اذهب إلى المحتوى

ليس من السهل أبدًا تشكيل فريق عمل رائع، فاختيار الموظفين المناسبين والتفاوض معهم على الراتب وتحديد المهارات اللازمة لكل منصب، كلها أمور مرهقة، سواءً على مستوى الشركات الناشئة أو حتى المؤسسات الكبيرة، ناهيك عن أن مدير العمل قد لا يمتلك المهارات الفنية اللازمة لتقييم كل موظف.

في الواقع، يكمن التحدي الحقيقي في اتخاذ قرارات مدروسة، خاصةً عندما تكون لدينا خطط وميزانية متوقعة أو استثمار محتمل، بحيث لا يكون من السهل في كثير من الأحيان تحديد متى يجب الاقتصاد في الإنفاق ومتى يجب الاستثمار دون أي مساومة أو تردد. على سبيل المثال، هل من الحكمة تسريع عملية التطوير وإنهاؤها خلال شهر واحد؟ أم أنه من الأفضل استثمار الوقت في التخطيط والتفكير؟

نقدم في هذا المقال مجموعة من الأفكار حول كيفية اتخاذ القرارات المالية الإستراتيجية في مشروعنا التجاري.

مخاطر خفض التكاليف على الجودة

غالبًا ما يتم اتخاذ قرار خفض التكاليف المتعلقة بالجودة حسب المرحلة التي وصل إليها المنتج في دورة حياته، إذ يمكن لمثل هذه القرارات أن يكون لها آثار كبيرة على المدى الطويل.

لا يُنصح بخفض الإنفاق المرتبط بجودة المشاريع على مستوى المؤسسات أو الشركات الناشئة التي تتمتع بمسارات نمو واضحة وذات التمويل الجيد، فالجودة هنا لا تتعلق بالحفاظ على المعايير فحسب، بل يتعلق الأمر بضمان إمكانية توسيع نطاق المنتج دون تراكم المشكلات الفنية التي يمكن أن تكلف أكثر بكثير على المدى الطويل بسبب إعادة تطوير طرق الإنتاج وضياع فرص السوق.

على سبيل المثال، قد يؤدي اختيار مواد أرخص وأقل جودة إلى توفير التكاليف الأولية، لكنه بالمقابل قد يؤدي إلى نفقات كبيرة مع تزايد الحاجة إلى قابلية التوسع والتكامل مع الأنظمة المتقدمة الأخرى.

من ناحية أخرى، وبالنسبة للشركات الناشئة التي تختبر سوقًا جديدًا، قد يكون تقليل التكاليف الأولية أمرًا مفيدًا لها، لأن إنفاق الكثير من الأموال في منتج قد يفشل في النهاية هو أمر محبط وسيحمّل الشركة أعباءً مادية؛ لذا تلجأ كثير من الشركات إلى إطلاق ما يُعرف باسم منتج الحد الأدنى MVP، وهو منتج بميزات أولية يتيح للشركة إمكانية اختبار مدى نجاحه وتقبل للناس له دون إنفاق مبالغ ضخمة، وفيما بعد يمكنها تطويره وتحسينه إذا أرادت ذلك.

في هذه الحالة، قد يكون من الصواب استخدام تقنيات أبسط أو عمالة أقل، لأن الهدف الأساسي هو التأكد من نجاح المنتج مع المستخدمين الفعليين.

ومع ذلك، إذا كانت الشركة الناشئة تخطط للدخول بقوة إلى السوق والتغلب على المنافسين، فإن توفير التكاليف الأولية في التطوير قد يؤدي إلى تحمل تكاليف باهظة عند إعادة تطوير المنتج.

الفكرة هنا أن المنتج الذي طُوِّر بميزانية محدودة سيحتاج إلى إعادة تصميم بالكامل لتلبية الطلب المتزايد عليه من المستخدمين أو لدمج الميزات الضرورية التي تم التغاضي عنها في البداية.

