اذهب إلى المحتوى

الدّليل اﻷبلغ لتصبح رائد أعمال


محمد أمين بوقرة

لا تحتاجُ إلى مؤهّلاتٍ ولا إلى المال، لا إلى دماغٍ بحجم كوكب ولا حتّى إلى فكرة جيّدة بشكل خاصّ. كلّ ما يحتاج رائد اﻷعمال القيام به هو بناء شيءٍ يُدِرٌُ المال باستمرار.

يجب أن تنظر إلى الشّركة على أنّها آلة تُصمّمها وتبنيها. مثل آلة ماكدونالدز التّالية:

001.thumb.png.5ad2d9db48b9e0a6c2e5aec6cd

لآلتِك تلك أجزاءُ معيّنة. تبيع شيئًا ما لشخص ما، وتعيد استثمار جزءٍ منه لتحقيق أرباح أكثر في المستقبل. ما يبقى هو ربحٌ للمالك.

هذه آلة Google:

002.thumb.png.70b4f8d2abf12c4dd61e094510

إذا كنت تستطيع تصميم، صُنع، امتلاك والاعتناء بآلة مماثلة، فبإمكانك فعلاً أن تصبح ثريًّا للغاية. هذا لا يعني أن اﻷمر سهل، و لكنّ معظم الحواجز التي تظنّ أنّها ستوقفك لن توقفك. هل أنت مُهتم؟

لنتحدّث عنك

هل أنت شابّ، فقير، غير مُؤهل – طالب، أو تكره عملك الحاليّ؟ ربّما متمرّد بعض الشّيء؟ ممتاز. ليست لديك عادات سيئة، ومستعدٌّ لكي تعمل حتّى تتساقط أظافرك، وتتدحرج مُقَل عينيك على المكتب. العالَم بانتظارك.

ربما أنت أكبر سنًّا من ذلك، أرجح عقلًا، تملك بعض النّقود المدّخرة، وبعض الخبرة في عملٍ مستقرّ؟ ربّما يثقل كاهلك رهن أو دين ولديك أولاد؟ مُهمّتك أصعبُ نوعًا ما لكن يمكن القيام بها أيضًا، بالرّغم من أنها قد تُشعرك أنّك تحاول الرّقص إلى الخلف فوق رمال متحرّكة.

أهمّ الصّفات التي يُمكن لرائد اﻷعمال الجيّد أن يتحلّى بها: الحيويّةُ والإصرار/التّصميم. إن كانت لديه القدرة على الإقناع فهذا أمر إيجابي أيضًا، وإن لم تكن لديه فيُمكنه تعلّم ذلك؛ بدأتُ كطالبٍ مجتهد خجول في سنّ الواحدة والعشرين، تعلّمت بعد ذلك بقليل فنّ المبيعات لأنني كُنت مُضطرًا للقيام بذلك لإعالة نفسي..

طالت المُقدّمة كثيرًا، لنتعرّف كيف يُمكنك تحقيق ثروة هائلة..

الفكرة

انسَ كلّ اللغط الذي يُثار حول قيمة اﻷفكار. اﻷفكار رخيصة ولا قيمة لها؛ قيمة الفكرة الواحدة أقل بكثير من قيمة شطيرةٍ أُكِل نصفها، على اﻷقلّ تستطيع أكلَ نصف الشّطيرة الآخر.

بالطّبع أنت بحاجةٍ إلى فكرة. لكن ينبغي عليك أن تعيَ أنّ أكثرَ الشّركات نجاحًا لم تُبنَ على أفكار مذهلة. اختارت ستاربكس الطريق السَّمِج ببيع القهوة في سياتل. فيس بوك بَنَت نسخة أفضل من شبكة ماي سبيس. Google أرادت أن توفّر مُحرّك بحثَ أفضل من ياهوو. مايكروسوفت قلّدت آبل والتي قلّدت بدورها زيروكس.

