبادرات التنوّع في الكليّة في جامعة (شيكاغو). كما كانت مدرّسة مستشارة لمقرّرات جامعيّة لمرحلتي الماجستير والدكتوراه في جامعة شيكاغو لعلم النفس، وجامعة (أرجوسي Argosy) وجامعة (نورث وسترن).

يتضمّن عمل د.تامارا في جامعة (Wisconsin-Eau Claire) تطوير برنامجًا لضمان تلقّي كل العاملين تدريبًا أساسيًّا عن التنوّع. كما تشمل أهدافها تضمين معيار التنوّع في برامج التقييم المتّبعة في الجامعة. تسعى أيضًا لرفع الوعي حول التحدّيات الّتي يواجهها الطلّاب من الفئات الأقل تمثيلًا. والفئات المعنيّة بذلك هم القادمون من خلفيات ذات مستوى ماديٍّ أدنى أو من أعراق مختلفة. تتفهّم د.تامارا أهميّة تأسيس مبادرات تدعم أفراد هذه الفئات وتسهم في طرح مشكلاتهم وحلّها بمختلف الطُرق. ستتعلم في هذا المقال، عندما يؤسّس القادة مناخًا داعمًا وشاملًا يُقدّر التنوّع، فإنّ الفوائد الناتجة تفيد المنظمّات وإنتاجيّتها.

مقدمة عن التنوع في مكان العمل

يعني التنوّع وجود اختلافات في الهويّة بين شخصين أو أكثر بحيث تؤثّر على حياتهم المهنية كونهم موظّفين أو متقدّمين أو زبائن. تتضمّن هذه الاختلافات في الهويّة كلًّا من العرق والإثنيّة والجنس والعمر. يُشار إلى المجموعات المبنيّة على هذه الاختلافات في المجتمع باسم جماعات الهويّة.

هذه الاختلافات تتعلّق بنواحٍ مختلفة مثل التمييز والتفاوتات بين الفئات في مجالات التعليم والسكن والرعاية الصحّيّة والتوظيف. يُستخدم مصطلح إدارة التنوّع بشكل واسع للإشارة إلى الطرق الّتي يمكن للمنظمّات أن تتّبعها لتضمن أن أفراد هذه الفئات يُعاملون ويُقدّرون بشكل كافٍ ومتساوٍ ضمن قطاعات المؤسّسة من جميع النواحي مثل التوظيف والتعويضات وتقييم الأداء ونشاطات خدمة الزبائن.

يُستخدم مصطلح تقدير التنوّع عادةً لتوضيح الطرق الّتي يمكن للمنظّمات من خلالها إظهار تقديرها للتنوّع لدى موظّفيها والمتقدمين لها وزبائنها. في حين يمثل مصطلح الدمج، الذي يشير إلى مدى تقبّل الموظفين ومعاملتهم بعدل في شركاتهم، يمثّل إحدى الطرق الّتي تُظهر من خلالها الشركات تقديرهم للتنوّع. تستدعي بيئة العمل المتغيّرة فهمًا أوسع للتنوّع في المنظّمات ما يساعدها على المضيّ نحو قوّة عاملة أكثر اندماجًا وأوسع تمثيلًا.

تتواجد ثلاثة أنواع من التنوّع في مكان العمل (انظر الجدول 5.1). يمثّل المستوى السطحيّ من التنوع خاصّيّات فرديّة واضحة، مثل: العمر وحجم الجسم والاحتياجات الخاصّة والعرق والجنس وغيرها أيضًا. تُعرف مجموعة الأفراد الذين يختلفون في هذه الصفات بجماعة الهويّة.. يتضمّن المستوى العميق من التنوّع خصائص لا يمكن ملاحظتها مباشرةً مثل السلوك والتقدير والمعتقدات. يتضمّن التنوّع الخفيّ خصائص من المستوى العميق قد تكون مخفيّة أو مكشوفة لدى الأشخاص الذين يملكونها.

تُدعى هذه الخصائص الخفية بالهويّات الاجتماعيّة غير المرئيّة، وهي قد تتضمّن احتياجات خاصّة مخفيّة (مثل الأمراض النفسيّة أو الأمراض المزمنة التي لا يرغب الفرد بكشفها للآخرين) والتراث العرقيّ المختلط والمستوى الاجتماعيّ الاقتصاديّ المتباين. يتقصّى الباحثون أشكال التنوّع هذه للوصول لفهم أفضل يساعد المديرين على تمهيد عقبات التنوّع والاستفادة من فوائده.

أشكال التنوّع
المستوى السطحيّ من التنوع
تمشل الصفات والخصائص المتنوّعة الواضحة والمرئية في الأفراد، مثل العمر وحجم الجسم والعرق والاحتياجات الخاصّة والجنس وغيرها كذلك.
المستوى العميق من التنوّع
ويشمل الخصائص والصفات التي لا يُمكن ملاحظتها بشكل مباشر، مثل السلوك والقيم والمعتقدات والأديان.
التنوّع الخفيّ
يشمل هذا التنوّع الصفات والخصائص وحتى الميول العميقة للفرد التي لا يمكن ملاحظتها والتي لا تظهر إلا برغبة الفرد، مثل الميول أو التحيّزات العنصرية..