على سبيل المثال، قد تستخدم الشركة الناشئة في البداية بنيةً بسيطةً لتوفير التكاليف، ولكن مع توسعها، نجد أن هذه البنية عاجزة عن التعامل مع الأحمال المتزايدة أو أنها لا تتكامل مع التقنيات المتطورة، لذا يمكن أن تكون تكلفة التطوير وإعادة البناء باهظة.

لذلك، وعلى الرغم من أن توفير التكاليف الأولية قد يبدو جذابًا، إلا أنه غالبًا ما يزيد من مخاطر التحديات المالية والتشغيلية المستقبلية، لذا يجب على الشركات أن تحقق التوازن بين فوائد الدخول السريع إلى السوق والتكاليف المحتملة للتعديلات والتحسينات المستقبلية. لا يحدد هذا التوازن مدى صلاحية المنتج فحسب، بل يحدد أيضًا مدى نجاحه على المدى الطويل في السوق.

تحقيق التوازن أم التنازل عن الجودة؟

عندما تريد اتخاذ قرار بإعطاء الأولوية لتوفير التكاليف على حساب الجودة في تطوير منتج الحد الأدنى MVP، فلا بُدّ من التركيز على الفوائد الإستراتيجية طويلة المدى عوضًا عن المكاسب قصيرة المدى، تمامًا مثل بناء منزل يكون أساسه قويًا وقابلًا للتطوير مستقبلًا. وفيما يلي بعض الأمور الرئيسية التي يجب أخذها بالحسبان.

أساس قوي

تتشابه عملية تطوير البرمجيات إلى حد كبير مع عملية بناء المنازل، فكما هو الحال عندما نبني منزلًا بمخططات معماريه مدروسة، من الضروري أن نختار لتطبيقنا الأساس الصحيح الذي يسمح له بالتوسع والتكيف مع زيادة الطلبات، مما يجنبنا إمكانية إعادة برمجته من البداية وتحمل تكاليف مادية ووقت طويل، وقد تؤدي إلى توقف الخدمة مؤقتًا وتحملنا خسائر كبيرة.

اختيار فريق متوازن

على الرغم من أن توظيف أفضل المواهب المتاحة ليس أمرًا ضروريًا من البداية، لكن العثور على المزيج المناسب ما بين الخبرة والأجور المقبولة أمر ضروري جدًا؛ لذا من المهم اختيار المحترفين من ذوي خبرة في الأدوار الأساسية التي تشكل العمود الفقري في الشركة؛ أما بالنسبة للأدوار الأخرى، فيمكن اختيار الأشخاص الأكفاء من المستوى المتوسط الذين يمكنهم تقديم عمل جيد أو قابل للتطور دون تحميل الشركة أعباء مادية كبيرة.

ضمان الجودة المبسط

بدلًا من الاستثمار الكبير في متخصصي ضمان الجودة ذوي التكلفة العالية، من المهم التركيز على تنفيذ عمليات ضمان الجودة البسيطة التي لا تتجاوز ميزانية المشروع؛ إذ يمكن مثلًا استخدام أدوات الاختبار الآلية عندما يكون ذلك مناسبًا، كما يمكن الاعتماد على اختبار المستخدمين للمنتج والاستفادة من ملاحظاتهم وآرائهم. يعمل هذا النهج على الموازنة ما بين تقديم جودة مقبولة وعدم تحمل تكاليف عالية.

التخطيط المالي الاستراتيجي

من المهم العمل على مواءمة الميزانية مع احتياجات المنتج وتوقعات النمو المستقبلية، ويتضمن ذلك تخصيص الأموال بحكمة عبر مراحل التطوير المختلفة والتأكد من الحصول على المرونة المالية اللازمة للتكيف مع توسع المنتج وتطوره.