اﻷفكار اﻷصليّة مبالغٌ في تقييمها. في المُقابل الأهم من ذلك (وما لا يُمكن القول بأنّه مُبالغ في تقييمه) هو التّوقيت المُناسب. اختارت Google التّوقيت المثاليَّ لصُنع محرّك بحثٍ أحسن (القيام بذلك الآن يُعتبر ضربًا من ضروب المُستحيل). ما تودّ فعله إذًا هو أن تكون فطنًا وتُدرِكَ الاحتياجات التي لم يُلبّها السّوق بعد. عليك تحديدُ منتَجٍ أو خدمةٍ يُمكنها أن تُحقّق رواجًا سواء كان المُنتج أصيلًَا أو تقليدًا. إنّ تنقيح فكرة موجودة غير مكتملة الإنجاز أيسرُ في العادة من خلق فكرة جديدة من الصّفر.

يتردّد النّاس في إطلاق مشاريع تجارية في المجالات التي تكون فيها المنافسة حاضرة، لكن قد تكون المنافسةُ عاملًا جيّدًا. أحسنُ مكانٍ لافتتاح مطعم جديد هو بجانب مطعم آخر ناجح ؛ فلقد تكفّلوا بتنفيذ العمل الشاقّ بدلًا عنك، وبنو جمهورًا من المُستهلكين في ذلك المكان. العديدُ من المشاريع الرّابحة قام نجاحُها على إنجازاتِ مشاريع أخرى. وجود منافسين في العادة خيرٌ من انعدام المُنافسة. عليكَ أن تكون أفضلَ من منافسيك بنسبة عشرةٍ في المئة فقط.

شخصيًّا أحثُّ على محاولة تقديم شيءٍ سترغب أنتَ وأصدقاؤك في الحصول عليه بمُجرّد أن تقع أعينكم عليه. ستعرف أكثرَ عن مجال اهتمامك، ستفهم زبائنك بشكل أفضل، وستكون مولعًا بما تقوم به. إذا كنت تستطيع أن تجعل شركتك تعنى بـ "لماذا" وليس "ماذا" ستُلهِم نفسك والذين من حولك. وحتّى تتمكّن من البقاء حيًّا في الخطوة التّالية ستحتاج رشّةً مُعتبرةً من الإلهام.

البداية

إنّ إنشاء شركة يُشبه قليلًا تربية اﻷولاد؛ الكلُّ يظنُّ أنّك تَعلَمُ ما تقوم به، ولكن لا يرافق اﻷولاد ولا الشّركاتُ كُتيّبات للتّعليمات. ستتعثّرُ قليلًا خلال العملية لكن ستتعلّم مع مرور الوقت.

من المُرجّح جدّا أن تتعرّض للفشل مع البداية. أنت تَطمحُ إلى بناءِ آلة سحرية تضخ لك الأموال، لكن من المُحتمل أنّك لا تملك جميع مكوّنات هذه الآلة، وقد تُكلِّفك بعض المُكوّنات أكثرَ ممّا تملك. يُحتمل أيضا أنّ نصفَ فكرتك خاطئ، ولكنّك لا تعلم أيَّ نصف هوَ النّصف الخاطئ. كلُّ هذا عاديّ.

003.thumb.png.afd943471f15f337c4327e9567

إحدى ركائز إنشاء شركةٍ هو إقناع النّاس أن يثقوا بك وأن يؤمنوا بك حتّى قبل أن ينبغي عليهم ذلك. لمّا أسّس ستيف جوبز شركة آبل، لم يكُن لديه المال ولا الزّبائن؛ ما قام به حينها هو السّمة المُميّزة لرائد اﻷعمال النّاجح. عمِل أوّلًا على إقناع متجرٍ محليٍّ للحواسيب أن يقدّموا طلبًا لشراء حواسيب لم يتم تصنيعها بعد، مع الدّفع له عند التّسليم. بعدها قام بإقناع مزوّدٍ للمكوّنات الإلكترونية أن يبيعه المُكوّنات التي احتاجها لصُنع تلك الحواسيب، مُستخدما الطّلب الذي تحصّل عليه من متجر الحواسيب كضمان على قدرته على دفع ثمن ذلك. عَمِل بعدها جوبز وفريقُه الصّغير في مُستودعهم على صُنع هذه الحواسيب وسلّموها في الوقت المحدّد، وتحصّلوا بذلك على ربحٍ محترم. يُمكن القول بأنه تم إطلاق آبل من لاشيء.