الجدول 5.1 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0).

التنوع والقوة العاملة

في عام في 1997 في الولايات المتحدة الأمريكية قدّر الباحثون أنّه وبحلول عام 2020 سيكون 14% من القوّة العاملة من العرق اللاتينيّ و11% من العرق الأسود و6% من العرق الآسيويّ (انظر الشكل 5.1). أدّى ازدياد مشاركة الاقليّات العرقيّة خلال الأعوام العشرين الماضية في الأعمال المختلفة إلى تجاوز أغلب هذه التوقّعات عام 2016 بنسبة 17% للعرق اللاتينيّ و12% للعرق الأسود و6% للعرق الآسيوي.

شكّل مجموع المنتمين لفئات الهنود الحمر والسكّان الأصليّين من ألاسكا وهاواي وغيرهم من سكان جزر المحيط الهادئ ما تجاوز قليلّا 1% من مجموع العاملين، في حين تجاوزت نسبة العاملين المنتمين لعرقين أو أكثر 2%. شكّلت نسبة النساء تقريبًا 47% مقارنةً مع 53% تقريبًا للرجال. كما ارتفع متوسط عمر العاملين بسبب ازدياد عدد المتقاعدين في سنّ متأخّرة. لا تزال الأغلبية هي من العرق الأبيض بنسبة 78%، ولكن على الرغم من ذلك يزداد التنوّع في القوّة العاملة الأمريكيّة شيئًا فشيئًا؛ ما يشكّل المزيد من الفرص والتحدّيات للشركات. هذه التغيّرات الديموغرافيّة في سوق العمل تؤثّر على القوّة العاملة بعدّة طرق، بسبب ازدياد عدد العاملين المختلفين في جنسهم وعرقهم وجنسّياتهم واحتياجاتهم الخاصّة.

Percentage distribution of the labor force by race.png

الشكل 5.1 توزّع القوّة العاملة بالمقارنة مع العرق (حقوق الصورة: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0).

الجنس

تزداد مشاركة النساء في سوق العمل شيئًا فشيئًا، فقد انخفضت نسبة مشاركة الرجال من 59% في عام 1977 إلى 53% في وقتنا الراهن، ومن المتوقّع أن تستمر بالانخفاض لتصل إلى 52% في عام 2024. ففي حين تنخفض نسب مشاركة الرجال باستمرار، تستمر معدّلات مشاركة النساء في سوق العمل بالارتفاع. كما يمكننا أن نلاحظ من الشكل 5.2 كيف ارتفعت نسبة مشاركة النساء بين أعوام 1977 و2017.

ما زالت النساء يواجهن صعوبات عديدة في العمل، وذلك على الرغم من انخراط المزيد منهنّ في سوق العمل وحصول المزيد منهنّ على درجات علميّة أعلى من الرجال. يمثّل شحّ فرص التقدّم الوظيفيّ للنساء المؤهلّات أحد العقبات الرئيسيّة الّتي تواجهها النساء، ويُطلق على هذا الشح مصطلح السقف الزجاجي، وهو حاجز وهمي مبنيّ على المعتقدات السابقة المجحفة، وهو القاعدة الّتي تستند عليها قرارات العديد من المؤسّسات اليوم، والّتي تمنع النساء من تجاوز مستويّات وظيفيّة محدّدة. بالإضافة إلى ذلك تواجه النساء -في الشركات الّتي يسيطر فيها الرجال على مراكز السلطة ونقاط التحكّم وصنع القرار داخل الشركة- صعوبةً في إيجاد مشرفين مناسبين يوجّهوهن أثناء العمل، وهذا أساسيٌّ لمقدرتهنّ على التواصل الفعّال مع زملاء العمل وإدراك فرصهنّ الوظيفيّة واستغلالها استغلالًا جيّدًا. يمكن للشركات أن تتجاوز هذا عبر توفير مشرف مناسب لكلّ الموظّفين الجدد. سياسةٌ كهذه تبني بيئة عمل متكافئًا لكل الموظّفين الجدد ليتمكّنوا من التواصل الفعّال والعمل المثمر داخل هيكلية الشركة.

Percentage Distribution of the Labor Force by Sex.png

الشكل 5.2 توزّع القوّة العاملة بالمقارنة مع الجنس (حقوق الصورة: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0).

أحد العوامل المؤثّرة بشدّة على النساء في المنظّمات هو المضايقة الجنسيّة (sexual harassment). تنقسم المضايقة الجنسيّة إلى شكلين يمكن ملاحظتهما في العمل وهما المبادلة (أو ما يُعرف بمصطلح quid pro quo) والبيئة المعادية ( وتُعرف بمصطلح hostile environment). أما الشكل الأول فهو يشير إلى تبادل المنافع مقابل الخدمات الجنسيّة أو العقوبات مقابل رفض هذه الخدمات، في حين تشير المُضايقات ،الّتي تولّد بيئة عملٍ عدائيّة، إلى التصرّفات السلبية التي تجعل من بيئة العمل بيئةً سلبيّة وعدائيّة. مثال على حالات المضايقة الجنسيّة "المبادلة" هو عقاب أحد الموظفّين (مثل تخفيض رتبته أو نقله لقسم آخر) بسبب رفضه الاستجابة للمُضايقات والطلبات الجنسيّة المتكرّرة.