التقنية وقابلية التوسع

من المهم اختيار التقنيات والأنظمة الأساسية التي تتيح قابلية التوسع مستقبلًا، دون التقييد بأنظمة جافة وباهظة الثمن، مع تجنب بناء تطبيق ذات كتلة جامدة عندما تدل مؤشرات النمو على احتياجات التوسع المستقبلية. وبدلًا من ذلك، لا بد من اختيار مكونات قابلة للترقية والتي يمكن أن تتطور مع توسعك في السوق.

يتطلب بناء أساس متوازن اتباع نهج دقيق وواضح، فالأمر كله مرتبط باتخاذ قرارات إستراتيجية لوضع قاعدة قوية للمنتج، وضمان قدرته على النمو والتكيف مع التحديات المستقبلية دون إجراء إصلاحات مكلفة، أي أن الهدف يكمن في بناء منتج مرن يصمد أمام الزمن والمنافسة، مثل بناء منزل يُفترض أن يستمر لعدة أجيال.

الشريك التقني المناسب لاتخاذ القرار الصحيح

عند اختيار الشريك التقني المناسب -لا سيّما خلال المراحل المهمة لمشروعك-، من الضروري اتخاذ القرار بناءً على أبحاث سوقية شاملة وفهم واضح للقدرات الداخلية في الشركة، وفيما يلي كيفية اختيار شريك تقني يتوافق مع احتياجات المشروع.

تقييم خيارات السوق

من المهم عدم التسرع في الدخول في شراكة مع الخيار الأول الذي نصادفه في طريق، بل يجب أخذ الوقت الكافي لاستكشاف السوق وفهم ما يقدمه الشركاء المختلفون؛ إذ تساعد هذه المراجعة الشاملة للسوق في تحديد الشريك الذي تتوافق قدراته مع متطلبات المشروع.

تقييم القدرات الداخلية

من المهم تقييم الخبرات الداخلية لدينا، مثل مديري المشاريع ومسؤولي الاختبارات، فقد لا نحتاج في بعض الأحيان إلى الاستعانة بمصادر خارجية لكل عملية تقنية، بل يكفي الاستعانة بعدد قليل من المطورين ذوي الخبرة لتكملة النقص في فريق العمل.

الخبرة والخدمات

من المهم البحث عن شريك يتمتع بسجل حافل وخبرة كبيرة في المجال، من خلال مراجعة أعماله السابقة وتقييم تجاربه في السوق، إضافةً إلى النظر في مدى تنوع الخدمات التي يقدمها.

تقديم حلول شاملة

يجب اختيار شريك يقدم الحلول الشاملة، وليس فقط الأساسيات في العمل؛ إذ من المفيد أن يقدم الشريك دعمًا هندسيًا إضافيًا، مما يساعد على تحقيق التوازن وفهم احتياجات العمل وتصميم حلول قابلة للتطوير، ويمكنها التعامل مع تزايد الأعباء المطلوبة وتلبية معايير العمل.

المرونة والأساس القوي

يجب أن يقدم الشريك التقني حلولًا مرنةً وقابلةً للتطوير، خاصةً إذا كان المشروع بحاجة إلى خدمات سحابية، لذا من المهم البحث عن شركاء مع مطورين معتمدين يمكنهم المساعدة في بناء بنية سحابية قوية، وهو أمر مهم للغاية بالنسبة للمشاريع التي تسعى إلى التوسع.

في الختام

الشريك التقني المناسب لا يقدم موظفين فحسب، بل يوفر خدمةً شاملةً تدعم نمو الأعمال التجارية، لذا عند اتخاذ القرار حول توفير التكاليف أو الاستثمار في الجودة، من المهم استهداف شريك يساعد على تحقيق التوازن بين التكلفة والقيمة، بحيث تكسب كلًا من توفير المال والحصول على الخبرة اللازمة لتوسيع النشاط التجاري.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال To Save or Not to Save: Making Strategic Financial Decisions in Business لصاحبه Andrii Poddubnyi.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...