004-Apple1.thumb.jpg.9bc2172f84c699bc5b0

يقوم مُعظم رُوّاد اﻷعمال الجُدد بمثل هذه المناورات في البداية. إن كانت تبدو مخيفة، فلأنّها فعلًا مُخيفة. كان عليَّ مرّة أن أدفع رواتب الطّاقم من بطاقاتي الائتمانية المُثقلة باﻷعباء، لمّا فَشِلت إحدى الطّلباتُ المبكّرة. يجب عليك أن تتظاهر بالأمر إلى غاية أن تُحقّقه You fake it until you make it.

خلال قيامك بذلك، ستحتاج أن توازن بين رغبتك في بناء شركة رائعة (مثالية) ودفعِك للفواتير (واقعيّة). غياب أحد هذين الطّرفين (المثالية/ الواقعيّة) سيقضي عليك وعلى شركتك النّاشئة. أعتقد أنّ هذا هو سببُ شيوع الشّراكات ما بين شخص مثالي وآخر واقعي في عالم اﻷعمال.

لا تحاول أن تتوسّع بشركتك النّاشئة قبل أن تنضج. لا تحاول أن تُصبح شركة كبيرة بشكلٍ سابقٍ لأوانه لكن ذلك لا يمنعك من أن تضع هذا الهدف نصب عينيك. تمهّل في الإنفاق والتّوظيف في البداية. لا تُضيّع الوقت في كتابة أهداف الشّركة mission statements وتحديد القوانين الدّاخليّة policy documents. أنت صغير، خفيف وفي مهمّة بناء مُنتجات وبيعها. سيكون هناك وقتٌ لقسم الموارد البشريّة لاحقًا.

لا تتفاجأ إذا غيّرتَ الشّركة كليًّا. يندُر أن تنجوَ الشّركات بعد أن تطلق مُنتجاتها وتوصلها إلى المُستخدمين. مع ذلك حاول تفادي تغيير الشّركة بشكل مُتواصل فمن النّادر أن يوصل ذلك إلى نتيجة.

اصمد لوقتٍ كافٍ، أعِد استثمار أرباحك الضّئيلة وضاعفها. في النّهاية، يُمكنك المرور إلى النّقطة التّالية.

شركة لا تعتمد بشكل أساسي على مُؤسّسها

هذه الخطوة تفشل الكثير من الشّركات الصّغيرة في القيام بها. أن لا تعتمد بشكل أساسي على مؤسسها.

إلى الآن، تتضمّن آلتُك السّحريةُ بالتّأكيد جزءًا غيرَ قابلٍ للتغيير: أنت. إذا كانت خلفيّتك في المُحاسبة، فأنت على اﻷرجح رئيس المحاسبين. إذا كنت مُبرمجًا، فمن المُحتمل أنّك أحسن مبرمج في الفريق. أيًّا كان ما تفعله، فلا بدّ أن تَشعُر بأنّك ضروريّ ومُنهكٌ بعض الشّيء.

005.thumb.png.a828c833e9c058a492dbd97561

هذا هو الجزء اﻷصعب: تحتاج أن تجعل نفسك قابلًا للاستبدال. إذا حدث لك مكروه، فلا بدّ لشركتك أن تواصل العمل بشكل عاديّ. ينبغي أن تقضيَ كلّ وقتك في العمل على شركتك، وليس العمل في شركتك، لأنّك إن لم  تقم بذلك فهذا يعني أنّك تعمل أعمالًا حرّة (تعمل لدى نفسك) ووظّفتك مُساعدين لمُساعدتك.