وتشكلّ النكات البذيئة عن موظّف ما، أو نشر صُور إباحيّة في العمل، أو إطلاق تعليقات مُهينة، تشكّل أمثلةً على بيئة العمل المعادية. تُعرّف المضايقة الجنسيّة، تبعًا للجنة تكافؤ فرص العمل (Equal Employment Opportunity Commission)- بأنّها "مبادرات جنسيّة غير مرغوبة، وطلب خدمات جنسيّة ومضايقات جسديّة أو لفظيّة ذات طابع جنسيّ. كما تشمل التعليقات المهينة حول جنس العامل." وبالرغم من أنّ كلا الجنسين معرّضين للمضايقات الجنسيّة، إلّا أنّ هذه المضايقات أكثر ما تحدث مع النساء العاملات كما أنّ الأقليّات العرقيّة من النساء والرجال السود معرّضون لها.

من مصلحة المنظّمات أن تمنع حدوث المضايقات الجنسيّة بين موظّفيها. بإمكان المؤسسات حلّ هذه المشكلة عبر التدريبات المستمرة (السنويّة مثلًا) الّتي تُمكّن العاملين من تمييز المضايقة الجنسيّة والتعرّف عليها وحتى التبليغ عنها. يجب أن يتعلّم الموظّفون التمييز بين التصرّفات المقبولة وتِلك التي تحمل غير المقبولة والتي تحمل طابعًا مُزعجًا وعدائيًّا.، بالإضافة إلى كيفية التبليغ عند حصول مثل هذه التصرّفات.

على المديرين أن يفهموا دورهم ومسؤوليّاتهم تجاه منع حدوث مثل هذه المضايقات الجنسيّة في مؤسساتهم، لذا يجب مشاركة سياسة واضحة تكون مسؤولة عن تحقيق هذا الهدف في الشركة.

في الواقع إن الإنكار لا يقتصر فقط على التمييز على أساس الجنس، بل إن التمييز والإساءة على أساس بعض الأوضاع الصحية الخاصّة مخالفٌ للقانون أيضًا. على الرغم من امتلاك المؤسسات سياسات مختلفة فيما يخص الإجازات الأبويّة وإجازات الأمومة، إلا أنه من الواجب عليها أن تلتزم بمعايير قانون التمييز على أساس الحمل (Pregnancy Discrimination Act) ووثيقة الإجازة الصحّيّة (Medical Leave Act).

العرق

من العوامل الديموغرافية المهمة الأخرى في توزّع القوّة العاملة هو العرق. تستمرّ نسبة العاملين البيض غير اللاتينيّين بالانخفاض، في حين ترتفع نسب الأقلّيّات العرقيّة. العرق اللاتينيّ والآسيويّ بالتحديد يرتفعان بمعدّل أسرع من أي أقلّيّة عرقيّة أخرى. حيث يُتوقّع أن تشكّل اليد العاملة اللاتينيّة خُمس القوّة العاملة في الولايات المتّحدة بحلول عام 2024. التغيّرات المتوقّعة في توزّع القوّة العاملة بين عامي 2014 و2024 هي كالتالي:

ستنخفض نسبة البيض غير اللاتينيّين بمقدار 3%. في حين سترتفع نسبة السود إلى 10.1% واللاتينيّين إلى 28% والآسيويّين إلى 32.2% والأعراق الأخرى إلى 22.2% (مثل متعدّدي الأعراق والهنود الحمر والسكّان الأصليّين في ألاسكا وهاواي وغيرها).

يجب على المديرين مع هذا التغيّر المستمر في القوى العاملة أن يصبحوا أكثر وعيًا للمشاكل الخاصّة بالعرق والانتماء الّتي تواجه موظّفيهم، مثل المضايقات والتمييز والتنميط والتعامل المختلف معهم من قبل زملائهم والمُشرفين عليهم في شركاتهم. (ملاحظة: نستخدم مصطلح "السود" حسب تعريف مكتب الإحصاء الأمريكيّ U.S Census Bureau حيث يشير هذا المصطلح إلى المقيمين الأمريكيّين من الأصول الإفريقيّة. كما نستخدم مصطلح اللاتينيّين/الهسبانيّين حسب تعريف المكتب ذاته للدلالة على الناس من أصول مكسيكيّة أو كوبيّة أو أمريكيّة جنوبيّة أو وسطى، أو أيّ بلد إفريقي ذي ثقافة إسبانيّة.)

التمييز ضد الموظفين السود

يُعد التميّيز العرقيّ أكثر أنواع التمييز انتشارًا. بالرغم من أنّ السود لا يشكّلون المجموعة الكبرى من الأقلّيات العرقيّة في القوّة العاملة، إلا أنهم معرّضون أكثر للتميّيز العرقي من باقي المجموعات العرقيّة. في الحقيقة يعتقد بعض الخبراء أنّ التمييز ضد السود في التوظيف لم ينخفض خلال السنوات الخمس والعشرين الأخيرة، في حين أنّها انخفضت ضد باقي المجموعات العرقيّة.

