اذهب إلى المحتوى

كم من النجاح محض حظ؟


محمد فوّاز عرابي

يدهشني كم تُذكر كلمة "الحظ" عندما يعلم الناس أنني بدأت SmartBear.

  • "أنت محظوظ لأنك تدير عملك الخاص، فأنا أكره مديري!"
  • "أنت محظوظ لأن عملك بخير رغم الأزمة الاقتصادية."
  • "أنت محظوظ لأنك بعت شركتك."

luck-success.thumb.png.f167510901688df6f

إن كنت تحسب أن جهدك الذي بذلته على مشروعك، والساعات الطوال التي قضيتها في بناءه، والأفكار التي خرجت بها، والطريقة التي تعاملت بها مع الزبائن؛ إن كنت تحسب أن هذا كله سيُبهرهم، فأنت مخطئ! النجاح كله "حظ".

تصرف الناس بهذا الأسلوب لا يحطّ من قدرك فحسب، بل يُهينك كذلك، فهو يعني ضمنيًّا أنّ نجاحك ليس بسبب جهدك، وإنما هو ضربة حظ.قراراتك لم تكن مهمّة، وأفكارك لم تكن مميّزة؛ كل ما في الأمر أنك محظوظ. يستطيع أي شخص عمل ما عملته.

من السّهل كذلك أن تكون ردّة فعلك حاقدةً ومشابهة لذلك التصرّف:

  • استقالتي من وظيفتي وعملي 60 ساعة في الأسبوع دون أجر لسنوات، حتى لقيت جزاء ما بذلته من جهد… كل هذا حظ إذًا؟
  • ابتكاري منتجًا فريدًا من نوعه أحبه الناس، وبناؤه من الصفر… حظ؟
  • عندما كوّنت علاقات حميدة مع الزبائن وأصغيت لما يريدون… حظ؟
  • وعندما سنحت لي الفرص ببيع شركتي بسعر مُرضٍ ضمن صفقة وضعت في جيوب موظّفيَّ من المال ما لم تكن أي وظيفة لتضعه؟ هل هذا حظ؟

هذه الردود ليست ظالمة، وهي تبيّن أنّ الأمر ليس حظًّا فقط، ولكن لأكون صادقًا معك، فالحظ كان له دور!

بلى، علاقاتي بالزبائن كانت حميدة، لكن وجود الزبائن بحد ذاته ينطوي على شيء من الحظ! بلى، هم تعرفوا على منتجي من إعلانات Google، لكن أليس من الحظ اختياري لإعلانات Google في بداياتها وهي رخيصة ولمّا تمتلئ بالإعلانات السخيفة؟ نعم رسائل التسويق الّتي اخترتها كانت فعّالة ومُوجَزة، لكن ألم يكن من الحظ أن كان لديّ من يُعلمني كيف أفعل ذلك؟

يمكنني في الواقع اختيار أي قرار في تاريخ Smart Bear وستلاحظ أن القصة السابقة تُعاد بالنمط ذاته. الخلاصة؟ الحظ والاختيار لا ينفصلان.

ما أعنيه بالتحديد: الحظ السعيد والحظ السيئ يُحيطان بك باستمرار، أما كيف تستخدم حظك، فهذا ليس حظًّا! 

ألاحظ نمط قرار/حظ/قرار/حظ هذا في كل قصص النجاح. ولكن ماذا عن قصص الفشل؟ حملات إعلانية كثيرة فشلت في شركتي. الإعلانات لم تُفلح في بعض المجلات (دون ذكر أسماء، لأن الصحافة المطبوعة تواجه ما يكفيها من المشاكل!). أنفقت في بعض الحالات آلاف الدولارات -رقم يعني نسبة كبيرة من العوائد في ذلك الوقت- على إعلانات لم تجلب زبونًا واحدًا!

بعض الإعلانات فشلت في مجلة ونجحت في آخرى. هذا حظ سيئ فقط. خيار إلغاء بعض الإعلانات دون غيرها لم يكن حظًّا. الحقيقة، كان قرارنا قياس كفاءة كل إعلان بمفرده في المطبوعات. لو لم نفعل هذا لم نكن لنستطيع تمييز النجاح من الفشل، وعندها كان مصيرنا سيعتمد على الحظ فقط.

النجاح النهائي في العمل لا يعني أنك "كنت محظوظًا"، بل يعني أنّك استخدمتالحظ، مستغلًّا النوع الجيّد منه، ومتجنّبًا النوع السيّئ بعد تمييزه.

لن تسمعَ كلمة "محظوظ" كثيرًا عندما أتحدّث إلى رياديّين آخرين، فهم مهتمّون بالقصص والنصائح وطريقة العمل، وكيف نُفكّر، لا كيف يُقلّدوننا. السؤال "من أين جئت بالفكرة؟" خاطئ، والصواب "كيف علمت أن الوقت مناسب لهذه الفكرة؟"، أو بالتحديد: "كيف يعلم المرء أن الإعلان المطبوع يؤتي ثماره؟"

أفضل رهان على النجاح هو أن تُعامل كل قراراتك على أساس أنها تجارب؛ فالثقة بالنفس والتجربة أمران لا يتعارضان. جرّب أيّ شيء، وقِس كلّ شيء، استمر في ما ينجح، وإن كان معنى هذا تغيير كل شيء!

ربما يكون الحظ حليفك بعد كل هذا! 

ترجمة -وبتصرف- للمقال How much of success is luck لصاحبه: Jason Cohen.

حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...