لا تستطيع بعض الشّركات الهرب من هذه المِصْيَدة. إذا كنت مُسوّقا بارعًا مثلًا فإنّه سيشقّ عليك ذلك. هذا ﻷنّ ما يجعل شركتك ناجحةً هو أنت، وإن لم تتمكّن من بناء شركة لا تكون أنت ركيزتها الأساسية، فلن تستطيع النُّموّ.

بنت ماكدونالدز شركة تعمل حتّى لو لم يقوموا بتوظيف سوى العمّال ذوي الأجر الأدنى. آليّتهم تجعلُها تعمل: يتم تحضير كل وجبة بشكل فعّال وبشكل لا يُمكن تمييزها عن الباقي، ولا مكان للحظ أو الصُدفة معهم. علامتها التّجارية قويّة لدرجةِ أنّ النّاس يصطفّون حول العالم للأكل هناك. قد تكون شركتك مختلفةً جذريًّا، لكن عليها أن تكون متينةً بشكلٍ مُماثل.

إذا حقّقت هذا، فأنت تملكُ الآن شيئًا مكتفيا ذاتيّا. ينبغي أن تتمكّن من تخصيص راتب مُجزٍ لك حتى لو لم تكن تذهب إلى العمل مطلقًا. وقتُك الآن متاحٌ للتّعديل على شركتك وتحسينها، وجعلِها شيئًا أفضل.

والآن لِتَسُودَ العالم، كلُّ ما تحتاجه هو التّوسّع.

التوسّع Scale

تُشبِه الخطوة اﻷخيرة قليلًا لعِبَ "من سيربح المليون". كلُّ سؤالٍ تجيب عنه بشكلٍ صحيح يضاعِف أرباحك، وإلّا فإنّك ستعود أدراجك إلى المنزل.

006.thumb.png.75d34c42848e9035f592e4c121

لا ترتكب ذلك الخطأ السّاذج باعتقاد أنّ الشّركة الكبيرة هي كشركةٍ صغيرة لكن أكبرَ حجمًا.

مع نموّ الشّركة، قد تتغيّر قواعدك وثقافتك كليّةً. بل قد تجدُ أنّك تُبغض الشّركة التي أنشأتها بنفسك (كثيرٌ من المؤسّسين يشعرون بتضاربٍ مثلِ هذا، في النّهاية). إذا كنت قد وصلت إلى هذا الحدّ، فلديك عدّةُ خيارات: إمّا توظيف من يُساعدك على إدارة الشّركة، أو البيع، أو المجازفةُ ومشاهدتُها إلى أين ستأخذك.

تذكّر أنّه لا يُمكن لشركة أن تنموَ بشكل لا نهائي. تكون مُعظمُ الصّناعات أكثرَ فعاليّةً عند أحجامٍ مختلفة – من السّهل أن تكون شركةَ سَمكَرةٍ من شخصين، لكنّه يستحيل تقريبًا أن تبنيَ شركة سمكرةٍ بألف رجل. اعلم حدود نفسك مُسبقًا. البرمجيّات مثالٌ عن صناعةٍ تتوسّع كثيرًا بشكل جيّد، لهذا السّبب هي تخلق العديد من الأثرياء الشّباب.

وأخيرًا

لم يسبق أبدًا أن كان إنشاءُ شركةٍ أسهلَ ممّا هو عليه حاليًّا. بإمكانك خلقُ منتجك الخارق في غرفتك في الإقامة الجامعيّة بدون تسجيلها كشركة ذات كيان قانوني، وهذا بالفعل ما قامت به فيس بوك.

أعتقد أن ريادة اﻷعمال هي نوعٌ من القِمار المثقّف. المهارة والإصرار عوامل مُهِمّة، لكنّ الحظَّ يلعب دورًا كبيرا. لكن طالما تستطيع النّهوض كلّما سقطت، تُجرّب أشياءَ مختلفة وتستمرُّ في التّعلم، فالفرصُ في صالحك. عليك فقط أن تتجرّأ على أخذها.

 

ترجمة -وبتصرّف- للمقال The ultimate guide to becoming an entrepreneur لصاحبه: Oliver Emberton


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...