مثال من أرض الواقع: التمييز في الاقتصاد التشاركي AirbnbWhileBlack

تم تأسيس موقع (Airbnb) الشهير لمشاركة المنازل في عام 2008 في سان فرانسيسكو. يعرض الموقع ملايين المنازل للتأجير قصير المدّة في أكثر من 190 دولة. أحدثت هذه الشركة ثورة في الاقتصاد التشاركيّ تشبه إلى حدٍّ ما الثورة الّتي أحدثتها شركات مثل (Uber) و(Lyft) في خدمات النقل التشاركيّ. ووفقًا لموقع (Airbnb) فقد رفعت هذه الخدمة من المستوى المعيشييّ لكلّ من المؤجِّرين والمستأجرين.

كما ساهمت في خفض تكاليف المعيشة للمسافرين وفقًا لبيانات الموقع الرسميّة. يؤمّن الموقع أيضًا تجارب مميّزة للمسافرين المغامرين الراغبين في الحصول على تجربة مختلفة. تدّعي المنظّمة أيضًا أنّ أغلب مستخدميها يهدفون لرفع مدخولهم عبر تأجير غرف في منازلهم أو تأجير المنزل بأكمله أحيانًا. ووفقًا لبيانات الموقع نفسها فإنّ أغلب الأماكن المعروضة على الموقع تؤجّر بمعدّل أقل من 50 ليلة سنويًّا.

على الرغم من الإعلانات التي تصدّرها شركة Airbnb للرأي العام والتي تُظهر فيها رسالتها السامية والخلوقة، إلا أن الشركة وُضعت تحت مراقبة حثيثة عام 2016 عندما أظهرت تقارير مستقلّة أصدرها باحثون وصحفيّون حقيقة صادمة مفادها أن أغلب المؤجِّرين استخدموا خدمة (Airbnb) لتأجير أملاكهم بشكل متقطّع، ولكن عددًا كبير من المُضيفين استغلّ خدمة التأجير التي قدمتها الشركة كأنها فندق. حيث اشترى هؤلاء المُضيفين الكثير من الأملاك وأجّروها بشكل مستمر مثل غرف الفنادق تمامًا (غير أنها ليست بفنادق قانونية)، ممّا أثّر على توفّر السكن في المدن بسبب كون هذه الأملاك غير مسجّلة على أنّها فنادق بشكل رسميّ؛ ما جعلّها قادرة على تجنّب دفع الضرائب المفروضة على الفنادق والحياد عن الالتزام بالقوانين الفندقيّة.

ينصُّ القسم الثاني من قانون الحقوق المدنيّة الصادر عام 1964 في الولايات المتّحدة على وجوب عدم التمييز على أساس العرق أو الجنسيّة أو الجنس في خدمات الإقامة مثل الفنادق. كما نصّ القسم السابع من قانون الحقوق المدنيّة الصادر عام 1968 (المعروف باسم قانون الاستضافة العادلة Fair Housing Act FHA) على حظر التمييز وخاصّة في مجال الاستضافة. لكنّ الهيكلية التنظيمية وأسس عمل شركة (Airbnb) المميّزة سمحت لها بالالتفاف حول هذه القوانين.

تدّعي الشركة أيضًا أنّها تحفّز المستضيفين لديها على اتّباع القوانين الفيدراليّة، ولكنّها في ذات الوقت غير مسؤولة عن اختراق عملائها لهذه القوانين. أجرى الباحث بن إدلمان (Ben Edelman) عام 2017 تجربة وجد فيها أنّ مستخدمي (Airbnb) الذي يسعون لاستئجار منزل كانوا أقلّ احتمالًا لقبول طلبهم بنسبة 16% إن كانت أسماؤهم على التطبيق تبدو من أصولٍ إفريقيّة مثل تاميكا دارنيل ورشيد.

هذه الاكتشافات مترافةً مع حملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعيّ تحمل شعار يشير إلى عنصرية الشركة (AirbnbWhileBlack)، ادّعى فيها مستخدمو هذا الشعار رفض طلباتهم على الموقع بسبب تحيّزات عرقيّة تجاههم ، وعلى إثر ذلك حرّض مكتب ولاية كاليفورنيا للإسكان والتوظيف العادل (California’s Dep. of Fair Employment and Housing تختصر إلى DFEH) على تقديم شكوى ضدّ الشركة. حاولت Airbnb معالجة شكاوى التبليغ عن طريق حظرها للمستضيفين الّذين اكتشفت قيامهم بإجراءات تمييزيّة عنصريّة خلال استخدامهم للموقع.

كما وظّفت الشركة المدّعي العام الأمريكيّ السابق (Eric Holder) ومسؤولة الاتحاد الأمريكي للدفاع عن الحريات المدنية (ACLU) السابقة (Laura Murphy) للتحقيق حول ادّعاءات العنصرية والتمييز ضد عملاء الشركة. أصدرت الشركة عام 2016 بيانًا وضّحت فيه التغيّرات الّتي اتّخذتها في سلوك الشركة وممارساتها لمحاربة مظاهر التمييز العنصري المختلفة، ومع ذلك فإن الشركة رفضت في بداية المطاف طلب مكتب (DEFH) بوضع خطط عمليّة حقيقية تعكس هذه التغييرات، ولكنها وافقت في النهاية على إجراء تدقيق على ما يقارب 6,000 مستضيف في كاليفورنيا والّذين كانوا يمتلكون أكبر عدد من الممتلكات المسجّلة على الموقع.

في الوقت الحاليّ يمتلك الرجال البيض نسبة أكبر في سوق العمل من الرجال السود. وتمتلك النساء السود نسبة أعلى قليلًا من النساء البيض. وبالرغم من ازدياد نسبة التعليم والتوظيف لدى السود لكنّهم يبقون أكثر فرصةً للبقاء عاطلين عن العمل نسبةً للبيض حتى عندما يكون البيض أقلّ تعليمً، أو ذوي سجلٍّ إجراميٍّ.

يتعرض السود بشكل متكرّر للتمييز في مكان العمل بالرغم من التشريعات الكثيرة الّتي تمنع حدوث ذلك. أظهرت الأبحاث أنّ التنميط والأحكام المسبقة قد تسبّب منع السود من الحصول على فرص التوظيف مقارنةً بالبيض المكافئين لهم بالمؤهّلات. تقدّر الإحصائيات أن 25% من الأعمال في الولايات المتحدة لا تحتوي على موظّفين من الأقليّات.، في حين أن 25% أخرى من الأعمال لديها أقلّ من 10% من العاملين من الأقليّات.

أظهرت البحوث بخصوص الموظّفين السود أنّ المديرين -بغض النظر عن عرقهم- يميلون لإعطاء تقييماتٍ أعلى للموظّفين المشابهين لهم بالعرق. وبسبب كون المديرين البيض يمتلكون فُرصًا أكبر ليصبحوا إداريين فإن هذا يؤثّر أيضًا على فُرص الترقية واستحقاق مناصب إدارية لدى السود. يُوظّف السود في الوظائف الأدنى مستوى بمعدّل أكبر، وهذه الوظائف لا تفسح مجالًا للنموّ والتقدّم الوظيفيّ ويكون دخلها أقلّ. هذه التجارب التوظيفيّة السلبيّة تؤثّر على الصحّة الجسديّة والنفسيّة للموظّفين السود.

اللاتينيون/الهسبانيون

الفئة اللاتينيّية هي ثاني أسرع الفئات نموًّا في سوق العمل الأمريكيّ بعد الفئة الآسيويّة. حيث يشكّلون 17% من القوى العاملة. بالرغم من كونهم يملكون أعلى نسبة مشاركة في سوق العمل الأمريكيّ من بين كلّ الأقليّات العرقيّة، إلا أنهم لا يزالون يواجهون التمييز والمضايقة مثل غيرهم من باقي الفئات الأقليّة.

الهيسبانيّون قد ينتمون لأيّ عرق. في الحقيقة يزداد عدد الهيسبانيّين الذين يصنّفون أنفسهم على أنّهم بيض تزايدًا مستمرًا، بحلول عام 2004 صنّف حوالي نصف الهيسبانيّين أنفسهم على أنهم من فئة البيض، بينما صنّف النصف الآخر أنفسهم بأنّهم "عرقٌ آخر". في الوقت الراهن وبعد أكثر من 10 أعوام 66% من الهسبانيين يصنّفون أنفسهم بيض وفقط 26% يرون أنفسهم "عرقًا آخر". المتبقّون (حوالي 7%) يرون أنفسهم سود أو هنود حمر أو آسيويّين أو سكّانًا أصليّين من ألاسكا أو هاواي أو جزر أخرى في المحيط الهادي.

قد يتبادر لأذهاننا لِمَ يرى أشخاص من الأقليّات أنفسهم ينتمون إلى العرق الأبيض؟ وجدت دراسة من معهد PEW أنّ العائلات الهسبانية الّتي تعيش لمدّة أطول في الولايات المتّحدة تميل إلى التصريح بأنهم ينتمون إلى العرق الأبيض حتى وإن لم يعترفوا من قبل بهذا. وهذا يقترح أن التقدّم ونظام الحياة الأميركيّ يبدو لبعض الهيسبانيّين أنه يجعلهم أكثر ميلًا للعرق الأبيض. والجدير بالذكر أن الإحصائيات أظهرت أن الهيسبانيّين الّذين يعرّفون أنفسهم على أنّهم بيض يسجّلون معدّلات تعليم ورواتب أعلى ومعدّلات بطالة أقل. بالإضافة إلى ذلك صرّح 29% فقط من الهيسبانيّين المشمولين بدراسة PEW أنهم يمتلكون ثقافة مشتركة مع باقي أبناء عرقهم. وفقًا لمركز أبحاث PEW فإن سبب هذه النتائج يعود إلى أن العرق الهيسبانيّ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة يتألف من ما يزيد على 14 مجموعة عرقيّة هيسبانيّة مختلفة الأصل (المكسيكيّون والكوبيّون والإسبانيّون وغيرهم). كلّ من هذه المجموعات تمتلك ثقافتها الخاصّة مع ملابس وقيم وعادات فريدة.

هذه الاختلافات الثقافيّة بين المجموعات الهيسبانيّة بالإضافة إلى اختلاف الأفراد في تعريف ذاتهم إثنيًّا قد تؤثّر على سلوكم تجاه بيئة عملهم. على سبيل المثال وجدت إحدى الدراسات أنّ معدّلات التغيّب عن العمل بين السود تعلّقت بمستوى سياسات التنوّع والأنشطة الموجودة في المنظّمة، في حين كان معدلّات التغيّب بين الهيسبانيّين مشابهة لها عند البيض وغير متعلّقة بسياسات التنوّع. تقترح نتائج هذه الدراسة حاجة المديرين لوعيٍ أكبر عن أثر التنوّع على مكان عملهم، وفهم الاختلاف بين الهيسبانيّين والأعراق الأخرى في تعريف الذات من أجل تطبيق أفضل لسياسات التنوّع.

الآسيويون والأمريكيون الآسيويون

هذه الفئة هي الأسرع نموًّا في سوق العمل الأمريكيّة، بمعدّل 72% بين عامَي 2000 و2015. تجني العائلاتالّتي يعولها فردٌ من هذه الفئة مالًا أكثر كما أنّها أكثر احتمالًا لأن تمتلك أفرادً لديهم شهادة جامعيّة، كلّ ذلك بالموازنة مع باقي السكّان الأمريكيّين عامّةً. على أيّة حال يتنوّع مدخول هذه الأسر بين المجموعات التسع عشرة المشكلّة للعرق الآسيويّ في الولايات المتّحدة. يتعرّض الآسيويّون للتنميط والتمييز في العمل كغيرهم من الأقليّات.

تظهر وسائل الإعلام الآسيويّين للمجتمع على أنّهم ضعيفون في اللغة الإنجليزيّة، متعلّمون وأقوياء في الرياضيّات وذوي فكرٍ تحليلي فريد. تُصوّر النساء الآسيويّات غالبًا على أنهن ضعيفات ومُنصاعات. تصوير النساء من الأقليّة الآسيويّة أو غيرها على أنّهن غريبات يساهم في تقارير المضايقات الجنسيّة من نساء الأقلّيّات العرقيّة.

خرافة الأقليّة القدوة هي انعكاسٌ عن تصوير الآسيويّين والأمريكيّين الآسيويّين بصورة نمطية على أنّهم "ناجحون" و"حازمون" عكس الصورة النمطيّة السلبية عن باقي الأقليّات مثل "الكسل" و"التمرّد". بالمقابل، تُصوّر النساء الآسيويّات على أنّهنّ "مطيعات" و"غريبات" مقارنة بالصورة النمطيّة للنساء البيض والتي تُظهرهن على أنهن "مستقلّات" و"نقيّات". تستخدم هذه الصور النطميّة والأحكام المُسبقة لتبرير الظلم الواقع ضمن الأقليّات العرقيّة، كما تستخدم لبناء حواجز أمام وصول الآسيويّين إلى مناصب إدارية بارزة حيث يتمّ توجيههم ووضعهم في أماكن عمل بعيدة اجتماعيًّا وإداريًا "خلف الستار" بحيث يكونون أقلّ انخراطًا مع الآخرين. التنميط هذا يوقع النساء الآسيويّات أيضًا في أدوار خاضعة في المنظّمات. كلّ هذا يُصعّب، على الرجال والنساء من العرق الآسيوي، اللحاق بالتقدّم الوظيفيّ للبيض.

متعددو الأعراق

على الرغم من تقدير المكتب الأمريكيّ للإحصاء أن حوالي 2% من السكّان يصفون أنفسهم على أنّهم متعدّدو العرقيّة، إلا أن مركز PEW للأبحاث يقدّر أنّ الرقم أعلى في الحقيقة ويصلّ حتّى 7%. يرجع هذا لتصنيف الأفراد أنفسهم على أنّهم ينتمون لعرق معيّن رغم كون أبويهم ينتمون لأكثر من فئة عرقية. ومما يزيد من تعقيد عمليّة جمع البيانات هذه، هو تبدّل الهويّة العرقيّة للأشخاص على مرّ الزمن، بسبب كون هذه الهويّة غير قائمة بالضرورة على ثقافة أو بلد مشترَكَين كما هو الحال في الإثنيّة.

نتيجةً لذلك اعترف الأشخاص الذين يمكن تصنيفهم تحت فئة متعددي الأعراق (كما الهيسبانيّون) بتغييرهم هويّتهم العرقية خلال حياتهم عدّة مرّات، بل وحتّى أن بعضهم لجأ لتغييرها لموقف معيّن حدث معه. حتّى 30% من المشمولين بإحصائيّة PEW قالوا بأنّهم ترددوا بين عدّ أنفسهم متعدّدي العرق وبين نسب أنفسهم لعرق واحد. كما أظهر المشاركون تبدّلًا في توقيت هذه التنقّلات "العرقية" خلال حياتهم.

على الرغم من ارتفاع الولادات بين متعدّدي الأعراق عشرة أضعاف ما بين 1970 و2013، إلا أنه لا تزال نسبتهم في القوى العاملة 2% فقط. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال الأشخاص متعدّدو الأعراق من خلفيّة بيضاء يُعَدّون من الأقليّات ما لم يُصنّفوا أنفسهم عرقيًّا على أنهم بيض فقط، ويتعرّض حوالي 56% منهم لنكات ومضايقات عنصريَة جارحة. تتغيّر نسبة التمييز عند الدخول أكثر في تفاصيل الأعراق ضمن المجموعات المتعدّدة العرقيّة، فعلى سبيل المثال يسجّل الهنود السود أعلى معدّل من تقارير التمييز في حين يسجَّل الأسيويّون البيض المعدل الأقل بين هذه الفئات.

يمكن أن يُخطأ في تمييز عرق الموظّفين متعدّدي الأعراق على أنهم من عرق معيّن في العمل (بسبب تعددهم العرقي). إن كانت هويّتهم العرقيّة المختلطة ظاهرة للعيان فقد يختبرون معاملة مختلفة سلبيّة. أحيانًا لا يتمّ تعريفهم على إحدى الفئات الّتي ينتمون إليها وحينها يكونون عرضةً لتعليقات استخفافيّة من زملائهم حول عرقهم، ما يمكن أن يكون مثبّطًا للمعنويّات، ويؤدي إلى إضعاف أواصر التعاون داخل هيكلية المنظّمة.

مجموعات أخرى

يعرّف حوالي 1% من القوّة العاملة أنفسهم على أنهم هنود حمر أو سكّان أصليّين من ألاسكا أو هاواي أو جزر أخرى في المحيط الهادي أو من عرق آخر.

العمر

توزيع العمر في القوّة العاملة لمنظمّة ما هو عامل مهمّ للتنوّع في مكان العمل، سيّما عندما يتقدّم موظفو الشركة في العمر. يتقدّم المجتمع في السنّ عمومًا بسبب تقدّم جيل (Baby boomer) في العمر (الجيل المولود بين عامي 1946 و1964) وبسبب نقصان معدّل الولادات وازدياد العمر المتوقّع للحياة بفضل التقدّم الطبّيّ واتساع رقعة الرعاية الصحّيّة. يؤدّي ما سبق لبقاء بعض الموظّفين في العمل ما بعد عمر التقاعد (65 سنة) ويعملون لسنوات أكثر من الأجيال السابقة لتأمين تكاليف معيشتهم.

يوازن الشكل 5.3 نسبة السكّان فوق سنّ 65 مع السكّان دون سنّ 18 بين عامَي 2010 و2016. عدد الأشخاص الأكبر سنًّا ازداد ويُتوقَّع وصوله إلى 20.6% بحلول عام 2030 في حين سينخفض عدد الأشخاص دون سنّ 18 بثبات خلال هذه المدّة. تشير هذه الأرقام إلى وجود موظّفي متنوّعي الأعمار في الشركات بشكل متزايد ما يُوجِد صعوبة أكبر في إدارة التفاعل بين الأجيال. على رغم من أن العمّال الموظفين الأكبر سنًّا مناسبين ومريحين في التعامل، إلا أنه عادةً ما يعانون من تنميط وأحكام مسبقة من قبل بعض الموظّفين على أنّهم غير كفوئين وأقلّ رغبةً في التعلّم مقارنةً مع زملائهم الأصغر عمرًا.

كما وجدت الدراسات ما يدعم فكرة التأثير السلبيّ للعمر على الإدراك. على أيّة حال، إن عرض المديرين فرصًا أقل للعمّال الأكبر سنًّا بسبب تراجع إدراكهم فقط قد يؤدي إلى تراجع الأداء وإنتاجية الشركة بسبب تفوّق العمّال الأكبر سنًّا على الأصغر سنًّا في بعض المجالات. يؤدّي العمّال الأكثر سنًّا غالبًا أداءً أعلى كما يتّبعون معايير السلامة اتّبباعًا أفضل. كما أنّهم أقلّ احتمالًا للتغيّب عن العمل أو التباطؤ في العمل مقارنةً بزملائهم الأصغر سنًّا.

Change in U.S. population by age.png

الشكل 5.3 التغيّر في التعداد لسكّانيّ الأمريكيّ تبعًا للعمر (حقوق الصورة: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0).

إدارة التغيير: التوظيف الأعمى

تختبر المزيد من الشركات طريقة جديدة ومبتكرة في التوظيف. التوظيف الأعمى هو عمليّة تُمكّن الشركات من إزالة أيّ معلومات تميّز هويّة المتقدّمين خلال عمليّة التوظيف. مثال على ذلك استخدام استمارات تُحذف فيها الخانات التعريفيّة مثل الاسم والعمر والجنس. تمكّنت بعض الشركات مثل جوجل، باستخدمات تقنيّات مُحوسبة، من تطبيق إحصائيّة على المتقدّمين مجهولي الهويّة تقيس مقدرتهم على أداء العمل المطلوب منهم قبل انتقاء من سيتسمرّ للمرحلة التالية من عمليّة التوظيف. يمكن للشركات الطلب من المتقدّمين إزالة الحقول التعريفيّة من سيرهم الذاتيّة عِوضًا عن استخدام التقنيّات السابقة. يُخصّص حينها المديرون رقمًا لكلّ طلب توظيف يصلهم.

على الرغم من ازدياد عدد الشركات الّتي تستخدم هذه الطريقة في التوظيف في وقتنا الحالي فهي ليست وليدة الأمس، بل يرجع استخدامها لحقبة السبعينات، عند اختيار الموسيقيّين للفرق الموسيقيّة حينها. حيث يتقدّم الموسيقيّون أحيانًا بعرضهم خلف الشاشات لكي يتمّ تقييمهم بناء على عزفهم فقط دون أيّ انحياز آخر متعلّق بالعرق أو الجنس. أجريت دراسة على 11 سيمفونيّة أوركسترا تستعمل هذه الطريقة بأشكال مختلفة، ووجد الباحثون أنّ هذه الطريقة رفعت من احتمال توظيف عازفة بنسبة 25-46%. يمكن لهذه الطريقة أن تجذب المزيد من المتقدّمين للعمل في الشركة الّتي تستخدمها كما يمكنها أن تزيد من فرص توظيف ذوي المهارات الأفضل وأن تزيد من التنوّع في مكان العمل وأن تُجنّب المديرين الوقوع في أخطاء التمييز والعنصريّة.

العاملون المهاجرون

يظهر رقم قياسيّ جديد كلّ عام في المدّة اللازمة للوصول للحدّ الأقصى من تأشيرات العمل (H-1B) لدخول الولايات المتّحدة. هذه التأشيرات هي أحد أنواع تأشيرات العمل وهي وثائق مؤقتّة تتيح للحاصلين عليها السكن والعمل في الولايات المتّحدة بشكلٍ مؤقّت أو دائم. ازداد عدد العاملين المهاجرين في الولايات المتّحدة خلال العقد الأخير من 15% عام 2005 إلى 17% عام 2016؛ وذلك نتيجةً للطلب المتزايد على تأشيرات العمل من الموظّفين. يزداد تعداد السكّان من المهاجرين في الولايات المتحدّة بشكل أسرع من ازدياد السكّان المولودين في الولايات المتّحدة. يعود هذا بشكلٍ جزئيٍّ إلى حاجة الولايات المتّحدة المستمرة لأفراد متقنين للرياضيّات والعلوم راغبين في العمل في أمريكا.

على الرغم من العمالة المهاجرة الهائلة الموجودة في الولايات المتّحدة، إلا أن هذه العمالة على كبرها تواجه انتهاكات عدّة، مثل تلقّيهم أجورًا أدنى لقاء ساعات عمل أطول مقارنةً مع نظرائهم الأمريكيّين. ينجذب الأجانب الباحثون عن العمل إلى الشركات الّتي تقدّم تأشيرات عمل لموظّفيها الأجانب، ومع ذلك فإن هؤلاء الأفراد الأجانب يعلمون تمامًا أنهم قد يعملون تحت سلطة إداريين غير أخلاقيّين قد يسعون لاستغلالهم. على سبيل المثال، وجد لامبرت وزملاؤه في دراستهم أنّ بعضًا من حاملي شهادة MBA الفليبينيّين الباحثين عن عمل يعلمون أنّ الشركات الّتي تُظهر رغبتها في توظيف العمال الأجانب وتؤكّد على توفيرها لتأشيرات عمل هي شركات تسعى لاستغلال العاملين لديها.

ويعتقد آخرون أنّ هذا الشركات قد تبخس في حق العاملين الفليبينيّين بسبب محدوديّة قيمتهم الاجتماعية. اُتُّهِمت شركات في نشرات الأخبار بخداع الطلّاب الأجانب العاملين لديها كمتدرّبين في أجرهم الأسبوعيّ. في حالة أخرى دفعت شركة (Infosys) للاستشارات التقنيّة مبلغ 34 مليون دولار لتسويّة دعوى قضائيّة اتّهمتها بالاحتيال في التأشيرات بسبب شكوك حول إعطائها العاملين الأجانب أجرًا أقل مما يستحقون لتحقيق أرباح أكبر.

أشكال أخرى للتنوع في العمل

من المتوقّع أن تزداد نسبة العاملين من ذوي الاحتياجات بمقدار 10% بحلول عام 2022. ما يعني مراجعة ووضع المزيد من السياسات العامّة والمؤسّساتيّة لتسمح بوضع خطط لتدريبات مناسبة العاملين من ذوي الاحتياجات الخاصّة. أيضًا ستوظّف المزيد من الشركات التكنلوجيا وتركّز على تثقيف الموظّفين لديها حول كيفية معاملة الأفراد من ذوي الإعاقات الجسديّة والذهنيّة. في السابق كانت غالبيّة السكّان الأمريكيّين من المسيحيّين، لكنّ نسبتهم انخفضت خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة بما يقارب 12%، في حين ازدادت نسبة معتنقي الأديان الأخرى بنسبة 25% تقريبًا. كما أن ازدياد العاملين القادمين من آسيا والشرق الأوسط يعني حاجة الموظّفين للتأقلم مع المعتقدات الدينيّة الجديدة في بيئة عملهم. على الرغم من أنّ التشريعات الفيدراليّة تحمي العاملين من التميّيز المبنيّ على العرق والدين والاحتياجات الخاصّة، إلا أن العديد من المديرين وضعوا سياساتهم الخاصّة للتعامل مع التنوّع الجديد في قوى العمل لديهم.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Diversity in Organizations من كتاب Organizational Behavior

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...